الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ) (1).
وحيث قد ظهر في المثال السابق أن الخالق سبحانه حكيم عليم، وأنه أحسن كل شيء خلقه لأن المرأة موضع الشهوة والمزايا الأنوثية المقتضية للنعومة فلذلك منعها الله شعر اللحية، وفي المقابل الرجل .. فلأنه موضع الذكورية والمزايا الرجولية المقتضية للخشونة والقوامة جعل له لحية، فمنعها جمال وكمال للمرأة، ووجودها جمال وكمال للرجل، ولذلك فالمرأة التي لم تفسد فطرتها تستقبح وجه الرجل الذي يحلق لحيته وتزدريه –أيضاً- لتشبهه بها، فتأمل!.
المثال الثاني/ رموش أجفان العين:
ولننظر الآن في خلق الحكيم سبحانه شعراً غير شعر اللحية وهو في الوجه، لنستدل على الحكمة والرحمة والنعمة وجمال الصورة، وهو رموش أجفان العين في منعها من الطول والاسترسال والمتانة أيضاً، وإيقافها على حد لا تعدوه
(1) سورة النمل، من الآية:24.
طول عمر الإنسان، فإنها لو طالت زيادة على حدها أو قَصُرت لحصل التشويه .. إنه لا أحد ينازع في أن رموش العين جمال وزينة، ولذلك لو تصورت أجفاناً بلا رموش لاستقبحت الصورة، وبقي عدم وجود الرموش في الأجفان مُثْلة وتشويه خلقة، كذلك لو كانت الرموش مقصوصة، فالذي جعل رموش الأجفان جمالاً وزينة هو الذي جعل اللحية للرجل جمالاً وزينة ومنعها وجه المرأة جمالاً وزينة.
وليس الكلام هنا عن الوظائف الأخرى للرموش وغيرها، وإنما الكلام على الحسن والقبح وحكمة الخلاق العليم من جانب واحد في معنى الآيات السابقة التي ذكر الله فيها إحسان تصويره لمخلوقاته وإتقان صنعه.
ونأتي الآن إلى المثال الثالث، وهو/ الحواجب:
والكلام فيها على نسق الكلام في رموش الأجفان، وهو ظاهر إنه لو قيل لحالق لحيته: إحلق حواجبك ونعطيك ما شئت من المال الذي يغنيك لما فعل لعلمه أن ذلك تشويهاً لخلقه وتقبيحاً لصورته، ولو قيل له: حلقك لحيتك
أعظم في التشويه والمُثْلة لما صدق، لأن الشيطان مزيَّن له سوء عمله فيراه حسناً!.
ثم تأمل العجب في خلق الرحمن وحكمته ورحمته وقدرته، فالرأس وحده خلق الله فيه الشعر وهو جزء واحد من أجزاء الإنسان، وقد جعل سبحانه التنويع في نمو هذا الشعر في هذا الجزء ووقت نباته واتجاه نموه وكل ذلك وفق الحكمة والرحمة وإحسان الخلق وإتقانه.
فشعر الرأس يبدأ نموه قبل ولادة الطفل ويستمر نموه طول عمره.
وشعر اللحية للذكر لا ينبت إلا إذا كبر، ويطول غير مستمر في الطول كشعر الرأس، بل يقف عند حد حدّه له خالقه، فالذي منع نبات شعر اللحية في حال الطفولة والصبا لعدم اللياقة وعدم الحاجة لذلك هو الذي أنبت شعرها في الحال والوقت المناسب، فمنعها حكمة ورحمة ونعمة قبل
سن الرجولة وإنباتها في وقتها كذلك، فسبحان الذي أتقن كل شيء خلقه.
أما النوع الثالث: فهو شعر الحواجب: وهذا يبدأ نموه قبل ولادة الطفل ولا يستمر في الطول كشعر اللحية ولا كشعر الرأس بل أقل.
النوع الرابع: رموش الأجفان: فهذه تبدأ قبل الولادة –أيضاً-، ولكنها أقل الثلاثة الأنواع نمواً كما هو مشاهد معروف، وعند الحد الذي حدّه لها خالقها تقف.
فهذا تقدير الحكيم العليم الذي أحسن كل شيء خلقه، فهل تقترح عقول العقلاء غير هذا الصنع والإتقان والإحسان! .. إذاً لتقترح العقول موضعاً للعينين غير موضعهما وشكلاً غير شكلهما!، وهكذا كل عضو وكل جزء في الإنسان.