الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الجنائز
يجوز التداوي اتفاقا ولا ينافي التوكل، ويكره الكي، وتستحب الحمية، ويحرم بمحرم أكلا وشربا وصوت ملهاة لقوله صلى الله عليه وسلم "لا تداووا بحرام"1. وتحرم التميمة وهي عوذة أو خرزة تعلق، ويسن الإكثار من ذكر الموت والاستعداد له،. وعيادة المريض. ولا بأس أن يخبر المريض بما يجد من غير شكوى بعد أن يحمد الله. ويجب الصبر، والشكوى إلى الله لا تنافيه بل هي مطلوبة. ويحسن الظن بالله وجوبا ولا يتمنى الموت لضر نزل به. ويدعو العائد للمريض بالشفاء، فإذا نزل به استحب أن يلقن "لا إله إلا الله" ويوجه إلى القبلة فإذا مات أغمضت عيناه. ولا يقول أهله إلا الكلام الحسن لأن الملائكة يؤمنون على ما يقولون. ويسجى بثوب ويسارع في قضاء دينه وإبراء ذمته من نذر أو كفارة لقوله صلى الله عليه وسلم:"نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه " 2 حسنه الترمذي، ويسن الإسراع في تجهيزه لقوله صلى الله عليه وسلم "لا ينبغي لجيفة مسلم أن تحبس بين ظهراني أهله" 3 رواه أبو داود، ويكره النعي وهو النداء بموته.
وغسله والصلاة عليه وحمله وتكفينه ودفنه موجها إلى القبلة فرض كفاية، ويكره أخذ الأجرة على شيء من ذلك، وحمل الميت إلى غير بلده لغير حاجة. ويسن للغاسل أن يبدأ بأعضاء الوضوء والميامن، ويغسله ثلاثا أو خمسا، ويكفي
1 أبو داود: الطب (3874) .
2 الترمذي: الجنائز (1078)، وابن ماجه: الأحكام (2413) ، وأحمد (2/440 ،2/475)، والدارمي: البيوع (2591) .
3 أبو داود: الجنائز (3159) .
مرة. وإذا ولد السقط لأكثر من أربعة أشهر غسل وصلي عليه لقوله صلى الله عليه وسلم: "والسقط يصلى عليه ويدعى لوالديه بالمغفرة والرحمة" 1 صححه الترمذي ولفظه "والطفل يصلى عليه" 2، ومن تعذر غسله لعدم ماء أو غيره يمم، والواجب في كفنه ثوب يستر جميعه.
فإن لم يجد ما يستره ستر العورة ثم رأسه وما يليه ويجعل على باقي جسده حشيش أو ورق. ويقوم الإمام في الصلاة عليه عند صدر رجل ووسط امرأة، ويكبر فيقرأ الفاتحة، ثم يكبر فيصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يكبر ويدعو للميت، ثم يكبر الرابعة ويقف بعدها قليلا، ثم يسلم واحدة عن يمينه. ويرفع يديه مع كل تكبيرة، ويقف مكانه حتى ترفع روي ذلك عن عمر،
ويستحب لمن لم يصل عليها أن يصلي عليها إذا وضعت أو بعد الدفن على القبر ولو جماعة إلى شهر من دفنه، ولا بأس بالدفن ليلا، ويكره عند طلوع الشمس وعند غروبها وقيامها، ويسن الإسراع بها دون الخبب، ويكره جلوس من تبعها حتى توضع على الأرض للدفن، ويكون التابع لها متخشعا متفكرا في مآله، ويكره التبسم والتحدث في أمر الدنيا.
ويستحب أن يدخله قبره من عند رجليه إن كان أسهل، ويكره أن يسجى قبر رجل ولا يكره للرجل دفن امرأة وثم محرم. (واللحد أفضل) من الشق، ويسن تعميقه وتوسيعه، ويكره دفنه في تابوت. ويقول عند وضعه "بسم الله وعلى ملة رسول الله".
ويستحب الدعاء عند القبر بعد الدفن واقفا عنده، ويستحب لمن حضر أن يحثو عليه من قبل رأسه ثلاث حثيات.
ويستحب رفع القبر قدر شبر، ويكره فوقه لقوله صلى الله عليه وسلم لعلي:"لا تدع تمثالا إلا طمسته، ولا قبرا مشرفا إلا سويته" 3 رواه مسلم.
1 الترمذي: الجنائز (1031)، والنسائي: الجنائز (1942 ،1943 ،1948)، وأبو داود: الجنائز (3180) ، وأحمد (4/247 ،4/248 ،4/249) .
2 الترمذي: الجنائز (1031)، والنسائي: الجنائز (1943)، وابن ماجه: ما جاء في الجنائز (1507) ، وأحمد (4/247 ،4/252) .
3 صحيح مسلم: كتاب الجنائز (969) ، ومسند أحمد (1/96) .
ويرش عليه الماء ويوضع عليه حصباء تحفظ ترابه، ولا بأس بتعليمه بحجر ونحوه ليعرف لما روي في قبر عثمان بن مظعون، ولا يجوز تجصيصه ولا البناء عليه، ويجب هدم البناء ولا يزاد على تراب القبر من غيره للنهي عنه رواه أبو داود. ولا يجوز تقبيله ولا تخليقه ولا تبخيره ولا الجلوس عليه ولا التخلي عليه وكذلك بين القبور، ولا الاستشفاء بترابه. ويحرم إسراجه واتخاذ المسجد عليه ويجب هدمه. ولا يمشي بالنعل في المقبرة للحديث قال أحمد: وإسناده جيد.
وتسن زيارة القبور بلا سفر لقوله صلى الله عليه وسلم "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد"1. ولا يجوز للنساء لقوله صلى الله عليه وسلم: "لعن الله زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج" 2 ورواه أهل السنن، ويكره التمسح به والصلاة عنده وقصده لأجل الدعاء، فهذه من المنكرات بل من شعب الشرك. ويقول الزائر والمار بالقبر: "السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، يرحم المستقدمين منا ومنكم والمستأخرين، نسأل الله لنا ولكم العافية، اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم واغفر لنا ولهم".
ويخير بين تعريفه وتنكيره في سلامه على الحي، وابتداؤه سنة، ورده واجب. ولو سلم على إنسان ثم لقيه ثانيا وثالثا أو أكثر سلم عليه. ولا يجوز الانحناء في السلام ولا يسلم على أجنبية إلا عجوز لا تشتهى. ويسلم عند الانصراف، وإذا دخل على أهله سلم وقال:"اللهم إني أسألك خير المولج وخير المخرج، بسم الله ولجنا وبسم الله خرجنا، وعلى الله توكلنا". وتسن المصافحة لحديث أنس، ولا يجوز مصافحة المرأة، ويسلم على الصبيان، ويسلم الصغير والقليل والماشي والراكب على ضدهم. وإن بلغه رجل سلام آخر استحب له أن يقول:"عليك وعليه السلام".
1 البخاري: الجمعة (1189)، وابن ماجه: إقامة الصلاة والسنة فيها (1410) .
2 الترمذي: الصلاة (320)، والنسائي: الجنائز (2043)، وأبو داود: الجنائز (3236)، وابن ماجه: ما جاء في الجنائز (1575) ، وأحمد (1/229 ،1/287 ،1/324 ،1/337) .
ويستحب لكل واحد من المتلاقيين أن يحرص على الابتداء بالسلام ولا يزيد على قوله: "السلام عليكم ورحمه الله وبركاته". وإذا تثاءب كظم ما استطاع فإن غلبه غطى فمه. وإذا عطس خمر وجهه وغض صوته وحمد الله تعالى جهرا بحيث يسمع جليسه، ويقول سامعه: يرحمك الله. ويرد عليه العاطس بقوله: يهديكم الله ويصلح بالكم. ولا يشمت من لا يحمد الله. وإن عطس ثانيا وثالثا شمته وبعدها يدعو له بالعافية.
ويجب الاستئذان على من أراد الدخول عليه من قريب وأجنبي، فإن أذن له وإلا رجع، والاستئذان ثلاثا لا يزيد عليها، وصفة الاستئذان:"السلام عليكم. أأدخل؟ " ويجلس حيث ينتهي به المجلس، ولا يفرق بين اثنين إلا بإذنهما.
ويستحب تعزية المصاب بالميت، ويكره الجلوس لها ولا تعيين فيما يقول المعزي، بل يحثه على الصبر ويعده بالأجر، ويدعو للميت ويقول المصاب:"الحمد لله رب العالمين، إنا لله وإنا إليه راجعون. اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منها"، وإن صلى عملا بقوله تعالى:{وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ} 1 فحسن، فعله ابن عباس، والصبر واجب.
ولا يكره البكاء على الميت، وتحرم النياحة. والنبي صلى الله عليه وسلم بريء من الصالقة والحالقة والشاقة، فالصالقة التي ترفع صوتها عند المصيبة، والحالقة التي تحلق شعرها، والشاقة التي تشق ثوبها ويحرم إظهار الجزع.
1 سورة البقرة آية: 45.