المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌{إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين} - تصويبات في فهم بعض الآيات

[صلاح الخالدي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌وجوب تدبر القرآن

- ‌تيسير القرآن للفهم

- ‌رفض الفهم الخاطئ للقرآن

- ‌التحذير من القول في معاني القرآن بدون علم

- ‌أقسام القرآن من حيث تفسيره

- ‌العلوم التي يحتاجها الناظر في القرآن

- ‌الآداب التي يراعيها الناظر في القرآن

- ‌المعوقات عن حسن فهم القرآن

- ‌الأمناء على حسن الفهم للقرآن

- ‌الرسول صلى الله عليه وسلم يصوِّب فهم بعض الآيات

- ‌الرسول صلى الله عليه وسلم يوضح معنى الخَيْطين لعَدِيِّ بن حاتم

- ‌الرسول صلى الله عليه وسلم يبيِّن معنى المجازاة بالسوء

- ‌الرسول صلى الله عليه وسلم يوضح المراد بالظلم في سورة الأنعام

- ‌الرسول صلى الله عليه وسلم يبيّن كيف أن مريم أخت هارون

- ‌الرسول صلى الله عليه وسلم يبيّن معنى ورود جهنم

- ‌الرسول صلى الله عليه وسلم يبيِّن معنى الحساب اليسير

- ‌الصحابة يصوبون بعض المفاهيم القرآنية

- ‌1 - عائشة تصوب لعروة معنى السعي بين الصفا والمروة

- ‌2 - أبو أيوب الأنصاري يوضح معنى التهلكة

- ‌3 - ابن عباس يستدرك على ابن عمر في إتيان الزوجة

- ‌4 - ابن عباس يحدد لابن الحكم الذين يفرحون بما أَتوا

- ‌5 - عمر بن الخطاب والذين شربوا الخمر متأولين

- ‌6 - الصحابة يبيِّنون معنى {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ}

- ‌7 - بين عائشة وعروة في قوله {وظنّوا أنهم قد كُذِبوا}

- ‌8 - ابن مسعود وآيات الدخان

- ‌9 - بين عائشة وابن الحكم في شأن أخيها

- ‌10 - بين ابن عباس وبعض الصحابة في معنى سورة النصر

- ‌11 - ابن عباس يزيل التعارض الموهوم بين النصوص

- ‌12 - حوار علمي بين الصحابة في رؤية الرسول صلى الله عليه وسلم لربِّه

- ‌تزايد نسبة الأفهام الخاطئة في هذا الزمان

- ‌نماذج لآيات حرَّفوا معناها: تصويبات في مفاهيم

- ‌{عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ}قال الله تعالى:

- ‌{وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}

- ‌{فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}

- ‌{لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}

- ‌{ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ}

- ‌{فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّنًا}

- ‌{إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ}

- ‌{وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ}

- ‌{الأرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللهُ لَكُمْ}

- ‌{وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا

- ‌{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ}

- ‌{فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ}

- ‌{وَاللهُ أَمَرَنَا بِهَا}

- ‌{وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا}

- ‌{مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْ}

- ‌{وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا}

- ‌{أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا}

- ‌{أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَ}

- ‌{لا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً}

- ‌{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى}

- ‌{وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ}

- ‌{إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}

- ‌{هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ}

- ‌{لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ}

- ‌{وَلَوْ حَرَصْتُمْ}

- ‌{وَأُولِي الأمْرِ مِنْكُمْ}

- ‌{خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأرْضُ}

- ‌{لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ}

- ‌{فأولئك هم الكافرون…الظالمون…الفاسقون}

- ‌{وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ}

- ‌الخاتمة

الفصل: ‌{إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين}

{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ}

وردت آياتٌ من القرآن ذكرت أصحاب الديانات السماويّة السابقة، وقرنتهم مع المسلمين. ومن هذه الآيات:

قوله تعالى:

{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} .

وقوله تعالى:

{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} .

وقوله تعالى:

{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} .

وقد احتجَّ أصحاب الديانات السابقة بهذه الآيات على أنهم على حق، وأنهم مقبولون عند الله، وأنهم في الجنة مع المسلمين. وحجّتهم على ذلك

ص: 147

هي، ذكرُهم مع المؤمنين، والثناءُ عليهم بأنهم آمنوا بالله واليوم الآخر، وتقرير أن لهم أجرهم عند ربهم، وأنهم لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون.

وهذا الفهم خاطئٌ ومغلوط بلا شك، ويتعارض مع آياتٍ أخرى، صريحة في عدم قبول دينهم منهم، وكونهم كافرين خالدين في النار. كما أن هذه الآيات لا تدل على هذا الفهم، ولا توحي به.

إن اليهود والنصارى عندما يستخرجون من الآيات هذا المعنى الباطل، إنما يقومون بعملية خبيثة، من الخداع والتزوير والتحريف والتمويه والتمييع.

إن الآيات السابقة لا تعني قبول أديان أصحاب الديانات السابقة -اليهود والنصارى والصابئة- بعد مجيء الإسلام، لأنها منسوخة بالإسلام، ولا تعني قبول تديُّن وعبادة وعمل السابقين -بعد مجيء الإسلام- لأنهم يعبدون الله على دين منسوخ. وإنما تعني قبول هؤلاء، واعتبارهم ناجين من أهل الجنة وفق شروط لابد من توفرها:

إنهم لا بد أن يؤمنوا بالله واليوم الآخر حق الإيمان، ومن لوازم الإيمان بالله، الإيمان بكل كتب الله -ومنها القرآن- والإيمان بكل رسل الله -ومنهم محمد عليه الصلاة والسلام فكل من لم يؤمن بالقرآن على أنه كلام الله لم يؤمن باللهِ حق الإيمان، وكل من لم يؤمن بأن محمداً رسول الله لم يؤمن باللهِ حق الإيمان. فهل اليهود والنصارى الآن يؤمنون بالقرآن وبمحمد عليه الصلاة والسلام؟؟.

ثم اشترطت الآيات أن يكون العمل صالحاً، حتى يكون مقبولاً عند الله، ولن يكون العمل صالحاً إلا إذا كان كما يريد الله، ووفق ما بيَّنه في الدين الأخير والشريعة الخاتمة، أما من عمل عملاً وفق دين سابقٍ منسوخ، فلن يكون صالحاً ولا مقبولاً منه.

إن اليهود والنصارى الآن لا يؤمنون بالله كما يريد الله، ولا يعملون العمل الصالح كما بيَّنه الله، ولذلك لا تعنيهم هذه الآيات.

ص: 148

إن الآيات تنطبق على أولئك الصابئين -وهم أتباع دين إبراهيم عليه السلام على أرجح الأقوال- الذين آمنوا بالأنبياء اللاحقين، والذين دخلوا في دين الإسلام، واتبعوا محمداً عليه الصلاة والسلام.

وإنها تنطبق على اليهود الذين أدركوا عيسى عليه السلام فآمنوا به واتبعوه. وعلى اليهود الذين أدركوا محمداً عليه السلام فآمنوا به واتبعوه، ودخلوا في دينه.

وإنما تنطبق على النصارى الذين أدركوا محمداً عليه السلام فآمنوا به واتبعوه ودخلوا في دينه، وكانوا مسلمين.

يجب أن نقرأ الآيات السابقة مع قوله تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ} .

ومع قوله تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} .

إنه خيرٌ للذين يحرّفون معاني كلام الله، حتى يحسبوا أنهم مقبولون عند الله، أن يعرفوا ماذا يريد الله منهم، وأن يبحثوا عن الحق جادين، وأن يكونوا من أهله المؤمنين المقبولين، وأن يجمعوا آيات القرآن حول الموضوع الواحد، ويستخرجوا منها دلالتها مجتمعة.

***

ص: 149