الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[سورة الفرقان (25) : الآيات 1 الى 2]
بسم الله الرحمن الرحيم
تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً (1) الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً (2)
تفسير المفردات
تبارك: من البركة، وهى كثرة الخير لعباده، بإنعامه عليهم وإحسانه إليهم كما قال «وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوها» والفرقان: هو القرآن، سمى بذلك لأنه فرّق فى الإنزال كما قال:«وَقُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى مُكْثٍ» على عبده:
أي على رسوله صلى الله عليه وسلم، ووصفه بذلك تشريفا له بكونه فى أقصى مراتب العبودية، وتنبيها إلى أن الرسول لا يكون إلا عبدا للمرسل، وفيه ردّ على النصارى الذين يدّعون ألوهية عيسى عليه السلام، للعالمين: أي الثقلين من الإنس والجن، فقدره: أي هيّأه لما أعدّه له من الخصائص والأفعال.
المعنى الجملي
حوت هذه السورة توحيد الله وإثبات نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، وبيان صفات النبي، والرد على من أنكروا نبوته صلى الله عليه وسلم، ثم بيان أحوال يوم القيامة وما يكون فيها من الأهوال، ثم ختمت بأوصاف عباده المخلصين الذين يمشون على الأرض هوبا، ثم ذكر جلال الله، وتصرفه فى خلقه، وتفرده بالخلق والتقدير.
الإيضاح
(تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً) حمد سبحانه نفسه على ما نزّله على رسوله من القرآن الكريم، لينذر به الثقلين الجن والإنس ويخوفهم
بأسه، وإنما ذكر الإنذار ولم يذكر التبشير مع أن الرسول مرسل بهما، من قبل أن السورة بصدد بيان حال المعاندين المتخذين لله ولدا والطاعنين فى كتبه ورسله واليوم الآخر.
وخلاصة ذلك- تعالى الله عما سواه فى ذاته وصفاته وأفعاله التي من جملتها تنزيل القرآن المعجز الناطق بعلوّ شأنه، وسمو صفاته، وابتناء أفعاله على أساس الحكم والمصالح، على عبده محمد صلى الله عليه وسلم، لينذر به الناس ويخوفهم بأسه، ووقائعه بمن خلا قبلهم من الأمم.
ثم وصف سبحانه نفسه بأربع صفات من صفات الكبرياء:
(1)
(الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي له السلطان القاهر عليهما، فله القدرة التامة فيهما وفيما حوياه إيجادا وإعداما وأمرا ونهيا بحسب ما تقتضيه مشيئته المبنية على الحكم والمصالح.
(2)
(وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً) أي ولم يكن له ولد كما زعم الذين قالوا ذلك للمسيح وعزير والملائكة، كما حكى الله عنهم فى قوله:«وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ» وقوله: «أَلِرَبِّكَ الْبَناتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ. أَمْ خَلَقْنَا الْمَلائِكَةَ إِناثاً وَهُمْ شاهِدُونَ. أَلا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ. وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ. أَصْطَفَى الْبَناتِ عَلَى الْبَنِينَ؟» (3)(وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ) أي وما كان لله شريك فى ملكه وسلطانه يصلح أن يعبد من دونه، فأفر دواله العبادة وأخلصوها له دون كل ما تعبدون من دونه من الآلهة والملائكة والجن والإنس.
وفى هذا ردّ على مشركى العرب الذين كانوا يقولون فى تلبيتهم للحج: «لبيك لا شريك لك، إلا شريكا هو لك، تملكه وما ملك» .