الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب صلاة الجماعة
أقلها اثنان في غير جمعة وعيد، وهي واجبة على الأعيان حضرا وسفرا حتى في خوف لقوله تعالى:{وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ} 1 الآية. وتفضل على صلاة المنفرد بسبع وعشرين درجة، وتفعل في المسجد. والعتيق أفضل، وكذلك الأكثر جماعة، وكذلك الأبعد.
ولا يؤم في مسجد قبل إمامه الراتب إلا بإذنه إلا أن يتأخر، فلا يكره ذلك لفعل أبي بكر وعبد الرحمن بن عوف.
وإذا أقيمت الصلاة فلا يجوز الشروع في نفل، وإن أقيمت وهو فيها أتمها خفيفة. ومن أدرك ركعة مع الإمام فقد أدرك الجماعة، وتدرك بإدراك الركوع مع الإمام. وتجزيء تكبيرة الإحرام عن تكبيرة الركوع لفعل زيد بن ثابت وابن عمر، ولا يعرف لهما مخالف من الصحابة. وإتيانه بهما أفضل خروجا من خلاف من أوجبه، فإن أدركه بعد الركوع لم يكن مدركا للركعة وعليه متابعته، ويسن دخوله معه للخبر.
ولا يقوم المسبوق إلا بعد سلام الإمام التسليمة الثانية، فإن أدركه في سجود السهو بعد السلام لم يدخل معه، وإن فاتته الجماعة استحب له أن يصلى معه لقوله صلى الله عليه وسلم:"من يتصدق على هذا فيصلي معه"2.
ولا تجب القراءة على مأموم لقوله تعالى:
1 سورة النساء آية: 102.
2 الترمذي: الصلاة (220)، وأبو داود: الصلاة (574) ، وأحمد (3/5)، والدارمي: الصلاة (1368 ،1369) .
{وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} 1 قال أحمد: أجمع الناس على أن هذه الآية في الصلاة.
وتسن قراءته فيما لا يجهر فيه الإمام، أكثر أهل العلم من الصحابة والتابعين يرون القراءة خلف الإمام فيما أسر فيه خروجا من خلاف من أوجبه، لكن تركناه إذا جهر الإمام للأدلة. ويشرع في أفعالها بعد إمامه من غير تخلف بعد فراغ الإمام، فإن وافقه كره، وتحرم مسابقته؛ فإن ركع أو سجد قبله سهوا رجع ليأتي به بعده، فإن لم يفعل عالما عمدا بطلت صلاته. وإن تخلف عنه بركن بلا عذر فكالسبق به، وإن كان لعذر، من نوم أو غفلة أو عجلة إمام فعله ولحقه، وإن تخلف بركعة لعذر تابعه فيما بقي من صلاته وقضاها بعد سلام الإمام.
ويسن له إذا عرض عارض لبعض المأمومين يقتضي خروجه أن يخفف، وتكره سرعة تمنع مأموما من فعل ما يسن.
ويسن تطويل قراءة الركعة الأولى أطول من الثانية، ويستحب للإمام انتظار الداخل ليدرك الركعة إن لم يشق على مأموم.
وأولى الناس بالإمامة أقرؤهم لكتاب الله. وأما تقديم النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر مع أن غيره أقرأ منه كأبي ومعاذ، فأجاب أحمد أن ذلك ليفهموا أنه المقدم في الإمامة الكبرى، وقال غيره: لما قدمه مع قوله يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة علم أن أبا بكر أقرؤهم وأعلمهم، لأنهم لم يكونوا يتجاوزون شيئا من القرآن حتى يتعلموا معانيه والعمل به كما قال ابن مسعود "كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات من
1 سورة الأعراف آية: 204.
القرآن لم يتجاوزهن حتى يتعلم معانيهن والعمل بهن".
وروى مسلم عن أبي مسعود البدري يرفعه: "يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سنا"1.
ولا يؤمن الرجل الرجل في سلطانه، ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه. وفي الصحيحين:"يؤمكم أكبركم" وفي بعض ألفاظ ابن مسعود: "فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سلما" 2 أي إسلاما.
ومن صلى بأجرة لم يصل خلفه. قال أبو داود: سئل أحمد عن إمام يقول: أصلي بكم رمضان بكذا وكذا فقال: اسأل الله العافية، ومن يصلي خلف هذا؟! ولا يصلى خلف عاجز عن القيام، إلا إمام الحي - وهو كل إمام مسجد راتب - إذا اعتل صلوا وراءه جلوسا.
وإن صلى الإمام وهو محدث أو عليه نجاسة ولم يعلم إلا بعد فراغ الصلاة لم يعد من خلفه، وأعاد الإمام وحده في الحدث، ويكره أن يؤم قوما أكثرهم يكرهه بحق. ويصح ائتمام متوضئ بمتيمم.
والسنة وقوف المأمومين خلف الأمام لحديث "جابر وجبار لما وقفا عن يمينه ويساره أخذ بأيديهما فأقامهما خلفه" رواه مسلم.
وأما "صلاة ابن مسعود بعلقمة والأسود وهو بينهما" فأجاب ابن سيرين أن المكان كان ضيقا. وإن كان المأموم واحدا وقف عن يمينه، وإن وقف عن يساره أداره عن يمينه ولا تبطل تحريمته. وإن أم رجلا وامرأة وقف الرجل عن يمينه والمراة خلفه، لحديث أنس رواه مسلم
وقرب الصف منه أفضل، وكذا قرب الصفوف بعضها من
1 مسلم: المساجد ومواضع الصلاة (673)، والترمذي: الصلاة (235)، والنسائي: الإمامة (780)، وأبو داود: الصلاة (582)، وابن ماجه: إقامة الصلاة والسنة فيها (980) ، وأحمد (4/117 ،4/121 ،5/272) .
2 مسلم: المساجد ومواضع الصلاة (673) .
بعض، وكذا توسطه الصف لقوله صلى الله عليه وسلم:"وسطوا الإمام وسدوا الخلل "1. وتصح مصافة صبي لقول أنس: "صففت أنا واليتيم وراءه، والعجوز خلفنا". وإن صلى فذا لم تصح، وإن كان المأموم يرى الإمام أو من وراءه صح ولو لم تتصل الصفوف، وكذا لو لم ير أحدهما إن سمع التكبير لإمكان الاقتداء بسماع التكبير كالمشاهدة.
وإن كان بينهما طريق وانقطعت الصفوف لم يصح، واختار الموفق وغيره أن ذلك لا يمنع الاقتداء لعدم النص والإجماع.
ويكره أن يكون الإمام أعلى من المأمومين قال ابن مسعود لحذيفة: ألم تعلم أنهم كانوا ينهون عن ذلك؟ قال: بلى". رواه الشافعي بإسناد ثقات. ولا بأس بعلو يسير كدرجة منبر لحديث سهل "أنه صلى الله عليه وسلم صلى على المنبر ثم نزل القهقرى وسجد" 2 الحديث. ولا بأس بعلو مأموم لأن "أبا هريرة صلى على ظهر المسجد بصلاة الإمام" رواه الشافعي، ويكره تطوّع الإمام في موضع المكتوبة بعدها، لحديث المغيرة مرفوعا رواه أبو داود لكن قال أحمد: لا أعرفه عن غير علي. ولا ينصرف المأموم قبله لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا تسبقوني بالركوع ولا بالسجود ولا بالانصراف" 3. ويكره لغير الإمام اتخاذ مكان في المسجد لا يصلي فرضه إلا فيه لنهيه صلى الله عليه وسلم عن إيطان كإيطان البعير.
ويعذر في ترك الجمعة والجماعة مريض وخائف ضياع ماله أو ما هو مستحفظ عليه، لأن المشقة اللاحقة بذلك أكثر من بلل الثياب بالمطر الذي هو عذر بالاتفاق، لقول عمر:"كان النبي صلى الله عليه وسلم ينادي مناديه في الليلة الباردة أو المطيرة في السفر. صلوا في رحالكم" 4، أخرجاه، ولهما عن ابن عباس
1 أبو داود: الصلاة (681) .
2 البخاري: الجمعة (917)، ومسلم: المساجد ومواضع الصلاة (544)، والنسائي: المساجد (739)، وأبو داود: الصلاة (1080) ، وأحمد (5/339) .
3 مسلم: الصلاة (426)، والنسائي: السهو (1363) ، وأحمد (3/102 ،3/240) .
4 البخاري: الأذان (632 ،666)، ومسلم: صلاة المسافرين وقصرها (697)، والنسائي: الأذان (654)، وأبو داود: الصلاة (1060 ،1061 ،1062 ،1063)، وابن ماجه: إقامة الصلاة والسنة فيها (937) ، وأحمد (2/4 ،2/10 ،2/53 ،2/103)، ومالك: النداء للصلاة (159)، والدارمي: الصلاة (1275) .
"أنه قال لمؤذنه في يوم مطير يوم جمعة: إذا قلت أشهد أن محمدا رسول الله فلا تقل: حي على الصلاة قل: صلوا في بيوتكم. فكأن الناس استنكروا ذلك فقال: فعله من هو خير مني - يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم وإني كرهت أن أخرجكم في الطين والدحض".
ويكره حضور المسجد لمن أكل ثوما أو بصلا ولو خلا من آدمي لتأذي الملائكة بذلك.