الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فيقال لك هنا: يراد منك أن تتفكر بقبيح صُنعك وسيء عملك بقليل تفكّر ويسير تدبّر في الأمثلة التالية:
المثال الأول: منع المرأة شعر اللحية:
أليس الذي خلق لك شعر اللحية هو الذي منعها المرأة!، وبما أن الأمر كذلك فلك أن تتصور امرأة بلحية، فهل يستحسن ذلك أحد؟!، ستقول: بل لا أحد إلا ويستقبح ذلك ويراها مُثْلًة وتشويهاً؛ وبما أن الأمر كذلك فالخالق الحكيم سبحانه هو الذي فعل هذا، وقد أخبر عز وجل أن أفعاله تجري على مقتضى إحسان خَلْقه وإتقانه، وتأمل قوله سبحانه في الآيات المتقدمة "أحسن" و"أتقن".
فإذا حصل تغيير الخِلْقة بحلق اللحية، فهل يحصل بذلك جمال وكمال وتحسين لصورة الإنسان؟!.
فإن قلت: نعم؛ قيل لك: هذا نوع اعتراض على الخالق سبحانه واستدراك عليه، وطعن في معنى الآيات السابقة، وكأن الرب سبحانه لم يُحسن صورتك ولم يُتْقن
صنعك حيث أنبت في وجهك شعر اللحية ليقبح صورتك .. وأنت الذي أحسنت وأتقنت بإزالة هذا القبح!!.
وإن قلت: لا .. بل يحصل بتغيير خلق الله بحلقها التشويه والتقبيح؛ قيل لك: هذا ما اخترته لنفسك بتزيين الشيطان، ويقال لك أيضاً: إعلم أن من زُيِّن له هذا العمل القبيح واستحسن هذه المُثْلة الشنيعة إنما له نصيب من معنى قوله تعالى: (أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً)(1)، وفاعل التزيين هنا محذوف وهو الشيطان كما في مواضع من القرآن الكريم مثل قوله تعالى:(زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ)(2)، وقوله تعالى:(زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا)(3)، ففاعل التزيين محذوف وهو الشيطان .. كما في آيات أخرى منها قوله تعالى: (وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ
(1) سورة فاطر، من الآية:8.
(2)
سورة آل عمران، من الآية:14.
(3)
سورة البقرة، من الآية:212.