المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌رجوع أهل مصر بعد شخوصهم - تاريخ المدينة لابن شبة - جـ ٤

[ابن شبة]

فهرس الكتاب

- ‌رُجُوعُ أَهْلِ مِصْرَ بَعْدَ شُخُوصِهِمْ

- ‌مَا رُوِيَ مِنَ الِاخْتِلَافِ فِيمَنْ أَعَانَ عُثْمَانَ رضي الله عنه، أَوْ أَعَانَ عَلَيْهِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَزْوَاجِهِ رضي الله عنهم وَغَيْرِهِمْ

- ‌مَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ رضي الله عنه فِي النَّهْيِ عَنْ قَتْلِ عُثْمَانَ رضي الله عنه

- ‌كَلَامُ عُثْمَانَ رضي الله عنه وَهُوَ مَحْصُورٌ وَاحْتِجَاجُهُ عَلَى الْفَسَقَةِ

- ‌مَا رُوِيَ مِنَ الِاخْتِلَافِ فِي مَعُونَةِ عَلِيٍّ وَسَعْدٍ وَغَيْرِهِمْ عَلَى عُثْمَانَ رضي الله عنه

- ‌كَرَاهَةُ عُثْمَانَ رضي الله عنه الْقِتَالَ وَنَهْيُهُ أَصْحَابَهُ عَنْهُ

- ‌مَنْ صَلَّى بِالنَّاسِ وَعُثْمَانُ رضي الله عنه مَحْصُورٌ

- ‌اسْتِعَانَةُ عُثْمَانَ رضي الله عنه بِعَلِيٍّ وَسَعْدٍ رضي الله عنهما وَغَيْرِهِمَا

- ‌مُشَاوَرَةُ عُثْمَانَ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهم ، وَمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها فِي أَمْرِ عُثْمَانَ رضي الله عنه

- ‌أَمْرُ عَائِشَةَ رضي الله عنها

- ‌ذِكْرُ رُؤْيَا عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رضي الله عنه

- ‌أَمْرُ عَلِيٍّ رضي الله عنه يَوْمَ قُتِلَ عُثْمَانُ رضي الله عنه

- ‌إِحْرَاقُ بَابِ عُثْمَانَ رضي الله عنه وَدُخُولُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ وَالْمِصْرِيِّينَ

- ‌مَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَعَائِشَةَ وَغَيْرِهَا رضي الله عنهم فِي قَتْلِ عُثْمَانَ رضي الله عنه مِنَ التَّنْدِيدِ

- ‌مَا رُوِيَ مِنَ اسْتِعْظَامِ النَّاسِ لِقَتْلِهِ رضي الله عنه وَمَا أَعْقَبَهُمْ مِنَ الْفِتْنَةِ وَالتَّغَالُبِ عَلَى الْمُلْكِ وَسَلِّ السَّيْفِ عَلَيْهِمْ

- ‌قَوْلُ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه

- ‌مَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه فِي الْبَرَاءَةِ مِنْ قَتْلِ عُثْمَانَ رضي الله عنه بِأَلْفَاظٍ شَتَّى تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ بَرِيئًا

- ‌خَبَرُ الْمُغِيرَةِ بْنِ الْأَخْنَسِ بْنِ شَرِيقٍ

الفصل: ‌رجوع أهل مصر بعد شخوصهم

‌رُجُوعُ أَهْلِ مِصْرَ بَعْدَ شُخُوصِهِمْ

ص: 1148

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَيُّوبَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ زِيَادٍ الْمَوْصِلِيِّ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ: انْصَرَفَ الْمِصْرِيُّونَ ، فَلَمَّا أَتَوْا عَلَى ذِي الْمَرْوَةِ إِذَا هُمْ بِمَوْلًي لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه بَاسِطٌ سُفْرَتَهُ عَلَيْهَا طَعَامٌ، فَدَعَا الْقَوْمَ إِلَيْهَا، فَنَزَلَ بَعْضٌ وَسَارَ بَعْضٌ، وَكَانَ الْمَوْلَى مِنْ صَوَافِي أَهْلِ الْمَدِينَةِ، فَإِذَا عَلَى السُّفْرَةِ شَنَّةٌ بَالِيَةٌ فِيهَا رَأْسُ طُومَارٍ فَنَظَرُوا إِلَى الطُّومَارِ فَقَالُوا: مَا فِي هَذَا الْكِتَابِ؟ فَحَلَفَ بِاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا فِيهِ، فَنَظَرُوا فِيهِ فَإِذَا هُمْ بِكِتَابٍ مِنْ عُثْمَانَ رضي الله عنه إِلَى عَامِلِهِ عَلَى مِصْرَ:«إِذَا أَتَاكَ الْقَوْمُ فَافْعَلْ وَافْعَلْ» . فَأَخَذُوا الطُّومَارَ وَقَالُوا: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَظْهَرَ نِيَّتَهُ وَأَظْهَرَ مِنْهُ مَا كَانَ يُخْفِي، ارْجِعُوا أَيُّهَا الْقَوْمُ، فَرَجَعُوا فَأَحَاطُوا بِالدَّارِ وَائْتَمَرُوا بِقَتْلِهِ، وَذَكَرُوا الْكِتَابَ. فَقَالَ شِيعَةُ عَلِيٍّ رضي الله عنه: هُوَ عَمَلُ عُثْمَانَ، وَقَالَ شِيعَةُ عُثْمَانَ رضي الله عنه: هُوَ عَمَلُ عَلِيٍّ وَأَصْحَابِهِ. قَالَ: فَأَرْسَلَ عَلِيٌّ رضي الله عنه إِلَيْهِ: إِنَّ مَعِي خَمْسَمِائَةِ دَارِعٍ فَأْذَنْ لِي فَأَمْنَعْكَ مِنَ الْقَوْمِ، فَإِنَّكَ لَمْ تُحْدِثْ شَيْئًا بَعْدَ التَّوْبَةِ يُسْتَحَلُّ بِهَا دَمُكَ. فَقَالَ:«جُزِيتَ خَيْرًا، مَا أُحِبُّ أَنْ يُهْرَاقَ دَمٌ بِسَبَبِي» . قَالَ: وَأَرْسَلَ إِلَيْهِ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ رضي الله عنه بِمِثْلِهِا. فَقَالَ: «مَا أُحِبُّ أَنْ يُهَرَاقَ دَمٌ فِي سَبَبِي»

ص: 1149

حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْمَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَوْلَى ابْنِ أُسَيْدٍ قَالَ: رَجَعَ

⦗ص: 1150⦘

الْمِصْرِيُّونَ رَاضِينَ، فَبَيْنَمَا هُمْ بِالطَّرِيقِ إِذَا هُمْ بِرَاكِبٍ يَتَعَرَّضُ لَهُمْ ، ثُمَّ يُفَارِقُهُمْ وَيَسْبِقُهُمْ. فَقَالُوا لَهُ: مَا لَكَ إِنَّ لَكَ لَأَمْرًا، مَا شَأْنُكَ؟ فَقَالَ: أَنَا رَسُولُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى عَامِلِهِ بِمِصْرَ. فَفَتَّشُوهُ فَإِذَا هُمْ بِالْكِتَابِ عَلَى لِسَانِ عُثْمَانَ رضي الله عنه، عَلَيْهِ خَاتَمُهُ إِلَى عَامِلِهِ أَنْ يَقْتُلَهُمْ، أَوْ يَصْلُبَهُمْ، أَوْ يَقْطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ. فَأَقْبَلُوا حَتَّى أَتَوَا الْمَدِينَةَ، فَأَتَوْا عَلِيًّا رضي الله عنه فَقَالُوا لَهُ: أَلَمْ تَرَ إِلَى عَدُوِّ اللَّهِ إِنَّهُ كَتَبَ فِينَا بِكَذَا وَكَذَا، وَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَلَّ دَمَهُ، قُمْ مَعَنَا إِلَيْهِ. قَالَ: لَا وَاللَّهِ مَا أَقُومُ مَعَكُمْ. قَالُوا: فَلِمَ كَتَبْتَ إِلَيْنَا؟ قَالَ: لَا وَاللَّهِ مَا كَتَبْتُ إِلَيْكُمْ بِكِتَابٍ قَطُّ. قَالَ: فَنَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ. ثُمَّ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: أَلِهَذَا تُقَاتِلُونَ أَمْ لِهَذَا تَغْضَبُونَ؟ قَالَ: فَانْطَلَقَ فَخَرَجَ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى الْقَرْيَةِ، وَانْطَلَقُوا حَتَّى دَخَلُوا عَلَى عُثْمَانَ رضي الله عنه فَقَالُوا: كَتَبْتَ فِينَا بِكَذَا وَكَذَا؟ قَالَ: «إِنَّمَا هُمَا اثْنَتَانِ، أَنْ تُقِيمُوا عَلَيَّ رَجُلَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ يَمِينِي بِاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ مَا كَتَبْتُ وَلَا أَمْلَيْتُ وَلَا عَلِمْتُ» ، وَقَالَ:«قَدْ تَعْلَمُونَ أَنَّ الْكِتَابَ يُكْتَبُ عَلَى لِسَانِ الرَّجُلِ، وَقَدْ يُنْقَشُ الْخَاتَمُ عَلَى الْخَاتَمِ» . فَقَالُوا: قَدْ وَاللَّهِ أَحَلَّ اللَّهُ دَمَكَ، وَنُقِضَ الْعَهْدُ وَالْمِيثَاقُ

ص: 1149

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي مِخْنَفٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُنْدُبٍ قَالَ: رَجَعُوا رَاضِينَ، فَلَمَّا كَانُوا بِأَيْلَةَ لَحِقَهُمْ غُلَامٌ لِعُثْمَانَ رضي الله عنه يُقَالُ لَهُ: يُحَنَّةُ

ص: 1150

، فَقَالُوا: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: غُلَامٌ لِعُثْمَانَ. قَالُوا: أَيْنَ تُرِيدُ؟ قَالَ: مِصْرَ. فَاسْتَنْزَلُوهُ فَلَمْ يَجِدُوا مَعَهُ شَيْئًا مِنْ مَتَاعِهِ، فَقَالَ كِنَانَةُ بْنُ بِشْرٍ: انْظُرُوا فِي إِدَاوَتِهِ. فَنَظَرُوا فِي الْإِدَاوَةِ فَإِذَا فِيهَا قَارُورَةٌ قَدْ شُدَّ رَأْسُهَا بِأَدَمٍ فِيهَا كِتَابٌ عَلَيْهِ خَاتَمٌ مِنْ رَصَاصٍ، فَقَرَأُوا الْكِتَابَ فَإِذَا هُوَ:«مِنْ عُثْمَانَ إِلَى ابْنِ أَبِي سَرْحٍ إِذَا قَدِمَ عَلَيْكَ أَهْلُ مِصْرَ فَاقْتُلْ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عُدَيْسٍ وَاصْلُبْهُ، وَاقْطَعْ يَدَ عُرْوَةَ بْنِ شُيَيْمٍ، وَأَبِي عَمْرِو بْنِ بُدَيْلِ بْنِ وَرْقَاءَ، وَكِنَانَةَ بْنِ بِشْرٍ» . فَأَخَذُوا الْكِتَابَ وَرَجَعُوا إِلَى الْمَدِينَةِ وَمَعَهُمْ غُلَامُ عُثْمَانَ، فَأَتَوْا عَلِيًّا فَقَالُوا: إِنَّكَ ضَمِنْتَ لَنَا ضَمَانًا وَكَتَبْتَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ هَذَا الرَّجُلِ كِتَابًا، ثُمَّ تَعَقَّبَنَا بِمَا تَرَى وَانْطَلَقَ عَلِيٌّ رضي الله عنه بِالْكِتَابِ إِلَى عُثْمَانَ، فَقَالَ عُثْمَانُ:«وَاللَّهِ مَا كَتَبْتُهُ، وَلَا أَمَرْتُ بِهِ، وَلَا عَلِمْتُهُ، وَلَا سَرَّحْتُ رَسُولِي» . قَالَ: فَمَنْ تَتَّهِمُ؟ قَالَ: مَا أُبَرِّئُ أَحَدًا، وَإِنَّ لِلنَّاسِ تَحَيُّلًا. فَقَالَتْ بَنُو أُمَيَّةَ لِعَلِيٍّ رضي الله عنه: أَنْتَ قَدْ صَنَعْتَ هَذَا بِنَا، وَأَلَّبْتَ النَّاسَ عَلَيْنَا. قَالَ: وَاللَّهِ مَا فَعَلْتُ، وَقَدْ تَرَوْنَ مَنْ يَصْنَعُهُ

ص: 1151

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِدْرِيسَ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ سَعِيدٍ مَوْلَى ابْنِ أُسَيْدٍ قَالَ: رَجَعَ الْقَوْمُ رَاضِينَ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِذِي الْحُلَيْفَةِ إِذَا رَجُلٌ عَلَى رَاحِلَةٍ لِعُثْمَانَ رضي الله عنه، فَقَالُوا: مَا جَاءَ بِهَذَا إِلَّا أَمْرٌ، فَفَتَّشُوهُ فَإِذَا كِتَابٌ إِلَى عَامِلِهِ أَنْ يَضْرِبَ أَعْنَاقَهُمْ. فَرَجَعُوا فَشَتَمُوهُ وَأَخْرَجُوا الْكِتَابَ، وَقَالُوا هَذَا كِتَابُ كَاتِبِكَ. فَقَالَ:«كَاتِبِي يَكْتُبُ مَا شَاءَ» . قَالُوا

⦗ص: 1152⦘

: فَهَذَا خَاتَمُكَ، قَالَ:«خَاتَمِي فِي يَدِ كَاتِبِي» . قَالُوا: هَذِهِ رَاحِلَتُكَ. قَالَ: «رَاحِلَتِي يَرْكَبُهَا مَنْ شَاءَ» . قَالُوا: فَهَذَا غُلَامُكَ. قَالَ: «غُلَامِي يَذْهَبُ حَيْثُ شَاءَ» . ثُمَّ قَالَ: «أَيْ قَوْمُ، ارْجِعُوا فَوَاللَّهِ مَا كَتَبْتُهَا وَلَا أَمْلَيْتُهَا» . فَقَالَ الْأَشْتَرُ: أَيْ قَوْمُ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأَسْمَعُ حَلِفَ رَجُلٍ قَدْ مُكِرَ بِهِ فِيكُمْ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: انْتَفَخَ سَحْرُكَ يَا أَشْتَرُ - أَوْ يَا مَالِكُ - قَالَ: فَأَقَامُوا حَتَّى قَتَلُوهُ

ص: 1151

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ: قَدِمَ أَهْلُ مِصْرَ عَلَى عُثْمَانَ رضي الله عنه وَقَدْ نَقَمُوا عَلَيْهِ أَشْيَاءَ فَأَعْتَبَهُمْ، فَرَجَعُوا رَاضِينَ، فَلَحِقَهُمْ غُلَامٌ لِعُثْمَانَ فِي الطَّرِيقِ، مَعَهُ كِتَابٌ إِلَى ابْنِ أَبِي سَرْحٍ يَأْمُرُهُ فِيهِ بِقَتْلِهِمْ، فَأَخَذُوهُ ، ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى الْمَدِينَةِ، وَبَلَغَ أَهْلَ مِصْرَ ، فَأَخْرَجُوا ابْنَ أَبِي سَرْحٍ مِنْ مِصْرَ ، فَأَلْحَقُوهُ بِفِلَسْطِينَ، وَبَلَغَ أَهْلَ الْكُوفَةِ رُجُوعُ أَهْلِ مِصْرَ الثَّانِيَةَ، فَخَرَجَ الْأَشْتَرُ فِي مِائَتَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ، وَبَلَغَ أَهْلَ الْبَصْرَةِ ، فَخَرَجَ حَكِيمُ بْنُ جَبَلَةَ فِي مِائَةٍ، فَتَوَافَوْا بِالْمَدِينَةِ فَحَصَرُوا عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ

ص: 1152

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ مَكْحُولٍ، قَالَ: أَصَابَ الْمِصْرِيُّونَ غُلَامًا لِعُثْمَانَ رضي الله عنه يُقَالُ لَهُ: وَرِيسٌ عَلَى جَمَلٍ لِعُثْمَانَ، فَأَخَذُوهُ وَمَعَهُ كِتَابٌ إِلَى ابْنِ أَبِي سَرْحٍ، فَاحْتَبَسُوا الْغُلَامَ وَكَتَبُوا إِلَى أَهْلِ مِصْرَ يُخْبِرُونَهُمْ أَنَّهُمْ

⦗ص: 1153⦘

يُرِيدُونَ الرَّجْعَةَ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَيَأْمُرُونَهُمْ بِإِخْرَاجِ ابْنِ أَبِي سَرْحٍ، فَأَخْرَجُوهُ إِلَى فِلَسْطِينَ. وَسَارَ الْآخَرُونَ إِلَى الْمَدِينَةِ ، فَأَتَوْا عُثْمَانَ رضي الله عنه بِالْكِتَابِ، فَحَلَفَ بِاللَّهِ مَا كَتَبَهُ وَلَا أَمَرَ بِهِ، فَلَمْ يُصَدِّقُوهُ، وَحَصَرُوهُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا

ص: 1152

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ: أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ الْقُرَشِيُّ أَمَّرَهُ عُثْمَانُ رضي الله عنه عَلَى مِصْرَ، فَخَرَجَ إِلَى عُثْمَانَ رضي الله عنه وَافِدًا حِينَ تَكَلَّمَ النَّاسُ فِي عُثْمَانَ رضي الله عنه، فَقَامَ الْخَارِجَةُ الَّذِينَ خَرَجُوا عَلَى عُثْمَانَ رضي الله عنه مِنْ أَهْلِ مِصْرَ وَابْنُ سَعْدٍ عِنْدَهُ فَكَانَ ابْنُ أَبِي حُذَيْفَةَ قَدِ انْتَزَى بِمِصْرَ بَعْدَ ابْنِ سَعْدٍ فَخَلَعَ حَلِيفَهُ ابْنَ سَعْدٍ، وَاسْتَوْلَى عَلَى مِصْرَ، فَبَعَثَ عُثْمَانُ رضي الله عنه عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَعْدٍ إِلَى مِصْرَ وَقَالَ: أَرْضِهِمْ فَإِنَّهُمْ جُنْدُكَ. فَلَمَّا بَلَغَ جِسْرَ الْقُلْزُمِ وَجَدَ بِهَا خَيْلًا لِابْنِ أَبِي حُذَيْفَةَ فَمَنَعُوهُ أَنْ يَدْخُلَ، فَقَالَ:«وَيْحَكُمْ، دَعُونِي أَدْخُلْ عَلَى جُنْدِي فَأُعْلِمُهُمْ مَا جِئْتُهُمْ بِهِ؛ فَإِنِّي قَدْ جِئْتُهُمْ بِخَيْرٍ» ، فَأَبَوْا أَنْ يَدَعُوهُ، فَقَالَ:«وَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي دَخَلْتُ عَلَيْهِمْ ، فَأَعْلَمْتُهُمْ مَا جِئْتُ بِهِ ، ثُمَّ مِتُّ» . فَانْصَرَفَ إِلَى عَسْقَلَانَ ، وَكَرِهَ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى عُثْمَانَ رضي الله عنه، وَقُتِلَ عُثْمَانُ رضي الله عنه وَهُوَ بِعَسْقَلَانَ. وَنَزَا مُعَاوِيَةُ رضي الله عنه لِأَهْلِ الشَّامِ، فَكَرِهَ ابْنُ سَعْدٍ أَنْ يُبَايِعَ مُعَاوِيَةَ وَقَالَ: مَا كُنْتُ لِأُبَايِعَ رَجُلًا أَعْرِفُ أَنَّهُ يَهْوَى قَتْلَ عُثْمَانَ رضي الله عنه. قَالَ: فَمَرِضَ ابْنُ سَعْدٍ عِنْدَ ذَلِكَ، فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الَّتِي تُوُفِّيَ فِيهَا جَعَلَ يَقُولُ لِابْنِ عَمِّهِ عِنْدَ الصُّبْحِ: يَا هِشَامُ بْنَ كِنَانَةَ، قُمْ فَانْظُرْ هَلْ أَصْبَحْنَا بَعْدُ؟ فَخَرَجَ هِشَامٌ فَنَظَرَ ، ثُمَّ رَجَعَ

ص: 1153

إِلَيْهِ فَقَالَ: لَمْ نُصْبِحْ. فَجَعَلَ ابْنُ سَعْدٍ يَقُولُ: اللَّهُمَّ اجْعَلْ خَاتِمَةَ عَمَلِي صَلَاةَ الصُّبْحِ. يَا هِشَامُ قُمْ ، فَانْظُرْ هَلْ أَصْبَحْتُ؟، فَخَرَجَ فَنَظَرَ فَقَالَ لَهُ: كَأَنِّي أَرَى الصُّبْحَ. فَصَلَّى الصُّبْحَ ، ثُمَّ مَالَ فَمَاتَ. قَالَ يَزِيدُ: كَانَ ابْنُ أَبِي حُذَيْفَةَ رُبَّمَا كَتَبَ الْكِتَابَ عَلَى لِسَانِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ مِنَ التَّحْرِيضِ عَلَى عُثْمَانَ، وَيَبْعَثُ بِهِ مَعَ الرَّجُلِ، فَيَأْتِي ذَلِكَ الرَّجُلُ بَعْدَ أَيَّامٍ وَعَلَيْهِ هَيْئَةُ السَّفَرِ، فَيَأْخُذُ ابْنُ أَبِي حُذَيْفَةَ مِنْهُ الْكِتَابَ فَيَقْرَأُهُ عَلَى النَّاسِ، فَكَانَ يُحَرِّضُ بِذَلِكَ عَلَى عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ

ص: 1154

حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حُصَيْنُ بْنُ نُمَيْرٍ أَبُو مِحْصَنٍ قَالَ: قَالَ حُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: حَدَّثَنِي جُهَيْمٌ قَالَ: بَيْنَا هُمْ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ إِذْ مَرَّ بِهِمْ رَاكِبٌ فَاتَّهَمُوهُ فَفَتَّشُوهُ فَوَجَدُوا مَعَهُ كِتَابًا فِي إِدَاوَةٍ إِلَى عَامِلِهِ: أَنْ خُذْ فُلَانًا وَفُلَانًا فَاضْرِبْ أَعْنَاقَهُمْ. فَرَجَعُوا فَبَدَأُوا بِعَلِيٍّ رضي الله عنه فَسَأَلُوهُ، فَجَاءَ مَعَهُمْ إِلَى عُثْمَانَ رضي الله عنه، فَقَالُوا: هَذَا كِتَابُكَ، وَهَذَا خَاتَمُكَ؟ قَالَ:«وَاللَّهِ مَا كَتَبْتُ، وَلَا أَمَرْتُ، وَلَا عَلِمْتُ» ، قَالُوا: فَمَنْ يَكُنْ؟ - قَالَ أَبُو مِحْصَنٍ: تَتَّهِمُ - قَالَ: «أَظُنُّ كَاتِبِي غَدَرَ، أَوْ أَظُنُّكَ بِهِ يَا عَلِيُّ» . قَالَ عَلِيٌّ: فَلِمَ تَظُنُّنِي؟ قَالَ: «لِأَنَّكَ مُطَاعٌ فِي الْقَوْمِ فَلَمْ تَرُدَّهُمْ عَنِّي» . قَالَ: فَأَتَى الْقَوْمُ وَأَلَحُّوا عَلَيْهِ حَتَّى حَصَرُوهُ

ص: 1154

حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ الْحُبَابِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ هَارُونَ بْنِ عَنْتَرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: لَمَّا كَانَ مِنْ أَمْرِ عُثْمَانَ رضي الله عنه مَا كَانَ قَدِمَ قَوْمٌ مِنْ مِصْرَ مَعَهُمْ صَحِيفَةٌ صَغِيرَةُ الطَّيِّ، فَأَتَوْا عَلِيًّا رضي الله عنه فَقَالُوا: إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَدْ غَيَّرَ وَبَدَّلَ، وَلَمْ يَسِرْ مَسِيرَةَ صَاحِبَيْهِ، وَكَتَبَ هَذَا الْكِتَابَ إِلَى عَامِلِهِ بِمِصْرَ

ص: 1154

: أَنْ خُذْ مَالَ فُلَانٍ وَاقْتُلْ فُلَانًا وَسَيِّرْ فُلَانًا، فَأَخَذَ عَلِيٌّ الصَّحِيفَةَ فَأَدْخَلَهَا عَلَى عُثْمَانَ فَقَالَ: أَتَعْرِفُ هَذَا الْكِتَابَ؟ فَقَالَ: «إِنِّي لَأَعْرِفُ الْخَاتَمَ» ، فَقَالَ: اكْسِرْهَا فَكَسَرَهَا. فَلَمَّا قَرَأَهَا قَالَ: «لَعَنَ اللَّهُ مَنْ كَتَبَهُ وَمَنْ أَمْلَاهُ» . فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ رضي الله عنه: أَتَتَّهِمُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ بَيْتِكَ؟ قَالَ: «نَعَمْ» . قَالَ: مَنْ تَتَّهِمُ؟ قَالَ: «أَنْتَ أَوَّلُ مَنْ أَتَّهِمُ» ، قَالَ: فَغَضِبَ عَلِيٌّ رضي الله عنه فَقَامَ وَقَالَ: وَاللَّهِ لَا أُعِينُكَ وَلَا أُعِينُ عَلَيْكَ حَتَّى أَلْتَقِيَ أَنَا وَأَنْتَ عِنْدَ رَبِّ الْعَالَمِينَ

ص: 1155

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْوَقَّاصِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَجَعَ أَهْلُ مِصْرَ إِلَى الْمَدِينَةِ قَبْلَ أَنْ يَصِلُوا إِلَى بِلَادِهِمْ، فَنَزَلُوا ذَا الْمَرْوَةِ فِي آخِرِ شَوَّالٍ، وَبَعَثُوا إِلَى عَلِيٍّ رضي الله عنه: أَنَّ عُثْمَانَ رضي الله عنه كَانَ أَعْتَبَنَا، ثُمَّ كَتَبَ يَأْمُرُ بِقَتْلِنَا، وَبَعَثُوا بِالْكِتَابِ إِلَى عَلِيٍّ رضي الله عنه ، فَدَخَلَ عَلِيٌّ رضي الله عنه عَلَى عُثْمَانَ رضي الله عنه بِالْكِتَابِ فَقَالَ: مَا هَذَا يَا عُثْمَانُ؟ فَقَالَ: «الْخَطُّ خَطُّ كَاتِبِي، وَالْخَاتَمُ خَاتَمِي، وَلَا وَاللَّهِ مَا أَمَرْتُ وَلَا عَلِمْتُ» . قَالَ: فَمَنْ تَتَّهِمُ قَالَ: «أَتَّهِمُكَ وَكَاتِبِي» . فَغَضِبَ عَلِيٌّ رضي الله عنه وَقَالَ: وَاللَّهِ لَا أَرُدُّ عَنْكَ أَحَدًا أَبَدًا

ص: 1155

حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ قَالَ: كَانَ الرَّكْبُ الَّذِينَ سَارُوا إِلَى عُثْمَانَ رضي الله عنه فَقَتَلُوهُ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ سِتَّمِائَةِ رَجُلٍ، وَكَانَ عَلَيْهِمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُدَيْسٍ الْبَلَوِيُّ، وَكَانَ مِمَّنْ بَايَعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَحْتَ الشَّجَرَةِ

ص: 1155

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَمْرٍو الْمَعَافِرِيِّ أَنَّهُ ، سَمِعَ أَبَا ثَوْرٍ التَّمِيمِيَّ قَالَ: قَدِمْتُ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رضي الله عنه فَبَيْنَمَا أَنَا عِنْدَهُ خَرَجْتُ ، فَإِذَا أَنَا بِوَفْدِ أَهْلِ مِصْرَ، فَرَجَعْتُ إِلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رضي الله عنه ، فَقُلْتُ: أَرَى وَفْدَ أَهْلِ مِصْرَ قَدْ رَجَعُوا، خَمْسِينَ عَلَيْهِمُ ابْنُ عُدَيْسٍ، قَالَ: كَيْفَ رَأَيْتَهُمْ؟ قُلْتُ: رَأَيْتُ قَوْمًا فِي وُجُوهِهِمُ الشَّرُّ. قَالَ: فَطَلَعَ ابْنُ عُدَيْسٍ مِنْبَرَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَخَطَبَ النَّاسَ وَصَلَّى لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ الْجُمُعَةَ، وَقَالَ فِي خُطْبَتِهِ: أَلَا إِنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ حَدَّثَنِي أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ كَذَا وَكَذَا» ، وَتَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ أَكْرَهُ ذِكْرَهَا، فَدَخَلْتُ عَلَى عُثْمَانَ رضي الله عنه وَهُوَ مَحْصُورٌ ، فَحَدَّثْتُهُ أَنَّ ابْنَ عُدَيْسٍ صَلَّى بِهِمْ. فَسَأَلَنِي مَاذَا قَالَ لَهُمْ؟ فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: «كَذَبَ وَاللَّهِ ابْنُ عُدَيْسٍ مَا سَمِعَهَا مِنَ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَلَا سَمِعَهَا ابْنُ مَسْعُودٍ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَطُّ، وَلَقَدِ اخْتَبَأْتُ عِنْدَ رَبِّي عَشْرًا، فَلَوْلَا مَا ذَكَرَ مَا ذَكَرْتُ، إِنِّي لَرَابِعُ أَرْبَعَةٍ فِي الْإِسْلَامِ، وَجَهَّزْتُ جَيْشَ الْعُسْرَةِ، وَلَقَدِ ائْتَمَنِّي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى ابْنَتِهِ، ثُمَّ تُوُفِّيَتْ فَأَنْكَحَنِي الْأُخْرَى، وَاللَّهِ مَا زَنَيْتُ، وَلَا سَرَقْتُ فِي جَاهِلِيَّةٍ وَلَا إِسْلَامٍ وَلَا تَغَنَّيْتُ، وَلَا تَمَنَّيْتُ، وَلَا

⦗ص: 1157⦘

مَسَسْتُ بِيَمِينِي فَرْجِي مُذْ بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَقَدْ جَمَعْتُ الْقُرْآنَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَا مَرَّتْ بِي جُمُعَةٌ إِلَّا وَأَنَا أُعْتِقُ رَقَبَةً مُذْ أَسْلَمْتُ، إِلَّا أَنْ لَا أَجِدَ فِي تِلْكَ الْجُمُعَةِ، ثُمَّ أُعْتِقُ لِتِلْكَ الْجُمُعَةِ بَعْدُ»

ص: 1156

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَأَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ قَالَا: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ سُمَيْعٍ الْقُرَشِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: هَلْ أَنْتَ مُخْبِرِي كَيْفَ كَانَ قَتْلُ عُثْمَانَ رضي الله عنه؟ وَمَا كَانَ شَأْنُ النَّاسِ وَشَأْنُهُ؟ وَلِمَ خَذَلَهُ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: قُتِلَ عُثْمَانُ رضي الله عنه مَظْلُومًا، وَمَنْ قَتَلَهُ كَانَ ظَالِمًا، وَمَنْ خَذَلَهُ كَانَ مَعْذُورًا. قَالَ: قُلْتُ: وَكَيْفَ كَانَ ذَلِكَ؟ قَالَ: إِنَّ عُثْمَانَ رضي الله عنه لَمَّا وَلِيَ كَرِهَ وَلَايَتَهُ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؛ لِأَنَّ عُثْمَانَ رضي الله عنه يُحِبُّ قَوْمَهُ، فَوَلِيَ النَّاسَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ حِجَّةً، وَكَانَ كَثِيرًا مِمَّا يُوَلِّي بَنِي أُمَيَّةَ مِمَّنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صُحْبَةٌ، فَكَانَ يَجِيءُ مِنْ أُمَرَائِهِ مَا يَكْرَهُ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَكَانَ يُسْتَعْتَبُ مِنْهُمْ فَلَا يَعْزِلُهُمْ، فَلَمَّا كَانَ فِي السِّتِّ حِجَجٍ الْأَوَاخِرِ اسْتَأْثَرَ بَنِي عَمِّهِ فَوَلَّاهُمْ، وَأَشْرَكَ مَعَهُمْ، وَأَمَرَهُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ، وَلَّى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي سَرْحٍ مِصْرَ، فَمَكَثَ عَلَيْهَا سِنِينَ، فَجَاءَ أَهْلُ

ص: 1157

مِصْرَ يَشْكُونَهُ وَيَتَظَلَّمُونَ مِنْهُ. وَقَدْ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ عُثْمَانَ رضي الله عنه هَنَّاتٌ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَأَبِي ذَرٍّ، وَعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، فَكَانَتْ هُذَيْلٌ وَبَنُو زُهْرَةَ فِي قُلُوبِهِمْ مَا فِيهَا لِمَكَانِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَكَانَتْ بَنُو غِفَارٍ وَأَحْلَافُهَا وَمَنْ غَضِبَ لِأَبِي ذَرٍّ فِي قُلُوبِهِمْ مَا فِيهَا، وَكَانَتْ بَنُو مَخْزُومٍ قَدْ حَنَقَتْ عَلَى عُثْمَانَ رضي الله عنه لِمَكَانِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ وَجَاءَ أَهْلُ مِصْرَ يَشْكُونَ ابْنَ أَبِي سَرْحٍ فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُثْمَانُ رضي الله عنه كِتَابًا يَتَهَدَّدُ فِيهِ، فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَ مَا نَهَاهُ عَنْهُ عُثْمَانُ رضي الله عنه وَضَرَبَ بَعْضَ مَنْ أَتَاهُ مِنْ قِبَلِ عُثْمَانَ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ يَتَظَلَّمُ مِنْهُ فَقَتَلَهُ، فَخَرَجَ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ سَبْعُمِائَةٍ إِلَى الْمَدِينَةِ فَنَزَلُوا الْمَسْجِدَ، وَشَكَوْا إِلَى أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ مَا صَنَعَ ابْنُ سَرْحٍ بِهِمْ، فَقَامَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ فَكَلَّمَ عُثْمَانَ رضي الله عنه بِكَلَامٍ شَدِيدٍ، وَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ عَائِشَةُ فَقَالَتْ: قَدْ تَقَدَّمَ إِلَيْكَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ وَسَأَلُوكَ عَزْلَ هَذَا الرَّجُلِ، فَأَبَيْتَ إِلَّا وَاحِدَةً، فَهَذَا قَدْ قَتَلَ مِنْهُمْ رَجُلًا فَاقْضِهِمْ مِنْ عَامِلِكَ. وَدَخَلَ عَلَيْهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه وَكَانَ مُتَكَلِّمَ الْقَوْمِ - فَقَالَ: إِنَّمَا سَأَلُوكَ رَجُلًا مَكَانَ رَجُلٍ، وَقَدِ ادَّعَوْا قِبَلَهُ دَمًا، فَاعْزِلْ عَنْهُمْ وَاقْضِ بَيْنَهُمْ، وَإِنْ وَجَبَ عَلَيْهِ حَقٌّ فَأَنْصِفْهُمْ مِنْهُ. فَقَالَ لَهُمْ: اخْتَارُوا رَجُلًا أُوَلِّيهِ عَلَيْكُمْ مَكَانَهُ. فَأَشَارَ النَّاسُ عَلَيْهِمْ بِمُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، فَقَالُوا: اسْتَعْمِلْ عَلَيْنَا مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ. فَكَتَبَ عَهْدَهُ

ص: 1158

وَوَلَّاهُ، وَخَرَجَ مَعَهُ عِدَّةٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ يَنْظُرُونَ فِيمَا بَيْنَ أَهْلِ مِصْرَ وَبَيْنَ ابْنِ أَبِي سَرْحٍ، فَخَرَجَ مُحَمَّدٌ وَمَنْ كَانَ مَعَهُ، فَلَمَّا كَانُوا عَلَى مَسِيرَةِ ثَلَاثِ لَيَالٍ مِنَ الْمَدِينَةِ إِذَا هُمْ بِغُلَامٍ أَسْوَدَ عَلَى بَعِيرٍ يَخْبِطُ خَبْطًا كَأَنَّهُ رَجُلٌ يَطْلُبُ أَوْ يُطْلَبُ، فَقَالَ لَهُ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ: مَا قِصَّتُكَ وَمَا شَأْنُكَ؟ كَأَنَّكَ هَارِبٌ أَوْ طَالِبٌ؟ فَقَالَ: أَنَا غُلَامُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَجَّهَنِي إِلَى عَامِلِ مِصْرَ. قَالَ لَهُ رَجُلٌ: هَذَا عَامِلُ مِصْرَ مَعَنَا. قَالَ: لَيْسَ هَذَا أُرِيدُ. وَأَخْبَرُوا بِأَمْرِهِ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ، فَبَعَثَ فِي طَلَبِهِ رِجَالًا، فَأَخَذُوهُ فَجَاءُوا بِهِ إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ: يَا غُلَامُ مَنْ أَنْتَ؟ فَأَقْبَلَ مَرَّةً يَقُولُ: غُلَامُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَمَرَّةً يَقُولُ: غُلَامُ مَرْوَانَ، حَتَّى عَرَفَهُ رَجُلٌ أَنَّهُ لِعُثْمَانَ، فَقَالَ لَهُ مُحَمَّدٌ: إِلَى مَنْ أُرْسِلْتَ؟ قَالَ: إِلَى عَامِلِ مِصْرَ. قَالَ: بِمَاذَا؟ قَالَ: بِرِسَالَةٍ. قَالَ: أَمَعَكَ كِتَابٌ؟ قَالَ: لَا، فَفَتَّشُوهُ فَلَمْ يَجِدُوا مَعَهُ كِتَابًا، وَكَانَتْ مَعَهُ إِدَاوَةٌ قَدْ يَبِسَتْ، فِيهَا شَيْءٌ يَتَقَلْقَلُ، فَحَرَّكُوهُ لِيَخْرُجْ فَلَمْ يَخْرُجْ، فَشَقُّوا الْإِدَاوَةَ فَإِذَا فِيهَا كِتَابٌ مِنْ عُثْمَانَ إِلَى ابْنِ أَبِي سَرْحٍ، فَجَمَعَ مُحَمَّدٌ مَنْ كَانَ مَعَهُ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَغَيْرِهِمْ، ثُمَّ فَكَّ الْكِتَابَ بِمَحْضَرٍ مِنْهُمْ فَإِذَا فِيهِ: إِذَا أَتَاكَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ فَاحْتَلْ لِقَتْلِهِمْ، وَأَبْطِلْ كِتَابَهُ، وَقَرَّ عَلَى عَمَلِكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ رَأْيٌ فِي ذَلِكَ، وَاحْبِسْ مَنْ يَجِيءُ إِلَيَّ يَتَظَلَّمُ مِنْكَ، لِيَأْتِيكَ رَأْيٌ فِي ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. قَالَ: فَلَمَّا قَرَأُوا الْكِتَابَ فَزِعُوا وَرَجَعُوا إِلَى الْمَدِينَةِ، وَخَتَمَ مُحَمَّدٌ الْكِتَابَ بَخَوَاتِيمِ نَفَرٍ كَانُوا مَعَهُ، وَدَفَعَ الْكِتَابَ إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ، فَجَمَعُوا طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرَ وَعَلِيًّا وَسَعْدًا وَمَنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ فَكُّوا الْكِتَابَ بِمَحْضَرٍ

ص: 1159

مِنْهُمْ، وَأَخْبَرُوهُمْ بِقِصَّةِ الْغُلَامِ، وَأَقْرَأُوهُمُ الْكِتَابَ، فَلَمْ يَبْقَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ إِلَّا حَنَقَ عَلَى عُثْمَانَ، وَزَادَ ذَلِكَ مَنْ كَانَ غَضِبَ لِابْنِ مَسْعُودٍ وَأَبِي ذَرٍّ وَعَمَّارٍ حَنَقًا وَغَيْظًا، وَقَالَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ فَلَحِقُوا بِمَنَازِلِهِمْ، وَحَاصَرَ النَّاسُ عُثْمَانَ، وَأَجْلَبَ عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ بِبَنِي تَمِيمٍ وَغَيْرِهِمْ، وَأَعَانَهُ عَلَى ذَلِكَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَكَانَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها تُقَبِّحُهُ كَثِيرًا. فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ عَلِيٌّ بَعَثَ إِلَى طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ وَسَعْدٍ وَعَمَّارٍ وَنَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كُلُّهُمْ بَدْرِيٌّ، ثُمَّ دَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ رضي الله عنه وَمَعَهُ الْكِتَابُ وَالْبَعِيرُ وَالْغُلَامُ، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: هَذَا الْغُلَامُ غُلَامُكَ؟ قَالَ: «نَعَمْ» . قَالَ: فَالْبَعِيرُ بَعِيرُكَ؟ قَالَ: «نَعَمْ» . قَالَ: وَأَنْتَ كَتَبْتَ هَذَا الْكِتَابَ؟ قَالَ: «لَا» ، وَحَلَفَ بِاللَّهِ مَا كَتَبْتُ هَذَا الْكِتَابَ وَلَا أَمَرْتُ بِهِ. قَالَ لَهُ عَلِيٌّ رضي الله عنه: فَالْخَاتَمُ خَاتَمُكَ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ رضي الله عنه: كَيْفَ يَخْرُجُ غُلَامُكَ عَلَى بَعِيرِكَ بِكِتَابٍ عَلَيْهِ خَاتَمُكَ لَا تَعْلَمُهُ؟ فَحَلَفَ بِاللَّهِ: «مَا كَتَبْتُ هَذَا الْكِتَابَ، وَلَا أَمَرْتُ بِهِ، وَلَا وَجَّهْتُ هَذَا الْغُلَامَ إِلَى مِصْرَ» . فَأَمَّا الْخَطُّ فَعَرَفُوا أَنَّهُ خَطُّ مَرْوَانَ، وَشَكُّوا فِي أَمْرِ عُثْمَانَ رضي الله عنه، وَسَأَلُوهُ أَنْ يَدْفَعَ إِلَيْهِمْ مَرْوَانَ فَأَبَى - وَكَانَ مَرْوَانُ عِنْدَهُ فِي الدَّارِ - فَخَرَجَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم مِنْ عِنْدِهِ غِضَابًا، وَشَكُّوا فِي أَمْرِهِ، وَعَلِمُوا أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ بِبَاطِلٍ إِلَّا أَنَّ قَوْمًا قَالُوا: لَا يَبْرَأُ عُثْمَانُ مِنْ قُلُوبِنَا إِلَّا أَنْ يَدْفَعَ إِلَيْنَا مَرْوَانَ حَتَّى نُثْخِنَهُ، وَنَعْرِفَ حَالَ الْكِتَابِ، فَكَيْفَ يُؤْمَرُ بِقَتْلِ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم بِغَيْرِ حَقٍّ؟ فَإِنْ يَكُنْ عُثْمَانُ كَتَبَهُ عَزَلْنَاهُ

ص: 1160

، وَإِنْ يَكُنْ مَرْوَانُ كَتَبَهُ عَلَى لِسَانِ عُثْمَانَ نَظَرْنَا مَا يَكُونُ مِنَّا فِي أَمْرِ مَرْوَانَ، وَلَزِمُوا بُيُوتَهُمْ، وَأَبِي عُثْمَانُ أَنْ يُخْرِجَ إِلَيْهِمْ مَرْوَانَ، وَخَشِيَ عَلَيْهِ الْقَتْلَ، وَحَاصَرَ النَّاسُ عُثْمَانَ وَمَنَعُوهُ الْمَاءَ

ص: 1161

حَدَّثَنَا حَيَّانُ بْنُ بِشْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ، عَنِ الْمُغِيرَةِ قَالَ: لَمَّا رَجَعَ أَهْلُ مِصْرَ عَنْ عُثْمَانَ رضي الله عنه رَأَوْا رَاكِبًا يُعَارِضُ الطَّرِيقَ فَارْتَابُوا، فَأَخَذُوهُ فَفَتَّشُوهُ فَلَمْ يَجِدُوا شَيْئًا، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ: لَعَلَّ حَاجَتَكُمْ فِي الشَّنَّةِ، فَنَظَرُوا فَإِذَا كِتَابٌ إِلَى ابْنِ أَبِي سَرْحٍ فِيهِ: إِذَا قَدِمَ عَلَيْكَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ فَاضْرِبْ أَعْنَاقَهُمْ. فَرَجَعُوا فَقَالُوا: هَذَا خَاتَمُكَ عَلَى هَذَا الْكِتَابِ، أَفَهَذَا مِنَ التَّوْبَةِ؟ قَالَ:«مَا كَتَبْتُهُ وَلَا أَمَرْتُ بِهِ، وَحَلَفَ» . قَالُوا: خَاتَمُكَ عَلَيْهِ، قَالَ:«خَاتَمِي مَعَ فُلَانٍ مَرْوَانَ أَوْ حُمْرَانَ -» قَالُوا: فَإِنَّا نَتَّهِمُكَ فَاخْرُجْ عَنِ الْوِلَايَةِ حَتَّى نُوَلِّيَ غَيْرَكَ. قَالَ: «أَمَّا الْمَالُ فَوَلُّوهُ مَنْ شِئْتُمْ، وَأَمَّا الصَّلَاةُ فَمَا كُنْتُ لِأَخْلَعَ سِرْبَالًا أَلْبَسَنِيهِ اللَّهُ» . قَالُوا: لَا يَسْتَقِيمُ أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ عَلَى الصَّلَاةِ وَآخَرُ عَلَى الْمَالِ، فَحَصَرُوهُ حَتَّى قَتَلُوهُ

ص: 1161

حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ شَيْبَةَ بْنِ عُبَيْدَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: كَتَبَ عُثْمَانُ رضي الله عنه فِي الْأَمْصَارِ حِينَ أَرَادُوا قَتْلَهُ يُذَكِّرُهُمُ اللَّهَ، وَيُخْبِرُهُمْ أَنَّهُ عَرَضَ عَلَيْهِمْ كِتَابَ اللَّهِ، وَسُنَّةَ نَبِيِّهِ، وَأَنَّهُمْ رَدُّوا ذَلِكَ عَلَيْهِ، فَقَالَ:«طَالَ عَلَيْهِمْ أَجَلِي فَاسْتَعْجَلُوا الْقَدَرَ»

ص: 1161

حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى قَالَ

⦗ص: 1162⦘

: أَنْبَأَنَا جَامِعُ بْنُ صُبَيْحٍ أَبُو سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ قَالَ: لَمَّا حُصِرَ عُثْمَانُ رضي الله عنه فِي دَارِهِ، وَتَخَوَّفُوا عَلَيْهِ كَتَبَ إِلَى النَّاسِ بِكِتَابٍ يَعْتَذِرُ فِيهِ بِعُذْرِهِ: " بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عُثْمَانَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ، سَلَامٌ عَلَيْكُمْ، فَإِنِّي أَحْمَدُ اللَّهَ إِلَيْكُمُ، اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ. أَمَّا بَعْدُ: فَإِنِّي أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ الَّذِي أَنْعَمَ عَلَيْكُمْ وَعَلَّمَكُمُ الْإِسْلَامَ وَهَدَاكُمْ مِنَ الضَّلَالَةِ وَأَنْقَذَكُمْ مِنَ الْكُفْرِ، وَأَرَاكُمُ الْبَيِّنَاتِ، وَوَسَّعَ عَلَيْكُمْ مِنَ الرِّزْقِ، وَنَصَرَكُمْ عَلَى الْعَدُوِّ، وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ، فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ، وَقَوْلُهُ الْحَقُّ:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 102] إِلَى قَوْلِهِ: {أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [آل عمران: 105] وَقَالَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} [المائدة: 6] إِلَى قَوْلِهِ: {اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا} [المائدة: 7] . وَقَالَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ} [الحجرات: 6] إِلَى قَوْلِهِ: {فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [الحجرات: 8] وَقَالَ: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [آل عمران: 77] وَقَالَ: {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ

⦗ص: 1163⦘

اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} [الفتح: 10] أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ اللَّهَ رَضِيَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالطَّاعَةَ، وَجَنَّبَكُمُ الْفُرْقَةَ وَالْمَعْصِيَةَ وَالِاخْتِلَافَ، وَنَبَّأَكُمْ أَنْ قَدْ فَعَلَهُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ، وَتَقَدَّمَ إِلَيْكُمْ فِيهِ لِيَكُونَ لَهُ الْحُجَّةُ عَلَيْكُمْ إِنْ عَصَيْتُمُوهُ، فَاقْبَلُوا نَصِيحَةَ اللَّهِ، وَاحْذَرُوا عَذَابَهُ، فَإِنَّكُمْ لَنْ تَجِدُوا أُمَّةً هَلَكَتْ إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ تَخْتَلِفَ، وَلَا يَكُونُ لَهَا رَأْسٌ يَجْمَعُهَا، وَمَتَى تَفْعَلُوا ذَلِكَ لَا تَقُمُ الصَّلَاةُ جَمِيعًا وَيُسَلَّطُ عَلَيْكُمْ عَدُوُّكُمْ، وَيَسْتَحِلُّ بَعْضُكُمْ حُرَمَ بَعْضٍ، وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ لَا يَقُمُ دِينُهُ وَتَكُونُوا شِيَعًا، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ لِرَسُولِهِ، وَقَوْلُهُ الْحَقُّ:{إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} [الأنعام: 159] إِنِّي أُوصِيكُمْ بِمَا أَوْصَاكُمُ اللَّهُ، وَأُحَذِّرُكُمْ عَذَابَهُ، فَإِنَّ شُعَيْبًا قَالَ لِقَوْمِهِ:{يَا قَوْمِ لَا يَجْرِمَنَّكُمُ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ} [هود: 90]" وَكَتَبَ كِتَابًا آخَرَ: " بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَقْوَامًا مِمَّنْ كَانَ يَقُولُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: أَظْهِرُوا لِلنَّاسِ إِنَّمَا تَدْعُونَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ وَالْحَقِّ، وَلَا تُرِيدُونَ الدُّنْيَا وَلَا مُنَازَعَةً فِيهَا، فَلَمَّا عُرِضَ عَلَيْهِمُ الْحَقُّ إِذَا النَّاسُ فِي ذَلِكَ شَتَّى، مِنْهُمْ آخِذٌ لِلْحَقِّ وَنَازِعٌ عَنْهُ حِينَ يُعْطَاهُ، وَمِنْهُمْ تَارِكٌ لِلْحَقِّ رَغْبَةً فِي الْأَمْرِ

⦗ص: 1164⦘

يُرِيدُ أَنْ يَنْتَزُوهُ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَطَالَ عَلَيْهِمْ عُمُرِي، وَرَاثَ عَلَيْهِمْ أَمَلُهُمْ فِيَّ، فَاسْتَعْجَلُوهُ الْقَدَرَ، وَقَدْ كَانُوا كَتَبُوا إِلَيْكُمْ أَنَّهُمْ قَدْ رَضُوا بِالَّذِي أَعْطَيْتُهُمْ، وَلَا أَعْلَمُ أَنِّي تَرَكْتُ مِنَ الَّذِي عَاهَدْتُ لَهُمْ عَلَيْهِمْ شَيْئًا، وَكَانُوا زَعَمُوا يَطْلُبُونَ الْحُدُودَ، فَقُلْتُ: أَقِيمُوا عَلَى مَنْ عَلِمْتُمْ مِنْ قَرِيبٍ أَوْ بَعِيدٍ. وَقَالُوا: كِتَابُ اللَّهِ يُتْلَى، فَقُلْتُ: لَيَتْلُهُ مَنْ تَلَاهُ غَيْرَ غَالٍّ فِيهِ. وَقَالُوا: الْمَحْرُومُ يُرْزَقُ، وَالْمَالُ يُوَفَّرُ، وَتُسْتَنُّ السُّنَّةُ الْحَسَنَةُ، وَلَا تَتَعَدَّ إِلَى الْخُمُسِ وَالصَّدَقَةِ، وَيُؤَمَّرُ ذَوُو الْقُوَّةِ وَالْأَمَانَةِ، وَتُرَدُّ مَظَالِمُ النَّاسِ إِلَى أَهْلِهَا، فَرَضِيتُ بِذَلِكَ، فَقُلْتُ: فَمَا تَأْمُرُونَ؟ قَالُوا: تُؤَمِّرْ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ وَيَقَرُّ جُنْدُهُ الرَّاضُونَ، وَأْمُرْهُ فَلْيُصْلِحْ أَرْضَهُ، فَكُلُّ ذَلِكَ فَعَلْتُ، وَإِنَّهُ لَمْ يُرْضِهِمْ ذَلِكَ فَمَنَعُونِيَ الصَّلَاةَ، وَحَالُوا بَيْنِي وَبَيْنَ الْمَسْجِدِ، وَانْتَزَوْا مَا قَدَرُوا عَلَيْهِ بِالْمَدِينَةِ، وَهُمْ يُخَيِّرُونَنِي بَيْنَ إِحْدَى ثَلَاثٍ: إِمَّا أَنْ يُقِيدُونِي بِكُلِّ رَجُلٍ أُصِيبَ خَطَأً أَوْ عَمْدًا، أُخِذْتُ بِهِ غَيْرَ مَتْرُوكٍ لِي مِنْهُ شَيْءٌ، وَإِمَّا أَنْ أَفْتَدِيَ فَأَعْتَزِلَ وَيُؤَمِّرُوا آخَرَ، وَإِمَّا أَنْ يُرْسِلُوا إِلَى مَنْ أَطَاعَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْجُنُودِ وَأَهْلِ الْمَدِينَةِ فَيَتَبَرَّأُونَ مِنَ الَّذِي جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ. فَقُلْتُ لَهُمْ: أَمَّا إِقَادَةُ نَفْسِي فَقَدْ كَانَ قَبْلِي خُلَفَاءُ، وَمَنْ يَتَوَلَّ السُّلْطَانَ يُخْطِئُ وَيُصِيبُ فَلَمْ يُسْتَقَدْ مِنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ، وَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّهُمْ يُرِيدُونَ بِذَلِكَ نَفْسِي، وَأَمَّا أَنْ أَتَبَرَّأَ مِنَ الْأَمْرِ فَإِنْ يَصْلُبُونِي أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَتَبَرَّأَ مِنْ جُنْدِ

⦗ص: 1165⦘

اللَّهِ وَخِلَافَتِهِ. وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: أَنْ يُرْسِلُوا إِلَى أُمَرَاءِ الْأَجْنَادِ وَأَهْلِ الْمَدِينَةِ فَيَتَبَرَّأُونَ مِنْ طَاعَتِي فَلَسْتُ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ، وَلَمْ أَكُنِ اسْتَكْرَهْتُهُمْ مِنْ قَبْلُ عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، وَلَكِنْ أَتَوْهَا طَائِعِينَ يَبْتَغُونَ مَرْضَاةَ اللَّهِ وَصَلَاحَ الْأُمَّةِ، وَمَنْ يَكُنْ مِنْهُمْ يَبْتَغِ الدُّنْيَا فَلَيْسَ يَنَالُ مِنْهَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ، وَمَنْ يَكُنْ إِنَّمَا يُرِيدُ وَجْهَ اللَّهِ وَالدَّارَ الْآخِرَةِ وَصَلَاحَ الْأُمَّةِ وَابْتِغَاءَ السُّنَّةِ الْحُسْنَى الَّتِي اسْتَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالْخَلِيفَتَانِ مِنْ بَعْدِهِ فَإِنَّمَا يَجْزِي بِذَلِكَ اللَّهُ، فَاتَّقُوا اللَّهَ فَمَنْ يَرْضَى بَالنُّكْثِ مِنْكُمْ فَإِنِّي لَا أَرْضَى لَكُمْ أَنْ تَنْكُثُوا عَهْدًا، وَأَمَّا الَّذِي تُخَيِّرُونِي فَإِنَّمَا هُوَ النَّزْعُ وَالتَّأْمِيرُ فمَلَكْتُ نَفْسِي وَمَنْ مَعِي فَنَظَرْتُ حُكْمَ اللَّهِ وَتَغْيِيرَ النِّعْمَةِ مِنَ اللَّهِ، وَكَرِهْتُ أَلْسِنَةَ السُّوءِ، وَشِقَاقَ الْأُمَّةِ وَسَفْكَ الدِّمَاءِ، وَإِنِّي أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ وَالْإِسْلَامَ أَلَّا تَأْخُذُوا إِلَّا الْحَقَّ وَتَعَاطَوْهُ مِنِّي، وَيُرَدُّ الْفَيْءُ عَلَى أَهْلِهِ، فَخُذُوا مَا بَيْنَنَا بِالْعَدْلِ كَمَا أَمَرَكُمُ اللَّهُ، فَإِنِّي أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِي عَقَدَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْعَهْدِ وَالْمُؤَازَرَةِ فِي أَمْرِ اللَّهِ، فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ وَقَوْلُهُ الْحَقُّ:{وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا} وَإِنَّ هَذِهِ مَعْذِرَةٌ إِلَى اللَّهِ وَإِلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ، أَمَّا بَعْدُ: فَإِنِّي لَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ، فَإِنِّي عَاقَبْتُ أَقْوَامًا - وَمَا أَبْتَغِي بِذَلِكَ إِلَّا الْخَيْرَ - فَإِنِّي أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مِنْ كُلِّ عَمَلٍ عَمِلْتُهُ، وَأَسْتَغْفِرُهُ إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَإِنَّ رَحْمَةَ رَبِّي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ، إِنَّهُ لَا يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونِ، وَإِنَّهُ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ مِنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ، وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ، وَإِنِّي أَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يَغْفِرَ لِي وَلَكُمْ

⦗ص: 1166⦘

، وَأَنْ يُؤَلِّفَ هَذِهِ الْأُمَّةَ عَلَى الْخَيْرِ، وَيُكَرِّهَ إِلَيْهَا الشَّرَّ، وَالسَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُسْلِمُونَ "

ص: 1161