الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَا يَجْزِي بِالسَّيِّئَةِ السَّيئَة وَلَكِن يَجْزِي السَّيئَة بِالْحَسَنَة وَيَعْفُو وَيغْفر وَلنْ أقبضهُ حَتَّى أقيم بِهِ الْملَّة العوجاء فأفتح بِهِ أعينا عمياء وآذانا صمًّا وَقُلُوبًا غلفًا بِأَن يَقُولُوا لَا إِلَه إِلَّا الله
قيل قد يُرَاد بِلَفْظ التَّوْرَاة جنس الْكتب الْمُتَقَدّمَة من التَّوْرَاة وَالزَّبُور وَالْإِنْجِيل وَسَائِر كتب أَنْبيَاء بني إِسْرَائِيل فعلى هَذَا يكون المُرَاد بقول عبد الله بن عَمْرو إِنَّه لموصوف فِي التَّوْرَاة هَذِه الصِّفَات الْمَذْكُورَة فِي نبوة دانيال
وَلَا مَانع من أَن تكون هَذِه الصِّفَات كَانَت مَوْجُودَة فِي التَّوْرَاة فحذفتها الْيَهُود فَمَا ذَلِك بِأول تَحْرِيف وتبديل وتغيير مِنْهُم
تبشير الْإِنْجِيل بِمُحَمد صلى الله عليه وسلم
وَمن البشارات بِهِ فِي الْإِنْجِيل مَا فِي الْفَصْل الْخَامِس عشر من الْإِنْجِيل الَّذِي جمعه يوحنا أَن الفارقليط روح الْحق الَّذِي يُرْسِلهُ الله هُوَ يعلم كل شَيْء انْتهى وَفِي مَوضِع آخر مِنْهُ والفارقليط روح الْقُدس الَّذِي يُرْسِلهُ الله هُوَ يعلم كل شَيْء وَهُوَ يذكركم مَا قلت لكم وَفِي مَوضِع آخر مِنْهُ إِذا جَاءَ الفارقليط الَّذِي أرْسلهُ الله روح الْحق الَّذِي هُوَ يشْهد لي قلت لكم هَذَا حَتَّى إِذا كَانَ يُؤمنُونَ بِهِ وَلَا يَشكونَ فِيهِ
وَفِي الْفَصْل السَّادِس عشر مِنْهُ لكني أَقُول لكم الْحق إِنَّه خير لكم أَن أَنطلق لِأَنِّي إِن لم أَنطلق لم يأتكم الفارقليط فَإِذا انْطَلَقت أَرْسلتهُ إِلَيْكُم فَهُوَ يوبخ الْعَالم على الْخَطِيئَة وعَلى الْبر وعَلى الحكم
أما على الْخَطِيئَة فَإِنَّهُم لم يُؤمنُوا بِي وَأما على الْبر فَإِنِّي منطلق ولستم تروني وَأما على الحكم فَإِن رَئِيس هَذَا الْعَالم يدان وَأَن لي كلَاما كثيرا لَسْتُم تطيقون كُله الْآن
لَكِن إِذا جَاءَ روح الْحق ذَاك فَهُوَ يرشدكم إِلَى جَمِيع الْحق لِأَنَّهُ لَيْسَ ينْطق من عِنْده بل يتَكَلَّم بِمَا يسمع وَيُخْبِركُمْ بِكُل مَا يَأْتِي انْتهى
وَقد تكَرر ذكر الفارقليط فِي الْإِنْجِيل وأنذر بِهِ الْمَسِيح وَبشر بِهِ قومه فِي غير مَوضِع مِنْهُ وَقد اخْتلفُوا فِي المُرَاد فالفارقليط فِي لغتهم على أَقْوَال وَذهب الْأَكْثَر من النَّصَارَى إِنَّه المخلص وَقَالُوا هُوَ مُشْتَقّ من الْفَارُوق أَو من فَارق قَالُوا وَمعنى ليط كلمة تزاد كَمَا يُقَال رجل هُوَ وَحجر هُوَ وعالم هُوَ وجاهل هُوَ
وَقد تقرر أَنه لَا نَبِي بعد الْمَسِيح غير نَبينَا صلى الله عليه وسلم وَهَذِه البشارات قد تَضَمَّنت أَنه سَيَأْتِي بعد الْمَسِيح نَبِي يخلص تِلْكَ الْأمة مِمَّا هم فِيهِ ويوبخهم على الخطية وَيتَكَلَّم بِمَا يسمع ويخبر بِكُل مَا يَأْتِي وَلم يكن هَذَا لأحد بعد الْمَسِيح غير نَبينَا صلى الله عليه وسلم
وَمِمَّا يدل على أَن المُرَاد بالفارقليط هُوَ نَبينَا صلى الله عليه وسلم أَنه وَقع الْحَذف بِهَذَا اللَّفْظ من بعض نسخ الْإِنْجِيل مَعَ ثُبُوته فِي غالبها وَلَيْسَ ذَلِك إِلَّا تغييرا وتبديلا من النَّصَارَى لما يعلمونه من أَن المُرَاد بِهَذَا اللَّفْظ هُوَ التبشير بِنَبِي يَأْتِي بعد الْمَسِيح وَأَنَّهَا ستقوم بذلك الْحجَّة عَلَيْهِم فحذفوا هَذَا اللَّفْظ لهَذِهِ الْعلَّة
وَقد حكى الله سُبْحَانَهُ فِي الْقُرْآن الْعَظِيم أَن الْمَسِيح بشر بنبينا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم فَقَالَ {وَإِذ قَالَ عِيسَى ابْن مَرْيَم يَا بني إِسْرَائِيل إِنِّي رَسُول الله إِلَيْكُم مُصدقا لما بَين يَدي من التَّوْرَاة وَمُبشرا برَسُول يَأْتِي من بعدِي اسْمه أَحْمد}
وَفِي الْإِنْجِيل الَّذِي جمعه يوحنا أَن الْمَسِيح قَالَ أركون الْعَالم سَيَأْتِي وَلَيْسَ لي شَيْء وَهَذَا اللَّفْظ فِيهِ أعظم بِشَارَة بنبينا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم فَإِن الأركون فِي لُغَة النَّصَارَى الْعَظِيم الْقدر وَلم يَأْتِ بعد الْمَسِيح من هُوَ بِهَذِهِ الصّفة إِلَّا نَبينَا صلى الله عليه وسلم فَإِنَّهُ جعله أركون الْعَالم وَقَالَ عَن نَفسه لَيْسَ لَهُ من الْأَمر شَيْء فَدلَّ هَذَا على أَنه سَيَأْتِي بعده عَظِيم من عُظَمَاء الْعَالم يكون مِنْهُ الإصدار والإيراد والحل وَالْعقد فِي الدّين وَإِثْبَات الشَّرَائِع