المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌البر والصلة من آداب الصحبة وقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «من لا يرحم لا يرحم» ومن آدابها: البر والصلة، البر بالنفس، والصلة باللسان، والبر أتم من الصلة وأفضل، لذلك خص به الوالدان تعظيما لحقهما النبيل - آداب الصحبة لأبي عبد الرحمن السلمي

[أبو عبد الرحمن السلمي]

فهرس الكتاب

- ‌الْمُسْلِمُونَ جَسَدٌ وَاحِدٌ فَمِنْ ذَلِكَ: أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ كَالْجَسَدَ الْوَاحِدِ، وَأَنَّ عَلَى بَعْضِهِمْ أَنْ يُعِينَ الْبَعْضَ عَلَى الْخَيْرَاتِ، وَيَدْفَعَ عَنْهُ الْمَكَارِهَ

- ‌تَعَارَفُ الْأَرْوَاحِ وَتَنَاكُرُهَا

- ‌احْذَرْ صُحْبَةَ الْجُهَّالِ

- ‌صِفَاتُ خَيْرِ الْأَصْحَابِ وَمِنْ آدَابِهَا: أَلَّا يَصْحَبَ إِلَّا عَاقِلًا وَعَالِمًا وَحَلِيمًا تَقِيًّا

- ‌احْفَظْ أَهْلَ صَدِيقِكَ وَمِنْ آدَابِهَا: أَنْ يَحْفَظَ فِي عِشْرَتِهِ صَلَاحَ إِخْوَانِهِ، لَا مُرَادَهُمْ، وَيُدِلُّهُمْ عَلَى رُشْدِهِمْ لَا عَلَى مَا يُحِبُّونَهُ

- ‌النَّاسُ رَجُلَانِ

- ‌أَحِبَّ لِغَيْرِكَ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ وَمِنْ آدَابِهَا: أَنْ تَطْلُبَ مِنْ إِخْوَانِكَ حُسْنَ الْعِشْرَةِ حَسَبَ مَا تَعَاشَرْتُمْ بِهِ

- ‌ثَلَاثٌ يَجْلِبْنَ لَكَ وُدَّ إِخْوَانِكَ

- ‌الدِّفَاعُ عَنِ الْإِخْوَانِ مِنْ آدَابِ الصُّحْبَةِ وَمِنْ آدَابِهَا: الْقِيَامُ بِأَعْذَارِ الْإِخْوَانِ وَالْأَصْحَابِ وَالذَّبُّ عَنْهُمْ، وَالِانْتِصَارُ لَهُمْ

- ‌الْبِرُّ وَالصِّلَةُ مِنْ آدَابِ الصُّحْبَةِ وَقَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ لَا يَرْحَمُ لَا يُرْحَمُ» وَمِنْ آدَابِهَا: الْبِرُّ وَالصِّلَةُ، الْبِرُّ بِالنَّفْسِ، وَالصِّلَةُ بِاللِّسَانِ، وَالْبِرُّ أَتَمُّ مِنَ الصَّلَةِ وَأَفْضَلُ، لِذَلِكَ خُصَّ بِهِ الْوَالِدَانِ تَعْظِيمًا لِحَقِّهِمَا النَّبِيلِ

- ‌ثَلَاثُ خِصَالٍ لِلصَّدِيقِ

- ‌احْذَرْ هِجْرَةَ الْإِخْوَانِ وَمِنْ آدَابِهَا: أَنْ لَا يَهْجُرَ أَخَاهُ هَجْرَ بُغْضَةٍ، أَنْ لَا يَكُونَ هِجْرَتُهُ لَهُ اسْتِبْقَاءً لِوُدِّهِ وَإِبْقَاءً عَلَى مُدَاوَمَةِ حُبِّهِ، وَقَطْعَ مَقَالَةِ وَاشٍ عَنْهُ

- ‌آدَابُ الصُّحْبَةِ بَيْنَ الْوَالِدِ وَوَلَدِهِ وَمِنْ آدَابِهَا: أَنْ يُعِينَ الرَّجُلُ وَلَدَهُ عَلَى بِرِّهِ بِالْإِفْضَالِ

- ‌التَّوَدُّدُ إِلَى الْإِخْوَانِ وَمِنْ آدَابِهَا: التَّوَدُّدُ إِلَى الْإِخْوَانِ بِالِاصْطِنَاعِ إِلَيْهِمْ وَالصَّفْحِ

- ‌مِنْ آدَابِ الصُّحْبَةِ قَضَاءُ الْحَوَائِجِ وَمِنْ آدَابِهَا: التَّسَارُعِ إِلَى قَضَاءِ حَوَائِجِ مَنْ يَرْفَعُ إِلَيْهِ حَاجَةً

- ‌بُعْدُ الدَّارِ لَا يُنْسِيكَ كَرَمَ الْعَهْدِ وَمِنْ آدَابِهَا: أَنْ لَا يُنْسِيَكَ بُعْدُ الدَّارِ كَرَمَ الْعَهْدِ، وَالنُّزُوعُ إِلَى مُشَاهَدَةِ الْإِخْوَانِ كَذَلِكَ

- ‌لَا تَحْتَجِبْ عَنْ إِخْوَانِكَ وَمِنْ آدَابِهَا: أَنْ لَا يَحْتَجِبَ عَنْ إِخْوَانِهِ، وَلَا يَحْجِبَهُمْ عَنْ نَفْسِهِ كَذَلِكَ

- ‌مِنْ آدَابِ الِاسْتِئْذَانِ

- ‌أُمُورٌ تُفْرِحُ الْأَخَوَانِ وَمِنْ آدَابِهَا: أَنْ لَا يَصُومَ إِذَا دَعَاهُ أَخٌ لَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ، فَإِنْ نَوَى الصَّوْمَ لَهُ أَنْ يُفْطِرَ تَحَرِّيًا لِسُرُورِهِ

- ‌إِنْصَافُ الْإِخْوَانِ مِنْ آدَابِ الصُّحْبَةِ وَمِنْ آدَابِهَا: إِنْصَافُ الْإِخْوَانِ مِنْ نَفْسِهِ، وَمُوَاسَاتُهُمْ مِنْ مَالِهِ

- ‌مِنْ جَامِعِ آدَابِ الصُّحْبَةِ وَالْعِشْرَةِ

- ‌مِنْ آدَابِ الْحَدِيثِ وَمِنْ آدَابِهَا: أَنْ لَا يَتَكَلَّمَ الْأَحْدَثَ بِحَضْرَةِ الْمَشَايخِ

- ‌لَا تُصَاحِبْ إِلَّا مُؤْمِنًا وَمِنْ آدَابِهَا: أَنْ لَا يُعَاشِرَ مَنْ يُخَالِفُهُ فِي اعْتِقَادِهِ

- ‌الصُّحْبَةُ مَعَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ وَالصُّحْبَةُ عَلَى وُجُوهٍ، لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا آدَابٌ وَمَوَاجِبُ وَلَوَازِمُ، فَالصُّحْبَةُ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى بِاتِّبَاعِ أَوَامِرِهِ، وَاجْتِنَابِ نَوَاهِيهِ، وَدَوَامِ ذِكْرِهِ، وَدَرْسِ كِتَابِهِ، وَمُرَاقبَةِ أَسْرَارِهِ أَنْ يَخْتَلِجَ فِيهَا مَا لَا يَرْضَاهُ، وَالرِّضَا بِقَضَاءِ اللَّهِ

- ‌الصُّحْبَةُ مَعَ الْإِخْوَانِ وَالصُّحْبَةُ مَعَ الْإِخْوَانِ بِدَوَامِ الْبِشْرِ، وَبَذْلِ الْمَعْرُوفِ، وَنَشْرِ الْمَحَاسِنِ، وَسَتْرِ الْقَبَائِحِ، وَاسْتِكْثَارِ قَلِيلِ بِرِّهِمْ، وَاسْتِصْغَارِ مَا مِنْكَ إِلَيْهِمْ، وَتَعَهُّدِهِمْ بِالنَّفْسِ وَالْمَالِ، وَمُجَانَبَةِ الْحِقْدِ وَالْحَسَدِ وَالْبِغْي وَالْأَذَى وَمَا يَكْرَهُونَ مِنْ جَمِيعِ الْوُجُوهِ، وَتَرْكِ مَا يُعْتَذَرُ مِنْهُ

- ‌الصُّحْبَةُ مَعَ الضَّيْفِ بِحُسْنِ الْبِشْرِ، وَطَلَاقَةِ الْوَجْهِ، وَطِيبِ الْحَدِيثِ، وَإِظْهَارِ السُّرُورِ، وَالْكَوْنِ عِنْدَ أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ، وَرُؤْيَةِ فَضْلِهِ، وَاعْتِقَادِ الْمَنْزِلَةِ حَيْثُ أَطْرَبَكَ بِدُخُولِ مَنْزِلِكَ، وَتَكَرَّمَ بِطَعَامِكَ

- ‌آدَابُ الْجَوَارِحِ ثُمَّ عَلَى كُلِّ جَارِحَةٍ مِنَ الْجَوَارِحِ آدَابٌ تَخْتَصَّ بِهَا، فَآدَابُ الْعَيْنِ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى إِخْوَانِهِ نَظَرَ مَوَدَّةٍ وَمَحَبَّةٍ يَعْرِفُهَا مِنْكَ هُوَ وَمَنْ حَضَرَ الْمَجْلِسَ، وَيَكُونَ نَظَرُهُ إِلَى مَحَاسِنِهِ وَإِلَى أَحْسَنِ شَيْءٍ يَصْدُرُ مِنْهُ، وَأَنْ لَا يَصْرِفَ عَنْهُ بَصَرَهُ فِي وَقْتِ إِقْبَالِهِ عَلَيْهِ وَكَلَامِهِ مَعَهُ. وَآدَابُ السَّمْعِ أَنْ يَسْتَمِعَ

- ‌خَاتِمَةٌ فَمَنْ تَأَدَّبَ فِي الْبَاطِنِ بِهَذِهِ الْآدَابِ، وَتَأَدَّبَ فِي الظَّاهِرِ بِمَا بَيَّنَّاهُ رَجَوْتُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُوَفَّقِينَ، وَنَحْنُ نَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يُوَفِّقَنَا لِلْأَخْلَاقِ الْجَمِيلَةِ، وَأَنْ يُجَنِّبَنَا الْأَخْلَاقَ السَّيِّئَةَ فِي أَفْعَالِنَا، وَأَحْوَالِنَا، وَأَقْوَالِنَا، مِمَّا يُقَرِّبُنَا إِلَيْهِ، وَلَا يَكِلَنَا فِي شَيْءٍ مِنْ أُمُورِنَا وَأَسْبَابِنَا إِلَى

الفصل: ‌البر والصلة من آداب الصحبة وقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «من لا يرحم لا يرحم» ومن آدابها: البر والصلة، البر بالنفس، والصلة باللسان، والبر أتم من الصلة وأفضل، لذلك خص به الوالدان تعظيما لحقهما النبيل

‌الْبِرُّ وَالصِّلَةُ مِنْ آدَابِ الصُّحْبَةِ وَقَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ لَا يَرْحَمُ لَا يُرْحَمُ» وَمِنْ آدَابِهَا: الْبِرُّ وَالصِّلَةُ، الْبِرُّ بِالنَّفْسِ، وَالصِّلَةُ بِاللِّسَانِ، وَالْبِرُّ أَتَمُّ مِنَ الصَّلَةِ وَأَفْضَلُ، لِذَلِكَ خُصَّ بِهِ الْوَالِدَانِ تَعْظِيمًا لِحَقِّهِمَا النَّبِيلِ

ص: 77

88 -

عَنْ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ أَبَرُّ؟ قَالَ:«أُمُّكَ» . قُلْتُ: ثُمَّ مَنْ؟، قَالَ:«أُمُّكَ» . قُلْتُ: ثُمَّ مَنْ؟، قَالَ:«أُمُّكَ» . قُلْتُ: ثُمَّ مَنْ؟، قَالَ:«ثُمَّ أَبُوكَ، ثُمَّ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ» وَمِنْ آدَابِهَا: مَحَبَّتُهُ لِانْبِسَاطِ إِخْوَانِهِ إِلَيْهِ فِي النَّفْسِ وَالْمَالِ، فَإِنَّهُ لَا يَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ فِي ذَلِكَ فَرْقًا، فَإِنَّهُ:

89 -

رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: كَانَ يَنْبَسِطُ فِي مَالِ

⦗ص: 78⦘

أَبَى بَكْرٍ كَمَا يَنْبَسِطُ فِي مَالِهِ، وَيْحَكُمُ فِيهِ كَمَا يَحْكُمُ فِي مَالِهِ

ص: 77

مُجَانَبَةُ التَّبَاغُضِ وَالتَّحَاسُدِ وَمِنْ آدَابِهَا: مُجَانَبَةُ التَّبَاغُضِ وَالتَّحَاسُدِ

90 -

فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: «لَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا» أَعْلَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ أَنَّ التَّبَاغُضَ وَالتَّحَاسُدَ يَسْقُطَانِ عَنْ دَرَجَةِ الْأُخُوَّةِ، وَأَنَّ صُحْبَةَ الْأُخُوَّةِ وَكَرَمَ الصُّحْبَةِ مَا كَانَ مُنَزَّهًا عَنْ هَذِهِ الْخِصَالِ الْمَذْمُومَةِ، فَلَا تَصِحُّ حُسْنُ الْعِشْرَةِ إِلَّا بِصُحْبَةِ الْأُخُوَّةِ

ص: 78

التَّآلُفُ مَعَ الْإِخْوَانِ وَمِنْ آدَابِهَا: التَّآلُفُ مَعَ الْإِخْوَانِ، وَتَعْلَمُ أَنَّهُ قَلَّ مَا يَقَعُ بَيْنَ الْإِخْوَانِ مُخَالَفَةٌ إِلَّا بِسَبَبِ الدُّنْيَا، وَأَصْلُ التَّآلُفِ هُوَ بُغْضُ الدُّنْيَا وَالْإِعْرَاضُ عَنْهَا، فَهِيَ الَّتِي تُوقِعَ الْمُخَالَفَةَ بَيْنَ الْإِخْوَانِ ،

91 -

وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «الْمُؤْمِنُ إِلْفٌ مَأْلُوفٌ، وَلَا خَيْرَ فِيمَنْ لَا يَأْلَفُ وَلَا يُؤْلَفُ»

⦗ص: 79⦘

وَمِنْ آدَابِ الْعِشْرَةِ مَعَ النِّسْوَانِ أَنْ تَعْلَمَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَهُنَّ نَاقِصَاتِ الْعَقْلِ وَالدِّينِ، فَعَاشِرْهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ عَلَى حَسَبِ مَا جَلَبَهُنَّ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنْ نُقْصَانِ الْعَقْلِ وَالدِّينِ، وَلَا تُطَالِبْهُنَّ بِمَا لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُنَّ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لِنُقْصَانِ دِينِهِنَّ جَعَلَ شَهَادَةَ امْرَأَتَيْنِ بِشَهَادَةِ رَجُلٍ.

92 -

وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «مَا رَأَيْتُ مِنَ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَذْهَبُ لِعُقُولِ الرِّجَالِ ذَوِي الْأَلْبَابِ مِنْكُنَّ» الْحَدِيثَ وَلَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ»

94 -

وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: عَقْلُ الْمَرْأَةِ جَمَالُهَا، وَجَمَالُ الرَّجُلِ عَقْلُهُ

⦗ص: 80⦘

95 -

وَسُئِلَ أَبُو حَفْصٍ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: 19] فَقَالَ: هُوَ حُسْنُ الصُّحْبَةِ مَعَ مَنْ سَاءَكَ وَمَنْ كَرِهْتَ صُحْبَتَهَا وَمِنْ آدَابِ حُسْنِ الْعِشْرَةِ مَعَ الْخَادِمِ: هُوَ أَنْ تَسْتَعْمِلَ فِيهِمْ أَدَبَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ قَالَ: «

96 -

هُمْ إِخْوَانُكُمْ، جَعَلَهُمُ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ، فَأَطْعِمُوهُمْ مِمَّا تَأْكُلُونَ، وَأَلْبِسُوهُمْ مِمَّا تَلْبَسُونَ، وَلَا تُكَلِّفُوهُمْ مَالَا يُطِيقُونَ»

97 -

وَكَانَ آخِرُ كَلَامِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى وَآلِهِ وَسَلَّمَ حِينَ تَغَرْغَرَ صَدْرُهُ وَمَا يُفِيضُ بِهَا لِسَانُهُ وَهُوَ يَقُولُ: «الصَّلَاةُ، وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ»

98 -

وَقَالَ أَنَسٌ: خَدَمْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى وَآلِهِ وَسَلَّمَ عَشْرَ سِنِينَ، فَمَا قَالَ لِشَيْءٍ فَعَلْتُهُ: لِمَ فَعَلْتَهُ، وَلَا لِشَيْءٍ لَمْ أَفْعَلْهُ أَنْ لَا فَعَلْتَهُ

ص: 78

99 -

أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الشَّيْبَانِيُّ، بِبَغْدَادَ قَالَ: أنا النُّعَيْمِي بْنُ أَبِي الرَّايَاتِ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو السَّكُونِيُّ قَالَ: أنا بَقِيَّةُ قَالَ: أنا الضَّحَّاكُ بْنُ حُمْرَةَ

⦗ص: 81⦘

، عَنْ أَبِي هَارُونَ الْعَبْدِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى وَآلِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا حَقُّ جَارِي؟ قَالَ:«تُفْرِشُهُ مَعْرُوفَكَ، وَتُجَنِّبُهُ أَذَاكَ، وَتُجِيبُهُ إِذَا دَعَاكَ» . قَالَ: فَمَا حَقُّ خَادِمِي عَلَيَّ؟، قَالَ:«ذَاكَ شَرُّ الْبَرِيَّةِ عَلَيْكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» وَمِنْ آدَابِ الْعِشْرَةِ مَعَ السُّوقِيِّ وَالتُّجَّارِ: أَنْ لَا تُخْلِفَ وَعَدَكَ مَعَهُمْ، وَتَعْذِرَهُمْ فِي إِخْلَافِهِمْ مَوَاعِيدَهُمْ، وَتَعْلَمَ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُمُ الْخُرُوجُ مِنْ حَقِّكَ إِلَّا فِي الْوَقْتِ الَّذِي قَضَى اللَّهُ تَيْسِيرَهُ عَلَيْهِ، وَتَعْلَمَ فِي وَقْتِ جُلُوسِكَ عَلَى الْحَانُوتِ أَنَّكَ مَا تَرَكْتَ مِنَ الدُّنْيَا وَطَلَبِهَا إِلَّا وَقَدْ عَلِمْتَهُ. وَتَعْذِرَ إِخْوَانَكَ فِي الْقُعُودِ عَلَى الْحَانُوتِ، وَتَقُولَ: لَعَلَّهُ مَدْيُونٌ يَسْعَى فِي قَضَاءِ دَيْنِهِ، أَوْ يَجْتَهِدُ فِي طَلَبِ الْقُوتِ لِعِيَالِهِ، أَوْ يَسْعَى عَلَى أَبَوَيْنِ ضَعِيفَيْنِ، فَتَرَى

⦗ص: 82⦘

فِي قُعُودِكَ عَلَى الْحَانُوتِ عَيْبَكَ، وَتَرَى فِيهِ عُذْرَ أَخِيكَ. وَمَنْ جَاءَكَ يَشْتَرِي مِنْكَ شَيْئًا فَاعْلَمْ أَنَّ ذَلِكَ رِزْقٌ سَاقَهُ اللَّهُ إِلَيْكَ، وَلَا تَشْتَرِيَنَّ بَيْعَكَ مَعَهُ بِيَمِينٍ، وَلَا بِكَذِبٍ، وَلَا بِخِيَانَةٍ، وَلَا بِهَذِهِ الصُّرُوفِ الْمُحَرَّمَةِ لِتُحَرِّمَ عَلَى نَفْسِكَ رِزْقًا سَاقَهُ إِلَيْكَ حَلَالًا. وَإِذَا رَبِحْتَ فَاحْمَدِ اللَّهَ، وَإِذَا رَبِحَ أَخُوكَ وَبَاعَ شَيْئًا تَفْرَحُ بِذَلِكَ كَفَرَحِكَ بِبَيْعِكَ وَرِبْحِكَ، فَإِنَّهُ:

100 -

رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَجِدُ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ» وَإِذَا أَخَذْتَ الْمِيزَانَ بِيَدِكَ فَاذْكُرْ مِيزَانَ الْعَدْلِ وَالْقِسْطِ الَّذِي عَلَيْكَ، وَاحْذَرِ التَّطْفِيفَ؛ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ:{وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ} [المطففين: 1] وَأَنْظِرْ مِنْ غُرَمَائِكَ مَنْ كَانَ مُعْسِرًا، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ:{وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: 280] وَتَعْلَمُ أَنَّ الْمُعْسِرَ فِي أَمَانِ اللَّهِ وَمُهْلَتِهِ، وَأَقَلُّ مَا يَسْتَقِيلُكَ فِي بُيُوعِكَ.

101 -

فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مِنْ أَقَالَ نَادِمًا بَيْعَةً أَقَالَهُ اللَّهَ عَثْرَتَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»

⦗ص: 83⦘

فَإِذَا وزِنَتْ لِأَخِيكَ فَأَرْجِحْ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِوَزَّانٍ: يَزِنُ لِصَاحِبِ حَقٍّ: «

102 -

زِنْ وَأَرْجِحْ» فَإِنْ وزِنْتَ لِنَفْسِكَ فانْقُصْ، لِتَكُونَ قَدْ تَيَقَّنْتَ فِيهِ وَجْدَ حَلَالٍ، وَاحْذَرِ الْمَطْلَ مَعَ الْمَيْسَرَةِ؛ لِأَنْ لَا تَدْخُلَ فِي جُمْلَةِ الظَّالِمِينَ.

103 -

فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ» وَلَا تَمْدَحْ سِلْعَتَكَ وَتَذِمَّ سِلْعَةَ أَخِيكَ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ نَوْعٌ مِنَ النِّفَاقِ، وَالْزَمْ

⦗ص: 84⦘

فِي سُوقِكَ وَتِجَارَتِكَ الْبِرَّ وَالصِّدْقَ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «

104 -

التُّجَّارُ فُجَّارٌ إِلَّا مَنْ بَرَّ وَصَدَقَ» وَشِبْ بُيُوعَكَ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّدَقَةِ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ وَقَفَ فِي السُّوقِ فَقَالَ: «

105 -

يَا مَعْشَرَ التُّجَّارِ، إِنَّ هَذِهِ الْبُيُوعَ يُخَالِطُهَا الْكَذِبُ وَالْحَلِفُ، فَشُوبُوهَا بِشَيْءٍ مِنَ الصَّدَقَةِ» وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ خُرُوجُكَ إِلَى مَتْجَرِكَ عَلَى نِيَّةٍ

ص: 80

سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ الْفَرَّاءَ قَالَ:

106 -

سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَنَازِلٍ يَقُولُ: إِذَا خَرَجْتَ مِنْ بَيْتِكَ إِلَى السُّوقِ فَاخْرُجْ بِنَيَّةِ أَنْ تَقْضِيَ لِمُسْلِمٍ حَاجَةً، فَإِنْ رَزَقَكَ اللَّهُ تَعَالَى فَذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْكَ، فَيَكُونُ مُبَارَكًا عَلَيْهِ. فَإِنَّهُ:

⦗ص: 85⦘

107 -

رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «نِيَّةُ الْمُؤْمِنِ خَيْرٌ مِنْ عَمَلِهِ»

108 -

وَسُئِلَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ عَنْ مَعْنَى هَذَا الْخَبَرِ، فَقَالَ: نِيَّةٌ بِلَا عَمَلٍ خَيْرٌ مِنْ عَمَلٍ بِلَا نِيَّةٍ

ص: 84

109 -

أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُطَّلِبِ، بِبَغْدَادَ قَالَ: أنا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ هَارُونَ بْنِ سُلَيْمَانَ قَالَ: أنا الْفَضْلُ بْنُ إِسْحَاقَ الدُّورِيُّ قَالَ: أنا عَلِيُّ بْنُ غُرَابٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ طَرِيفٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ قَالَ: قَالَ سَعْدٌ وَأَدْرَكْتُهُ يُحَدِّثُ عَنْ خَوْلَةَ امْرَأَةِ حَمْزَةَ قَالَتْ: كَانَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ وَسَقَانِ مِنْ تَمْرٍ لِرَجُلٍ مِنْ بَنِي سَاعِدَةَ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَأَتَاهُ السَّاعِدِيُّ يَتَقَاضَاهُ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ بِلَالًا أَنْ يَقْضِيَهُ، فَأَعْطَاهُ تَمْرًا دُونَ تَمْرِهِ فَرَدَّهُ، فَقَالَ بِلَالٌ: أَتَرُدَّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ؟ . قَالَ: نَعَمْ، مَنْ أَحَقُّ بِالْعَدْلِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ:«صَدَقَ، وَمَنْ أَحَقُّ بِالْعَدْلِ مِنِّي» . وَاكْتَحَلَتْ عَيْنُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ بِالدُّمُوعِ ثُمَّ قَالَ: «لَا قَدَّسَ اللَّهُ، أَوْ لَا قُدِّسَتْ أُمَّةٌ لَا يَأْخُذُ ضَعِيفُهَا حَقَّهُ مِنْ شَدِيدِهَا، وَهُوَ غَيْرُ مُتَعْتَعٍ» . ثُمَّ قَالَ: «يَا خُوَيْلَةُ، عِدِيهِ، وَاقْضِيهِ؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ غَرِيمٍ يَرْجِعُ مِنْ عِنْدِ غَرِيمِهِ رَاضِيًا إِلَّا صَلَّتْ عَلَيْهِ دَوَابُّ الْأَرْضِ وَنُونُ الْبِحَارِ، وَلَا غَرِيمٌ يَلْوِي غَرِيمَهُ وَهُوَ

⦗ص: 86⦘

يَقْدِرُ إِلَّا كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ كُلَّ يَوْمٍ ذَنْبًا»

ص: 85

110 -

وَسَمِعْتُ الْحَكَمَ أَبَا الْحُسَيْنِ بْنَ أَحْمَدَ الصَّفَّارَ الْفَقِيهَ يَقُولُ: سَمِعْتُ نَفْطَوَيْهِ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى يَقُولُ: قَالَ الْمُبَرِّدُ: قَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقُ: " مَنِ اتَّجَرَ فَلْيَتَجَنَّبْ خَمْسَةَ أَشْيَاءَ: الْيَمِينَ، وَكِتْمَانَ الْعَيْبِ، وَالْمَدْحَ إِذَا بَاعَ، وَالذَّمَّ إِذَا اشْتَرَى، وَالدُّخُولَ فِي شِرَاءِ غَيْرِهِ " وَمِنْ آدَابِ الْعِشْرَةِ: الْعَفْوُ عَنْ كُلِّ هَفْوَةٍ تَقَعُ لِلْإِخْوَانِ فِي النَّفْسِ وَالْمَالِ دُونَ أُمُورِ الدِّينِ وَالسُّنَّةِ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ:{وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا} [النور: 22] قَالَ تَعَالَى: {وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبَ لِلتَّقْوَى} [البقرة: 237]

⦗ص: 87⦘

. وَمِنْ آدَابِهَا: حُسْنُ الْمُجَاوَرَةِ، وَأَنْ يَأْمَنَكَ جَارُكَ فِي كُلِّ أَسْبَابِهِ، فِي نَفْسِهِ، وَدِينِهِ، وَأَهْلِهِ، وَمَالِهِ وَوَلَدِهِ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «

111 -

لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُؤْمِنَ جَارَهُ بَوَائِقَهُ»

112 -

وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ بِمُؤْمِنٍ مَنْ شَبِعَ وَجَارُهُ إِلَى جَانِبِهِ طَاوٍ»

113 -

وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «لَا تُؤْذِ جَارَكَ بِقِتَارِ قِدْرِكَ» وَلَا تُؤْذِي جَارَكَ بِلِسَانِكَ أَيْضًا، وَأَهْلُهُ خَاصَّةً، وَتَحَفَّظُ مَالَهُ كَمَا تَحْفَظُ مَالَ نَفْسِكَ

ص: 86

114 -

أَنْشَدَنِي أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيُّ قَالَ: أَنْشَدَنِي أَبُو عَلِيٍّ الْبَغْدَادِيُّ قَالَ: أَنْشَدَنِي عَلِيُّ بْنُ شَدَّادٍ جَارُ تَمْتَمَامٍ قَالَ: سَمِعْتُ الزُّبَيْرِيَّ، عَنْ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ أَبُو حَازِمٍ: " بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَخْلَاقُ الْجَاهِلِيَّةِ، أَوَ لَمْ يَقُلْ شَاعِرُهُمْ:

[البحر الكامل]

نَارِي وَنَارُ الْجَارِ وَاحِدَةٌ

وَإِلَيْهِ قَبْلِي تَنْزِلُ الْقِدْرُ

مَا ضَرَّ لِي جَارًا أُجَاوِرُهُ

أَنْ لَا يَكُونَ لِبَابِهِ سِتْرُ

أَعْمِي إِذَا مَا جَارَتِي بَرَزَتْ

حَتَّى يُوَارِيَ جَارَتِي الْخِدْرُ"

وَمِنْ آدَابِهَا: طَلَاقَةُ الْوَجْهِ وَالِاسْتِرْسَالُ

ص: 88

115 -

أنا يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ الزَّاهِدُ، بِبَغْدَادَ قَالَ: أنا أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ عَدِيٍّ قَالَ: أنا الرَّبِيعُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: أنا أَبُو طَاهِرٍ مُوسَى بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: أنا الْمُنْكَدِرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحِبُّ الطَّلْقَ الْوَجْهِ، وَلَا يُحِبُّ الْعَبُوسَ»

ص: 88

116 -

أنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُظَفَّرِ الْحَافِظُ بِبَغْدَادَ قَالَ: أنا الطَّحَاوِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الدَّرْدَاءِ هَاشِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: أنا عَمْرُو بْنُ بَكْرٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: " مِنْ أَخْلَاقِ الْمُؤْمِنِينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ: الْبَشَاشَةُ إِذَا تَزَاوَرُوا، وَالْمُصَافَحَةُ وَالتَّرْحِيبُ إِذَا الْتَقَوْا " وَمِنْ آدَابِهَا: الْقِيَامُ بِخِدْمَةِ مَنْ هُوَ دُونَهُ فِي الْمَحِلِّ مِنَ الْإِخْوَانِ، فَكَيْفَ بِمَنْ هُوَ فَوْقَهُ أَوْ مِثْلَهُ؟ وَيَعْلَمُ أَنَّ سَيِّدَ الْقَوْمِ خَادِمُهُمْ كَذَلِكَ

ص: 89

117 -

أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّاهِدُ الْعُكْبَرِيُّ بِهَا قَالَ: أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَسِيحٍ قَالَ: أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّاسٍ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ مَرْدَهْ قَالَ: أنا مُحَمَّدُ بْنُ السَّرِيِّ الْقَنْطَرِيُّ قَالَ: أنا عَلِيُّ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ يَحْيَى بْنُ أَكْثَمَ: بِتُّ لَيْلَةً عِنْدَ الْمَأْمُونِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَانْتَبَهْتُ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ وَأَنَا عَطْشَانُ

⦗ص: 90⦘

، فَتَقَلَّبْتُ، فَقَالَ: يَا يَحْيَى مَا شَأْنُكَ؟ . قُلْتُ: عَطْشَانُ وَاللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. فَوَثَبَ مِنْ مَرْقَدِهِ فَجَاءَنِي بِكُوزٍ مِنْ مَاءٍ، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَلَا دَعَوْتَ بِخَادِمٍ، أَلَا دَعَوْتَ بِغُلَامٍ؟ فَقَالَ: لَا، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «سَيِّدُ الْقَوْمِ خَادِمُهُمْ» وَمِنْ آدَابِهَا: أَنْ يُشَارِكَ إِخْوَانَهُ فِي الْمَكْرُوهِ كَمَا يُشَارِكُهُمْ فِي الْمَحْبُوبِ، لَا يَتَلَوَّنُ عَلَيْهِمْ فِي الْحَالَيْنِ جَمِيعًا

ص: 89

118 -

أَنْشَدَنِي مُحَمَّدُ بْنُ طَاهِرٍ الْوَزِيرِيُّ قَالَ: أَنْشَدَنِي الْمُطَرِّفِيُّ لِبَعْضِهِمْ: «

[البحر الخفيف]

خَيْرُ إِخْوَانِكَ الْمُشَارِكُ فِي الْمُرِّ

وَأَيْنَ الشَّرِيكُ فِي الْمُرِّ أَيْنَا

الَّذِي إِنْ حَضَرْتَهُ سَرَّكَ

. . . . . . . . .

⦗ص: 91⦘

. . . . . . .

وَإِنْ غِبْتَ كَانَ سَمْعًا وَعَيْنَا»

وَمِنْ آدَابِهَا: أَنْ يُرَاعِيَ لِأَصْحَابِهِ وَمُعَاشِرِيهِ حَقَّ لَفْظِهِ وَلَحْظِهِ وَيَحْفَظَ لَهُمْ ذَلِكَ

ص: 90

119 -

سَمِعْتُ أَبَا الْعَبَّاسِ بِبَغْدَادَ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ الصَّوَّافَ يَقُولُ: سَمِعْتُ بِشْرَ بْنَ مُوسَى يَقُولُ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سُلَيْمَانَ الْبَاهِلِيَّ، عَنِ الْحَارِثِ النَّقَّالِ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ قَالَ:«إِنَّ لِلْكَرِيمِ حَقَّ لَحْظِهِ، وَحِفْظَ لَفْظِهِ» وَمِنْ آدَابِهَا: أَنْ لَا يَمُنَّ بِمَعْرُوفِهِ عَلَى مَنْ يُحْسِنُ إِلَيْهِ، وَيَسْتَصْغِرَهُ وَيُعَظِّمَ إِلَيْهِ مِنْ إِخْوَانِهِ وَيَسْتَكْثِرَهُ

ص: 91

120 -

سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ أَحْمَدَ الْبَغْدَادِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ الْحُسَيْنَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ يَقُولُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَبِيبٍ يَقُولُ: حَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ صَالِحٍ قَالَ: أنا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَتَبَ رَجُلٌ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ رُقْعَةً، فَجَعَلَهَا فِي ثَنْي وِسَادَتِهِ الَّتِي يَتَّكِئُ عَلَيْهَا، فَقَلَبَ عَبْدُ اللَّهِ الْوِسَادَةَ فَبَصُرَ بِالرُّقْعَةِ فَقَرَأَهَا وَرَدَّهَا فِي مَوْضِعَهَا، وَجَعَلَ مَكَانَهَا كِيسًا فِيهِ خَمْسَةُ آلَافِ دِينَارٍ، فَجَاءَ الرَّجُلُ فَدَخَلَ عَلَيْهِ فَقَالَ: اقْلِبِ الرُّقْعَةَ فَانْظُرْ تَحْتَهَا فَخُذْهُ، فَأَخَذَ الرَّجُلُ الْكَيْسَ وَخَرَجَ، فَأَنْشَأَ يَقُولُ: «

[البحر الرمل]

⦗ص: 92⦘

زَادَ مَعْرُوفُكَ عُرْفًا عَظِيمًا

أَنَّهُ عِنْدَكَ مَسْتُورٌ حَقِيرُ

تَتَنَاسَاهُ كَأَنْ لَمْ تَأْتِهِ وَهُوَ

عِنْدَ النَّاسِ مَشْهُورٌ كَثِيرُ»

وَمِنْ آدَابِهَا: أَنْ لَا يَقْبَلَ عَلَى إِخْوَانِهِ مَقَالَةَ وَاشٍ وَلَا نَمَّامٍ

ص: 91

121 -

سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ الْأَزْدِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ الْفَضْلَ بْنَ جَعْفَرٍ الْعَطَّارَ يَقُولُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ سَلَّامٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ الْخَلِيلَ بْنَ أَحْمَدَ يَقُولُ: «مَنْ نَمَّ إِلَيْكَ نَمَّ عَلَيْكَ، وَمَنْ أُخْبَرَكَ بِخَبَرِ غَيْرِكَ أَخْبَرَ عَنْكَ غَيْرَكَ بِخَبَرِكَ»

ص: 92

122 -

وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَتَّاتٌ» وَمِنْ آدَابِهَا: الْوَفَاءُ لِلْإِخْوَانِ فِي حَيَاتِهِمْ وَبَعْدَ وَفَاتِهِمْ.

123 -

قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: مَنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ وَفَاءٌ لِإِخْوَانِهِ فَقَدْ غُمَّ عَلَى نَفْسِهِ

ص: 92

124 -

سَمِعْتُ الْحُسَيْنَ بْنَ أَحْمَدَ الْبَيْهَقِيَّ الْقَاضِي يَقُولُ: سَمِعْتُ بَعْضَ أَصْحَابِنَا يَقُولُ

⦗ص: 93⦘

: لَمَّا مَاتَ أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاوُدَ اسْتَتَرَ نَفْطَوَيْهِ سَنَةً ثُمَّ ظَهَرَ فَسُئِلَ عَنْ حَالِهِ فَقَالَ: كُنْتُ جَالِسًا مَعَ أَبِي بَكْرِ بْنِ دَاوُدَ فِي الْعَبَّاسِيَّةِ فَتَذَاكَرْنَا الْمَوْتَ فَقَالَ: " يَا أَخِي، مِنْ حَقِّ الْأَخِ عَلَى أَخِيهِ أَنْ يَحْزَنَ عَلَيْهِ سَنَةً وَيَتَأَدَّبَ بِقَوْلِ لَبِيدٍ:

[البحر الطويل]

إِلَى الْحَوْلِ ثُمَّ اسْمُ السَّلَامِ عَلَيْكُمَا

وَمَنْ يَبْكِ حَوْلًا كَامِلًا فَقَدِ اعْتَذَرْ

ثُمَّ مَاتَ عَنْ قَرِيبٍ، فَتَذَكَّرْتُ قَوْلَهُ فِي كِتَابِ الزُّهْدِ: قَلِيلُ الْوَفَاءِ بَعْدَ الْوَفَاةِ خَيْرٌ مِنْ كَثِيرِهِ وَقْتَ الْحَيَاةِ. فَوَفَيْتُ لِمَقَالَتِهِ، وَتَحَزَّنْتُ عَلَيْهِ سَنَةً"

ص: 92

125 -

سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ الطُّوسِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ الزُّبَيْرَ بْنَ بَكَّارٍ يَقُولُ: «وَقَلِيلُ الْوَفَا وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا حَظٌّ جَزِيلٌ» وَمِنْ آدَابِهَا: أَنْ يَكُونَ شَفَقَةً لِأَخِيهِ الْمُوَافِقِ أَكْثَرَ مِنْ شَفَقَتِهِ عَلَى وَلَدِهِ

ص: 93

126 -

سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ الثَّقَفِيَّ يَقُولُ: حَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَقُولُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَقُولُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ السَّهْمِيُّ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُثْمَانَ عَنِ ابْنِ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَتَبَ الْأَحْنَفُ إِلَى صَدِيقٍ لَهُ: " أَمَّا بَعْدُ، فَإِذَا قَدِمَ عَلَيْكَ أَخٌ لَكَ مُوَافِقٌ فَلْيَكُنْ مِنْكَ بِمَنْزِلَةِ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ؛ فَإِنَّ الْأَخَ الْمُوَافِقَ أَفْضَلُ مِنَ الْوَلَدِ الْمُوَافِقِ؛ أَلَمْ تَسْمَعِ اللَّهَ يَقُولُ لِنُوحٍ عليه السلام فِي ابْنِهِ: {إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ} [هود: 46] "

ص: 94

127 -

أَنْشَدَنِي أَبُو الْحَسَنِ الْكَارِزِيُّ قَالَ: أَنْشَدَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ شُعَيْبٍ لِبَعْضِ الْحُكَمَاءِ: «

[البحر البسيط]

أَبْلِغْ أَخَاكَ أَخَا الْإِحْسَانِ بِي حُسْنًا

إِنِّي وَإِنْ كُنْتُ لَا أَلْقَاهُ أَلْقَاهُ

فَإِنَّ طَرْفِيَ مَوْصُولٌ بِرُؤْيَتِهِ

وَإِنْ تَبَاعَدَ عَنْ مَثْوَايَ مَثْوَاهُ»

وَمِنْ آدَابِهَا: أَنْ يَجْتَهِدَ فِي سِتْرِ عَوْرَةِ إِخْوَانِهِ، وَإِظْهَارِ مَنَاقِبِهِمْ، وَكِتْمَانِ قَبَائِحِهِمْ، وَيَكُونَ مَعَهُمْ يَدًا وَاحِدَةً فِي جَمِيعٍ

ص: 94

128 -

أنا عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ مُوسَى الْبُخَارِيُّ الْحَاجِبِيُّ قَالَ: أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْفَقِيهُ قَالَ: أنا أَبُو يُوسُفَ يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَلْخِيُّ قَالَ

⦗ص: 95⦘

: أَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ غَالِبٍ قَالَ: أنا دِينَارٌ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «مَثَلُ الْمُؤْمِنَيْنَ إِذَا الْتَقَيَا مَثَلُ الْيَدَيْنِ تَغْسِلُ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى»

ص: 94