المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الثالث: نموذج لأحد الرواة الذين اختلفت أقوال النقاد فيهم - اختلاف أقوال النقاد في الرواة المختلف فيهم مع دراسة هذه الظاهره عند ابن معين

[سعدي بن مهدي الهاشمي]

الفصل: ‌المبحث الثالث: نموذج لأحد الرواة الذين اختلفت أقوال النقاد فيهم

‌المبحث الثالث: نموذج لأحد الرواة الذين اختلفت أقوال النقاد فيهم

.

الإمام العالم الصدوق أسامة بن زيد الليثي مولاهم أبو زيد المدني (ت153هـ)(1)، "من كبار العلماء من أهل المدينة" (2) . قال الذهبي:"وقد يرتقي حديثه إلى رتبة الحسن، استشهد به البخاري وأخرج له مسلم في المتابعات"(3)، وقال السخاوي:"وأخرج له مسلم في صحيحه متابعة، وأصحاب السنن، واستشهد به البخاري ولم يحتج به، وحديثه من قبيل الحسن"(4) . قال ابن خلفون (ت 636هـ) : "هو عندي في الطبقة الثالثة من المحدثين، وهو حجة في بعض شيوخه وضعيف في بعضهم، ومن تدبر حديثه عرف ذلك"(5) .

اختلف عدد من أئمة النقد في أسامة بن زيد، وهم:

1-

يحيى بن سعيد القطان (ت 198هـ) .

2-

يحيى بن معين (ت 233هـ) .

3-

أحمد بن حنبل (ت 241هـ) .

4-

أحمد بن شعيب النسائي (ت303هـ) .

(1) صدوق يَهم، (خت م 4) التقريب (317) ، وسير أعلام النبلاء 6/342.

(2)

التحفة اللطيفة 1/287 رقم (382) .

(3)

سير أعلام النبلاء 6/343.

(4)

التحفة اللطيفة 1/287 رقم (382) .

(5)

إكمال مغلطاي 2/60.

ص: 12

5-

الحافظ الذهبي (ت 748هـ) .

6-

الحافظ ابن حجر أحمد بن علي العسقلاني (ت 852هـ) .

وأكد هذا الأمرَ كلٌ من: أبو العرب محمد بن أحمد القيرواني

(ت 333هـ) في كتابه الضعفاء حيث قال: "اختلفوا فيه، وقيل: ثقة، وقيل: غير ثقة"(1) . وأبو الحسن علي بن محمد بن عبد الملك بن القطان الفاسي (ت628هـ) حيث قال في كتابه (الوهم والإيهام) إن مسلماً رحمه الله لم يحتج به إنما روى له استشهاداً كالبخاري، وأقره على ذلك ابن الموَّاق -محمد ابن يحيى القرطبي المراكشي (ت642هـ) - قال أبو الحسن:"وهو مختلف فيه"(2) .

قال الساجي - زكريا بن يحيى (ت 307هـ) -: "اختلف أحمد بن حنبل ويحيى بن معين في أسامة الليثي"

(3)

.

وإلى ذكر أقوال الأئمة رحمهم الله فيه:

1-

يحيى بن سعيد القطان: قال ابن حبان في الثقات: "كان يحيى القطان يسكت عنه وفي نسخة: يكتب عنه"(4) ، فمن هذا الخطأ ظن البعض اختلاف قول يحيى القطان فيه، والصواب ما ذكره الدارقطني في سؤالات الحاكم له

رقم (285) - وسماه مغلطاي بـ (التجريح والتعديل) -: "كان يحيى بن سعيد حدث عنه ثم تركه وقال: إنه حدث عن عطاء عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

(1) إكمال مغلطاي 2/58.

(2)

بيان الوهم والإيهام الواقعين في كتاب الأحكام 4/84، 520، 3/216.

(3)

إكمال مغلطاي 2/60.

(4)

الثقات 6/74، وإكمال مغلطاي 2/ 57، وزاد في نقله عن ابن حبان "وهو مستقيم الأمر صحيح الكتاب"، وانظر التاريخ الكبير 2/ 22 مع الحاشية.

ص: 13

"منى كلها منحر" فقال يحيى: اشهدوا أني قد تركت حديثه. زاد حمزة السهمي في (سؤالات الدارقطني) قلت: فمن أجل هذا احتج به مسلم وتركه البخاري" (1) .

وفي "السؤالات الكبرى" للحاكم: وقد احتج به البخاري (2) . وخالف ذلك في كتاب (المدخل) فقال: "روى له مسلم كتاباً لعبد الله بن وهب، والذي استدللت به في كثرة روايات له أنه عنده صحيح الكتاب، على أن أكثر تلك الأحاديث مستشهد بها أو هو مقرون في الإسناد. وقال البخاري: هو ممن يحتمل"(3) . لذلك قال الذهبي: "اختلف قول القطان فيه"(4) .

2-

أحمد بن شعيب النسائي (ت 303هـ) : قال النسائي عنه

- أسامة -: "ليس بثقة"(5)، وقال أيضاً:"ليس بالقوي"(6)، وفي نسخة من كتاب الجرح والتعديل للنسائي:"ليس به بأس"(7) .

3-

أحمد بن حنبل ت (241هـ) :

(1) إكمال مغلطاي 2/57-58، وتهذيب التهذيب 1/209، وأصل النص في سؤالات الحاكم للدارقطني في الجرح والتعديل ص187 رقم (285) ، والحديث رواه أبو داود في سننه كتاب

المناسك / باب 65 رقم 1937، وسنن ابن ماجه في كتاب المناسك / باب الذبح حديث رقم (3048) ، وأحمد في المسند 3/ 326، والدرامي رقم (1886) ، وابن خزيمة رقم (2787) .

(2)

كذا في إكمال مغلطاي والصواب ما ورد في سؤالات الحاكم.... ص187.

(3)

كذا في إكمال مغلطاي والصواب ما ورد في سؤالات الحاكم.... ص187.

(4)

المغني 1/103، وسير أعلام النبلاء 6/342.

(5)

الضعفاء للنسائي رقم (53) ، وقد قدمت النسائي لاعتبار معين.

(6)

الكامل 1/385، والضعفاء للعقيلي 1/96، وتهذيب الكمال 2/350، سير أعلام النبلاء 6/342، الميزان 1/174، المغني 1/66، تهذيب التهذيب 1/209.

(7)

إكمال مغلطاي 2/58.

ص: 14

قال عبد الله بن أحمد قال أبي: "روى أسامة بن زيد عن نافع أحاديث مناكير. قلت له: إن أسامة حسن الحديث. قال: إن تدبرت حديثه فستعرف النكرة فيها"(1) . وقال المروذي: "سألته (يعني أبا عبد الله) عن أسامة بن زيد، قال: الليثي أقوى من ذا يريد ابن زيد بن أسلم"(2) . وقال أيضا: "قلت: (يعني للإمام أحمد) أسامة بن زيد يروي عن القاسم؟. قال: وهذا أيضا يحتمله الناس إلا أن يحيى القطان تركه "(3) .

وقال أبو داود: "قلت لأحمد في أسامة بن زيد الليثي فقال: تركه بأَخَرَة، وسمعت أحمد يقول: يحيى ترك أسامة بأخرة، وذاك أن عثمان بن عمر ذاكره عنه عن عطاء.... حديث المناسك"(4) .

وفي رواية الأثرم - أحمد بن محمد بن هاني (ت 273هـ) -: "ليس بشيء"(5) .

وقال عبد الله: "سئل أبي عنه فقال: هو دونه، وَحرَّك يَدَهُ"(6) .

أي: أسامة بن زيد الليثي هو دون حاتم بن أبي صغيرة - ثقة - الذي سئل عنه أحمد قبل السؤال عن أسامة. والله أعلم.

وقد روى الإمام أحمد لأسامة بن زيد الليثي (76) حديثاً في مسنده.

(1) انظر: العلل (1428) وأيضا (503) ، الجرح والتعديل 2/284 (1031) تهذيب الكمال 2/349، بحر الدم ص62.

(2)

سؤالات الميموني رقم (396) ، بحر الدم ص62.

(3)

سؤالات الميموني (435) ، بحر الدم ص63.

(4)

سؤالات أبي داود رقم (191) .

(5)

الجرح والتعديل 2/1031، المغني 1/66.

(6)

العلل رقم (1472) ، (1473) .

ص: 15

4-

يحيى بن معين (ت 233هـ) : في رواية عباس الدوري وأحمد بن سعد ابن أبي مريم (ثقة)(1)، قال ابن الجوزي:"واختلفت الرواية عن يحيى، فقال مرة: ثقة صالح، وقال مرة: ليس به بأس. وقال مرة: ترك حديثه بأخرة"(2) .

وقال ابن الجنيد - إبراهيم بن عبد الله الختلي (ت260هـ) -: "مديني صالح ليس بذاك"(3) . وقال في رواية الدارمي - عثمان بن سعيد

(ت 280هـ) -: "ليس به بأس"(4) . وقال الحافظ الذهبي منبهاً على وهم قد وقع في نسبة قول لابن معين: "وجاء عن يحيى بن معين أنه ثقة وجاء عنه قال: ترك حديثه بأخرة، وهذا وهم بل هذا القول الأخير هو قول يحيى، بن سعيد فيه"(5) .

وبعد أن درس الحافظ الذهبي أقوال ابن معين خرج بنتيجة اتفق عليها اثنان من الرواة عن يحيى تمثَّلَتْ بقول الذهبي: "وقد روى عباس عن يحيى: ثقة، وروى أحمد بن أبي مريم عن يحيى: ثقة حجة، فابن معين حسن الرأي في أسامة"(6) .

والحافظ الذهبي من النقاد المتأخرين، وقد شهد الحافظ ابن حجر له بأنه:"من أهل الاستقراء التام في الرجال" وقد اختلفت أقواله في أسامة الليثي: فقال عنه في المغني: "صدوق يهم، اختلف قول القطان فيه "

(7)

.

(1) التاريخ 2/22، الجرح والتعديل 2/235، الكامل لابن عدي 1/385، وتهذيب الكمال 2/350.

(2)

الضعفاء والمتروكين 1/96، ونقل المزي في تهذيب الكمال 2/350.

(3)

سؤالات ابن الجنيد ص402 رقم (547) .

(4)

تاريخ الدارمي ص66 رقم (118) .

(5)

سير أعلام النبلاء 6/343.

(6)

المصدر السابق.

(7)

المغني 1/103.

ص: 16

وقال عنه: "صدوق فيه لين يستر"(1) .

وقال أيضاً بعد كلام النقاد فيه: "وقد يرتقي حديثه إلى رتبة الحسن، استشهد به البخاري، وأخرج له مسلم في المتابعات"(2) .

وقال عنه: "الليثي لا العدوي، صدوق قوي الحديث، أكثر مسلم إخراج حديث ابن وهب عنه، ولكن أكثرها شواهد ومتابعات، والظاهر أنه ثقة، وقال النسائي وغيره: ليس بالقوي"(3) .

ونقل في ((الكاشف)) قول الحاكم ولفظه: "

أكثرها شواهد أو يقرنه بآخر، قال النسائي وغيره: ليس بالقوي" (4) . وانتهى من تأليفه سنة 720هـ، ولعل القول الفصل الذي نخرج به للحافظ الذهبي في أسامة الليثي هو ما ذكره في "سير أعلام النبلاء" والله أعلم.

5-

الحافظ ابن حجر العسقلاني (ت 852هـ) :

تعددت أقواله في هذا الراوي (أسامة) واختلفت أيضاً فقال فيه: "مختلف فيه، وعلق له البخاري قليلاً"(5) . وقال عنه: "سيئ الحفظ"(6) . وفي موضع آخر قال: "فيه مقال"(7) . وقال أيضاً: "صدوق في حفظه شيء، أخرج له

(1) الديوان ص25.

(2)

سير أعلام النبلاء 6/342. وقد صنفه في عام 732هـ كما في الإشارة إليه في المقدمة ص93.

(3)

من تكلم فيه وهو موثق ص41. لعله صنفه بعد 724هـ.

(4)

الكاشف 1/232 رقم (263) .

(5)

هدى الساري ص456.

(6)

فتح الباري 3/210.

(7)

فتح الباري 9/411.

ص: 17

مسلم استشهاداً" (1) . وقال أيضاً في نقده لحديث من روايته: "وهو لين، وقال الدارقطني: تفرد عثمان بن عمر بهذه الزيادة، وقد رواه ابن وهب عن أسامة وهو أعلم الناس بحديثه" (2) . وقال:"صدوق يَهِمُ"(3) . ويبدو أن الحافظ ابن حجر اقتنع بعد دراسة أحواله ومروياته أن حديثه حسن فحسنه (4) .

(1) موافقة الخُبر الخبر 1/183.

(2)

الدراية 1/243.

(3)

التقريب ص124 رقم (317) .

(4)

الإصابة 7/427.

ص: 18