المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ أيها المذنب! احذر فظاعة المثوى - تذكر منزلك بعد الموت

[أزهري أحمد محمود]

الفصل: ‌ أيها المذنب! احذر فظاعة المثوى

*‌

‌ فماذا أعددت له أيها المذنب

؟ !

يا من استأنست بشهوات النفس .. وأخلدت إلى رغائبها! أعلمت أن المصير إلى حفرة يا لبؤس ساكنها إن لم يمهدها بالصالحات؟ !

تابعت النفس اللجوج .. وعما قليل ليأتينك الخبر اليقين!

أيها المسكين! ماذا أعددت لبيت الوحشة .. ومثوى الدود؟ !

قال عمر بن عبد العزيز لبعض جلسائه: «يا فلان، لقد أرقت الليلة، أتفكر في القبر وساكنه، وإنك لو رأيت الميت بعد ثلاثة في قبره؛ لاستوحشت من قربه بعد طول الأنس منك به! ولرأيت بيتًا تجول فيه الهوام! ويجري فيه الصديد! وتخترقه الديدان! مع تغير الريح! وبلى الأكفان! بعد حسن الهيئة، وطيب الريح، ونقاء الثوب» ! قال: ثم شهق شهقة خر مغشيًا عليه!

*‌

‌ أيها المذنب! احذر فظاعة المثوى

!

غدًا يثوى الجميع إلى حفرة يبين فيها السعيد من الشقي .. منزل يسعد فيه السعداء .. ويشقى في غمراته التعساء!

القبر! ما أفظع كرباته! وما أشد محنه!

كم من مجندل تحته! وكم من مكروب بين أركانه!

فهل تذكرت - أيها المذنب - فظاعة المثوى .. ووحشة الفراش؟ !

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما رأيت منظرًا قط إلَاّ والقبر أفظع

ص: 6

منه»! [رواه الترمذي وابن ماجه/ صحيح ابن ماجه للألباني: 4343].

أيها المذنب! هل تذكرت المبيت بين أطباق لحدك؟ ! كيف سيكون المنزل يومها؟ ! يا لله! ما أوحش المبيت! وما أخشن المنزل!

قال أنس بن مالك رضي الله عنه: «يومان وليلتان لم تسمع الخلائق بمثلهما: يوم تأتيك البشرى من الله تبارك وتعالى؛ إما بعذابه، وإما برحمته! ويوم تُعطى كتابك؛ إما بيمينك، أو بشمالك! وليلة تبيت في القبر وحدك، ليلة لم تبت مثلها ليلة! وليلة صبحتها يوم القيامة، ليس بعدها ليل» .

وكان الحسن بن صالح إذا أشرف على المقابر؛ يقول: «ما أحسن ظواهرك، إنما الدواهي في بواطنك» .

فتذكر - أيها المذنب - تلك الدواهي .. وهل تطيق صبرًا أيها المسكين على فظائه اللحود .. أو هل ستجد يومها خلاصًا من مواكب الدود؟ !

ضعوا خدي على لحدي ضعوه

ومنه عفر التراب فوسدوه

وشقوا عنه أكفانا رقاقًا

وفي الرمس البعيد فغيبوه

فلو أبصرتموه إذ تقضت

صبيحة ثالث أنكرتموه

وقد سالت نواظر مقلتيه

على وجناته وانفض فوه

ص: 7