الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الزَّيْلَعِيِّ.
قَوْلُهُ: (حَيْثُ يَلْزَمُهُ كُلُّهُ) يَعْنِي إنْ وَفَّى مَا وَرِثَهُ بِهِ، وَلَوْ شَهِدَ فِي هَذَا الْمُقِرُّ مَعَ آخَرَ أَنَّ الدَّيْنَ كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ قُبِلَتْ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ قُبَيْلَ بَابِ الِاسْتِثْنَاءِ.
قَوْلُهُ: (لِتَقَدُّمِ الدَّيْنِ عَلَى الْمِيرَاثِ) فَيَكُونُ مُقِرًّا بِتَقَدُّمِهِ عَلَيْهِ، وَلَا كَذَلِكَ الْوَصِيَّةُ، لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ شَرِيكُ الْوَرَثَةِ فَلَا يَأْخُذُ شَيْئًا إلَّا إذَا سُلِّمَ لِلْوَارِثِ ضِعْفُهُ.
زَيْلَعِيٌّ.
قَوْلُهُ: (وَبِأَمَةٍ) أَيْ وَلَوْ أَوْصَى بِأَمَةٍ.
قَوْلُهُ: (فَهُمَا لِلْمُوصَى لَهُ) لِأَنَّ الْأُمَّ دَخَلَتْ أَصَالَةً وَالْوَلَدَ تَبَعًا حِينَ كَانَ مُتَّصِلًا بِهَا.
زَيْلَعِيٌّ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَا يَأْخُذُ مِنْهُمَا عَلَى السَّوَاءِ) فَإِذَا كَانَ
لَهُ سِتُّمِائَةِ دِرْهَمٍ وَأَمَةٌ تَسَاوِي ثَلَاثمِائَة فَولدت لَهُ وَلَدًا يُسَاوِي ثَلَاثَمِائَةٍ قَبْلَ الْقِسْمَةِ فَلِلْمُوصَى لَهُ الْأُمُّ وَثُلُثُ الْوَلَدِ عِنْدَهُ، وَعِنْدَهُمَا: لَهُ ثُلُثَا كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا.
ابْنُ كَمَالٍ.
قَوْلُهُ: (هَذَا) أَيْ دُخُولُ الْحَمْلِ فِي الْوَصِيَّةِ تَبَعًا.
مِعْرَاجٌ.
قَوْلُهُ: (عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْقُدُورِيُّ) وَمَشَايِخُنَا قَالُوا: يَصِيرُ مُوصًى بِهِ حَتَّى يُعْتَبَرَ خُرُوجُهُ مِنْ الثُّلُثِ كَمَا إذَا وَلَدَتْهُ قَبْلَ الْقَبُولِ.
زَيْلَعِيٌّ.
قَوْلُهُ: (وَالْكَسْبُ كَالْوَلَدِ فِيمَا ذُكِرَ) قَالَ فِي الْهِنْدِيَّة: وَالزِّيَادَة الْحَادِثَة من الْمُوصى بِهِ كَالْغَلَّةِ وَالْكَسْبِ وَالْأَرْشِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي قَبْلَ قَبُولِ الْمُوصَى لَهُ الْوَصِيَّةَ، هَلْ يَصِيرُ مُوصًى بِهِ؟ لَمْ يَذْكُرْهُ مُحَمَّدٌ، وَذَكَرَ الْقُدُورِيُّ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ مُوصًى بِهَا حَتَّى كَانَتْ لِلْمُوصَى لَهُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ كَمَا لَوْ حَدَثَتْ بعد الْقِسْمَة.
وَقَالَ مَشَايِخنَا: يصير مُوسَى بِهِ حَتَّى يعْتَبر خُرُوجه من الثُّلُث.
وَكَذَا فِي مُحِيط السَّرخسِيّ اه.
وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
بَابُ الْعِتْقِ فِي الْمَرَضِ
هُوَ مِنْ أَنْوَاعِ الْوَصِيَّةِ، لَكِنْ لَمَّا كَانَ لَهُ أَحْكَامٌ مَخْصُوصَةٌ أَفْرَدَهُ فِي بَابٍ عَلَى حِدَةٍ، وَأَخَّرَهُ عَنْ صَرِيحِ الْوَصِيَّةِ لِأَنَّ الصَّرِيحَ هُوَ الْأَصْلُ.
عِنَايَةٌ.
قَوْلُهُ: (مُنَجَّزٍ) احْتِرَازٌ عَنْ الْمُضَافِ الْآتِي بَيَانُهُ، فَالْعِبْرَةُ فِيهِ لِحَالِ الْإِضَافَةِ.
قَوْلُهُ: (فِي الْحَالِ) أَيْ حَالِ صُدُورِهِ ط.
قَوْلُهُ: (وَإِلَّا فَمِنْ ثُلُثِهِ) اسْتَثْنَى فِي الْأَشْبَاهِ التَّبَرُّعَ بِالْمَنَافِعِ كَسُكْنَى الدَّارِ.
قَالَ: فَإِنَّهُ نَافِذٌ مِنْ كُلِّ الْمَالِ.
وَتَمَامُهُ فِيهَا وَفِي حَوَاشِيهَا.
قَوْلُهُ: (وَالْمُرَادُ) أَيْ مِنْ التَّصَرُّفِ الْمَذْكُورِ.
قَوْلُهُ: (حَتَّى إنَّ الْإِقْرَارَ إلَخْ) أَيْ لِغَيْرِ الْوَارِثِ وَهُوَ مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ: إنْشَاءٌ فَإِنَّ الْإِقْرَارَ إخْبَارٌ.
قَوْلُهُ: (وَالنِّكَاحُ إلَخْ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ: فِيهِ مَعْنَى التَّبَرُّعِ فَإِنَّ النِّكَاحَ بِقَدْرِ مَهْرِ الْمِثْلِ لَا تَبَرُّعَ فِيهِ لِأَنَّ الْبُضْعَ مُتَقَوِّمٌ حَالَ الدُّخُولِ وَقِيمَتُهُ مَهْرُ الْمِثْلِ، فَإِنْ قُوبِلَ بِهِ كَانَ مُعَاوضَة لَا تَبَرُّعًا وَالزَّائِدُ عَلَيْهِ مُحَابَاةٌ وَهِيَ مِنْ قَبِيلِ الْوَصِيَّةِ لِأَنَّهَا إنْشَاءٌ فِيهِ مَعْنَى التَّبَرُّعِ، وَكَذَا بَدَلُ الْخُلْعِ لِأَنَّ الْبُضْعَ حَالَ الْخُرُوجِ غير
مُتَقَوِّمٍ، فَمَا جُعِلَ فِي مُقَابَلَتِهِ تَبَرُّعٌ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا.
رَحْمَتِيٌّ.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَانَ فِي الصِّحَّة) أَن وصيلة لِأَنَّ التَّصَرُّفَ الْمُضَافَ إلَى الْمَوْتِ الْمُعْتَبَرُ فِيهِ حَالَةُ الْمَوْتِ كَمَا فِي الدُّرَرِ.
قَوْلُهُ: (وَمَرَضٌ صَحَّ مِنْهُ كَالصِّحَّةِ) كَذَا ذُكِرَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي هَذَا الْمَحَلِّ فِي عَامَّةِ الْمُعْتَبَرَاتِ كَالْمُلْتَقَى وَالْإِصْلَاحِ وَغَيْرِهِمَا، وَالْأَوْلَى ذِكْرُهَا قَبْلَ قَوْلِهِ وَالْمُضَافُ لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ.
تَأمل.
قَالَ الْقُهسْتَانِيّ: فَلَو
أوصى بشئ صَارَتْ بَاطِلَةً لِأَنَّهُ ظَهَرَ بِالصِّحَّةِ أَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِمَالِهِ حَقُّ أَحَدٍ، وَهَذَا إذَا قَيَّدَ بِالْمَرَضِ بِأَنْ قَالَ: إنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي هَذَا.
وَأَمَّا إذَا أَطْلَقَ ثُمَّ صَحَّ فَبَاقِيَةٌ، وَإِنْ عَاشَ بَعْدَ ذَلِكَ سِنِينَ كَمَا فِي التَّتِمَّة اهـ.
قَوْلُهُ: (وَفِي الْمَرَضِ الْمُعْتَبَرِ) بِجَرِّ الْمُعْتَبَرِ صِفَةٌ لِلْمَرَضِ: أَيْ الْمُعْتَبَرِ لِنُفُوذِ التَّصَرُّفِ الْإِنْشَائِيِّ مِنْ الثُّلُثِ، وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ: وَالْحَدُّ فِي الْمَرَضِ الْمُعْتَبَرِ هُوَ الْمُبِيحُ لِصَلَاتِهِ قَاعِدًا، وَقَدْ قَدَّمَ الْكَلَامَ عَلَى هَذَا أَوَّلَ كِتَابِ الْوَصَايَا بِأَبْسَطَ مِمَّا هُنَا ط.
قَوْلُهُ: (وَمُحَابَاتُهُ) أَيْ فِي الاجارة وَالِاسْتِئْجَارِ وَالْمَهْرِ وَالشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ، بِأَنْ بَاعَ مَرِيضٌ مَثَلًا مِنْ أَجْنَبِيٍّ مَا يُسَاوِي مِائَةً بِخَمْسِينَ كَمَا فِي النُّتَفِ.
قُهُسْتَانِيٌّ: أَيْ أَوْ يَشْتَرِي مَا يُسَاوِي خَمْسِينَ بِمِائَةٍ، فَالزَّائِدُ عَلَى قِيمَةِ الْمِثْلِ فِي الشِّرَاءِ وَالنَّاقِصُ فِي الْبَيْعِ مُحَابَاةٌ: أَيْ مُسَامَحَةٌ، مِنْ حَبَوْته حِبَاءً كَكِتَابٍ: أَعْطَيْته الشئ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ اه.
ط عَنْ الْمِصْبَاحِ، وَقَيَّدَ الْمُحَابَاةَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَغَيْرِهَا بِمَا لَا يُتَغَابَنُ فِيهِ.
قُلْت: وَفِي آخِرِ إجَارَاتِ الْوَهْبَانِيَّةِ: وَإِيجَارُ ذِي ضَعْفٍ مِنْ الْكُلِّ جَائِزٌ وَلَوْ أَنَّ أَجْرَ الْمِثْلِ مِنْ ذَاكَ أَكْثَرُ قَالَ الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي شَرْحِهِ: صُورَتُهَا مَرِيضٌ آجَرَ دَارِهِ بِأَقَلَّ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ، قَالُوا: جَازَتْ الْإِجَارَةُ من حميع مَالِهِ وَلَا تُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ، لِأَنَّهُ لَوْ أَعَارَهَا وَهُوَ مَرِيضٌ جَازَتْ، فَالْإِجَارَةُ بِأَقَلَّ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ أَوْلَى.
قَالَ الطَّرَسُوسِيُّ: وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ خَالَفَتْ الْقَاعِدَةَ، فَإِنَّ الْأَصْلَ أَنَّ الْمَنَافِعَ تَجْرِي مَجْرَى الْأَعْيَانِ، وَفِي الْبَيْعِ يُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ اعْتِبَارًا لِلْفَرْعِ بِالْأَصْلِ.
وَالْفَرْقُ أَنَّ الْبَيْعَ عَقْدٌ لَازِمٌ يَتَعَلَّقُ بِعَيْنِ الْمَالِ وَقَدْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْوَرَثَةِ وَالْغُرَمَاءِ، وَالْإِجَارَةُ تَتَعَلَّقُ بِالنَّفَقَةِ وَتَنْفَسِخُ بِالْمَوْتِ فَلَا يُتَصَوَّرُ التَّعَلُّقُ بَعْدَهُ اه.
فَتَنَبَّهْ.
وَلَعَلَّهُمَا رِوَايَتَانِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ فِي الْفُرُوعِ آخِرَ الْوَصَايَا.
قَوْلُهُ: (وَهِبَتِهِ) أَيْ إذَا اتَّصَلَ بِهَا الْقَبْضُ قَبْلَ مَوْتِهِ، أَمَّا إذَا مَاتَ وَلَمْ يَقْبِضْ فَتَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ، لِأَنَّ هِبَةَ الْمَرِيضِ هِبَةٌ حَقِيقِيَّةٌ وَإِنْ كَانَتْ وَصِيَّةً حُكْمًا كَمَا صرح بِهِ قاضيخان وَغَيْرُهُ اه.
ط عَنْ الْمَكِّيِّ.
قَوْلُهُ: (وَضَمَانُهُ) هُوَ أَعَمُّ مِنْ الْكَفَالَةِ، فَإِنَّ مِنْهُ مَا لَا يَكُونُ كَفَالَةً بِأَنْ قَالَ أَجْنَبِيٌّ خَالِعْ امْرَأَتَك عَلَى أَلْفٍ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ أَوْ قَالَ: بِعْ عَبْدَك هَذَا عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ لَكِنْ بِخَمْسِمِائَةٍ مِنْ الثَّمَنِ سِوَى الْأَلْفِ، فَإِنَّ بَدَلَ الْخُلْعِ يَكُونُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ لَا عَلَى الْمَرْأَةِ وَالْخَمْسِمِائَةِ عَلَى الضَّامِنِ دُونَ الْمُشْتَرِي (1) .
عِنَايَةٌ.
تَنْبِيهٌ: قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ: وَكَفَالَتُهُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: فِي وَجْهٍ كَدَيْنِ الصِّحَّةِ بِأَنْ كَفَلَ فِي الصِّحَّةِ
مُعَلِّقًا بِسَبَبٍ وَوُجِدَ السَّبَبُ فِي الْمَرَضِ بِأَنْ قَالَ: مَا ذَابَ لَك عَلَى فلَان فعلي.
وَفِي وَجه كَدين الْمَرَض
(1)
قَوْله: (دون المُشْتَرِي) وَجهه أَن هَذَا من بَاب الزِّيَادَة فِي الثّمن، وَهِي من الاجنبي جَائِزَة، بِخِلَاف مَا إِذا يقل من الثّمن حَيْثُ لَا يلْزمه شئ كَمَا فِي متفرقات بُيُوع الْكَنْز.
بِأَنْ أَخْبَرَ فِي الْمَرَضِ بِأَنِّي كَفَلْت فُلَانًا فِي الصِّحَّةِ لَا يُصَدَّقُ فِي حَقِّ غُرَمَاءِ الصِّحَّةِ وَالْمَكْفُولُ لَهُ مَعَ غُرَمَاءِ الْمَرَضِ، وَفِي الْأَوَّلِ مَعَ غُرَمَاءِ الصِّحَّةِ وَفِي وَجْهٍ كَسَائِرِ الْوَصَايَا بِأَنْ أَنْشَأَ الْكَفَالَةَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ اه..
قَوْلُهُ: (حُكْمُهُ كَحُكْمِ وَصِيَّةٍ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الِاعْتِبَارُ مِنْ الثُّلُثِ لَا حَقِيقَةُ الْوَصِيَّةِ، لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ إيجَابٌ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَهَذِهِ التَّصَرُّفَاتُ مُنَجَّزَةٌ فِي الْحَالِ.
زَيْلَعِيٌّ.
قَوْلُهُ: (وَلْيُحَرَّرْ) تَحْرِيرُهُ أَنَّهُ لَا يُنَافِي مَا هُنَا، لِأَنَّ الْمُسْتَغْرَقَ بِالدّينِ لَا ثلث بِهِ.
رَحْمَتِيٌّ.
قَوْلُهُ: (وَيُزَاحِمُ أَصْحَابَ الْوَصَايَا فِي الضَّرْبِ) أَيْ الْعَبْدُ الْمُعْتَقُ وَالْمُحَابَى.
وَالْمَوْهُوبُ لَهُ وَالْمَضْمُونُ لَهُ يُضْرَبُ فِي الثُّلُثِ مَعَ أَصْحَابِ الْوَصَايَا، فَإِنْ وَفَى الثُّلُثُ بِالْجَمِيعِ وَإِلَّا تَحَاصَصُوا فِيهِ، وَيُعْتَبَرُ فِي الْقِسْمَةِ قَدْرُ مَا لِكُلٍّ مِنْ الثُّلُثِ، هَذَا مَا ظَهَرَ لِي اه ط.
أَقُولُ: وَقَالَ الْعَلَّامَةُ الْأَتْقَانِيّ: وَالْمُرَادُ مِنْ ضَرْبِهِمْ بِالثُّلُثِ مَعَ أَصْحَابِ الْوَصَايَا أَنَّهُمْ يَسْتَحِقُّونَ الثُّلُثَ لَا غَيْرُ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُمْ يُسَاوُونَ أَصْحَابَ الْوَصَايَا فِي الثُّلُث ويحاصصوهم، لِأَنَّ الْعِتْقَ الْمُنْفَذَ فِي الْمَرَضِ مُقَدَّمٌ عَلَى الْوَصِيَّةِ بِالْمَالِ فِي الثُّلُثِ، بِخِلَافِ مَا إذَا أَوْصَى بِعِتْقِ عَبْدِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ قَالَ: هُوَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِيَوْمٍ أَوْ شَهْرٍ فَإِنَّهُ كَسَائِر الْوَصَايَا اه.
مُلَخصا.
قُلْت: وَكَالْعِتْقِ الْمُنْفَذِ الْمُحَابَاةُ الْمُنَجَّزَةُ كَمَا مَرَّ عِنْد قَول المُصَنّف: إِذا اجْتمع الْوَصَايَا وَيَأْتِي قَرِيبا.
قَوْله: (إِن أُجِيزَ عِتْقُهُ) أَيْ إذَا ضَاقَ الثُّلُثُ، وَلَوْ كَانَ الاجارة قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي كَمَا قَدَّمْنَاهُ أَوَّلَ الْوَصَايَا عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْمَنْعَ) أَيْ مِنْ تَنْفِيذِهِ مِنْ كُلِّ الْمَالِ، وَالْأَوْلَى: لِأَنَّ السَّعْيَ تَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (فَإِنْ حَابَى فَحَرِّرْ إلَخْ) صُورَةُ الْأُولَى: بَاعَ عَبْدًا قِيمَتُهُ مِائَتَانِ بِمِائَةٍ ثُمَّ أَعْتَقَ عَبْدًا قِيمَتُهُ مِائَةٌ وَلَا مَالَ لَهُ سواهُمَا يصرف الثُّلُث إِلَى المحباة وَيَسْعَى الْمُعْتَقُ فِي كُلِّ قِيمَتِهِ.
وَصُورَةُ الْعَكْسِ: أَعْتَقَ الَّذِي قِيمَتُهُ مِائَةٌ ثُمَّ بَاعَ الَّذِي قِيمَتُهُ مِائَتَانِ بِمِائَةٍ، يُقْسَمُ الثُّلُثُ وَهُوَ الْمِائَةُ بَينهَا نِصْفَيْنِ، فَالْمُعْتَقُ يَعْتِقُ نِصْفُهُ مَجَّانًا وَيَسْعَى فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ، وَصَاحِبُ الْمُحَابَاةِ يَأْخُذُ الْعَبْدَ الْآخَرَ بِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ.
ابْنُ كَمَالٍ.
وَالْأَصْلُ فِي هَذَا: أَنَّ الْوَصَايَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا مَا جَاوَزَ الثُّلُثَ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِهَا يَضْرِبُ بِجَمِيعِ وَصِيَّتِهِ فِي الثُّلُثِ لَا يُقَدَّمُ الْبَعْضُ عَلَى الْبَعْضِ، إلَّا الْعِتْقَ الْمُوقَعَ فِي الْمَرَضِ وَالْعِتْقُ الْمُعَلَّقُ بِالْمَوْتِ كَالتَّدْبِيرِ الصَّحِيحِ سَوَاءٌ كَانَ مُطْلَقًا أَوْ مُقَيَّدًا، وَالْمُحَابَاةُ فِي الْمَرَضِ.
وَتَمَامُهُ فِي الزَّيْلَعِيِّ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَا عِتْقُهُ أَوْلَى فِيهِمَا) أَي فِي المسئلتين لِأَنَّهُ لَا يَلْحَقُهُ الْفَسْخُ.
وَلَهُ أَنَّ الْمُحَابَاةَ أَقْوَى لِأَنَّهَا فِي ضِمْنِ عَقْدِ الْمُعَاوَضَةِ، لَكِنْ إنْ وُجِدَ الْعِتْقُ أَوَّلًا وَهُوَ لَا يَحْتَمِلُ الدَّفْعَ يُزَاحِمُ الْمُحَابَاةَ.
ابْنُ كَمَالٍ.
وَقَوْلُ الزَّيْلَعِيِّ وَالْمُصَنِّفِ فِي الْمِنَحِ وَقَالَا: هُمَا سَوَاءٌ فِي المسئلتين سَبْقُ قَلَمِ، وَالصَّوَابُ مَا هُنَا كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الشَّلَبِيُّ.
قَوْلُهُ: (بِهَذِهِ الْمِائَةِ) أَيْ الْمُعَيَّنَةِ، وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِذَلِكَ حَتَّى يُتَصَوَّرَ هَلَاكُ بَعْضِهَا.
فَلَوْ قَالَ بِمِائَةٍ وَزَادَتْ عَلَى الثُّلُثِ تَبْطُلُ أَيْضًا كَمَا مَرَّ مَتْنًا.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْقُرْبَةَ تَتَفَاوَتُ إلَخْ) لَا يَظْهَرُ بِهَذَا التَّعْلِيلِ الْفَرْقُ بَيْنَ الْعِتْقِ وَالْحَجِّ، فَالْمُنَاسِبُ قَوْلُ الزَّيْلَعِيِّ: وَلَهُ أَنَّهُ وَصِيَّةٌ بِالْعِتْقِ بِعَبْدٍ يُشْتَرَى بِمِائَةٍ مِنْ مَالِهِ، وَتَنْفِيذُهَا فِيمَنْ يُشْتَرَى بِأَقَلَّ مِنْهُ تَنْفِيذٌ فِي غَيْرِ الْمُوصَى بِهِ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ، بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ بِالْحَجِّ لِأَنَّهَا قُرْبَةٌ مَحْضَةٌ هِيَ حق الله تعال وَالْمُسْتَحِقُّ لَمْ يَسْتَبْدِلْ، وَصَارَ كَمَا إذَا أَوْصَى لِرَجُلٍ بِمِائَةٍ فَهَلَكَ بَعْضُهَا يَدْفَعُ إلَيْهِ الْبَاقِيَ ا
هـ.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ فَدَى لَا) فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ الدَّفْعُ وَالْفِدَاءُ وَأَعْتَقَهُ الْوَصِيُّ: فَإِنْ عَالِمًا بِالْجِنَايَةِ لَزِمَهُ تَمَامُ الْأَرْشِ، وَإِلَّا فَالْقِيمَةُ، وَلَا يَرْجِعُ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ بِعِتْقِ عَبْدٍ غَيْرِ جَانٍ فَقَدْ خَالَفَ.
سَائِحَانِيٌّ.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَوْصَى بِثُلُثِهِ إلَخْ) مَعْنَاهُ ترك عبدا ومالا وَارِثا وَالْعَبْد مِقْدَار ثلث مَاله، وَله صرح قاضيخان.
مِعْرَاجٌ
قَوْلُهُ: (لِيَنْفُذَ مِنْ كُلِّ الْمَالِ) فَكَأَنَّهُ يَقُولُ: لَمْ يَقَعْ الْعِتْقُ وَصِيَّةً وَوَصِيَّتِي بِثُلُثِ مَالِهِ صَحِيحَةٌ فِيمَا وَرَاءَ الْعَبْدِ.
قَوْلُهُ: (وَيُقَدَّمُ عَلَى بَكْرٍ) لِأَنَّهُ إذَا وَقَعَ فِي الْمَرَضِ وَقَعَ وَصِيَّةً وَقِيمَةُ الْعَبْدِ ثُلُثُ الْمَالِ فَلَمْ يكن للْمُوصى لَهُ بِالثُّلثِ شئ، لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ بِالْعِتْقِ مُقَدَّمَةٌ بِالِاتِّفَاقِ.
مِعْرَاجٌ.
قَوْلُهُ: (وَلَا شئ لزيد) لما عَلمته من تَقْدِيم الْعِتْقِ.
وَأَمَّا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِيمَا مَرَّ وَيُزَاحِمُ أَصْحَابَ الْوَصَايَا فَقَدْ عَلِمْت الْمُرَادَ مِنْهُ، فَافْهَمْ.
قَوْلُهُ: (إلَّا أَنْ يَفْضُلَ إلَخْ) أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ ثُلُثُ الْمَالِ زَائِدًا عَلَى قِيمَةِ الْعَبْدِ فَتَنْفُذَ الْوَصِيَّةُ لِزَيْدٍ فِيمَا زَادَ عَلَى الْقِيمَةِ.
مِنَحٌ
قَوْلُهُ: (مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ) كَذَا عَبَّرَ الزَّيْلَعِيُّ.
وَعِبَارَةُ الدُّرَرِ: عَلَى قِيمَةِ الْعَبْدِ وَهِيَ أَوْلَى وَإِنْ أَمْكَنَ جَعْلُ مِنْ بِمَعْنَى عَلَى كَمَا قَالَ الْأَخْفَشُ وَالْكُوفِيُّونَ فِي قَوْله تَعَالَى: * (وَنَصَرْنَاهُ مِنَ
الْقَوْمِ) * (الْأَنْبِيَاء: 77) أَفَادَهُ ط عَنْ الْمَكِّيِّ.
قَوْلُهُ: (فَإِنَّ الْمُوصَى لَهُ خَصْمٌ إلَخْ) جَوَابٌ عَنْ إشْكَالٍ، وَهُوَ أَنَّ الدَّعْوَى فِي الْعِتْقِ شَرْطٌ لِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عِنْدَهُ، وَكَيْفَ تصح أقامتها من غير خصم؟ فَقَالَ: وَهُوَ خَصْمٌ فِي إثْبَاتِ حَقِّهِ لِأَنَّهُ مُضْطَرٌّ إلَى إقَامَتِهَا عَلَى حُرِّيَّةِ الْعَبْدِ لِيَفْرُغَ الثُّلُثُ عَنْ الِاشْتِغَالِ بِحَقِّ الْغَيْرِ.
مِعْرَاجٌ.
قَوْلُهُ: (وَكَذَا الْعَبْدُ) أَي خصم أَيْضا لَان أَقُولُ: وَالْمُرَادُ أَنَّهُ خَصْمٌ فِي غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَة، لَان الْوَارِث مقرّ بِعِتْقِهِ الْعتْق حَقه.
هُنَا أَوْ فِيمَا إذَا زَادَتْ قِيمَتُهُ عَلَى الثُّلُثِ فَهُوَ خَصْمٌ فِي إثْبَاتِ عِتْقِهِ فِي الصِّحَّةِ.
تَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَا يَعْتِقُ وَلَا يَسْعَى إلَخْ) لِأَنَّ الدَّيْنَ وَالْعِتْقَ فِي الصِّحَّةِ ظَهَرَا مَعًا بِتَصْدِيقِ الْوَارِثِ فِي كَلَامٍ وَاحِدٍ فَكَأَنَّهُمَا وَقَعَا مَعًا وَالْعِتْقُ فِي الصِّحَّةِ لَا يُوجِبُ السّعَايَة، وإكان عَلَى الْمُعْتِقِ دَيْنٌ.
وَلَهُ أَنَّ الْإِقْرَارَ بِالدَّيْنِ أَوْلَى مِنْ الْإِقْرَارِ بِالْعِتْقِ، وَلِهَذَا يُعْتَبَرُ إقْرَارُهُ فِي الْمَرَضِ بِالدَّيْنِ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ وَبِالْعِتْقِ مِنْ الثُّلُثِ، وَالْأَقْوَى يَدْفَعُ الْأَدْنَى، إلَّا أَنَّهُ بَعْدَ وُقُوعِهِ لَا يَحْتَمِلُ الْبُطْلَانَ فَيُدْفَعُ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى بِإِيجَابِ السِّعَايَةِ عَلَيْهِ.
ابْنُ كَمَالٍ.
قَوْلُهُ: (وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ) كَذَا عَبَّرَ فِي الْهِدَايَةِ، وَالتَّعْبِيرُ بِهِ ظَاهِرٌ عَلَى مَا قَرَّرَهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ مِنْ ذِكْرِ الْخِلَافِ