المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌خلافة أمير المؤمنين أبي بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه - تثبيت الإمامة وترتيب الخلافة لأبي نعيم الأصبهاني

[أبو نعيم الأصبهاني]

فهرس الكتاب

- ‌خِلَافَةُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه وَأَرْضاهُ

- ‌خِلَافَةُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه فَإِنِ اعْتَرَضَ الْمُخَالِفُ فَقَالَ: لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُفَوِّضَ أَمْرَ الْخِلَافَةِ إِلَى عُمَرَ دُونَ الْمُسْلِمِينَ. قِيلَ لَهُ: لَمَّا عَلِمَ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه مِنْ فَضْلِ عُمَرَ رضي الله عنه وَنَصِيحَتِهِ وَقُوَّتِهِ عَلَى مَا يُقَلِّدُهُ، وَمَا كَانَ يُعِينُهُ عَلَيْهِ فِي أَيَّامِهِ مِنَ الْمَعُونَةِ

- ‌ذِكْرُ الْأَحَادِيثِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي تَفْضِيلِ عُمَرَ رضي الله عنه وَأَرْضَاهُ

- ‌ذِكْرُ دَعْوَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِأَنْ يُعِزَّ اللَّهُ تَعَالَى الدِّينَ بِإِسْلَامِهِ

- ‌ذِكْرُ مَا أَخْبَرَ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ كَمَالِ دِينِهِ

- ‌ذِكْرُ مَا أَخْبَرَ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ وُفُورِ عِلْمِهِ رضي الله عنه وَأَرْضَاهُ

- ‌ذِكْرُ مَا أَخْبَرَ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ قُوَّتِهِ وَجَلَدِهِ

- ‌مَا ذَكَرَ صلى الله عليه وسلم مِنْ فِرَاسَتِهِ وَإِصَابَتِهِ فِيمَا يَرَاهُ وَيُشَرِّعُهُ

- ‌مَا ذَكَرَ صلى الله عليه وسلم مِنْ رُسُوخِ إِيمَانِهِ زِيَادَةً لِعُلُوِّ شَأْنِهِ

- ‌مَا ذَكَرَ صلى الله عليه وسلم مِنِ احْتِرَازِ الشَّيْطَانِ مِنْهُ وَتَبَاعُدِهِ مِنَ الْأَبَاطِيلِ

- ‌مَا ذَكَرَ جِبْرِيلُ صلى الله عليه وسلم أَنَّ رِضَاهُ يُثَبِّتُ الْعَدْلَ وَغَضَبَهُ يُفْضِي إِلَى الْعِزِّ

- ‌خِلَافَةُ الْإِمَامِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رضي الله عنه وَأَرْضَاهُ فَاَجْتَمَعَ أَهْلُ الشُّورَى وَنَظَرُوا فيِمَا أَمَرَّهُمُ اللَّهُ بِهِ مِنَ التَّوْفِيقِ وَأُبدُوا أحسن النَّظَرِ وَالْحِيَاطَةِ وَالنَّصِيحَةِ لِلْمُسْلِمِينَ، وَهُمُ الْبَقِيَّةُ مِنَ الْعَشَرَةِ الْمَشْهُودِ لَهُمْ بِالْجَنَّةِ، وَاخْتَارُوا بَعْدَ التَّشَاوُرِ وَالِاجْتِهَادِ فِي نَصِيحَةِ الْأُمَّةِ

- ‌خِلَافَةُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٍّ عليه السلام

الفصل: ‌خلافة أمير المؤمنين أبي بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه

‌خِلَافَةُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه وَأَرْضاهُ

ص: 212

1 -

حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الطَّلْحِيُّ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ غَنَّامٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا الْأَحْوَصُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «خَيْرُ أُمَّتِي الْقَرْنُ الَّذِي أَنَا فِيهُ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ» . رَوَاهُ شُعْبَةُ، وَالثَّوْرِيُّ، وَجَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ

ص: 212

2 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ قِرَاءَةً، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو

⦗ص: 213⦘

دَاوُدَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «خَيْرُ أُمَّتِي الْقَرْنُ الَّذِي بُعِثْتُ فِيهِمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ يَأْتِي قَوْمٌ مِنْ بَعْدُ يَنْذُرُونَ وَلَا يُوَفُّونَ، وَيَخُونُونَ وَلَا يُؤْتَمَنُونَ، وَيَشْهَدُونَ وَلَا يُسْتَشْهَدُونَ، وَيَفْشُو فِيهِمُ السِّمَنُ»

ص: 212

3 -

حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ الْحَسَنِ، حَدَّثَنَا أَبُو مُسْلِمٍ الكجي، حَدَّثَنَا أَبُو

⦗ص: 214⦘

عَاصِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:: سَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ خَيْرِ النَّاسِ؟ قَالَ: «أَنَا وَمَنْ مَعِي» . قِيلَ ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «ثُمَّ الَّذِينَ عَلَى الْأَثَرِ»

ص: 213

4 -

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ خَيْثَمَةَ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ» . الْحَدِيثَ فَلَمْ تُنْكِرْ فِرْقَةٌ مِنْ هَذِهِ الْفِرَقِ الْمَدَائِحَ الَّتِي مَدَحَ اللَّهُ بِهَا أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَنَّ الصَّحَابَةَ هُمْ خَيْرُ الْأُمَمِ. فَيُقَالُ لِلْإِمَامِيَّةِ الطَّاعِنِينَ عَلَى الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ اجْتِمَاعَهُمْ عَلَى تَقْدِمَةِ

⦗ص: 215⦘

الصِّدِّيقِ رضي الله عنه: أَكَانَ اجْتِمَاعُهُمْ عَلَيْهِ عَلَى إِكْرَاهٍ مِنْهُ لَهُمْ بِالسَّيْفِ، أَوْ تَأْلِيفٍ مِنْهُ لَهُمْ بِمَالٍ أَوْ غَلَبَةٍ بِعَشِيرَةٍ؟ فَإِنَّ الِاجْتِمَاعَ لَا يَخْلُو مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ، وَكُلُّ ذَلِكَ مُسْتَحِيلٌ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ أَهْلُ الْمَدِيحَةِ وَالْمُرُوءَةِ وَالدِّينِ وَالنَّصِيحَةِ، ولَوْ كَانَ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ أَوْ أُرِيدَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ عَلَى الْمُبَايَعَةِ كَارِهًا لَكَانَ ذَلِكَ مَنْقُولًا عَنْهمُ وَمُنْتَشِرًا. فَأَمَّا إِذَا أَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّ لا إِكْرَاهَ، وَالْغَلَبَةَ والتَّأَليفَ غَيْرُ مُمْكِنٍ مِنْهُمٍ وَعَلَيْهِمْ، فَقَدَ ثَبَتَ أَنَّ اجْتِمَاعَهُمْ لِمَا عَلِمُوا مِنْهُ مِنَ الِاسْتِحْقَاقِ وَالتَّفْضِيلِ وَالسَّابِقَةِ، وَقَدَّمُوهُ وَبَايَعُوهُ لِمَا خَصَّهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ مِنَ الْمَنَاقِبِ وَالْفَضَائِلِ.

⦗ص: 217⦘

فَاذْكُرْ أَنْتَ أَيُّهَا الطَّاعِنُ عَلَى إِمَامَتِهِ مَا تَحْتَجُّ بِهِ لِتُعَارِضَ بِنَقْضِهِ. فَأَمَّا مَا خَصَّهُ اللَّهُ تَعَالَى بِِهِ مِنَ الْفَضَائِلِ وَالْمَدَائِحِ فَلَسْنَا بِمُنْكِرِيهِ وَلَا دَافِعِيهِ، فَإِنَّكَ إِنِ احْتَجَجْتَ بِالْأَخْبَارِ لَزِمَكَ الْقَبُولُ لَهَا مِنْ مُخَالِفِيكَ، وَإِلَّا يَكُونُ أَخْبَارُكَ لَا لَكَ وَلَا عَلَى غيركَ، فلو قَبِلْتَ الْأَخْبَارَ قُبِلَتْ مِنْكَ فَكَانَتْ لَكَ وَعَلَيْكَ. فَإِذا احْتَجَّ بِالْأَخْبَارِ وَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ» .

⦗ص: 218⦘

قِيلَ لَهُ: مَقْبُولٌ مِنْكَ وَنحْنُ نَقُولُ، وَهَذِهِ فَضِيلَةٌ بَيِّنَةٌ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عليه السلام وَمَعْنَاهُ: مَنْ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَوْلَاهُ فَعَلِيُّ وَالْمُؤْمِنُونَ مَوَالِيهِ. دَلِيلُ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تبارك وتعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [التوبة: 71]، وَقَالَ تَعَالَى:{وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [الأنفال: 73] . وَالْوَلِيُّ وَالْمَوْالَى فِي كَلَامِ الْعَرَبِ وَاحِدٌ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تبارك وتعالى:{ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ} [محمد: 11] ، أَيْ، لَا وَلِيَّ لَهُمْ، وَهُمْ عَبِيدُهُ وَهُوَ مَوْلَاهُمْ، وَإِنَّمَا أَرَادَ لَا وَلِيَّ لَهُمْ. وَقَالَ:{فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ} [التحريم: 4]، وَقَالَ:{اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} [البقرة: 257]، وَقَالَ:{وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ} [المائدة: 56] .

⦗ص: 220⦘

وَإِنَّمَا هَذِهِ مَنْقَبَةٌ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِعَلِيٍّ رضي الله عنه، وَحَثٌّ عَلَى مَحَبَّتِهِ، وَتَرْغِيبٌ فِي وِلَايَتِهِ، لِمَا ظَهَرَ مِنْ مَيْلِ الْمُنَافِقِينَ عَلَيْهِ وَبُغْضُهُمْ لَهُ. وَكَذَلِكَ قَالَ صلى الله عليه وسلم:«لَا يُحِبُّكَ إِلَّا مُؤْمِنٌ وَلَا يُبْغِضُكَ إِلَّا مُنَافِقٌ» . وَحُكِيَ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، أَنَّ عَلِيًّا، رضي الله عنه وَأُسَامَةُ تَخَاصَمَا، فَقَالَ عَلِيٌّ لِأُسَامَةَ: أَنْتَ مَوْلَايَ. فَقَالَ: لَسْتُ لَكَ مَوْلًى، إِنَّمَا مَوْلَايَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيُّ مَوْلَاهُ» . وَهَذَا كَمَا يَقُولُ النَّاسُ: فُلَانٌ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ وَمَوْلَى بَنِي أُمَيَّةَ، وَإِنَّمَا الْحَقِيقَةُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ، وَمِمَّا يُؤَيِّدُ مَا حُكِيَ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ حَدِيثٌ

ص: 214

5 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ قِرَاءَةً، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ، قَالَ شُعْبَةُ: وَلَا أَعْلَمُ إِلَّا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «الْأَنْصَارُ وقُرَيْشٌ وَمُزَيْنَةُ وَجُهَينَةُ وَغِفَارٌ وَأَسْلَمُ وَأَشْجَعُ بَعْضُهُمْ مَوَالِي بَعْضٍ لَيْسَ لَهُمْ مَوْلًى دُونَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ» فَظَاهِرُ هَذَا اللَّفْظِ رَافِعٌ لِقَوْلِهِ: «مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ» . لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَخْبَرَ أَنَّ لِكُلِّ هَؤُلَاءِ الْقَبَائِلِ مَوَالِيَ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ.

⦗ص: 221⦘

فَإِنْ قَالَ: قَدْ ثَبَتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ لِعَلِيٍّ: «أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى» . قِيلَ لَهُ: كَذَلِكَ نَقُولُ فِي اسْتِخْلَافِهِ عَلَى الْمَدِينَةِ فِي حَيَاتِهِ بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى، وَإِنَّمَا خَرَجَ هَذَا الْقَوْلُ لَهُ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَامَ تَبُوكَ، إِذْ خَلَّفَهُ بِالْمَدِينَةِ، فَذَكَرَ الْمُنَافِقُونَ أَنَّهُ مَلَّهُ وَكَرِهَ صُحْبَتَهُ فَلِحَقَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ لَهُ قَوْلَهُمْ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:«خَلَّفْتُكَ كَمَا خَلَّفَ مُوسَى هَارُونَ»

ص: 220

6 -

حَدَّثَنَا فَارُوقٌ الْخَطَّابِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو مُسْلِمٍ الْكَشِّيُّ، حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ الْمَاجِشُونُ، عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ سَعْدٍ: أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ لِعَلِيٍّ: «أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى؛ إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي»

ص: 221

7 -

حَدَّثَنَا فَارُوقٌ الْخَطَّابِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو مُسْلِمٍ الْكَشِّيُّ، حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ الْمَاجِشُونُ، عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ سَعْدٍ: أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ لِعَلِيٍّ: «أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى؛ إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي»

ص: 222

1000 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ الْهَيْثَمِ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ شَاكِرٍ الْصَّائِغُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ سَابِقٍ، حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بنُ مَرْزُوقٍ، عَنْ عَطِيِّةَ، عَنْ أَبِيِ سَعِيدٍ قَالَ: خَلَّفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلِيًّا فِيِ أَهْلِهِ حِينَ غَزَا غَزَاةَ تََبُوكَ فَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: مَا مَنَعَهُ أَنْ يَخْرُجَ إِلَّا أَنَّهُ كَرِهَ صُحْبَتَهُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ عَلِيًّا عليه السلام فَقَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، زَعَمَ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّكَ لَمْ تُخَلِّفَنِي إِلَّا أَنَّكَ َكرِهْتَ صُحْبَتِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«يَا ابْنَ أَبِي طَالِبٍ، أَمَا تَرْضَى أَنْ تَنْزِلَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى؟» فَإِنْ قَالَ الطَّاعِنُ: لِمَ يَرُدُّ اسْتِخْلَافَه عَلَى الْمَدِينَةِ؟ قِيلَ لَهُ: هَلْ شَارَكَهُ فِي النُّبُوَّةِ كَمَا شَارَكَ هَارُونُ مُوسَى؟ فَإِنْ قَالَ: نَعَم، كَفَرَ، وَإِنْ قَالَ: لَا، قِيلَ لَهُ: فَهَلْ كَانَ أَخَاهُ فِيِ النَّسَبِ؟ فَإِنْ قَالَ: نَعَم، فَقَدْ كَذَبَ. فَإِذَا بَطَلَتْ أُخُوَّةُ النَّسَبِ وَمُشُارَكَةُ الْنُّبُوَّةِ فَقَدْ صَحَّ وَجْهُ الِاسْتِخْلَافِ، وَإِنْ جَعَلَ اسْتِخْلَافَهُ فِي حَيَاتِهِ عَلَى الْمَدِينَةِ أِصْلًا فَقَد كَانَ صلى الله عليه وسلم يَسْتَخْلِفُ فِيِ كُلِّ غَزَاةٍ غَزَاهَا غَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِهِ كَابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ، وَخُفَافِ بنِ إِيمَاءَ بنِ رَحْضَةَ الْغِفَارِيِّ، وَغَيْرِهِمَا مِنْ خُلَفَائِهِ،

ص: 222

فَإِنِ احْتَجَّ بِقَوْلِهِ عليه السلام: «عَلِيُّ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ»

ص: 223

8 -

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَجُلًا وَقَعَ فِي أَبٍ لِلْعَبَّاسِ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَلَطَمَهُ الْعَبَّاسُ فَجَاءَ قَوْمُهُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ وَقَالَ:«أَيْ أَهْلَ الْأَرْضِ، تَعْلَمُونَ أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ؟» قَالُوا: أَنْتَ، قَالَ «فَإِنَّ الْعَبَّاسَ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ»

ص: 223

9 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ كِنَانَةَ بْنِ نُعَيْمٍ الْعَدَوِيِّ، عَنْ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ فِي مَغْزًى لَهُ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنَ الْقِتَالِ فقَالَ:«وهَلْ تَفْقِدُونَ مِنْ أَحَدٍ، لَكِنَّنِي أَفْقِدُ جُلَيْبِيبًا» . فَوَجَدُوهُ عِنْدَ سَبْعَةٍ، قَدْ قَتَلَهُمْ وَقَتَلُوهُ. فَأُخْبِرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:«قَتَلَ سَبْعَةً ثُمَّ قَتَلُوهُ، هَذَا مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ» . قَالَهَا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ بِذِرَاعَيْهِ هَكَذَا فَبَسَطَهَا، فَوُضِعَ عَلَى ذِرَاعَيِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى حُفِرَ لَهُ، فَمَا كَانَ لَهُ سَرِيرٌ إِلَّا ذِرَاعَيِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى دُفِنَ فَإِنِ احْتَجَّ بِأَنَّهُ كَانَ رضي الله عنه خَتَنَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. قِيلَ لَهُ: قَدْ شَارَكَهُ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ وَغَيْرُهُ رضي الله عنهما فِي هَذَا الْأَمْرِ، فَإِنَّ عُثْمَانَ كَانَ خَتَنُهُ عَلَى ابْنَتَيْهِ، وَأَبَا الْعَاصِ بْنَ الرَّبِيعِ عَلَى ابْنَتِهِ.

⦗ص: 225⦘

فَإِنْ قَالَ: هُوَ الَّذِي قَالَ فِيه الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم: «لَأَدْفَعَنَّ الرَّايَةَ إِلَى رَجُلٍ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ» . قِيلَ: قَدْ شَارَكَهُ فِي هَذِهِ الْفَضِيلَةِ عِدَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ مِنْهُمْ: أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَزَيْدٌ، وَأُسَامَةُ، وَالْحَسَنُ، وَالْحُسَيْنُ، وَعَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ

ص: 224

10 -

حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الثَّقَفِيُّ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنِ ابْنِ يَخَامِرَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:

⦗ص: 226⦘

«اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى أَبِي بَكْرٍ فَإِنَّهُ يُحِبُّكَ وَيُحِبُّ رَسُولَكَ، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى عُمَرَ فَإِنَّهُ يُحِبُّكَ وَيُحِبُّ رَسُولَكَ، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى عُثْمَانَ فَإِنَّهُ يُحِبُّكَ وَيُحِبُّ رَسُولَكَ، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ فَإِنَّهُ يُحِبُّكَ وَيُحِبُّ رَسُولَكَ، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَإِنَّهُ يُحِبُّكَ وَيُحِبُّ رَسُولَكَ» . كَذَا رَوَاهُ يَزِيدُ، عَنْ مَالِكِ بْنِ يَخَامِرَ مُرْسَلًا وَغَيْرِهِ عَنْ مُعَاذٍ

ص: 225

11 -

حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مِلْحَانَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّهُمْ شَأْنُ الْمَخْزومِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ فَقَالُوا: مَنْ يُكَلِّمُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيهَا؟، قَالُوا: وَمَنْ يَجْتَرئُ عَلَيْهِ إِلَّا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ حِبُّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ . فَكَلَّمَهُ أُسَامَةُ. فَقَالَ: «لَا تَشْفَعْ فِي حَدٍّ»

ص: 226

12 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا زَمْعَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ، يَقُولُ: سَمِعَتْ أُمُّ سَلَمَةَ الصَّرْخَةَ عَلَى عَائِشَةَ رضي الله عنها وَعَنْ أَبِيهَا، فَقَالَتْ:«يَرْحَمُهَا اللَّهُ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ كَانَتْ أَحَبَّ النَّاسِ كُلِّهِمْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَّا أَبُوهَا رضي الله عنه وَأَرْضَاهُ»

ص: 227

13 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نَاجِيَةَ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَهُ عَلَى جَيْشِ ذَاتِ السَّلَاسِلِ، فَلَمَّا أَتَيْتُهُ قُلْتُ: أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: «عَائِشَةُ» ، قُلْتُ: مِنَ الرِّجَالِ؟ قَالَ: «أَبُوهَا» . قَالَ: ثُمَّ عَدَّ رِجَالًا

ص: 227

14 -

حَدَّثَنَا فَارُوقٌ الْخَطَّابِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو مُسْلِمٍ الْكَجِّيُّ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ،

⦗ص: 228⦘

يَقُولُ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالْحَسَنَ أَوِ الْحُسَيْنَ عَلَى عَاتِقِهِ وَهُوَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أُحِبُّهُ فَأَحِبَّهُ»

ص: 227

15 -

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: مَرَرْتُ بِالْمَسْجِدِ فَإِذَا عَلِيٌّ وَالْعَبَّاسُ قَاعِدَانِ، فَقَالَا: يَا أُسَامَةُ، اسْتَأْذِنْ لَنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا عَلِيٌّ وَالْعَبَّاسُ بِالْبَابِ يُرِيدَانِ الدُّخُولَ عَلَيْكَ. قَالَ:«تَدْرِي مَا جَاءَ بِهِمَا؟» قُلْتُ: لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، ما أدري، مَا جَاءَ بِهِمَا؟ قَالَ:«وَلَكِنِّي قَدْ عَلِمْتُ مَا جَاءَ بِهِمَا أبين لهما إيْذَنْ لَهُمَا» . فَدَخَلَا عَلَيْهِ فَقَالَ عَلِيٌّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ جِئْنَاكَ نَسْأَلُكَ أَيُّ أَهْلِكَ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: «فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم» . قَالَ عَلِيٌّ: وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا عَنْ أَهْلِكَ أَسْأَلُكَ. قَالَ: «فَأَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ مَنْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ

⦗ص: 229⦘

وَأَنْعَمْتُ عَلَيْهِ، أُسَامَةُ» . ثُمَّ مَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ:«ثُمَّ أَنْتَ» . قَالَ الْعَبَّاسُ: أجَعَلْتَ عَمَّكَ آخِرَهُمْ. قَالَ: «إِنَّ عَلِيًّا سَبَقَكَ بِالْهِجْرَةِ»

ص: 228

16 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمَاجِشُونُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِزَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ: «إِنَّهُ لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ بَعْدَهُ» وَهَذِهِ فَضِيلَةٌ لَهُ رضي الله عنهم. فَإِنِ احْتَجَّ الْمُعَانِدُ بِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ الْخِلَافَةَ لِأَنَّهُ كَانَ أَوَّلَهُمْ إِسْلَامًا طُولِبَ

⦗ص: 230⦘

بِبَيَانِ مَا ذَكَرَهُ. فَإِنْ قَالَ: رُوِيَ ذَلِكَ عَنْهُ وَعَنْ غَيْرِهِ. قِيلَ لَهُ: قَدْ رُوِيَ خِلَافُ ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَإِنْ كُنْتَ تَحْتَجُّ بِالْأَخْبَارِ، فَإِذَا مَا تَعَارَضَتِ الْأَخْبَارُ سَقَطَتِ الْحُجَّةُ

ص: 229

17 -

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ سَهْلٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ أَبِي يَحْيَى سُلَيْمَانَ بْنِ عَامِرٍ، وَضَمْرَةَ بْنِ حَبِيبٍ، وَأَبِي طَلْحَةَ نُعَيْمِ بْنِ زِيَادٍ، كُلُّ هَؤُلَاءِ سَمِعَهُ مِنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ، صَاحِبِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ عَبَسَةَ السُّلَمِيَّ قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ نَازِلٌ بِعُكَاظٍ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ مَعَكَ

⦗ص: 231⦘

فِي هَذَا الْأَمْرِ؟ قَالَ: «رَجُلَانِ، أَبُو بَكْرٍ وَبِلَالٌ» . فَأَسْلَمْتُ عِنْدَ ذَلِكَ، فَلَقَدْ رَأَيْتُنِي رَابِعُ الْإِسْلَامِ

ص: 230

18 -

حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، ثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، حَدَّثَنَا حَرِيزُ بْنُ عُثْمَانَ، عَنْ سُلَيْمِ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ، قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ نَازِلٌ بِعُكَاظٍ، فَقُلْتُ: مَنْ مَعَكَ عَلَى هَذَا الْأَمْرِ؟ قَالَ: «حُرٌّ وَعَبْدٌ، وَمَعَنَا أَبُو بَكْرٍ وَبِلَالٌ»

ص: 231

19 -

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ خُلَيدٍ الْحَلَبِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو تَوْبَةَ الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُهَاجِرٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ، قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَوَّلَ مَا بُعِثَ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ مُسْتَخْفٍ، فَقُلْتُ: فَمَنْ مَعَكَ عَلَى هَذَا الْأَمْرِ؟ قَالَ: «حُرٌّ وَعَبْدٌ» أَبُو بَكْرٍ وَبِلَالٌ

ص: 231

20 -

حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ طَلْقٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْبَيْلَمَانِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ، قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ أَسْلَمَ مَعَكَ؟ قَالَ:«حُرٌّ وَعَبْدٌ»

ص: 231

21 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شِيرَوَيْهِ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ هَاشِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ سَعْدًا، يَقُولُ:«مَا أَسْلَمَ أَحَدٌ فِي الْيَوْمِ الَّذِي أَسْلَمْتُ فِيهِ، وَلَقَدْ مَكَثْتُ سَبْعَةَ أَيَّامٍ، وَإِنِّي لَثُلُثُ الْإِسْلَامِ»

⦗ص: 232⦘

فَإِنِ احْتَجَّ بِالْمَوْضُوعَاتِ مِنْ أَخْبَارِ الرَّوَافِضِ. قِيلَ لَهُ: إِنِ اعْتَلَلْتَ بِذَلِكَ أَلْزَمْنَاكَ قَبُولَ أَخْبَارِهِمْ وَمَا يَرْوُونَهُ فِي قَتْلِ الشِّيعَةِ، وَأَنَّهُمْ مُشْرِكُونَ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الْأَخْبَارِ الَّتِي لَا ثَبُوتَ لَكَ وَلَا لِغَيرِكَ فِيهَا، وَيُقَالُ لَهُ: مَا هَذِه الأَخْبَارُ الَّتِي تَحْتَجُّ بِهَا الْشِّيعَةُ؟ . فَإِنْ قَالَ: أَوْصَى إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعَهِدَ إِلَيْهِ، وَأَنَّهُ الْقَاضِي لِدَيْنِهِ، وَالْقَائِمُ بِعَهْدِهِ، الْمُنْجِزُ مَوْعِدَهُ، وَمَا شَاكَلَهُ مِنْ مَوْضُوعَاتِهِمْ وَأَبَاطِيلِهِمْ. قِيلَ لَهُ: قَدْ رُوِيَ مِنَ الْوُجُوهِ الْمُرْتَضَى خِلَافُهُ وَذَلِكَ

ص: 231

22 -

مَا حَدَّثَنَاهُ الطَّلْحِيُّ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ غَنَّامٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها وَعَنْ أَبِيهَا، قَالَتْ:«مَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ دِرْهَمًا، وَلَا دِينَارًا، وَلَا شَاةً، وَلَا بَعِيرًا، وَلَا أَوْصَى بِشَيْءٍ»

ص: 232

23 -

حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ بْنُ حَمْزَةَ، وَحَبِيبُ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَا: حَدَّثَنَا

⦗ص: 233⦘

يُوسُفُ الْقَاضِي، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ، قَالَ: سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى: هَلْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَوْصَى؟ قَالَ: «لَا» . قُلْتُ: فَكَتَبَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَوْ أَمَرَ الْمُسْلِمِينَ بِالْوَصِيَّةِ وَلَمْ يُوصِ؟ قَالَ: «أَوْصَى بِكِتَابِ اللَّهِ» . قَالَ: فَقَالَ هُزَيْلٌ: أبُو بَكْرٍ كَانَ يَتَأَمَّرُ عَلَى وَصِيِّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ يَوَدُّ أَبُو بَكْرٍ أَنَّهُ وَجَدَ عَهْدًا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَخَزَمَ أَنْفَهُ بِخِزَامٍ، أُثْنِيَ عَلَيْهِ لَوَصِيَّةِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

ص: 232

24 -

حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ حَيَّانَ، حَدَّثَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا حَضَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَفِي الْبَيْتِ رِجَالٌ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«هَلُمُّوا أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لَا تَضِلُّوا بَعْدَهُ أَبَدًا» . فَأَكْثَرُوا اللَّغْوَ وَالِاخْتِلَافَ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:

⦗ص: 235⦘

«قُومُوا» . قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: إِنَّ الرَّزِيَّةَ كُلَّ الرَّزِيَّةِ مَا حَالَ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَكْتُبَ لَهُمُ الْكِتَابَ لِاخْتِلَافِهِمُ ولغطهم

⦗ص: 237⦘

فَفِي هَذِهِ الْأَخْبَارِ الثَّابِتَةِ إِبْطَالٌ لِمَا ادَّعَاهُ مِنِ اخْتِصَاصِ عَلِيٍّ رضي الله عنه بِوَصِيَّتِهِ وَعَهْدِهِ مِنْ دُونِ الْمُسْلِمِينَ كَافَّةً. وَلَقَدْ سُئِلَ عَلِيٌّ رضي الله عنه، فِيمَا: رَوَاهُ عَنْهُ أَبُو جُحَيْفَةَ وَغَيْرُهُ: هَلْ خَصَّكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِشَيْءٍ؟ فَقَالَ: مَا هُوَ إِلَّا كِتَابُ اللَّهِ، وَفَهْمٌ يُؤْتِيهِ اللَّهُ مَنْ شَاءَ فِي الْكِتَابِ.

⦗ص: 238⦘

فَإِنِ احْتَجَّ بِأَنَّ عَلِيًّا رضي الله عنه رُدَّتْ لَهُ الشَّمْسُ بَعْدَ أَنْ غَابَتْ حَتَّى صَلَّى الْعَصْرَ لِوَقْتِهَا حِينَ فَاتَتْهُ. حتى صلى. قِيلَ لَهُ: لَوْ جَازَ ذَلِكَ لِعَلِيٍّ لَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَوْلَى وَأَجْدَى، فَقَدْ فَاتَتْهُ يَوْمَ الْخَنْدَقِ صلى الله عليه وسلم الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ فَلَمْ يُصَلُّوا إِلَّا بَعْدَ الْعِشَاءِ حَتَّى قَالَ:«مَلَأَ اللَّهُ قُبُورَهُمْ وَقُلُوبَهُمْ نَارًا» . فَلَمْ تُرَدُّ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم. وَلَوْ جَازَ لِأَحَدٍ لَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَحَقُّ وَأَوْلَى، وَلَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَمْنَعَهُ شَرَفًا وَفَضْلًا، وَذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه مِنْ غَيْرِ وَجْهِهِ

ص: 234

25 -

حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ الْحَسَنِ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ الْقَاضِي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ

⦗ص: 239⦘

الْمِنْهَالِ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي حَسَّانَ، عَنْ عُبَيْدَةَ، عَنْ عَلِيٍّ، رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ يَوْمَ الْأَحْزَابِ:«مَلَأَ اللَّهُ بُيُوتَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نَارًا كَمَا شَغَلُونَا عَنْ صَلَاتِنَا الْوُسْطَى حَتَّى آبَتِ الشَّمْسُ» . رَوَاهُ شُتَيْرُ بْنُ شَكَلٍ وَيَحْيَى بْنُ الْجَزَّارِ وَغَيْرُهُمَا

ص: 238

26 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ:" كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْخَنْدَقِ، شَغَلُونَا عَنْ صَلَوَاتٍ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِلَالًا فَأَقَامَ لِكُلِّ صَلَاةٍ إِقَامَةً وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ عَلَيْهِ: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} [البقرة: 239] "

ص: 239

27 -

حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ، حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرٍ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه يَوْمَ الْخَنْدَقِ بَعْدَمَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ جَعَلَ يَسُبُّ كُفَّارَ قُرَيْشٍ. فَقَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَا كِدْتُ أَنْ أُصَلِّيَ حَتَّى كَادَتْ أَنْ تَغْرُبَ ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا صَلَّيْنَا بَعْدُ» . فَنَزَلَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَحْسِبُهُ قال: إلَى بُطْحَانَ لنتَوَضَّأ لِلصَّلَاةِ وَتَوَضَّأْتُ لَهَا، فَصَلَّى

⦗ص: 240⦘

الْعَصْرَ بَعْدَمَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى بَعْدَهَا الْمَغْرِبَ، وَقَدْ غَلَبَنَا النَّوْمُ فَنَامَ عَنِ الْفَجْرِ

ص: 239

28 -

حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ، حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ فَقَالَ: «لَوْ عَرَّسْنَا» . فَمَالَ إِلَى شَجَرَةٍ فَنَزَلَ فَقَالَ: «احْفَظُوا عَلَيْنَا صَلَاتَنَا» . فَنِمْنَا فَمَا أَيْقَظَنَا إِلَّا حَرُّ الشَّمْسِ فَانْتَبَهْنَا

ص: 240

29 -

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، حَدَّثَنَا هَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ، حَدَّثَنَا عَوْفٌ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ، قَالَ: كُنَّا فِي سَفَرٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسِرْنَا لَيْلَةً حَتَّى إِذَا كَانَ فِي آخِرِ اللَّيْلَةِ قُبَيْلَ الصُّبْحِ وَقَعْنَا تِلْكَ الْوَقْعَةَ وَلَا وَقْعَةَ أَحْلَى عِنْدَ الْمُسَافِرِ مِنْهَا، فَمَا أَيْقَظَنَا إِلَّا حَرُّ الشَّمْسِ فَكَانَ أَوَّلَ مَنِ اسْتَيْقَظَ بِلَالٌ، ثُمَّ فُلَانٌ، ثُمَّ عُمَرُ، «وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا نَامَ لَمْ نُوقِظْهُ حَتَّى يَكُونَ هُوَ الَّذِي يَسْتَيْقِظُ لِأَنَّا لَا نَدْرِي مَا يَحْدُثُ لَهُ فِي نَوْمِهِ»

⦗ص: 241⦘

فَإِنْ عَادَ إِلَى الِاحْتِجَاجِ بِأَحَادِيثِ الرَّوَافِضِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِعَلِيٍّ: «أَنْتَ خَيْرُهُمْ وَأَفْضَلُهُمْ وَأَنْتَ الْخَلِيفَةُ مِنْ بَعْدِي» . وَفِيمَا مَعْنَاهُ. قِيلَ لَهُ: كَذَلِكَ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ، رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ:" يَكُونُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ يَنْتَحِلُونَ حُبَّكَ يُقَالُ لَهُمْ: الرَّافِضَةُ فَاقْتُلُوهُمْ فَإِنَّهُمْ مُشْرِكُونَ ". وَفِي هَذَا نَظَائِرُ، غَيْرَ أَنَّا لَا نَحْتَجُّ بِمِثْلِهَا. وَلَقَدْ عَارَضَ هَذِهِ الْأَخْبَارَ أَخْبَارٌ تُضَادُّهَا وَاهِيَةٌ كَمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:«أَبُو بَكْرٍ خَيْرُ خَلْقِ اللَّهِ» .

⦗ص: 242⦘

فَإِنْ أَبَيْتُمْ قَبُولَ هَذَا الْخَبَرِ، فَكَذَلِكَ لَا نَقْبَلُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ مَا يُضَادُّ هَذَا. فَالرُّجُوعُ حِينَئِذٍ إِلَى مَا اجْتَمَعَتْ عَلَيْهِ الْأُمَّةُ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ عليه الصلاة والسلام وَذَلِكَ صَحِيحُ مَا رُوِيَ عَنْهُ مِنَ الْأَخْبَارِ الثَّابِتَةِ الَّتِي قَبِلَهَا الْعُلَمَاءُ وَلَا دَافِعَ لَهَا. فَإِنِ احْتَجَّ بِقَوْلِهِ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم آخَى بَيْنَ الصَّحَابَةِ فَاخْتَارَ عَلِيًّا فَقَالَ لَهُ: «أَنْتَ أَخِي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ» . قِيلَ لَهُ: هَذِهِ الْفَضِيلَةُ لَا تُوجِبُ الْخِلَافَةَ، وَلَوْ كَانَتْ هَذِهِ تُوجِبُ الْخِلَافَةَ لَكَانَتْ مَنْ لَهُ الْأُبُوَّةُ أَخَصُّ وَأَوْجَبُ، وَقَدْ قَالَ ذَلِكَ لِلْعَبَّاسِ، فَقَالَ:«هُوَ أَبِي» .

⦗ص: 243⦘

وَالْأَبُ أَقْرَبُ مِنَ الْأَخِ مَعَ أَنَّ لَفْظَةَ الْأُخُوَّةِ مُشْتَرَكَةٌ شَارَكَهُ فِيهَا أَبُو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ، وَلَفْظَةُ الْأُبُوَّةُ مَخْصُوصَةٌ لِلْعَبَّاسِ

ص: 240

30 -

حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ حُنَيْنٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ، حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمُطَّلِبِ بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، أَنَّ الْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «احْفَظُونِي فِي الْعَبَّاسِ، وَأنَّهُ. . . عَمُّ الرَّجُلِ صِنْوُ أَبِيهِ» وَأَمَّا قَوْلُهُ لِأَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه: أَخِي: وصاحبي

ص: 243

31 -

عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْمُنْذِرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيُّ، حَدَّثَنَا أَزْهَرُ بْنُ جَمِيلٍ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ رَجَاءٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْهُذَيْلِ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَوِ اتَّخَذْتُ خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا وَلَكِنَّهُ أَخِي

⦗ص: 244⦘

وَصَاحِبِي، وَقَدِ اتَّخَذَ اللَّهُ صَاحِبَكُمْ خَلِيلًا»

ص: 243

32 -

حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ بْنُ حَمْزَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُقْبَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَرِيفٍ، ثَنَا زِيَادُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ فُرَاتٍ الْقَزَّازُ، عَنْ جَدِّهِ فُرَاتٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: كَتَبَ ابْنُ عُقْبَةَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ فِي الْجَدِّ، فَقَرَأْتُ كِتَابَهُ إِلَيْهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا دُونَ رَبِّي لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا، وَلَكِنْ أَخِي فِي الدِّينِ وَصَاحِبِي فِي الْغَارِ، فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ يُنْزِلُهُ بِمَنْزِلَةِ الْوَالِدِ. فَإِنَّ أَحَقَّ مَا اقْتَدَيْنَا بِهِ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه» فَإِنِ احْتَجَّ بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لِعَلِيٍّ: «إِنَّهُ لَا يُحِبُّكُ إِلَّا مُؤْمِنٌ وَلَا يُبْغِضُكَ إِلَّا مُنَافِقٌ» . قُلْنَا: هَكَذَا نَقُولُ وَهَذِهِ مِنْ أَشْهَرِ الْفَضَائِلِ وَأَبْيَنِ الْمَنَاقِبِ، وَلَا يُبْغِضُهُ إِلَّا مُنَافِقٌ وَلَا يُحِبُّهُ إِلَّا مُؤْمِنٌ، وَلَوْ أَوْجَبَ هَذَا الْخَبَرُ الْخِلَافَةَ لَوَجَبَتْ إِذًا الْخِلَافَةُ لِلْأَنْصَارِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ مِثْلَهُ فِي الْأَنْصَارِ وَهُوَ مَا

ص: 244

33 -

مَا حَدَّثَنَاهُ فَارُوقٌ الْخَطَّابِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو مُسْلِمٍ الْكَشَّيُّ، حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، أَخْبَرَنِي عَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ، سَمِعْتُ الْبَرَاءَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ لِلْأَنْصَارِ: «

⦗ص: 245⦘

لَا يُحِبُّهُمْ إِلَّا مُؤْمِنٌ وَلَا يُبْغِضُهُمْ إِلَّا مُنَافِقٌ، مَنْ أَحَبَّهُمْ أَحَبَّهُ اللَّهُ، وَمَنْ أَبْغَضَهُمْ أَبْغَضَهُ اللَّهُ»

ص: 244

34 -

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا أَبُو إِدْرِيسَ بْنُ جَعْفَرٍ الْعَطَّارُ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ مِينَاءَ، عَنْ يَزَيْدَ بْنِ جَارِيَةَ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا حَوْلَ سَرِيرِ مُعَاوِيَةَ فَخَرَجَ عَلَيْنَا فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ أَحَبَّ الْأَنْصَارَ أَحَبَّهُ اللَّهُ، وَمَنْ أَبْغَضَ الْأَنْصَارَ أَبْغَضَهُ اللَّهُ» . وَذَكَرَ فِيهِ كَلَامًا فَإِنِ احْتَجَّ بِشَجَاعَتِهِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ، وَأَنَّهُ كَانَ مِنْ أَشَدِّ الْقَوْمِ بَأْسًا وَأَرْبَطِهِمْ جَأْشًا. قِيلَ لَهُ: الشَّجَاعَةُ وَإِنْ حِيزَ بِهَا الْفَضْلُ فَلَيْسَتْ حُجَّةً لِاسْتِحْقَاقِ الْخِلَافَةِ، فَلَقَدْ كَانَ فِي الْأَنْصَارِ مِنَ الشُّجْعَانِ وَالْأَبْطَالِ غَيْرُ وَاحِدٍ، مِنْهُمْ: أَبُو دُجَانَةَ، وَعَاصِمُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ أَبِي الْأَقْلَحِ، وَالْبَرَاءُ بْنُ

⦗ص: 246⦘

مَالِكٍ، وَغَيْرُهُمْ فِي إِخْوَانِهِمْ المُهَاجِرِينَ مِنْهُمْ: عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه وَأَرْضَاهُ الَّذِي بَلَغَ مِنْ نِكَايَتِهِ يَوْمَ بَدْرٍ فِيهِمْ أَنَّهُ سُمِّيَ الْجَزَّارُ، وَلَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ فِي كُلِّ مَوْطِنٍ، وَحَمْزَةُ أَسَدُ اللَّهِ، وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ سَيْفُ اللَّهِ، كُلُّ أُولَئِكَ لَهُمْ مَوَاقِفُ مَذْكُورَةٌ وَمَشَاهِدُ مَشْهُورَةٌ وَأَيَّامٌ مَعْرُوفَةٌ. فَأَمَّا يَوْمُ أَبِي دُجَانَةَ فَمَا:

ص: 245

35 -

حَدَّثَنَاهُ سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مِنْجَابُ بْنُ الْحَارِثِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: دَخَلَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه عَلَى فَاطِمَةَ يَوْمَ أُحُدٍ، فَقَالَ: خُذِي عَنِّي هَذَا السَّيْفَ غَيْرَ ذَمِيمٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«لَئِنْ كُنْتَ أَحْسَنْتَ الْقِتَالَ، لَقَدْ أَحْسَنَهُ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ، وَأَبُو دُجَانَةَ سِمَاكُ بْنُ خَرَشَةَ»

ص: 246

36 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الدَّوْرَقِيُّ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَمِيلٍ الْمَرْوَزِيُّ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، ثَنَا مُحَمَّد بْن عبد الله بن الزُّبَيْرِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: يَوْمَئِذٍ، يَعْنِي: يَوْمَ أُحُدٍ «أَوْجَبَ طَلْحَةُ»

ص: 247

37 -

حَدَّثَنَا فَارُوقٌ الْخَطَّابِيُّ، ثَنَا أَبُو مُسْلِمٍ الْكَجيُّ، ثَنَا حَجَّاجٌ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَخَذَ سَيْفَهُ وَأَصْحَابُهُ حَوْلَهُ فَقَالَ: «مَنْ يَأْخُذُ هَذَا السَّيْفَ؟» فَبَسَطُوا أَيْدِيَهُمْ يَقُولُ هَذَا: أَنَا، وَهَذَا: أَنَا، فَقَالَ:«مَنْ يَأْخُذُهُ بِحَقِّهِ؟» قَالَ: فَأَحْجَمَ الْقَوْمُ. فَقَالَ سِمَاكٌ أَبُو دُجَانَةَ: أَنَا آخُذُهُ بِحَقِّهِ، فَدَفَعَهُ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَفَلَقَ بِهِ هَامَ الْمُشْرِكِينَ

ص: 247

38 -

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ،

⦗ص: 248⦘

عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: اسْتَلْقَى الْبَرَاءُ بْنُ مَالِكٍ عَلَى ظَهْرِهِ ثُمَّ تَرَنَّمَ، فَقَالَ لَهُ أَنَسٌ: اذْكُرِ اللَّهَ، أَيْ أَخِي. فَاسْتَوَى جَالِسًا فَقَالَ:«أَيْ أَنَسُ تُرَانِي أَمُوتُ عَلَى فِرَاشِي وَقَدْ قَتَلْتُ مِائَةً مِنَ الْمُشْرِكِينَ مُبَارَزَةً سِوَى مَنْ شَارَكْتُ فِي قَتْلِهِ» . حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُالرَّزَّاقِ، عِنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ

ص: 247

39 -

حَدَّثَنَا فَارُوقٌ الْخَطَّابِيُّ ثَنَا أَبُو مُسْلِمٍ الْكَجيُّ، ثَنَا حَجَّاجٌ، ثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ، أَنَّ أَنَسَ بْنَ النَّضْرِ تَغَيَّبَ عَنْ قِتَالِ بَدْرٍ، فَقَالَ عَنْ أَوَّلِ مَشْهَدٍ شَهِدَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" لَئِنْ أَرَانِي اللَّهُ قِتَالًا لَيَرَينَّ اللَّهُ مَا أَصْنَعُ ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ انْهَزَمَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. أَقْبَلَ فَرَأَى سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ مُنْهَزِمًا، فَقَالَ: أَبَا عَمْرٍو وَأَيْنَ؟ أَيْنَ؟ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ الْجَنَّةِ دُونَ أُحُدٍ ، قَالَ: فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ. فَقَالَ سَعْدٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَطَقْتُ مَا أَطَاقَ، فَقَالَت أُخْتُهُ: وَاللَّهِ مَا عَرَفْتُ أَخِي إِلَّا بِبَنَانِهِ، وَكَانَ خَشِنَ الْبَنَانِ، فَوُجِدَ فِيهِ بِضْعٌ وَثَمَانُونَ ضَرْبَةً بِسَيْفٍ، وَطَعْنَةً بِرُمْحٍ وَرَمْيَةً، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تبارك وتعالى: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ.} [الأحزاب: 23] " الْآيَةَ فَهَؤُلَاءِ وَأَشْبَاهُهُمْ مِمَّنْ لَمْ نَذْكُرْهُمْ مِنْ أَهْلِ الشَّجَاعَةِ وَالنَّجْدَةِ. فَإِذَا شَرَكَهُ فِي الشَّجَاعَةِ جَمَاعَةٌ فَلَيْسَ أَحَدٌ أَوْلَى بِالْفَضْلِ مِنَ الْآخَرِ، مِنْ أَنَّ الَّذِيَ ذَكَرْتُهُ لِعَلِيٍّ رضي الله عنه مِنَ الْفَضَائِلِ مَقْبُولٌ، وَمَا أَسْنَدْتُهُ

⦗ص: 249⦘

مِنَ الْمَنَاقِبِ وَالْفَضَائِلِ مِمَّا لَمْ نَذْكُرْهَا أَكْثَرُ وَأَوْفَرُ مِنْهَا، اخْتُصَّ بِهَا دُونِ كُلِّ أَحَدٍ، وَمِنْهَا مَا شُورِكَ فِيهَا. وَأَمَّا الْخَصْلَةُ الَّتِي اخْتُصَّ بِهَا الصِّدِّيقُ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه مَا يَشْرَكُهُ فِيهَا أَحَدٌ. فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم:«يَأْبَى اللَّهُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَّا أَبَا بَكْرٍ» رضي الله عنه وَأَرْضَاهُ

ص: 248

40 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، ثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، ثَنَا أَبُو دَاوُدَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبَانَ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها وَعَنْ أَبِيهَا وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى بَعْلِهَا وَنَبِيِّهَا، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ: «ادْعُوا لِي عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه اكْتُبْ كِتَابًا لَا يُخْتَلَفُ بَعْدِي» . ثُمَّ قَالَ: «دَعْهُ مَعَاذَ أَنْ يَخْتَلِفَ الْمُؤْمِنُونَ فِي أَبِي بَكْرٍ»

ص: 249

41 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَا: ثَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، ثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، رضي الله عنها وَعَنْ أَبِيهَا، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى بَعْلِهَا وَنَبِيِّهَا، قَالَتْ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْيَوْمِ الَّذِي بُدِئ فِيهِ فَقَالَ: «ادْعِي لِي أَبَاكِ وَأَخَاكِ حَتَّى أَكْتُبُ لِأَبِي بَكْرٍ كِتَابًا؛ فَإِنِّي

⦗ص: 250⦘

أَخَافُ أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ أَوْ يَتَمَنَّى مُتَمَنٍّ، وَيَأْبَى اللَّهُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَّا أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه» وَمِنْهَا: أَنَّهُ قَدَّمَهُ فِي حَيَاتِهِ فِي الصَّلَاةِ، وَأَقَامَهُ مَقَامَ نَفْسِهِ وَهُوَ يَرَى مَكَانَهُ

ص: 249

42 -

حَدَّثَنَا أَبُو بَحْرِ بنُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، ثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، ثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، ثَنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ، ثَنَا أَبُو شُعَيْبٍ الْحَرَّانِيُّ، ثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ النُّفَيْلِيُّ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ بْنِ الْأَسْوَدِ بْنِ الْمُطَّلِبِ، قَالَ: لَمَّا اسْتُعِزَّ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا عِنْدَهُ فِي نَفَرٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ دَعَاهُ بِلَالٌ إِلَى الصَّلَاةِ، فَقَالَ:«مُرُوا مَنْ يُصَلِّي بِالنَّاسِ» فَخَرَجْتُ فَإِذَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه فِي النَّاسِ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه غَائِبًا فَقُلْتُ: يَا عُمَرُ، قُمْ فَصَلِّ بِالنَّاسِ، فَقَامَ، فَلَمَّا كَبَّرَ سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَوْتَهُ. وَكَانَ عُمَرُ رضي الله عنه وَأَرْضَاهُ رَجُلًا جَهِيرًا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«فَأَيْنَ أَبُو بَكْرٍ، يَأْبَى اللَّهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ذَلِكَ» . فَبَعَثَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَجَاءَ بَعْدَ أَنْ صَلَّى عُمَرُ تِلْكَ الصَّلَاةَ، فَصَلَّى بِالنَّاسِ. قَالَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَمْعَةَ: فَقَالَ عُمَرُ: وَيْحَكَ مَاذَا صَنَعْتَ بِي يَا ابْنَ زَمْعَةَ؟ وَاللَّهِ مَا ظَنَنْتُ حِينَ أَمَرْتَنِي إِلَّا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِذَلِكَ، وَلَوْلَا ذَلِكَ مَا صَلَّيْتُ بِالنَّاسِ. قُلْتُ: وَاللَّهِ مَا أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

⦗ص: 251⦘

وَلَكِنِّي حِينَ لَمْ أَرَ أَبَا بَكْرٍ رَأَيْتُكَ أَحَقَّ مَنْ حَضَرَ للصَّلَاةِ بالنَّاسِ وَمِنْهَا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: «يَأْبَى اللَّهُ وَالنَّاسُ إِلَّا أَبَا بَكْرٍ» . وَقَوْلُهُ عليه السلام: «إِنَّ أَمَنَّ النَّاسِ عَلَيَّ فِي صُحْبَتِهِ وَذَاتِ يَدِهِ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه»

ص: 250

43 -

حَدَّثَنَا ابْنُ السِّنْدِيِّ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، ثَنَا سُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ، ثَنَا فُلَيْحٌ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُنَيْنٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَطَبَ بِالنَّاسِ فَقَالَ:«إِنَّ أَمَنَّ النَّاسِ عَلَيَّ فِي صُحْبَتِهِ وَمَالِهِ أَبُو بَكْرٍ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا مِنَ النَّاسِ لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا، وَلَكِنْ أُخُوَّةٌ فِي الْإِسْلَامِ وَمَوَدَّتُهُ، لَا يَبْقَيَنَّ فِي الْمَسْجِدِ بَابٌ إِلَّا سُدَّ إِلَّا بَابَ أَبِي بَكْرٍ»

ص: 251

44 -

حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَيْنِ، ثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْحَرَّانِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، ثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، قَالَ: ثَنَا جُنْدَبٌ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ مَوْتِهِ بِخَمْسٍ يَقُولُ: «قَدْ كَانَ لِي فِيكُمْ خَلِيلٌ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا مِنْ أُمَّتِي لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا» وَمِنْهَا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم لِلْمُسْتَمْنِحَةِ لَمَّا قَالَتْ: إِنْ جِئْتُ فَلَمْ أَجِدْكَ؟ قَالَ لَهَا: «إِنْ جِئْتِ فَلَمْ تَجِدِينِي فَأْتِي أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه»

ص: 252

45 -

حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ الْحَسَنِ، ثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، ثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ، ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ امْرَأَةَ جَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَسْأَلُهُ حَاجَةً، فَقَالَ لَهَا:«تَرْجِعِينَ» فَقَالَتْ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ رَجَعْتُ فَلَمْ أَجِدْكَ. قَالَ: «إِنْ رَجَعْتِ فَلَمْ تَجِدِينِي - يَعْنِي الْمَوْتَ - ايتِي أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه» وَمِنْهَا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَنْبَغِي لِقَوْمٍ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ أَنْ يَتَقَدَّمَهُمْ غَيْرُهُ»

ص: 252

46 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَجَّاجِ، قَالَا: ثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، ثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، ثَنَا عِيسَى بْنُ مَيْمُونٍ، ثَنَا الْهَيْثَمُ، عَنْ عَائِشَةَ، رضي الله عنها وَعَنْ أَبِيهَا، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى بَعْلِهَا وَنَبِيِّهَا، قَالَتْ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْأَنْصَارِ لِيُصْلِحَ بَيْنَهُمْ فَحَضَرَتِ العصر، فَقَالَ بِلَالٌ لِأَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه: قَدْ حَضَرَتِ الصَّلَاةُ وَلَيْسَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَاهِدًا، هَلْ لَكَ أَنْ أُؤَذِّنَ وَأُقِيمَ وَتُصَلِّيَ. بالناس. قَالَ: إِنْ شِئْتَ. فَأَذَّنَ بِلَالٌ وَأَقَامَ وَتَقَدَّمَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه فَصَلَّى بِالنَّاسِ، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَمَا فَرَغَ فَقَالَ:«أَصَلَّيْتُمْ؟» قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: «وَمَنْ صَلَّى؟» بكم؟ " قَالُوا: أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه. قَالَ: «أَحْسَنْتُمْ، لَا يَنْبَغِي لِقَوْمٍ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه أَنْ يَؤُمَّهُمْ أَحَدٌ غَيْرُهُ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ بْنُ بَشِيرٍ الْكُوفِيُّ، عَنْ عِيسَى بْنِ

⦗ص: 253⦘

مَيْمُونٍ

ص: 252

47 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَمْدَانَ، ثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ سُفْيَانَ، ثَنَا نَصْرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْوَشَّاءُ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ عِيسَى بْنِ مَيْمُونٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ، رضي الله عنها وَعَنْ أَبِيهَا، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَنْبَغِي لِقَوْمٍ يَكُونُ بَيْنَهُمْ أَبُو بَكْرٍ أَنْ يَؤُمَّهُمْ غَيْرُهُ» وَمِنْهَا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: " اقْتَدُوا بِاللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي: أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ " رضي الله عنهم أَجْمَعِينَ

ص: 253

48 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ بُنْدَارٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ مَوْلَى الرَّبْعِيِّ، عَنِ الرَّبْعِيِّ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «اقْتَدُوا بِالَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي» . يُشِيرُ

⦗ص: 254⦘

إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما وَأَرْضَاهُمَا. وَرَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ هِلَالٍ مَوْلَى الرَّبْعِيِّ، عَنْ حُذَيْفَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَحْوَهُ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا ابْنُ كَاسِبٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بِهِ. وَمِنْهَا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم:«إِنْ يُطِعِ النَّاسُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما يَرْشُدُوا»

ص: 253

49 -

حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ، ثَنَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ، ثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، قَالَ: كنا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ، فَقَالَ:«إِنَّكُمْ إِنْ لَا تُدْرِكُوا الْمَاءَ غَدًا تَعْطَشُوا» . فَانْطَلَقَ سَرَعَانُ النَّاسِ يُرِيدُونَ الْمَاءَ وَلَزِمْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تِلْكَ اللَّيْلَةَ، فَمَالَتْ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَاحِلَتُهُ فَنَعَسَ. فَنِمْنَا فَمَا أَيْقَظَنَا إِلَّا حَرُّ الشَّمْسِ، فَقَالَ: أَصْبَحَ الناس وَقَدْ فَقَدُوا نَبِيَّهُمْ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْمَاءِ، وَفِي الْقَوْمِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رضي الله عنهما، فَقَالَا:«أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، لَمْ يَكُنْ لِيَسْبِقَكُمْ إِلَى الْمَاءِ وَيُخَلِّفَكُمْ، وَإِنْ يُطِعِ النَّاسُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ يَرْشُدُوا» قَالَهَا ثَلَاثًا وَلِلصِّدِّيقِ رضي الله عنه مَنَاقِبُ مَشْهُورَةٌ وَفَضَائِلُ مَعْدُودَةٌ، وَاكْتَفَيْنَا هَا هُنَا

⦗ص: 255⦘

مِنْهَا بِهَذَا الْقَدْرِ لِأَنَّ الَّذِي أَجْمَعَتْ عَلَيْهِ الْأُمَّةُ وَأَفَاضِلُ الصَّحَابَةِ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ مِنْ تَفْضِيلِهِ وَتَقْدِيمِهِ يُغْنِي عَنْ إِيرادِ كَثِيرٍ مِنَ الرِّوَايَاتِ فِي شَأْنِهِ. وَلَعَمْرِي فَإِنَّ الْأُمَّةَ الْمُخْتَارَةَ الْمَشْهُودَةَ بِأَنَّهَا خَيْرُ الْأُمَمِ لَا تَجْتَمِعُ إِلَّا عَلَى حَقٍّ وَهُدًى. فَإِنِ اعْتَرَضَ الْمُخَالِفُ بِمَا قَالَهُ بَعْضُ فَتَيَانِ الْأَنْصَارِ وَأَحْدَاثِهِمْ، وَقَوْلُهُمْ: مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ. قِيلَ لَهُ: هَذِهِ مَقَالَةُ مَنْ لَا عِلْمَ لَهُ مِنْهُمْ مِنْ شَبَابِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ إِذْ لَا خِلَافَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ الْخِلَافَةَ فِي قُرَيْشٍ وَالْأَئِمَّةَ مِنْهُمْ. أَلَا تَرَى كَيْفَ أَذْعَنُوا وَانْقَادُوا لَمَّا ذَكَرَ لَهُمُ الصِّدِّيقُ أَنَّ الْعَرَبَ لَا تَعْرِفُ هَذَا الْأَمْرَ إِلَّا لِهَذَا الْحَيِّ مِنْ قُرَيْشٍ، الَّذِينَ هُمْ أَوْسَطُ الْعَرَبِ نَسَبًا وَدَارًا، فَأَسْرَعُوا إِلَى الْبَيْعَةِ وَكَفُّوا عَمَّا اجْتَمَعُوا لَهُ وَوَلَّوُا الْأَمْرَ أَهْلَهُ وَعَادُوا إِلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنَ الْوِزَارَةِ وَالنُّصْرَةِ فِي حَيَاتِهِ صلى الله عليه وسلم طَائِعِينَ مُطِِيعِِينَ مُبَايِعِينَ لَهُ مُقِرِّينَ بِفَضْلِهِ وَقَدْرِهِ

ص: 254

50 -

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جَابِرٍ الْحِمْصِيُّ، ثَنَا بِشْرُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ فِي قُرَيْشٍ لَا يُعَادِيهِمْ أَحَدٌ إِلَّا أَكَبَّهُ اللَّهُ فِي النَّارِ على وَجْهِهِ مَا أَقَامُوا الدِّينَ»

ص: 255

51 -

حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ الْحَسَنِ، وَفَارُوقٌ الْخَطَّابِيُّ، قَالَا: ثَنَا أَبُو مُسْلِمٍ الْكَشِّيُّ، ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «النَّاسُ تَبَعٌ لِقُرَيْشٍ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ»

ص: 256

52 -

حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الطَّلْحِيُّ، ثَنَا أَبُو حُصَيْنٍ الْوَادِعِيُّ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، ثَنَا عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، وثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَغَوِيُّ، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، ثَنَا عَاصِمٌ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَزَالُ هَذَا الْأَمْرُ فِي قُرَيْشٍ مَا بَقِيَ فِي النَّاسِ اثْنَانِ» وَيَقُولُ بِأُصْبُعِهِ هَكَذَا اثْنَانِ وَلَوْ كَانَتِ الْإِمَامَةُ فِي غَيْرِ قُرَيْشٍ جَائِزَةً مَعَ مَا أَخْبَرَ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ لَا يَتَقَدَّمُهُمْ

⦗ص: 257⦘

أَحَدٌ مِنْ غَيْرِهِمْ لَكَانَ قَوْلُ حُبَابِ بْنِ الْمُنْذِرِ حِينَ قَالَ: أَنَا جُذَيْلُهَا الْمُحَكَّكُ وَعُذَيْقُهَا الْمُرَجَّبُ مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ. مَحْمُولًا عَلَى أَنَّ أَهْلَ الْإِسْلَامِ طُرًّا قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ كَوْنُ خَلِيفَتَيْنِ فِي عَهْدٍ وَاحِدٍ وَلَا عَلَى قَوْمٍ. وَكَانَ ذَلِكَ مِمَّا أَنْكَرَهُ غَيْرُ الْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّ فِيمَا سَلَفَ مِنَ الْأُمَمِ مِنَ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ، لَمْ يَكُنْ قَطُّ أَمِيرَانِ وَلَا خَلِيفَتَانِ فِي عَهْدٍ وَاحِدٍ، وَكَيْفَ يَلْجَأُ إِلَيْهِ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ لِقَوْلِهِ: أَنَا جُذَيْلُهَا الْمُحَكَّكُ، وَهُوَ مَا تَلْجَأُ إِلَيْهِ الْإِبِلُ إِذَا ذَهَبَتْ بِالْقَطِرَانِ تَحْتَكُّ لِحَاجَتِهَا إِلَيْهِ؛ إِذْ لَا غِنَى لَهَا عَنْهُ. وَالْعَذْقُ الْمُرَجَّبُ: الْمُعَظَّمُ. وَإِنْ كَانَتْ فِي الْأَخْبَارِ لَهُمْ فَضْلٌ وَسِيَادَةٌ فَلَا يَكُونُ قَوْلُ عَاقِلٍ مِنْهُمْ حُجَّةٌ، أَلَا تَرَى كَيْفَ عَدَلُوا عَنْ قَوْلِ الْحُبَابُ بْنُ الْمُنْذِرِ وَتَرَكُوهُ دُبُرَ آذَانِهِمْ وَعَقَدُوا فِي مَشْهَدِهِمْ ذَلِكَ بَيْعَةَ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه عَنْ رِضًى مِنْهُمْ وَاخْتِيَارٍ.

⦗ص: 258⦘

فَإِنْ عَادَ إِلَى الِاحْتِجَاجِ بِقَوْلِ عُمَرَ رضي الله عنه: إِنَّ بَيْعَةَ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه كَانَتْ فَلْتَةً، وَلَكِنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَقَى شَرَّهَا. قِيلَ لَهُ: هَذَا الْقَوْلُ مِنْهُ لَمْ يَكُنْ تَوْهِينًا لِأَمْرِهِ وَبَيْعَتِهِ، أَلَا تَرَى قَوْلَ عُمَرَ حَيْثُ قَالَ: لَيْسَ فِيكُمْ مَنْ تُقْطَعُ إِلَيْهِ الْأَعْنَاقُ مِثْلُ أَبِي بَكْرٍ. قَالَ: لَأَنْ أُقَدَّمَ فَيُضْرَبَ عُنُقِي فِي غَيْرِ مَا يُقَرِّبُنِي ذَلِكَ إِلَى إِثْمٍ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَتَأَمَّرَ عَلَى قَوْمٍ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ. وَقَوْلُهُ: وَإِنَّا وَاللَّهِ مَا وَجَدْنَا فِيمَا حَضَرَنَا مِنْ أَمْرِنَا أَقْوَى مِنْ بَيْعَةِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه. وَإِنَّمَا عَنَى عُمَرُ رضي الله عنه بِقَوْلِهِ: كَانَتْ فَلْتَةً، أَنَّ اجْتِمَاعَ الْأَنْصَارِ فِي السَّقِيفَةِ عَنْ غَيْرِ مِيعَادٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَإِعْلَامٍ لَهُمْ كَانَتْ فَلْتَةً خَوْفًا أَنْ يَبْرُمُوا وَلَا يُتَابِعُونَهُمْ عَلَيْهِ فَيُوجِبُ الْإِنْكَارَ عَلَيْهِمْ وَالْمُقَاتَلَةَ لَهُمْ إِنِ امْتَنَعُوا فَوَقَى اللَّهُ شَرَّ الْقِتَالِ وَالْإِنْكَارِ، فَإِنَّمَا خَرَجَ هَذَا مِنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ

⦗ص: 260⦘

عَنْهُ عَلَى وَجْهِ الْإِنْكَارِ عَلَى مَنْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ: إِنَّ بَيْعَتَهُ كَانَتْ فَلْتَةً، لَا عَلَى وَجْهِ رَأْيِ الْإِخْبَارِ بِهِ أَصْلًا. فَإِنْ قَالَ: إِنَّمَا بَايَعَ الصِّدِّيقَ رضي الله عنه رَجُلٌ وَاحِدٌ، هُوَ أَنَّ عُمَرَ قَالَ لَهُ: ابْسُطْ يَدَكَ أُبَايِعْكَ. قِيلَ: مَا يَفْعَلُ ذَلِكَ عُمَرُ رضي الله عنه إِلَّا لِعِلْمِهِ بِرَضِيَ الْمُسْلِمِينَ وَاجْتِمَاعِهِمْ عَلَيْهِ وَتَسْلِيمِهِمْ لِمَا يَرَاهُ وَيَفْعَلُهُ، وَأَنَّهُمْ عَهِدُوا مِنْهُ التَّوْثِيقَ وَالنَّصِيحَةَ وَمُتَابَعَةَ الْحَقِّ وَأَنَّ السَّكِينَةَ تَنْطِقُ عَلَى لِسَانِ عُمَرَ وَقَلْبِهِ مَعَ مَا أَعْلَمَهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُمْ: إِنْ يُطِيعُوا أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما يَرْشُدُوا، وَإِنْ يَقْتَدُوا بِالَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما. فِي نَظَائِرَ لِذَلِكَ مِمَّا قَدْ سَمِعُوهُ يَقُولُهُ وَاسْتَقَرَّ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ.

⦗ص: 261⦘

فَإِنِ احْتَجَّ بِمَا رَوَاهُ الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، عَنْ أَبِيهَا: أَنَّ عَلِيًّا تَخَلَّفَ عَنْ بَيْعَةِ أَبِي بَكْرٍ. قِيلَ: إِنَّمَا رُوِيَ أَنَّهُ تَخَلَّفَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ بَايَعَ وَلَا قَعَدَ. وَتَخَلُّفُهُ عَنْ بَيْعَتِهِ أَحَدُ أَمْرَيْنِ: إِمَّا أَنَّهُ كَانَ مَأْمُورًا بِذَلِكَ وَهُوَ الْحَقُّ فَلَمْ يَسَعْهُ مُبَايَعَتَهُ، وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ أَنْ يُظَنَّ بِهِ أَنَّهُ كَانَ مَأْمُورًا ثُمَّ تَرَكَ أَمْرَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ. أَوْ تَخَلُّفُهُ عَنْ رَأْي رَآهُ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ ثُمَّ رَأَى بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ الْحَقَّ وَالصَّوَابَ فِي مُبَايَعَتِهِ، وَهَذَا أَوْلَى بِهِ وَأَلْيَقُ بِدِينِهِ وَعِلْمِهِ رضي الله عنه.

⦗ص: 264⦘

وَيُقَالُ لَهُ: إِنَّ احْتِجَاجَكَ بِتَخَلُّفِ عَلِيٍّ رضي الله عنه، عَنْ بَيْعَةِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه لِمُبَايَعَةِ رَجُلَيْنِ لَهُ وَهُمَا عُمَرُ وَأَبُو عُبَيْدَةَ رَاجِعٌ عَلَيْكَ فِيمَا تَحْتَجُّ بِهِ مِنْ عَقْدِ خِلَافَةِ عَلِيٍّ رضي الله عنه حِينَ بُويِعَ. وَذَلِكَ أَنَّ الَّذِي سَبَقَ إِلَى بَيْعَةِ عَلِيٍّ رضي الله عنه عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ وَسَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ، وَهُمَا وَإِنْ كَانَا فَاضِلَيْنِ كَبِيرَيْنِ فَلَا يُوازَنَانِ بِعُمَرَ وَأَبِي عُبَيْدَةَ فِي الْفَضْلِ. فَلَئِنْ جَازَ لَكَ أَنْ تَحْتَجَّ بِتَخَلُّفِ عَلِيٍّ عَنْ بَيْعَةِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنهما وَتَمَنُّعِهِ لِانْعِقَادِ بَيْعَتِهِ بِرَجُلَيْنِ ثُمَّ تَابَعَهُمَا الْجَمُّ الْغَفِيرُ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَلَمْ يَتَخَلَّفُوا عَلَيْهِ، لَجَازَ لِمَنْ يَطْعَنُ عَلَى خِلَافَةِ عَلِيٍّ رضي الله عنه أَنْ يَحْتَجَّ بِمِثْلِهِ وَيَقُولَ: إِنَّمَا سَبَقَ إِلَى بَيْعَتِهِ رَجُلَانِ ثُمَّ لَمْ يُتَابَعَا عَلَيْهِ، بَلِ اخْتَلَفُوا عَلَيْهِ مَعَ أَنَّهُ كَانَ بِالْمَدِينَةِ يَوْمَ سَبَقَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ وَسَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ إِلَى مُبَايَعَتِهِ مِنَ الْعَشَرَةِ الْمَشْهُودِ لَهُمْ بِالْجَنَّةِ، وَمِنْ أَهْلِ الشُّورَى غَيْرُ وَاحِدٍ مِثْلُ: سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَطَلْحَةَ، وَالزُّبَيْرِ، وَسَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ، وَمِنَ الْأَنْصَارِ، مِثْلُ: أَبِي طَلْحَةَ، وَأَبِي أَيُّوبَ، وَأَبِي مَسْعُودٍ، وَغَيْرِهِمْ مِنْ

⦗ص: 265⦘

أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمْ يَرَوْا أَنَّ عَقْدَ عَمَّارٍ وَسَهْلٍ يُوجِبُ عَلَيْهِمُ الْبَيْعَةَ لِأَحَدٍ إِلَّا بَعْدَ اخْتِيَارِ وَتَشَاوُرِ وَاجْتِمَاعِ الْمُسْلِمِينَ، لَا يَسَعُهُمْ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْهُ إِذَا وَجَدُوا شَرَائِطَ الْخِلَافَةِ لِمُتَابَعَةِ غَيْرِهِمْ إِلَى الْبَيْعَةِ، وَإِنَّمَا بَايَعُوا عَنْ عِلْمٍ وَرَأْي وَاخْتِيَارٍ وَمَشُورَةٍ وَاسْتِحْقَاقِ مَنْ بَايَعُوا لَهُمْ. وَإِنْ سَوَّغْتَ لِعَلِيٍّ رضي الله عنه الْقُعُودَ عَنْ بَيْعَةِ مَنْ بَايَعَهُ بِأَنَّ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالْمُسْلِمِينَ طُرًّا، فَسَوِّغْ لِمَنْ طَعَنَ مِنَ الْمَارِقَةِ الْخَوَارِجِ عَلَى خِلَافَتِهِ بِالتَّخَلُّفِ عَنْهُ إِذَا احْتَجَّ بِأَنَّ عَقْدَ بَيْعَتِهِ انْعَقَدَتْ بِرَجُلَيْنِ عَمَّارٍ وَسَهْلٍ وَهَذَا مَا لَا يَقُولُهُ ذُو عَقْلٍ وَدِينٍ. فَإِنْ قَالَ: فَلِمَ جَازَ لِلسِّتَّةِ أَنْ يَعْقِدُوا عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَلَا يَجُوزُ لِاثْنَيْنِ؟

⦗ص: 266⦘

قِيلَ: لِمَا أَبَانَ اللَّهُ تَعَالَى لِلسِّتَّةِ مِنَ الْخِصَالِ الْحَمِيدَةِ وَالْمَرْتَبَةِ الرَّفِيعَةِ، وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ لِمَا اجْتَمَعُوا عَلَيْهِ مَا يُوجِبُ الْإِنْكَارَ لَمَا سَلَّمَ الْمُسْلِمُونَ ذَلِكَ لَهُمْ وَلَأَسْرَعُوا الْإِنْكَارَ عَلَى مَنْ جَعَلَ الْأَمْرَ إِلَى السِّتَّةِ، وَلَكَانَ عَلِيٌّ رضي الله عنه الَّذِي كَانَ أَحَدُ السِّتَّةِ امْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ وَأَخْرَجَ نَفْسَهُ مِنْ ذَلِكَ، وَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ وَأَظْهَرَ النَّكِيرَ عَلَيْهِمْ، بَلْ سَلَّمَ عَلِيٌّ رضي الله عنه ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ تُقْيَةٍ كَانَتْ عَلَيْهِ وَبَايَعَ وَأَمْضَاهُ فَتَبِعَتْهُمْ كَافَّةُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى ذَلِكَ وَرَضُوا بِهِمْ.

⦗ص: 268⦘

فَإِنْ عَارَضَ بِقَوْلِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: أُولِيتُكُمْ وَلَسْتُ بِخَيْرِكُمْ. قِيلَ: إِنَّمَا حَمَلَهُ عَلَى هَذَا الْكَلَامِ التَّوَاضُعُ وَالْإِزْرَاءُ عَلَى نَفْسِهِ وَإِزَالَةُ الْعُجْبِ عَنْهُ وَلَيْسَ مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلَّا وَقَدْ قَالَ مِثْلَهُ وَأَعْظَمَ مِنْهُ فِي حَالِ الْإِزْرَاءِ عَلَى النَّفْسِ وَالْخَوْفِ عَلَيْهَا، وَذَلِكَ سَجِيَّةُ أَهْلِ الْخَوْفِ وَالتُّقَى لَا يَرْكَنُونَ إِلَى شَيْءٍ مِنْ أَعْمَالِهِمْ وَأَحْوَالِهِمْ بَلْ يُلْزِمُونَ أَنْفُسَهُمُ الذِّلَّةَ وَالتَّوَاضُعَ. وَمِثْلُ ذَلِكَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم:«لَا تُخَيِّرُونِي عَلَى الْأَنْبِيَاءِ وَلَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى» . وَكَقَوْلِهِ: «رَحِمَ اللَّهُ أَخِي يُوسُفَ لَوْ لَبِثْتُ فِي السِّجْنِ ثُمَّ جَاءَنِي الدَّاعِي لَأَسْرَعْتُ» . وَكَقَوْلِهِ: «نَحْنُ أَحَقُّ بِالشَّكِّ مِنْ إِبْرَاهِيمَ» . كُلُّ ذَلِكَ إِنَّمَا قَالَهُ صلى الله عليه وسلم لِيَقْتَدِيَ بِهِ الْمُؤْمِنُونَ وَلَا يَرْفَعُونَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ بَلْ يَلْزَمُونَ التَّوَاضُعَ وَالْإِزْرَاءَ.

⦗ص: 269⦘

وَلَقَدْ قَالَ الْحُسَيْنُ رحمه الله: مَا خَلَقَ اللَّهُ بَعْدَ النَّبِيِّينَ أَفْضَلَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه. فَقِيلَ: وَلَا مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ؟ فَقَالَ: وَلَا مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ. وَلَقَدْ ثَبَتَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ كِبَارِ الصَّحَابَةِ: أَنَّ خَيْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا أَبُو بَكْرٍ. مِنْهُمْ: عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَفِي آخَرِينَ

ص: 256

53 -

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، ثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، أَنَّهُ سَمِعَ خِطْبَةَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه الْأَخِيرَةَ حِينَ جَلَسَ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَثَانِيَ اثْنَيْنِ وَأَوْلَى النَّاسِ بِأُمُورِكُمْ، فَبَايِعُوهُ» وَكَانَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ بَايَعُوا قَبْلَ ذَلِكَ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ، وَكَانَتْ بَيْعَةُ الْعَامَّةِ عَلَى الْمِنْبَرِ

ص: 269

54 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُظَفَّرِ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ، ثَنَا يُوسُفُ بْنُ وَاضِحٍ، ثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ، ثَنَا شُعْبَةُ بْنُ حُصَيْنٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي لِيَلَى، يُحَدِّثُ أَنَّهُمْ تَذَاكَرُوا أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ عُطَارِدٍ: عُمَرُ خَيْرُهُمَا، قَالَ: فَقَالَ الْجَارُودُ: أَبُو بَكْرٍ خَيْرٌ، فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَرَ رضي الله عنه.

⦗ص: 270⦘

قَالَ: فَأَقْبَلَ عَلَى الْآخَرِ فَضَرَبَهُ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى الْجَارُودِ فَقَالَ:«إِلَيْكَ عَنِّي» ، وَقَالَ:«إِنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ خَيْرَ النَّاسِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي كَذَا فِي كَذَا فِي كَذَا ثَلَاثًا، فَمَنْ قَالَ غَيْرَ ذَلِكَ حَلَّ عَلَيْهِ مَا حَلَّ عَلَى الْمُفْتَرِي»

ص: 269

55 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ حُبَيْشٍ، ثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ آدَمَ، ثَنَا بَقِيَّةُ، عَنْ بُحَيْرِ بْنِ سَعْدٍٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ: أَنَّ نَفَرًا قَالُوا لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: وَاللَّهِ مَا رَأَيْنَا رَجُلًا أَفْضَلَ بِالْقِسْطِ وَلَا أَقْوَلَ بِالْحَقِّ وَلَا أَشَدَّ عَلَى الْمُنَافِقِينَ مِنْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَأَنْتَ خَيْرُ النَّاسِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَقَالَ عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ: كَذَبْتَم وَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْنَا خَيْرًا مِنْهُ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ عُمَرُ فَقَالَ: «مَنْ تَعْنِي يَا عَوْفُ؟» فَقَالَ: أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه. فَقَالَ: «صَدَقَ عَوْفٌ وَكَذَبْتُمْ، وَاللَّهِ لَقَدْ كَانَ أَبُو بَكْرٍ أَطْيَبَ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ وَإِنِّي لِمِثْلُ بَعِيرِي»

ص: 270

56 -

حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ، ثَنَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ، ثَنَا أَبُو النَّضْرِ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَمَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا، رضي الله عنه يَقُولُ:«أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ النَّاسِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أَبُو بَكْرٍ وَبَعْدَهُ عُمَرُ رضي الله عنهما»

ص: 270

57 -

حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مَخْلَدٍ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْوَرَّاقُ، ثَنَا أَبُو سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ النَّاسِ: أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ بَعْدَ أَبِي بَكْرٍ عُمَرُ رضي الله عنهما "

ص: 271

58 -

حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ الْخُرَيْبِيُّ، ثَنَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أُسَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ:" كُنَّا نَقُولُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ: صلى الله عليه وسلم: خَيْرُ النَّاسِ رَسُولُ اللَّهِ ثُمَّ أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرُ عليهم السلام "

ص: 271

59 -

حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ، وَأَحْمَدُ بْنُ السِّنْدِيِّ فِي آخَرِينَ، قَالُوا: ثَنَا أَبُو مُسْلِمٍ الْكَجِّيُّ، ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ زَيْدٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ:«إِنَّكُمْ تَعْلَمُونَ إنَّا كُنَّا نَقُولُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ رضي الله عنهم» وَأَمَّا سُكُوتُ مَنْ سَكَتَ عَنْ ذِكْرِ

⦗ص: 272⦘

عُثْمَانَ رضي الله عنه فَلَهُ مَعْنًى. وَأَمَّا السُّنَّةُ فَتَقْدِيمُ الْعَشَرَةِ، ثُمَّ الْمُهَاجِرِينَ، ثُمَّ أَهْلُ بَدْرٍ، ثُمَّ مَنْ أَسْلَمَ قَبْلَ الْفَتْحِ عَلَى مَرَاتِبِهِمْ وَدَرَجَاتِهِمْ، وَلِمَا ذَكَرْنَا مِنْ قَوْلِ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهم طُرُقٌ كَثِيرَةٌ وَأَسَانِيدُ مُسْتَفِيضَةٌ مَشْهُورَةٌ وسْكَتْنَا عَنْ ذِكْرِهَا

⦗ص: 273⦘

وَأَجْزَى مَا ذَكَرْنَا فِي غَيْرِ هذا المَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِنَا، وَمَا اسْتَفَاضَ مِنْ إِجماعِ الْأُمَّةِ وَمُتَابَعَتِهِمُ الصِّدِّيقَ رضي الله عنه وَتَقْدِيمِهِمْ إِيَّاهُ عَلَى كُلِّ الصَّحَابَةِ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَهُمْ مُتَوَافِرُونَ يُغْنِي عَنِ الِاحْتِجَاجِ بِالْأَخْبَارِ فِي أَمْرِهِ وَالتَّطْوِيلِ فِي شَأْنِهِ. فَإِنِ احْتَجَّ بِأَنَّ مُبَايَعَةَ عَلِيٍّ رضي الله عنه كَانَتْ عَنْ تَقِيَّةٍ. قِيلَ لَهُ: قَدِ احْتَجَجْتَ فِيمَا سَلَفَ مِنْ كَلَامِكَ أَنَّهُ قَعَدَ عَنْ بَيْعَتِهِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ، فَلَوْ كَانَتْ عَلىْ تَقِيَّةٍ لَمَا أُمْهِلَ سَاعَةً فَكَيْفَ وَبَقِيَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ لَمْ يُلْقَ بِمَكْرُوهٍ، وَلَمْ يُحْمَلْ عَلَى بَيْعَتِهِ فَمِنْ أَيِّ شَيْءٍ كَانَ يَخَافُ، وَهَلْ بَايَعَ إِلَّا لِمَا ظَهَرَ لَهُ مِنَ الْحَقِّ، وَوَجَبَتْ عَلَيْهِ مُتَابَعَةُ الْحَقِّ وَمُفَارَقَةُ رَأْيِهِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ؟ فَأَيُّ قُبْحٍ أَقْبَحُ مِمَّا نَسَبْتُمْ إِلَيْهِ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيًّا رضي الله عنه، إِذْ قُلْتُمْ: إِنَّهُ فَارَقَ الْحَقَّ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ وَتَابَعَ الْبَاطِلَ وَالْجَوْرَ خَوْفًا؟ مِنَ الَتَّقِيَّةِ، أَلَيْسَ كَانَ عَامَّةُ الصَّحَابَةِ مِنَ السَّابِقِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ بِالْمَدِينَةِ؟ أَمَا كَانَ فيهُمْ وَاحِدٌ يَقُومُ مَعَهُ وَيَتَّبِعُهُ عَلَى رَأْيِهِ؟ هَذَا يَقْتَضِي مِنْ قَوْلِكُمْ مَا تُضْمِرُونَهُ مِنْ سُوءِ الِاعْتِقَادِ فِي الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم. فَفِي ذَلِكَ يَجُوزُ مَا طَعَنَ بِهِ الْخَوَارِجُ والْمُرَّاقُ على تَكْفِيرِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٍّ وَعُثْمَانَ رضي الله عنهما، وَهَذَا مَا لَا يَقُولُهُ ذُو عَقْلٍ وَدِينٍ

ص: 271