الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المؤلف الإمام ابن القيم في "الصواعق المرسلة"، فهو ينقل عنه نصوصًا عديدة من القطعة الأولى
(1)
، وينسبها أحيانًا إلى شيخه ويُغفِل نسبتها أخرى، على طريقة استفادته من كتب شيخ الإسلام.
*
وصف النسخة الخطية:
وصلت إلينا قطعتان من الكتاب، وفيما يلي وصفهما:
الأولى: في مكتبة الشيخ محب الله شاه الراشدي في السند بباكستان، وقد كتب على صفحة العنوان:"من كلام الشيخ الإمام العالم العلامة شيخ الإسلام تقي الدين أبي العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية الحراني في أثناء كتابه المسمى بالأسولة المصرية في الاعتراضات على الفتيا الحموية، فيما يتعلق ببيان الحق الصريح في الاستدلال بأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث أشار المعترض في اعتراضاته إلى القدح في ذلك الموطن بأنها أخبار لا تفيد العلم بل تفيد الظن، وذكر وجوهًا من الاعتراضات بمقتضى علمه واجتهاده في هذا الموضع. ولا حول ولا قوة إلّا بالله العلي العظيم".
وهذه القطعة في 45 ورقة، وفي كل صفحة منها 27 سطرًا، وقد كُتبت في القرن الثاني عشر، كما جاء في آخرها بخط الناسخ: "كتب هذه الأحرفَ العبدُ الفقير الراجي الشفاعةَ من سيد الأنام عليه أفضل الصلاة والسلام عبد الغني بن خليل اللطفي الحسيني المقدسي، غفر الله له ولوالديه ولمن نظر في هذا الكتاب ودعا له ولوالديه وللمسلمين
(1)
انظر مختصر الصواعق المرسلة (ص 439 - 441، 441 - 447، 447 - 449، 453 - 455، 464 - 466، 467 - 466) طبعة بيروت 1405.
بالمغفرة. وذلك في اليوم الثامن عشر من شهر شوال سنة ثمانية (كذا) وعشرين ومائة وألف من الهجرة النبوية، على صاحبها أفضل الصلاة والتحية. تمَّ ذلك بعون الله وحسن توفيقه، والله أعلم".
والنسخة بخط نسخي جيّد، ويبدو أنها مقابلةٌ على الأصل، لوجود التصحيحات في الهوامش، ولكن فيها أخطاء وتحريفات في مواضع كثيرة، وفيها سقط للكلمات في بعض المواضع لا يستقيم الكلام بدونها. والنسخة المصورة التي عندي كانت ضمن مصوَّرات أخي الفاضل المحقق حافظ ثناء الله الزاهدي، وفي بعض صفحاتها طمس واهتزاز عند التصوير، فلم تتضح الكلمات وبعض الأسطر ولم تُقرأ إلّا بصعوبة بالغة.
وكانت هذه النسخة في ملك الإمام المحدث الأثري صالح بن محمد الفُلَّاني
(1)
(ت 1218)، كما أثبتَ ذلك بخطه على صفحة العنوان، حيث كتب:"ملكَه الفقير صالح بن محمد الفلّاني العمري المسوفي". وربما تكون بعض التصحيحات على النسخة بقلمه.
وبعد انتهاء الكتاب توجد في آخر النسخة بعض الفوائد والنقول المتعلقة بشيخ الإسلام ابن تيمية، نقلها الناسخ من بعض المصادر أو من الأصل المنقول عنه.
الثانية: في مكتبة قره حصار بتركيا، برقم 17517/ 4 (الورقة 70 - 71)، كتبت سنة 736
(2)
، وقد اطلع عليها أخونا البحاثة
(1)
انظر ترجمته في فهرس الفهارس والأثبات (2/ 901).
(2)
كما في معجم المخطوطات الموجودة في مكتبات إستانبول وأناطولي =
أبو الفضل القونوي ووصفها بقوله: (وقفتُ عليها في مجموع نُسِخَ بعضُه سنة 736، وهي نسخة مكتبة كديك أحمد باشا في مدينة أفيون رقم 17517، وقد نُقِلت هي وبقية محتوى المكتبة إلى المكتبة الوطنية بأنقرة. وفي هذا المجموع من كتب شيخ الإسلام: الفتيا الحموية، ومسائل عن آيات الصفات وأحاديثها، مثل قول السائل: هل في آيات الصفات ناسخٌ ومنسوخ؟ وفيه شرح حديث النزول، وهو مطبوع، ومسألة القبح والحسن العقليين، ومسألة في الاستواء وغيره، ودعوة ذي النون، ومسألة عصمة الأنبياء
…
).
قلت: وقد اطلعتُ على مصورتها، فوجدتها بخط نسخي جيد، وهذه القطعة خمس ورقات (ق 70 ب - 75 أ)، وعدد الأسطر في كل صفحة 27 سطرًا. والنسخة مصححة ومقابلة على الأصل، وقد نُقِلت من خط شيخ الإسلام، كما صرَّح به الناسخ في آخر النسخة، فقال: "نقلتُه من خط شيخ الإسلام مؤلفه رحمه الله ورضي عنه - وبقي منه قائمة ووجه وقليل من الوجه الآخر، في ثالث شهر جمادى
…
".
أما ناسخ هذه القطعة ورسائل أخرى ضمن هذا المجموع فقد وصلت إلينا بخطه رسائل عديدة من مؤلفات الشيخ، يذكر فيها اسمه ونسبه. وقد ذكر أخونا أبو الفضل القونوي أنه تلميذ لشيخ الإسلام وإن لم تذكره المصادر، ثم قال ما يلي:
يبدو أن ناسخ هذا المجموع - وفيه خط ناسخ غيره - كان من تلاميذه الذين اضطروا لضعف جانبهم وفقرهم إلى الانكفاء على
= (ص 131).
أنفسهم.
واسمه كما كتبه في موضع: (ووافق الفراغ من تعليقه يوم الخميس سادس عشري شهر رجب من شهور سنة اثنتين وثلاثين وسبعمئة، كتبه الفقير إلى رحمة ربه الكبير العبد الضعيف المقصر المخطئ المسيء: أيوب
(1)
بن أيوب بن صخر بن أيوب بن صخر بن خالد بن وثيق بن أبي الحسن بن بقاء بن مساور العامري .. ) ثُمَّ ذكر تاريخ مقابلتها فقال: (قوبلت على أصلها فصحت على حسب الطاقة في مجالس آخرهن رابع عشر شهر شعبان سنة اثنتين وثلاثين وسبعمئة). فقد نسخها بعد وفاة شيخ الإسلام سنة 728.
ويفهم من اسمه أنه عربي المحتِدِ، فهو عامري، ومن ذكرِه مكان النسخ حمص أنه من أهلها، ولا يعلم متى توفي، غير أنه كان حيًا سنة 736.
ويبدو أنه كان صديقًا لابن رشيق، الذي ذكره في موضع وقال:(نقل من خط الشيخ الإمام شيخ الإسلام تقي الدين أحمد بن تيمية، بحضور ترجمانه ولسان قلمه الشيخ شمس الدين أبي عبد الله بن رشيق، والمقابلة عليه، وهو ممسك بأصل الشيخ رحمه الله والشيخ سليمان يقرأ، وذلك في ثالث شهر جمادي الأولى من سنة ست وثلاثين وسبعمئة).
ويفهم من بيتين كتبهما أنه كان فقيرًا مثله، والبيتان قوله:
(1)
قلت: بعض المخطوطات التي اطلعتُ عليها وجدتُ فيها اسمه واسم أبيه وجدّ أبيه ما يُشبه "ليون" بدل أيوب، فليحرر.
أيا قارئًا خطي سألتك دعوة
…
إلى الله في عبدٍ مقرٍّ بذنبهِ
عساه يسامحني ويغفر زلتي
…
ويرزقني رزقًا مقيمًا بأهلهِ
ويزيد المتأمل من كونه تلميذًا لأبي العباس بن تيمية ما كتبه في نسخته من (الحموية الكبرى) التي عنون لها بالقول: (المعارج الروحية، القاصدة لمعرفة رب البرية، بالأدلة والنصوص القطعية، والآثار السلفية، المودعة في الفتيا الحموية، إملاء الشيخ الإمام شيخ الإسلام تقي الدين أحمد بن تيمية) وتاريخ الفراغ من نسخها السابع والعشرون من رجب 730، وقوله: (
…
غفر الله له ولمن أجاب بها، ولمن تأملها، وأنصف فيها، وامتثل منها ما يجب، وأعرض عن الأهواء والريب، ولسائر المسلمين آمين آمين)، وما قاله قبل شرح حديث النزول الإلهي، من تعبيرات المديح التي يغلب على الظن أنها كلمات هذا التلميذ المحب لشيخه، إذ كانت النسخة التي استنسخ منها هي بخط المؤلف، قال: مسألة سئلها الشيخ الإمام شيخ الإسلام بقية السلف الكرام، قدوة الخلف، فريد عصره ووحيد دهره العالم الرباني المقذوف في قلبه النور الإلهي، موضح المشكلات، مزيل الشبهات بما أيده الله من فهم الآيات البينات والبراهين القاطعات، تقي الدين
…
فأجاب عن أسرار الحديث، وأقوال العلماء، وأزاح كل مشكل، وأبان الحق في ذلك من الكتاب والسنة وأقوال الجهابذة الأئمة، وبين في ذلك غلط الغالطين، وحذر فيه من زيغ الزائغين، ونفَّر من تشكيك الشاكين، وحث على سلوك طريق السلف الصالح، من الصحابة ومن بعدهم من التابعين، وقوَّى جانب الاتباع، وزيف أقوال أهلى الأهواء والابتداع، في سائر الأزمان والدهور {وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} [النور/ 40].
* وفي الختام:
أحمد الله على أن يسَّر لي إخراجَ هذه القطعة من هذا الأثر النادر من تراث شيخ الإسلام، وأدعوه سبحانه أن يوفقنا للعثور على بقيته، إنّه ولي ذلك والقادر عليه، وصلَّى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
كتبه
محمد عزير شمس