الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لأجل العمارات. من معاملة ذؤال وادي نبع ووادي ربمان ووادي عرم ووادي جباية والمداواة وفي وادي زبيد سخمل والفائشي وغابة شجره الإسحل والسيسان وبطحوات اليمن وادي نخلة خلاف وادي مكو وواسط، وفي أودية الشام ووادي الكدراء ووادي سردد ووادي مور وجميع هذه الأودية يقطع منه الخشب لأجل العمارة. وإلى فشال أربع فراسخ، ويعد سبعة تلول رمل وسبعة أودية. وأما فشال ففيه نحو ثمان مائة قرية ما يزرع أهلها إلا على المطر الدخن والذرة. وزرع الشيخ محمد بن معبد بها الحنطة والشعير وطلع سنة ثلاث وعشرين وستمائة وزرع أولاد أخيه العجل ومعبد الأرز فلما زرع بها وأحصد قلعه القوم من الأصول سنة أربع وعشرون وستمائة. وإلى وادي رمع نصف فرسخ، وهو وادٍ عظيم. وقد ذكر في الكتب: لا يزال السيل يأكل في الوادي إلى أن يصل الأكل إلى الخيف جبل ببرع فإذا وصله ظهر على القوم كنز ذهباً يستغني منه جميع أهل اليمن. وإلى قوفص نصف فرسخ، ويسمى وادي العرق وبه قتل الملك المسعود إسماعيل بن طغتكين بن أيوب. وإلى زبيد أربع فراسخ والله اعلم بالصواب. على ذروة جبل عالٍ مشرف على تهامة فكان يقعد في القصر وبنظر الأرض تحته شبه زمردة خضراء مع جري السواقي والأنهار. لأنه كان يقال: بها ستمائة ألف عين وقيل ستين ألف عين وقيل ستة آلاف عين والأصح ستمائة عين ويقال ستين عيناً سائحة على وجه الأرض كلها عذب فرات فمن نداوة الأرض رجعت الأرض مخضرة دائما ذات رياض وأشجار ووحش. فبقي الحمى على حاله إلى أن وقعت الحرب بين القوم أربعين خريفا والقصة مشهورة ولا حاجة إلى ذكرها. فجاء ملك بعد القوم ردم الأعين وسدد أعيتها ولا شك أنه معن بن زائدة الشيباني. على صحة مقالتها أن الحجريين الطاحونين الملقين على باب غلافة من زبيد كانت تدور على تلك المياه والأعين، وكان بها وخم من كثرة نداوة الأرض والمياه وكل أرض تكون على هذه الصفة تكون وخمة من كل بد. حدثني جعفر بن عبد الملك بن عبد الله ابن يونس الخزرجي الجرجاني قال: قدمت اليمن في دولة سيف الإسلام طغتكين بن أيوب وكنا نستقي الماء من الآبار بأيدينا ونشرب. فغار الماء في زماننا هذا سنة خمس وعشرين وستمائة إلى أن بلغ غمق البئر خمس عشرة قامة فزال الوخم وأعتدل الماء والهواء، والآبار التي في سكة المدينة طولها ستة عشر قامة وما حول البلد أثنى عشر قامة تزيد لا تنقص. وإما حدود حمى كليب ومهلهل فكان من الحجف إلى انف قونص إلى رأس رمع، وجميع جواز زبيد وأوديتها إلى حد النوبتين وقوارير طولاً في عرض مثله. فلما سدد الأعين وقل الماء طلع في الخبث شجر الأراك والطرفاء إلى أن رجعت عقدة عظيمة.
بناء زبيد
حدثني عبد الرحمن بن أحمد بن الراحي قال: كان في أرض زبيد عقدة طرفاء وأراك وكان حول العقدة قصور وقرى جماعة إحداها المتانة والنفير من غربي البلد مدينتين عظيمتين ومن جملة عظمهما أنه كان يخرج منهما في كل ليلة جمعة وخميس خمسمائة رقيص لزيارة الصالحين. وجنيجر شرقي البلد بناه دقيانوس. وواسط ما بين الغرب واليمن فكان يخرج من هذه البلد كل يوم ستمائة فارس يتلاقون في أرض زبيد التي هي الآن عامرة فبقوا على حالهم زمانا طويلا إلى أن مل بعضهم بعضا. وخرج مشايخ القوم إلى العراق في دولة الإمام أمير المؤمنين الأمين بن هارون الرشيد وعرفوه حالهم وخبرهم وقالوا له: نحن قوم من الأشاعر وجميعنا بنو عم ويجري بيننا قتال. فقال الأمين: من منكم الكبير؟ فأشاروا إلى رجل. قال: ومن بعده؟ فأشاروا إلى آخر. ولا زال يسألهم ويخبروه حتى عدد القوم خمسة جماعة. فولى الشيخ الكبير عليهم وقال للحاضرين: إذا مات هذا فيتولى من بعده الثاني وإذا تولى الثاني ثم مات فيتولى الثالث وإذا مات فلتولى الرابع فإذا مات الرابع فليتولى الخامس، وعقد للشيخ على أصحابه وبني عمه. وخرج القوم من مدين السلام بغداد راجعين فمات الشيخ الذي عقد له الأمين البيعة وتولى بعده الثاني فمات ثم تولى الثالث فمات فتولى الرابع فلما قرب من البلد مات الرابع فأبى الخامس أن يتولى فعزل نفسه خوفا من الموت فولاها رجلا من بني عمه، فلما دخل البلاد جباها وأنفذ بمال من خرج البلد إلى مدينة السلام. فلما كان ما كان من قصة الأمين وقتله وتولي المأمون الخلافة عصى الرجل المتولي في اليمن وتغلب على البلاد وقطعها وصار يرفع الدخل إلى خزانته. فلما كان سنة تسع وتسعين ومائة أتى إلى المأمون بقوم فيهم رجل من ولد عبيد الله بن زياد فانتسب أحدهم فقال اسمه محمد بن فلان بن عبيد الله ابن زياد إلى عبيد الله بن زياد وانتسب منهم رجل إلى سليمان بن هشام ابن عبد الملك، ومن هذا الرجل الوزير جلف بن أبي الطاهر وزير جياش ابن نجاح. فقال المأمون لهذا الأموي: إنّ الإمام أبو جعفر المنصور عبد الله ابن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس ضرب عنق سليمان بن هشام وولديه في يوم واحد. فقال الأموي: أنا من ولده الأصغر سليمان ومنا قوم بالبصرة. وأنتسب رجل إلى تغلب واسمه محمد بن هارون فبكى المأمون وقال: أني لي بمحمد بن هارون؟ يعني وافق اسمه اسم أخيه محمد الأمين بن هارون الرشيد. فقال المأمون: أما الأمويان فيقتلان وأما التغلبي فيعفى عنه رعاية لاسمه واسم أبيه. قال ابن زياد: وما أكذب الناس يا أمير المؤمنين يزعمون أنك حليم كثير العفو متورع عن سفك الدماء بغير حق، فإن كنت تقتلنا بذنب فلم ننزع يداً من الطاعة ولم نفارق في بيعتك رأي الجماعة، وإن كنت تقتلنا يا أمير المؤمنين بجنايات بني أمية فيكم فالله تعالى يقول (ولا تزرُ وازرةٌ وزرَ أُخرى.) فاحتسب المأمون كلامه فعفى عنهم جميعا وكانوا اكثر من مائة رجل. ثم أضافهم إلى أبي العباس الفضل بن سهيل ذي الرئاستين ويقال إلى أخيه الحسن بن سهل.