المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الثاني: الفلسفة الخلقية والاجتماعية - تاريخ الفلسفة الحديثة

[يوسف بطرس كرم]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة:

- ‌الباب الأول: بين القديم والجديد القرن الخامس عشر والسادس عشر

- ‌الفصل الأول: أفلاطونيون

- ‌الفصل الثاني: رشديون

- ‌الفصل الثالث: علماء

- ‌الفصل الرابع: نقاد

- ‌ فلاسفة مستقلون

- ‌الباب الثاني: أمهات المذاهب الحديثة القرن السابع عشر

- ‌مدخل

- ‌الفصل الأول: فرنسيس بيكون " 1561 - 1626

- ‌الفصل الثاني: توماس هوبس " 1588 - 1679

- ‌الفصل الرابع: بليز بسكال " 1623 - 1662

- ‌الفصل الخامس: نقولا مالبرانش " 1638 - 1715

- ‌الفصل السادس: باروخ سبينوزا

- ‌الفصل السابع: جوتفريد فيلهلم ليبنتز " 1646 - 1716

- ‌الفصل الثامن: جون لوك " 1632 - 1704

- ‌الباب الثالث: تحليل ونقد القرن السامن عشر

- ‌مدخل

- ‌المقالة الأولى: الفلسفة في إنجلترا

- ‌الفصل الأول: الفلسفة الطبيعية

- ‌الفصل الثاني: الفلسفة الخلقية والاجتماعية

- ‌الفصل الثالث: جورج باركلي " 1685 - 1753

- ‌الفصل الرابع: ديفيد هيوم " 1711 - 1776

- ‌الفصل الخامس: توماس ريد " 1710 - 1796

- ‌المقالة الثانية: الفلسفة في فرنسا

- ‌الفصل الأول: كوندياك " 1715 - 1780

- ‌الفصل الثاني: الفلسفة الطبيعية

- ‌الفصل الثالث: مونتسكيو

- ‌الفصل الرابع: جان جاك روسو " 1712 - 1778

- ‌المقالة الثالثة: الفلسفة في ألمانيا إمانويل كنط " 1724 - 1804

- ‌الفصل الأول: حياته ومصنفاته

- ‌الفصل الثاني: نقد العقل النظري

- ‌الفصل الثالث: نقد العقل العملي

- ‌الباب الرابع: تركيب وبناء النصف الأول من القرن التاسع عشر

- ‌مدخل

- ‌المقالة الأولى: الفلسفة في ألمانيا

- ‌مدخل

- ‌الفصل الأول: فختي " 1762 - 1814

- ‌الفصل الثاني: شلنج " 1775 - 1854

- ‌الفصل الثالث: هجل " 1770 - 1831

- ‌الفصل الرابع: شوبنهور " 1788 - 1860

- ‌الفصل الخامس: هربارت " 1776 - 1841

- ‌المقالة الثانية: الفلسفة في فرنسا

- ‌مدخل

- ‌الفصل الأول: المذهب الروحي

- ‌الفصل الثاني: المذهب الفلسفي

- ‌الفصل الثالث: المذهب الواقعي

- ‌المقالة الثالثة: الفلسفة في إنجلترا

- ‌مدخل

- ‌الفصل الأول: المذهب الحسي

- ‌الفصل الثاني: الرومانتية

- ‌الفصل الثالث: فلسفة النسبية

- ‌الباب الخامس: مادية وروحية النصف الثاني من القرن التاسع عشر

- ‌مدخل

- ‌المقالة الأولى: الفلسفة في إنجلترا

- ‌الفصل الأول: جون ستوارت مل " 1806 - 1873

- ‌الفصل الثاني: تشارلس دروين " 1809 - 1882

- ‌الفصل الثالث: هربرت سبنسر " 1820 - 1903

- ‌الفصل الرابع: الحركة الدينية

- ‌المقالة الثانية: الفلسفة في فرنسا

- ‌مدخل

- ‌الفصل الأول: بين الواقعية والروحية

- ‌الفصل الثاني: فلاسفة الحرية "طبقة أولى

- ‌الفصل الثالث: فلاسفة الحرية "طبقة ثانية

- ‌المقالة الثالثة: الفلسفة في ألمانيا

- ‌مدخل

- ‌الفصل الأول: ميتافيزيقا علم النفس

- ‌الفصل الثاني: مادية

- ‌الفصل الثالث: أخلاق

- ‌الباب السادس: تقديم العمل على النظر النصف الأول من القرن العشرين

- ‌مدخل

- ‌الفصل الأول: الفلسفة في أمريكا

- ‌الفصل الثاني: الفلسفة في إنجلترا

- ‌الفصل الثالث: الفلسفة في فرنسا

- ‌الفصل الرابع: الفلسفة في ألمانيا

- ‌ مراجع

الفصل: ‌الفصل الثاني: الفلسفة الخلقية والاجتماعية

‌الفصل الثاني: الفلسفة الخلقية والاجتماعية

68 -

لورد شفتسبري " 1671 - 1713 ":

أ- المذاهب التي نجملها في هذا الفصل تؤلف موقفًا وسطًا بين مذهب الأنانية الذي يمثله هوبس، وبين المذهب العقلي الذي يريد أن يرجع الأخلاق إلى قواعد ثابتة، فإن أصحاب هذا الموقف الوسط يستهجنون الأنانية ويرون بينها وبين الأخلاق الصحيحة مسافة كبيرة، ولكن المذهب الحسي أضعف ثقتهم بالعقل، فلجئوا إلى العاطفة وطلبوا إليها أن تمدهم بأسس الأخلاق، وأولهم شفتسبري حفيد اللورد الذي عرفه لوك.

ب- يذهب شفتسبري في كتابه "بحوث في الفضيلة" إلى أن ليس بصحيح أن الميل الأساسي في الإنسان هو محبة الذات؛ إن في الإنسان ميولا اجتماعية طبيعية، بل إن في الحيوان مثل هذه الميول، وهي في كل نوع موجهة لخير النوع، وهي صنع غاية تحقق بها النظام الكلي. لقد بدد هوبس معنى الأخلاق، وهدم لوك أساس الأخلاق بنقده للمعاني الغريزية واستبعاده كل غريزة طبيعية. ليس يمكن الادعاء أن معنى المحبة والعدالة مستمدان من التجربة وحدها أو من الدين وحده. إن هناك غريزة تربط الفرد بالنوع، فلم يعش الإنسان قط، ولا يستطيع أن يعيش متوحدًا. من الخطأ المعارضة بين حال الطبيعة وحال اجتماع، وإذا ما عدنا إلى أنفسنا وجدنا فينا عواطف لاإرادية، هي الإعجاب بالنبل والخير، واحتقار الخسة والخبث. وذلك هو الحس الخلقي، لدينا حس باطن قوامه محبة النظام والجمال، وهذا الحس يدرك الخير والشر في الأفعال إدراكًا بديهيًّا مما يدرك البصر الألوان في الأشياء. فإذا طاوعناه وجدنا الإيثار يحدث في النفس اغتباطًا لطيفًا بما نهيئه للغير من سعادة، فيتفق الإيثار والأثرة ولكنها أثرة يفوق الاغتباط بها الاغتباط باللذات الحسية العنيفة، ويكفل الأخذ بها النظام والتناسق في الحياة الفردية والحياة الاجتماعية في الوقت نفسه.

ص: 158

69 -

فرنسيس هاتشيسون " 1694 - 1747 ":

نشر عدة كتب في الأخلاق، أهمها كتاب "الفحص عن أصل معنى الجمال والفضيلة"" 1725 " وعين أستاذًا بجامعة جلاسكو في سنة 1729. ويقتصر عمله على ترتيب آراء شفتسبري والتوسع في شرحها والتدليل عليها. وهو يذهب إلى أن لنا حسًّا للخير الخلقي، وأنه مع ذلك لا يغني عن العقل وعن التجربة؛ فالعقل يستنبط الوسائل لتحقيق غايات ذلك الحس، والتجربة تظهرنا على معلولات الأفعال وتعلمنا أن خير الأفعال ما عاد بأكبر سعادة على أكبر عدد من الناس. والحس الخلقي منحة من الله ودليل على حكمته السامية من حيث إن هذا الحس لا يقر إلا الأفعال النافعة للغير أو العائدة علينا بخير شخصي يتفق مع خير الغير، وهو حس أصيل لا يرجع إلى الدين ولا إلى النفع الاجتماعي؛ أما أنه لا يرجع إلى الدين، فالشاهد عليه ما نراه من بعض الناس الذين لا يعرفون الله ولا ينتظرون منه ثوابًا وهم حاصلون مع ذلك على معنى رفيع للشرف؛ وإذا استبعدنا الحس الخلقي ولم نعتبر سوى الجزاء الإلهي، كانت أفعالنا صادرة عن إغراء الثواب أو خوف العقاب لا عن الشعور بالواجب، وأما أن الحس الخلقي لا يرجع إلى اعتبار النفع الاجتماعي، فدليله أننا لا نقدر سوى الأفعال النزيهة، فنحتقر الخائن لوطنه ولو كان نافعًا لوطننا، ونكبر العدو الكريم. فالأخلاق قائمة بذاتها، مستقلة عن الدين والتجربة.

70 -

آدم سميث " 1723 - 1790 ":

أ- أخذ عن هاتشيسون بجامعة جلاسكو، ثم قصد إلى أكسفورد، وفي سنة 1751 صار أستاذًا بجامعة جلاسكو. وكان تدريسه مؤلفًا من أربعة أقسام: اللاهوت الطبيعي، الأخلاق، الحق الطبيعي، الاقتصاد السياسي. وله كتابان مهمان: الأول "نظرية العواطف الأخلاقية"" 1759 " والثاني "بحث في طبيعة ثروة الأمم وأسبابها"" 1776 " كان بمثابة "شهادة ميلاد" علم الاقتصاد السياسي، باعتباره علمًا قائمًا برأسه مبنيًّا على التجربة، وعد سميث مؤسسه. وفيما يلي كلمة عن كل كتاب.

ص: 159

ب- في "نظرية العواطف الأخلاقية" يرى آدم سميث هو أيضًا استحالة تعيين الفضيلة في كل حالة جزئية بناء على قوانين ثابتة، ويرجع هذا التعيين إلى "العطف" أو التعاطف أي: انفعالنا بعواطف الغير، ويستخرج قانون السيرة من قوانين العطف، فيلاحظ أن انفعالات الغير تنتقل إلينا بالعدوى، فلا نراهم يألمون أو يضحكون أو يغضبون إلا ونشاطرهم شعورهم، ذلك ميل طبيعي غير إرادي يحسه أشد الناس أنانية. وهكذا تجعلنا الطبيعة متضامنين جميعًا، نسر أو نحزن لما يصيب الغير. وقد ربطت الطبيعة بالعطف لذة كي يطلب لذاته، وهذا يكفي أساسًا للأخلاق؛ لأن العطف يتجه بالطبع إلى الخير. مثال ذلك: أن غضب الرجل العنيف أقل تأثيرًا فينا من حلم خصمه، وأننا نتأثر بالغضب للحق والعدل أكثر من تأثرنا باستكانة المسيء. فقوانين العطف وقوانين الأخلاق متطابقة، بحيث نستطيع أن نضع هذه القاعدة:"لا تفعل إلا ما شأنه أن يحوز رضا إخوانك في الإنسانية ويكسبك عطفهم" إذ إن خيرية الفعل تقاس بما يثيره من عطف خالص شامل في الحاضر والمستقبل. ومن هذه القاعدة تنشأ جميع المعاني الأخلاقية من مدح وذم وندم وواجب؛ فكما أننا نحكم على الآخرين، يحكم الآخرون علينا، فنعتاد النظر إلى أفعالنا مما ينظرون إليها أي: بدون تحيز، حتى إننا قد نخالف قومنا ونخرج على بعض التقاليد المرعية بينهم فنتعرض للوم والمذمة، ونحن واثقون أن الخلف ينصفنا، وأن قاعدة العطف تتحقق هنا أيضًا من حيث إننا شهود أفعالنا نغتبط بها أو نألم لها تمشيًا مع تلك العاطفة الباطنة. وعلى ذلك ليس الحس الخلقي غريزة كاملة منذ البداية، ولكنه يتكون ويترقى بالعقل والتجربة؛ وما يسمى بالواجب صادر عن العطف وراجع إليه، بمعنى أن العمل بمقتضى الواجب يقوم في أن ينصب كل منا نفسه شاهدًا عدلًا على نفسه فيقدر أفعاله بما يشعر به من عطف نزيه كالذي يشعر به الآخرون لو علموا بها.

ج- وفي كتاب "ثروة الأمم" يقصد إلى أن يكفى الناس شر تدخل الحكومة وتعسفها، فيبين أن للثروة مصدرين هما العمل والادخار، وأنهما لا ينموان إلا حيث يترك "روح الصناعة" حرا من كل قيد، وأن قانون المنفعة كفيل بتنظيم الشئون الاجتماعية، بحيث إذا كفت الحكومة عن التدخل وتركت

ص: 160

قانون تقسيم العمل بحسب الكفايات وقانون العرض والطلب يفعلان فعلهما، رأينا منفعة المنتج ومنفعة المستهلك تتطابقان. فيضع سميث هذه القاعدة:"كل إنسان، طالما لم يخالف قانون العدالة، فهو حر كل الحرية في اتباع الطريق الذي تدله عليه منفعة". ولكنه يعني بالعدالة معنًى غريبًا، فيحلل المنافسة التجارية بجميع وسائلها، ولا يقر للعامل بحد أدنى من الأجر بل يدعه تحت رحمة صاحب العمل، كأنه لم يشد بالعطف، وكأن ليس من شأن العطف التخفيف من وطأة قانون العرض والطلب. ولا يريد سميث أن تتدخل الحكومة لحماية الضعفاء أو لصيانة الأخلاق العامة، بل يقصر وظيفتها على منع العنف وإقرار الأمن. وقد ظن أن ليس يوجد وسط بين ما يخافه من استبداد الحكومة وبين ما يراه من إطلاق الحرية، هو تدخل الحكومة في حدود معقولة. وقد ساد العمل بهذا المذهب الحري زمنًا طويلًا فأدى إلى استبداد أقلية من الماليين بجمهور العمال، وإلى نشأة الأحزاب الاشتراكية تدافع عن العمال وتحاول تحقيق العدالة الاجتماعية، ثم إلى الشيوعية التي تقيم نظام الثروة العامة على تدخل الحكومة ولا تدع للأفراد شيئًا من الحرية. ونحن نشهد الآن إفلاس المذهب الحري، وميل الحكومات جميعًا إلى تنظيم الإنتاج والاستهلاك لضمان حياة محتملة للسواد الأعظم.

ص: 161