المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب الشهادة في القتل واعتبار حالته - تكملة حاشية ابن عابدين = قرة عيون الأخيار تكملة رد المحتار ط الفكر - جـ ٧

[نجل ابن عابدين]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الأشربة

- ‌كِتَابُ الصَّيْدِ

- ‌كتاب الرَّهْن

- ‌بَابُ مَا يَجُوزُ ارْتِهَانُهُ وَمَا لَا يجوز

- ‌بَابُ الرَّهْنِ يُوضَعُ عَلَى يَدِ عَدْلٍ

- ‌بَابُ التَّصَرُّفِ فِي الرَّهْنِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ وَجِنَايَتُهُ عَلَى غَيْرِهِ

- ‌كتاب الْجِنَايَات

- ‌بَابُ الْقود فِيمَا دون النَّفس

- ‌بَابُ الشَّهَادَةِ فِي الْقَتْل وَاعْتِبَار حَالَته

- ‌كتاب الدِّيات

- ‌بَابُ مَا يُحْدِثُهُ الرَّجُلُ فِي الطَّرِيق وَغَيره

- ‌بَابُ جِنَايَةِ الْبَهِيمَةِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهَا

- ‌بَابُ جِنَايَةِ الْمَمْلُوكِ وَالْجِنَايَة عَلَيْهِ

- ‌بَاب الْقسَامَة

- ‌كتاب المعاقل

- ‌كتاب الْوَصَايَا

- ‌بَاب الْوَصِيَّة بِثلث المَال

- ‌بَابُ الْعِتْقِ فِي الْمَرَضِ

- ‌بَاب الْوَصِيَّة للاقارب وَغَيرهم

- ‌بَاب الْوَصِيَّة بِالْخدمَةِ وَالسُّكْنَى وَالثَّمَرَة

- ‌بَاب الْوَصِيّ

- ‌كِتَابُ الْخُنْثَى

- ‌كِتَابُ الْفَرَائِضِ

- ‌بَابُ الْعَوْلِ

- ‌بَاب تَوْرِيث ذَوي الارحام

- ‌بَاب المخارج

- ‌كتاب الشَّهَادَات

- ‌بَاب الْقبُول وَعَدَمه

الفصل: ‌باب الشهادة في القتل واعتبار حالته

الْمَنْفَعَةِ عَلَى الْكَمَالِ.

قَوْلُهُ: حُدَّا أَيْ حُدَّ كل مِنْهُمَا وَلَا غرم: أَي لَا شئ عَلَيْهِ فِي الْإِفْضَاءِ لِرِضَاهَا بِهِ وَلَا مَهْرَ لَهَا لِوُجُوبِ الْحَدِّ، وَلَوْ ادَّعَى شُبْهَةً فَلَا حَدَّ وَلَا شئ فِي الافضاء وَيجب الْعقر.

قَوْلُهُ: (فَعَلَيْهِ الْحَدُّ) أَيْ دُونَهَا لِإِكْرَاهِهَا.

قَوْلُهُ: (وَأَرْشُ الْإِفْضَاءِ) أَيْ ثُلُثُ الدِّيَةِ إنْ اسْتَمْسَكَتْ، وَإِلَّا فَكُلُّهَا، وَقَوْلُهُ: لَا الْعُقْرُ لِأَنَّهُ لَا يَجْتَمِعُ مَعَ الْحَدِّ، وَتَمَامُهُ فِي ط.

تَتِمَّةٌ: لَوْ زَنَى بِأَمَةٍ فَقَتَلَهَا بِهِ عَلَيْهِ الْحَدُّ بِالزِّنَا وَالْقِيمَةُ بِالْقَتْلِ، وَلَوْ أَذْهَبَ عَيْنَهَا لَزِمَهُ قِيمَتُهَا وَسَقَطَ الْحَدُّ لِتَمَلُّكِهِ الْجُثَّةَ الْعَمْيَاءَ فَأَوْرَثَ شُبْهَة، وتفصيل مَا لَو أفضاها فِي الشرج، كَذَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي كِتَابِ الْحُدُودِ قُبَيْلَ بَابِ الشَّهَادَةِ عَلَى الزِّنَا.

قَوْلُهُ: (فَعَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَة) أَيْ نِصْفُ دِيَةِ الْعَيْنِ.

أَبُو السُّعُودِ لِأَنَّهُ وَقَعَ بِفِعْلٍ مَأْذُونٍ ط.

أَقُولُ: يَظْهَرُ لِي أَنَّ الْمُرَادَ نِصْفُ دِيَةِ النَّفْسِ الَّتِي هِيَ دِيَةُ الْعَيْنِ، ثُمَّ رَأَيْت الرَّحْمَتِيَّ فَسَّرَهَا كَذَلِكَ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَسْأَلَةُ الْخِتَانِ الْآتِيَةِ قُبَيْلَ الْقَسَامَةِ، فَإِنَّهُ إذَا أَمَرَ لِيَخْتِنَ صَبِيًّا فَقَطَعَ الْحَشَفَةَ، وَلَمْ يَمُتْ الصَّبِيُّ فَعَلَيْهِ دِيَةُ الْحَشَفَةِ كَامِلَةً، وَهِيَ دِيَةُ النَّفْسِ.

تَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (سُئِلَ مُحَمَّدٌ) لَفْظَةُ مُحَمَّدٍ زَائِدَةٌ عَلَى مَا فِي الْقُنْيَةِ.

قَوْلُهُ: (فَانْفَتَحَ) الَّذِي فِي الْقُنْيَةِ فَانْتَفَخَ بِالتَّاءِ قبل الْفَاء وَالْخَاء الْمُعْجَمَةِ.

قَوْلُهُ: (مَلِيًّا) أَيْ سَاعَةً طَوِيلَةً.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ قَالَ لَا إلَخْ) لَا يُنَافِي مَسْأَلَةَ الْعين الْمَارَّة آنِفا لِأَنَّهُ هُنَا لَمْ يُجَاوِزْ مَا أُمِرَ بِهِ.

قَوْلُهُ: (إذَا كَانَ الشَّقُّ بِإِذْنٍ) فَلَوْ بِدُونِهِ فَالظَّاهِرُ الْقِصَاصُ وَيُحَرَّرُ ط.

قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَكُنْ فَاحِشًا) تَفْسِيرٌ لِمَا قَبْلَهُ ط.

قَوْلُهُ: (خَارِجَ الرَّسْمِ) أَيْ الْعَادَةِ ط.

قَوْلُهُ: (قُلْت إلَخْ) قَائِلُهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْمِنَحِ، وَاعْتَرَضَهُ الرَّمْلِيُّ بِأَنَّهُ بَعِيدٌ عَنْ اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ لِعَدَمِ مَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْأَمَانَةِ، إذْ هِيَ الْمَالُ الْقَابِلُ لِإِثْبَاتِ الْيَدِ عَلَيْهِ، وَاسْتَظْهَرَ أَنَّ الْعِلَّةَ كَوْنُهُ غَيْرَ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ كَمَا هُوَ شَرْطُ الْمَكْفُولِ بِهِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

‌بَابُ الشَّهَادَةِ فِي الْقَتْل وَاعْتِبَار حَالَته

أَيْ بَابُ الشَّهَادَةِ الْوَاقِعَةِ فِي شَأْنِ الْقَتْلِ وَبَابُ اعْتِبَارِ حَالَةِ الْقَتْلِ: أَيْ حَالَةِ إيقَاعِ سَبَبِهِ، لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ حَالَةُ الرَّمْيِ لَا الْوُصُولِ كَمَا يَأْتِي، وَلَمَّا كَانَ الْقَتْلُ بَعْدَ تَحَقُّقِهِ رُبَّمَا يَجْحَدُ، فَيَحْتَاجُ مَنْ لَهُ الْقِصَاصُ إلَى إثْبَاته بِالْبَيِّنَةِ وَحَالَة الشئ صِفَةٌ لَهُ تَابِعَةٌ، ذَكَرَ ذَلِكَ بَعْدَ بَيَانِ حُكْمِهِ.

قَالَ ط: وَاعْلَمْ أَنَّهُ تُقْبَلُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ مَعَ الرِّجَالِ فِي الْقَتْلِ الْخَطَأِ وَالْقَتْلِ الَّذِي لَا يُوجب الْقود،

ص: 136

وَكَذَا الشَّهَادَةِ وَكِتَابُ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي، لِأَنَّ مُوجِبَهَا الْمَالُ، وَلَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ عَدْلٌ بِقَتْلٍ يُحْبَسُ، فَإِنْ جَاءَ بِشَاهِدٍ آخَرَ وَإِلَّا خَلَّى سَبِيلَهُ، وَكَذَا لَوْ شَهِدَ مَسْتُورَانِ بِقَتْلٍ عَمْدٍ يُحْبَسُ حَتَّى تَظْهَرَ عَدَالَةُ الشُّهُودِ لِأَنَّهُ صَارَ مُتَّهَمًا، وَكَذَا فِي الْخَطَإِ عَلَى الْأَظْهَرِ اه.

قَوْلُهُ: (الْقَوَدُ يَثْبُتُ لِلْوَرَثَةِ) قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ: يَسْتَحِقُّ الْقِصَاصَ مَنْ يَسْتَحِقُّ مِيرَاثَهُ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى يَدْخُلُ فِيهِ الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ اه.

قَوْلُهُ: (مِنْ غَيْرِ سَبْقِ مِلْكِ الْمُوَرِّثِ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْخِلَافَةِ هُنَا مَا قَابَلَ الْوِرَاثَةَ، وَإِلَّا فَالْوِرَاثَةُ خِلَافَةٌ أَيْضًا كَمَا صَرَّحُوا بِهِ، لَكِنَّهَا تَسْتَدْعِي سَبْقَ مِلْكِ الْمُوَرِّثِ، وَلَا يَرِدُ صِحَة عَفْو الْمُورث لَان السَّبَب انقعد لَهُ، وَلِهَذَا قَالَ الْأَتْقَانِيُّ: إنَّهُ حَقُّ الْوَرَثَةِ ابْتِدَاءً عِنْدَ الْإِمَامِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ شُرِعَ لِلتَّشَفِّي وَدَرْكِ الثَّأْرِ، لِأَنَّ الْمَيِّتَ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ، وَحَقُّ الْمَيِّتِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ بَدَلُ النَّفْسِ، وَلِذَا إذَا انْقَلَبَ مَالًا تُقْضَى مِنْهُ دُيُونُهُ وَتَنْفُذُ مِنْهُ وَصَايَاهُ.

وَتَمَامُهُ فِيهِ.

فَعُلِمَ أَنَّ الْفُرُوعَ الْآتِيَةَ وَتَفْسِيرُ الْخِلَافَةِ بِمَا ذُكِرَ بِاعْتِبَارِ الْحَيْثِيَّةِ الْأُولَى، وَصِحَّةُ عَفْوِ الْمُوَرِّثِ بِاعْتِبَارِ الثَّانِيَةِ فَقَدْ رَاعَى الْإِمَامُ الْحَيْثِيَّتَيْنِ احْتِيَالًا لِلدَّرْءِ كَمَا حَقَّقَهُ الطُّورِيُّ.

قَوْلُهُ: (نَصَّ فِيهِ) فَإِنَّ اللَّامَ لِلتَّمْلِيكِ، فَقَدْ مَلَّكَ تَعَالَى التَّسَلُّطَ لِلْوَلِيِّ بَعْدَ الْقَتْلِ، وَفِيهِ أَنَّ التَّسَلُّطَ قَدْ يَكُونُ لِثُبُوتِ الْحَقِّ لَهُ ابْتِدَاءً، وَقَدْ يَكُونُ الْحَقُّ انْتَقَلَ لَهُ مِنْ مُوَرِّثِهِ فَلَا تَكُونُ الْآيَةُ نَصًّا اه.

قَوْلُهُ: (كَمَا لَوْ انْقَلَبَ مَالًا) أَيْ بِنَحْوِ صلح أَو عَفْو بعد الْوَرَثَة.

قَوْله: (فأحدهم خصم عَنْ الْبَاقِينَ) لِأَنَّهُ يَثْبُتُ جَمِيعُ الْحَقِّ لِغَيْرِهِ، وَهُوَ الْمَيِّت فَيثبت للبقية، بِخِلَاف مَا ذكر بَعْدَهُ، فَإِنَّهُ إنَّمَا يُثْبِتُ حَقًّا لِنَفْسِهِ لَا حق غَيره ط.

قَوْله: (لَا يُقيد) بِضَمِّ الْيَاءِ مِنْ أَقَادَ، الْأَمِيرُ الْقَاتِلَ قَتَلَهُ بِهِ قَوَدًا، وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْبَيِّنَةَ تُقْبَلُ إلَّا أَنَّهُ لَا يُقْضَى بِالْقِصَاصِ إجْمَاعًا مَا لَمْ يَحْضُرْ الْغَائِبُ، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْقَضَاءِ الِاسْتِيفَاءُ، وَالْحَاضِرُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْهُ بِالْإِجْمَاعِ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ.

قَوْلُهُ: (وَفِي الْخَطَأِ) أَيْ فِي قَتْلِ أَبِيهِ خَطَأً وَفِي الدَّيْنِ لِأَبِيهِ عَلَى آخَرَ، لَوْ أَقَامَ الْحَاضِرُ حُجَّةً عَلَى ذَلِكَ لَا يُعِيدُهَا الْغَائِبُ إذَا حَضَرَ، لِأَنَّ الْمَالَ يَثْبُتُ لِلْوَرَثَةِ إرْثًا عِنْدَ الْكُلِّ وَفِيهِ إيمَاءٌ إلَى أَنَّهُ اتَّحَدَ الْقَاضِي لِلْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ، فَلَو أثبت قدر تصيبه مِنْهُ أَوْ كَانَ الْقَاضِي مُتَعَدِّدًا أَعَادَ الْحُجَّةَ وَإِنَّمَا خَصَّ الدَّيْنَ، لِأَنَّ فِي إعَادَةِ الْحُجَّةِ لِلْعَقَارِ اخْتِلَافًا وَإِنْ كَانَ الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُعِيدُهَا كَمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ.

قُهُسْتَانِيٌّ.

قَوْلُهُ: (لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ الْأَصْلِ.

قَوْلُهُ: (فَالْحَاضِرُ خَصْمٌ) لِأَنَّهُ ادَّعَى حَقًّا عَلَى الْحَاضِرِ، وَهُوَ سُقُوطُ حَقِّهِ فِي الْقِصَاصِ وَانْقِلَابِهِ مَالًا وَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ إثْبَاتِهِ لَا بِإِثْبَاتِ عَفْوِ الْغَائِبِ فَانْتَصَبَ خَصْمًا عَنْهُ، فَإِذَا قُضِيَ عَلَيْهِ صَارَ الْغَائِبُ مَقْضِيًّا عَلَيْهِ تَبَعًا.

زَيْلَعِيٌّ.

قَوْلُهُ: (وَسَقَطَ الْقَوَدُ) أَي

ص: 137

وَإِنْ جَاءَ الْغَائِبُ وَأَنْكَرَ الْعَفْوَ وَيَصِيرُ حَقُّهُ نِصْفَ الدِّيَةِ.

قَوْلُهُ: (فَهُوَ عَلَى التَّفْصِيلِ السَّابِقِ) فَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَةٌ أَقَامَهَا الْحَاضِرُ مِنْ غَيْرِ إعَادَةٍ بَعْدَ عَوْدِ الْغَائِبِ، وَلَوْ أَقَامَ الْقَاتِلُ بَيِّنَةً أَنَّ الْغَائِبَ قَدْ عَفَا فَالشَّاهِدُ خَصْمٌ

وَيَسْقُطُ الْقِصَاصُ.

فَحَاصِلُهُ: أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مِثْلُ الْأُولَى فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا، إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ الْقَتْلُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً لَا يَكُونُ الْحَاضِرُ خَصْمًا عَنْ الْغَائِبِ بِالْإِجْمَاعِ، وَالْفَرْقُ لَهُمَا فِي الْكُلِّ، وَلِأَبِي حَنِيفَةَ فِي الْخَطَأِ أَنَّ أَحَدَ الْوَرَثَةِ خَصْمٌ عَنْ الْبَاقِينَ وَلَا كَذَلِكَ أَحَدُ الْمَوْلَيَيْنِ.

زَيْلَعِيٌّ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ أُخْبِرَ الخ) عبر بِالْإِخْبَارِ لِأَنَّهُ يَنْتَظِمُ الْأَوْجُهَ الْأَرْبَعَةَ، بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ فَإِنَّهَا لَمْ تُوجَدْ حَقِيقَةً إلَّا فِي الْوَجْهِ الثَّالِثِ كَمَا أَفَادَهُ ابْنُ كَمَالٍ.

قَوْلُهُ: (عَفْوٌ لِلْقِصَاصِ مِنْهُمَا) قُيِّدَ بِالْقِصَاصِ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ عَفْوًا مِنْهُمَا لِلْمَالِ إلَّا فِي بَعْضِ الْأَوْجُهِ كَمَا تَعْرِفُهُ.

قَوْلُهُ: (عَمَلًا بِزَعْمِهِمَا) لِأَنَّهُمَا زَعَمَا عَفْوَ الثَّالِثِ وَبِعَفْوِ الْبَعْضِ يَسْقُطُ الْقِصَاصُ.

قَوْلُهُ: (وَهِيَ رُبَاعِيَّةٌ) أَيْ أَوْجُهُهَا أَرْبَعَةٌ.

قَوْلُهُ: (وَلَهُمَا ثُلُثَا الدِّيَةِ) لِأَنَّ نَصِيبَهُمَا صَارَ مَالًا.

دُرَرٌ.

قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي إنْ كَذَّبَهُمَا) قَالَ الرَّمْلِيُّ: كَذَا بِخَطِّ الْمُصَنِّفِ مَتْنًا وَشَرْحًا، وَالصَّوَابُ كَذَّبَاهُمَا.

قَوْلُهُ: (فَلَا شئ لِلْمُخْبِرَيْنِ) لِأَنَّهُمَا بِإِخْبَارِهِمَا أَسْقَطَا حَقَّهُمَا فِي الْقِصَاصِ فَانْقَلَبَ مَالًا، وَلَا مَالَ لَهُمَا لِتَكْذِيبِ الْقَاتِلِ والشرك.

دُرَرٌ.

قَوْلُهُ: (وَلِأَخِيهِمَا ثُلُثُ الدِّيَةِ) لِأَنَّ دَعْوَاهُمَا الْعَفْوَ، وَهُوَ يُنْكِرُ بِمَنْزِلَةِ ابْتِدَاءِ الْعَفْوِ مِنْهُمَا فِي حَقه فَيَنْقَلِبُ نَصِيبُهُ مَالًا.

ابْنُ كَمَالٍ.

قَوْلَهُ: (وَحْدَهُ) : أَيْ دُونَ الْأَخِ الشَّرِيكِ.

قَوْلُهُ: (فَلِكُلٍّ مِنْهُمْ ثُلُثُهَا) لِأَنَّ الْقَاتِلَ لَمَّا صَدَّقَهُمَا أَقَرَّ لَهُمَا بِثُلُثَيْ الدِّيَةِ، فَلَزِمَ وَادَّعَى بُطْلَانَ حَقِّ الثَّالِثِ بِالْعَفْوِ، وَلَمْ يُصَدِّقْهُ فَتَحَوَّلَ مَالًا فَيَدْفَعُهُ إلَيْهِ.

دُرَرٌ.

قَوْلُهُ: (إنْ صَدَّقَهُمَا الْأَخُ فَقَطْ) أَيْ وَكَذَّبَهُمَا الْقَاتِلُ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّ إقْرَارَهُ إلَخْ) أَيْ فَلَا يُقَالُ: إنَّهُ قَدْ أَقَرَّ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَى الْقَاتِلِ شَيْئًا إقْرَارُهُ لَهُ بِالْعَفْوِ فَكَيْفَ يَجِبُ لَهُ الثُّلُثُ.

قَوْلُهُ: (فَوَجَبَ لَهُ ثُلُثُ الدِّيَةِ) وَسَقَطَ الثُّلُثَانِ لِتَكْذِيبِ الْقَاتِلِ إيَّاهُمَا، وَلَا يَتَأَتَّى الْقِصَاصُ مَعَ إقْرَارِ الثَّالِثِ بِعَفْوِهِ ط.

قَوْلُهُ: (وَلَكِنَّهُ يُصْرَفُ ذَلِكَ إلَى الْمُخْبِرَيْنِ) لِأَنَّ الْأَخَ زَعَمَ الْعَفْوَ بِتَصْدِيقِهِ الْمُخْبِرَيْنِ، وَأَنَّهُ لَا شئ لَهُ عَلَى الْقَاتِلِ، وَإِنَّمَا عَلَى الْقَاتِلِ ثُلُثَا الدِّيَةِ لَهُمَا، وَمَا فِي يَدِهِ مَالُ الْقَاتِلِ وَهُوَ من جنس حَقّهمَا، فَيصْرف إِلَيْهِمَا، وَالْقِيَاس أَن لَا يلْزمه شئ، لِأَنَّهُمَا ادَّعَيَا الْمَالَ عَلَى الْقَاتِلِ وَالْقَاتِلُ مُنْكِرٌ فَلَمْ يَثْبُتْ، وَمَا أَقَرَّ بِهِ الْقَاتِلُ لِلْأَخِ قَدْ بَطَلَ بِإِقْرَارِ الْأَخِ بِالْعَفْوِ لِكَوْنِهِ تَكْذِيبًا للْقَاتِل.

وَجه الِاسْتِحْسَان أَن الْقَاتِل بتكديبه المخبرين أَقَرَّ لِلْأَخِ بِثُلُثِ الدِّيَةِ لِزَعْمِهِ أَنَّ الْقِصَاصَ سَقَطَ بِإِخْبَارِهِمَا بِالْعَفْوِ كَابْتِدَاءِ الْعَفْوِ مِنْهُمَا، وَالْمُقَرُّ لَهُ مَا كَذَّبَ الْقَاتِلَ حَقِيقَةً بَلْ أَضَافَ الْوُجُوبَ إلَى غَيْرِهِ،

وَفِي مِثْلِهِ لَا يَرْتَدُّ الْإِقْرَارُ كَمَنْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ مِائَةٌ فَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ لَيْسَ لِي وَلَكِنَّهَا لِفُلَانٍ، فَالْمَالُ للْمقر لَهُ الثَّانِي، وَكَذَا هُنَا.

دُرَرٌ مُوَضِّحًا.

قَوْلُهُ: (وَهُوَ الْأَصَحُّ زَيْلَعِيٌّ) عِبَارَتُهُ: وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ كَانَ هَذَا الثُّلُثُ لِلشَّاهِدَيْنِ، لَا لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ إلَخْ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ مُقَابِلَ الْأَصَحِّ كَوْنُهُ

ص: 138

لِلْأَخِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (يُقْتَصُّ) لَا يُقَالُ: الضَّرْبُ بِسِلَاحٍ قَدْ يَكُونُ خَطَأً فَكَيْفَ يَجِبُ الْقَوَدُ؟ لِأَنَّا نَقُولُ: لَمَّا شَهِدُوا بِالضَّرْبِ بِالسِّلَاحِ ثَبَتَ الْعَمْدُ لَا مَحَالَةَ، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ خَطَأً لَقَالُوا إنَّهُ قَصَدَ غَيْرَهُ فَأَصَابَهُ.

وَقَالَ فِي شَرْحِ الْكَافِي: وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُسْأَلَ الشُّهُودُ أَنَّهُ مَاتَ بِذَلِكَ أَمْ لَا، وَكَذَلِكَ إذَا شَهِدُوا أَنَّهُ ضُرِبَ بِالسَّيْفِ حَتَّى مَاتَ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرُوا الْعَمْدَ لِأَنَّ الْعَمْدَ هُوَ الْقَصْدُ بِالْقَلْبِ، وَهُوَ أَمْرٌ بَاطِنٌ لَا يُوقَفُ عَلَيْهِ، وَلَكِنْ يُعْرَفُ بِدَلِيلِهِ وَهُوَ الضَّرْبُ بِآلَةٍ قَاتِلَةٍ عَادَةً، وَلَوْ شَهِدُوا أَنَّهُ قَتَلَهُ عَمْدًا وَأَنَّهُ مَاتَ فَهُوَ أَحْوَطُ اه.

أَتْقَانِيٌّ.

قَالَ الرَّمْلِيُّ: أَوَّلُ الْجِنَايَاتِ هَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ بَعْدَ ثُبُوتِ الْقَتْلِ بِالْآلَةِ الْجَارِحَةِ بِالْبَيِّنَةِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْقَاتِلِ لَمْ أَقْصِدْهُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَقَرَّ وَقَالَ: أَرَدْت غَيْرَهُ، لِأَنَّهُ ثَبَتَ من جِهَته مُطلقًا عَن قيد العمدية والخطيئة فَيُقْبَلُ مِنْهُ مَا أَقَرَّ بِهِ، وَيُحْمَلُ عَلَى الادنى.

قَالَ فِي التاترخانية: وَفِي الْمُجَرَّدِ رَوَى الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ: لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ قَتَلَ فُلَانًا بِحَدِيدَةٍ أَوْ سَيْفٍ ثُمَّ قَالَ: أَرَدْت غَيْرَهُ فَقَتَلْته لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ ذَلِكَ وَيُقْتَلُ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ: إذَا قَالَ: ضَرَبْت فُلَانًا بِالسَّيْفِ فَقَتَلْته، قَالَ هَذَا خَطَأٌ حَتَّى يَقُولَ عَمْدًا اه مُلَخَّصًا.

أَقُولُ: التَّفْرِقَةُ بَيْنَ الشَّهَادَةِ وَالْإِقْرَارِ إنَّمَا تَظْهَرُ عَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ دُونَ الْأُولَى.

تَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (وَلَا يَحْتَاجُ الشَّاهِدُ إلَخْ) لِأَنَّ الْمَوْتَ مَتَى وُجِدَ عَقِيبَ سَبَبٍ صَالِحٍ يُضَافُ إِلَيْهِ لَا إِلَى شئ آخَرَ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الظَّاهِرِ سَبَبٌ آخر، وَإِن احْتمل لَان احْتِمَال حلاف الظَّاهِرِ لَا يُعْتَبَرُ فِي الْأَحْكَامِ.

أَتْقَانِيٌّ.

قَوْلُهُ: (أَوْ فِي الْمَكَانِ) أَيْ الْمُتَبَاعِدِ، فَإِنْ كَانَ مُتَقَارِبًا كَبَيْتٍ شَهِدَ أَحَدُهُمَا إنِّي رَأَيْته قَتَلَهُ فِي هَذَا الْجَانِبِ، وَشَهِدَ الْآخَرُ إنِّي رَأَيْته قَتَلَهُ فِي هَذَا الْجَانِبِ فَتُقْبَلُ.

وَلْوَالِجِيَّةٌ.

قَوْلُهُ: (أَوْ فِي آلَتِهِ) بِأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا قَتَلَهُ بِعَصًا

وَالْآخَرُ قَتَلَهُ بِالسَّيْفِ.

قَالَ فِي الْخِزَانَةِ: وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِالْقَتْلِ بِالسَّيْفِ وَالْآخَرُ بِالسِّكِّينِ لَمْ يَجُزْ، وَلَوْ كَانَتْ الشَّهَادَتَانِ بِإِقْرَارِهِ جَازَ اه.

وَمِنْهُ يَظْهَرُ أَنَّ وَجْهَ بُطْلَانِ الشَّهَادَةِ مُجَرّد الِاخْتِلَاف، لاكون مُوجِبِ شَهَادَةِ أَحَدِهِمَا الْعَمْدَ وَالْآخَرِ الْخَطَأَ، عَزْمِيَّةٌ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْقَتْلَ لَا يَتَكَرَّرُ) هَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ فِي الِاخْتِلَافِ فِي الزَّمَانِ أَوْ الْمَكَانِ أَوْ الْآلَةِ، فَإِنَّ فِي كُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ أحد الشَّاهِدين شهد فِيهِ يقتل، وَالْآخَرُ بِآخَرَ وَيَلْزَمُ مِنْهُ اخْتِلَافُهُمَا فِي الْمَشْهُودِ بِهِ.

وَأَمَّا فِي الصُّورَةِ الرَّابِعَةِ فَالْعِلَّةُ أَنَّ أَحَدَهُمَا شَهِدَ بِشِبْهِ الْعَمْدِ، وَالْآخَرُ بِقَتْلٍ مُطْلَقٍ يَحْتَمِلُ الْعَمْدَ، وَشِبْهُ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ فَلَمْ يَثْبُتْ اتِّفَاقُهُمَا فِي الْمَشْهُودِ بِهِ، وَكَذَا فِي الْخَامِسَةِ لشهادة أَحدهمَا على الْفِعْل وَالْآخر عَلَى الْقَوْلِ فَلَوْ قَالَ لِاخْتِلَافِ الْمَشْهُودِ بِهِ لَشَمَلَ الْكُلَّ.

قَوْلُهُ: (وَكَذَا تَبْطُلُ الشَّهَادَةُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ بُطْلَانُهَا فِي الصُّوَرِ الْخَمْسِ، مَعَ أَنَّ الزَّيْلَعِيَّ إنَّمَا ذَكَرَ ذَلِكَ بَعْدَ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ فَقَطْ، وَبِهِ تَظْهَرُ الْعِلَّةُ الَّتِي ذَكَرَهَا، لِأَنَّ كُلَّ فَرِيقٍ شَهِدَ بِقَتْلٍ آخَرَ، وَالْقَتْلُ لَا يَتَكَرَّرُ فَيُتَيَقَّنُ بِكَذِبِ أَحَدِ الْفَرِيقَيْنِ، أَمَّا فِي الرَّابِعَةِ وَالْخَامِسَةِ فَلَا يَظْهَرُ، فَتَدَبَّرْ.

قَوْلُهُ: (وَلَا أَوْلَوِيَّةَ) أَيْ لَيْسَ إحْدَى

ص: 139

الشَّهَادَتَيْنِ أَوْلَى بِالْقَبُولِ مِنْ الْأُخْرَى، وَظَاهِرٌ أَنَّ هَذَا إذَا تَعَارَضَتَا قَبْلَ الْحُكْمِ بِإِحْدَاهُمَا وَإِلَّا فَلَا تُسْمَعُ الثَّانِيَةُ.

تَأَمَّلْ، لِأَنَّ كُلَّ بَيِّنَتَيْنِ مُتَعَارِضَتَيْنِ إذَا سَبَقَ الْحُكْمُ بِإِحْدَاهُمَا لَغَتْ الْأُخْرَى.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ كَمَّلَ أَحَدُ الْفَرِيقَيْنِ) أَيْ تَمَّ نِصَابُ الشَّهَادَةِ فِي جَانِبٍ دُونَ آخَرَ.

قَوْلُهُ: (اسْتِحْسَانًا) وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا تُقْبَلَ، لِأَنَّ الْفِعْلَ يخلف بِاخْتِلَافِ الْآلَةِ فَجَهِلَ الْمَشْهُودُ بِهِ.

هِدَايَةٌ.

قَوْلُهُ: (حَمْلًا عَلَى الْأَدْنَى) لِأَنَّهُمْ شَهِدُوا بِقَتْلٍ مُطْلَقٍ وَالْمُطْلَقُ لَيْسَ بِمُجْمَلٍ، فَيَجِبُ أَقَلُّ مُوجِبَيْهِ وَهُوَ الدِّيَة، وَلَا يحمل قَوْلُهُمَا لَا نَدْرِي عَلَى الْغَفْلَةِ، بَلْ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُمَا سَعَيَا لِلدَّرْءِ الْمَنْدُوبِ إلَيْهِ فِي الْعُقُوبَاتِ إحْسَانًا لِلظَّنِّ بِهِمَا.

عَيْنِيٌّ.

قَوْلُهُ: (لَغَتْ) إلَّا إذَا صَدَّقَ الْوَلِيُّ إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ كَمَا يَأْتِي ط: أَيْ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: كَمَا لَوْ قَالَ ذَلِكَ لِأَحَدِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِمَا أَيْ قَالَ لَهُ: أَنْتَ قَتَلْته.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّ التَّكْذِيبَ تَفْسِيقٌ) لِأَنَّ قَوْلَهُ: (قَتَلْتُمَاهُ) تَكْذِيبٌ لِلشُّهُودِ فِي بَعْضِ الْمَشْهُودِ بِهِ، حَيْثُ ادَّعَى اشْتِرَاكَهُمَا فِي الْقَتْلِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: لَمْ يَنْفَرِدْ بِقَتْلِهِ، بَلْ شَارَكَهُ آخَرُ، وَهَذَا الْقَدْرُ مِنْ التَّكْذِيبِ يَمْنَعُ قَبُولَ الشَّهَادَةِ لِادِّعَائِهِ فِسْقَهُمْ بِهِ دُونَ الْإِقْرَارِ.

زَيْلَعِيٌّ.

قَوْلُهُ: (لَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْتُلَ وَاحِدًا مِنْهُمَا) وَلَيْسَ لَهُ دِيَةٌ أَيْضًا لِمَا ذَكَرَهُ اه ط.

قَوْلُهُ: (إقْرَارٌ بِأَنَّ الْآخَرَ لَمْ يَقْتُلْهُ)

فَكَانَ مُكَذِّبًا لَهُمَا فِي إخْبَارِهِمَا بِالْقَتْلِ ط.

قَوْلُهُ: (بِلَا تَصْدِيقٍ) أَيْ فِي الِانْفِرَادِ، فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا أَقَرَّ بِانْفِرَادِهِ بِكُلِّ الْقَتْلِ وَبِالْقِصَاصِ عَلَيْهِ وَالْمُقَرُّ لَهُ صَدَّقَهُ فِي وُجُوبِ الْقَتْلِ عَلَيْهِ أَيْضًا لَكِنَّهُ كَذَّبَهُ فِي انْفِرَادِهِ بِالْقَتْلِ وَتَكْذِيبُ الْمُقِرِّ فِي بَعْضِ مَا أَقَرَّ بِهِ لَا يَضُرُّ كَمَا مَرَّ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَقَرَّ رَجُلٌ إلَخْ) صُورَتُهُ: ادَّعَى الْوَلِيُّ عَلَى رَجُلَيْنِ بِالْقَتْلِ وَجَاءَ بِبَيِّنَةٍ فَشَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى أَحدهمَا أقرّ الْآخَرُ.

تَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّ فِيهِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ: قَتَلَهُ كِلَاهُمَا.

قَوْلُهُ: (لِبَعْضِ مُوجِبِهِ) أَيْ مُوجِبِ مَا شَهِدَا بِهِ، لِأَنَّهُمَا أَثْبَتَا انْفِرَادَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ بِالْقَتْلِ.

وَالْمُدَّعِي يَقُولُ: لَا بَلْ قَتَلَهُ هُوَ وَالْآخَرُ.

قَوْلُهُ: (كَمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ أَنَّ التَّكْذِيبَ تَفْسِيقٌ.

قَوْلُهُ: (كَمَا لَوْ قَالَ ذَلِكَ) أَيْ أَنْتَ قَتَلْته وَحْدَك.

قَوْلُهُ: (شَهِدَا عَلَى رَجُلَيْنِ بِقَتْلِهِ خَطَأً) أَيْ بِأَنَّهُ قتل آخر خطأ.

وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْمَسَائِلَ مِنْ هُنَا إلَى قَوْلِهِ: وَالْمُعْتَبَرُ حَالَةُ الرَّمْيِ ذَكَرَهَا صَاحِبُ الدُّرَرِ، وَأَصلهَا

ص: 140

مَذْكُور فِي الْفَصْل الرَّابِع وَالْعِشْرين من التاترخانية عَنْ مُحَمَّدٍ فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ.

قَوْلُهُ: (ضُمِّنَ الْعَاقِلَةَ الْوَلِيُّ) وَلَا يَرْجِعُ الْوَلِيُّ عَلَى أَحَدٍ.

تاترخانية.

قَوْلُهُ: (أَوْ الشُّهُودُ) لِأَنَّ الْمَالَ تَلِفَ بِشَهَادَتِهِمْ.

دُرَرٌ.

قَوْلُهُ: (لِتَمَلُّكِهِمْ الْمَضْمُونَ إلَخْ) عِبَارَةُ الدُّرَرِ: لِأَنَّهُمْ مَلَكُوا الْمَضْمُونَ، وَهُوَ مَا فِي يَدِ الْوَلِيِّ كَالْغَاصِبِ مَعَ غَاصِبِ الْغَاصِبِ.

قَوْلُهُ: (وَالشَّهَادَةُ عَلَى الْقَتْلِ الْعَمْدِ إلَخْ) أَيْ إذَا شَهِدُوا بِالْقَتْلِ عَمْدًا وَاقْتُصَّ مِنْ الْقَاتِلِ ثُمَّ جَاءَ الْمَشْهُودُ بِقَتْلِهِ حَيًّا لَا قِصَاصَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُم، وَلمن وَرَثَةَ الْقَاتِلِ بِالْخِيَارِ: فَإِنْ ضَمَّنُوا الْوَلِيَّ لَا يرجع على أخد، وَإِنْ ضَمَّنُوا الشُّهُودَ لَا يَرْجِعُونَ بِذَلِكَ عَلَى الْوَلِيّ عِنْده، وَعِنْدَهُمَا: يرجعُونَ.

تاترخانية.

قَوْلُهُ: (أَيْ إقْرَارِ الْقَاتِلِ بِالْخَطَأِ أَوْ الْعَمْدِ) أَيْ وَقَضَى عَلَيْهِ بِالدِّيَةِ فِي مَالِهِ فِي صُورَةِ الْخَطَأِ، لِأَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَعْقِلُ الْإِقْرَارَ، وَالْقِصَاصَ فِي صُورَةِ الْعَمْدِ.

تَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (فِي الْخَطَأ) قيد بِهِ لَان الشَّهَادَةِ لَا تُقْبَلُ فِي الْقَوَدِ كَالْحَدِّ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ، فَافْهَمْ.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ جَاءَ) أَيْ الْمَشْهُودُ عَلَى الْإِقْرَارِ بِقَتْلِهِ.

قَوْلُهُ: (إذَا لَمْ يظْهر كذبهما) لانهما لم يشهدَا بِقَتْلِهِ بَلْ شَهِدَا عَلَى إقْرَارِ الْقَاتِلِ بِهِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَقَرَّ كَاذِبًا وَفِي الثَّانِيَةِ شَهِدَا عَلَى شَهَادَةِ الْأُصُولِ لَا عَلَى نَفْسِ الْقَتْلِ.

قَوْلُهُ: (وَضَمِنَ الْوَلِيُّ الدِّيَةَ فِي الصُّورَتَيْنِ) أَيْ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى إقْرَارِهِ وَفِي الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ فَيَرُدُّ الْوَلِيُّ مَا قَبَضَهُ، لَكِنْ فِي

الشَّهَادَةِ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالْقَتْلِ عَمْدًا لَمْ يَقْبِضْ شَيْئًا لِأَنَّ مُوجِبَهَا الْقَوَدُ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْوَلِيَّ إذَا اقْتَصَّ مِنْ الْمُقِرِّ يَضْمَنُ دِيَتَهُ لِأَوْلِيَائِهِ لِظُهُورِ أَنْ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْقصاص بعد مجئ الْمُقْتَصِّ لِأَجْلِهِ حَيًّا.

تَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (لِلْعَاقِلَةِ) كَذَا فِي الدُّرَرِ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَعْقِلُ إقْرَارًا وَلَا عَمْدًا، بَلْ ضَمَانُهُ لِلْعَاقِلَةِ مَقْصُورٌ عَلَى الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ، لِأَنَّ الدِّيَةَ قَضَى بهَا عَلَيْهِم كَمَا مر.

وَعبارَة التاترخانية عَنْ الْجَامِعِ لَا غُبَارَ عَلَيْهَا، حَيْثُ قَالَ: وَلَوْ كَانَتْ الشَّهَادَةُ فِي الْخَطَإِ أَوْ فِي الْعَمْدِ عَلَى إقْرَارِ الْقَاتِلِ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا، فَلَا ضَمَانَ عَلَى الشُّهُودِ، وَإِنَّمَا الضَّمَانُ عَلَى الْوَلِيِّ فِي الْفَصْلَيْنِ جَمِيعًا، وَكَذَا لَوْ شَهِدَا عَلَى شَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ عَلَى قَتْلِ الْخَطَإِ وَقَضَى الْقَاضِي بِالدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا لَا ضَمَانَ عَلَى الْفُرُوعِ، وَلَكِنْ يَرُدُّ الْوَلِيُّ الدِّيَةَ عَلَى الْعَاقِلَةِ اه.

وَأَرَادَ بِبَاقِي الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمَشْهُودَ بِقَتْلِهِ جَاءَ حَيًّا.

قَوْلُهُ: (وَالْمُعْتَبَرُ حَالَةُ الرَّمْيِ) لِأَنَّ الضَّمَانَ بِفِعْلِهِ وَهُوَ الرَّمْيُ، إذْ لَا فِعْلَ مِنْهُ بَعْدَهُ فَتُعْتَبَرُ حَالَةُ الرَّمْيِ وَالْمَرْمِيُّ إلَيْهِ فِيهَا مُتَقَوِّمٌ.

هِدَايَةٌ.

قَوْلُهُ: (فِي حَقِّ الْحِلِّ وَالضَّمَانِ) أَرَادَ بِالْحِلِّ الْخُرُوجَ عَنْ إِحْرَام الْحَج كَمَا تجئ مَسْأَلَتُهُ.

عَزْمِيَّةٌ.

قَوْلُهُ: (لِلشُّبْهَةِ) أَيْ شُبْهَةِ سُقُوطِ الْعِصْمَةِ حَالَ الْوُصُولِ.

قَوْلُهُ: (بِرِدَّةِ الْمَرْمِيِّ إلَيْهِ) أَيْ فِيمَا إذَا رَمَى مُسْلِمًا فَارْتَدَّ الْمَرْمِيُّ إلَيْهِ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى، ثُمَّ وَقَعَ بِهِ السهْم.

قَوْله: (وَقَالا: لَا شئ عَلَيْهِ) لِأَنَّ التَّلَفَ حَصَلَ فِي مَحَلٍّ لَا عِصْمَةَ لَهُ.

مِنَحٌ.

قَوْلُهُ: (وَتَجِبُ الْقِيمَةُ بِعِتْقِهِ إلَخْ) وَالْقِيَاسُ الْقِصَاصُ لَكِنْ سَقَطَ

ص: 141

لِلشُّبْهَةِ، فَإِنَّهُ يَجِبُ لِلْمَوْلَى لَوْ اُعْتُبِرَ الرَّمْيُ، وَلِلْعَبْدِ، ثُمَّ يَنْتَقِلُ إلَى وَارِثِهِ لَوْ اُعْتُبِرَ الْوُصُولُ، فَأَوْرَثَ شُبْهَةً دَارِئَةً لِلْقِصَاصِ.

شَرْحُ الْمَجْمَعِ لِمُصَنِّفِهِ.

فَتَقْيِيدُ الْقُهُسْتَانِيِّ الْقَتْلَ هُنَا بِالْخَطَأِ مَحَلُّ نظر.

أَفَادَهُ أَبُو السُّعُود.

قَوْلُهُ: (فَوَصَلَ) أَيْ السَّهْمُ الْمَرْمِيُّ.

قَوْلُهُ: (وَلَا يَضْمَنُ إلَخْ) لِأَنَّهُ حَالَ الرَّمْيِ مُبَاحُ الدَّمِ، وَإِنَّمَا الضَّمَانُ عَلَى الرَّاجِعِ، فَيَضْمَنُ الرُّبُعَ لَوْ وَاحِدًا، وَلَوْ كُلُّهُمْ فَكُلَّ الدِّيَةِ.

أَبُو السُّعُودِ.

قَوْلُهُ: (فَرَجَعَ شَاهِدُهُ) الْإِضَافَةُ لِلْجِنْسِ، لِأَنَّهَا تَأْتِي لِمَا تَأْتِي لَهُ الْأَلِفُ وَاللَّامُ فَيَشْمَلُ رُجُوعَ وَاحِدٍ مِنْ الْأَرْبَعَةِ أَوْ الْكُلِّ.

قَوْلُهُ: (أَيُّ جَانٍ إلَخْ) يَأْتِي بَيَانُهُ قُبَيْلَ الْقَسَامَةِ.

قَوْلُهُ: (بِإِذْنِ أَبِيهِ) مُتَعَلِّقٌ بِخِتَانٍ لَا بِقَطْعٍ إذْ لَا يُعْتَبَرُ إذْنُهُ فِي قَطْعِ الْحَشَفَةِ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ.

رَحْمَتِيٌّ.

قَوْلُهُ: (جَنِينٌ خَرَجَ رَأْسُهُ) أَيْ فَقَطَعَهُ كَمَا هُوَ مَوْجُودٌ فِي بَعْضِ النُّسَخِ فَفِيهِ الْغُرَّةُ أَيْ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ نِصْفُ عُشْرِ الدِّيَةِ، وَعِبَارَةُ الْأَشْبَاهِ: خَرَجَ رَأْسُهُ فَقَطَعَ أُذُنَهُ

وَلَمْ يَمُتْ فَفِيهِ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَإِنْ قُطِعَ رَأْسُهُ فَفِيهِ الْغُرَّةُ اه.

وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا كُلَّهُ إذَا اسْتَهَلَّ وَلَمْ يَخْرُجْ نِصْفُهُ مَعَ الرَّأْسِ أَوْ الْأَكْثَرِ مَعَ الْقَدَمَيْنِ، فَإِنْ اسْتَهَلَّ وَخَرَجَ مِنْهُ ذَلِكَ فَفِيهِ الْقَوَدُ فِي الْقَتْلِ وَالْقَطْعِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ أَوَّلَ الْجِنَايَاتِ عَنْ الْمُجْتَبى والتاترخانية.

قَوْلُهُ: (فَقُلْ دِيَةُ الْأَسْنَانِ) سَيَأْتِي بَيَانُهُ قَرِيبًا، وَهَذَا مِنْ لِطَافَاتِهِ حَيْثُ يَدْخُلُ عَلَى كُلِّ كِتَابٍ بِمَسْأَلَةٍ تُنَاسِبُهُ غَالِبًا، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

ص: 142