الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَحِبَّ لِغَيْرِكَ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ وَمِنْ آدَابِهَا: أَنْ تَطْلُبَ مِنْ إِخْوَانِكَ حُسْنَ الْعِشْرَةِ حَسَبَ مَا تَعَاشَرْتُمْ بِهِ
39 -
أنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ رَجَاءٍ قَالَ: أنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ: أنَا هُدْبَةُ قَالَ: نَا هَمَّامٌ قَالَ: نَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «لَا يُؤْمِنُ عَبْدٌ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ»
40 -
سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ نَصْرٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا الْقَاسِمِ الْحَكِيمَ يَقُولُ: " عِلْمُ صَفْوَةِ الْعِشْرَةِ: رِضَاكَ بِمِثْلِهِ مِمَّنْ يُعَاشِرُكَ "
41 -
أنَا عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ شَاهِينَ قَالَ: نَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ قَالَ: نَا جَدِّي إِسْحَاقُ بْنُ بُهْلُولٍ قَالَ: أنَا أَبُو الْحَسَنِ الْمُؤَدِّبُ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَيَّاشٍ يَقُولُ: «اطْلُبِ الْفَضْلَ بِالْأَفْعَالِ تَمْلِكْهُ، فَإِنَّ الصَّنِيعَةَ إِلَيْكَ كَالصَّنِيعَةِ مِنْكَ»
ثَلَاثٌ يَجْلِبْنَ لَكَ وُدَّ إِخْوَانِكَ
وَمِنْ جَامِعِ آدَابِهَا
42 -
مَا: أنَا أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مَطَرٍ الْعَدْلُ قَالَ: نَا الْفَضْلُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ الْبَاهِلِيُّ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ: أنَا سَعِيدُ بْنُ هُبَيْرَةَ قَالَ
⦗ص: 58⦘
: أنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: " ثَلَاثٌ يُصَفِّينَ لَكَ وُدَّ أَخِيكَ: أَنْ تُسَلِّمَ عَلَيْهِ إِذَا لَقِيتَهُ، وَتُوَسِّعَ لَهُ فِي الْمَجْلِسِ، وَتَدْعُوَهُ بِأَحَبِّ أَسْمَائِهِ إِلَيْهِ " وَمِنْ آدَابِهَا: أَنْ تَضَعَ كَلَامَ أَخِيكَ، وَأَبْرِزْهُ عَلَى أَحْسَنِ الْوُجُوهِ مَا وَجَدْتَ لَهَا وَجْهًا حَسَنًا
43 -
أنا الشَّيْخُ أَبُو الْوَلِيدِ حَسَّانُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَقِيهُ قَالَ: أنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْهَرَوِيُّ قَالَ: أنا أَبُو الزِّنْبَاعِ رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ قَالَ: أنا مُوسَى بْنُ نَاصِحٍ قَالَ: أنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي طَيْبَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: كَتَبَ إِلَيَّ بَعْضُ إِخْوَانِي مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «أَنْ ضَعْ أَمْرَ أَخِيكَ عَلَى أَحْسَنِهِ، مَا لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ مَا يَغْلِبُكَ»
⦗ص: 59⦘
وَمِنْ آدَابِهَا: السُّؤَالُ عَنْ أَسْمَاءِ الْإِخْوَانِ، وَعَنْ أَسْمَاءِ آبَائِهِمْ، وَعَنْ مَنَازِلِهِمْ لِئَلَّا تُقَصِّرَ فِي حُقُوقِهِمْ
44 -
كَذَلِكَ أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْدَانَ الزَّاهِدُ الْعُكْبَرِيُّ بِهَا قَالَ: أَخْبَرَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحُلْوَانِيُّ قَالَ: أنا أَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ قَالَ: أنا الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ، أنا مَسْلَمَةُ بْنُ عُلَيٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: رَآنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ أَلْتَفِتُ فَقَالَ: «إِلَى مَا تَلْتَفِتُ؟» . قُلْتُ: أَخٌ لِي أَنَا فِي طَلَبِهِ. فَقَالَ: «يَا عَبْدَ اللَّهِ، إِنْ أَحْبَبْتَ رَجُلًا فَاسْأَلْهُ عَنِ اسْمِهِ، وَاسْمِ أَبِيهِ، وَاسْمِ جَدِّهِ، وَعَشِيرَتِهِ، وَمَنْزِلِهِ، فَإِنْ مَرِضَ عُدْتَهُ، وَإِنِ اسْتَعَانَ بِكَ فِي حَاجَةٍ أَعَنْتَهُ» وَمِنْ آدَابِهَا: مُجَانَبَةُ الْحِقْدِ، وَلُزُومُ الصُّلْحِ، وَالْعَفْوُ عَنِ الْإِخْوَانِ
45 -
أنا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ عَبْدِهِ قَالَ: أنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ: سَمِعْتُ هِلَالَ بْنَ الْعَلَاءِ يَقُولُ: " جَعَلْتُ عَلَى نَفْسِي أَنْ لَا أُكَافِئَ أَحَدًا بِسُوءٍ وَلَا عُقُوقٍ، وَذَهَبَ إِلَى هَذِهِ الْأَبْيَاتِ:
[البحر البسيط]
⦗ص: 60⦘
لَمَّا عَفَوْتُ وَلَمْ أَحْقِدْ عَلَى أَحَدٍ
…
أَرَحْتُ نَفْسِي مِنْ هَمِّ الْعَدَاوَاتِ
إِنِّي أُحَيِّي عَدُوُّي عِنْدَ رُؤْيَتِهِ
…
لِأَدْفَعَ الشَّرَّ عَنِّي بِالتَّحِيَّاتِ
وَأُظْهِرُ الْبِشْرَ لِلْإِنْسَانِ أُبْغِضُهُ
…
كَأَنَّهُ قَدْ مَلَا قَلْبِي مَحَبَّاتِ"
46 -
وَأَنْشَدَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ بَطَّةَ الزَّاهِدَ بِعُبْكَرَا قَالَ: أَنْشَدَنِي ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ قَالَ: أَنْشَدَنِي أَبِي، عَنْ عُبَيْدٍ الْمَدَائِنِيِّ: «
[البحر الطويل]
وَمَنْ لَمْ يُغَمِّضْ عَيْنَهُ عَنْ صَدِيقِهِ
…
وَعَنْ بَعْضِ مَا فِيهِ يَمُتْ وَهْوَ عَاتَبُ
وَمَنْ يَتَّبِعْ جَاهِدًا كُلَّ عَثْرَةٍ
…
يَجِدْهَا وَلَا يَسْلَمْ لَهُ الدَّهْرُ صَاحِبُ»
وَمِنْ آدَابِهَا: مُلَازَمَةُ الْأُخُوَّةِ، وَالْمُلَازَمَةُ عَلَيْهَا، وَمُجَانَبَةُ الْمِلَالِ
47 -
فَإِنَّهُ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «أَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ»
48 -
أنا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ الْحَافِظُ قَالَ: أنا أَحْمَدُ بْنُ عُمَيْرٍ الدِّمَشْقِيُّ قَالَ: أنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ: أنا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْمُؤَدِّبِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ وَاسِعٍ قَالَ: «لَيْسَ لِمَلُولٍ صِدِّيقٌ، وَلَا لِحَسُودٍ غِنًى، وَالنَّظَرُ فِي الْعَوَاقِبِ تَلْقِيحٌ
⦗ص: 61⦘
لِلْعُقُولِ» وَمِنْ آدَابِهَا: الْإِغْضَاءُ عَنِ الصَّدِيقِ فِي بَعْضِ الْمَكَارِهِ
49 -
أَنْشَدَنِي أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ الْحَافِظُ قَالَ: أَنْشَدَنِي عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَاضِي:
[البحر الطويل]
صَبَرْتُ عَلَى بَعْضِ الْأَذَى خَوْفَ كُلِّهِ
…
وَدَافَعْتُ عَنْ نَفْسِي بِنَفْسِي فَفَزَّتْ
وَجَرَّعْتُهَا الْمَكْرُوهَ حَتَّى تَجَرَّعَتْ
…
وَلَوْ جُمْلَةً جَرَّعْتُهَا لَاشْمَأَزَّتْ
فَيَا رُبَّ عِزٍّ سَاقَ لِلنَّفَسِ ذِلَّةً
…
وَيَا رُبَّ نَفْسٍ بِالتَّذَلُّلِ عَزَّتْ"
50 -
أَنْشَدَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيُّ قَالَ: أَنْشَدَنِي ابْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَنْشَدَنِي ثَعْلَبٌ: «
[البحر الطويل]
أُغَمِّضُ عَيْنِي عَنْ صَدِيقِي مُتَعَمِّدًا
…
كَأَنِّي بِمَا يَأْتِي مِنَ الْأَمْرِ جَاهِلُ
وَمَا بِيَ جَهْلٌ غَيْرَ أَنَّ خَلِيقَتِي
…
تُطِيقُ احْتِمَالَ الْكُرْهِ فِيمَا يُحَاوِلُ»
51 -
أَنْشَدَنِي مُحَمَّدُ بْنُ طَاهِرٍ الْوَزِيرِيُّ قَالَ: أَنْشَدَنِي الْمُطَرِّفِيُّ لِبَعْضِهِمْ، وَهُوَ بَشَّارُ بْنُ بُرْدٍ الْأَعْمَى: «
[البحر الطويل]
إِذَا كُنْتَ وَاحِدًا أَوْصِلْ أَخَاكَ فَإِنَّهُ
…
مُقَارِفُ ذَنْبٍ وَاحِدٍ وَمُجَانِبُهْ
⦗ص: 62⦘
إِذَا أَنْتَ لَمْ تَشْرَبْ مِرَارًا عَلَى الْقَذَى
…
ظَمِئْتَ وَأَيُّ النَّاسِ تَصْفُو مَشَارِبُهْ»
وَمِنْ آدَابِهَا: أَنْ لَا تَسْتَخِفَّ بِأَحَدٍ مِنَ الْخَلْقِ، وَتَعْرِفَ مَحِلَّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، وَتُكْرِمَهُ عَلَى قَدْرِهِ
52 -
سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنِ سَعِيدٍ الْمَعْدَانِيَّ، بِمَرْو يَقُولُ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ عَلِيٍّ يَحْكِي ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ قَالَ:«مَنِ اسْتَخَفَّ بِالْعُلَمَاءِ ذَهَبَتْ آخِرَتُهُ، وَمَنِ اسْتَخَفَّ بِالْأُمَرَاءِ ذَهَبَتْ دُنْيَاهُ، وَمَنِ اسْتَخَفَّ بِالْإِخْوَانِ ذَهَبَتْ مُرُوءَتُهُ» وَمِنْ آدَابِهَا: أَنْ لَا تَقْطَعَ صَدِيقًا بَعْدَ أَنْ صَادَقْتَهُ وَلَا تَرُدَّهُ بَعْدَ أَنْ قِبْلَتَهُ
53 -
سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ بْنُ عَنْتَرٍ بِمَرْو يَقُولُ: حَدَّثَنِي أَبُو مَعْشَرٍ قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيَّ يَقُولُ: قَالَ الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ: «لَا تُوَاصِلَنَّ صَدِيقًا إِلَّا بَعْدَ تَجْرِبَةٍ، وَإِذَا صَادَقْتَهُ فَلَا تُقَاطِعْهُ، فَمُؤْمِنٌ بِلَا صَدِيقٍ خَيْرٌ مِنْ مُؤْمِنٍ كَثِيرِ الْأَعْدَاءِ»
سَمِعْتُ مَنْصُورَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْهَرَوِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ الثَّقَفِيَّ يَقُولُ
⦗ص: 63⦘
: قَالَ حَمْدَانُ الْقَصَّارُ: " أَقْبِلُوا عَلَى إِخْوَانِكُمْ بِالْإِيمَانِ، وَرُدُّوهُمْ بِالْكُفْرِ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْقَعَ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ فِي مَشِيئَتِهِ فَقَالَ: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ، وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48] " وَمِنْ آدَابِهَا: أَنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا ظَفَرَ بِأَخٍ أَوْ صَدِيقٍ أَنْ لَا يُضَيِّعَهُ، وَيَعْلَمَ أَنَّ الْأُخُوَّةَ وَالصَّدَاقَةَ عَزِيزَةٌ
55 -
سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْقَصَّارَ يَقُولُ: سَمِعْتُ هِلَالَ بْنَ الْعَلَاءِ الرُّقِّيَّ يَقُولُ: " كَتَبَ فَيْلَسُوفٌ إِلَى مَنْ فِي دَرَجَتِهِ: أَنِ اكْتُبْ إِلَيَّ بِشَيْءٍ يَنْفَعُنِي فِي عُمُرِي. فَكَتَبَ إِلَيْهِ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ: اسْتَوْحَشَ مَنْ لَا إِخْوَانَ لَهُ، وَفَرَّطَ مَنْ قَصَّرَ فِي طَلَبِهِمْ، وَأَشَدُّ تَفْرِيطًا مَنْ وَجَدَ وَاحِدًا مِنْهُمْ وَضَيَّعَهُ بَعْدَ وَجْدِهِ إِيَّاهُ، وَلَوْ وَجَدَ أَنَّ الْكِبْرِيتَ الْأَحْمَرَ أَيْسَرُ مِنْ وِجْدَانِ أَخٍ أَوْ صَدِيقٍ مُوَافِقٍ، وَإِنِّي لَفِي طَلَبِهِمْ مُنْذُ خَمْسِينَ سَنَةً، فَمَا ظَفَرْتُ إِلَّا بِنِصْفِ أَخٍ، وَتَمَرَّدَ عَلَيَّ وَانْقَلَبَ. وَاعْلَمْ أَنَّ النَّاسَ ثَلَاثٌ: مَعَارِفُ، وَأَصْدِقَاءٌ، وَإِخْوَانٌ، فَالْمَعَارِفُ بَيْنَ النَّاسِ كَثِيرٌ، وَالْأَصْدِقَاءُ عَزِيزَةٌ، وَالْأَخُ قَلَّ مَا يُوجَدُ " وَمِنْ آدَابِهَا: التَّوَاضُعُ لِلْإِخْوَانِ، وَتَرْكُ التَّكَبُّرِ عَلَيْهِمْ
56 -
أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ مَحْبُوبٌ الدَّهَّانُ قَالَ: أنا أَبُو يَحْيَى الْبَزَّارُ قَالَ: أنا أَحْمَدُ بْنُ حَفْصٍ قَالَ: أنا أَبِي قَالَ: أنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ
⦗ص: 64⦘
، عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لَا يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ»
57 -
أنا أَبُو عَمْرِو بْنُ مَطَرٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ الرَّازِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: أنا يَحْيَى قَالَ: أنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْعَوَّامِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: " أَرْبَعٌ لَا يُصِبْنَ إِلَّا بِعَجَبٍ: الصَّمْتُ وَهُوَ أَوَّلُ الْعِبَادَةِ، وَالتَّوَاضُعُ، وَذِكْرُ اللَّهِ، وَقِلَّةُ الشَّيْءِ "
58 -
سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ جَعْفَرٍ الْحَافِظَ يَقُولُ: سَمِعْتُ إِسْمَاعِيلَ الصَّفَّارَ يَقُولُ: سَمِعْتُ الْمُبَرِّدَ يَقُولُ
⦗ص: 65⦘
وَمِنْ جَوَامِعِ آدَابِهَا
59 -
مَا: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ الْمُلَامِتِيُّ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا الْحُسَيْنِ الْوَرَّاقَ يَقُولُ: قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عُثْمَانَ عَنِ الصُّحْبَةِ فَقَالَ: " الصُّحْبَةُ مَعَ اللَّهِ بِحُسْنِ الْأَدَبِ، وَدَوَامِ الْهَيْبَةِ وَالْمُرَاقَبَةِ، وَالصُّحْبَةُ مَعَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ بِمُلَازَمَةِ الْعِلْمِ وَاتِّبَاعِ السُّنَّةِ، وَالصُّحْبَةُ مَعَ الْأَوْلِيَاءِ بِالِاحْتِرَامِ وَالْخِدْمَةِ، وَالصُّحْبَةُ مَعَ الْإِخْوَانِ بِالْبِشْرِ وَالِانْبِسَاطِ وَتَرْكِ الْإِنْكَارِ عَلَيْهِمْ، مَا لَمْ يَكُنْ خَرْقَ شَرِيعَةٍ أَوْ هَتْكَ حُرْمَةٍ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ:{خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف: 199] الْآيَةُ. وَالصُّحْبَةُ مَعَ الْجُهَّالِ بِالنَّظَرِ إِلَيْهِمْ بِعَيْنِ الرَّحْمَةِ، وَرُؤْيَةِ نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَيْكَ حَيْثُ
⦗ص: 66⦘
لَمْ يَجْعَلْكَ مَثَلَهُمْ، وَالدُّعَاءِ لَهُمْ لَيُعَافِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ بَلَاءِ الْجَهْلِ " وَمِنْ آدَابِهَا: حِفْظُ الْمَوَدَّةِ الْقَدِيمَةِ، وَالْأُخُوَّةُ الثَّابِتَةُ كَذَلِكَ
60 -
رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحِبُّ حِفْظَ الْوُدِّ الْقَدِيمِ»
61 -
وَإِنَّ امْرَأَةً دَخَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ فَأَدْنَاهَا، فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ:«إِنَّهَا كَانَتْ تَأْتِينَا أَيَّامَ خَدِيجَةَ، وَإِنَّ حُسْنَ الْعَهْدِ مِنَ الْإِيمَانِ»
62 -
أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الشَّيْبَانِيُّ، بِبَغْدَادَ قَالَ: أنا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ الْبُرْجُمِيُّ قَالَ: أنا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ التَّنُوخِيُّ قَالَ: أنا مُحَمَّدُ بْنُ ثِمَالٍ الصَّنْعَانِيُّ قَالَ: أنا عَبْدُ الْمُؤْمِنِ
⦗ص: 67⦘
، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها عَنِ النَّبِيِّ صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِ مَعْنَاهُ
63 -
سَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ شَاذَانَ يَقُولُ: سَمِعْتُ جَعْفَرَ الْخُلْدِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ الْمُغَازِلِيَّ يَقُولُ: «مَنْ أَحَبَّ أَنْ تَدُومَ لَهُ الْمَوَدَّةُ فَلْيَحْفَظْ مَوَدَّةَ إِخْوَانِهِ الْقُدَمَاءِ»
64 -
أَنْشَدَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ الطُّوسِيُّ قَالَ: أَنْشَدَنِي الْوَجِيهِيُّ لِبَعْضِهِمْ:
[البحر السريع]
مَا ذَاقَتِ النَّفْسُ عَلَى شَهْوَةٍ
…
أَلَذُّ مِنْ حُبِّ صَدِيقٍ أَمِينِ
مَنْ فَاتَهُ وُدُّ أَخٍ صَالِحٍ
…
فَذَلِكَ الْمَغْبُونُ حَقُّ الْيَقِينِ"
65 -
سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ طَاهِرٍ الْوَزِيرِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ الْبُوشَنْجِيَّ يَقُولُ: قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ مِنَ السَّلَفِ: «عَاشِرُوا النَّاسَ مُعَاشَرَةً إِنْ غِبْتُمْ حَنُّوا إِلَيْكُمْ، وَإِنْ مِتُّمْ بَكَوْا عَلَيْكُمْ» وَمِنْ آدَابِهَا
66 -
مَا: سُئِلَ أَبُو عُثْمَانَ الْحِيرِيُّ: كَيْفَ يَصْحَبُ الْمُؤْمِنُ عَلَى شَرْطِ السَّلَامَةِ؟ قَالَ: يُوَسِّعُ عَلَى أَخِيهِ مَالَهُ، وَلَا يَطْمَعْ فِي مَالِهِ، وَيُنْصِفُهُ وَلَا يَطْلُبْ مِنْهُ الْإِنْصَافَ، وَيَسْتَكْثِرُ قَلِيلَ بِرِّهِ، وَيَكُونُ إِكْرَامُهُ أَكْثَرَ مِنْ إِكْرَامِهِ لِنَفْسِهِ
67 -
سُئِلَ أَبُو عُثْمَانَ عَنْ مَنْ يُعَاشِرُ النَّاسَ وَلَا يُكْرِمُهُمْ وَلَا يَتَكَبَّرُ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ: ذَلِكَ لِقِلَّةِ رَأْيِهِ وَعَقْلِهِ، فَإِنَّهُ يُعَادِي صَدِيقَهُ، وَيُكْرِمُ عَدُوَّهُ، فَإِنَّ إِخْوَانَهُ
⦗ص: 68⦘
فِي اللَّهِ أَصْدِقَاؤُهُ، وَنَفْسَهُ عَدُوُّهُ
68 -
قَالَ: رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «أَعْدَى عَدُوِّكَ نَفْسُكَ الَّتِي بَيْنَ جَنْبَيْكَ»
69 -
أنا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: أنا مُحَمَّدُ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ: أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَبِيبٍ قَالَ: أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَكْرِيُّ قَالَ: أنا أَبِي قَالَ: قَالَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ: «قَدْ جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الصَّدِيقِ الْبَارِّ عِوَضًا عَنِ الرَّحِمِ الْمُدْبِرِ» وَمِنْ آدَابِهَا: مَعْرِفَةُ حُقُوقِ الْفُقَرَاءِ وَالْقِيَامِ بِحَوَائِجِهِمْ وَأَسْبَابِهِمْ
70 -
أنا أَبُو مُحَمَّدٍ الدَّهَّانُ قَالَ: نا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى الْبَزَّازُ قَالَ: أنا مُحَمَّدُ
⦗ص: 69⦘
بْنُ حُمَيْدٍ الرَّازِيُّ قَالَ: أنا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى الشَّيْبَانِيُّ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَقِيلٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ «لَا يَأْنَفُ شِيَخَةً، وَلَا يَسْتَكْبِرُ أَنْ يَمْشِيَ مَعَ الْأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ فَيَقْضِيَ حَاجَتَهُ» وَمِنْ آدَابِهَا: مُلَازَمَةُ الْأَدَبِ مَعَ إِخْوَانِهِمْ، وَحُسْنِ مُعَاشَرَتِهِمْ
71 -
سَمِعْتُ الْحُسَيْنَ بْنَ يَحْيَى الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ جَعْفَرَ بْنَ نُصَيْرٍ الْخُلْدِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ الْجُنَيْدَ يَقُولُ وَسُئِلَ عَنِ الْأَدَبِ فَقَالَ: «حُسْنُ الْعِشْرَةِ» وَالْفَرْقُ بَيْنَ عِشْرَةِ الْعُلَمَاءِ وَالْجُهَّالِ: مَا قَالَهُ يَحْيَى بْنُ مُعَاذٍ الرَّازِيُّ: إِنَّ الْعُلَمَاءَ عَبَدُوا اللَّهَ بِقُلُوبِهِمْ وَعَبَدُوا النَّاسَ بِأَبْدَانِهِمْ، وَالْجُهَّالَ عَبَدُوا اللَّهَ بِأَنْفُسِهِمْ وَعَبَدُوا النَّاسَ بِقُلُوبِهِمْ وَأَبْدَانِهِمْ وَأَلْسِنَتِهِمْ
⦗ص: 70⦘
وَمِنْ آدَابِهَا: حِفْظُ أَسْرَارِ الْإِخْوَانِ
73 -
أنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مَعْقِلٍ قَالَ: أنا أَبُو الْفَضْلِ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ: أنا عِيسَى بْنُ يُونُسَ قَالَ: أنا الشَّيْبَانِيُّ قَالَ: أنا الْحُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ:«اسْتَعِينُوا عَلَى حَوَائِجِكُمْ بِالْكِتْمَانِ؛ فَإِنَّ كُلَّ ذِي نِعْمَةٍ مَحْسُودٌ»
74 -
وَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: قُلُوبُ الْأَحْرَارِ قُبُورُ الْأَسْرَارِ
75 -
وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ طَاهِرٍ الْوَزِيرِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ الْحَكِيمَ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: " أَفْشَى رَجُلٌ إِلَى صَدِيقٍ لَهُ سِرًّا مِنْ أَسْرَارِهِ، فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ: حَفِظْتَهُ. قَالَ: لَا، بَلْ نَسِيتُهُ "
76 -
وَأَنْشَدَنِي مُحَمَّدُ بْنُ طَاهِرٍ قَالَ: أَنْشَدَنِي الْمُطَرِّفِيُّ لِبَعْضِهِمْ: «
[البحر البسيط]
لَيْسَ الْكَرِيمُ الَّذِي إِنْ زَلَّ صَاحِبُهُ
…
بِثَّ الَّذِي كَانَ مِنْ أَسْرَارُهِ عِلْمَا
⦗ص: 71⦘
إِنَّ الْكَرِيمَ الَّذِي تَبْقَى مَوَدَّتُهُ
…
وَيَحْفَظُ السِّرَّ إِنْ صَافَى وَإِنْ صَرَمَا»
وَمِنْ آدَابِهَا: الْمَشُورَةُ مَعَ الْإِخْوَانِ وَقَبُولِ مَا يُشِيرُونَ بِهِ عَلَيْهِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} [آل عمران: 159]
77 -
أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: أنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ: أنا إِدْرِيسُ بْنُ يُونُسَ قَالَ: أنا ابْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ: أنا مَخْلَدُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنِ ابْنِ طَاوُوسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} [آل عمران: 159] قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ غَنِيَّانِ عَنْهَا، وَلَكِنْ جَعَلَهَا رَحْمَةً لِأُمَّتِي، فَمَنْ شَاوَرَ مِنْهُمْ لَمْ يُعْدَمْ رُشْدًا، وَمَنْ تَرَكَ الْمَشُورَةَ لَمْ يُعْدَمْ غُبْنًا» وَمِنْ آدَابِهَا: إِيثَارُ الْإِرْفَاقِ عَلَى الْإِخْوَانِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [الحشر: 9]
78 -
وَحُكِيَ أَنَّهُ سُعِيَ بِبَعْضِ الصُّوفِيَّةِ إِلَى بَعْضِ الْخُلَفَاءِ وَقَالُوا: إِنَّهُمْ
⦗ص: 72⦘
يَرْفُضُونَ الشَّرِيعَةَ، فَأَخَذَ مِنْهُمْ طَائِفَةً فِيهِمْ: أَبُو الْحُسَيْنِ النُّورِيُّ فَأَمَرَ بِضَرْبِ أَعْنَاقِهِمْ. قَالَ: فَبَدَرَ أَبُو الْحُسَيْنِ إِلَى السَّيَّافِ لِيَضْرِبَ عُنُقَهُ، فَقَالَ لَهُ السَّيَّافُ: مَا لَكَ بَادَرْتَ بَيْنَ أَصْحَابِكَ؟، فَقَالَ: أَحْبَبْتُ أَنْ أُؤْثِرَ أَصْحَابِي بِحَيَاةِ هَذِهِ اللَّحْظَةِ. وَكَانَ ذَلِكَ سَبَبُ نَجَاتِهِمْ، فِي حِكَايَةٍ طَوِيلَةٍ. وَمِنْ آدَابِهَا: أَنْ يَتَخَلَّقَ بِمَحَاسِنِ الْأَخْلَاقِ، وَيَتَمَيَّزَ فِي الصُّحْبَةِ
79 -
سَمِعْتُ أَبَا نَصْرٍ مَنْصُورَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْأَصْبَهَانِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ الْجُرَيْرِيَّ يَقُولُ: " كَمَالُ الرَّجُلِ فِي ثَلَاثٍ: فِي الْقُرْبَةِ، وَالصُّحْبَةِ، وَالْفِطْنَةِ. أَمَّا الْقُرْبَةُ فَدَلِيلُ النَّفْسِ، وَأَمَّا الصُّحْبَةُ لِيَتَخَلَّقَ بِأَخْلَاقِ الرِّجَالِ، وَالْفِطْنَةُ لِلتَّمَيُّزِ " وَمِنْ آدَابِهَا: قِلَّةُ مُخَالَفَةِ الْإِخْوَانِ فِي أَسْبَابِ الدُّنْيَا، فَإِنَّ الدُّنْيَا أَقَلُّ خَطَرًا مِنْ أَنْ يُخَالَفَ فِيهَا أَخٌ مِنَ الْإِخْوَانِ
80 -
سَمِعْتُ مَنْصُورَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ عَلَّوَيْهِ يَقُولُ
⦗ص: 73⦘
: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مُعَاذٍ يَقُولُ: «الدُّنْيَا بِأَجْمَعِهَا لَا تَسْوَى غَمَّ سَاعَةٍ، فَكَيْفَ بِغَمِّ طُولِ عُمُرِكَ فِيهَا، وَقَطْعِ إِخْوَانِكَ بِسَبَبِهَا مَعَ قَلِيلِ نَصِيبِكَ مِنْهَا؟» وَمِنْ آدَابِهَا: أَنْ تُصَاحِبَ الْأَحْرَارَ عَلَى الصَّفَاءِ وَالدِّينِ دُونَ الرَّغْبَةِ وَالرَّهْبَةِ وَالطَّمِعِ
81 -
سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: سَمِعْتُ الْجُرَيْرِيَّ يَقُولُ: «تَعَامَلَ الْقَرْنُ الْأَوَّلُ فِيمَا بَيْنَهُمْ بِالدِّينِ زَمَانًا طَوِيلًا حَتَّى رَقَّ الدِّينُ، ثُمَّ تَعَامَلَ الْقَرْنُ الثَّانِي بِالْوَفَاءِ حَتَّى ذَهَبَ الْوَفَاءُ، ثُمَّ تَعَامَلَ الْقَرْنُ الثَّالِثُ بِالْمُرُوءَةِ حَتَّى ذَهَبَتِ الْمُرُوءَةُ، ثُمَّ تَعَامَلَ الْقَرْنُ الرَّابِعُ بِالْحَيَاءِ حَتَّى ذَهَبَ الْحَيَاءُ، ثُمَّ صَارَ النَّاسُ يَتَعَامَلُونَ بِالرَّغْبَةِ وَالرَّهْبَةِ» قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ: فَكُنْتُ أَسْتَحْسِنُ هَذِهِ الْحِكَايَةَ لِأَبِي مُحَمَّدٍ الْجُرَيْرِيِّ، فَوَجَدْتُ مِثْلَهَا لِلشَّعْبِيِّ فَزَادَهَا حُسْنًا
82 -
أنا أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ الْوَاعِظُ، قَالَ: أنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ: أنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَارِثِ قَالَ: أنا جَدِّي قَالَ: أنا الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: «تَعَامَلَ النَّاسُ بِالدِّينِ زَمَانًا طَوِيلًا حَتَّى ذَهَبَ الدِّينُ، ثُمَّ تَعَاشَرُوا بِالْمُرُوءَةِ حَتَّى ذَهَبَتِ الْمُرُوءَةُ، ثُمَّ تَعَاشَرُوا بِالْحَيَاءِ، ثُمَّ تَعَاشَرُوا بِالرَّغْبَةِ وَالرَّهْبَةِ، وَأَظُنُّهُ
⦗ص: 74⦘
سَيَأْتِي بَعْدَ ذَلِكَ مَا هُوَ شَرٌّ مِنْهُ» وَمِنْ آدَابِهَا: تَرْكُ الْمُدَاهَنَةِ مَعَ مَنْ يُعَاشِرُ
83 -
وَسَمِعْتُ أَبَا الْعَبَّاسِ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ، سَمِعْتُ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ نُصَيْرٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ الْجُرَيْرِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: «لَا يَشُمُّ رَائِحَةَ الصِّدْقِ عَبْدٌ دَاهَنَ نَفْسَهُ، أَوْ دَاهَنَ غَيْرَهُ» وَمِنْ آدَابِهَا: قِلَّةُ الْخِلَافِ عَلَى الْإِخْوَانِ، وَيَتَحَرَّى مُوَافَقَتَهُمْ فِيمَا يَرَوْنَ، مَا لَمْ يَكُنْ مُخَالِفٌ لِلدَّيْنِ وَالسُّنَّةِ
84 -
سَمِعْتُ يُوسُفَ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ: سَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ أَحْمَدَ الدَّقَّاقَ يَقُولُ
⦗ص: 75⦘
: سَمِعْتُ الْعَبَّاسَ بْنَ الْوَلِيدِ يَقُولُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ أَبَى زَيْدٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ جُوَيْرَةَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ يَقُولُ: «دَعَوْتُ اللَّهَ أَرْبَعِينَ سَنَةً أَنْ يَعْصِمَنِي مِنْ مُخَالَفَةِ الْإِخْوَانِ»