الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
منهج المؤلف فيه:
يتفق منهجه في هذا الكتاب مع سائر كتبه من حيث الاحتجاج بنصوص الكتاب والسنة وآثار السلف من الصحابة والتابعين والأئمة، وحسن الترتيب والتنظيم للمادة العلمية، وقوة البيان وعذوبة اللفظ، والتفصيل والإيضاح للموضوع الذي يتناوله، وذكر الأمثلة الكثيرة والوجوه المتعددة لتأييد الفكرة أو رفضها، والتنويه ببعض الأبحاث الجليلة التي ينفرد بها الكتاب
(1)
، وتكرار بعض الموضوعات في عدد من مؤلفاته، والاهتمام بعلاج أمراض المجتمع في أخلاقه وسلوكه وعقيدته.
هذه السمات العامة التي تميزت بها كتب ابن القيم يلاحظها القارئ في الكتاب الذي بين يديه. وفيه بعض المباحث التي كرَّرها وأعاد ذكرها في أكثر من كتاب، ومن أمثلتها: مبحث السماع، فقد ألَّف فيه كتابًا مستقلًّا كما أشار إليه هنا، وتكلم عليه في "مدارج السالكين"(1/ 481 - 505، 2/ 407 ــ 416) وفي الكتاب الذي بين أيدينا (ص 400 - 473). وكان قصده يختلف في كل كتاب، ويأتي في كل موضع بفوائد جديدة
(2)
.
(1)
ذكر المؤلف فصلًا في أسباب ومشخصات مرض البدن والقلب، ثم قال:"وذاكرتُ مرةً بعضَ رؤساء الطب بمصر بهذا، فقال: والله لو سافرتُ إلى المغرب في معرفة هذه الفائدة لكان سفرًا قليلًا، أو كما قال"(ص 23).
وقال في تمهيد الباب الثاني عشر في علاج مرض القلب بالشيطان: "هذا الباب من أهم أبواب الكتاب وأعظمها نفعًا، والمتأخرون من أرباب السلوك لم يعتنوا به اعتناءهم بذكر النفس وعيوبها وآفاتها، فإنهم توسَّعوا في ذلك وقصَّروا في هذا الباب
…
" (ص 155).
(2)
انظر مقدمة "الكلام على مسألة السماع"(ص 24 ــ 32).
وكذلك موضوع الحِيل وأحكامها، فقد تكلم عليه هنا (ص 581 - 836)، وتوسَّع فيه كثيرًا في "إعلام الموقعين"(3/ 171 - 415، 4/ 1 - 117). وهو معذور في هذا البسط والتكرار، لأنه وجد لدى المتأخرين من أهل المذاهب فتح أبواب الحيل على دين الله وشرعه، واستحلال محارمه، وانتهاك حرماته، وارتكاب نواهيه، فكان من واجب البلاغ والتبصير بالدين أن يعالج المؤلف هذا المرض الفتَّاك، وتلك المخادعات التي أخرجها أناسٌ باسم دين الله وشرعه، والشرع منها براء
(1)
.
وقد ذكر المؤلف في نهاية هذا المبحث هنا (ص 835 - 836) عذره في ذلك، فقال:"لعلك تقول: قد أطلتَ الكلام في هذا الفصل جدًّا وقد كان يكفي الإشارة إليه. فيقال: بل الأمر أعظم مما ذكرنا، وهو بالإطالة أجدر، فإن بلاء الإسلام ومحنته عظمت من هاتين الفرقتين: أهل المكر والمخادعة والاحتيال في العمليات، وأهل التحريف والسفسطة والقرمطة في العلميات، وكل فساد في الدين ــ بل والدنيا ــ فمنشؤه من هاتين الطائفتين. فبالتأويل الباطل قُتِل عثمان رضي الله عنه، وعاثت الأمة في دمائها، وكفَّر بعضُها بعضًا، وتفرقت على بضع وسبعين فرقة، فجرى على الإسلام من تأويل هؤلاء وخداع هؤلاء ومكرِهم ما جرى .... ".
وبحث المؤلف أيضًا مسألة الطلاق الثلاث هنا (ص 499 - 581)، وفي "زاد المعاد"(5/ 241 - 271) و"إعلام الموقعين"(3/ 41 - 62) و"الصواعق المرسلة"(2/ 619 - 628) و"تهذيب السنن"(3/ 124 - 129).
(1)
"ابن قيم الجوزية" للشيخ بكر أبو زيد (ص 126).