الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثالثًا: النص المحقق
…
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه التوفيق1
الحمد لله ذي الجود والعلاء، على ما أولانا من النعماء، في السراء والضراء، والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والأصفياء،. وعلى آله وأصحابه سرج الإقتداء والاهتداء، أما بعد:
فيقول أضعف عبيد ربه القوي الباري، على بن سلطان محمد الهروي القاري، عامله الله بلطفه الخفي، وكرمه الوفي:
إن الله سبحانه عز شأنه، وجل برهانه، جعل البلاء، ثمرة الولاء لأهلي الاصطفاء، ولهذا ورد: "أشد الناس بلاءا الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل - أي الأفضل فالأفضل من الأولياء2 - يبتلى الرجل على حسب دينه-
1 في (ب)(رب زدني علما يا كريم) .
2 وقال ابن الأثير: أي الأشرف فالأشرف، والأعلى فالأعلى، في الرتبة والمنزلة، يقال: هذا أمثل من هذا: أن أفضل وأدنى إلى الخير، وأماثل الناس: خيارهم. النهاية 4/296، وانظر فتح الباري 10/111، فضل الله الصمد 1/601-602، فيض القدير للمناوي 1/518.
أي قدر قوة يقينه1 - فإن كان في دينه صلبًا2، اشتد بلاؤه، وإن كان في دينه رقة3 ابتلي على قدر دينه، فما يبرح البلاء4 بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة5 ".
رواه أحمد6، والبخاري7، والترمذي8، وابن ماجة9، عن
1 فيض القدير1/519.
2 قويا.
3 ضعف ولين.
4 في (أ) : البلايا.
5 هذا: كناية عن سلامته من الذنوب، وخلاصه منها، كأنه كان محبوسا فأطلق وخلي سبيله، فهو يمش على الأرض وما عليه بأس، ومن ظن أن شدة البلاء هوان بالعبد، فقد ذهب لبه، وعمي قلبه، فقد ابتلي من الأكابر ما لا يحصى، فقد قتل الخلفاء الراشدون الثلاثة، والحسين بن علي،. وابن الزبير، وسعيد بن جبير، وضرب أبو حنيفة، وحبس، وجرد مالك وضرب بالسياط، وضرب أحمد حتى أغمي عليه - إلى غير ذلك مما يطول ذكره.
وانظر: فيض القدير 1/519، سير أعلام النبلاء3/363،280،4/321، 6/390،7/229،8/48،11/177، الإصابة 2/ 462،507، 518.
6 مسند أحمد1/185.
7 لم يروه الإمام البخاري رحمه الله، وإنما وضع ترجمة لباب بمعنى هذا الحديث، فقال في كتاب المرضى 4/3: باب أشد الناس بلاغ الأنبياء، ثم لأمثل فلأمثل.
8 الترمذي/ أبواب الزهد/ باب الصبر على البلاء4/28، ر. قم (2509) ، واللفظ له، وقال حديث حسن صحيح.
9 ابن ماجه، كتاب الفتن/ باب الصبر على البلاء2/1334، رقم (4023)
سعد1 بن أبي وقاص2.
وروى البخاري في تاريخه3، عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم:" أشد4 الناس بلاءا في الدنيا نبي أو صفي5 ".
وفي رواية للحاكم6، وغيره7، عن أبي سعيد - رضي الله
1 في (أ) : سعيد.
2 ورواه بالإضافة إلى من ذكرهم المصنفة: ابن أبى شيبة/ كتاب الجنائز2/443، رقم (10828) ، والدارمى/ كتاب الرقائق/ باب أشد الناس بلاء2/228، رقم (2786) ، والنسائي/ كتاب الطب4/352، رقم (7481) ، والبغوي في شرح السنة/ كتاب الجنائز/ باب شدة المرض5/244، رقم (1434) ، وابن حبان في صحيحه/ كتاب الجنائز7/161 رقم (2901) والحاكم في المستدرك/ كتاب الإيمان1/40 وصححه) والبيهقي في السنن الكبرى/ كتاب الجنائز3/372، وفي شعب الإيمان/ باب الصبر على المصائب7/142 رقم (9775) ، والمحاملي في أماليه 179 رقم (151) .
3 التاريخ الكبير8/115، رقم (2400) .
4 أشد: أسقطت من (أ) .
5 قال جماعة من العلماء: والحكمة في كون الأنبياء أشد بلاغ ثم لأمثل فلأمثل؟ أنهم معصومون؟ بكمال الصبر وصحة الاحتساب، والأنبياء معصومون من الخطايا فتعلن الثواب. والله اعلم. وانظر: تسلية أهل المصائب لأبى عبد الله الحنبلي ص 172.
6 الحاكم في المستدرك/ كتاب الايمان 1/ 40، وكتاب الرقاق4/307، وصححه، ووافقه الذهبي.
7 رواه أيضا: أحمد في المسند3/94، وابن ماجه في كتاب الفتن اباب الصبر على البلاء2/1334، رقم (024 4)، وقال في الزوائد: إسناده صحيح، ورجاله ثقات، وأبو يعلى في مسنده2/312، رقم (1045) ، والبخاري في الأدب المفرد 1/ 601، رقم (510) ، والبيهقي في السنن الكبرى/ كتاب الجنائز3/372، وفي شعب الإيمان/ باب الصبر على المصائب7/142، رقم (9774) .
عنه- "ولأحدهم كان أشد فرحا بالبلاء من أحدكم بالعطاء". وروى أحمد1 وغيره2، عن رجل من بني سليم3 مرفوعا:"إن الله تعالى يبتلي العبد فيما أعطاه، فإن رضي بما قسم الله له بورك له، ووسعه الله، وإن لم يرضى لم يبارك له، ولم يزد على ما كتب له". وفي الحديث القدسي، والكلام الإنسي:"من لم يرضى بقضائي، ولم يصبر على بلائي، ولم يشكر على نعمائي، فليلتمس ربا سواي"4.
1 مسند أحمد5/24.
2 رواه أيضا: ابن أبي الدنيا في كتابه: الرضا عن الله بقضائه ص 82 رقم (54) ، وأبو نعيم في الحلية2/213، والبيهقي في الشعب/ باب الصبر على المصائب7/125-126، رقم (9725) . قال الهيثمي في مجمع الزوائد 10/257، ورجاله رجال الصحيح، ورمز له السيوطي في: الجامع الصغير1/74 بالصحة.
3 جهالة الصحابي الراوي لا تقدح في صحة الحديث، إذ أن الصحابة عدول كلهم.
قال ابن كثير رحمه الله في كتابه: اختصار علوم الحديث ص 181: والصحابة كلهم عدول عند أهل السنة والجماعة، لما أثنى الله عليهم في كتابه العزيز، وبما نطقت به السنة النبوية في المدح لهم في جميع أخلاقهم وأفعالهم، وما بذلوه من الأرواح والأموال بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم رغبة فيما عند الله عز وجل من الثواب الجزيل، والجزاء الجميل.
4 الحديث ورد من طريق أبى هند الداري. رواه الطبراني في الكبير22/320، رقم (807) ، وابن حبان في كتاب المجروحين1/327، والديلمي في مسند الفردوس3/169، رقم (4449) .
قال الهيثمى في مجمع الزوائد 7/207: فيه سعيد بن زياد بن هند، وهو متروك، ورمز له السيوطي في الجامع الصغير2/81 بالضعف، وضعفه الحافظ ابن حجر، انظر: الإصابة 4/212، كما أورده المصنف في كتابه الأحاديث القدسية 38، وضعف إسناده.
وروى الإمام أبو حنيفة1، عن حماد2، عن إبراهيم النخعي، عن الأسود3، عن عائشة رضي الله عنها عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم أنه قال:"إن الله يكتب4 للإنسان الدرجة العليا في الجنة ولا يكون له من العمل ما يبلغهما، فلا يزال يبتليه حتى يبلغهما"5. وقد ورد عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: "إن الله ليبتلي المؤمن، وما يبتليه إلا لكرامته عليه" 6.
1 مسند أبي حنيفة ص 14- 15.
2 هو حماد بن أبي سليمان، شيخ أبي حنيفة، أبو إسماعيل الكوفي، عداده في صغار التابعين، مات سنة 120هـ.
3 الأسود بن يزيد بن قيس، أبو عمرو النخعي، أحد أجلاء التابعين، كان مخضرما، أدرك الجاهلية والإسلام، وثقه جمع من العلماء، مات سنة 75 هـ.
4 في المسند: ليكتب.
5 ورد هذا الحديث من طريق أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا بلفظ: "إن الرجل لتكون له عند الله المنزلة، فما يبلغها بعمل، فلا يزال الله يبتليه بما يكره حتى يبلغه إياها".
أخرجه ابن حبان في صحيحه/ كتاب الجنائز 7/169، رقم (1908) ، واللفظ له، وأبو يعلى في مسنده 10/482، رقم (6095) ، والحاكم في كتاب الجنائز 1/344، وصححه، والبيهقي في شعب الإيمان 7/164، رقم (9855) ، وأورده الحافظ ابن حجر في المطالب العالية2/339، رقم (2420) . قال الهيثمي في مجمع الزوائد 2/292: رجاله ثقات.
6 ورد من طريق أبى فاطمة الضمرى رضي الله عنه، رواه البخاري في التاريخ الكبير 7/266، رقم (1129) ، والطبراني في الكبير 22/323، رقم (813) ، والبيهقي في الشعب 7/164، رقم (9856) ، (9857) ، وابن عدى في الكامل6/2203-2204، وأورده الحافظ في الاصابة 4/154. قال الهيثمي في مجمع الزوائد 2/293: وفيه محمد ابن أبي حميد، وهو ضعيف.
ورمز له السيوطي بالضعف. الجامع الصغير 1/72.
ثم الابتلاء قد يكون بالسراء، وقد يكون بالضراء1، كما قال تعالى:{ونبلوكم بالشر والخير فتنة} 2 أي امتحانا في محنة ومنحة3.
وغالبا يكون بالضراء4، كما يشير إليه قوله تعالى:{ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصا برين} 5.
ومن جملة نقص الأنفس فقد النظر عن البصر، فإنه من أنفس الأعضاء.
وأشرف الأجزاء، فيكون الابتلاء به من أشد أنواع البلاء، والصبر
1 تفسير الماوردي (النكت والعيون) 3/446-447، معالم التنزيل للبغوي 5/318، زاد المسير لابن الجوزي 5/350، الجامع للقرطبي 11/287، الدر المنثور 4/572، فتح القدير 3/406.
2 الآية 35 من سورة الأنبياء.
3 روى الامام الطبري في تفسيره9/26، بسنده عن ابن عباس- رضي الله عنهما أنه قال: قوله تعالى: {ونبلوكم بالشر والخير} يقول: نبتليكم بالشدة والرخاء، والسقم والصحة، والفقر والغنى، الحرام والحلال، والمعصية والطاعة، والضلالة والهدى.
وروى بإسناده أيضا عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال، قوله تعالى:{ونبلوكم بالشر والخير فتنة} قال: بالشدة والرخاء، وكلاهما بلاء.
4 جامع البيان للطبري 2/44-45، النكت والعيون للماوردي 1/209-210، معالم التنزيل 1/169، زاد المسير 1/162، الجامع للقرطبى 2/174، الدر المنثور 1/285، فتح القدير 1/159.
5 الآية 155 من سورة البقرة.
عليه من أعظم أصناف. النعماء، كما ابتلى الله بعض الأنبياء والأصفياء، منهم يعقوب، وشعيب، عليهما السلام1.
1 قال، الصفدي في كتابه "نكت الهميان"ص 42: "قال حذاق الأصوليين: إن العمى لا يجوز على الأنبياء، لأن مقام النبوة أشرف من ذلك، ومنعوا من عمى شعيب لإسحاق، وقالوا: لم يرد بذلك نص في القرآن العظيم، ليكون العلم بذلك قطعيا.
وأورد عليهم قوله تعالى عن يعقوب عليه السلام: {وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم} ، وقوله تعالى:{فارتد بصيرا} ، وبياض العين لا يكون إلا بذهاب السواد، ومتى فقد السواد حصل العمى، والارتداد لا يكون إلا عودا إلى الحالة الأولى، والحالة الأولى كان فيها بصيرا، فدل على أن الحالة التي ارتد عنها كان فيها أعمى".
وأجاب المانعون: بأن قوله تعالى: {وابيضت عيناه} كناية عن غلبة البكاء، وامتلاء العين بالدموع، وقوله تعالى:{فارتد بصيرا} ذهب جماعة من المفسرين إلى أنه كان قد عمي بالكلية، وقالت جماعة: بل كان قد ضعف بصره من كثرة البكاء وكثرة الأحزان، فلما ألقوا القميص، وبشروه بحياة يوسف عليه السلام عظم فرحه، وانشرح صدره، وزالت أحزانه، فعند ذلك قوي ضوء بصره، وزال النقصان عنه".
وقال الآلوسى في تفسيره،] روح المعاني 12/123 [: " قوله تعالى: {وإنا لنراك فينا ضعيفا} الآية (91 من سورة هود) أي لا قوة لك ولا قدرة على شيء من الضر والنفع، والإيقاع والدفع، وروى عن ابن عباس، وسعيد بن جبير، والثوري، وأبي صالح تفسير الضعيف بالأعمى، وهى لغة أهل اليمن، وذلك كما يطلقون عليه ضريرا، وهو من باب الكناية على ما نص عليه البعض، وإطلاق البصير عليه كما هو شائع من باب الاستعارة تمليحا. وضعف هذا التفسير بأن التقييد بقولهم:(فينا) يصير لغوا، لأن من كان أعمى، يكون أعمى فيهم، وفي غيرهم، وإرادة لازمه وهي الضعف بين من ينصره ويعاديه لا يخفى تكلفه.
إلى أن قال: والمصحح عند أهل السنة أن الأنبياء عليهم السلام ليس فيهم أعمى، وما حكاه الله تعالى عن يعقوب عليه السلام كان أمرا عارضا وذهب، والأخبار المروية عمن ذكرنا في شعيب عليه السلام أي من كونه أعمى - لم نقف على تصحيح لها سوى ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما فإن الحاكم صحح بعض طرقه، لكن تصحيح الحاكم كتضعيف ابن الجوزي كما غير معول عليها.
وقال ابن عاشور في تفسيره "التحرير والتنوير" 12/149، عند كلامه على قوله تعالى:{وإنا لنراك فينا ضعيفا} قال: ومن فساد التفاسير تفسير الضعيف بفاقد البصر، وأنه لغة حميرية، فركبوا منه أن شعيبا عليه السلام كان أعمى، وتطرقوا من ذلك إلى فرض مسألة جواز العمى على الأنبياء، وهو بناء على أوهام، ولم يعرف من الأثر ولا من كنب الأولين ما فيه أن شعيبا عليه السلام كان أعمى. والله تعالى أعلم. وانظر في هذا: جامع البيان 7/274،103، النكت والعيون 2/499،3/70، معالم التنزيل 4/267،197، زاد المسير 4/270،152، الجامع للقرطبي 9/248،91، الدر المنثور 3/629،4/56، فتح القدير2/520،3/48.
ومنهم: عبد الله بن عباس1، وابن عمر2، وابن أم مكتوم3
1 عبد الله بن العباس بن عبد المطلب، القرشي، حبر الأمة، وفقيه العصر، وإمام التفسير، الصحابي الجليل، كان وسيما، جميلا، مديد القامة، مهيبا، كامل العقل، ذكي النفس، قال عنه طاووس بن كيسان: ما رأيت أحدا أشد تعظيما لحرمات الله من ابن عباس.
وقد ابتلى بالعمى في آخر حياته، وقال في ذلك أبياتا ذكرها المصنف ص 32، ومات سنة 78 هـ بالطائف.
ترجمته في: أسد الغابة 3/190، وفيات الأعيان 3/62، سير أعلام النبلاء 3/331، نكت الهميان 180.
2 عبد الله بن عمر بن الخطاب القرشي العدوي، من كبار فقهاء الصحابة، أسلم صغيرا، وهاجر إلى المدينة، كان من أهل الورع والعلم، كثير الاتباع لآثار رسول الله صلى الله عليه وسلم، شديد التحري والاحتياط والتوقي في فتواه، وكف بصره في آخر حياته، مات بمكة المكرمة سنة 73 هـ.
ترجمته في: تاريخ بغداد 171/1، الإصابة 347/2، نكت الهميان 183، الأعلام 4/ 108.
3 ابن أم مكتوم، اختلف في اسمه، فيقال: اسمه: عبد الله بن قيس القرشي، ويقال: عمرو ابن أم مكتوم، وعمرو أكثر، كما قاله الحافظ بن حجر، واتفقوا على نسبه، أنه ابن قيس بن زائدة، وأمه أم مكتوم، اسمها عاتكة بنت عبد الله المخزومية، وكان ضريرا، من المهاجرين الأولين، قدم المدينة قبل مهاجر النبي صلى الله عليه وسلم، استشهد في معركة القادسية، وقيل بل رجع إلى المدينة بعد القادسية فمات بها، وكان ذلك سنة 15هـ، وسيأتى زيادة في ترجمته. انظر ص 62 من هذا الكتاب.
ترجمته في: حلية الأولياء2/4، سير أعلام النبلاء 1/360، الإصابه 2/523، نكت الهميان 221.
رضي الله عنهم وطائفة من الصحابة الكرام رضي الله عنهم1.
ومنهم: جماعة من العلماء العظماء والمشايخ الكرام، يطول بذكرهم الكلام2، وفي هذا تسلية عظيمة لمن فاته هذا المرام.
وقد ورد عنه عليه السلام أحاديث تدل على عظمة هذا المقام.
منها:
حديث: "إن الله تعالى أوحى أن من سلبت كريمتيه، أثبته عليهما الجنة". رواه البيهقي3 عن عائشة رضي الله عنها.
ومنها: حديث، قال الله تعالى:"إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه 4 - يريد عينيه5 - ثم صبر6، غوضته منهما الجنة7 ". رواه
1 أورد الصفدي في كتابه "نكت الهميان في نكت العميان"، أسماء مائتين وسبعة وستين علما من الأعلام الذين أصيبوا بالعمى، فراجعه إن شئت
2 أورد الصفدي في كتابه "نكت الهميان في نكت العميان"، أسماء مائتين وسبعة وستين علما من الأعلام الذين أصيبوا بالعمى، فراجعه إن شئت
3 انظر شعب الإيمان/ باب الصبر على المصائب 7/191-193.
4 المراد بالحبيبتين: المحبوبتان، لأنهما أحب أعضاء الإنسان إليه، لما يحصل له بفقدهما من الأسف على فوات رؤية ما يريد رؤيته من خير فيسر به، أو شر فيجتنبه. فتح الباري 10/116.
5 جاء هذا التفسير عند البخاري في آخر الحديث، ولم يذكر من فسرهما.
6 قوله في الحديث (ثم صبر) المراد: أنه يصبر مستحضرا ما وعد الله به الصابر من الثواب، لا أن يصبر مجردا عن ذلك، لأن الأعمال بالنيات، وابتلاء الله عبده في الدنيا ليس من سخطه عليه، بل إما لدفع مكروه، أو لكفارة ذنوب، أو لرفع منزلة، فإذا تلقى ذلك بالرضا، تم له المراد، وإلا يصير، كما جاء في حديث سلمان رضي الله عنه "إن مرض المؤمن يجعله الله له كفارة ومستعتبا، وإن مرض الفاجر كالبعير عقله أهله، ثم أرسلوه فلا يدرى لم عقل ولم أرسل". أخرجه البخاري موقوفا في الأدب المفرد 1/583، رقم (493)، وانظر: فتح الباري 10/116.
7 قال الحافظ في فتح الباري 10/116: وهذا أعظم العوض، لأن الالتذاذ بالبصر يفنى بفناء الدنيا، والالتذاذ بالجنة باق ببقائها، وهو شامل لكل من وقع له ذلك بالشرط المذكور. انتهى
أحمد1، والبخاري2، عن أنس رضي الله عنه3.
ومنها: حديث، قال الله تعالى:"إذا سلبت من عبدي كريمتيه، وهو بهما ضنين - أي بخيل4 - لم أرض له بهما ثوابا دون الجنة إذا حمدني عليهما" رواه الطبراني5، وأبو نعيم في الحلية6 عن العرباض7.
1 مسند أحمد 3/283.
2 في صحيحه/ كتاب المرضى/ باب فضل من ذهب بصره 4/3-4.
3 وسبب الحديث ما روي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: أتى جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعنده ابن أم مكتوم، فقال: متى ذهب بصرك؟ قال: وأنا غلام. فقال: قال الله تبارك وتعالى.. وذكر الحديث.
أخرجه ابن سعد في الطبقات 4/156، والبيهقي في الشعب 7/193،
رقم (9963) ، وذكره الذهبي في سير أعلام النبلاء 1/362 الهيثمي في مجمع البحرين 2/348، رقم (1174) .
وانظر: كشف الخفاء 1/74-75، البيان والتعريف في أسباب ورود الحديث الشريف 1/117، فيض القدير 4/488.
4 ومنه قوله تعالى: {وما هو على الغيب بضنين} الآية 24 من سورة التكوير.
أي ما هو بمتهم بل هو ثقة فيما يؤدي صت الله سبحانه وتعالى، وقيل:{بضنين} ببخيل، أي لا يبخل بالوحي، ولا يقصر في التبليغ.
وانظر: الجامع للقرطبي 19/242، اللسان 13/ 261، فتح القدير 5/392.
5 المعجبم الكبير للطبرانى 18/254، رقم (633) ، (634) ، (643) .
6 حلية الاولياء6/103، في ترجمة حبيب بن عبيد رضي الله تعالى عنه.
7 والحديث رواه أيضا: ابن حبان في كتاب الجنائز 7/194، رقم (2931) ، واللفظ له، والبخاري في التاريخ الكبير 4/412-413. والبزار 1/338، رقم (538) مختصر زوائد البزار، لابن حجر، وقال البزار: لا نعلمه عن العرباض بأحسن من هذا الإسناد. ونقل الحافظ في الفتح 10/116، تصحيح ابن حبان له.
ومنها: حديث، قال الله تعالى:"إذا وجهت لعبد من عبيدي مصيبة في بدنه، أو في ولده، أو في ماله، فاستقبله بصبر جميل، استحييت يوم القيامة أن أنصب له ميزانا، أو أنشر له ديوانا" رواه الحكيم1 الترمذي2، عن أنس رضي الله عنه3.
ومنها "ليس الأعمى من عمي بصره، الأعمى من عميت بصيرته" رواه البيهقي في الشعب4، والحكيم الترمذي5 من حديث عبد الله
1 هو الإمام، الحافظ، الزاهد، أبو عبد الله، محمد بن على، الحكيم الترمذي، له كتاب (نوادر الأصول في أحاديث الرسول ط.) قال الذهبي: وله حكم ومواعظ، لولا هفوة بدت منه، مات سنة 320 هـ.
انظر في ترجمته: حلية الأولياء10/233، سير أعلام النبلاء 13/439، الأعلام 6/ 272.
2 نوادر الأصول في معرفة أحاديث الرسول: ص 222.
3 ورواه أيضا: ابن عدي في الكامل 7/2607 والديلمي في مسند الفردوس 3/172 رقم (4459) ، والشهاب في مسنده 2/330، رقم (1462)، ورمز له السيوطي بالضعف: الجامع الصغير 1/83، وذكره في كنابه اللآلىء المصنوعة في الأحاديث الموضوعة 2/ 401.
وانظر: الأحاديث القدسية للمناوي 32، وتسلية أهل المصائب لأبي عبد الله الحنبلي 79.
4 شعب الإيمان/ باب التوكل والتسليم 2/126-127، رقم (1372) .
5 نوادر الأصول للحكيم الترمذي ص 52. ورواه أيضا: الديلمي في مسند الفردوس 3/403، رقم (5227) ، ورمز له السيوطي في الجامع الصغير 3/134 بالضعف.
وانظر: كشف الخفاء 2/167، تمييز الطب من الخبيث155.
ابن1 جراد، ويشهد له قوله تعالى2 {فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور} 3.
1 روى هذا الحديث عن عبد الله بن جراد، يعلى بن الأشدق، وقد قال ابن أبى حاتم: عبد الله بن جراد: لا يعرف، ولا يصح هذا الإسناد، ويعلى بن الأشدق ضعيف الحديث، وقال الذهبي: مجهول لا يصح خبره، لأنه من رواية يعلى بن الأشدق الكذاب عنه، وقال ابن عدي: يروي عن عمه عبد الله بن جراد عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث كثيرة منكرة، وهو وعمه غير معروفين.
وانظر: الجرح والتعديل 5/21، الكامل لأبن عدي 7/2742، ميزان الاعتدال 2/ 400.
2 جامع البيان للطري 9/171، معالم التنزيل 5/391، زاد المسير 5/439، الدر المنثور 4/658، فتح القدير 3/460.
3 الآية 46 من سورة الحج. قال الماوردي في تفسيره (النكت والعيون) 4/32: يحتمل عندي وجهين:
أحدهما: أنها لا تعمى الأبصار عن الهدى، ولكن تعمى القلوب عن الاهتداء. الثاني: أنها لا تعمى الأبصار عن الاعتبار، ولكن تعمى القلوب عن الإدِّكار.
وقال: قال مجاهد: لكل إنسان أربع أعين: عينان في رأسه لدنياه، وعينان في قلبه لآخرته، فإن عميت عينا رأسه، وأبصرت عينا قلبه لم يضره عماه شيئا وإن أبصرت عينا رأسه، وعميت عينا قلبه، لم ينفعه نظره شيئا. انتهى.
ومن أجمل ما قرأته في هذا المعنى، قول ابن صارة الأندلسي الشاعر المشهور المتوفى سنة 517 هـ:
يا من يصيخ إلى داعي الشقاء وقد
…
نادى به الناعيان: الشيب والكبر
إن كنت لا تسمع الذكرى ففيم ثوى
…
في رأسك الواعيان: السمع والبصر
ليس الأصم ولا الأعمى سوى رجل
…
لم يهده الهاديان: العين والأثر
لا الدهر يبقى، ولا الدنيا، ولا الفلك الـ
…
أعلى، ولا النيران: الشمس والقمر
ليرحلن عن الدنيا وإن كرها
…
فراقها الثاويان: البدو والحضر
ولابن عباس رضي الله تعالى عنهما1:
قلب المحب بنور الله معمور
…
ففي فؤادي وقلبي منهما نور
وغيره بظلام الجهل مغمور
…
كل المصائب دون النار عافية
إن يأخذ الله من عيني نورهما
…
كل النعيم سوى الفردوس محقور
ومنها: "لن يبتلى عبد بشيء أشد [عليه من الشرك بالله] 2، ولن يبتلى عبد بشيء بعد الشرك بالله أشد عليه من ذهاب بصره، ولن يبتلى عبد بذهاب بصره فيصبر إلا غفر له" رواه البزار3 عن بريدة4 رضي الله عنه.
ومنها: "ما أصيب عبد بعد ذهاب دينه بأشد من ذهاب بصره،
1 لم أقف سوى على البيت الثاني، وأورد بعضهم بعده قوله:
قلبي ذكي وعقلي غير ذي ذخل
…
وفي فمي صارم كالسيف مأثور
وانظر البيتين في: الاستيعاب 2/356، أسد الغابة 3/ 190، سير أعلام النبلاء 3/357، البداية والنهاية 8/308.
2 في النسختين [أشد من الشرك] ، والمثبت من زوائد البزار.
3 البزار 1/337، رقم (536) ] مختصر زوائد البزار لابن حجر [،، وقال الهيثمي في المجمع 2/308: رواه البزار، وفيه جابر الجعفي، وفيه كلام كثير وقد وثق.
قلت: قال النسائي: متروك الحديث، وتال شعبة: جابر صدوق في الحديث، وقال بن معين؟ لا يكتب حديثه، ووثقه وكيع والثوري.
وانظر: تهذيب الكمال 4/465، الكامل لابن عدى 2/537، ميزان الاعتدال 1/379.
4 هو: بريدة بن الحصيب الأسلمي، صحابي أسلم عام الهجرة. مات سنة 62 هـ.
وما ذهب بصر عبد فصبر إلا دخل1 الجنة" رواه الخطيب2 عن بريدة رضي الله عنه3.
ومنها: حديث: إن الله تعالى يقول: "إذا أخذت كريمتي عبدي في الدنيا لم يكن له جزاء عندي إلا الجنة" رواه الترمذي4 عن أنس رضي الله عنه5.
ومنها: "من ذهب بصره في الدنيا جعل الله له نورا يوم القيامة إن كان صالحا" رواه الطبراني في الأوسط6، عن ابن مسعود رضي الله عنه7.
ومنها: "عزيز على الله تعالى أن يأخذ كريمتي عبد مسلم، ثم
1 في (أ) : أدخل.
2 تاريخ بغداد للخطيب 1/394.
3 ورواه أيضا: المحاملي في أماليه 363، رقم (410) ، والديلمى في مسند الفردوس 4/122، رقم (6377) ، ورمز له السيوطي في الجامع 2/143 بالضعف، وضعفه المناوي في فيض القدير 5/423.
4 الترمذي/ أبواب الزهد/ باب ما جاء في ذهاب البصر 4/28،
رقم (2511)، وقال: هذا حديث حسن غريب.
5 ورواه أيضا: البيهقي في شعب الإيمان 7/192، رقم (9959) ، الترغيب والترهيب 4/301.
6 المعجم الأوسط للطبراني 2/127، رقم (1242) .
7 ورواه ابن عدي في الكامل 2/446، وقال: هذا حديث باطل، والهيثمي في مجمع البحرين في زوائد المعجمين 2/351، رقم (1180)، وقال في مجمع الزوائد 2/ 310: فيه بشر بن إبراهيم الأنصاري وهو ضعيف.
يدخله النار" 1 روي عن عائشة بنت قدامة2.
ومنها: "ذهاب البصر مغفرة للذنوب، وذهاب السمع مغفرة للذنوب، وما نقص من الجسد فعلى قدر ذلك" رواه ابن عدي3 والخطيب4، عن ابن مسعود رضي الله عنه.
وفي هذا الحديث إيماء إلى أن البصر أفضل من السمع كما ذهب إليه بعض علمائنا5.
1 الحديث. رواه أحمد في المسند 6/365، والطبراني في الكبير 24/343، رقم (856) ، والديلمى في مسند الفردوس 3/53، رقم (4137)، وقال الهيثمي في المجمع 2/308: فيه عبد الرحمن بن عثمان الحاطبي، ضعفه أبو حاتم، وذكره ابن حبان في الثقات.
قلت: رمز له السيوطي بالحسن.
وانظر: الترغيب والترهيب 4/301، الجامع الصغير 2/60، فيض القدير 5/315، بلوغ الأماني 19/136.
2 عائشة بنت قدامة بن مظعون القرشيه الجمحية، صحابية جليلة، من المبايعات، عدادها في أهل مكة، تزوجها إبراهيم بن محمد بن حاطب. ترجمتها في: طبقات ابن سعد 8/342، أسد الغابة 6/194، الإصابة 2/464، 4/362.
3 الكامل لابن عدى 3/963، وتال: هذا منكر المتن والإسناد.
4 تاريخ بغداد للخطيب 2/152.
ورواه أيضا: الديلمي في مسند الفردوس 2/246، رقم (3161) ، والذهبي،
في سير أعلام النبلاء 16/215، وقال: غريب جدا، وأبو نعيم في أخبار أصبهان 2/296.
وأورده ابن عراق في تنزيه الشريعة 2/352، وابن الجوزي في الموضوعات 3/204، والسيوطي في اللآلى المصنوعة 2/204.
5 سيأتي الكلام على هذه المسألة إن شاء الله تعالى، انظر ص 61 من هذا الكتاب.
وإشارة إلى أن فاقد عين واحدة من نظره، ومن ضعف بعض بصره، مثاب على قدر الابتلاء، وحينئذ فإن الأجر على قدر الصبر، وعلو الدرجة على قدر المشقة1.
وهنها حديث: يقول الله تعالى: "من أذهبت حبيبتيه فصبر، واحتسب، لم أرض له ثوابا دون الجنة"، رواه البيهقي2 عن أبي هريرة رضي الله عنه.
ومنها حديث يقول الله تعالى: "يا ابن آدم إذا أخذت كريمتيك فصبرت، واحتسبت عند الصدمة الأولى3، لم أرض لك ثوابا دون
1 فيض القدير 3/566.
2 في شعب الإيمان/ باب الصبر على المصائب 7/193 رقم (9965) .
ورواه أيضا: أحمد في المسند 2/265، والترمذي في أبواب الزهد/ باب ما جاء في ذهاب البصر 4/28 رقم (2511) وتال: هذا حديث حسن صحيح، وهناد بن السري في كناب الزهد/ باب الصبر على البلاء 2/231، رقم (2798) ، والنسائى في كتاب التفسير 6/445، رقم (11446) ، والدا رمي في كتاب الرقائق/ باب فيمن ذهب بصره 2/ 231، رقم (2798) ، وابن حبان/ كتاب الجنائز7/195، رقم (2932) ، والهيثمي في مجمع البحرين 350/2، رقم (1177) .
3 قال الخطابي: يريد أن الصبر المحمود المأجور عليه صاحبه هو ما كان
عند مفاجأة المصيبة، وهي الصدمة الأولى دون ما بعدها، فإنه إذا طالت الأيام عليها وقع السلو، وصار الصبر حينئذ طبعا فلم يكن للأجر موضع.
ثم نقل عن البعض أنه قال: إن الإنسان لا يؤجر على شيء من المصائب التي تناله في نفسه من مرض أو موت حميم، ورزء مال، لأجل ذوات هذه الأمور، فإن جميع ذلك طبع وجبلة، ولا صنع للإنسان فيه، وقد يصيب الكافر مثل ما يصيب المسلم، إنما يؤجر الإنسان على نيته واحتسابه الأجر فيها، وتلقي الأمر في ذلك بالرضا وجميل الصبر. انتهى. انظر: أعلام الحديث للخطابي 1/690، شرح السنة 5/448، فتح الباري 3/149-150.
الجنة" رواه أحمد1، وابن ماجة2، أن أبي أمامه3 رضي الله عنه.
ومنها: أن الله تعالى يقول: "يا ابن آدم إن أخذت منك كريمتيك، فصبرت، واحتسبت. عند الصدمة الأولى لم أرض لك ثوابا دون الجنة" رواه الطراني4، وابن5 السني6، وابن7 عساكر8، عن أبي أمامة رضي الله عنه.
1 مسند أحمد 5/258-259.
2 ابن ماجه/ كتاب الجنائز/ باب ما جاء في الصبر على المصيبة 1/509 رقم (1597)، وقال البوصيري في الزوائد: إسناده صحيح، ورجاله ثقات. ورواه البخاري في الأدب المفرد/ باب العبادة 1/631، رقم (535) ، والديلمي في مسند الفردوس 5/233، رقم (8049) ، وإسناده جيد، كما في بلوغ الأماني 19/136.
3 أبو أمامة، صدي بن عجلان الباهلي،، أحد أجلاء الصحابة رضي الله عنهم، مات سنة 81 هـ، وهو آخرهم موتا بالشام.
4 المعجم الكبير للطبرانى 8/225، رقم (7788) .
5 ابن السني، الحافظ، أبو بكر أحمد بن محمد بن إسحاق الدينوري، المشهور بابن السني، صاحب كتاب (عمل اليوم والليلة) مات سنة (364 هـ) .
6 عمل اليوم والليلة لابن السني ص 2197، رقم (629) .
7 ابن عساكر، هو الحافظ، المؤرخ أبو القاسم على بن الحسن بن هبة الله الشافعي، المعروف بابن عساكر، صاحب كتاب"تاريخ دمشق" مات سنة 571 هـ.
8 وعزاه لابن عساكر المتقى الهندي في: كنز العمال 3/278 رقم (6535) ، ورواه أحمد في المسند 5/258.
وقال الهيثمي في المجمع 2/308: فيه إسماعيل بن عياش وفيه كلام.
وقال البنا في بلوغ الأماني 19/136: إسناده جيد.
ومنها، حديث:"إن كان بصرك لما به1، ثم صبرت، واحتسبت، لتلقين الله ليس لك ذنب" رواه أحمد2، والحاكم3، عن أنس رضي الله عنه.
ومنها، حديث: قال الله عز وجلا: "لا أقبض4 كريمتي عبدي، فصبر لحكمي، ويرضى لقضائي، فأرضى له ثوابا دون الجنة". رواه عبد5 بن حميد6، وابن عساكر7 عن أنس رضي الله عنه.
ومنها، حديث يقول الله تعالى:"لا أذهب بصفيتي8 عبدي، فأرضى له ثوابا دون الجنة"، رواه أبو نعيم في الحلية9 عن أنس رضي الله عنه.
1 لما به: أي أصيب بسوء، بلوغ الأماني 19/135.
2 مسند أحمد 3/55-156.
3 المستدرك للحاكم 1/342، مختصرا، وصححه، ووافقه الذهبي، ورواه البيهقي في الشعب 6/536، رقم (9192)، قال الهيثمي في المجمع 2/308: وفيه الجعفي، وفيه كلام كثير، وقد وئقه الثوري وشعبة، وانظر: بلوغ الأماني 19/136.
4 في (أ) : لا قبضت.
5 هو عبد بن حميد بن نصر، أبو محمد، من حفاظ الحديث، قيل اسمه: عبد الحميد، وخفف، صاحب (المسند) . مات سنة 249 هـ.
6 مسند عبد بن حميد (المنتخب) ، رقم (1224) ،
7 وعزاه لابن عساكر، المتقى الهندي في كنز العمال 3/278، رقم (6539) ، ورواه البيهقي في الشعب/ باب الصبر على المصائب 7/192، رقم (9960) .226) .
8 صفيتاه: أي عيناه.
9 حلية الأولياء 9/237، وقال غريب تفرد به زيد من حديث أبي غسان.
ومنها، حديث:"يازيد لو أن عينيك لما بهما، وصبرت واحتسبت، لم يكن لك ثواب دون الجنة" رواه الطبراني1 عن زيد بن أرقم رضي الله عنه.
ومنها: "لا يذهب الله تعالى – بحبيبتي عبد، فيصبر، ويحتسب إلا أدخله الله الجنة" رواه ابن حبان2 عن أبي هريرة رضي الله عنه.
ومنها: "لو كانت عيناك لما بهما فصبرت، واحتسبت لأوجب الله تعالى الجنة" رواه الطبراني3 عن زيد بن أرقم رضي الله عنه، وفي رواية له عنه بلفظ4:"لو كانت عيناك لما بهما إذا كنت تلقى الله بغير ذنب"، رواه عبد بن حميد5، والبغوي6، عنه أيضا رضي الله عنه.
ومنها، حديث:"قال ربكم عز وجل: إذا قبضت كريمتي عبدي، وهو بهما ضنين7، فحمدني على ذلك، لم أرضى له ثوابا دون الجنة" رواه الطبراني8 عن أبي أمامة.
1 المعجم الكبير للطبراني 5/190، رقم (5052) ، وانظر حديث ص40 حاشية رقم114.
2 صحيح ابن حبان/كتاب الجنائز/باب الصبر وثواب الأمراض7/195، رقم (2932) ، وسبق تخريجه حديث رقم (2) ص35.
3 المعجم الكبير للطبراني 5/190، رقم (5052) ، وانظر حديث ص40 حاشية رقم (114) .
4المعجم الكبير للطبراني 5/204، رقم (5098) ، وانظر حديث ص40 حاشية رقم (114)
5 عزاه لهما: المتقي الهندي في: كنز العمال 3/280، رقم (6548) .
6 عزاه لهما: المتقي الهندي في: كنز العمال 3/280، رقم (6548) .
7 انظر حديث عن العرباض رضي الله عنه.
8 المعجم الكبير للطبراني 8/123، رقم (7504)، قال الهيثمي في المجمع 2/310: وفيه السافر بن نسير، ذكره ابن حبان في الثقات، وضعفه الدارقطني، وانظر: الجرح والتعديل 4/ 322، يزان الاعتدال 2/ 164.
ومنها: عن أنس رضي الله عنه قال: "دخلت مع النبي صلى الله عليه وسلم نعود زيد بن أرقم وهو يشتكي عينيه"، فقال "يازيد، أرأيت إن كان بصرك لما به"، قال:"أصبر وأحتسب"، فقال:"والذي نفسي بيده إن كان بصرك لما به، فصبرت، واحتسبت، لتلقين الله تعالى يوم القيامة ليس عليك ذنب" رواه أبو يعلى1، وابن عساكر2.
ومنها، عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال، رمدت عيني، فعادني3 رسول الله – صلى الله عليه وسلم في الرمد، فقال:"يا زيد بن أرقم، إن كان عينك لما بها كيف فعلت"، فقلت: أصبر واحتسب، قال.
1 مجمع الزوائد 2/208،210.
2 تاريخ دمشق لابن عساكر (التهذيب) : 5/440، ورواه أحمد في المسند 155/3، وابن الجعد في مسنده 2/844، رقم (2335)، قال الهيثمي في المجمع 2/310: وفيه الجعفي، وفيه كلام كثير وقد وثقه الثوري وشعبه، وانظر: بلوغ الأماني 19/136، وحديث حاشية رقم (74) . عن بريدة رضي الله عنه.
3 قال ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد 1/494: كان – صلى الله عليه وسلم يعود تن مرض من أصحابه، وعاد غلاما كان يخدمه من أهل الكتاب، وعاد عمه وهو مشرك، وعرض عليهما الإسلام، فأسلم اليهودي، ولم يسلم عمه، وكان يدنو من المريض، ويجلس عند رأسه، ويسأله عن حاله، فيقول: كيف تجدك؟ وكان يمسح بيده اليمنى على المريض، ويدعو له ثلاثا. ولم يكن من هديه صلى الله عليه وسلم أن يخمن يوما من الأيام بعيادة المريض، ولا وقتا من الأوقات، بل شرع لأمته عيادة المرضى ليلا ونهارا، وفي سائر الأوقات، وكان يعود من الرمد وغيره، وكان أحيانا يضع يده على جبهة المريض، ثم يمسح صدره وبطنه.
"يا زيد بن أرقم إن كان عينك لما بها ثم صبرت واحتسبت دخلت الجنة" رواه ابن عساكر1.
ومنها، عن زيد بن أرقم – رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليه يعوده من مرض كان به، فقال:"ليس عليك2 من مرضك هذا بأس، ولكن كيف بك إذا عمرت بعدي، فعميت"، قال: إذا أحتسب وأصبر، قال:"إذا تدخل الجنة بغير حساب"، فعمى بعد ممات النبي صلى الله عليه وسلم. رواه أبو يعلى3 وابن عساكر4.
ومنها، عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: أصابني رمد
1 تاريخ دمشق لاين عساكر 5/440 (التهذيب) . ورواه أحمد 4/375، والبخاركط في الأدب المفرد 1/628، رقم (532) ، وأبو داود في كناب الجنائز 3/477، رقم (3102) ، والطبراني في الكبير 5/190، رقم (5052) ، والمحاملي في أماليه 315، رقم (336) ، والحاكم في المستدرك 1/342، وصححه، والبيهقي في السنن الكبرى 3/381، وحسنه المنذري.
وانظر: مختصر سنن أبى داود للمنذري 4/279، وفتح الباري 10/113، وبلوغ الأماني19/136.
(عليك) : أسقطت من (أ) .
3 لم أقف عليه.
4 تاريخ دمشق لابن عساكر 5/440 التهذيب. ورواه الطبراني في الكبير 5/ 211، رقم (5126)، والبيهقى في دلائل النبوة 6/479. قال الهيثمي في المجمع2/309: ونباته بنت بر-س بن حماد لم أجد من ذكرها.
قلت: ذكر الحافظ المزي في تهذيب الكمال35/138: بنانة بنت يزيد العبشمية.
فعادني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما كان من الغد أفاق بعض الإفاقة، ثم خرج ولقيه النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:"أرأيت لو أن عينيك لما بهما ما كنت صانعا؟ "، قال:"كنت أصبر وأحتسب"، قال:" أما والله لو كانا عينيك لما بهما، ثم صبرت واحتسبت، ثم مت، لقيت الله تعالى ولا ذنب لك"، رواه البيهقى1.
ومنها، عن عكرمة، قال: مر عمر بن الخطاب رضي الله عنه برجل مبتلى أجذم، أعمى، أصم، أبكم، فقال لمن معه: هل ترون في هذا من نعم الله تعالى شيئا، قالوا: لا، قال: بلى، ألا ترونه ييول فلا يعتصر2، ولا يلتوي، يخرج به بوله سهلا، فهذه نعمة من الله تعالى. رواه عبد3 بن حميد. ولا يخفى أنه سبحانه وتعالى قال:{وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها} 4، أي لا تطيقوا عدها بذكرها، فضلا عن القيام بشكرها5.
1، في شعب الإيمان/ باب عيادة المريض 6/536، رقم (9191)، وقال: تابعه حجاج بن محمد عن يونس ابن أبي إسحاق.
2 في النسختين أيقتصر.
3 لم أقف عليه في [المنتخب] ، من مسند عبد بن حميد، وقد أورده المتقى الهندي في كتابه: كنز العمال: 3/751، رقم 8654
4 الآية 34 من سورة إبراهيم، و 118 من سورة النحل.
5جامع البيان 7/459، معالم التنزيل 4/354، زاد المسير 4/365، الجامع للقرطبي9/367.
قال العلامة الشوكاني في فتح القدير 3/110 عند كلامه على هذه الآية: " قوله تعالى: {وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها} أي: وإن تتعرضوا لتعداد نعم الله التي أنعم بها عليكم إجمالا، فضلا عن التفصيل، لا تطيقوا إحصاءها بوجه من الوجوه، ولا تقوموا بحصرها على حال من الأحوال، وأصل الإحصاء: أن الحاسب إذا بلغ عقدا معينا من عقود الأعداد، وضع حصاة ليحفظه بها، ومعلوم أنه لو رام فرد من أفراد العباد، أن يحصي ما أنعم الله به عليه في خلق عضو من أعضائه، أو حاسمة من حواسه، لم يقدر على ذلك قط، ولا أمكنه أصلا، فكيف بما عدا ذلك من النعم في جميع ما خلق الله في بدنه؟، فكيف بما عدا ذلك. من النعم الواصلة إليه في كل وقلب على تنوعها، واختلاف أجناسها؟، اللهم إنا نشكرك على كل نعمة أنعمت بها علينا مما لا يعلمه إلا أنت، ومما علمناه، شكرا لا يحيط به حصر، ولا يحصره عد، وعدد ما شكرك الشاكرون بكل لسان، في كل زمان". انتهى،
وقال- رحمه الله في موضع آخر من تفسيره 3/154: "إن كل جزء من أجزاء الإنسان لو ظهر فيه أدنى خلل، وأيسر نقص، لتغص النعم على الإنسان، وتمنى أن ينفق الدنيا لو كانت في ملكه حتى يزول عنه ذلك الخلل، فهو سبحانه يدير بدن هذا الإنسان على الوجه الملائم له، مع أن الإنسان لا علم له بوجود ذلك، فكيف يطيق حصر بعض نعم الله تعالى عليه؟، أو يقدر على إحصائها؟، أو يتمكن من شكر أدناها؟!. يا ربنا هذه نواصينا بيدك، خاضعة لعظيم نعمك، معترفة بالعجز عن بادية الشكر لشيء منها، لا نحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك ولا نطيق التعبير بالشكر لك، فتجاوز عنا، واغفر لنا، وأسبل ذيول سترك على عوراتنا، فإنك إن لا تفعل ذلك نهلك بمجرد التقصير في شكر نعمك، فكيف! بما قد فرط منا من التساهل في الائتمار بأوامرك، والانتهاء عن مناهيك.
رقد ورد أنه عليه السلام كان إذا خرج من الخلاء قال: "الحمد الله الذي أذهب عني مايؤذيني، وأبقى علي ماينفعني" 1، فهما
1ورد هذا مرسلا عن طاورس عن النبي صلى الله عليه وسلم: رواه ابن أبي شيبة في كتاب الطهارات/ باب ما يقول إذا خرج من المخرج 1/12، رقم (12) ، والدارقطني في كتاب الطهارة 1/57، رقم (12) ، والبيهقي في السنن الكبرى/ كتاب الطهارة/ باب ما ورد في الأستنجاء بالتراب 1/111، وقال: رواه أحمد بن الحسن المضري، وهو كذاب متروك، عن أبي عاصم، عن زمعة، ورواه سفيان بن عيينة عن سلمة عن طاووس عن ابن عباس، ولا يصح وصله ولا رفعه.
ورواه البيهقي أيضا في: المعرفة/ كتاب الطهارة/ باب الاستطابة 1/335، رقم (813)
نعمتان جليلتان قل من يعرف قدرهما، ويذكر شكرهما1، وإنما
1 قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديثا عائشة – رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج من الخلاء قال: "غفرانك" رواه أحمد في المسند 6/155، وأبو داود (.1/30، رقم (30) ، والترمذي 1/7، رقم (7)، وقال: حسن غريب، والنسائي 6/ 24، رقم (9907) ، وابن ماجة 1/110، رقم (355) ، وابن خزيمة، 1/48، رقم (90) ، وابن حبان 4/291، رقم (444 1) ، والبغوي في شرح السنة 1/379، رقم (188) ، والحاكم 1/158، وصححه، وأقره الذهبي، وصححه النووي في المجموع 2/75.
قال الإمام الخطابي رحمه الله في معالم السنن 2/22: قيل في تأويل قوله صلى الله عليه وسلم: "غفرانك" بعد خروجه من الخلاء، قولان: أحدهما: أنه قد استغفر من تركه ذكر الله تعالى مدة لبثه على الخلاء، وكان- صلى الله عليه وسلم لا يهجر ذكر الله تعالى - إلا عند الحاجة، فكأنه رأى هجران الذكر في تلك الحالة تقصيرا، وعده على نفسه ذنبا فتداركه بالاستغفار.
الثاني: معناه التوبة من تقصيره في شكر النعمة التي أنعم الله - تعالى- بها عليه، فأطعمه، ثم هضمه، ثم سهل خروج الأذى منه، فرأى شكره قاصا على بلوغ حق هذه النعم ففزع إلى الاستغفار منه والله أعلم.
وورد من طريق أنس وأبى ذر رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج من الخلاء قال:"الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني" روى حديث أنس بن ماجه في كتب الطهارة 1/110، رقم (301) ، وروى حديث أبي ذر ابن السني ص 14، رقم (22) .
قال العلامة الشوكانى- رحمه الله في نيل الأوطار 1/73: وفي حمده صلى الله عليه وسلم إشعار بأن هذه نعمة جليلة، ومنة جزيلة، فإن إنحباس ذلك الخارج من أسباب الهلاك، فخروجه من النعم التي لا تتم الصحة بدونها، وحق على كل من أكل ما يشتهيه من طيبات الأطعمة، فسدا به جوعته، وحفظ به صحته وقوته، ثم لما قضى منه وطره، ولم لحق فيه نفع، واستحال إلى تلك الصفة الخبيثة المنتنة، خرج بسهولة، من مخرج معد لذلك أن يستكثر من محامد الله جل جلاله، اللهم أوزعنا شكر نعمتك.
يعرف العوام لذة ما يدخل في أجوافهم من الطعام، أولئك كالأنعام بل هم أضل في مقام الإحسان والإنعام. وفي الحديث:"إن في بدن ابن آدم ثلائمائة وستين مفصلا بعضها ساكن، وبعضها متحرك، فلو سكن متحرك، أو تحرك ساكن ضاقت عليه الدنيا"1.
ومنها: "من ابتلي فصبر، وأعطى فشكر، وظلم فغفر، وظلم
1 لم أقف عليه، لكن ذكر ابن رجب رحمه الله في جامع العلوم والحكم 242 نحوه مختصرا.
وقد قال وهب بن منبه رحمه الله: عبد الله عز وجل عابد خمسين عاما، فأوحى الله عز وجل إليه، فد غفرت لك، قال: يا رب، وما تغفر لي، ولم أذنب؟، فأذن الله عز وجل لعرق في عنقه فضرب عليه، فلم ينم، ولم يصل، ثم سكن فنام، فأتاه ملك فشكا إليه، فقال: ما لقيت من ضربان العرق؟، قال الملك: إن ربك- عز وجل يقول: إن عبادتك خمسين سنة تعدل سكون ذلك العرق.
رواه البيهقى في الشعب 4/151، رقم (4622) ، وأبو نعيم في الحلية 68/4، وابن أبي الدنيا في كتاب الشكر 70 رقم [148] ،، وأورده ابن القيم في: عدة الصابرين 136، والسيوطي في الدر المنثور، 4/159. وابن رجب في جامع العلوم والحكم 242.
فاستغفر، أولئك لهم الأمن وهم مهتدون" رواه الطبراني1 والبيهقي2 عن سخبرة3.
ومنها: "عظم الأجر عند عظم المصيبة وإذا أحب الله قوما ابتلاهم"، رواه المحاملي4 في أمالي له5 عن أبي أيوب رضي الله عنه6.
1 المعجم الكبير للطبراني 17/38، رقم (6613) .
2 الشعب للبيهقى/ باب تعديد نعم الله عز وجل وشكرها، 4/104، رقم (4431) ، ومال إلى تضعيفه.
ورواه ابن أبي الدنيا في كتاب الشكر 77، رقم (167) ، وأبو شيم في أخبار أصبهان 2/225، وأورده الهيثمي في المجمع 10/284، وقال فيه أبو داود الأعمى وهو متروك وانظر: الجامع الصغير 2/159، فيض القدير6/22.
3 سخبرة، والد عبد الله بن سخبرة، بقال له صحبه، روى حديثه أبو داود الأعمى.
انظر: الجرح والتعديل 4/319، وأسد الغابة 2/175-176، وتهذيب الكمال 10/208-209، وحاشيته.
4هو أبو عبد الله، الحسين بن إسماعيل بن محمد، القاضي المحاملي، والمحاملي، بفتح الميم والحاء، وكسر الميم الثانيه واللام، نسبه إلى بيع المحامل التي يحمل الناس عليها إلى مكة. مات المحاملي سنة 330 هـ ببغداد.
ترجمته في: الأنساب للسمعاني 5/208، تاريخ بغداد 8/19، سير أعلام النبلاء 15/258، الأعلام 2/234.
5الأمالي، جمع الإملاء، وهو: أن يقعد عالم وحوله تلامذته بالأقلام والورق، فيتكلم العالم بما فتح الله سبحانه وتعالى عليه من العلم، ويكتبه التلامذة، فيصير كتابا، ويسمونه الإملاء، والأمالي، وكذلك كان السلف من الفقهاء والمحدثين وأهل العربية وغيرها في، علومهم. وانظر: كشف الظنون 1/161.
6لم أقف عليه في: أمالي المحاملي، رواية ابن يحي البيع، التي بين يدي وقد عزاه للمحاملي السيوطي في الجامع الصغير 2/60 ورمز له بالضعف، وصححه الألباني في صحيح الجامع 2/743، رقم (4013) ، وأورده المناوي في فيض القدير 4/318، رقم (5437) ، والمتقى الهندي في كنز العمال 3/298، رقم (6638) .
ومنها: "يود أهل العافية يوم القيامة حين يعطى أهل البلاء الثواب، لو أن جلودهم كانت قرضت في الدنيا بالمقاريض"1.
ومنها: "إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله تعالى إذا أحب قوما ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط"، رواه
1 الحديث ورد من طريق جابر رضي الله عنه رواه الترمذي في أبواب الزهد / باب ما جاء في ذهاب البصر 4/29، رقم (2513) واللفظ له، وقال حديث غريب لا نعرفه بهذا الإسناد إلا من هذا الوجه، والطبراني في الصغير 110، رقم (233) وقال: لم يروه عن الأعمش إلا أبو زهير عبد الرحمن بن مغراء، والخطب في تاريخ بغداد 4/ 400، 6/156، والبيهقي في السنن الكبرى/ كتاب الجنائز 3/375، وفي شعب الإيمان/ باب الصبر على المصائب 7/180، رقم (9921) ، والديلمي في الفردوس 3/442، رقم (5356) ، والخليلى في الإرشاد 2/666رقم (190) وأورده ابن الجوزي في الموضوعات 3/202، وقال: هذا حديث لا يصح، وقال السيوطي في اللآلي المصنوعة 2/401: وصححه الضياء المقدسي فأخرجه في المختارة، وفى الجامع الصغير2/140 أورده السيوطي ورمز له بالحسن؟ وقال الهيثمي في مجمع الزوائد:2/305: رواه الطبراني في الكبير، وفيه رجل لم يسم، وبقية رجاله ثقات. وحسنه الألباني في صحيح الجامع 2/963، رقم (5484) .
وانظر: الدر المنثور 5/606، فيض القدير 5/399، تهذيب التهذيب 6/274، كنز العمال 3/303.
الترمذي1، وابن ماجه2 عن أنس3 رضي الله عنه.
ومنها: "ما من عبد ابتلي ببلية في الدنيا إلا بذنب، والله أكرم وأعظم عفوا من أن يسأله عن ذلك الذنب يوم القيامة" رواه االطبراني4.
ومنها: "ليس بمؤمن مستكمل الإيمان من لم يعد البلاء نعمة، والرخاء مصيبة"، رواه الطبراني5 عن ابن عباس6 رضي الله عنهما.
1 الترمذي/ أبواب الزهد/ باب الصبر على البلاء4/27، رقم (2557) ، والفظ له، وقال: حسن غريب.
2ابن ماجة/ كتاب الفتن/ باب لصبر على البلاء 2/1338، رقم (4031) .
3ورواه البغوي في شرح السنة/ "كتاب الجنائز/ باب شدة المرض 5/245، رقم (1435) ، والديلمي في الفردوس 3/56 رقم (4149) ، والبيهقي في الشعب/ باب الصبر على المصائب 7/144، رقم (9782) ، وأبو يعلى 7/223، رقم (4222) ، 7/247، رقم (4253) ، والهيثمي في مجمع البحرين 334/2، رقم (1151) . وقال الألباني في تعليقه على المشكاة 1/493: إسناده حسن.
وانظر: مجمع الزوائد 2/ 291، التراب والترهيب 4/283، كنز العمال 3/331، رقم (268) .
4ورد من طريق أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، رواه الطبراني، ولم أقف عليه، وأورده السيوطي في الجامع الصغير 2/151، ورمز له بالحسن، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع 750، رقم (5194) . وانظر: فيض القدير 5/490، رقم (8076) ، وكنز العمال 3/332، رقم (6806) .
5 المعجم الكبير 11/32، رقم (10949) .
6ورواه الديلمي في الفردوس 3/407، رقم (5241) . قال الهيثمي في المجمع 1/97: فيه عبد العزيز بن يحي المدني، قال البخاري: كان يضع الحديث. وقال الألباني في ضعيف الجامع 705، رقم (4887) : موضوع. وانظر: تهذيب الكمال 18/218، الجامع الصغير 2/135، كنز العمال 3/333، رقم (6810) ، فيض القدير 4/5 36.
ومنها: "من ابتلي بداء في بدنه [أو سقم] 1، فسئل كيف تجدك؟، فأحسن على ربه الثناء، أثنى الله عليه في الملأ الأعلى"، رواه الديلمي2 عن عائشة رضي الله عنها.
ومنها: "كان عيسى بن مريم يسيح، فإذا مشى أكل بقل الصحراء، وشرب الماء القراح، وتوسد التراب، ثم قال: عيسى بن مريم ليس له بيت يخرب، ولا ولد يموت، طعامه بقل الصحراء، وشرابه الماء القراح، ووساده التراب، فلما أصبح ساح، فمر بواب، فإذا فيه رجل أعمى، مقعد، مجذوم، قد قطعه الجذام، السماء من فوقه، والوادي من تحته، والثلج عن يمينه، والبرد عن يساره، وهو يقول: الحمد لله رب العالمين ثلاثا، فقال له عيسى بن مريم: يا عبد الله على ما تحمد الله وأنت أعمى مقعد مجذوم، قد قطعك الجذام؟ السماء من فوقك، والوادي من تحتك، والثلج عن يمينك، والبرد عن يسارك؟، قال: يا عيسى أحمد الله إذ لم أكن الساعة ممن يقول: إنك إله وابن إله، وثالث ثلاثة" 3 رواه الديلمي، وابن النجار، عن جابر رضي الله عنه.
1زيادة من مسند الفردوس.
2مسند الفردوس للديلمي 3/629، رقم (5969) . كنز العمال 3/341 رقم (6845) .
3 ذكر الديلمي في الفردوس طرفا منه، ولم أقف عليه بتمامه في الجزء المطبوع من تاريخ ابن النجار، وذكره المتقي الهندي في الكنز بتمامه. انظر: مسند الفردوس للديلمي 3/272، رقم (4 481) ، والكنز 3/342- 343، رقم 68521.
ومنها: "المصيبة تبيض1 وجهه صاحبها يوم تسود الوجوه" رواه الطبراني في الأوسط2 عن ابن عباس رضي الله عنهما.
ومنها: "عجبت للمسلم إذا أصابته مصيبة احتسب وصبر، وإذا أصابه خير حمد الله وشكر، إن المسلم يؤجر في كل شيء حتى في اللقمة يرفعها إلى فيه" رواه الطيالسي3، والطبراني4 عن سعد بن أبي وقاص5 رضي الله عنه.
ومنها: "من يرد الله به خيرا يصب منه" أي يبتليه بالمصائب ليرفع
1في (أ)(تبيض الوجه) .
2 مجمع البحرين في زوائد المعجمين 2/335، رقم (1152) ، وأورده في المجمع أيضا 2/291، وقال: فيه سليمان بن رقاع، وهو منكر الحديث. وأورده السيوطي في الجامع الصغير 2/186، ورمز له بالضعف.
وانظر: كنز العمال 3/296، رقم (6628) ، فيض القدير 6/273، رقم (9218) .
3مسند الطيالسي ص 29، رقم (211) .
4 في الأوسط، مجمع البحرين 7/336، رقم (5440) .
5 ورواه أحمد في المسند 1/177، وعبد الرزاق في مصنفه/ باب المرض 11/197، رقم (20310) ، والبيهقى في السنن الكبرى/ كتاب الجنائز 3/376، وفى الشعب/ باب الصبر على المصائب 7/189، رقم (9950) ، والبغوي في شرح السنة/ كتاب الجنائز 5/ 448، رقم (1540)، وأورده الهيثمي في المجمع 7/209: وقال: رواه أحمد بأسانيد، ورجالها كلها رجال الصحيح، ورمز السيوطى له في الجامع الصغير 2/58 بالصحة وانظر: الكنز 3/297، رقم (6637) ، فيض القدير 4/305، رقم (0 539) .، بلوغ الأماني 19/129. قلت: روى البخاري في كناب الوصايا 2/125، ومسلم/ كتاب الوصية 3/ 1250، رقم (1628) ، بإسنادهما عن سعد بن أبى وقاص رضي الله عنه مرفوعا "
…
ولست تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله، إلا أجرت بها، حتى اللقمة تجعلها في في امرأتك.....".
له المراتب" 1. رواه أحمد2، والبخاري3، عن أبى هريرة رضي الله
ومنها: "ما من شيء يصيب المؤمن في جسده يؤذيه إلا كفر الله عنه به سيئاته" رواه أحمد4، والحاكم5، عن معاوية6 رضي الله عنه.
ومنها: "ما أصابت عبدا مصيبة إلا بإحدى خلتين، بذنب لم يكن
1 شرح السنة 5/232، فتح الباري 10/108، بلوغ الأماني 19/128.
2 مسند أحمد 2/237.
3 في الصحيح/ كتاب المرضى/ باب ما جاء في كفارة المرض 2/4.
4 مسند أحمد 4/98.
5 المستدرك/ كتاب الجنائز 1/347، وصححه، ووافقه الذهبي.
6ورواه أيضا: ابن أبي شيبة في كتاب الجنائز/ باب ثواب الحمى والمرض 2/440، رقم (15809) ، والطبراني في الكبير 19/359، رقم (841) ، (842) ، والبيهقي في الشعب/ باب الصبر على المصائب 4/168، رقم (98741) .
قال الهيثمي في المجمع 2/301: رجال أحمد رجال الصحيح، ورمز له السيوطي في الجامع 2/150 بالصحة. انظر: الكنز: 3/309، رقم 66931،، فيض القدير 5/484، رقم (8048) ،، بلوغ الأماني 19/132.
الله ليغفر له إلا بتلك المصيبة، أو بتلك المصيبة أو بدرجة لم يكن الله ليبلغه إياها إلا بتلك المصيبة". رواه أبو نعيم1 عن ثوبان2 رضي الله عنه.
ومنها: "إن في الجنة شجرة يقال لها شجرة البلوى، يؤتى بأهل البلاء يوم القيامة، فلا يرفع لهم ديوان، ولا ينصب لهم ميزان، يصب عليهم الأجر صبا"، وقرأ قوله تعالى:{إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب} 3. رواه الطبراني4 عن الحسن بن علي رضي الله عنهما.
1 لم أقف عليه في كتب أبي نعيم: الحلية، وأخبار أصبهان، ومعرفة الصحابة، وتد أورده المتقي الهندي في: كنز العمال 3/339، رقم 68331، ورواه الديلمي في مسند الفردوس 4/74، رقم 62291، وفى إسناده: ياسين الزيات، تال البخاري: منكر الحديث، وقال ابن حبان: يروي الموضوعات. وانظر: التاريخ الكبير 8/429، وكناب المجروحين 3/ 142، وميزان الاعتدال 4/358.
2 ثوبان النبوي، أبو عبد الله، مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، سبي من أرض الحجاز، فاشتراه النبي صلى الله عليه وسلم، وأعتقه، فلزم النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه، وحفظ عنه كثيرا من العلم - وطال عمره، ومات سنة (54 هـ) بحمص.
ترجمته في: أسد الغابة 1/296، سير أعلام النبلاء3/15، الإصابة 1/204، الأعلام 2/152.
3 الآية 10 من سورة الزمر.
4 المعجم الكبير للطبراني 3/92، رقم (2760) . وقال الهيمثي في المجمع 2/305: وفيه سعد بن طريف، وهو ضعيف جدا.
وأورده ابن الجوزى في الموضوعات 3/202، وقال: لا يصح، وذكره السيوطي في اللآلي المصنوعة في الأحاديث الموضوعة 2/399.
وانظر: الدر المنثورة5/606، والكنز 3/336، رقم (6824) .
فهذه أربعون حديثا متضمنة للصبر على البلاء، والشكر على النعماء، والرضا بالقضاء، في السراء والضراء، مشتملة على أوصاف أرباب البلاء، وأصحاب الولاء من الأنبياء والأولياء.
فإن قلت:
فإذا كان هذا كله ثواب الابتلاء، فكيف استعاذ النبي صلى الله عليه وسلم من أنواع الداء، فيما ورد عنه صلى الله عليه وسلم من أصناف الدعاء؟.
حيث قال عليه الصلاة والسلام: "اللهم عافني في بدني، اللهم عافني في سمعي، اللهم عافني في بصري" 1
1 الحديث ورد من طريق أبي بكرة رضي الله عنه. رواه البخاري في الأدب المفرد 2/159، رقم (701) ، وأحمد 5/42، وابن السني 35، رقم (69) ، وأبو داود في كتاب الأدب 5/325، ر. قم (5090) ، والنسائي في الكبرى 6/9-10 رقم (9850)، وقال: جعفر بن ميمون ليس بالقوى في الحديث.
وأورده السيوطي في الجامع 1/59، ورمز له بالصحة، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع 172 رقم (1210) .
قال الإمام الخطابي في كتابه: شأن الدعاء: 127 بعد أن ساق الحديث: قد تكون العافية في السمع والبصر، بأن يسلما من الآفات كالصمم، والعمى، والرمد، والأوجاع، وتكون بمعنى السلامة مما يسوء السامع له والناظر إليه، وقد تكون بمعنى العصمة من المآثم، فلا ينظر بعينه إلى محظور، ولا يصغي بأذنه إلى مكروه.
وقوله- صلى الله عليه وسلم: "اللهم متعني بسمعي وبصري، واجعلهما الوارث1 مني"2.
وقوله عليه الصلاة والسلام "
…
وأسألك أن تبارك لي في سمعي وفى بصري "3.
1 قال الإمام الخطابي في كتابه: شأن الدعاء: 167. معنى الوارث - هاهنا- الباقي، وحقيقة الوارث أنه هو الذي يرث ملك الماضي، سأل الله أن يبقي له قوة هاتين الحاستين إذا أدركه الكبر، وضعف منه سائر القوى، ليكونا وارثي سائر الأعضاء، والباقيين بعدها.
وقيل: إنه دعا بذلك للأعقاب والأولاد.
وقال ابن الأثير في النهاية 5/172: قوله "واجعلهما الوارث مني": أي أبقهما صحيحين سليمين إلى أن أموت، وقيل: أراد بقاءهما وقوتهما عند الكبر وانحلال القوى النفسانية، فيكون السامع والبصر وارثي سائر القوى، والباقيين بعدها. وقيل: أراد بالسمع وعي ما يسمع والعمل، به، وبالبصر الاعتبار بما يرى.
2 ورد من طريق عائشة رضي الله عنها: رواه الترمذي في أبواب الدعوات
5/180، رقم (3547)، وقال: حسن غريب، والطبراني في كتابه الدعاء 3/1478، رقم (1453) واللفظ له.
وورد من طريق أبي هريرة رضي الله عنه رواه الحاكم في المستدرك/ كتاب الدعاء/ 1/523، وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه..
3 الحديث ورد عن طريق ابن عمر رضي الله عنهما.
رواه الحاكم في المستدرك/ كتاب الدعاء1/528، وقال: هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه.
وقوله عليه الصلاة والسلام "
…
وأعوذ بك من الصمم والبكم1
…
" 2.
وقوله عليه الصلاة والسلام "اللهم إني أعوذ بك من البرص3 والجنون والجذام4 وسيء الأسقام5 " 6 ولاشك أن فقد السمع والبصر من أسوء الأسقام.
1 الأبكم: الأخرس، وقيل: الأخرس: الذى خلق ولا نطق له، والأبكم: الذي له نطق ولا يعقل الجواب. وقال القرطبي 1/214: الأبكم: الذي لا ينطق ولا يفهم، فإذا فهم فهو الأخرس، وقيل: الأخرس، والأبكم واحد.
2 الحديث ورد من طريق أنس رضي الله عنه.
رواه ابن حبان/ كتاب الرقائق/ باب الاستعاذة 3/355، رقم (1523) ، والطبراني في كنابه الدعاء3/1426، رقم (1343) ، وفى المعجم الصغير 1/135، رقم (308) ، والحاكم في المستدرك/ كتاب الدعاء1/530، وصححه، ووافقه الذهبي، والهيثمي في مجمع البحرين 8/56، رقم (4700) . وقال الهيثمى في المجمع 10/143: رواه الطبراني في الصغير، ورجاله رجال الصحيح.
3 البرص: بياض شديد يبقع الجلد، ويذهب دمويته. المصباح 44، معجم لغة الفقهاء159.
4 الجذام: علة تختر منها العضو، ثم يسود، ثم يتقطع ويتناثر، سمي بذلك لتجذم الأصابع وتقطعها، نسأل الله السلامة والعافية. المصباح 94، معجم لغة الفقهاء161.
5 قال الإمام الخطابي رحمه الله في معالم السنن 1/297: يشبه أن يكون استعاذته من هذه الأسقام، لأنها عاهات تفسد الخلقة، وتبقي الشين، وبعضها يؤثر في العقل وليست كسائر الأمراض التي إنما هي أعراض لا تدوم كالحمى والصداع، وسائر الأمراض التي لا تجرى مجرى العاهات، وإنما هي كفارات، وليست بعقوبات.
6 الحديث ورد من طريق أنس رضي الله عنه. رواه الطيالسي في مسنده 268، رقم 2008، وابن أبي شبية/كتاب الدعاء 6/18، رقم (29129) ، وأحمد في المسند 3/192، وأبو داود/ كتاب الصلاة لم باب الاستعاذة 2/194، رقم 15541،، والنسائي في الكبرى/ كتاب الاستعاذة/ باب الاستعاذه من الجنرن 45714، رقم (7929) ، والحاكم في المستدرك/ كتاب الدعاء1/535، وصححه، وأفره الذهبي، وابن حبان/ كناب الرقائق/ باب الاستعاذة 3/295، رقم (1017) ، والطبراني في كتابه الدعاء3/1426، رقم (1342) ، وفى المعجم الصغير 1/135، رقم (308) ، والهيثمى في مجمع البحرين 8/ 55- 56، رقم (4700) .
قال النووي في الأذكار 602، رقم 1018: إسناده صحيح.
فالجواب:
ما ورد في بعض الأحاديث من قوله عليه الصلاة والسلام: "
…
إن عافيتك أوسع لي
…
" 1.
وقد مر عليه الصلاة والسلام بقوم مبتلين2، فقال: "أما
1 ورد من طريق عبد الله بن جعفر.
رواه الطبراني في كتابه الدعاء2/ 1280، رقم (1036)، وقال محققه: إسناده حسن، لكن فيه عنعنة ابن إسحاق، ورواه ابن عدي في الكامل 6/2124، وقال: هذا حديث أبى صالح الراسبي، لم نسمع أن أحذا حاث بهذا الحديث غيره، ولم نكتبه إلا عنه.
وقال الهيثمي في المجمع 6/35 رواه الطبراني، وفيه ابن إسحاق، وهو مدلس ثقة، وبقية رجاله ثقات. وأورده السيوطي في الجامع 1/57- 58 ورمز له بالحسن.
وانظر: كنز العمال 2/175، رقم (3613) ، وفيض القدير 2/ 119، رقم (1483) .
2 في الدعاء للطبراني: مجذمين.
كان هؤلاء يسألون الله عز وجل العافية" 1.
وقد ورد: "اسألوا الله العفو والعافية، فإن أحدا لم يعط بعد اليقين خيرا من العافية2 "3.
1 رواه الطبراني في كتابه: الدعاء، عن أنس رضي الله عنه، 3/1405، رقم (1299)، وقال محقق الكتاب: إسناده حسن.
2 قال العلامة ابن القيم رحمه الله بعد أن أورد هذا الحديث: جمع بين عافيتي الدين والدنيا، ولا يتم صلاح العبد في الدارين إلا باليقين والعافية، فاليقين يدفع عنه عقوبات الآخرة، والعافية تدفع عنه أمراض الدنيا في قلبه وبدنه. انظر: زاد المعاد 5/215-126، عدة الصابرين 38 1.
3 الحديث ورد من طريق أبى بكر الصديق رضي الله عنه.
رواه ابن أبى شيبه/ كتاب الدعاء باب الدعاء بالعافية 6/3، رقم (29182) ، وأحمد في المسند 1/4، والبخاري في الأدب المفرد 2/186، رقم (724) ، وابن أبي الدنيا في كتاب الشكر 72، رقم (154) ، والنسائي في الكبرى/ كتاب عمل اليوم والليلة 6/220، رقم (10715) ، والترمذي/ أبواب الدعوات 5/218، رقم (3629) وقال: حسن غريب، وابن ماجة/ كتاب الدعاء 2/1265، رقم (3849) ، وأبو يعلى 1/112، رقم (121) ، والحاكم في المستدرك/ كتاب الدعاء1/529، وصححه، وأقره الذهبي، وابن حبان/ كتاب الرقائق 3/232، رقم (952) ، وأبو نعيم في الحلية 5/135، والبيهقى في الشعب 2/161، رقم 14401) ، والخطيب في تاريخ بغداد 4/381، والبغوي في شرح السنة/ كتاب الدعوات 5/178، رقم (1377) وقال: حديث غريب. والديلمي في الفردوس 2/305، رقم (3380) . قال الهيثمي في المجمع 10/173: رواه احمد ورجاله رجال الصحيح غير أوسط وهو ثقة، وصحح الألباني إسناده في تعليقه على المشكاة 2/766، رقم (2489) .
هذا ولم يرد اعمله عليه الصلاة والسلام تعوذ من العمى1.
ثم اختلف العلماء الأعلام في إن السمع أفضل أو البصر؟.
والأظهر الأول2 بدليل ما جاء في القرآن الكريم من تقديم السمع
1 قال الإمام الخطابي- رحمه الله في كنابه شأن الدعاء ص 172: لم يستعذ النبي صلى الله عليه وسلم من الحمى، والصداع، والرمد ونحوها، وذلك أن هذه الأمور - أي الصمم، والبكم، والجنون"، والجذام، والبرص - آفات، وعاهات تفسد الخلقة، وتغير الصورة، وتورث الشين، وتوثر في العقل، والمحنة بها تعظم، والبلاء فيها يجهد ويشتد.
2 قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى 9/315: إن العين تقصر عن القلب والأذن، وتفارقهما في شيء، وهو أنها إنما يرى صاجها بها الأشياء الحاضرة، والأمور الجسمانية مثل الصور والأشخاص، فأما القلب والأذن، فيعلم الإنسان بهما ما غاب عنه، وما لا مجال للبصر فيه من الأشياء الروحانية، والمعلومات المعنوية، ثم بعد ذلك يفترقان: فالقلب يعقل الأشياء بنفسه إذ كان العلم هو غذاءه وخاصيته، أما الأذن فإنها تحمل الكلام المشتمل على العلم إلى القلب، فهي بنفسها إنما تحمل القول والكلام، فإذا وصل ذلك إلى القلب أخذ منه ما فيه من العلم، فصاحب العلم في حقيقة الأمر هو القلب، وإنما سائر الأعضاء حجبه له، توصل إليه من الأخبار ما لم يكن ليأخذه بنفسه، حتى أن من فقد شيئا من هذه الأعضاء فإنه يفقد بفقده من العلم ما كان هو الواسطة فيه، فالأصم لا يعلم ما في الكلام من العلم، والضرير لا يدري ما تحتوي عليه الأشخاص من الحكمة البالغة، وكذلك من نظر إلى الأشياء بغير قلب لو استمع إلى كلمات أهل العلم بغير قلب فإنه لا يعقل شيئا، فمدار الأمر على القلب، وعند هذا تستبين الحكمة في قوله تعالى أفي سورة الحج الآية 46،:{أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها} حتى لم يذكر هنا العين كما في الآيات السوابق، فإن سياق الكلام هنا في أمور غائبة، وحكمة معقولة من عواقب الأمور لا مجال لنظر العين فيها".
وقال العلامة ابن القيم - رحمه الله تعالى - في كتابه: مفتاح دار السعادة 1/105 في سياق كلامه لبيان حجة من قال بتفضيل السمع، قال:
1-
إن السمع به تنال سعادة الدنيا والآخرة، فإنها إنما تحصل بمتابعة الرسل، وقبول رسالاتهم، وبالسمع عرف ذلك، فإن من لا سمع له لا يعلم ما جاؤا به.
2-
إن السمع يدرك به أجل شيء، وأفضله، وهو كلام الله تعالى، الذي فضله على الكلام، كفضل الله على خلقه.
3-
إن العلوم إنما تنال بالتفاهم والتخاطب، ولا، يحصل ذلك إلا بالسمع.
4-
إن مدركه أعم من مدرك البصر، فإنه يدرك الكليات والجزئيات، والشاهد والغائب، والموجود والمعدوم، والبصر لا يدرك إلا بعض المشاهدات، والسمع يسمع كل علم، فأين أحدهما من الآخر، ولو فرضنا شخصين أحدهما يسمع كلام الرسول ولا يرى شخصه، والآخر بصير يراه ولا يسمع كلامه لصممه هل كانا سواء؟.
5-
إن فاقد البصر إنما يفقد إدراك بعض الأمور الجزئية المشاهدة، ويمكنه معرفتها بالصفة ولو تقريبا، وأما فاقد السمع فالذي فاته من العلم لا يمكن حصوله بحاسة البصر ولو قريبا.
6-
إن ذم الله تعالى للكفار بعدم السمع في القرآن، أكثر من ذمه لهم بعدم البصر، بل إنما يذمهم بعدم البصير تبغا لعدم العقل والسمع.
7-
إن الذي يورده السمع على القلب من العلوم، لا يلحقه فيه كلال ولا سآمة ولا تعب، مع كثرته وعظمه، والذي يورده البصر عليه يلحقه فيه الكلال والضعف والنقص، وربما خشي صاحبه على ذهابه مع قلته ونزارته بالنسبة إلى السمع".
وقال الشيخ محمد الطاهر ابن عاشور (ت 1393هـ) في تفسيره، التحرير والتنوير: 1/ 258: "وفي تقديم السمع على البصر في مواقعه من القرآن الكريم، دليل على أنه أفضل فائدة لصاحبه من البصر، فإن التقديم مؤذن بأهمية المقدم، وذلك لأن السمع آلة لتلقي المعارف التي بها كمال العقل، وهو وسيلة بلوغ دعوة الأنبياء إلى أفهام الأمم على وجه أكمل من بلوغها بواسطة البصر لو فقد السمع، ولأن السمع ترد إليه الأصوات المسموعة من الجهات الست بدون توجه، بخلاف البصر، فإنه يحتاج إلى التوجه بالالتفات إلى الجهات غير المقابلة".
على البصر في مواضع كثيرة1.
وكذا في الأحاديث الشهيرة، ومنها:"إن أبا بكر وعمر مني بمنزلة السمع والبصر"2.
1 من ذلك:
أ- قوله تعالى: {ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة} الآية 7 من سورة البقرة،.
2-
قوله تعالى: {ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم} الآية 20 من سورة البقرة،.
3-
قوله تعالى: {إن السمع والبصر، الفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤلا} الآية 36 من سورة الإسراء،.
4-
قوله تعالى: {وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون} الآية 78 من سورة النحل،.
2 الحديث ورد من عدة طرق وبألفاظ مختلفة، رواه الإمام أحمد في فضائل الصحابة 1/382، رقم (575) و (686) ، والترمذي في أبواب المناقب 5/275، رقم (3753)، وقال: هذا حديث مرسل، والحاكم في المستدرك/ كتاب معرفة الصحابة 3/69، وقال: هذا - حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وحسنه الذهبي، وأبو نعيم في الحلية 4/93، والخطب في تاريخ بغداد 8/459، وابن أبى حاتم في العلل 2/385 وصححه الألباني في صحيح الجامع 2/1175، رقم (7004) ، وفي السلسلة الصحيحة 1/472، وقم (814)، وانظر: أسد الغابة 3/ 114، مجمع الزوائد 9/52، سير أعلام النبلاء18/435، الإصابة 2/299، الكنز 11/562.
ولا بدع فإن السمع1 منشأ النقل، والبصر2 مبدأ العقل، ألا ترى أن كثيرا من العلماء ولدوا عمي، لهم الدرجة العليا في مراتب التصنيف، ومناقب الفتوى، ومنهم: الشاطبي3: سلطان القراء.
1 قال العلامة ابن القيم رحمه الله في كلام له جميل على عجيب صنع الخالق - جل وعلا - للأذن، في كتابه مفتاح دار السعادة: 1/ 190: "وخلق الله – تعالى - الأذن أحسن خلقة، وأبلغها في حصول المقصود منها، فجعلها مجوفة كالصدفة، لتجمع الصوت، فتؤديه إلى الصماخ - القناة الموصلة إلى الطبلة - وليحس بدبيب الحيوان فيها فيبادر إلى إخراجه وجعل فيها غضونا وتجاويف، واعوجاجات تمسك الهواء والصوت الداخل فتكسر حدته، ثم تؤديه إلى الصماخ، ومن حكمة ذلك أن يطول به الطريق على الحيوان، فلا يصل إلى الصماخ حتى يستيقظ، أو ينتبه لإمساكه
…
".
ثم قال: "ثم اقتضت حكمة الرب الخالق – سبحانه - أن جعل ماء الأذن مرا في غاية المرارة، فلا يجاوزه الحيوان، ولا يقطعه داخلا إلى باطن الأذن، بل إذا وصل إليه أعمل الحيلة في رجوعه، جعل ماء العينين ملحا ليحفظها فإنها شحمة قابلة للفساد، فكانت ملوحة مائها صيانة لها، وحفظا، وجعل ماء الفم عذبا حلوا ليدرك به طعوم الأشياء".
2 وقال أيضا في المفتاح 1/189،: عند كلامه على العين: "انظر كيف حسن - الخالق جل وعلا - شكل العينين وهيأتهما، ومقدارهما، ثم جملهما بالأجفان غطاء لهما، وسترا وحفظا، وزينة، فهما يتلقيان عن العينين الأذى، والقذى، والغبار، ويكنانهما من البارد المؤذي، والحار المؤذي، ثم غرس في أطراف تلك الأجفان الأهداب جمالا وزينة، ولمنافع أخر وراء الجمال والزينة، ثم أودعهما ذلك النور الباصر، والضوء الباهر، الذي يخرق ما بين السماء والأرض، ثم يخرق السماء مجاوزا لرؤية ما فوقها من الكواكب، وقد أودع – سبحانه - هذا السر العجيب. في هذا المقدار الصغير؟ بحيث تنطبع فيه صورة السماوات مع اتساع أكنافها، وتباعد أقطارها.
3 هو أبو محمد القاسم بن فيره بن خلف بن أحمد الرعيني، الأندلسي، الشاطبي، ناظم (الشاطبية) في القراءات، وكذا (الرائية) ، وقد سارت بقصيدتيه هاتين الركبان، وكان ذكيا، عالما بالحديث والتفسير واللغة. مات بمصر سنة (590 هـ) .
ترجمته في: وفيات الأعيان 4/ 71، نكت الهميان 228، سير أعلام النبلاء 21/ 261، الأعلام 5/ 185.
وقيل: البصر أفضل1.
1 وقال العلامة ابن القيم رحمه الله في كتابه مفتاح دار السعادة 1/105، مبينا حجة من قال بتفضيل البصر على السمع:"وقالت طائفة منهم ابن قتيبة: بل البصر أفضل، فإن أعلى النعيم وأفضله وأعظمه لذة، هو النظر إلى الله في الدار الآخرة، وهذا إنما تنال بالبصر، وهذه وحدها كافية في تفضيله". ثم قال في الكتاب المذكور 1/265: "ثم تأمل حال من عدم البصر، وما يناله من الخلل في أموره
…
" إلى أن قال: "ولذلك جعل الله ثوابه إذا صبر واحتسب الجنة، ومن كمال لطفه أن عكس نور بصره إلى بصيرته، فهو أقوى الناس بصيرة وحدسا - أي ظنا وتخمينا -، وجمع عليه همه فقلبه مجموع عليه، غير مشتت ليهنأ له العيش، وتتم مصلحته، ولا يظن أنه مغموم حزين متأسف".
وقال رحمه الله مبينا الفصل في هذه المسألة: 1/106: والصواب أن كلا منهما له خاصية فضل بها الآخر، فالمدرك بالسمع أعم وأشمل، والمدرك بالبصر أتم وأكمل، فالسمع له العموم والشمول، والبصر له الظهور والتمام وكمال الإدراك، وأما نعيم أهل الجنة فشيئان: أحدهما: النظر إلى الله. والثاني: سماع خطابه وكلامه
…
فكلامه أعلى نعيم أهل الجنة!.
وقال أيضا 1/265: "والذي يليق بهذا الموضع أن يقال: عادم البصر أشدهما ضررا، وأسلمهما دينا، وأحمدهما عاقبة، وعادم السامع أقلهما ضررا في دنياه، وأجهلهما بدينه، وأسوأ عاقبة، فإنه إذا عدم السمع عدم المواعظ والنصائح، وانسدت عليه أبواب العلوم النافعة، وانفتحت له طرق الشهوات التي يدركها البصر، ولا يناله من العلم ما يكفه عنها، فضرره في دينه أكثر، وضرر الأعمىفي دنياه أكثر، ولهذا لم يكن في الصحابة أطرش، وكان فيهم جماعة أضراء، وقل أن يعتلي الله أولياءه بالطرش ويبتلى كثيرا منهم بالعمى.
فهذا فصل الخطاب في هذه المسألة: فمضرة الطرش في الدين، ومضرة العمى في الدنيا، والمعافى من عافاه الله منهما، ومتعه بسمعه وبصره، وجعلهما الوارثين منه".
ويكفيك في فضيلة الأعمى ما ورد في ما ورد في سورة {عبس1 وتولى2} 3، وناهيك أنه عليه الصلاة والسلام كلما جاءه ابن أم مكتوم قال:"مرحبا بمن عاتبني ربي فيه"4.
وجعله مرتين خليفة عنه في المدينة5، وإماما في المسجد6.
(عبس) : أي: قبض وجهه مكرها، (وتولى) : اعرض.
2 الآية رقم 1 من سورة عبس.
3 روى الإمام الطبري في تفسيره 12/443، وابن حبان في صحيحه 2/294، والحاكم 2/514، بأسانيدهم عن عائشة رضي الله عنها قالت: أنزلت (عبس وتولى) في ابن أم مكتوم، قالت: "أتى إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم فجعل يقول: أرشدني! قالت: وعند رسول الله صلى الله عليه وسلم من عظماء المشركين، قالت: فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يعرض عنه، ويقبل على الآخر، ويقول:(أترى بما أقوله بأسا؟)، فيقول: لا، ففي هذا أنزلت {عبس وتولى} .
4 معالم التنزيل للبغوي 8/335، زاد المسير لابن الجوزي 9/29، روح المعاني 35/50.
5 وذكر بعضهم أنه استخلفه على المدينة ثلاث عشرة مرة، وانظر: طبقات ابن سعد 4/155، نكت الهميان 221، الإصابة 2/523.
6 عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم – استخلف ابن أم مكتوم يؤم الناس وهو أعمى، رواه أحمد في المسند 3 /192، وأبو داود في كتاب الصلاة 1/398، رقم (595) ، والبيهقي 3/88، وحسنه الحافظ في التلخيص 2/34، ورواه ابن حبان في صحيحه 5/506، رقم (2134) من طريق عائشة رضي الله عنها، وأبو يعلى في مسنده 5/438، رقم (3138) ، والطبراني في الأوسط، مجمع البحرين في زوائد المعجمين 2/67، رقم (723) ، تال الهيثمي في المجمع 2/65، ورجال أبي يعلى رجال الصحيح. وقال الحافظ في التلخيص. الصفحة السابقة: إسناده حسن.
فإن قلت: في كلام الفقهاء، أن إمامة الأعمى مكروهة1. فالجواب: أنه محمول على ما إذا كان هناك أفضل منه علمًا وقراءة، وأكمل منه حراسة ورعاية2.
وروي أن سبب ابتلاء يعقوب عليه السلام أنه ذبح عجلا بين يدي أمه وهي تخور3.
وروي أنه قيل له يا يعقوب، ما الذي أذهب بصرك، وقوس ظهرك،
1 خلاصة مسألة إمامة الأعمى عند الفقهاء: أن الحنفية قالوا: تكره إمامة الأعمى مع وجود البصير، فإن لم يوجد بصير أفضل منه فهو أولى، وذهب الجمهور المالكية والشافعية والحنابلة: إلى جواز إمامة الأعمى وصحتها بلا كراهة، بل ذهب أبو إسحاق المروزي، والغزالي من الشافعية، والقاضي من الحنابلة إلى أن الأعمى أولى من البصير: لأنه لا ينظر إلى ما يلهيه ويشغله فيكون أبعد عن تفرق القلب وأخشع، أنظر تفصيل المسألة في: تبيين الحقائق 1/134، مجمع الأنهر 1/108، التفريع 1/223، أسهل المدارك 1/243، فتح العزيز 4/328، مغنى المحتاج 1/241، المغنى 3/28، الكافي 1/181، نيل الأوطار 3/161.
2 بدائع الصنائع 1/157، البحر الرائق 1/369، الأشباه والنظائر لابن نجيم 314.
3 معالم التنزيل للبغوي 4/269، زاد المسير لابن الجوزي4/274-275، خارت البقرة: إذا اشتد صياحها.
قال: "أذهب بصري بكاء يوسف، وقوس ظهري حزني على أخيه، فأوحى الله إليه: أتشكوني؟، وعزتي وجلالي لا أكشف ما بك حتى تدعوني، فعند ذلك قال: إنما أشكو بثي وحزني إلى الله، فأوحى الله إليه: وعزتي لو كانا ميتين لأخرجتهما لك، وإنما وجدت عليكم - أي غضبت - لأنكم ذبحتم شاة، فقام به ببابكم مسكين، فلم تطعموه منها شيئا، وإن أحب خلقي إلي الأنبياء، ثم المساكين، فاصنع طعاما، وادع إليه المساكين، فصنع طعاما، ثم قال: من كان صائما فليفطر الليلة عند آل يعقوب.
وروي أنه كان بعد ذلك إذا تغدى أمر من ينادي: من أراد الغداء فليأت يعقوب وإذا أفطر أمر من ينادي: من أراد أن يفطر فليأت يعقوب، فكان يتغذى ويتعشى مع المساكين1.
وقد ورد أنه "إذا جامع أحدكم فلا ينظر إلى الفرج فإنه يورث العمى، ولا يكثر الكلام فإنه يورث الخرس " 2 رواه الديلمي3 في مسند الفردوس عن أبي هريرة رضي الله عنه.
1 ورد من طريق أنس رضي الله عنه: رواه الحاكم في المستدرك 2/348، ومال إلى تصحيحه، والبيهقي في الشعب 3/ 230 رقم (3403) ، والطبراني في المعجم الصغير 313، رقم (843)، وقال: لا يروى عن أنس إلا بهذا الإسناد، تفرد به وهب بن بقية، والهيثمي في مجمع البحرين 6/37، رقم (3341)، وقال في مجمع الزوائد 7/40: رواه الطبراني في الصغير والأوسط عن شيخه محمد بن أحمد الباهلي البصري وهو ضعيف جدا. وذكره البغوي كما في تفسيره 4/267، وابن كثير 2/488، وأنكره، والسيوطي في الدر المنثور 4/ 61.
2الخرس: ذهاب الكلام والنطق.
3 لم أقف عليه في مسند الفردوس، وقد رواه ابن عدى في الكامل 2/507، وابن أبى حاتم في العلل 2/295، وقال: موضوع، وابن حبان في كتاب المجروحين 1/202، وقال: موضوع، وقال الذهبي في السير 8/525: باطل، وأورده ابن عراق في تنزيه الشريعه المرفوعة عن الأحاديث الشنيعة الموضوعة 2/209،. وابن الجوزي في الموضوعات 2/ 271) والسيوطي في اللأليء المصنوعة في الأحاديث الموضوعة 2/170، والشوكانى في الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة 128-217، رقم (30) .
وانظر: التلخيص الحبير 3/149، نصب الراية 4/248، كنز العمال 16/344، رقم (44841) .
وروي عن شداد بن أوس رضي الله عنه مرفوعا "بكى شعيب النبي حتى عمي، فرد الله عليه بصره، ثم بكى حتى عمي فرد الله عليه بصره، ثم بكى حتى عمي فرد الله عليه بصره، فقال الله تعالى له: ما هذا البكاء؟، أشوقا إلى الجنة أم خوفا من النار، قال: لا1، يا رب،
1 قال الشيخ الألباني في كتابه: سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة 2/426: ومما ينكر في هذا الحديث قوله: "ما أبكي شوقا إلى جنتك ولا خوفا من النار": فإنها فلسفة صوفية، اشتهرت بها رابعة العدوية، إن صح ذلك عنها، فقد ذكروا أنها كانت تقول في مناجاتها:"رب مما عبدتك طمعا في جنتك" ولا خوفا من نارك"، وهذا كلام لا يصدر إلا ممن لم يعرف الله تبارك وتعالى حق معرفته، ولا شعر بعظمته وجلاله، ولا بجوده وكرمه، وإلا لتعبده طمعا فيما عنده من نعيم مقيم، ومن ذلك رؤيته تبارك وتعالى، وخوفا مما أعده للعصاة والكفار من الجحيم والعذاب الأليم، ومن ذلك حرمانهم النظر إليه كما قال تعالى:{كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون} ، ولذلك كان الأنبياء عليهم الصلاة والسلام - وهم العارفون بالله حقا - لا يناجونه بمثل هذه الكلمة الخيالية، بل يعبدونه طمعا في جنته - وكيف لا، وفيها أعلى ما تسمو إليه النفس المؤمنة، وهو النظر إليه سبحانه - ورهبة من ناره، ولم لا، وذلك يستلزم حرمانهم من ذلك، ولهذا قال تعالى - بعد أن ذكر نخبة من الأنبياء-:{إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين} ، ولذلك كان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أخشى الناس لله، كما ثبت في غير ما حديث صحيح عنه.
ولكن شوقا إلى لقائك، فأوحى الله إليه: إن يك ذلك، فهنيئا لك لقائي، ياشعيب، لذلك أخدمتك موسى بن عمران كليمي"1،
وفيه تنبيه نبيه على أن في خدمة الأعمى، وقيادته، لاسيما إلى مقام حاجته، وحال عبادته، وتعليم قبلته أجرا جزيلا، وثوابا جميلا، رقد قال تعالى:{وتعاونوا على البر والتقوى} 2.
وورد "من كان في عون أخيه كان الله في عونه" 3، و "الدال على الخير كفاعله"4.
وفي الخبر: "من أغاث ملهوفا5 كتب الله له ثلاثا وسبعين مغفرة، واحدة فيها صلاح أمره كله، وثنتان وستون له درجات يوم القيامة"
1 رواه الخطيب في تاريخ بغداد 6/315، وأورده ابن كثير في البداية والنهاية 1/176 وأشار إلى ضعفه، والذهبي في الميزان 1/239، وقال: هذا حديث باطل لا أصل له، وابن الجوزي في العلل المتناهية 1/49- 50، وقال: لا أصل له، وأنكره الخطيب، والبغوي في معالم التنزيل 6/204.
2 الآية 2 من سورة المائدة.
3 رواه مسلم في كتاب الذكر والدعاء4/2074، رقم (2699) من طريق أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا بلفظ، "
…
والله في عون العبد ما كان العبد في عون أنه
…
".
4 الحديث ورد بألفاظ متعددة، منها ما رواه مسلم في كتاب الإمارة 3/1506، رقم (1893) ، عن أبى مسعود الأنصاري رضي الله عنه مرفوعا "من دل على خير فله مثل أجر فاعله"، وانظر طرق الحديث الأخرى وألفاظه في السلسلة الصحيحة للألباني 4/216، رقم (1660) .
5 ملهوف: أي حزين قد ذهب له مال، أو فجع بقريب، واللهف: الحزن والأسى والغيظ.
رواه البيهقى1 عن أنس2 رضي الله عنه، وفي الصحيحين:"كل معروف صدقة"3.
ولأحمد4، والترمذي5 وصححه، من حديث البراء رضي الله عنه
1 شعب الإيمان للبيهقي باب التعاون على البر والتقوى 6/120، رقم (7670) .
2 ورواه ابن حبان في كتاب المجروحين والضعفاء1/306، وقال: فيه زياد ابن أبي حسان، كان ممن يروي أحاديث مناكير كثيرة، وأوهاما كثيرة، ولا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد، ورواه البخاري في التاريخ الكبير 3/350، رقم (1184) ، وأبو نعيم في أخبار أصبهان 2/74، والخطيب في تاريخ بغداد 6/41، وابن عدي في الكامل 3/1052، وأبو يعلى في المسند 7/255، رقم (4266) ، وأورده ابن حجر في المطالب العالية 1/263، والعقيلي في الضعفاء الكبير 2/76، رقم (524) ، وأورده ابن الجوزي في الموضوعات 2/171، وقال: هذا حديث موضوع، وذكره ابن عراق في تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأحاديث الشنيعة الموضوعة 2/136، وأورد السيوطي في اللآليء المصنوعة في الأحاديث الموضوعة 2/86، والذهبي في الميزان 2/369، وانظر: مجمع الزوائد 8/191، والجامع الصغير 2/165، والكنز 3/415، رقم (7215) .
3 ورد من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه، رواه البخاري في كتاب الأدب/ باب كل معروف صدقة 4/54، ومن حديث حذيفة عند مسلم/ كتاب الزكاة 2/697، رقم (1555) .
4 مسند أحمد 4/285، واللفظ له.
5 الترمذي/ أبواب البر والصدقة/ باب ما جاء في المنحة 3/229، رقم (2023)، وقال: حسن صحيح غريب، ورواه أيضا: أبو داود الطيالسي 100 رقم (740) ، وأبو نعيم في الحلية 5/27، والخطابي في غريب الحديث 1/728، والبغوى في شرح السنة/ كناب الزكاة/ باب ثواب المنحة 6/162- 163، رقم (1663)، وقال: حسن صحيح، والبيهقي فيالشعب/ باب الزكاة 3/223، رقم (3385) ، وابن حبان/ كتاب العارية 11/494، رقم (5096) .
مرفوعا "من منح منحة ورق، أو منحة لبن1 أو هدي زقاقا2 فهو كعتاق نسمة".
وللديلمي في مسند الفردوس3، عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا "ترك السلام على الضرير خيانة".
وأما قوله تعالى: {ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى} 4 فمعناه: من كان في الدنيا أعمى القلب، عن رؤية قدرة الله تعالى، وآياته، وعجائب مخلوقاته، فهو في الآخرة أشد عمى، وأضل سبيلا5.
1 المنحة، والمنيحة: معناهما واحد وهو: العطية، وتكون في الحيوان. وهي منيحة اللبن، وهى أن يعير إنسانا ناقته أو شاته فيحلبها مدة ينتفع بلبنها ثم يردها. وتكون في الورق: أي الفضة وهي منح الدراهم أو هبتها. انظر: غريب الحديث لأبى عبيد 1/176، النهاية 4/364، بلوغ الأماني 15/163.
2 ورد هكذا في بعض الطرق بلفظ "هدي" من الهداية، وفى بعض الألفاظ "أهدى" من الهدية، قال ابن الأثير في النهاية 2/306 الزقاق بالضم: الطريق، يريد من دل الضال أو الأعمى على طريقه، وقيل: أراد من تصدق بزقاق من النخل، وهو الصف من الشجر، وانظر: شرح السنة 6/163، بلوغ الأماني الصفحة السابقة.
3 مسند الفردوس 2/69، رقم (2394) ، وذكره السيوطي في الجامع الصغير 1/130، والهندي في الكنز 9/128، رقم (25331) ، والعجلوني في كشف الخفا 1/303، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع 358 رقم (2425) .
4 الآية 72 من سورة الإسراء.
5 جامع البيان للطبري 8/117، النكت والعيون للماوردي 3/258- 259، معالم التنزيل للبغوي 5/110، زاد المسير لابن الجوزي5/65- 66، تفسير القرآن العظيم لابن كثير 3/52، الدر المنثور للسيوطي 4/351- 352، فتح القدير للشوكاني 3/246- 247، روح المعاني للآلوسي 15/123.
وأما قوله تعالى: {ومن أعرض عن ذكري} 1 يعنى: القرآن، فلم يؤمن به2. {فإن له معيشة ضنكا} 3، أي: ضيفا، بأن يسلب عنه القناعة حتى لا يشبع إلى يوم قيام الساعة4، {ونحشره يوم القيامة أعمى} 5، قال ابن عباس رضي الله عنهما: عمى البصر6. وقال مجاهد: عمى الحجة7.
ويؤيد الأول قوله تعالى: {قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا} 8 أي: بالعين9.
ويقويه قوله سبحانه وتعالى: {ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا وبكما وصما} 10 فإن قيل11: كيف وصفهم بأنهم: عمي،
1 الآية 124 من سورة طه.
2 معالم التنزيل 5/300، زاد المسير 5/335.
3 الآية 124 من سورة طه.
4 معالم التنزيل 5/301.
5 الآية 124 من سورة طه.
6 قوله في: معالم التنزيل 5/301، زاد المسير 5/332.
7 قوله في: جامع البيان 8/473، معالم التنزيل 5/301، زاد المسير 332، الدر المنثور 4/558.
8 الآية 125 من سورة طه.
9 معالم التنزيل 5/301، فتح القدير 3/392.
10 الآية 97 من سورة الإسراء.
11 أورد هذا أيضا: الطبري في جامع البيان 8/152، والبغوي في معالم التنزيل 5/132، وابن الجوزي في زاد المسير 5/95.
وبكم، وصم، وقد قال:{ورأى المجرمون النار} 1، وقال:{دعوا هنالك ثبورا} 2، وقال:{سمعوا لها تغيطا وزفيرا} 3، فأثبت لهم الرؤية والكلام والسمع4.
فالجواب: أنهم يحشرون على ما، صفهم الله أولا، ثم تعاد إليهم هذه الأشياء ثانيا5.
وقال ابن عباس رضي الله عنهما: "عميا لا يرون ما يسرهم، بكما لا ينطقون بحجة تنفعهم، صما لا يسمعون شيئا يسرهم6 ".
وقال الحسن: "هذا حين يساقون إلى الموقف إلى أن يدخلوا النار وهم أصناف الكفار"7. وقال مقاتل: هذا حين يقال لهم: {اخسؤا فيها ولا تكلمون} 8، فيصيرون بأجمعهم عميا، وبكما، وصما، لا يرون ولا ينطقون ولا يسمعون9.
1 الآية 53 من سورة الكهف.
2 الآية 13 من سورة الفرقان، ومعنى (ثبورا) أي هلاكا، وقيل: ويلا.
3 الآية 12 من سورة الفرقان، ومعنى (تغيظا) أي: غليانا، (وزفيرا) أي: صوتا.
4 انظر: المصادر السابقة في الحاشية رقم (11) ، من الصفحة السابقة والجامع للقرطبي 10/333، الدر المنثورة4/368.
5 انظر المصادر السابقة في الحاشيتين رقم (209) ، و (213) من الصفحة السابقة.
6 قوله في: جامع البيان 8/152،. معالم التنزيل 5/132، زاد المسير 5/90، الدر المنثور 4/368.
7 قوله في معالم التنزيل 5/132.
8 الآية 108 من سورة المؤمنون.
9 قوله في معالم التنزيل 5/132، زاد المسير 5/90، الجامع للقرطبي10/333، النكت والعيون للماوردي 3/275.
فنسأل الله العافية، وحسن الخاتمة، ثم ما دمت في هذا الدار، فلا تستغرب وقوع الأكدار فقد ورد:"اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة"1، إذ عيشها لا كدر معه، والحمد لله أولا وآخرا، والصلاة والسلام على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه2.
1 روى البخاري في كتاب الرقاق 4/115، ومسلم في كتاب الجهاد والسير 3/1431، رقم (1805)، واللفظ له بسندهما عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في غزوة الخندق:" اللهم! لا عيش إلا عيش الآخرة فأكرم الأنصار والمهاجرة"
2 كان الفراغ من تحقيقه - ولله الحمد والمنة - غرة شهر رمضان المبارك عام 1413هـ في المدينة المنورة.