الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مستقيمًا، ثم يتغير عن حاله، ويخرج عن سننه، ويأخذ في طريقه، فيكون ذلك سببًا لسوء خاتمته، وشؤم عاقبته»!
عن عبد العزيز بن أبي رواد قال: «حضرت رجلاً في النزع، فجعلت أقول له: قل: لا إله إلا الله. فكان يقول، فلما كان في آخر ذلك قلت له: قل لا إله إلا الله. قال: كم تقول؟ ! إني كافر بما تقول! وقبض على ذلك! فسألت امرأته عن أمره، فقالت: كان مدمن خمر! فكان عبد العزيز يقول: اتقوا الذنوب، فإنما هي أوقعته» !
*
أيها المذنب! احذر الإصرار على الذنوب
!
الإصرار باب إلى أمور عظام .. كم قاد الكثيرين إلى الهلكات .. وكم أورد المذنبين إلى الدركات! فإن إدمان الذنب طريق إلى إلفه واعتياده .. فيصبح تركه شاقًا على الأنفس .. فتمتد الغفلة .. ويطول الأمل .. حتى يفجأ الموت على حال غير مستقيمة!
أتأمنُ أيها السكران جهلاً
…
بأن تفجَاك في السكر المنيَّهْ
فتضحى عبرة للناس طُرًّا
…
وتلقى الله من شر البريَّهْ
قال ابن رجب: «واعلم أن الإنسان ما دام يأمل الحياة؛ فإنه لا يقطع أمله من الدنيا، وقد لا تسمح نفسه بالإقلاع عن لذاتها وشهواتها من المعاصي وغيرها، ويرجيه الشيطان بالتوبة في آخر عمره، فإذا تيقن الموت، وأيس من الحياة؛ أفاق من سكرته
بشهوات الدنيا، فندم حينئذ على تفريطه ندامة يكاد يقتل نفسه، وطلب الرجعة إلى الدنيا ليتوب ويعمل صالحًا، فلا يجاب على شيء من ذلك، فيجتمع عليه سكرة الموت مع حسرة الفوت، وقد حذر الله في كتابه عباده من ذلك ليستعدوا للموت قبل نزوله بالتوبة والعمل الصالح، قال الله تعالى:{وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ * وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ * أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ * أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ * أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [الزمر: 54 - 58].
احذر أيها المسكين أن يفجأك الموت؛ وقد أغلقت دونك أبواب التوبة .. فتلاقي الله تعالى بذنوبك .. فيا لشدة ذلك اليوم عليك!
قال ابن رجب في قوله تعالى: {وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ} [سبأ: 54]. «وفسره طائفة من السلف منهم عمر بن عبد العزيز رحمه الله بأنهم طلبوا التوبة حين حيل بينهم وبينها» :
قال الحسن البصري: «اتق الله يا ابن آدم، لا يجتمع عليك خصلتان: سكرة الموت، وحسرة الفوت» !
وقال ابن السماك: «احذر السكرة والحسرة أن يفجأك الموت وأنت على الغرة، فلا يصف واصف قدر ما تلقى، ولا قدر ما ترى» !