المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الثاني: الأحرف السبعة ومراعاتها في الجمعين: - جمع القرآن الكريم في عهد الخلفاء الراشدين - فهد الرومي

[فهد الرومي]

الفصل: ‌المطلب الثاني: الأحرف السبعة ومراعاتها في الجمعين:

وقال القاضي أبو بكر الباقلاني1: لم يقصد عثمان قصد أبي بكر في جمع نفس القرآن بين لوحين،،إنما قصد جمعهم على القراءات الثابتة المعروفة عن النبي صلى الله عليه وسلم وإلغاء ما ليس كذلك، وأخذهم بمصحف لا تقديم فيه ولا تأخير، ولا تأويل أثبت مع تنزيل، ولا منسوخ تلاوته كتب مع مثبتٍ رسمه ومفروضٍ قراءته وحفظه، خشية دخول الفساد والشبهة على من يأتي بعد2.

قلت: وفي هذا رد على من يقول بنسخ عثمان للقراءات وجمع الأمة على قراءة قريش.

1 محمد بن الطيب بن محمد بن جعفر بن قاسم، القاضي أبو بكر الباقلاني، أصولي متكلم، ولد في البصرة سنة: 338هـ، وتوفي في بغداد سنة: 403هـ، من مؤلفاته: إعجاز القرآن، تهذيب السير:2/264، الأعلام:176.

2الانتصار.

ص: 41

‌المطلب الثاني: الأحرف السبعة ومراعاتها في الجمعين:

لقد اتفق العلماء قديماً وحديثاً على أن الصحف التي جمعت في عهد أبي بكر رضي الله عنه كانت مشتملة على الأحرف السبعة، كما اتفقوا على أن زيد بن ثابت رضي الله عنه لم يجمع في تلك الصحف إلا ما تأكد من صحته وعدم نسخ تلاوته.

أما بالنسبة للمصاحف العثمانية، وكونها مشتملة على الأحرف السبعة أم لا؟ فقد اختلف العلماء في المسألة، وذهبوا فيها إلى ثلاثة أقوال:

أ- ذهب البعض إلى أنها لا تشتمل إلا على حرف قريش واستدلوا على ذلك بقول عثمان رضي الله عنه للقرشيين الثلاثة: "إذا اختلفتم أنتم وزيد فاكتبوه بلسان قريش فإنما نزل بلسانهم"1.

واحتجوا: بأن الأحرف السبعة نزلت في صدر الإسلام للتيسير على الأمة ورفع الحرج والمشقة عنها في أمر القراءة، ولما ذللت الألسنة ومرنت على لغة قريش أمرت جميع القبائل بالقراءة بلغة قريش، كما أن القراءة باللغات الكثيرة كانت مثار نزاع وخلاف بين المسلمين، لذلك اقتصر عثمان رضي الله عنه على.

1 سبق تخريجه، وممن ذهب إلى ذلك: ابن جرير الطبري، والطحاوي وغيرهما

انظر: منجد المقرئين: 55.

ص: 41

لغة واحدة، وهي لغة قريش، أما القراءات الموجودة اليوم – على كثرتها وتعددها – فهي كلها تمثل حرفاً واحداً فقط1.

أ - وذهب جماعة من الفقهاء والقراء والمتكلمين إلى أنها كانت مشتمة على جميع الأحرف السبعة.

واحتجوا: بأنه لا يجوز للأمة إهمال شيء من الأحرف لكونها منزلة قرآناً، وبأن المصاحف العثمانية نقلت من الصحف التي جمعها أبو بكر وعمر، وكانت مشتملة على الأحرف السبعة، أما عثمان رضي الله عنه فأراد استنقاذ القرآن من فشو اللحن فيه، فجمعهم على القراءات الثابتة عن الرسول رضي الله عنه وأمرهم بترك ما سواها2.

ج- وذهب الجمهور إلى أن المصاحف العثمانية في مجموعها تشتمل على ما ثبت في العرضة الأخيرة من الأحرف السبعة، فليس كل مصحف بمفرده يشتمل على جميع الأحرف السبعة، بل الثابت منها منتشر في المصاحف العثمانية كلها3.

واحتجوا:

بأن المصاحف العثمانية ثم نسخها من الصحف الصديقية، وقد أجمع الصحابة على ما فيها من الأحرف السبعة.

وبأنه لم يرد خبر صحيح ولا ضعيف عن عثمان بأنه أمر بإلغاء بقية الأحرف.

وبأن الخلافات الموجودة في المصاحف العثمانية دليل قاطع على وجود الأحرف السبعة فيها، فلو كانت المصاحف مكتوبة بلغة واحدة وبحرف واحد فقط لما كان فيها وجود هذا الخلاف.

وبأن وجود كثير من الكلمات القرآنية في المصاحف العثمانية على غير لغة قريش دليل على أن المصاحف لم يقتصر في كتابتها على لغة قريش فقط.

1 قال الدكتور/ محمد أبو شهبة: وهو مذهب المحققين، المدخل لدراسة القرآن الكريم، ص: 216، وراجع مباحث في علوم القرآن لمناع القطان، ص:166-167.

2 انظر: النشر: 1/31-32، الإتقان: 1/157.

3 النشر: 1/31.

ص: 42

قال العلامة ابن الجزري: وهذا القول هو الذي يظهر صوابه، لأن الأحاديث الصحيحة والآثار المشهورة المستفيضة تدل عليه وتشهد له1.

1 المرجع السابق، وراجع لمزيد من التفصيل: مناهل العرفان:1/169، وكتابنا صفحات في علوم القراءات، ص:122-126.

ص: 43