المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ترجيح المؤلف الرأي الثاني - جزء في تفسير الباقيات الصالحات

[صلاح الدين العلائي]

الفصل: ‌ترجيح المؤلف الرأي الثاني

قَالَ هِيَ ذِكْرُ اللَّهِ قَوْلُ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ وَتَبَارَكَ اللَّهُ وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ وَالصِّيَامُ وَالصَّلاةُ وَالْحَجُّ وَالصَّدَقَةُ وَالْعِتْقُ وَالْجِهَادُ وَالصِّلَةُ وَجَمِيعُ أَعَمْالِ الْحَسَنَاتِ وَهُنَّ الْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ الَّتِي تَبْقَى لأَهْلِهَا فِي الْجَنَّةِ مَا دَامَت السَّمَاوَات وَالأَرْضُ

وَقَالَهُ ابْنُ زَيْدٍ أَيْضًا

وَهَذَا الْقَوْلُ رَجَّحَهُ ابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَطِيَّةَ وَغَيره حملا للفظ على الْعُمُوم

وَوَجهه ظَاهر لأَنَّهُ مَتَى أَمْكَنَ حَمْلُ لَفْظِ الْقُرْآنِ عَلَى الْعُمُومِ كَانَ أَكْثَرَ فَائِدَةً فَكَانَ أَوْلَى

‌تَرْجِيحُ الْمُؤَلِّفِ الرَّأْيَ الثَّانِي

لَكِنَّ هَذَا إِذَا لَمْ يَرِدْ مَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ

وَقَدْ وَرَدَ هُنَا تَفْسِيرٌ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثَابِتٌ عَنْهُ يَدُلُّ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي

أَخْبَرَنَاهُ أَبُو مُحَمَّدٍ عِيسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَقْدِسِيُّ بِقِرَاءَتِي قَالَ

ص: 22

أَنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْحَافِظُ أَنا الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّفَّارُ أَنا جَدِّي عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مَنْصُورٍ أَنا أَحْمَدُ بْنُ خَلَفٍ الشِّيرَازِيُّ أَنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحِ بْنِ هَانِئٍ ثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى ثَنَا أَبُو عُمَرَ حَفْصُ بْنُ عُمَرَ ثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلانَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

خُذُوا جُنَّتَكُمْ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ مِنْ عَدُوٍّ حَضَرَ قَالَ لَا بَلْ جُنَّتُكُمْ مِنَ النَّارِ قَوْلُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ فَإِنَّهَا تَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُنْجِيَاتٍ وَمُقَدّمَاتٍ وَهُنَّ الْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ

وَأَخْبَرَنَاهُ أَعْلَى مِنْ هَذَا بِدَرَجَةٍ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّبَرِيُّ أَنا عَلِيُّ بْنُ الجميزِيِّ أَنا أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ أَنا أَحْمَدُ بْنُ أشتعة ثَنَا أَبُو سَعِيدٍ النَّقَّاشُ أَنا أَبُو بَكْرٍ الْقطيعِي ثَنَا إِسْحَاق بن الْحسن الحري ثَنَا أَبُو عُمَرَ الضَّرِيرُ وَهُوَ حَفْصُ بْنُ عُمَرَ فَذَكَرَهُ

كَذَا أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ وَقَالَ فِيهِ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ

قُلْتُ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ لأَنَّ مُسْلِمًا لَمْ يُخَرِّجْ لابْنِ عَجْلانَ شَيْئًا فِي الأُصُولِ إِنَّمَا أَخْرَجَ لَهُ فِي الشَّوَاهِدِ ثَلاثَةَ عَشَرَ حَدِيثًا وَقَدْ بَيَّنَهُمَا

ص: 23

الْحَاكِمُ فِي الْمَدْخَلِ إِلَى الصَّحِيحِ لَهُ وَقَدْ تَكَلَّمَ فِي حِفْظِهِ وَلَكِنَّ حَدِيثَهُ لَا يَنْزِلُ عَنْ دَرَجَةِ الْحُسْنِ

وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ أَيْضًا فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَعْقُوبَ عَنْ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ الْحَوْضِيِّ بِهِ

وَرَوَاهُ أَبُو نَصْرٍ التَّمَّارُ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلانَ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ

وَذَلِكَ لَا يَضُرُّ لأَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيَّ ثِقَةٌ مِنْ رِجَالِ الصَّحِيحَيْنِ فَلا يَزِيدُ الْحَدِيثَ إِلا قُوَّةً

ثُمَّ إِنَّ الْحَدِيثَ لَهُ شَاهِدٌ رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ قَالَ حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى أَنا ابْنُ وَهْبٍ أَنا عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ أَنَّ دَرَّاجًا أَبَا السَّمْحِ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ

ص: 24

اسْتَكْثِرُوا مِنَ الْبَاقِيَاتِ الصَّالِحَاتِ قِيلَ وَمَا هُنَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الْمِلَّةُ قِيلَ وَمَا هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ التَّكْبِيرُ وَالتَّهْلِيلُ وَالتَّسْبِيحُ وَالْحَمْدُ وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ

أَخْبَرَتْنَاهُ عَائِشَةُ بِنْتُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُسْلِمِ وَغَيْرُهَا قَالَتْ أَنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الْفَهْمِ أَنا يَحْيَى بْنُ أَسْعَدَ بْنِ بُوشَ أَنا عَبْدُ الْقَادِرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ أَنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَلِيٍّ الأَزْجِيُّ أَنا الْحَسَنُ بْنُ جَعْفَرٍ الْحِرَفِيُّ ثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّد الفيرابي ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى ثَنَا ابْنُ وَهْبٍ فَذِكْرُهُ كَمَا تَقَدَّمَ سَوَاءٌ

وَأَخْبَرَنَاهُ أَيْضًا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْهَيْجَاءِ وَغَيْرُهُ قَالُوا أَنا يُوسُفُ بْنُ قزعلِيٍّ سِبْطُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ الْوَاعِظِ أَنا جَدِّي الْعَلامَةُ أَبُو الْفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيٍّ أَنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الدِّينَوَرِيُّ أَنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَوْهَرِيُّ ثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ كَيْسَانَ النَّحْوِيُّ أَنا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ الْقَاضِي ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ فَذَكَرَهُ وَقَالَ فِيهِ الْمَسْأَلَةُ بَدَلَ الْمِلَّةُ

وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ أَيْضًا فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة عَن أبي الطَّاهِر ابْن السَّرْحِ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ

ص: 25

وَدَرَّاجٌ هَذَا احْتَجَّ بِهِ أَصْحَابُ السُّنَنِ وَوَثَّقَهُ بَعْضُهُمْ وَقَالَ فِيهِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ أَحَادِيثُهُ مَنَاكِيرُ

قُلْتُ لَكِنْ يَصْلُحُ حَدِيثُهُ لِلْمُتَابَعَاتِ وَالشَّوَاهِدِ وَيَقْوَى بِهِ حَدِيثُ ابْنِ عَجْلانَ الْمُتَقَدِّمُ وَلَعَلَّهُ يَنْتَهِي إِلَى دَرَجَةِ الصِّحَّةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ

وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا الْحَدِيثُ فَهُوَ أَوْلَى مَا رَجَعَ إِلَيْهِ تَفْسِيرُ الْبَاقِيَاتِ الصَّالِحَاتِ مَعَ مَا ثَبَتَ فِيهِ عَنْ عُثْمَانَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم

وَقَدْ أَجَابَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ بِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَقُلْ هُنَّ جَمِيعُ الْبَاقِيَاتِ الصَّالِحَاتِ وَلا كُلّ الْبَاقِيَاتِ الصَّالِحَاتِ

قَالَ وَذَلِكَ جَائِزٌ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ بَاقِيَاتٍ صَالِحَاتٍ وَغَيْرُهَا مِنْ أَعْمَالِ الْخَيْرِ بَاقِيَاتٌ صَالِحَاتٌ

وَهَذَا الْجَوَابُ يُعَارِضُهُ مَفْهُومُ الْحَصْرِ بَيْنَ الْمُبْتَدَأِ وَالْخَبَرِ مَعَ مَا تَقْتَضِيهِ الأَلِفُ وَاللامُ وَالدَّلالَةُ عَلَى الْعَهْدِ فِي قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم هُنَّ الْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ

ص: 26

لَكِنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ حَصْرِ الْخَبَرِ فِي الْمُبْتَدَأِ أَقْوَى مِنْهُ كَمَا لَوْ قَالَ صلى الله عليه وسلم الْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ هُنَّ

وَمَعَ ذَلِكَ فَمَفْهُومُ حَصْرِ الْمُبْتَدَأِ فِي الْخَبَرِ قَوِيٌّ هُنَا مِنْ جِهَةِ التَّعْرِيفِ الْمَذْكُورِ وَلا يَخْرُجُ عَنْهُ إِلا بِدَلِيلٍ يُعَارِضُهُ وَلَمْ يُوجَدْ

وَأَمَّا مَا أَشَارَ إِلَيْهِ ابْنُ عَطِيَّةَ مِنَ التَّرْجِيحِ بِرُوَاتِهِ كُلُّ هَذِهِ الأَقْوَالِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى فَهْمِهِ الْعُمُومَ فِي حَمْلِ الْبَاقِيَاتِ الصَّالِحَاتِ

فَجَوَابُهُ أَنَّ أَصَحَّ الطُّرُقِ فِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ كَمَا تَقَدَّمَ رِوَايَةُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَهَذِهِ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ

وَأَمَّا رِوَايَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ هُرْمُزَ فَقَدْ ضَعَّفَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ

وَرِوَايَةُ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ كَذَلِكَ أَيْضًا لأَنَّهُ مُتَكَلَّمٌ فِيهِ قَالَ فِيهِ ابْنُ حِبَّانَ رَدِيءُ الْحِفْظِ يُخْطِئُ

وَأَمَّا طَرِيقُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ فَإِنَّهَا مُرْسَلَةٌ لأَنَّهُ لَمْ يَلْقَ ابْنَ عَبَّاسٍ بَلْ أَرْسَلَ عَنْهُ التَّفْسِيرَ فَقِيلَ سَمِعَهُ مِنْ مُجَاهِدٍ عَنْهُ

ص: 27