المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

ال‌ ‌مقدمة: إن الحمد لله نحمده، ونستعينه ونستغفره، ونعود بالله من شرور - إدراك المعلم للأساليب التربوية الفاعلة في حلقات الجمعيات الخيرية لتعليم وتحفيظ القرآن الكريم

[حامد بن سالم عايض الحربي]

الفصل: ال‌ ‌مقدمة: إن الحمد لله نحمده، ونستعينه ونستغفره، ونعود بالله من شرور

ال‌

‌مقدمة:

إن الحمد لله نحمده، ونستعينه ونستغفره، ونعود بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه، اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً، وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلاً، {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} (الحشر:10)

إن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدى هدى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

إن القرآن الكريم كتاب الله الخالد في إعجازه، وهو حجة الله عز وجل البالغة في خلقه، تعبدهم بتلاوته وفهمه وحفظه وتدبره، والعمل به، لقد أطلع الله تعالى الخلق من خلاله على بعض أسراره في ملكه وملكوته، فالقرآن الكريم المعجزة الباقية، والباهرة التي أيد الله عز وجل بها خير الخلق وخير الأنبياء والرسل عليهم صلوات الله وسلامه.

فالقرآن الكريم في إعجازه لا يزيده التقدم الحضاري والعلمي إلا رسوخاً في الإعجاز، وحجة على الخلق جميعهم، وقد تكفل الله تعالى بحفظه، قال تعالى:{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} . (الحجر: 9) .

ص: 1

وقد تجلت عظمة القرآن الكريم وعظمة الرسول المنزل عليه هذا القرآن العظيم بشكل لا يضاهى وقد أحسن القائل (1) :

جاء النبيون بالآيات فانصرمت

وجئتنا بحكيم غير منصرم

آياته كلما طال المدى جددٌ

يزينهن جلال العتق والقدم

وقد أرشد رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته إلى حفظ القرآن الكريم وتلاوته والاهتمام به فقال عليه الصلاة والسلام "الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران " رواه مسلم (2) .

ومما يجدر ذكره أن حفظ القرآن العظيم ليس وقفاً على سن معين دون آخر بل إن عمر الإنسان كله زمن للقرآن وعنده القابلية لحفظه وتلاوته، لذا فإن مراحل التعليم كلها وقت لتعلم القرآن الكريم، فقد بدأ كثير من الصحابة وبعض السلف الصالح يحفظ القرآن الكريم في سن متأخرة إلا أن حفظه منذ الصغر يمتاز بأنه أسرع وأثبت وأقوى كما أن الصغير تكون مشاغله في الحياة أقل من الكبير فيتفرغ لحفظ القرآن الكريم كما أشار إلى ذلك ابن خلدون بقوله:"إن التعليم في الصغر أشد رسوخاً وهو أصل لما بعده"(3) .

(1) رشيد الأشقر، ديوان أحمد شوقي، جمع وشرح الأشقر، بيروت: دار صادر، جـ1، ص 204، بدون تاريخ النشر.

(2)

مسلم بن الحجاج، ت 261هـ، صحيح مسلم، بيروت: دار ابن حزم، 1416هـ، باب فضل الماهر بالقرآن، جـ2، ص 195.

(3)

ابن خلدون، عبد الرحمن بن محمد، ت 808هـ، مقدمة ابن خلدون، مكة المكرمة: دار الباز، ط4، 1398هـ، ص 538.

ص: 2

وقد دأب المسلمون قديماً وحديثاً إلى تعليم أبنائهم القرآن الكريم في سن مبكرة حتى كانت النتيجة أن عرف بعض الناس أنهم حفظوا القرآن الكريم قبل سن العاشرة كالشافعي، وابن حنبل، والنووي رحمهم الله تعالى وغيرهم من المسلمين حتى في وقتنا الحاضر كما هو مشاهد في زمن كتابة هذه الدراسة 1420هـ في هذه البلاد الطاهرة ولله الحمد والشكر.

كما أن المسلمين قد اهتموا بهذا القرآن الكريم في كل عصورهم وأمصارهم فمثلاً في الوقت الحاضر قامت حكومة المملكة العربية السعودية، بإنشاء مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة، حيث طبع المصحف الشريف بمختلف الأشكال والخطوط والأحجام المتفق عليها حسب الرسم للمصحف العثماني، مع تفسير معانيه وترجمتها بلغات مختلفة ليتمكن كل مسلم من قراءته وفهم معانيه ولم يقتصر الأمر على ذلك بل تم تسجيله على الأشرطة الصوتية بمختلف القراءات، ويوزع ذلك على كثير من المسلمين وعلى حجاج بيت الله الحرام وعلى الزائرين، فجزى الله القائمين على مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف كل خير وكل من ساهم معهم في نشر هذا القرآن العظيم.

وقد قال عليه الصلاة والسلام: "خيركم من تعلم القرآن وعلمه"(1) .

فهذه الخيرية تشمل – بإذن الله تعالى وفضله – من تعلم القرآن الكريم وعلمه، وساهم في تعليمه ونشره بالجهد والمال، بل كل من أحب القرآن وأهله والقائمين عليه.

(1) محمد بن إسماعيل البخاري، مرجع سابق رقم الحديث 5027، باب خيركم من تعلم القرآن وعلمه.

ص: 3

وإن المسلمين لقادرون – إن شاء الله تعالى – إذا ما تمسكوا بهذا القرآن الكريم، وتدبروا معناه بأمانة وحرية وفق سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن يحققوا ما يصبون إليه في حاضرهم ومستقبلهم وفي دنياهم وأخرتهم.

وإني أحاول بهذه الدراسة أن أسهم ببعض ما يتعلق بهذا القرآن العظيم وببعض المباحث المهمة والتي تعين على فهم القرآن الكريم وتدبره والعمل بما جاء فيه. وقد ركزت هذه الدراسة على أربعة أساليب حدوداً لها في مجالها البحثي وهي:

1 – الأسلوب التربوي الفعال في تعليم تلاوة القرآن الكريم.

2 – الأسلوب التربوي الفعال في تعليم فهم القرآن الكريم.

3 – الأسلوب التربوي الفعال في حفظ القرآن الكريم.

4 – الأسلوب التربوي الفعال في العمل بالقرآن الكريم.

وقد التزمت بالمنهج الوصفي التحليلي الاستنتاجي في السير بهذه الدراسة وراعيت عدة أمور أهمها:

أ – الاستفادة من أهل الاختصاص وأهل الميدان والعاملين في مجال تحفيظ القرآن الكريم حيث قمت بتوزيع استطلاع رأي بعد تحكيمه من مجموعة من المتخصصين لكي يؤدي إلى صدق ما وضع له، ومعرفة قوة ثباته بطريقة إعادة الإجابة عنه من مجموعة من مجتمع الدراسة بلغ نسبة صدق المطابقة في إجابتهم حوالي 97%، وكان مجتمع الدراسة من مدرسي القرآن الكريم بالجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بمكة

ص: 4

المكرمة وبلغ مجموعهم (916) معلماً، والعينة بنسبة 25% أي مجموعها (229) معلماً.

ب – الاستفادة من المصادر والمراجع المتعلقة بالدراسة والتزمت بالدقة العلمية حيث أضع في نهاية الحديث الشريف أو النص المنقول من العلماء والمفكرين رقماً يوضح المعلومات اللازمة لهذا المصدر أو المرجع في قائمة الحواشي والمصادر والمراجع في نهاية الدراسة، وقد توخيت الالتزام بالأسلوب المناسب لأهل هذا العصر على اختلاف درجاتهم في الثقافة والتربية، كما توخيت الإيجاز في العبارة والاختصار المفيد في إطار حدود الدراسة المتمثلة في الأساليب الأربعة المتعلقة بالتلاوة والفهم والحفظ والعمل لذلك، كما تحريت الدقة والأمانة العلمية في البحث والاستقصاء بقدر الطاقة البشرية الإنسانية، حيث بذلت وسعي في الوصف والتحليل والاستنباط والإيضاح لكل جديد ومفيد في هذه الدراسة وفي إطار الأدلة التفصيلية من الكتاب والسنة وما اتفق عليه سلف الأمة الصالح رحمهم الله تعالى.

وأسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يجعل عملي هذا خالصاً لوجه الكريم وأن يجعلنا يوم القيامة مع أهل القرآن الكريم فنفوز بذلك فوزاً عظيماً، والله المستعان، وله الفضل، وله الخلق والأمر، فإن وفقت في شيء من هذه الدراسة وغيرها فإنما هو بحمد الله تعالى وفضله وتوفيقه، ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير، والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

ص: 5