الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ياصْفُوْق عنْدي للسّيَافَا جمَالَهْمَا انْسَاهْ كُوْدَ انْسَى النُجُوْمَ الزُّوَاهيْرْ
أَجيْك " بَالَوْيْلَانْ " نَقْوَة رْجَالَهْ
…
كتْعَ الجموع مَهَدِّميْنَ الطُّوَابيْرْ
بالْكَف مَصْقُولٍ يِزِيْد اشْتعالهْ
…
يُوْدعْ شَظَى رُوسَ الَمْعَادي شَعَاثيْرْ
وقال دخيل بن ناعم من قبايل الصايح، يهدد صفوق الجرباء:
لَوْ جيْت ابُو فَرحانْ قلْ لهْ: عبرنا
…
جَزَّاعْة مَا ندْعِىَ الْخَشْمِ يِنْدَاسْ
ولَوْ تَرْكَبَ " اْلأرْوَام " كلَّهْ بَاثَرْنَالا بدّ لَنَا يا صْفُوْق منْ رَفْعَةَ الرَّاسْ
وْحنَّا عَلَى حْرابةْ جْدُوْدكْ صَبَرْنَا
…
مَا هي منَكْ وْجَايْ يَا ذيْبَ الَامْرَاسْ
قَبْلَ " الجِزْيرة " يوم " نَجْدٍ " دْيَرْنَا
…
وَامْوَاتَنَا فيْهَا تْطَارِدْعَ الافْرَاسْ
يَا صْفُوْق واللهْ مَا نْخَلِّىْ سكَرْنَاكُود " الجِزْيرة " خالْيَةْ مَا بِهَا اوْنَاسْ
كَانَ الَمْحَزَّمْ شبرْ حنَّا ذَرَعْنَا
…
رَمْيَ الَمْدَرِّعْ منْ قَديْم لَنَا سَاسْ
وقال الدكتور شفيق الكمَالي: يروى عن الشيخ صفوق الفارس الجرباء وقد عاش في بداية القرن الثالث عشر للهجرة - أحد مشايخ قبيلة شمر - أنه كان في مجلس من مجالس بغداد، فدخل الَمْجلس رجل احتفى به الجميع، ونال احترامهم فسأل عنه، فقيل له إنه الشيخ فلان. قال: هو شيخ أي قبيلة؟ فقيل له: إنه ليس بشيخ قبيلة وإنمَا شيخ الطريقة النقشبندية، وهي طريقة دينية. فكان جوابه: الدين مَا به نقوش، أي ليس في الدين نقوش أو زخارف. وقال ردهان أبو عنقا في رثاء الشيخ صفوق:
مِنْ غِبْتْ عَنا يَا ابْنَ آخي سِبيْلَهْغَابَ السَّعْدَ عَنْ نَزْلَنَا والنَّوَامِيْسْ
وْنَرْتَع رتِيْعَ الصَّيْد وَنَجْفِلْ جفِيْلَهْوْصِرْنَا مِثِلْ فِرْزَ الامَاعِزْ بَلا تَيْسْ
فرحان بن صفوق الجرباء
قال أبو عبد الرحمن: ولعل الذي تولى الزعامة بعد صفوق ابنه فرحان باشا، ولقد رأيت له ذكراً في الشعر العامي في قول شاعر من زبيد، يتغنى بانتصار آل غُبَيْنٍ من عَنَزَةَ على فرحان الجرباء:
صَكُّوا عَلَيْكُمْ بَالسِّيُوْفَ الصّقِيْلَةْلَا مَا بَكَى حِبْسَ الَمْلَازِيْمْ " فَرْحَانْ "
وقصة هذا البيت كمَا قرأت في كراسات الشيخ منديل: أنه نزح رجل من زبيد عن فرحان الجرباء، لجرم ارتكبه، والتجأ عند الْغُبَيْنِ من عَنَزَة، وأقام عندهم مدة. ثم أصاب ديارهم محلٌ فاحتاجوا للرعي بالجزيرة، وطلبوا من الجرباء مدةً معينة للرعي فأذن لهم. ولَمْا علَمْ أن الزُّبَيْديُّ معهم أرسل من يأخذ إبله. فقام شيخ الْغُبَيْنِ وقال: من لَمْ يمر على بيت الزُّبَيْديُّ جارنا ويعوضه بناقة فليس غُبَيْنِياً! فصار كل صاحب ذود يأخذ منه مطية إلى إبل الزُّبَيْديُّ، حتى ردوا عليه مَا أُخذ منه وزيادة خمس عشرة مطية. فأقبل رجل من الْغُبَيْنِ متأخر، فقالَوْا له: اكتفى الزُّبَيْديُّ وحصل له أكثر من حقه. فقال: لست قاصراً عن جمَاعتي إن لَمْ تأخذوها له ذبحتها! ولَمْا عادوا إلى بلادهم، أغار عليهم قوم من شمر الجزيرة فانتصر الْغُبَيْنِ على الشمَامرة، فلَمْا علَمْ جارهم الزُّبَيْديُّ الذي عاد إلى الجرباء بالجزيرة بعد انتهاء جريمته قال:
يَامِزْنِةِ غَرَّا نَشَتْ منْ مِخِيْلَْ
…
منَ " الْجزيرة " غَرَّبَتْ يَمِّ " حَوْرَانْ "
تِمْطِرْ على " الْغِبْنَانْ " يَنْحَوْن سَيْلهْأَهْلَ الِّربَاعَ اللِّيْ عَلَى الْخَيْلْ فِرْسَانْ
ركْبُوا عَلَيْهِم مِقحِمْين الدبِيلة
…
أَرْخَوْا مَصَارِيعَ الاعِنَّهْ وَالأَرْسَان
صَكُّوا عَلَيْهمْ بَالسيُوْفَ الِّصقِيلة
…
لَا مَابَكَى حِبْسَ الَمْلازيِمْ فَرْحَان
فارس وعبد الكريم الجرباء
ولست أَدري من تولى بعد فرحان إلا أَن هناك اثنين تَولَّيا بالتتابع بعد فرحان، وهمَا من أَحفاد فارس بن محمد بلا ريب: أَحدهمَا: فارس الجرباء الذي ذكرت الليدي آن بلنت في رحلتها أَنه شيخ الجزيرة في عهد محمد العبد الله الرشيد.
وثانيهمَا: عبد الكريم الجرباء وأَخوه مُطلق، ولست أَدري أَيهمَا كان الشيخ إلا أَنهمَا معاصران لطلال بن عبد الله الرشيد، وعبد الله الفيصل فهمَا أَقدم من معاصر محمد العبد الله الرشيد. وعبد الكريم له شهرة كبيرة عند أَل نجد، ولَمْ أَجدْ له هذه الشهرة عند مؤرخي العراق. قال أَبو عبد الرحمن: وربمَا ترجَّح أَن عبد الكريم ومطلق ابنان لفرحان بن صفوق، وأَن عبد الكريم تولى بعد فرحان مباشرةً ثم بعده فارس. وصفوق معاصرُ لعبد الله الرَّشيد، وله علاقة في مساعداته له أَيام محنته مع آل علي، وربمَا كانت بينهمَا مصاهرة.
فقد أَملى عليَّ الشيخ منديل هذين البيتين لعبد الله بن علي ابن رَشيِد يخاطب أَخاه عُبَيْدًا بعد أَن رجعا من العراق وزوجا أُختهمَا من الجرباء. قال عبد الله:
يَاعْبَيْدْ مَا بَاقٍ لَنَا كُوْدْ حاجَةْ وْهِي حَاجْةٍ لَا هِيْبْ تِشْتَرى ولاتْبَاعْ
ويَاعْبَيدْ تَرَى بَعْضَ الَمْعَانْي سَمَاجَةْ
…
والله إِلىَ مِنِّهْ نَوَى ضَايْع ضَاعْ
ومن أَخبار عبد الكريم الجرباء هذه القصة التي نسبها الشيخ ابن خميس إِلى أَحد مشايخ آل الجرباء. قال ابن خميس عن عبد العزيز بن عيد " الْعِزِّي " راعي الْبَرَّة: إِنه قال هذه الأبيات يمدح أحد الَمْشايخ من آل الجرباء.
يَا الزِّيْرْ يَاالزَّحَّارْ يَاالنِّمْر يَاالذِّيْبْ يَاالَّيْثْ يَااللَاّيُوْثَ يا الشبل يَا الدَّابْ
نَطَّاح طَابُوْرَ الْعَسَاكِرْ إلىَ هِيْبْبَالسَّيْفْ لِرْقَابَ الَمْنَاعِيْرِ قَصَّابْ
عَيْبِهْ إلىَ منْ قَالَوْا النَّاسْ بِهْ عَيْبْلَلْسَّمْنْ فَوْقِ مْفَطَّحَ الْحِيْل صَبَّابْ
قال ابن خميس: ويقال إنه لَمْا أمعن في إيراد هذه الألفاظ الجزلة بهذا الأسلَوْب الشعري القوي، وكان الجرباء متمنطقاً بمنطقة ذهبية وبها خنجر ثمينة شعر الَمْمدوح بالزهو والإعجاب، وتعاظم حتى لَمْ تقو هذه الَمْنطقة على تحمله، فانبترت، وكانت أوُلى هبات الشاعر! قال أبو عبد الرحمن: وتابع ابن خميس على هذا العزو نقلاً عنه كُلًّ من الحُقَيْل وصاحب " الأزهار " والكمَالي. والصواب مَا نشره الشيخ منديل، وحدثني به إبراهيم أن الأبيات لخضير الصعيليك من قصيدة يمدح بها عبد الكريم الجرباء مطلعها:
يا شَيْخَ انَا جيْتِكْ على الْفُطَّرَ الشَّيْبْقَزَانْ منْ دَارَ الَمْحبِّيْنَ دَبَّابْ
قال منديل: وقيل: إنه يوم سمعها أعطاه جائزة خمسة عشر بعيراً بحمولتها من الأرزاق. قال أبو عبد الرحمن: وها هو نص القصيدة كاملة كمَا رواها الشيخ منديل. قال خضير الصعيليك:
يا شَيْخَ انَا جيْتِكْ على الْفُطَّرَ الشَّيْبْقَزَانْ منْ دَارَ الَمْحبِّيْنَ دَبَّابْ
دَبَا علي ودَبِّ منّي بْتَقْريْبْ
…
قلَّ الَمْوَاشِي يا ذَرَا كِلِّ منْ هَابْ
من دَارْنا جيْنَا لْدَاركْ مَغَاريْبْ
…
يَمُّوْمْ نَجم لا تَغَيَّرْ وَلَا غَابْ
متْخَيُركْ يَا مَنْقَعَ الْجُوْدِ والطِّيْبْ
…
لَا خَيَّبَ اللهْ لَلاجَاويْدِ طَلَاّبْ
سَلَامْ مِنْ قَلْبٍ مْحِبِّ بَلَا رَيْبْ
…
لِهْ يسْتَتَابَ الشَّابّ وْيشِبِّ مِنْ شَابْ
يَا الْجَوْهَرَ النَّاريْزْ يَا الَمْعَطَّرَ الطِّيْبْيَا الصَّعْل يَا الصَّهَّالْ يَا حْصَانَ الاطْلَابْ
يَا الزِّيْرْ يَاالزَّحَّارْ يَاالنِّمْر يَاالذِّيْبْ يَاالَّيْثْ يَااللَاّيُوْثَ يا الشبل يَا الدَّابْ
يَا الضَّارْيَ الضِّرْغَام عَطْبَ الَمْضَاريْبْيَا الْفِرْزْ يَا مَفْرَاصْ ضِدِّهْ والاجْنَابْ
يَا النَّادْرَ الْهَيْلَعْ عْقَابِ الَمْرَاقِيْبْيَا نَافْلٍ جيْلِهْ بْعِيْدِيْنْ وَاقْرَابْ
نَطَّاحْ طَابُوْرَ الْعَسَاكِرْ إِلى هِيْبْسِتْرَ الْعَذَارىَ لاغَشَاَ الزَّمْل ضِبْضَابْ
عَيْبِك الَىِ ثَارَ الَّدخَنْ كِنِّهَ السِّيْبْبَالسَّيْفِ لِرْقَابَ الَمْنَاعِيْر ِقَصَّابْ
وَعَيْبِك إلَى مِنْ قَالَوْا النَّاسْ بِكْ عَيْبْللسَّمْنِ فَوْق مْفَطَّحَ الْحِيْلِ صَبَّابْ
وْذَبْحَ الْغَنَمْ والْكُوْمْ حِرْشَ الْعَرَاقِيْبْوْاعْطَا الَمْهَار، وبَذْلٍ مَالٍ بْلَا حْسَابْ
وَبَكْ شَارة كَبَّ الْفْرَادَ الَمْحَانِيْبْوبَذلْلَ الطَّعَام وللَتَّنَافِيْلِ كَسَّابْ
ونَمْرا تِجِرَّهْ للَعْدَا والَاجَانِيْبْ
…
تَفْجَا بْهَا غِرَّاتِ ضِدِّك بَالاسْبَابْ
ومِنْ عقْبِ ذَا بَالْعَوْن مَابِكْ عَذَاريْبْأَحْلَا مْنَ السّكَّرْ عَلَى كَبْدِ شَرَّاب
اجيْناك فَوْقَ الْهِجن شِيْبَ الَمْحَاقِيْبْلَمْشَاهَدَكْ يَاشَوْ وَضَّاحَ الانْيَابْ
الْحُرّ يَضْرِب بَالكفوفَ الَمْعَاطِيْبْوالتِّبعْ قّنَّاصَهْ مْنَ الصَّيْدِ مَا جَابْ
وانْتَ الَّذِي تافي بْكِلَّ الَمْوَاجِيْبْكنِّك " هْدَيْبَ الشَّامْ " بَالحِمِلْ عَتَّابْ
تَثْني لِبُو " صلفيق " مَابِهْ تكاذِيْبْ
…
شيْخ الصَّخا مِعْطي طوِيْلات الَارْقَابْ
يَا مَا عَطَيْتَ اللِّيْ يِجُوْنِكْ طَلالَيْبْكَمْ وَاحِدٍ جَالِكْ مْنَ الَوْقْتِ منْصَابْ
وْفَرَّجْتْ هَمِّهْ في كْبَارَ الَمْوَاهِيْبْمنْ عيْلَمْ يَزْمِي كمَا يَزْمِي " الزَّابْ "
عَزَّ الله انِّكْ طَيِّبْ وْتفْعَلَ الطِّيْبْوالطِّيْبْ يِجْنَا مِنْكْ يَازَاكي الَانْسَابْ
وْلَاهُو كِثِيْر يَا مْهَدِّي الَاصَاعِيبْ
…
أَفعالكُم يِعِدَّهَ اللِّيْ بَالَاصلَابْ
وذكر الأمير السُّديري أن عبد الكريم يلقب عند شمر وعنزة بسكران الَمْجانين، وأورد قصيدة لَمْحدا الهبداني، يمدح بها عبد الكريم، وهو يطلب الجوار عنده وقد أجاره عبد الكريم وجلس عنده. ومن هذه القصيدة قوله:
سَمُّوا وطِيْعُني عَلَى الزَّمْل ونْشِيْلْ
…
لْعَبْدَ الكريم اللِّيْ تْذَكَّرَ فْعَالِه
للِشَّيخ نَطَّاحَ الَوْجِيهَ الَمْقَابِيل
…
ومن صَكِّتِه غُبْر الليَّالي عَنَا لِهْ
ووجدت في كتاب روزل عن الرولة ممَا زودني به مترجمَا الأُستاذ ناصر الْعُلَيِوي هذه الأحدية لأحد الشعراء يتهدد عبد الكريم الجرباء:
لِعْيُوْنِ شِقْحٍ دَوَّحَتْ
…
نَسْمَعْ بَهَا دَنَّ الْجَرَسْ
أَمَا رَمَيْتْ لْعَبْدَ الْكَرِيْم
…
يِحْرَمْ عَلَيْ رِكْبَ الْفَرَسْ
قال أبو عبد الرحمن: حدثني محمد بن يحيان رحمه الله في حدود عام 1376هـ - عن منافرة جرت بين عبد الكريم الجرباء وأخيه مطلق، فهاب الناس الَمْفاضلة بينهمَا، وهكذا فعلت والدتهمَا إلا أنها ذكرت أن مطلقاً وهو رضيع يمسك بالحلَمْة ولا يلتفت لَمْناغاة أُمه له، أمَا عبد الكريم فيطلق الثدي ويلهو ببشاشة أُمه ويضحك لها، ففهم الناس من ذلك أنها ميزت عبد الكريم بالكرم. ولفرط كرم عبد الكريم يلقبونه " أبو خوذة " كمَا سيأتي بيانه في قصيدة فجحان الفراوي. ونقلت من كراسة الشيخ منديل هذه الأبيات للشاعر ردهان أبن عنقا الشمري، يمدح عبد الكرم الجرباء، لَمْا كساه فروته وهو لا يعرفه، لأنه وجده غريباً في ليلة شاتية. قال ردهان:
الْبَارْحَة مَا هِي منَ البَارْحَاتِ
…
مِنْ نَافْخٍ يَنْفَخْ وَرَا الْبَيْتِ وِيْزِيْرْ
تصْبْحْ بَهَا الْخَلْفَاتْ والَمِسمَنَاتِ
…
كِنِّكْ تِحِشِّ ظْهُورَهَا بالَمَنَاشِيْرْ
تصبحْ خَوَاوِيْرَ النَّضَا جَاثِيَاتِ
…
قَامَتْ تَصُبّ خْشُوْم عُوْجَ الْخَوَاوِيْرْ
ولَوْلا " أبو مدبغ " كَانْ هذَا مَمَاتي
…
في لَيلَة مَا يِلِّقِي لي خَفَافِيْر
عَطية مَاهِي مْنَ الْبَيَّنَات
…
" فَرْوَة " وكِنَّةْ سَايقٍ لي مَغَاتِيْرْ
أَبُوْهْ مِثلِهِ يِعطِيَ الْمِسْمَيَات
…
قُبَّ الْحَوَافِرْ نَاسْعَاتَ الَمَسَامِيْرْ
وذكر الشيخ منديل أن خال عبد الكريم هو ابن سبيلة من آل شُريم من عَبْدَةَ. فبنات ابن سبيلة أربع أم الشيخ عبد الكريم، وأم العجل من شيوخ عَبْدَةَ، جده عقاب بن عجل، خال عبد العزيز ابن متعب آل رشيد، وأُم الُّريم شيوخ عَبْدَةَ، وأُم آل فهيد أَهل الأسياح الَمْعروفة بِمُطَيْرَة.
وقال ردهان أبو عنقا يخاطب الشيخ عبد الكريم:
يَارَاكْبِينٍ مُوْمْيَاتَ السِّفَايِفْ
…
حُمْرٍ وهِنْ مِنْ حَدْر يكْسَنْ تِقِلْ خَامْ
مَتَّيَات عِقْبِ مَاهِنْ عَسَايفْ
…
رَعَنّ عْظَامَ الربْع عام باثَرْ عَامْ
يِبْدِنْ كَلَام منْ دْمَاغِي طَرَايِفْ
…
من رَاس عَوْد صَايْيبِهْ غِشّ وِهْيامْ
يلْفِنْ علَى عَبْد الكريم " ابو نَايِفْ "
…
يَاعَلِّ عِزِّهْ دَايْم دبَّ الايَّامْ
يَا شَيْخْ يَا اللِّيْ لَلَمْحَزَّمْ خَلَايِفْيَا شِبْهِ زِمْلَوْقَ الثّريَّا إلى زَامْ
يَالَوْلَبَ الحُكَّامْ وَافي الْكَلَايِفْلَوْلَا عَلَيْكِ مْنَ الَمْثَالَمْ مِثْلَامْ
أَصْغَيْت رَاسِكْ يَمِّ رَاعِي غَرَايِفْ
…
لاقَاعْدٍ عِزِّكِ بْرَاسهْ وَلَاقَامْ
حَطَّاطِ غِلٍّ بَالْقْلَوْبَ النَّظايِفْ
…
عَجل عَلَى نَقْلَ الَمْشَالِيْتْ مِيْلَامْ
الزَّمِلْ غَرَّبْ منكم الْيَوْم خَايفْوِشْ عِلَمْكُمْ يَا مْدَ لِّهَةْ كِلِّ مِرْزَامْ؟
ثَلَاثِ جموعٍ عَايْزَاتَ الَوْصَايف
…
متْنَحِّريْن دَار " جَدْعَان " و " ودْهَامْ "
امكنْ تَرَاهَا مَا تْفِيْدَ الْحَسَايفْ
…
شَيِّ يفوتَ الْيَوْم عِدِّهِ مْنَ الْعَامْ
قال أبو عبد الرحمن: هذه القصيدة ممَا نقلته من كراسات الشيخ منديل، وذكر عن مناسبتها أن الأحدب وقومه من الثابت من شمر، قتلَوْا غريمَا لهم اسمه ابن درعان، في بيت عبد الكريم الجرباء، فغضب عبد الكريم وأمرهم بالرحيل عنه. إلا أن الشاعر ردهان خشي أن يلجأَ الأحدب وقومه إلى الأعداء، ولَمْ يستطع أن يشير على عبد الكريم في الحال، فاحتالت زوجة عبد الكريم للشاعر بأن فتقت ذرا البيت من كل جانب، وعبد الكريم نائم، فلَمْا أستيقظ أمر بستر البيت وتسويته فقالت: إني كشفت البيت لأجل الأعداء. فلَمْا مهدت له الَمْناسبة قدم مشورته في القصيدة الآنفة الذكر. ووجدت في كراسات الشيخ منديل هذه الأبيات للشيخ عبد الكريم الجرباء بمناسبة طلب " البيه " مفوض الدولة لفرسه الكحيلة وإصراره بأنه سيأخذها بثمن أو غير ثمن.
قال عبد الكريم:
أَرْسَلْتْ لي يْا " بيه " خْطٍّ يُروْعِ
…
تَطْلُبْ عَذَابِ مْلَاوْيَاتَ الْفْرُوْع
أَبْغِي إلَى مَا حَضَّبَنَّ الْجُمُوْع
…
أَثْنِي عَليْهَا مَع جْمُوْعَ الطَّنَايَا
يَا " بَيْه " مَاهِي قَنبَرٍ بَالصُّحُوْنِ
…
هذي " كْحَيلَةْ " مِثْلِ عَنْزَ الْبْدُونِ
أِبِغي إِلَى جَوْا لَابْتي يِنتِخُونِ
…
في سَاعَةٍ حَامَتْ طٌيُورَ الْمَنَايَا
الْبَيْع وَاللهْ مَا نِبِيعَ " الْكْحَيْلَةْ "
…
الَا وَلَا نِصخِيْ بَهَا رُبعٍ لَيلَةْ
أَبي إلَى مَا سَنَّدوا مَعْ طِوِيْلَةْ
…
أَثِني عَلَيْهَا عِنْد تَالي الرَّذَايَا
مَا هَمني " البيه " ولَا هَم " شريف "
…
حِنَّا مْنَزِّحْةَ الْعِدا والْحَفيف
بَالغَصْبْ مَا نِعْطِي عدَالَ الرّغِيْف
…
وْعنْدَ الرضَا حِنَّا كْبَارَ الْعَطَايَا
وقال فهد الَمْارك رحمه الله: يقول الأستاذ أدهم الجندي: كنت ذات يوم في نادي الَمْرحوم مشل باشا الجرباء، في دمشق فَسُئِل الشيخ مشل عن أعظم شيء سمعه ورآه من مواقف الشجعان النادرة، فأجاب بقوله: إن أروع وأهم مشهد رآه في حياته هو شجاعة فارس من فرسان قبيلة عَنَزَة.. ويمضي الشيخ مشل في حديثه حسب رواية الراوي إلى أن قال: كنا غزاة من قبيلتنا " أي قبيلة شمر " بقيادة الَمْرحوم عبد الكريم الجرباء، قاصدين غزو قبيلة عَنَزَة، فوجدنا إبلا ترعاها فتاة، فاغتنمناها، اعتقاداً منا أنها لقمة سائغة، وقد لفت انتباهنا نظرة الفتاة الَمْختصة برعاية الإبل، فقد كانت تنظر إلينا نظرة الساخر، أو الَمْستهتر، ومَا كنا نظن أن وراء نظرتها هذه مَا ورائها من سرِّ دَفِيْنٍ. ومَا أن قطعنا مسافة ليست بالبعيدة حتى لحقنا فارس بمفرده وعندمَا دنا منَّا طلب منا " الْحَذِيَّة " أي الهبة كمَا هي العادة الَمْتبعة بحالة كهذه، فالَمْغتنم حسب العرف الَمْتبع يتحتم عليه أن يهب من غنيمته. فيقول مشل: لَمْ نتردد من هبته ناقتين، ظانين أن ذلك كاف له، ولكنه عاد فطلب " الْحَذِيَّة " مرة ثانية فوهبناه ناقتين أيضاً، ثم عاد ثالثة فطلب، فوهبناه عدداً ممَاثلاً، ثم عاد رابعاً يطلب " الْحَذِيَّة " ولكن بلهجة توحي أنه لَمْ يكن مُسْتَجْدِياً، كمَا بدا لنا من الَوْهلة الأولى في طلبه السابق، وإنمَا كان هذه الَمْرة متحدياً، ولذلك برز لَمْنازلته ستة من فرساننا بينمَا نحن نسوق الإبل التي اغتنمناها، فظل برهة يتصارع مع الفرسان بين كرٍّ وفرٍّ، وبعد ذلك لحقتنا أفراس رفاقنا خالية سروجها من فرسانها الذين أبادهم هذا الفارس. فلَمْ يسعنا إلا أن أبرزنا فرساناً أكثر عدداً من السابقين بينمَا ظل البقية منا يسوقون الإبل، ومَا أن أخذنا فترة حتى لحقنا أفراس قومنا الذين كان مصيرهم كمصير سابقيهم. فكانت النتيجة أن أرهبنا الفارس وأدخل في قلب كل منا الرعب، فهربنا تاركين له إبله، مغتنمين السلامة بعد أن قتل منا فتياناً من خيرة فرساننا. وبعد، فقد وجدت السيد الجندي راوي القصة مُندهشاً ل من البطولة التي قان بها الفارس، وبالرغم من أنها بطولة خارقة حقاً، ولكنه مندهش ومعجب في آن واحد من اعتراف الَمْرحوم مشل الجرباء بشجاعة عدوه. ولكنني شخصياً لَمْ استغرب ذلك بحكم معرفتي الراسخة لأخلاق العرب. وستأتي أخبار لعبد الكريم وفرحان في آخر هذا الفصل. وقد مَات عبد الكريم مشنوقاً، شنقه الأتراك في حدود عام 1265هـ. وممن عني بمدح عبد الكريم فجحان الفراوي فمن ذلك قصيدته الَمْيمية. حدثني بها محمد بن يحيان رحمه الله ولا أضبط نص لفظه وأملاها علىَّ رضيمَان بن حسين الشمري، ونشر منها ابن بليهد بيتين، وأوردها الشيخ منديل في كتابه قالها عند انتجاعه لعبد الكريم الجرباء، بعد تردده بين أبي بندر طلال بن عبد الله بن رشيد وابن الإمَام عبد الله الفيصل: قال فجحان الفراوي:
أَخَذْتِ ليْ من بَيْنَ الاثِنَيْن سَجَّهْ
…
مَا بَيْنَ " ابو بَنْدَر " و " ولْدَ الاِمَام "
منْ عُقْبُهُمْ نَاخِذْ على الْهجْن هَجَّهْ
…
لِدْيَار سَمحِينَ الْوجيهَ الْكرَام
لَمْشَاهَدَ " الْجرْبَان " فَرضٍ وحِجَّه
…
منْ بدِّ بَنَّايَ الشَّعَرْ والْخِيَام
امَا الْكَرَم صَجهْ وَلَجَّهْ
…
مَا احْد مْنَاحِيْهُمْ جنُوبٍ وْشَام
مَنصَايْ هُوْ مَلفَايْ يَومَ اتوَجَّهْ
…
عَبْد الكريم اللَّيْثِ غَايَة مَرَامِي
كَمْ وَاحِد جَا مِنْ بِعْيد يسِجِّهْ
…
يَبي يشُوْفِكْ يَا بِعْيدَ الْعَلَام
وَكَمْ مَرِةَّ خَلَّى عَلى الضَّدِّ عَجَّهْ
…
بْنمْراً يجرَّة مِثْل وَسْط الكِتِام
تَلْقَى بْقَلْبَ الِّلي يْعَادِيْهِ رَجَّهْ
…
منْ خَوْفِتِهْ يحْرَمْ عَلَيْهَ الَمْنَام
وَشِلْف تْوَسِّعْ بَالَابضاهِرْ مفَجَّهْ
…
وْحِدْبَ الظهور اللَّيْ تِقِصَّ العِظَام
عَلَى مهار يَرْعَبَ الْقَلْب عَجَّهْ
…
فِرسان يكْدُوْنَ الْعَدُو بَالزِّحَام