المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب الدعاء للمؤمن بالتثبيت بعد الفراغ من الدفن - إثبات عذاب القبر للبيهقي

[أبو بكر البيهقي]

فهرس الكتاب

- ‌بَابُ مَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ مِنَ الْوَعِيدِ لِلْكُفَّارِ بِعَذَابِ الْقَبْرِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ}

- ‌بَابُ إِخْبَارِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم بِأَنَّ الْمُؤْمِنَ وَالْكَافِرَ جَمِيعًا يُسْأَلَانِ، ثُمَّ يُثَبَّتُ الْمُؤْمِنُ وَيُعَذَّبُ الْكَافِرُ

- ‌بَابُ الْإِسْرَاعِ بِالْجِنَازَةِ لِمَا تَقَدُمُ إِلَيْهِ مِنَ الْخَيْرِ إِنْ كَانَتْ صَالِحَةً

- ‌بَابُ إِخْبَارِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم بِقَوْلِ الْجِنَازَةِ بَعْدَ الْمُعَايَنَةِ

- ‌بَابُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّهُ تُعَادُ رُوحُهُ فِي جَسَدِهِ ثُمَّ يُسْأَلُ فَيُثَابُ الْمُؤْمِنُ وَيُعَاقَبُ الْكَافِرُ قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}

- ‌بَابُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّهُ بَعْدَ السُّؤَالِ يُعْرَضُ عَلَى مَقْعَدِهِ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ {وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ}

- ‌بَابُ مَا يَكُونُ عَلَى الْمُنَافِقِينَ مِنَ الْعَذَابِ فِي الْقَبْرِ قَبْلَ الْعَذَابِ فِي النَّارِ قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ {وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ}

- ‌بَابُ مَا يَكُونُ عَلَى مَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذَكَرِ اللَّهِ تَعَالَى مِنَ الْعَذَابِ فِي الْقَبْرِ قَبْلَ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ قَالَ اللَّهُ عز وجل {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى}

- ‌بَابُ عَذَابِ الْقَبْرِ فِي النَّمِيمَةِ وَالْبَوْلِ

- ‌بَابُ مَا يُخَافُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ فِي النِّيَاحَةِ عَلَى الْمَيِّتِ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: إِذَا كَانَ قَدْ أَوْصَى بِهَا

- ‌بَابُ مَا يُخَافُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ فِي الْغُلُولِ

- ‌بَابُ مَا يُخَافُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ فِي الدَّيْنِ

- ‌بَابُ مَا يُرْجَى فِي الرِّبَاطِ مِنَ الْأَمَانِ مِنْ فِتْنَةَ الْقَبْرِ

- ‌بَابُ مَا يُرْجَى فِي الشَّهَادَةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مِنَ الْأَمْنِ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ فِي الْقَبْرِ

- ‌بَابُ مَا يُرْجَى فِي قِرَاءَةِ سُورَةِ الْمُلْكِ مِنَ الْمَنْعِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ

- ‌بَابُ مَا يُرْجَى لِلْمَبْطُونِ مِنَ الْأَمَانِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ

- ‌بَابُ مَا يُرْجَى فِي الْمَوْتِ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ مِنَ الْبَرَاءَةِ مِنْ فِتْنَةِ الْقَبْرِ

- ‌بَابُ دُعَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ بِتَوْسِيعِ الْمُدْخَلِ عَلَى صَاحِبِهَا وَوِقَايَتِهِ فِتْنَةَ الْقَبْرِ

- ‌بَابُ مَا كَانَ يُرْجَى فِي صَلَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْجَنَائِزِ مِنَ النُّورِ فِي الْقُبُورِ وَذَهَابِ الظُّلْمَةِ عَنْ أَهْلِهَا

- ‌بَابُ دُعَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْمُشْرِكِينَ بِعَذَابِ الْقَبْرِ

- ‌بَابُ اسْتِعَاذَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَأَمْرِهِ بِهَا

- ‌بَابُ الدُّعَاءِ لِلْمُؤْمِنِ بِالتَّثْبِيتِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الدَّفْنِ

- ‌بَابُ مَا حَضَرَنِي مِنْ أَقَاوِيلِ السَّلَفِ رضي الله عنهم فِي إِثْبَاتِ عَذَابِ الْقَبْرِ وَمَا كَانُوا يَخَافُونَهُ مِنْ هَوْلِ الْمُطَّلَعِ

الفصل: ‌باب الدعاء للمؤمن بالتثبيت بعد الفراغ من الدفن

‌بَابُ الدُّعَاءِ لِلْمُؤْمِنِ بِالتَّثْبِيتِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الدَّفْنِ

ص: 124

211 -

أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أنبا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ غَالِبِ بْنِ حَرْبٍ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَاللَّفْظُ لِتَمْتَامٍ، حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، ثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَحِيرٍ، عَنْ هَانِئٍ مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، عَنْ عُثْمَانَ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا فَرَغَ مِنْ دَفْنِ الْمَيِّتِ قَالَ: «اسْتَغْفِرُوا لِمَيِّتِكُمْ وَاسْأَلُوا لَهُ التَّثْبِيتَ فَإِنَّهُ الْآنَ يُسْأَلُ» ،

212 -

وَأَخْبَرَنَا عَلِيٌّ، أَنَا أَحْمَدُ، ثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيُّ، ثَنَا أَبِي، ثَنَا هِشَامٌ، فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: كَانَ إِذَا فَرَغَ مِنْ دَفْنِ الْمَيِّتِ وَقَفَ عَلَيْهِ، فَقَالَ:«اسْتَغْفِرُوا لِأَخِيكُمْ وَاسْأَلُوا لَهُ التَّثْبِيتَ فَإِنَّهُ الْآنَ يُسْأَلُ»

ص: 124

بَابُ تَمَنِّي مَنْ غُفِرَ لَهُ أَنْ يُعْلِمَ قَوْمَهُ بِمَا أَكْرَمَهُ اللَّهُ بِهِ قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ فِيمَنْ أَنْعَمَ عَلَيْهِ بِالْمَغْفِرَةِ {قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ} [يس: 27] قَالَ مُجَاهِدٌ: ذَلِكَ حِينَ رَأَى الثَّوَابَ قَالَ غَيْرُهُ " {يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي} [يس: 26] أَيْ بِإِيمَانِي بِرَبِّي وَتَصْدِيقِي إِيَّاهُ فَيُؤْمِنُونَ فَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ كَمَا دَخَلْتُ الْجَنَّةَ

ص: 125

213 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، ثَنَا تَمْتَامٌ وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ غَالِبٍ، ثَنَا أَبُو عُمَرَ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ خَالَهُ حَرَامَ بْنَ عُثْمَانَ أَخَا أُمِّ سُلَيْمٍ فِي سَبْعِينَ رَجُلًا إِلَى بَنِي عَامِرٍ فَلَمَّا قَدِمُوا قَالَ لَهُمْ خَالُهُ: أَتَقَدَّمُكُمْ فَإِنْ أَمَّنُونِي حَتَّى أُبَلِّغَهُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَإِلَّا كُنْتُمْ قَرِيبًا، فَتَقَدَّمَ فَبَيْنَمَا هُوَ يُحَدِّثُهُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذْ أَوْمَؤُوا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ فَطَعَنَهُ فَأَنْفَذَهُ، فَقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ، فُزْتُ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ، ثُمَّ مَالُوا عَلَى بَقِيَّةِ أَصْحَابِهِ فَقَتَلُوهُمْ، إِلَّا رَجُلٌ أَعْرَجُ كَانَ فِيهِمْ، فَصَعِدَ الْجَبَلَ قَالَ: فَحَدَّثَنَا أَنَسٌ " أَنَّ جِبْرِيلَ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرْهُ أَنَّهُمْ لَقُوا رَبَّهَمْ فَرَضِيَ عَنْهُمْ وَأَرْضَاهُمْ قَالَ أَنَسٌ: فَكَانَ فِيمَا يُقْرَأُ مِنَ الْقُرْآنِ «بَلِّغُوا قَوْمَنَا أَنَّا قَدْ لَقِينَا رَبَّنَا فَرَضِيَ عَنَّا وَأَرْضَانَا» قَالَ: ثُمَّ نُسِخَ بَعْدُ، فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا عَلَى رِعْلٍ وَذَكْوَانَ وَعُصَيَّةَ الَّذِينَ عَصَوُا اللَّهَ وَرَسُولَهُ " أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنِ أَبِي عُمَرَ، وَأَخْرَجَهُ مِنْ حَدِيثِ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ إِسْحَاقَ وَثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ

ص: 125

214 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ، بِبَغْدَادَ، أَنَا أَبُو سَهْلِ بْنُ زِيَادٍ الْقَطَّانُ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعَبْسِيُّ، ثَنَا مِنْجَابُ بْنُ الْحَارِثِ، نَا أَبُو عَامِرٍ الْأَسَدِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ الْأَفْطَسِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ

⦗ص: 126⦘

عَبَّاسٍ قَالَ: " لَمَّا أُصِيبَ مَنْ أُصِيبَ، وَرَأَوْا مَا أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مِنَ الرِّزْقِ قَالُوا: لَيْتَ إِخْوَانَنَا يَعْلَمُونَ " فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ} [آل عمران: 169] الْآيَةُ قَالَ: وَثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ، ثَنَا مِنْجَابُ بْنُ الْحَارِثِ، ثَنَا حَاتِمٌ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ

ص: 125

215 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي قَالَا: ثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أَنَبَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ، ثَنَا يُوسُفُ الصَّفَّارُ مَوْلَى بَنِي أُمَيَّةَ، نَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " إِذَا دَخَلَ الْمُؤْمِنُ قَبْرَهُ أَتَاهُ مَلَكَانِ فَزَبَرَاهُ فَيَقُومُ يَهَابُ الْفَتَّانَ. قَالَ: فَيَسْأَلَانِهِ مَنْ رَبُّكَ وَمَا دِينُكَ وَمَنْ نَبِيُّكَ؟ فَيَقُولُ: اللَّهُ رَبِّي وَالْإِسْلَامُ دِينِي وَمُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم نَبِيِّي، فَيَقُولَانِ لَهُ: صَدَقْتَ، كَذَلِكَ كُنْتَ، فَيُقَالُ: افْرُشُوهُ مِنَ الْجَنَّةِ، وَاكْسُوهُ مِنَ الْجَنَّةِ. فَيَقُولُ: دَعُونِي حَتَّى أُخْبِرَ أَهْلِي، فَيَقُولَانِ لَهُ: اسْكُنْ "

ص: 126

216 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو قَالَا: ثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّغَانِيُّ، ثَنَا أَبُو الْأَسْوَدِ، أَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ قَالَ: سَأَلْتُ جَابِرًا عَنِ الْقَبْرِ، فَقَالَ جَابِرٌ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " إِنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ تُبْتَلَى فِي قُبُورِهَا، فَإِذَا دَخَلَ الْمُؤْمِنُ قَبْرَهُ وَتَوَلَّى عَنْهُ أَصْحَابُهُ جَاءَهُ مَلَكٌ شَدِيدُ الِانْتِهَارِ، فَيَقُولُ لَهُ: مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ؟ فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ: كُنْتُ أَقُولُ: إِنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعَبْدُهُ، فَيَقُولُ لَهُ الْمَلَكُ: انْظُرْ إِلَى مَقْعَدِكَ الَّذِي كُنْتَ تَرَى مِنَ النَّارِ، يَعْنِي قَدْ أُبْدِلَ مَكَانَهُ مَقْعَدُكَ الَّذِي تَرَى مِنَ الْجَنَّةِ، فَيَرَاهُمَا كِلَاهُمَا، فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ: دَعُونِي أُبَشِّرُ أَهْلِي، فَيُقَالُ لَهُ: اسْكُنْ، وَأَمَّا الْمُنَافِقُ فَيَقْعُدُ

⦗ص: 127⦘

إِذَا تَوَلَّى عَنْهُ أَهْلُهُ فَيُقَالُ: مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ؟ فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي، أَقُولُ مَا يَقُولُ النَّاسُ، فَيُقَالُ لَهُ: لَا دَرَيْتَ، هَذَا مَقْعَدُكَ الَّذِي كَانَ لَكَ مِنَ الْجَنَّةِ قَدْ أُبْدِلَ مَكَانَهُ مَقْعَدُكَ مِنَ النَّارِ "

ص: 126

قَالَ جَابِرٌ: فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «يُبْعَثُ كُلُّ عَبْدٍ عَلَى مَا مَاتَ، الْمُؤْمِنُ عَلَى إِيمَانِهِ وَالْمُنَافِقُ عَلَى نِفَاقِهِ»

ص: 127

بَابُ تَأْوِيلِ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا} [يس: 52] الْآيَةُ ذَكَرَ الْأُسْتَاذُ أَبُو الْقَاسِمِ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَبِيبٍ الْمُفَسِّرُ رحمه الله فِي تَفْسِيرِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّمَا يَقُولُونَ هَذَا لِأَنَّ اللَّهَ رَفَعَ عَنْهُمُ الْعَذَابَ فِيمَا بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ فَنَسَوْا عَذَابَهُمْ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ كَانُوا نِيَامًا، فَإِذَا خَرَجُوا مِنْ قُبُورِهِمْ قَالُوا:{يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا} [يس: 52] أَيْ مِنْ مَنَامِنَا قَالَتْ لَهُمُ الْمَلَائِكَةُ: {هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ} [يس: 52] وَعَنْ قَتَادَةَ قَالَ: خُفِّفَ عَنْهُمُ الْعَذَابُ أَرْبَعِينَ سَنَةً

ص: 128

217 -

أَخْبَرَنَا الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْإِمَامُ رحمه الله، أنبا عَبْدُ الْخَالِقِ بْنُ الْحَسَنِ السَّقَطِيُّ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ثَابِتٍ، أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنِ الْهُذَيْلِ، عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ مَنْ رَوَى تَفْسِيرَهُ عَنْهُ مِنَ التَّابِعِينَ فِي قَوْلِهِ {يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا} [يس: 52] " وَذَلِكَ أَنَّ أَرْوَاحَ الْكُفَّارِ كَانُوا يُعْرَضُونَ عَلَى مَنَازِلِهِمْ مِنَ النَّارِ طَرَفَيِ النَّهَارِ، فَلَمَّا كَانَ بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ رُفِعَ عَنْهُمُ الْعَذَابُ، فَرَقَدَتْ تِلْكَ الْأَرْوَاحُ بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ، فَلَمَّا بُعِثُوا فِي النَّفْخَةِ الْأُخْرَى وَعَايَنُوا فِي يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا كَانُوا يُكَذِّبُونَ بِهِ فِي الدُّنْيَا مِنَ الْبَعْثِ وَالْحِسَابِ دَعَوْا بِالْوَيْلِ، فَقَالُوا {يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا} [يس: 52] وَفِي قِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ: «مِنْ مَبِيتِنَا» قَالَتْ لَهُمْ حَفَظَتُهُمْ مِنَ الْمَلَائِكَةِ {هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ} [يس: 52] عَلَى أَلْسِنَةِ الرُّسُلِ أَنَّهُ يَبْعَثُكُمْ بَعْدَ الْمَوْتِ، فَكَذَّبْتُمْ بِهِ {وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ} [يس: 52] بِأَنَّ الْبَعْثَ حَقٌّ وَقَالَ فِي قَوْلِهِ {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ} [الزمر: 68] وَهُوَ الْقَرْنُ، {فَصَعِقَ} [الزمر: 68] يَعْنِي فَمَاتَ {مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ} [يونس: 66] مِنَ الْحَيَوَانِ مِنْ شِدَّةِ الْخَوْفِ وَالْفَزَعِ ثُمَّ اسْتَثْنَى {إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ} [النمل: 87] فَاسْتَثْنَى جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ وَمَلَكَ الْمَوْتِ، ثُمَّ يَأْمُرُ مَلَكَ الْمَوْتِ أَنْ يَقْبِضَ رُوحَ مِيكَائِيلَ، ثُمَّ رُوحَ جِبْرِيلَ، ثُمَّ رُوحَ إِسْرَافِيلَ، ثُمَّ يَأْمُرُ مَلَكَ الْمَوْتِ فَيَمُوتُ، ثُمَّ يَلْبَثُ الْخَلْقُ بَعْدَ النَّفْخَةِ الْأُولَى فِي الْبَرْزَخِ أَرْبَعِينَ سَنَةً، ثُمَّ تَكُونُ النَّفْخَةُ الْأُخْرَى فَيُحَيِي اللَّهُ إِسْرَافِيلَ فَيَأْمُرُهُ أَنْ يَنْفُخَ الثَّانِيَةَ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ {ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ} [الزمر: 68] عَلَى أَرْجُلِهِمْ يَنْظُرُونَ إِلَى الْبَعْثِ الَّذِي كَذَّبُوا بِهِ فِي الدُّنْيَا

⦗ص: 129⦘

، وَذَكَرَ بَعْضُ أَهْلِ الْمَعَانِي أَنَّ الْكُفَّارَ إِذَا عَايَنُوا جَهَنَّمَ وَأَنْوَاعَ عَذَابِهَا صَارَ مَا عُذِّبُوا بِهِ فِي الْقُبُورِ فِي جَنْبِهَا كَالنَّوْمِ، فَقَالُوا:{مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا} [يس: 52] قَالَ الشَّيْخُ رحمه الله: قُلْتُ أَنَا: وَفِي التَّنْزِيلِ مِنْ قَوْلِهِ {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} [غافر: 46] ثُمَّ فِي الْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ مَا دَلَّ عَلَى صِحَّةِ مَا قَالَ أَهْلُ التَّفْسِيرِ فِي تَأْوِيلِ هَذِهِ الْآيَةِ، مِنْهَا مَا مَضَى وَصْفُهَا

218 -

وَمِنْهَا مَا

ص: 128

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، ثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ إِمْلَاءً، ثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْحَاقَ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، نَا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ أَرْبَعُونَ» قَالُوا: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَرْبَعُونَ يَوْمًا قَالَ أَبَيْتُ قَالُوا: أَرْبَعُونَ شَهْرًا قَالَ: أَبَيْتُ قَالَ: " ثُمَّ يُنْزِلُ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيَنْبُتُونَ كَمَا يَنْبُتُ الْبَقْلُ قَالَ: «وَلَيْسَ مِنَ الْإِنْسَانِ شَيْءٌ إِلَّا يَبْلَى إِلَّا عَظْمًا وَاحِدًا وَهُوَ عَجْبُ الذَّنَبِ وَفِيهِ يَرْكَبُ الْخَلْقُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ،

219 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، أَخْبَرَنِي أَبُو الْوَلِيدِ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، نَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ وَزَادَ قَالُوا: أَرْبَعِينَ سَنَةً؟ قَالَ: أَبَيْتُ " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَمْرِو بْنِ حَفْصٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْأَعْمَشِ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ وَكَأَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ لَمْ يَحْفَظْ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَا أَرَادَ بِالْأَرْبَعِينَ، وَأَهْلُ التَّفْسِيرِ يَقُولُونَ: هِيَ أَرْبَعُونَ سَنَةً

ص: 129

220 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَدِيبُ، أَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ أَخْبَرَنِي أَبُو يَعْلَى، ثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، نَا حُجَيْنُ بْنُ الْمُثَنَّى، نَا عَبْدُ

⦗ص: 130⦘

الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ الْهَاشِمِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: بَيْنَمَا يَهُودِيُّ يَعْرِضُ سِلْعَةً فَأُعْطِيَ بِهَا شَيْئًا كَرِهَهُ أَوْ لَمْ يَرْضَهُ، شَكَّ عَبْدُ الْعَزِيزِ، فَقَالَ: لَا وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَى الْبَشَرِ، فَسَمِعَهُ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فَلَطَمَ وَجْهَهُ قَالَ: تَقُولُ وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَى الْبَشَرِ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ أَظْهُرِنَا قَالَ: فَذَهَبَ الْيَهُودِيُّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا أَبَا الْقَاسِمِ، إِنَّ لِي ذِمَّةً وَعَهْدًا، فَمَا بَالُ فُلَانٍ لَطَمَ وَجْهِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«لِمَ لَطَمْتَ وَجْهَهُ» فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَى الْبَشَرِ وَأَنْتَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا قَالَ: فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ حَتَّى عُرِفَ الْغَضَبُ فِي وَجْهِهِ ثُمَّ قَالَ: «لَا تُفَضِّلُوا بَيْنَ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ، فَإِنَّهُ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ بُعِثَ، أَوْ فِي أَوَّلِ مَنْ بُعِثَ، فَإِذَا مُوسَى آخِذٌ بِالْعَرْشِ فَلَا أَدْرِي أَحُوسِبَ بِصَعْقَةِ الطُّورِ أَوْ بُعِثَ قَبْلِي، وَلَا أَقُولُ إِنَّ أَحَدًا أَفْضَلُ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي خَيْثَمَةَ بْنِ حَرْبٍ، وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ عَنِ اللَّيْثِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ

ص: 129