المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أحداث سنة ثلاث وثمانين ومائتين: - تاريخ الإسلام - ط التوفيقية - جـ ٢١

[شمس الدين الذهبي]

الفصل: ‌أحداث سنة ثلاث وثمانين ومائتين:

‌أحداث سنة ثلاثٍ وثمانين ومائتين:

فيها تُوُفِّي: إسحاق بن إبراهيم بن سُفْيَان الخُتُّليّ، وسهل بن عبد الله التُّسْتَرِيُّ الزاهد، والعباس بن الفضل الأسفاطي، وعبد الرحمن بن يوسف بن خراش، وعلي ابن محمد بْن عَبْد المُلْك بْن أَبِي الشَّوارب القاضي، ومحمد بن سُلَيْمَان الْبَاغَنْدِيُّ، ومحمد بن غالب تَمْتَام، ومِقْدَام بن داود الرُّعَيْنيّ.

الظفر بهارون الخارجي:

وفي أولها خرج المُعْتَضِد إلى المَوْصِل بسبب هارون الشاري، وكان الحسين بن حَمْدَان قد قَالَ له: إنْ أَنَا جئتُ بهارون إليك فليَ ثلاثُ حوائج. قَالَ: اذكرها.

قَالَ: تُطلق أبي، والحاجتان أذكرهما بعد أن آتي به.

قَالَ: لك ذلك.

قَالَ: أريد أنتخب ثلاثمائة فارس. قَالَ: نعم.

وخرج الحسين يطلب هارون حَتَّى انتهى إلى مخاضةٍ في دجلة، وكان معه وَصيف الأمير.

فَقَالَ لوصيف: ليس لهارون طريق يهرب منه غير هذا، فقف ها هنا، فإنْ مرَّ بك فامنعه من العبور. قَالَ: نعم.

ومضى الحسن فالتقى مع هارون، فقتل جماعة وهرب هارون، وأقام وصيف على المخاضة ثلاثًا، فَقَالَ لأصحابه: قد طال مقامنا، ولسنا نأمن أن يأخذ الحسين هارون فيكون له الفتح دوننا، فالصواب أن نمضي في آثارهم، فأطاعوه ومضوا، وجاء الشاري إلى المخاضة فَعَبَرَ.

وجاء الحسين في إثره فلم يجد وَصِيفًا، ولم يُعرف لهارون خبر، فبلغه أَنَّهُ عبر دِجْلة، فعبر خلفه، وجاء هارون إلى حيٍّ من العرب، فأخذ دابة ومضى، وجاء الحسين فسألهم فكتموه، فَقَالَ: المُعْتَضِد في إثري؛ فأخبروه بمكانه، فاتَّبعه في مائة فارس، فأدركه، فناشده هارون الشاري وتوعَّده، فألقى الحسين نفسه عليه، وأسره، وجاء به إلى المُعْتَضِد، فأمر بفك قيود حَمْدَان والتوسعة عليه، ورجع بهارون إلى بغداد، وخلع على الحسين بن حَمْدَان وطوّقه، وعُمِلَت قِباب الزّينة، وركَّبوا هارون فيلًا بين يدي المُعْتَضِد، وازدحم الخَلْق حَتَّى سقط كرسي الجسر الأعلى ببغداد، فغرق خلق كثير.

ص: 7

وكان على المعتضد قباء سود، وعِمَامة سوداء، وجميع الأمراء يمشون بين يديه1.

ولاية طغج إمرة الجيش:

وفيها ولي طُغْج بن جُف إمرةَ الجيش الطُّولوني2.

وصول تقادُم ابن الليث:

وفيها: وصلت تَقَادُم عمرو بن اللَّيث أمير خراسان، فكانت مائتي حِمل مال، ومائتي حمارة، وغير ذلك من التُّحَف.

إطلاق المُعْتَضِد لحمدان:

وفيها خلع المُعْتَضِد على حَمْدَان وأطلقه3.

الأمر بتوريث ذوي الأرحام:

وفيها كُتِبَت الكتب إلى الآفاق، بأن يورَّث ذَوُو الأرحام، وأن يبطل ديوان المواريث، وكثُر الدُّعاء للمعتضد، وكان قد سأل أبا حازم القاضي عن ذَلِكَ، فَقَالَ:{وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} [الأنفال: 75] .

فَقَالَ المُعْتَضِد: قد رُوِيَ عدم الرد عن الخُلفاء الأربعة.

فَقَالَ أبو حازم: كَذِب الناقلُ عنهم؛ بل كلِّهم ردّ، هم وجميع الصحابة، سوى زيد بن ثابت.

وكان زيد يُخفيه حَتَّى مات عمر، وَهُوَ مذهب فقهاء التابعين ومن بعدهم، ولم يذهب إلى قول زيد غير الشافعي في إحدى القولين، والقول الآخر كالجماعة.

فَقَالَ المُعْتَضِد: اكتبوا بذلك إلى الآفاق.

1 تاريخ الطبري "10/ 43، 44"، المنتظم "5/ 161"، البداية والنهاية "11/ 73".

2 الولاة والقضاة للكندي "248".

3 تاريخ الطبري "10/ 44"، المنتظم لابن الجوزي "5/ 161"، البداية والنهاية "11/ 73".

ص: 8

خروج عمرو بن الليث من نيسابور:

وفيها خرج عمرو بن اللَّيْث من نَيْسَابُور، فهاجمها رافع بن هَرْثَمَة وخطب بها لمحمد بن يزيد العلوي، فعاد عمرو ونزل بظاهر نَيْسَابُور محاصرًا لها1.

ذبح جيش بن خُمَارَوَيْه:

وفيها وثب الْجُنْدُ من البربر على جيش بن خُمَارَوَيْه وقالوا: لو تتنحى عن الأمر لنُولي عمَّك؟ فكلمهم كاتبه عَليَّ بن أحمد الماذرائي، وسألهم أن ينصرفوا عنه يومهم، فانصرفوا، فغدا جيش على عمه أبي العشائر، فضرب عُنقه وعُنُق عمٍ له آخر، ورمى برؤوسهما إليهم، فهجم الجند على جيش فذبحوه، وذبحوا أمه، وانتهبوا الدار، وأجلسوا أخاه هارون مكانه2.

قتل رافع بن هرثمة:

وفيها هزم عمرو بنُ اللَّيْث رافعَ بن هرْثَمَة، وساقَ وراءه إلى أن أدركه بخوارزم فقتله، وكان المُعْتَضِد قد عزله سنة سبعٍ وسبعين عن خُراسان، وولى عليها عمرو بن اللَّيْث، فبقي رافع بالرِّي3.

ثُمَّ إِنَّهُ هادن الملوك المجاورين له يستعين بهم على عَمْرو، ودعا إلى العلوي، ثُمَّ سار إلى نَيْسَابُور، فوافقه عمرو في ربيع الآخر من هذه السنة، وهزمه إلى أبِيورد، وقصد رافع أن يخرج إلى مَرْو أَوْ هراة، ثُمَّ دخل نَيْسَابُور، فأتى عَمْرو فحاصره بها، فهرب رافع وأصحابه على الجمازات إلى خُوَارِزْم في رمضان، فأحاط به أمير خُوَارِزْم وقتله في سابع شوال، وبعث برأسه إلى عَمْرو بن اللَّيْث، فنفذه إلى المُعْتَضِد4.

ولم يكن رافع ولد هرثمة، وإنما هو زوج أمه، فنُسب إليه، وَهُوَ رافع بن تُومَرْد، وصفت خراسان لعمرو بن الليث.

1 تاريخ الطبري "10/ 44"، البداية والنهاية "11/ 73".

2 تاريخ الطبري "10/ 45، 46"، مروج الذهب "4/ 259"، الولاة والقضاة "241، 242".

3 تاريخ الطبري "10/ 50"، المنتظم "5/ 161"، النجوم الزاهرة "3/ 114".

4 تاريخ الطبري "10/ 49، 50، 51"، البداية والنهاية "11/ 67".

ص: 9