الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخامسة: إذا قيل بأن من له مجرد الرؤية من الصحابة، فهل يلتحق بذلك من لم ير النبي صلى الله عليه وسلم إلا بعد وفاته وقبل دفنه صلى الله عليه وسلم وقد كان مسلماً في حال حياته؟
لم أر أحداً تعرض لهذه الصورة1، وهي محتملة وليست مجرد فرض، بل قد وقعت لأبي ذؤيب الهذلي الشاعر. وقيل اسمه خويلد بن خالد في قصته المشهورة لما أخبر بمرض النبي صلى الله عليه وسلم فسافر نحوه فقبض صلى الله عليه وسلم قبل وصوله إلى المدينة بيسير وحضر سقيفة بني ساعدة وبيعة أبي بكر رضي الله عنه ثم حضر الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ورآه مسجى وشهد دفنه ولم تتقدم له رؤية قبل ذلك، لكنه كان مسلماً في حياة النبي صلى الله عليه وسلم.2 ولا يبعد أن يعطي هذا حكم الصحبة لشرف ما حصل له من رؤيته صلى الله عليه وسلم قبل دفنه وصلاته عليه، وهو أقرب من عد المعاصر الذي لم يره أصلاً فيهم. أو الصغير الذي ولد في حياته. والله أعلم.
1هذا الإطلاق فيه شيء من المبالغة. لأن العلماء تناولوا هذه القضية فمنهم من صنفها – أي كونه في عداد الصحابة- كالعز بن جماعة، والحافظ العراقي، وابن حجر، والسخاوي، وهناك من عده منهم كابن عبد البر والبلقيني.
انظر فتح المغيث 3/89.
2 ذكره الحافظ ابن حجر في القسم الثالث. الإصابة 4/65.
المسألة الثانية: في طرق إثبات الصحبة
…
المسألة الثانية: "فيما تثبت به الطرق المتقدمة".
قال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح3:
3 مقدمة ابن الصلاح ص 146، فتح المغيث 3/96.
ثم إن كون الواحد منهم صحابياً يعرف تارة بالتواتر، وتارة بالإستفاضة القاصرة عن التواتر. وتارة بأن يروي عن آحاد الصحابة أنه صحابي. وتارة بقوله وأخباره عن نفسه بعد ثبوت عدالته أنه صحابي.
وقال الآمدي في الأحكام:
لو قال من عاصر النبي صلى الله عليه وسلم أنا صحابي مع إسلامه وعدالته فالظاهر صدقه، ويحتمل أن لا يصدق في ذلك لكونه متهماً بدعوى رتبة يثبتها لنفسه. كما لو قال: أنا عدل أو شهد لنفسه –بحق-1.
قلت: وقد بنى بعض المصنفين هذا على أن مجرد الرؤية أو الصحبة اليسيرة، هل يثبت فيها مسمى الصحابي أم لا؟ فإن قلنا يكون بذلك صحابياً فذلك مما يتعذر فيه إثبات بالنقل دائماً إذ ربما لا يحضره حالة اجتماعه بالنبي صلى الله عليه وسلم أحد أو حال رؤيته إياه، أو حضر ذلك واحداً أو اثنان ولم ينقلا ذلك. فلو لم يثبت ذلك بقوله لتعذر إثباته. بخلاف ما إذا ادعى طول الصحبة وكثرة التردد في السفر والحضر، فإن مثل ذلك يشاهده أقوام كثيرون فينقل ويشتهر فلا يثبت بقوله2.
ونظير هذا النوع، المودع والوكيل إذا ادعيا الهلاك بسبب ظاهر، فإنه لا يقبل قولهما إلا ببينة لإمكان ذلك3. بخلاف ما إذا ادعيا مطلق الهلاك. أو أسنداه إلى سبب خفي فإنه يقبل قولهما فيه من غير بينة. ثم
1 الزيادة من أحكام الأحكام 2/93.
2 انظر فتح المغيث 3/98.
3 أي لإمكان إثبات البينة في الهلاك.
إن قول من تقدم أنه يقبل قوله. أنا صحابي بعد ثبوت عدالته يشمل على صورتين:
أحداهما: أن يكون ثابت العدالة قبل دعواه أن صحابي.
والثاني: أن يقول ذلك ولم يعلم حاله ثم تظهر عدالته بالاختبار بعد ذلك، وهذا ظاهر في القسمين، ووراء هذا قسم آخر وهو أن يذكر لقائه النبي صلى الله عليه وسلم واجتماعه به أو يروى شيئاً يذكر أنه سمعه منه أو شاهده بفعله، ولا يعرف ذلك إلا من جهته ولا يعلم حاله قبل ولا بعد. غير أنه لم يظهر فيه ما يقتضي جرحاً.
وقد ذكر الإمام أبو الحسين بن القطان في أثناء كلام له، أن الناس اختلفوا في تصحيح أحاديث هذا الصنف. فقبلها قوم وردها بعض أهل الظاهر1. وفي كلامه ما يقتضي ترجيح الثاني لأنهم لو ادعوا لأنفسهم أنهم ثقات لم يسمع منهم فكيف يقبل منهم ادعاء مرتبة الصحبة.
والذي ذهب إليه أبو عمر بن عبد البر، قبول قول أمثال هؤلاء وتصحيح أحاديثهم بناء على ظاهر سلامتهم عن الكذب والفسق، وهذا هو الذي يقتضيه عمل أئمة الحديث، فإنهم خرجوا في مسانيدهم ومعاجمهم المصنفة على أسماء الصحابة حديث جماعة كثيرين من هذا الصنف.
وكذلك كل من صنف في الصحابة يذكر هؤلاء فيهم من غير توقف. ولكن يبين الطريق إلى ذلك وأنها غريبة. وأنه لا يعرف صحبته
1 انظر فتح المغيث 3/98.
إلا بها لأن هذا شأن مصنفه، بخلاف أصحاب المسانيد والمعاجم فإنهم يخرجون أحاديثهم ويسكتون عنها غالباً. والاحتمال في هذه الصورة أقوى منه فيما تقدم إذا كانت عدالة المخبر بذلك معلومة. وهذا كله فيمن لم يتضمنه كتب التواريخ والسير بأنه صحابي، فأما إذا شهد له بالصحبة مثل البخاري أو مسلم، أو ابن أبي حاتم، أو ابن أبي خيثمة في كتبهم المصنفة وأمثالهم، فإن صحبته تثبت بذلك وإن كان سند حديثه غريباً أو فرداً ولا يعرف بغيره، كما أن من لم يرو عنه إلا راو واحد فهو محكوم عليه بالجهالة إلا أن يكون بعض أئمة الحديث قد وثقه، فإنه لا تلازم بين الجهالة وبين إنفراد الراوي عن الشيخ، فقد يكون معروفاً بالثقة والأمانة ولم يتفق أن يروى عنه إلا واحد، كذلك هذا يكون معروف اللقاء والصحبة اليسيرة بين أهل المغازي والسير وإن لن يرو ذلك إلا من جهة واحدة بأخباره عن نفسه.
فأما إذا أخبر التابعي أنه صحابي حالة الرواية، فهذا على أضرب:
أحدها: أن يقول أخبرني فلان أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول كذا، مقتصراً على مثل ذلك فهذا حكمه ما تقدم في مدعي الصحبة.
وثانيهما: أن تثبت صحبته حال الرواية عنه، ويسميه باسمه، فإن كان مذكوراً بذلك في كتب المغازي والسير فحكمه ما تقدم. وأما إذا لم يكن معروفاً بالصحبة إلا من هذه الطريق فالظاهر الإعتماد على قول التابعي إذا كان ممن يعتمد قوله في مثل ذلك. على أنه يجوز أن يكون التابعي بنى ذلك على تصديقه في دعواه الصحبة وأن المسلمين محمولون على العدالة إلا في من ظهر منه ما يوجب الفسق، فاكتفى فيه بذلك
ولكنه احتمال بعيد، والأول أظهر منه مثل هذه الرتبة لا يثبتها التابعي العارف المعتمد إلا بعد تثبت وغلبة الظن بأن هذا صحابي.
ثالثها: أن لا يسميه بل يقول أخبرني رجل أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول كذا، أو رآه يفعل كذا ونحو ذلك ولا يزيد عليه. فهذا يقرب من الضرب الأول. فلو قال أخبرني عن النبي صلى الله عليه وسلم بكذا ولم يصرح بلقائه وقلنا بالراجح أن عن تقتضي الإتصال إلا من المدلس، فلا ريب في أن هذه الصورة يترجح فيها احتمال الوقف، إلا أن تثبت صحبة ذلك الرجل بأحد الطرق المتقدمة لأن التدليس وإن كان لم يثبت في حق هذا الرجل الذي قال عن النبي صلى الله عليه وسلم فالإرسال غير منتف عنه.
وكم من تابعي يرسل حديثاً بهذا اللفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ونحن إنما نثبت الإتصال بلفظ عنه إذا ثبت لقاء المعنعن عنه على الراجح أو يكتفي بمجرد إمكان اللقاء على قول مسلم، وليس في قول التابعي أخبرني رجل عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يقتضي ثبوت لقائه إياه ولا إمكان ذلك. نعم قد يفرق في مثل هذا بين التابعي الكبير المتقدم وبين من بعده إذ الغالب على الظن أن التابعي الكبير إنما يروي عن الصحابة دون التابعي الصغير. فيقوى الحكم بكون ذلك الرجل صحابياً1.
وقد وقع للقاضي أبي بكر بن العربي في أثناء كلامه في كتابه القبس في شرح الموطأ أنه قال:
اتفقت الأمة على أن مجهول العين تجوز الرواية عنه إذا قال يعني الراوي عنه من التابعين حدثنا رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لوجوب العدالة لهم ولا يجوز ذلك في غيرهم لعدم العدالة فيهم. وفي هذا النقل
1فتح المغيث 3/99.
من الإجماع نظر ظاهر يعرف مما تقدم.
وقد حكى ابن القطان الخلاف في ذلك مع تسمية المذكور بأنه صحابي فهو جار في قوله رجل. بطريق الأولى.
وقد حكى بعض الفضلاء عن ابن حزم أنه قال في كتابه النبذ الكافية له:
كل من روى عن صاحب لم يسمه، فإن كان ذلك الراوي ممن لا يجهل صحة قول من يدعي الصحبة من بطلانه، فهو خبر مسند تقوم به الحجة، لأن جميع الصحابة رضي الله عنهم عدول.
قال: وإن كان الراوي ممن يمكن أن يجهل صحة قول مدعي الصحبة، فهو حديث مرسل لا تقوم به الحجة، إذ لا يؤمن من فاسق من الناس أن يدعي الصحبة عند من لا يعرف كذبه من صدقه1.
وأما إذا روى الراوي الثقة عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم خبراً ولم يسمها فهو حجة قاطعة، لأنه لا يمكن أن تخفى أمهات المؤمنين على أحد من أهل التمييز في ذلك الوقت2.
هذا ما نقله عن ابن حزم، وهو تفصيل حسن بالغ، ومقتضاه أن ما قال فيه أحد علماء التابعين وأهل الخبرة منهم حدثني رجل من الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم بكذا أنه يكون مقبولاً، لأن الظاهر أنه لا يطلق ذلك إلا بعد ثبوت صحبته عنده. وحينئذ لا تضر الجهالة بإسمه لما سنقرره إن شاء الله تعالى من عدالة جميعهم.
1 في النسخة الأمريكية: صدقه من كذبه.
2 النبذ لابن حزم ص 53.
وانظر السخاوي 3/99 حيث فرق بين التابعي الكبير والصغير.
وأما إذا لم يكن من علماء التابعين ففيه الاحتمال الذي قاله ابن حزم والتوقف فيه قوى. هذا إذا وصفه التابعي بأنه صحابي، فأما إذا قال حدثني رجل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يكن فيه ما يقتضي اللقاء، فقد تقدم الكلام فيه، وإن الأقوى التفرقة بين كبار التابعين وصغارهم، ويلتحق بما ذكره ابن حزم من الراوية عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم مبهمة.
ما إذا قال التابعي الثقة حدثني رجل من أهل بدر، أو من أهل بيعة الرضوان، ونحو ذلك مما لا يخفي بطلان دعوى من يدعي ذلك لنفسه إذا كان كاذباً على أهل ذلك الزمن، لأن المتصفين بمثل هذه الصفات كانوا حينئذ مشهورين مميزين عند كل أحد بخلاف دعوى مطلق الصحبة، فإن فيهم الأعراب ونزاع القبائل ممن لا يعرف حاله أصلاً، ولهذا نجد كثيراً منهم اختلف أئمة الحديث في إثبات الصحبة له، فأثبتها بعضهم ونفاها آخرون، ولم يختلفوا في من شهد بدراً والحديبية إلا في النادر منهم.
وقد تحصل من مجموع ما تقدم أن ما ثبت به الصفة المقتضية للصحبة على مراتب:
أولها وهو أعلاها: التواتر المفيد للعلم القطعي بصحبته، وهذا لا يختص بالعشرة المشهود لهم بالجنة وأمثالهم، بل يدخل فيه أيضاً كل من تواترت الرواية عنه من الصحابة المكثرين الذين بلغ عدد الرواة عنهم العدد المفيد للتواتر كأبي سعيد الخدري، وجابر وعبد الله بن عمرو بن العاص وأمثالهم، وكذلك من اتفقت الأمة على صحة حديثه وتلقته بالقبول، وإن لم تكثر الرواية عنه كأبي قتادة وأبي مسعود البدري ونحوهما.
فإن من لوازم ذلك اتفاقهم على كونه صحابياً، ويندرج في هذا عدد كثير من الصحابة المتفق على صحة أحاديثهم.
وثانيها: أن تكون صحبته ثابتة بالإشتهار القاصر عن رتبة التواتر وهو يفيد العلم النظري عند كثير من العلماء، ويلتحق بهذه الرتبة من اتفقت كتب السير والمغازي والتواريخ على ذكره في الصحابة وتسميته في عدد من الغزوات ولم يوجد أحد خالف في ذلك ولا أهمل ذكره في ذلك. ويندرج في هذا النوع خلق كثير من الصحابة رضي الله عنهم، وإن كان فيهم من ليس له إلا الحديث الواحد أو الإثنان.
وثالثها: من لم يشتهر من جهة الرواية عنه، ولكنه تضمنه كثير من كتب السير بالذكر، أما بالوفادة على النبي صلى الله عليه وسلم أو باللقاء اليسير أو في أثناء قصة أو غزوة، له ذكر ونحو ذلك.
فهذه مرتبة دون التي قبلها.
ورابعها: من روى عنه أحد أئمة التابعين الذين لا يخفى عنهم مدعي الصحبة ممن هو متحقق بها وأثبت له ذلك التابعي الصحبة أو اللقاء أو جزم الرواية عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم غير معترض على ذلك لما يلزم في روايته عنه على هذا الوجه من تصديقه فيما ذكر من الصحبة والرواية سواء سماه في روايته عنه أو لم يسمه. بل قال رجل: إذا كان التابعي كما وصفنا بحيث لا يخفى عنه ذلك، ولا فرق بين الحالتين والتابعي كذلك. إذ لا تضر الجهالة بعين الصحابي بعد ثبوت صحبته.
وخامسها: أن يقول من عرف بالعدالة والأمانة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أو رأيته يفعل كذا ونحو ذلك. ويكون سنه يحتمل ذلك، والسند إليه صحيح. فهذا مقبول القول على الراجح وفيه ما تقدم من الاحتمال،
ونظيره أن يروي أحد متقدمي التابعين عن رجل لم يسمه شيئاً يقتضي له صحبة، فإن القرائن هنا قائمة بصدقه منها:
ندرة كذب مثل ذلك في ذلك العصر الأول.
ومنها: أن الظاهر من التابعي الكبير أنه لا يروي إلا عن صحابي. فإن انضم إلى ذلك وصفه بصفة خاصة، كرجل من أهل بدر أو من أهل بيعة الرضوان فهو أعلى من هذه المرتبة لما تقدم أن مثل هؤلاء كان مشهوراً. فإذا وصفه التابعي الثقة بذلك كان كالتصريح باسمه وهو معروف. فتكون هذه الحالة حينئذ من المرتبة الرابعة.
وسادسها: أن يصح السند إلى رجل مستور لم تتحقق عدالته الباطنة، ولا ظهر فيها ما يقتضي جرحه فيروي حديثاً يتضمن أنه صحابي إما بسماعه ذلك أو بمشاهدته شيئاً من أفعاله صلى الله عليه وسلم ونحو ذلك. أو برواية مجردة إذا اكتفينا بها في إثبات الصحبة. فهذا يتخرج على قبول رواية المستور. فمن قبله كان ذلك هنا بطريق الأولى لقرينة صدق مثل هذا. وأنه لم يوجد في ذلك القرن من يدعي ذلك كذباً إلا نادراً جداً، ولعله لا يصح السند إليه.
1-
ومن لم يقبل رواية المستور في التابعين فمن بعدهم قد يقبل مثل هذا. وهو الذي عليه عمل ابن منده، وابن عبد البر وغيرهما ممن صنف في الصحابة، لعدهم هذا الصنف فيهم من غير توقف فيهم ومن العلماء من توقف في حديثهم وإثبات الصحبة لهم كما تقدم.
1 سقط هذا السطر وما بعده إلى قوله الذين غزوا معه صلى الله عليه وسلم من النسخة الأمريكية.
وسابعها: أن يروي بعض صغار التابعين ومن ليس من أهل الميز منهم عن رجل مبهم ما يقتضي له صحبة، وهي أضعف المراتب وإن كان جماعة من الأئمة قبلوا مثل ذلك وأثبتوا حديثهم في مسانيد الصحابة والرواة عنهم كما وصفت.
وكان ذلك –والله أعلم – لقرينة صدق ذلك الجيل الذي هو خير القرون. وأن مثل هذه المرتبة الشريفة لم يدعها أحد في ذلك العصر كذباً، بخلاف الأعصار المتأخرة فقد رويت أحاديث عن جماعة ادعوا أنهم عُمروا وأن لهم صحبة. كما قد أولع كثير في هذه الأزمان بحديث رتن الهندي الذي ادعى الصحبة وأنه عاش إلى نحو الستمائة والخمسين. ولعله لا وجود له البتة. ووضعت عليه هذه الأحاديث.
وإن كان له وجود وقد ادعى مثل ذلك، فهو كذاب قطعاً لا يستريب أحد من علماء أهل الأثر في ذلك. وليس هذا موضع بسط الكلام فيه.
فأما في ذلك العصر الأول فيعز وجود من يدعي صحبة وهو فيها كاذب.
فهذا تقسيم بالغ في تحقيق مراتب ما تثبت به الصحبة، منّ الله به وله الحمد والمنة. ولم أر أحداً بسط الكلام في هذه المسألة مع قوة الحاجة الداعية إليها.
والله الموفق للصواب وله الحمد كثيراً لا نحصي ثناء عليه.
انظر ترجمة رتن في الإصابة 2/532 القسم الرابع.