المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ البراءة منهم وعدم موالاتهم: - إرهاب المستأمنين وموقف الإسلام منه

[بدر بن ناصر البدر]

الفصل: ‌ البراءة منهم وعدم موالاتهم:

3 -

‌ البراءة منهم وعدم موالاتِهم:

البراء: هو البعد والخلاص والعداوة بعد الإعذار والإنذار، وهي ضد الولاء.

قال ابن تيمية: " الولاية: ضد العداوة ، وأصل الولاية: المحبّة والقرب ، وأصل العداوة: البغض والبعد "(1) .

قال تعالى: {وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} (2) . قال ابن كثير: " وإعلام من الله ورسوله وتقدم إنذار إلى الناس يوم الحج الأكبر - وهو يوم النحر الذي هو أفضل أيام المناسك وأظهرها وأكبرها جميعًا -: {أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ} أي: بريء منهم أيضًا "(3) .

فالواجب على المسلمين أن يتبرؤوا ممّن برئ الله ورسوله منه ، قال تعالى:{لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ} (4) .

(1) مجموع الفتاوى 11 / 160.

(2)

سورة التوبة ، من الآية 3.

(3)

تفسير القرآن العظيم 2 / 332.

(4)

سورة المجادلة ، من الآية 22.

ص: 32

قال الطبريُّ: " قد كانت لكم أسوة حسنة في فعل إبراهيم والذين معه في هذه الأمور من مباينة الكفار ومعاداتِهم وترك موالاتِهم ، إلاّ في قول إبراهيم: {لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ} ، فإنّه لا أسوة لكم فيه في ذلك؛ لأنّ ذلك كان من إبراهيم عن موعدةٍٍ وعدها إيّاه ، قبل أن يتبيَّن أنّه عدوٌ لله ، فلمّا تبيّن أنّه عدو لله تبرأ منه، فتبرؤوا من أعداء الله من المشركين به، ولا تتخذوا منهم أولياء حتى يؤمنوا بالله وحده، ويتبرؤوا من عبادة ما سواه، وأظهروا العداوة والبغضاء "(1) .

وسئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز بما نصه: يسكن معي شخص مسيحي، وهو يقول لي: يا أخي، ونحن إخوة، ويأكل معنا ويشرب فهل يجوز هذا العمل أم لا؟

(1) جامع البيان 22 / 566- 567.

ص: 34

فأجاب رحمه الله: " الكافر ليس أخًا للمسلم أي: في الدين، والله يقول:{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} (الحجرات: 10)، ويقول صلى الله عليه وسلم:«المسلم أخو المسلم» ، فليس الكافر - يهوديًا أو نصرانيًا أو وثنيًا أو مجوسيًا أو شيوعيًا أو غيرهم - ليس أخًا للمسلم، ولا يجوز اتخاذه صاحبًا وصديقًا، لكن إذا أكل معكم بعض الأحيان من غير أن تتخذوه صاحبًا وصديقًا، وإنّما يصادف أن يأكل معكم، أو في وليمة عامة فلا بأس.

ص: 35

أمَّا اتخاذه صاحبًا وصديقًا وجليسًا وأكيلاً فلا يجوز، لأنّ الله قطع بيننا وبينهم المحبة والموالاة، فقال الله سبحانه وتعالى في كتابه العظيم:{قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ} (الممتحنة: 4)، وقال سبحانه:{لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} . يعني يحبون: {وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ} (المجادلة: 22) .

فالواجب على المسلم البراءة من أهل الشرك وبغضهم في الله، ولكن لا يؤذيهم ولا يضرهم ولا يتعدى عليهم بغير حق، لكن لا يتخذهم أصحابًا ولا أخدانًا، ومتى صادف أن أكل معهم في وليمة عامة أو طعام عارض من غير صحبة ولا ولاية ولا مودة فلا بأس ".

ص: 36