الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمُرْتَهِنُ لِأَنَّهُ هَلَكَ فِي يَدِ الرَّاهِنِ حُكْمًا.
قَوْلُهُ: (ضَمِنَ ضَمَانَ الرَّهْنِ) لِأَنَّ قَبْضَهُ مَضْمُونٌ بِخِلَافِ
الْمُودِعِ، وَقَوْلُهُ لَا الزِّيَادَةَ) لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِأَنَّ الْحَمَّامِيَّ يَحْفَظُ فِي صُنْدُوقِهِ وَيَضَعُ قَصْعَةَ الْمَاءِ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ تَعَدَّى بِأَنْ أَرَاقَهُ قَصْدًا فَيَضْمَنُ الزِّيَادَةَ.
قَوْلُهُ: (وَالْمُودَعُ لَا يَضْمَنُ شَيْئًا) لِمَا قُلْنَا.
قَوْلُهُ: (الْأَجَلُ فِي الرَّهْنِ يُفْسِدُهُ) لِأَنَّ حُكْمَهُ الْحَبْسُ الدَّائِمُ وَالتَّأْجِيلُ يُنَافِيهِ، بِخِلَافِ تَأْجِيلِ دَيْنِ الرَّهْنِ.
حَمَوِيٌّ عَنْ الْقُنْيَةِ: فَإِذَا هَلَكَ يَضْمَنُ ضَمَانَ الرَّهْنِ لِأَنَّ الْفَاسِدَ مِنْهُ كَالصَّحِيحِ عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
قَوْله: (سلطه بِبيع الرَّهْن) الالى عَلَى بَيْعِهِ كَأَنَّهُ ضَمَّنَهُ مَعْنَى أَمْرٍ فَعَدَّاهُ بِالْبَاءِ.
قَوْلُهُ: (لِلْمُرْتَهِنِ بَيْعُهُ) فَلَيْسَ لِلْوَارِثِ نَقْضُ الْبَيْعِ لِأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ فَلَا يُقَالُ إنَّهُ وَكَالَةٌ تَبْطُلُ بِالْمَوْتِ.
وَيَأْتِي تَمَامُهُ فِي الْبَابِ بَعْدَهُ.
قَوْلُهُ: (يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ) كَذَا فِي الْعِمَادِيَّةِ، ثُمَّ قَالَ: وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ كَانَت وَاقعَة الْفَتْوَى اهـ.
وَجَزَمَ فِي الْأَشْبَاهِ بِعَدَمِ الْجَوَازِ، وَاسْتَدْرَكَ عَلَيْهِ الْبِيرِيُّ فِي الْبَزَّازِيَّةِ عَنْ الْمُنْيَةِ: لِلْمُرْتَهِنِ بَيْعُ الرَّهْنِ بِإِجَازَةِ الْحَاكِمِ وَأَخْذِ دَيْنِهِ إذَا كَانَ الرَّاهِن غَائِبا لَا يَعْرِفُ مَوْتَهُ وَلَا حَيَاتَهُ اه.
أَقُولُ: يُمْكِنُ حَمْلُ مَا فِي الْأَشْبَاهِ عَلَى مَا إذَا لَمْ تَكُنْ الْغَيْبَةُ مُنْقَطِعَةٌ وَإِنْ كَانَ أَطْلَقَ الْغَيْبَةَ.
تَأَمَّلْ.
بَقِيَ مَا إذَا كَانَ حَاضِرًا وَامْتَنَعَ عَنْ بَيْعِهِ.
وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: يُجْبَرُ عَلَى بَيْعِهِ، فَإِذَا امْتَنَعَ بَاعَهُ الْقَاضِي أَوْ أَمِينُهُ لِلْمُرْتَهِنِ وَأَوْفَاهُ حَقَّهُ وَالْعُهْدَةُ عَلَى الرَّاهِنِ اه مُلَخَّصًا.
وَبِهِ أَفْتَى فِي الْحَامِدِيَّةِ.
وَحُرِّرَ فِي الْخَيْرِيَّةِ أَنَّهُ يُجْبِرُهُ عَلَى بَيْعِهِ وَإِنْ كَانَ دَارًا لَيْسَ لَهُ غَيْرُهَا يَسْكُنُهَا لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ بِهَا، بِخِلَافِ الْمُفْلِسِ.
قَوْلُهُ: (لَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ بَيْعُ ثَمَرَةِ الرَّهْنِ إلَخْ) أَيْ إذَا لَمْ يُبِحْهَا لَهُ الرَّاهِنُ.
وَفِي الْبِيرِيِّ عَنْ الْوَلْوَالِجيَّةِ: وَيَبِيعُ مَا خَافَ عَلَيْهِ الْفَسَادَ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ وَيَكُونُ رَهْنًا فِي يَدِهِ لِأَنَّ إمْسَاكَهُ لَيْسَ مِنْ الْهَلَاكِ، وَإِنْ بَاعَهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ ضَمِنَ لِأَنَّ وِلَايَةَ الْبَيْعِ نَظَرًا لِلْمَالِكِ لَا تَثْبُتُ إلَّا لِلْحَاكِمِ اه.
قَالَ الْبِيرِيُّ: أَقُولُ: يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا جَوَازُ بَيْعِ الدَّارِ الْمَرْهُونَةِ إذَا تَدَاعَتْ لِلْخَرَابِ وَكَانَتْ وَاقِعَةَ الْفَتْوَى.
اه.
وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
بَابُ الرَّهْنِ يُوضَعُ عَلَى يَدِ عَدْلٍ
لَمَّا أَنْهَى الْقَوْلَ فِي الْأَحْكَامِ الرَّاجِعَةِ إلَى نَفْسِ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ ذَكَرَ مَا يَرْجِعُ إلَى نَائِبِهِمَا وَهُوَ الْعَدْلُ
وَالنَّائِبُ بَعْدَ الْأَصْلِ، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَنْ رَضِيَا بِوَضْعِ الرَّهْنِ فِي يَدِهِ سَوَاءٌ رَضِيَا بِبَيْعِهِ أَمْ لَا كَمَا أَفَادَهُ سَعْدِيٌّ فَافْهَمْ، وَبَابُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ: أَيْ هَذَا، وَأَلِ فِي الرَّهْنِ لِلْجِنْسِ، وَالْجُمْلَةُ بَعْدَهُ صِفَةٌ أَوْ حَالٌ لِصِحَّةِ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْ الْمُضَافِ، وَالْعَامِلُ فِيهَا الْمُبْتَدَأُ لِمَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى أُشِيرُ.
قَوْلُهُ: (عَلَى يَدِ عَدْلٍ) بِأَنْ شَرَطَ فِي عَقْدِ الرَّهْنِ ذَلِكَ خَانِيَّةٌ.
قَوْلُهُ: (صَحَّ وَيَتِمُّ بِقَبْضِهِ) أَيْ صَحَّ الرَّهْنُ وَيَتِمُّ وَيَلْزَمُ بِقَبْضِ الْعَدْلِ، لِأَنَّ يَدَهُ فِي حَقِّ الْمَالِيَّةِ يَدُ الْمُرْتَهِنِ، وَلِذَا لَوْ هَلَكَ كَانَ فِي ضَمَانِ الْمُرْتَهِنِ كَمَا يَأْتِي وَفِي الْخَانِيَّةِ: لَوْ سَلَّطَ الْعَدْلُ عَلَى بَيْعِهِ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ فَلَمْ يَقْبِضْ الْعَدْلُ الرَّهْنَ حَتَّى حَلَّ الدَّيْنُ فَالرَّهْنُ بَاطِلٌ وَالْوَكَالَةُ بِالْبَيْعِ بَاقِيَةٌ اه
قَوْلُهُ: (وَلَا يَأْخُذُهُ أَحَدُهُمَا) وَلَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ الْوَضْعَ فَوَضَعَ جَازَ أَخْذُهُ كَمَا أُشِيرَ إلَيْهِ فِي الِاخْتِيَارِ.
قُهُسْتَانِيٌّ.
قَوْلُهُ: (وَضَمِنَ إلَخْ) لَمْ يُوجَدْ مَتْنًا فِي شَرْحِ الْمُصَنِّفِ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ شَرْحًا بَعْدَ قَوْلِهِ (وَإِذَا هَلَكَ إلَخْ)
قَوْلُهُ: (لِتَعَلُّقِ حَقِّهِمَا بِهِ) فَحَقُّ الرَّاهِنِ بِالْعَيْنِ وَالْمُرْتَهِنِ بِالْمَالِيَّةِ، فَهُوَ مُودِعٌ لَهُمَا وَأَحَدُهُمَا أَجْنَبِيٌّ عَنْ الْآخَرِ فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُهُ وَلَا لِلْعَدْلِ دَفْعُهُ إلَيْهِ، فَإِنَّ الْمُودِعَ يَضْمَنُ بِالدَّفْعِ إلَى الْأَجْنَبِيِّ.
قَوْلُهُ: (وَأَخَذَا مِنْهُ قِيمَتَهُ إلَخْ) فَإِنْ تَعَذَّرَ اجْتِمَاعُهُمَا يَرْفَعُ أَحَدُهُمَا الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي لِيَفْعَلَ ذَلِكَ.
زَيْلَعِيٌّ.
قَوْلُهُ: (لِئَلَّا يَصِيرَ قَاضِيًا وَمَقْضِيًّا) الَّذِي فِي الْهِدَايَةِ وَالْمِنَحِ وَمُقْتَضِيًا لِأَنَّهُ يُقَالُ قَضَاهُ الدَّيْنَ وَأَعْطَاهُ وَاقْتَضَى دَيْنَهُ وَتَقَاضَاهُ: قَبَضَهُ.
وَحَاصِلُهُ: أَنَّ الْقِيمَةَ وَجَبَتْ فِي ذِمَّتِهِ، فَلَوْ جَعَلَهَا رَهْنًا فِي يَدِ نَفْسِهِ صَارَ قَاضِيًا مَا وَجَبَ عَلَيْهِ وَمُقْتَضِيًا لَهُ وَبَيْنَهُمَا تَنَافٍ.
قَوْلُهُ: (مَبْسُوطٌ فِي الْمُطَوَّلَاتِ) أَيْ جَوَابُهُ مَبْسُوطٌ فِيهَا كَالزَّيْلَعِيِّ وَشُرُوحِ الْهِدَايَةِ.
بَيَانُهُ: أَنَّهُ إذَا جُعِلَتْ الْقِيمَةُ رَهْنًا بِرَأْيِهِمَا أَوْ بِرَأْيِ الْقَاضِي عِنْدَ الْعَدْلِ الْأَوَّلِ أَوْ عِنْدَ غَيْرِهِ ثُمَّ قَضَى الرَّاهِنُ الدَّيْنَ: فَإِنْ كَانَ الْعَدْلُ ضَمِنَ الْقِيمَةَ بِسَبَبِ دَفْعِهِ الْمَرْهُونَ إلَى الرَّاهِنِ فَالْقِيمَةُ لِلْعَدْلِ يَأْخُذُهَا مِمَّنْ هِيَ عِنْده لوصول الْمَرْهُون إِلَى الرَّهْن إِلَيْهِ، وَلَو كَانَت الْقيمَة للرَّاهِن بِالتَّسْلِيمِ الْأَوَّلِ إلَيْهِ وَوُصُولِ الدَّيْنِ إلَى الْمُرْتَهِنِ بِدَفْعِ الرَّاهِنِ إلَيْهِ، وَلَوْ كَانَتْ الْقِيمَةُ لِلرَّاهِنِ لَزِمَ اجْتِمَاعُ الْبَدَلِ وَالْمُبْدَلِ مِنْهُ فِي مِلْكٍ وَاحِدٍ، وَإِنْ كَانَ الْعَدْلُ ضَمِنَ بِسَبَبِ الدَّفْعِ إلَى الْمُرْتَهِنِ فَالْقِيمَةُ لِلرَّاهِنِ يَأْخُذُهَا مِمَّنْ هِيَ عِنْدَهُ لِقِيَامِهَا مَقَامَ الْعَيْنِ الْمَرْهُونَةِ، وَلَا جَمْعَ فِيهِ بَيْنَ الْبَدَلَيْنِ فِي مِلْكٍ وَاحِدٍ لِأَنَّ الْعين لن تَصِلْ إلَى يَدِ الرَّاهِنِ، وَقَدْ مَلَكَهَا الْعَدْلُ بِالضَّمَانِ، ثُمَّ إذَا ضَمِنَ
الْعَدْلُ بِالدَّفْعِ إلَى الْمُرْتَهن هيرجع الْعدْل على الْمُرْتَهن؟ ينظر إِ دَفَعَ الْعَيْنَ إلَيْهِ عَارِيَّةً أَوْ وَدِيعَةً لَا يَرْجِعُ إلَّا إذَا اسْتَهْلَكَهَا الْمُرْتَهِنُ لِأَنَّ الْعَدْلَ مَلَكَهَا بِأَدَاءِ الضَّمَانِ وَتَبَيَّنَ أَنَّهُ أَعَارَ أَوْ أَوْدَعَ مِلْكَ نَفْسِهِ، وَلَا يَضْمَنُ الْمُودِعُ أَوْ الْمُسْتَعِيرُ إلَّا بِالتَّعَدِّي، وَإِنْ دَفَعَهَا إلَيْهِ رَهْنًا بِحَقِّهِ بِأَنْ قَالَ: خُذْهُ بِحَقِّكَ أَوْ احْبِسْهُ بِهِ رَجَعَ الْعَدْلُ عَلَيْهِ سَوَاءٌ هَلَكَ أَوْ اسْتَهْلكهُ لدفعه عَن وَجْهِ الضَّمَانِ.
قَوْلُهُ: (وَإِذَا هَلَكَ) أَيْ فِي يَدِ الْعَدْلِ أَوْ يَدِ امْرَأَتِهِ أَوْ وَلَدِهِ أَوْ خَادِمِهِ أَوْ أَجِيرِهِ.
قُهُسْتَانِيٌّ.
قَوْلُهُ: (عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ) أَوْ مُطْلَقًا كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ وَالدُّرِّ الْمُنْتَقَى.
وَفِي الْخَانِيَّةِ: فَلَوْ لَمْ يَقُلْ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ فَلِلْعَدْلِ بَيْعُهُ قَبْلَهُ.
قَوْلُهُ: (صَحَّ تَوْكِيلُهُ) أَيْ
وَلَوْ لَمْ يَقْبِضْ الْعَدْلُ الرَّهْنَ حَتَّى حَلَّ الْأَجَلُ وَإِنْ بَطَلَ الرَّهْنُ كَمَا مَرَّ قَوْلُهُ فَإِنْ شُرِطَتْ الْوَكَالَةُ أَفَادَ أَنَّ الرِّضَا بِبَيْعِهِ لَيْسَ بِلَازِمٍ فِي الْعَدْلِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ سَعْدِيٍّ.
قَوْلُهُ: (لَمْ يَنْعَزِلْ بِعَزْلِهِ) أَيْ بِعَزْلِ الرَّاهِنِ إلَّا إذَا رَضِيَ الْمُرْتَهِنُ بِذَلِكَ.
إتْقَانِيٌّ.
وَأطلق فِي الْعَزْل فَشَمَلَ مَا لَوْ وَكَّلَهُ بِالْبَيْعِ مُطْلَقًا ثُمَّ نَهَاهُ عَنْ الْبَيْعِ بِالنَّسِيئَةِ لَمْ يَعْمَلْ نَهْيُهُ لِأَنَّهُ لَازِمٌ بِأَصْلِهِ فَكَذَا بِوَصْفِهِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ.
قَوْله: (وَلَا بِمَوْت الرَّاهِن) أَي لَا يَنْعَزِل بِالْعَزْلِ الْحُكْمِيِّ كَمَوْتِ الْمُوَكِّلِ وَارْتِدَادِهِ وَلُحُوقِهِ بِدَارِ الْحَرْبِ، لِأَنَّ الرَّهْنَ لَا يَبْطُلُ بِمَوْتِهِ لِتَقَدُّمِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ عَلَى حَقِّ الْوَرَثَةِ.
زَيْلَعِيٌّ.
قَوْلُهُ: (وَلَا الْمُرْتَهِنِ) إلَّا أَنْ يَكُونَ وَكِيلًا ط.
وَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ (وَتَبْطُلُ بِمَوْتِ الْوَكِيلِ مُطْلَقًا) .
قَوْلُهُ: (لِلُزُومِهَا بِلُزُومِ الْعَقْدِ) لِأَنَّهَا لَمَّا شُرِطَتْ فِي ضِمْنِ عَقْدِ الرَّهْنِ صَارَتْ وَصْفًا مِنْ أَوْصَافِهِ وَحَقًّا مِنْ حُقُوقِهِ، أَلَا تَرَى أَنَّ عقد الْوكَالَة لزِيَادَة الْوَثِيقَة فليزم بِلُزُومِ أَصْلِهِ.
وَتَمَامُهُ فِي الْهِدَايَةِ.
قَوْلُهُ: (فَهِيَ تُخَالِفُ الْوَكَالَةَ الْمُفْرَدَةَ) أَيْ الَّتِي لَمْ تُذْكَرْ فِي ضِمْنِ عَقْدِ الرَّهْنِ.
وَيُسْتَثْنَى الْوَكَالَةُ بِالْخُصُومَةِ بِطَلَبِ الْمُدَّعِي إذَا غَابَ الْمُوَكِّلُ، وَكَذَا لَوْ خَافَ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ أَنْ يَغِيبَ الْآخَرُ فَيَأْخُذَ وَكِيلًا لِيَرُدَّ عَلَيْهِ فَلَا يَنْعَزِلُ بِعَزْلِهِ.
أَفَادَهُ الرَّحْمَتِيُّ.
وَكَذَا الْوَكِيلُ بِالْأَمْرِ بِالْيَدِ كَمَا مر فِي بَاب عزل الْوَكِيل.
قَوْله: (من وجوده) ذَكَرَ مِنْهَا هُنَا خَمْسَةً.
وَمِنْهَا مَا فِي النِّهَايَةِ أَنَّ الْعَدْلَ إذَا ارْتَدَّ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَحُكِمَ بِلَحَاقِهِ ثُمَّ عَادَ مُسْلِمًا يَعُودُ وَكِيلًا، بِخِلَافِ الْمُفْرَدِ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ حَيْثُ لَا يَعُودُ.
قَوْلُهُ: (يُجْبَرُ عَلَى الْبَيْعِ إلَخْ) أَيْ لَوْ غَابَ الرَّاهِنُ وَحَلَّ الْأَجَلُ وَامْتَنَعَ الْوَكِيلُ عَنْ الْبَيْعِ يُجْبَرُ، وَيَأْتِي بَيَانُهُ قَرِيبًا.
قَوْلُهُ: (وَكَذَا لَوْ شُرِطَتْ إلَخْ) عِبَارَةُ الزَّيْلَعِيّ فِي شرح قَوْله: إِن بَاعَهُ الْعَدْلُ فَتَكُونُ الْوَكَالَةُ غَيْرُ الْمَشْرُوطَةِ فِي
الْعَقْدِ كَالْمَشْرُوطَةِ فِيهِ فِي حَقِّ جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْأَحْكَامِ.
قَوْلُهُ: (زَيْلَعِيٌّ) أَيْ صَرَّحَ بِالتَّصْحِيحِ الزَّيْلَعِيُّ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ: فَإِنْ حَلَّ الْأَجَلُ، وَكَذَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُلْتَقَى، وَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَقَالَ فِيهَا: وَيُؤَيِّدُهُ إطْلَاقُ الْجَوَابِ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَفِي الْأَصْلِ اه.
وَأَقَرَّهُ الشُّرَّاح.
قَوْله: (وَإِن صححها قاضيخان) أَنَّثَ الضَّمِيرَ مَعَ أَنَّهُ عَائِدٌ إلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَاتِ لِاكْتِسَابِ الْمُضَافِ التَّأْنِيثَ مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ، ثمَّ إِن نِسْبَة ذَلِك إِلَى قاضيخان عَجِيبَةٌ، وَلَعَلَّهُ سَبْقُ قَلَمٍ مِنْ الْقُهُسْتَانِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ، فَإِنَّ الَّذِي فِي الْخَانِيَّةِ هَكَذَا: وَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْبَيْعُ شَرْطًا فِي عَقْدِ الرَّهْنِ ثُمَّ سُلِّطَ الْمُرْتَهِنُ أَوْ الْعَدْلُ عَلَى الْبَيْعِ صَحَّ التَّوْكِيلُ، وَلِلرَّاهِنِ أَنْ يَفْسَخَ هَذِهِ الْوَكَالَةَ وَيَمْنَعَهُ عَنْ الْبَيْعِ، وَلَوْ مَاتَ الرَّاهِنُ تَبْطُلُ الْوَكَالَةُ وَلَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يُطَالِبَ الْعَدْلَ بِالْبَيْعِ فِي هَذَا الْوَجْهِ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ: أَنَّ الْوَكَالَةَ لَا تَبْطُلُ كَالْمَشْرُوطَةِ فِي الْعَقْدِ وَهُوَ الصَّحِيحُ اه.
وَفِي الْخَانِيَّةِ أَيْضًا: رَجُلٌ رَهَنَ شَيْئًا وَوَضَعَهُ عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ وَسُلِّطَ الْعَدْلُ عَلَى الْبَيْعِ ثُمَّ غَابَ الرَّاهِنُ فَالْعَدْلُ يُجْبَرُ عَلَى الْبَيْعِ، قِيلَ: هَذَا إذَا كَانَ الْبَيْعُ مَشْرُوطًا فِي عَقْدِ الرَّهْنِ، وَقِيلَ: بِأَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ اه بِحُرُوفِهِ.
وَكَذَا صَحَّحَ الْجَبْرَ عَلَى كُلِّ حَالٍ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْجَامِعِ الصَّغِيرِ كَمَا فِي النِّهَايَةِ، وَلم أرى مَنْ صَحَّحَ خِلَافَ هَذِهِ الرِّوَايَةِ.
وَفِي الْمِعْرَاجِ: وَقَالَ شيخ الاسلام وفخر الاسلام وقاضيخان: هَذِهِ الرِّوَايَةُ أَصَحُّ.
قَوْلُهُ: (إنَّهُ يَمْلِكُ بَيْعَ الْوَلَدِ وَالْأَرْشِ) أَيْ وَلَدِ الْمَرْهُونِ وَأَرْشِهِ فِيمَا لَو
جَنَى عَلَيْهِ أَحَدٌ فَدَفَعَ أَرْشَ الْجِنَايَةِ عُرُوضًا مَثَلًا فَلِلْوَكِيلِ هُنَا بَيْعُ ذَلِكَ لِمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ فِي فَصْلِ الْمُتَفَرِّقَاتِ: أَيْ نَمَاءِ الرَّهْنِ لِلرَّاهِنِ وَأَنَّهُ رَهْنٌ مَعَ الْأَصْلِ، وَالْوَكِيلُ الْمُفْرِدُ لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (كَانَ لَهُ أَنْ يَصْرِفَهُ إلَى جِنْسِهِ) لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ وَجَعْلِ الثَّمَنِ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ مِنْ ضَرُورَاتِهِ، بِخِلَافِ الْوَكِيلِ الْمُفْرِدِ فَإِنَّهُ كَمَا بَاعَ انْتَهَتْ وَكَالَتُهُ.
إتْقَانِيٌّ.
قَوْلُهُ: (إذَا كَانَ) أَيْ الْمَرْهُونُ.
قَوْله: (فَدفع) أَي العَبْد الْقَاتِلُ.
قَوْلُهُ: (كَانَ لَهُ بَيْعُهُ) لِأَنَّهُ صَارَ هُوَ الرَّهْنُ لِقِيَامِهِ.
قَوْلُهُ: (وَلَهُ بَيْعُهُ) أَيْ للْوَكِيل الْمَذْكُور سَوَاء كَانَ الْمُرْتَهن أَوْ الْعَدْلِ أَوْ غَيْرِهِمَا بَيْعُ الرَّهْنِ بِغَيْبَةِ الْوَرَثَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْعَزِلْ بِمَوْتِ الرَّاهِنِ كَمَا مَرَّ.
قَالَ ط: وَكَذَا بِغَيْبَةِ وَرَثَةِ الْمُرْتَهِنِ اه: أَيْ لَوْ كَانَ الْوَكِيلُ غَيْرَهُ.
بَقِيَ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ وَكِيلٌ بِالْبَيْعِ وَمَاتَ الرَّاهِنُ وَسَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ آخِرَ الْبَابِ الْآتِي.
قَوْلُهُ: (وَتَبْطُلُ الْوَكَالَةُ بِمَوْتِ الْوَكِيلِ) يَعْنِي وَالرَّهْنُ بَاقٍ، لِأَنَّ
الرَّهْنَ لَوْ كَانَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَمَاتَ لَمْ يَبْطُلْ الْعَقْدُ بِهِ فَلَأَنْ لَا يبطل بِمَوْت العَبْد أَوْلَى، عِنَايَةٌ.
وَلَمْ يَذْكُرْ مَا يَفْعَلُ بِهِ بَعْدَ مَوْتِ الْعَدْلِ وَبُطْلَانِ وَكَالَتِهِ.
وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَالظَّهِيرِيَّةِ وَغَيْرِهِمَا: وَلَوْ مَاتَ الْعَدْلُ يُوضَعُ عَلَى يَد عدل آخَرَ عَنْ تَرَاضٍ، فَإِنْ اخْتَلَفَا وَضَعَهُ الْقَاضِي عَلَى يَدِ عَدْلٍ آخَرَ، وَلَيْسَ لِلْعَدْلِ الثَّانِي أَنْ يَبِيعَ الرَّهْنَ وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ مُسَلَّطًا عَلَى الْبَيْعِ إلَّا أَنْ يَمُوتَ الرَّاهِنُ لِأَنَّ الْقَاضِيَ يَتَوَلَّى قَضَاءَ دُيُونِهِ اه.
قَوْلُهُ: (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ أَكَانَ مُرْتَهِنًا أَوْ عَدْلًا أَوْ غَيْرَهُمَا، وَلَا يَقُومُ وَارِثُهُ وَلَا وَصِيُّهُ مَقَامَهُ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ لَا يَجْرِي فِيهَا الْإِرْثُ وَلِأَنَّ المموكل رَضِي بِرَأْيهِ لَا أرى غَيْرِهِ.
دُرَرٌ.
قَوْلُهُ: (وَعَنْ الثَّانِي إلَخْ) لَوْ أَخَّرَهُ بَعْدَ قَوْلِهِ: وَلَوْ أَوْصَى إلَى آخَرَ بِبَيْعِهِ لَمْ يَصِحَّ لَكَانَ أَنْسَبَ ط.
قَوْلُهُ: (لَكِنَّهُ خِلَافُ جَوَابِ الْأَصْلِ) كَذَا ذَكَرَهُ الْقُهُسْتَانِيِّ.
وَالْمُرَادُ بِالْأَصْلِ مَبْسُوطُ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْإِمَامَ مُحَمَّدًا ذَكَرَ فِي أَصْلِهِ جَوَابَ أَبِي يُوسُف كقولهما د.
قَوْلُهُ: (إلَّا إذَا كَانَ مَشْرُوطًا لَهُ) بِأَنْ قَالَ لَهُ فِي أَصْلِ الْوَكَالَةِ وَكَّلْتُكَ بِبَيْعِهِ وأجزت لَك مَا صنعت بِهِ من شئ فَحِينَئِذٍ لِوَصِيِّهِ بَيْعُهُ، وَلَا يَجُوزُ لِوَصِيِّهِ أَنْ يُوصِيَ بِهِ إلَى ثَالِثٍ.
إتْقَانِيٌّ.
فَرْعٌ: وَكَّلَ الْعَدْلُ وَكِيلًا فَبَاعَهُ، إنْ بِحَضْرَةِ الْعَدْلِ جَازَ، وَإِلَّا فَلَا إلَّا أَنْ يُجِيزَهُ، وَلَوْ بَاعَ الْعَدْلُ بَعْضَ الرَّهْنِ بَطَلَ فِي الْبَاقِي.
هِنْدِيَّةٌ: أَيْ فَسَدَ لِلشُّيُوعِ الطَّارِئِ.
قَوْلُهُ: (وَلَا يَمْلِكُ إلَخْ) أَيْ بَعْدَ مَوْتِ الْعَدْلِ كَمَا رَأَيْتَهُ بِخَطِّ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ وَهُوَ مُقْتَضَى السِّيَاقِ لَكِنَّهُ لَيْسَ لِلِاحْتِرَازِ.
قَوْلُهُ: (فَإِنْ حَلَّ الْأَجَلُ إلَخْ) تَقَدَّمَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ قَرِيبًا.
قَوْلُهُ: (وَغَابَ الرَّاهِنُ) أَيْ أَوْ وَارِثُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ وَأَبَى الْوَكِيلُ أَنْ يَبِيعَهُ أُجْبِرَ بِالِاتِّفَاقِ، وَفِيهِ رَمْزٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ حَضَرَ الرَّاهِنُ لَمْ يُجْبَرْ الْوَكِيلُ بَلْ أُجْبِرَ الرَّاهِنُ، فَإِنْ أَبَى بَاعَهُ الْقَاضِي عِنْدَهُمَا وَلَمْ يُبَعْ عِنْدَهُ قُهُسْتَانِيٌّ: قَالَ الرَّمْلِيُّ: وَهَذَا فَرْعُ الْحَجْرِ عَلَى الْحُرِّ، وَتَقَدَّمَ فِي الْحَجْرِ أَنَّ قَوْلَهُمَا بِهِ يُفْتَى اه.
قُلْتُ: وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: وَقِيلَ هَذَا قَوْلُ الْكُلِّ لِتَقَدُّمِ الرِّضَا مِنْهُ عَلَى الْبَيْعِ وَهُوَ الصَّحِيحُ.
قَوْلُهُ: (أُجْبِرَ) لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ بِهِ.
قَوْلُهُ: (كَمَا هُوَ الْحُكْمُ فِي الْوَكِيلِ بِالْخُصُومَةِ) يَعْنِي بِطَلَبِ الْمُدَّعِي.
قَالَ الْأَتْقَانِيّ: الْمُدَّعِي إذَا طَالَبَ عِنْدَ الْقَاضِي بِوَكِيلٍ فَنَصَبَ لَهُ وَكِيلًا لَمْ يَجُزْ لِلْمُوَكِّلِ عَزْلُهُ، لِأَنَّ حَقَّ
الْخَصْمِ تَعَلَّقَ بِهَذِهِ الْوَكَالَةِ حِينَ ثَبَتَتْ بِمُطَالَبَتِهِ، وَلَوْ كَانَ وَكَّلَهُ ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ مُطَالَبَةٍ جَازَ عَزْلُهُ.
قَوْلُهُ: (بِأَنْ يَحْبِسَهُ) تَصْوِيرٌ لِقَوْلِهِ: أُجْبِرَ الْوَكِيلُ.
وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: وَكَيْفِيَّةُ الْإِجْبَارِ بِأَنْ يَحْبِسَهُ.
قَوْلُهُ: (فَإِنَّ لَجَّ) بِالْجِيمِ.
قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: لَجَّ فِي الْأَمْرِ لَجَجًا مِنْ بَابِ تَعِبَ ولجاجا فَهُوَ لجاجة ولجوجة مُبَالغَة: إِذا لَازم الشئ وَوَاظَبَهُ وَمِنْ بَابِ ضَرَبَ اه ط.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ بَاعَهُ الْعَدْلُ) أَيْ الْمُسَلِّطُ عَلَى بَيْعِهِ فِي عقد الرَّهْن أَو بعده.
الْبَزَّازِيَّة بَزَّازِيَّةٌ.
قَوْلُهُ: (فَالثَّمَنُ رَهْنٌ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ لِقِيَامِهِ مَقَامَ مَا كَانَ مَقْبُوضًا.
هِدَايَةٌ.
فَلَوْ هَلَكَ فِي يَدِ الْعَدْلِ سَقَطَ الدَّيْنُ، كَمَا إذَا هَلَكَ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ، وَكَذَا إذَا هَلَكَ الثَّمَنُ بِالتَّوَى عَلَى الْمُشْتَرِي فَالْتَوَى عَلَى الْمُرْتَهِنِ وَيَسْقُطُ الدَّيْنُ، وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ قِيمَةُ الرَّهْنِ وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ الثَّمَنُ.
بَزَّازِيَّةٌ.
وَلَا يُقَالُ: كَيْفَ يَكُونُ مَضْمُونًا وَلَمْ يَقْبِضْهُ لِأَنَّهُ ثَبَتَ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي بِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ فَكَأَنَّهُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ أَوْ فِي يَدِ الْبَائِعِ.
إتْقَانِيٌّ.
وَإِذَا أَقَرَّ الْعَدْلُ أَنَّهُ قَبَضَ الثَّمَنَ وَسَلَّمَهُ إلَى الْمُرْتَهِنِ وَأَنْكَرَ الْمُرْتَهِنُ فَالْقَوْلُ لِلْعَدْلِ لِأَنَّهُ أَمِين وَبَطل دين الْمُرْتَهن.
ولواجية وَجَوْهَرَةٌ.
قَوْلُهُ: (وَضُمِنَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ لَا لِلْفَاعِلِ كَمَا ظُنَّ، وَنَائِبُ الْفَاعِلِ ضَمِيرُ الرَّهْنِ: أَيْ طَلَبَ ضَمَانَهُ وَالطَّالِبُ هُوَ الْمُسْتَحِقُّ، وَإِنَّمَا أَتَى بِهَذَا الْفِعْلِ لِيَكُونَ مَا بَعْدَهُ تَفْصِيلًا لِمَذْكُورٍ، فَللَّه دره مَا أَخْفَى دَقَائِقَهُ، فَافْهَمْ.
قَوْلُهُ: (ضَمَّنَ الْمُسْتَحِقُّ الرَّاهِنَ) أَيْ ضَمَّنَهُ قِيمَةَ الرَّهْنِ فَالْمَفْعُولُ الثَّانِي مَحْذُوفٌ، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ غَاصِبٌ) حَيْثُ أَخَذَ الْعَيْنَ وَسَلَّمَهَا بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهَا ط.
قَوْله: (وَالْقَبْض) أَي قبض الْمُرْتَهن الصمن اه ح.
قَوْلُهُ: لِتَمَلُّكِهِ بِضَمَانِهِ أَيْ لِأَنَّ الرَّاهِنَ مَلَكَهُ بِأَدَاءِ الضَّمَانِ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِبَيْعِ مِلْكِ نَفْسِهِ.
هِدَايَةٌ.
قَوْلُهُ: (لِتَعَدِّيهِ بِالْبَيْعِ) يَعْنِي مَعَ التَّسْلِيمِ وَكَانَ يَنْبَغِي ذِكْرُهُ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ.
قَوْلُهُ: (يُضَمِّنُ الرَّاهِنَ) أَيْ الْقِيمَةَ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ مِنْ جِهَتِهِ عَامِلٌ لَهُ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا لَحِقَهُ مِنْ الْعُهْدَةِ.
هِدَايَةٌ.
قَوْلُهُ: (وَصَحَّا أَيْضًا) أَيْ الْبَيْعُ وَالْقَبْضُ إنْ نَفَذَ الْبَيْعُ، لِأَنَّ الرَّاهِنَ لَمَّا كَانَ قَرَارُ الضَّمَانِ مَلَكَهُ كَمَا مَرَّ وَصَحَّ قَبْضُ الْمُرْتَهِنِ الثَّمَنَ فَلَا يرجع بشئ مِنْ دَيْنِهِ عَلَى الرَّاهِنِ كَمَا فِي الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهَا، وَقَوْلُ الْمِنَحِ كَالدُّرَرِ عَلَى الْعَدْلِ سَبْقُ قَلَمٍ.
قَوْلُهُ: (أَوْ ضَمَّنَ) الْأَوْلَى يُضَمِّنُ، لِأَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى يُضَمَّنُ الَّذِي قَبْلَهُ وَالْفَاعِلُ فِيهِمَا ضَمِيرُ الْعَدْلِ.
قَوْلُهُ: (الَّذِي أَدَّاهُ إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْمُرْتَهِنِ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ بِالِاسْتِحْقَاقِ أَنَّهُ أَخَذَ الثَّمَنَ بِغَيْرِ حَقٍّ، لِأَنَّ الْعَدْلَ مَلَكَهُ بِالضَّمَانِ.
دُرَرٌ.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ بَدَلُ مِلْكِهِ) فَإِنَّهُ لَمَّا أَدَّى ضَمَانَهُ اسْتَقَرَّ مِلْكُهُ فِيهِ وَلَمْ يُضَمِّنْ الْعَدْلَ الرَّاهِنُ حَتَّى يَنْتَقِلَ إلَى
الرَّاهِنِ.
بَقِي هُنَا شئ، وَهُوَ أَنَّ الْمُسْتَحِقَّ إذَا ضَمَّنَ الْعَدْلَ الْقِيمَةَ فَقَدْ تَكُونُ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي أَخَذَهُ الْعَدْلُ مِنْ الْمُرْتَهِنِ فَمَنْ يَضْمَنُ تِلْكَ الزِّيَادَةَ؟ وَرَأَيْتُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ ذَكَرَ بَحْثًا أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَرْجِعَ بِالزِّيَادَةِ عَلَى الرَّاهِنِ اه.
وَذَكَرَ الشُّرُنْبُلَالِيُّ بَحْثًا آخَرَ، وَهُوَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَذْكُرْ رُجُوعَ الْمُشْتَرِي فِي هَذَا الشِّقِّ.
بَلْ سَيذكرُهُ فِيمَا لَو كَانَ الرَّاهِن قَائِمًا، فَيَنْبَغِي أَنَّهُ إنْ سَلَّمَ الثَّمَنَ إلَى الْمُرْتَهِنِ أَنْ يَرْجِعَ بِهِ عَلَيْهِ أَوْ إلَى الْعَدْلِ يَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهِ، ثُمَّ الْعَدْلُ يَرْجِعُ على الْمُرْتَهن، صم الْمُرْتَهِنُ يَرْجِعُ بِدَيْنِهِ عَلَى الرَّاهِنِ إلَخْ مَا ذَكَرَهُ.
وَأَقُولُ: لَمْ يَظْهَرْ لِي وَجْهُ صِحَّتِهِ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَمْ يَغْرَمْ شَيْئًا فَكَيْفَ يَرْجِعُ بِثَمَنِ مَا هَلَكَ فِي يَدِهِ؟ نَعَمْ لَوْ ذَكَرُوا أَنَّ الْمُسْتَحِقَّ يَرْجِعُ بِالْقِيمَةِ عَلَى الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ غَاصِبٌ أَيْضًا بِالْقَبْضِ وَقَدْ هَلَكَ الْمَغْصُوبُ فِي يَدِهِ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ الَّذِي أَدَّاهُ إلَى الْعَدْلِ أَوْ الْمُرْتَهِنِ وَيَرْجِعُ الْمُرْتَهِنُ بِهِ عَلَى الْعَدْلِ وَالْعَدْلُ عَلَى الرَّاهِنِ، وَلْيُنْظَرْ مَا وَجْهُ عَدَمِ ذَكَرِهِمْ ذَلِكَ بَلْ اقْتَصَرُوا عَلَى رُجُوعِ الْمُسْتَحِقِّ عَلَى الرَّاهِنِ أَوْ الْعَدْلِ مَعَ أَنَّهُ يَنْبَغِي ذِكْرُهُ أَيْضًا.
ثُمَّ رَأَيْتُ فِي الْحَوَاشِي السَّعْدِيَّةِ قَالَ مَا نضه: وَالظَّاهِرُ أَنْ يَكُونَ لِلْمُسْتَحِقِّ خِيَارُ تَضْمِينِ الْمُشْتَرِي أَيْضًا لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ بِالْأَخْذِ وَالتَّسْلِيمِ لَكِنْ لَمْ يَذْكُرْ اه.
قَوْلُهُ: (وَرَجَعَ هُوَ عَلَى الْعَدْلِ بِثَمَنِهِ) يَعْنِي فِيمَا إذَا سَلَّمَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ بِنَفسِهِ إلَى الْعَدْلِ، وَلَوْ أَنَّهُ سَلَّمَهُ إلَى الْمُرْتَهِنِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْعَدْلِ بِهِ لِأَنَّ الْعَدْلَ فِي الْبَيْعِ عَامِلٌ لِلرَّاهِنِ، وَإِنَّمَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ إذَا قَبَضَ وَلَمْ يَقْبِضْ مِنْهُ شَيْئًا فَبَقِيَ ضَمَانُ الثَّمَنِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ وَالدَّيْنُ عَلَى الرَّاهِنِ.
شُرُنْبُلَالِيٌّ عَنْ الزَّيْلَعِيِّ.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ الْعَاقِدُ) فَتَتَعَلَّقُ بِهِ حُقُوقُ الْعَقْدِ، دُرَرٌ.
قَوْلُهُ: (ثُمَّ هُوَ عَلَى الرَّاهِنِ) لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَدْخَلَهُ فِي الْعُهْدَةِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ تَخْلِيصُهُ.
هِدَايَةٌ.
قَوْلُهُ: (بِهِ) أَيْ بِثَمَنِهِ.
وَقَعَ فِي الْهِدَايَةِ وَتَبِعَهُ الزَّيْلَعِيُّ التَّعْبِيرُ بِالْقِيمَةِ، وَذَكَرَ الشَّارِحُونَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا الثَّمَنُ.
قَوْلُهُ: (صَحَّ الْقَبْضُ) أَيْ قَبْضُ الْمُرْتَهِنِ الثَّمَنَ.
قَوْلُهُ: (وَسَلَّمَ الثَّمَنَ لِلْمُرْتَهِنِ) ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ تَعْلِيلًا وَهُوَ الْأَحْسَنُ.
قَوْلُهُ: (أَوْ رَجَعَ الْعَدْلُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ بِثَمَنِهِ) لِأَنَّهُ إذَا انْتَقَضَ الْعَقْدُ بَطَلَ الثَّمَنُ وَقَدْ قَبَضَهُ ثَمَنًا فَيَجِبُ نَقْضُ قَبْضِهِ ضَرُورَةً.
هِدَايَةٌ.
قَوْلُهُ: (ثُمَّ رَجَعَ إلَخْ) لِأَنَّهُ لَمَّا انْتَقَضَ قَبْضُهُ عَادَ حَقُّهُ فِي الدَّيْنِ كَمَا كَانَ.
قَوْلُهُ:
(أَيْ بِدَيْنِهِ) كَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ التَّصْرِيحُ بِهِ لِئَلَّا يَعُودَ الضَّمِيرُ عَلَى غَيْرِ مَذْكُورٍ فِي كَلَامِهِ مَعَ الْإِيهَامِ.
أَفَادَهُ ط.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ شُرِطَتْ الْوَكَالَةُ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ التَّفْصِيلَ الْمَارَّ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا شُرِطَتْ فِي الْعَقْدِ لِأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِهَا حَقُّ الْمُرْتَهِنِ، بِخِلَافِ الْمَشْرُوطَةِ بَعْدَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا حَقُّهُ فَلَا يَرْجِعُ الْعَدْلُ عَلَيْهِ.
قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: وَهَذَا يُؤَيِّدُ قَوْلَ مَنْ لَا يَرَى جَبْرَ هَذَا الْوَكِيلِ عَلَى الْبَيْعِ، وَقَالَ السَّرَخْسِيُّ: هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ.
إلَّا أَنَّ فَخْرَ الْإِسْلَامِ وَشَيْخَ الْإِسْلَامِ قَالَا: الْأَصَحُّ جَبْرُهُ لِإِطْلَاقِ مُحَمَّدٍ فِي الْجَامِعِ وَالْأَصْلِ فَتَكُونُ الْوَكَالَةُ عير الْمَشْرُوطَةِ فِي الْعَقْدِ كَالْمَشْرُوطَةِ فِيهِ فِي حَقِّ جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْأَحْكَامِ هُنَاكَ اه مُلَخَّصًا.
قَوْلُهُ: (فَقَطْ) أَيْ لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ على الْمُرْتَهن.
قَوْله: (أَولا) بِأَنْ ضَاعَ الثَّمَنُ فِي يَدِ الْعَدْلِ بِلَا تَعَدِّيه.
دُرَرٌ.
قَوْلُهُ: (وَضَمِنَ الرَّاهِنُ) بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّ الْفِعْلَ مِنْ الثُّلَاثِيِّ الْمُجَرَّدِ، أَوْ بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ مِنْ الْمَزِيدِ، وَالْفَاعِلُ ضَمِيرُ الْمُسْتَحِقِّ الْمَعْلُومِ مِنْ الْمَقَامِ، وَكَذَا مَا بَعْدَهُ.