الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[4869]
لَا يَزْنِي الْعَبْدُ حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ هَذَا وَأَمْثَاله حمله الْعلمَاء على التَّغْلِيظ وعَلى كَمَال الْإِيمَان وَقيل المُرَاد بِالْإِيمَان الْحيَاء لكَونه شُعْبَة من الْإِيمَان فَالْمَعْنى لَا يَزْنِي الزَّانِي وَهُوَ يستحيي من الله تَعَالَى وَقيل المُرَاد بِالْمُؤمنِ ذُو الْأَمْن من الْعَذَاب وَقيل النَّفْي بِمَعْنى النَّهْي أَي لَا يَنْبَغِي للزاني أَن يَزْنِي وَالْحَال أَنه مُؤمن فَإِن مُقْتَضى الْإِيمَان أَن لَا يَقع فِي مثل هَذِه الْفَاحِشَة وَالله تَعَالَى أعلم
(كتاب قطع السَّارِق)
قَوْله
[4870]
وَلَا ينتهب نهبة النهب الاخذ على وَجه الْعَلَانِيَة والقهر وَالنهبَة بِالْفَتْح مصدر وبالضم المَال المنهوب والتوصيف بالشرف بِاعْتِبَار متعلقها الَّذِي هُوَ المَال والتوصيف بِرَفْع أبصار النَّاس لبَيَان قسوة قلب فاعلها وَقلة رَحمته وحيائه قَوْله
[4871]
ثمَّ التَّوْبَة معروضة أَي من الله تَعَالَى على الْمُؤمن مَفْتُوح بَابهَا أَي فَإِذا تَابَ تَابَ الله عَلَيْهِ بعد أَي إِلَى وقتنا هَذَا
قَوْله
[4872]
خلع ربقة الْإِسْلَام الربقة فِي الأَصْل عُرْوَة فِي حَبل يَجْعَل فِي عنق الْبَهِيمَة أَو يَدهَا وَالْمرَاد هَا هُنَا تَشْبِيه الْإِسْلَام بهَا كَأَنَّهُ طوق فِي عنق الْمُسلم لَازم بِهِ لُزُوم الربقة فَإِذا بَاشر بعض هَذِه الْأَفْعَال فَكَأَنَّهُ خلع هَذَا الطوق من عُنُقه
قَوْله
[4873]
يسرق الْبَيْضَة أَي بَيْضَة الدَّجَاجَة وَهَذَا تقليل لمسروقه بِالنّظرِ إِلَى يَده المقطوعة فِيهِ كَأَنَّهُ كالبيضة وَالْحَبل مِمَّا لَا قيمَة لَهُ وَقيل المُرَاد أَنه يسرق قدر الْبَيْضَة وَالْحَبل أَو لَا ثمَّ يجترئ إِلَى أَن يقطع يَده وَقيل المُرَاد بالبيضة بَيْضَة الْحَدِيد وبالحبل حَبل السَّفِينَة وكل وَاحِد مِنْهُمَا لَهُ قيمَة وَلَا يخفى أَنه لَا يُنَاسب سوق الحَدِيث فَإِنَّهُ مسوق لتحقير مسروقه وتعظيم عُقُوبَته وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله
[4874]
من الكلاعيين نِسْبَة إِلَى ذِي كلاع بِفَتْح كَاف وخفة لَام قَبيلَة من الْيمن فحبسهم الْحَبْس للتُّهمَةِ جَائِز وَقد جَاءَ عَنهُ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أَنه حبس رجلا فِي تُهْمَة كَمَا سَيَجِيءُ أخذت من ظهوركم أَي قصاصا وَنقل عَن أبي دَاوُد فِي بعض نسخ السّنَن أَنه قَالَ إِنَّمَا أرهبهم بِهَذَا القَوْل أَي لَا أحب الضَّرْب الا بعد الِاعْتِرَاف قلت كنى بِهِ أَنه لَا يحل ضَربهمْ فَإِنَّهُ لَو جَازَ لجَاز ضربكم أَيْضا قصاصا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله
[4877]
مَا اخالك بِكَسْر الْهمزَة هُوَ الشَّائِع الْمَشْهُور بَين الْجُمْهُور وَالْفَتْح لُغَة بعض وان كَانَ هُوَ الْقيَاس لكَونه صِيغَة الْمُتَكَلّم من خَال كخاف بِمَعْنى ظن قيل أَرَادَ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم تلقين الرُّجُوع عَن الِاعْتِرَاف وَللْإِمَام ذَلِك فِي السَّارِق إِذا اعْترف كَمَا يُشِير إِلَيْهِ تَرْجَمَة المُصَنّف وَمن لَا يَقُول بِهِ يَقُول لَعَلَّه ظن بالمعترف غَفلَة عَن معنى السّرقَة وأحكامها أَو لِأَنَّهُ استبعد اعترافه بذلك لِأَنَّهُ مَا وجد مَعَه مَتَاع وَاسْتدلَّ بِهِ من يَقُول لَا بُد فِي السّرقَة من تعددالاقرار فَقَالَ لَهُ قل الخ لَعَلَّ المُرَاد الاسْتِغْفَار وَالتَّوْبَة من سَائِر الذُّنُوب أَو لَعَلَّه قَالَ ذَلِك ليعزم على عدم الْعود إِلَى مثله فَلَا دَلِيل لمن قَالَ الْحُدُود لَيست كَفَّارَات لأَهْلهَا مَعَ ثُبُوت كَونهَا كَفَّارَات بالأحاديث الصِّحَاح الَّتِي كَادَت تبلغ حد التَّوَاتُر كَيفَ وَالِاسْتِغْفَار مِمَّا أَمر بِهِ النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ اسْتغْفر لذنبك وَقد قَالَ تَعَالَى لقد تَابَ الله على النَّبِي لمعان ومصالح ذكرُوا فِي مَحَله فَمثله
لَا يصلح دَلِيلا على بَقَاء ذَنْب السّرقَة وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[4878]
فَأمر بِقِطْعَة قيل أَي بعد اقراره بِالسَّرقَةِ قلت وَهُوَ الْوَارِد والا فَيحْتَمل أَن يُقَال أَنه بعد قيام الْبَيِّنَة قد تجاوزت عَنهُ وَقد جَاءَ انه قَالَ أبيعه مِنْهُ أَو أهبه لَهُ يُرِيد أَن يَجْعَل الرِّدَاء ملكا لَهُ فيرتفع مُسَمّى السّرقَة فَمَا قبل صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم شَيْئا من ذَلِك وَقَالَ أَفلا كَانَ الخ أَي لَو تركته قبل احضاره عِنْدِي لنفعه ذَلِك وَأما بعد ذَلِك فَالْحق للشَّرْع لَا لَك وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله
[4881]
أَنه طَاف بِالْبَيْتِ الْمَشْهُور أَن الْقَضِيَّة كَانَت فِي مَسْجِد النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم كَمَا سَيَجِيءُ ثمَّ الحَدِيث يدل على أَن الْمَسْجِد حرز فِي حق النَّائِم عِنْد مَاله فِيهِ قَوْله
[4885]
تعافوا الْحُدُود أَي تجاوزوا عَنْهَا وَلَا ترفعوها إِلَى فَانِي مَتى علمتها أقمتها
قَوْله
[4887]
تستعير الْمَتَاع قيل ذكرت الْعَارِية تعريفا لحالها الشنيعة لَا لِأَنَّهَا سَبَب الْقطع وَسبب الْقطع إِنَّمَا كَانَ السّرقَة لَا جحد الْعَارِية قَالَ الْجُمْهُور لَا قطع على من جحد الْعَارِية وَقَالَ أَحْمد وَإِسْحَاق بِالْقطعِ قلت قَول الرَّاوِي فَأمر
بِالْفَاءِ ظَاهر فِي قَول أَحْمد وآب عَن تَأْوِيل الْجُمْهُور وَقد جَاءَ فِي بعض الرِّوَايَات مَا هُوَ كَالصَّرِيحِ فِي ذَلِك وَمَا جَاءَ من لفظ السّرقَة فِي بعض الرِّوَايَات فَيحْتَمل التَّأْوِيل وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله
[4897]
الا حبه بِكَسْر الْحَاء أَي محبوبه قَوْله يعْرفُونَ على بِنَاء الْمَفْعُول وَكَذَا
قَوْله
[4898]
وَهِي لَا تعرف قَوْله
[4904]
خير لأهل الأَرْض أَي أَكثر بركَة فِي الرزق وَغَيره من الثِّمَار والأنهار من أَن يمطروا على بِنَاء الْمَفْعُول يُقَال مطرتهم السَّمَاء ومطروا
قَوْله
[4906]
قطع رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فِي مجن بِكَسْر فَفتح فتشديد نون اسْم لكل مَا يستر بِهِ من الترس وَنَحْوه ثمَّ ظَاهر الْكتاب نوط الْقطع بتحقق مُسَمّى السّرقَة قَالَ تَعَالَى وَالسَّارِق والسارقة فَاقْطَعُوا أَيْدِيهِمَا لَكِن الْأَئِمَّة اتَّفقُوا على تَقْيِيد هَذَا الْإِطْلَاق وَاخْتلفُوا فِي الْقدر الَّذِي يقطع فِيهِ وَلَا يخفى أَن حَدِيث فِي مجن قِيمَته خَمْسَة دَرَاهِم أَو ثَلَاثَة دَرَاهِم لَا يدل على تعْيين أَن ذَلِك الْقدر خَمْسَة دَرَاهِم أَو ثَلَاثَة دَرَاهِم وَلَا يَنْفِي الْقطع فِيمَا دونه لَا منطوقا وَلَا مفهوما لِأَنَّهُ حِكَايَة حَال لَا عُمُوم لَهُ وَكَذَا مَا جَاءَ من الْقطع فِي عشرَة دَرَاهِم وَقد جَاءَ التَّحْدِيد فِي الرِّوَايَات الصَّحِيحَة بِربع دِينَار فَالْأَقْرَب القَوْل بِهِ وَمَا جَاءَ من الْقطع بِثَلَاثَة دَرَاهِم فقد جَاءَ أَن ثَلَاثَة دَرَاهِم كَانَ ربع الدِّينَار فِي ذَلِك الْوَقْت فَصَارَ الأَصْل ربع الدِّينَار وَقد اعْترف بِقُوَّة هَذَا القَوْل كثير من الْمُخَالفين وَمن زَاد فِي التَّحْدِيد على ربع الدِّينَار اعتذر بِأَن أَحَادِيث التَّحْدِيد لَا تَخْلُو عَن اضْطِرَاب وَقد اتَّفقُوا على أَن لَا قطع بمطاق مُسَمّى السّرقَة وَيَد الْمُسلم لَهُ حُرْمَة فَلَا
يَنْبَغِي قطعهَا بِالشَّكِّ وَفِيمَا دون عشرَة دَرَاهِم حصل الشَّك بِوَاسِطَة الِاضْطِرَاب فِي الحَدِيث وَاخْتِلَاف الْأَئِمَّة فَالْوَجْه تَركه وَالْأَخْذ بِالْعشرَةِ الَّتِي لَا خلاف لأحد فِي الْقطع بهَا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله سرق كضرب
[4909]
من صفة النِّسَاء بِضَم صَاد وَتَشْديد فَاء قَوْله
يَعْنِي ثمن الْمِجَن المُرَاد بِالثّمن الْقيمَة إِذْ الْأَشْيَاء تحد وتعرف بالقيم لَا بالأثمان ثمَّ المُرَاد مجن معِين وَهُوَ مَا قِيمَته ربع دِينَار أَو الْمِجَن عِنْدهم غَالِبا مَا كَانَ أقل من ربع دِينَار والا فالمجن مُخْتَلف الْقيمَة فَلَا يصلح للضبط وَأما ثلث دِينَار أونصف دِينَار فَهُوَ مُخَالف للمشهور وَهُوَ ربع دِينَار مَعَ مَا فِيهِ من الشَّك وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[4937]
الا فِي الْمِجَن أَو ثمنه هُوَ شكّ من الروَاة وَالْمرَاد بِثمن الْمِجَن قِيمَته كَمَا تقدم
قَوْله
[4938]
الْمِجَن أَرْبَعَة دَرَاهِم كَأَن قِيمَته كَانَت أَحْيَانًا أَرْبَعَة دَرَاهِم أَو كَانَ ربع الدِّينَار كَانَ أَرْبَعَة دَرَاهِم فحدد عُرْوَة بذلك والا فالمدار على ربع الدِّينَار قَوْله
[4940]
لَا تقطع الْخمس أَي خمس أَصَابِع وَهُوَ كِنَايَة عَن الْيَد الا فِي الْخمس أَي خمس دَرَاهِم وَهَذَا لَا يُقَابل الْمَرْفُوع الصَّحِيح
قَوْله
[4941]
فِي أدنى من حجفة بحاء مُهْملَة ثمَّ جِيم مفتوحتين هِيَ الدرقة وَهِي مَعْرُوفَة كَذَا ذكره النَّوَوِيّ
قَوْله
[4943]
وَثمن الْمِجَن يَوْمئِذٍ دِينَار هَذَا حِكَايَة مَا بَلغهُمْ من ثمن الْمِجَن فِي بعض أَوْقَات تِلْكَ الْأَيَّام أَو هُوَ ثمن قسم من الْمِجَن فِي ذَلِك الزَّمَان فزعموا أَنه الْحَد لَكِن حِين أَن الْحَد ربع الدِّينَار فَلَا ينظر إِلَى هَذَا الْمقَال وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله
[4957]
فِي ثَمَر بِفتْحَتَيْنِ مُعَلّق أَي بالأشجار الجرين كأمير مَوضِع يجمع فِيهِ التَّمْر ويجفف وَالْمَقْصُود أَنه لَا بُد فِي تحقق الْحِرْز فِي الْقطع فِي حريسة الْجَبَل أَرَادَ بهَا الشَّاة المسروقة من المرعى والاحتراس أَن يُؤْخَذ الشَّيْء من المرعى يُقَال فلَان يَأْكُل الحرسات إِذا كَانَ يَأْكُل أَغْنَام النَّاس كَذَا نقل عَن شرح السّنة المراح بِفَتْح الْمِيم الْمحل ترجع إِلَيْهِ وتبيت فِيهِ قَوْله مَا أصَاب عبارَة عَن الثَّمر وَضمير الْمَفْعُول مَحْذُوف
[4958]
من ذِي حَاجَة من زَائِدَة وَحَمَلُوهُ على حَالَة الِاضْطِرَار أَي فَقَالُوا إِنَّمَا أُبِيح للْمُضْطَر والخبنة بِضَم الْخَاء الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة وَنون مِعْطَفُ الْإِزَارِ وَطَرَفُ الثَّوْبِ أَيْ لَا يَأْخُذُ مِنْهُ فِي ثَوْبه فَلَا شَيْء عَلَيْهِ أَي على الْمُصِيب وَلَا بُد من تَقْدِير فِيهِ أَي فِي ذَلِك الثَّمر غَرَامَة مثلية
بالتثنية وَقد جَاءَ بالافراد فِي بعض نسخ أبي دَاوُد وَهُوَ أظهر وأمثل بقواعد الشَّرْع والتثنية من بَاب التَّعْزِير بِالْمَالِ وَالْجمع بَينه وَبَين الْعقُوبَة وغالب الْعلمَاء على نسخ التَّعْزِير بِالْمَالِ
قَوْله
[4959]
فَقَالَ هِيَ أَي على من سَرَقهَا هِيَ وَمثلهَا والنكال أَي الْعقُوبَة
قَوْله
[4960]
لَا قطع فِي ثَمَر بِفتْحَتَيْنِ فسر بِمَا كَانَ مُعَلّقا بِالشَّجَرِ قبل أَن يجد ويحرز كَمَا تقدم وَقيل المُرَاد بِهِ أَنه لَا قطع فِيمَا يتسارع إِلَيْهِ الْفساد وَلَو بعد الْإِحْرَاز
وَلَا كثر بِفتْحَتَيْنِ جمار النّخل
قَوْله
[4971]
على خائن هُوَ الاخذ مِمَّا فِي يَده على وَجه الْأَمَانَة وَلَا منتهب النهب الْأَخْذ على وَجه الْعَلَانِيَة والقهر وَلَا مختلس الاختلاس أَخذ الشَّيْء من ظَاهر بِسُرْعَة قَالُوا كل ذَلِك لَيْسَ فِيهِ معنى السّرقَة قَالَ القَاضِي عِيَاض شرع الله إِيجَاب الْقطع على السَّارِق وَلم يَجْعَل ذَلِك فِي غَيرهَا كالاختلاس والانتهاب وَالْغَصْب لِأَن ذَلِك قَلِيل بِالنِّسْبَةِ إِلَى السّرقَة وَلِأَنَّهُ يُمكن استرجاع هَذَا النَّوْع باستعداء الْوُلَاة ويسهل إِقَامَة الْبَيِّنَة
عَلَيْهِ بِخِلَاف السّرقَة فَعظم أمرهَا واشتدت عقوبتها ليَكُون أبلغ فِي الزّجر عَنْهَا
قَوْله
[4977]
فَقَالَ اقْتُلُوهُ سُبْحَانَ من أجْرى على لِسَانه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم مَا آل إِلَيْهِ عَاقِبَة أمره والْحَدِيث يدل بِظَاهِرِهِ على أَن السَّارِق فِي الْمرة الْخَامِسَة يقتل وَقد جَاءَ الْقَتْل فِي الْمرة الْخَامِسَة مَرْفُوعا عَن جَابر فِي أبي دَاوُد وَالنَّسَائِيّ فِي الرِّوَايَة وَالْفُقَهَاء على خِلَافه فَقيل لَعَلَّه وجد مِنْهُ ارتداد أوجب قَتله وَهَذَا الِاحْتِمَال أوفق بِمَا فِي حَدِيث جَابر أَنهم جروه وألقوه فِي الْبِئْر إِذْ الْمُؤمن وان ارْتكب كَبِيرَة فَإِنَّهُ يقبر وَيصلى عَلَيْهِ لَا سِيمَا بعد إِقَامَة الْحَد وتطهيره وَأما الاهانة بِهَذَا الْوَجْه فَلَا تلِيق بِحَال الْمُسلم وَقيل بل حَدِيث الْقَتْل فِي الْمرة الْخَامِسَة مَنْسُوخ بِحَدِيث لَا يحل دم امْرِئ مُسلم الحَدِيث وَأَبُو بكر مَا علم بنسخه فَعمل بِهِ وَفِيه أَن الْحصْر فِي ذَلِك الحَدِيث مُحْتَاج إِلَى التَّوْجِيه فَكيف يحكم بنسخ هَذَا الحَدِيث على أَن التَّارِيخ غير مَعْلُوم وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله
[4978]
ثمَّ كشر بيدَيْهِ وَرجلَيْهِ قيل هَكَذَا فِي النّسخ والكشر ظُهُور الْأَسْنَان للضحك وَلَيْسَ لَهُ كثير معنى هَا هُنَا وَفِي الْكُبْرَى كسر بِالْمُهْمَلَةِ وَصحح عَلَيْهَا وَلَيْسَ لَهُ كثير معنى وَقد جَاءَ كشيش الأفعى بشينين معجمتين بِلَا رَاء بِمَعْنى صَوت جلدهَا إِذا تحركت يُقَال كشت تكش وَهَذَا الْمَعْنى صَحِيح هُنَا لوساعدته رِوَايَة قلت وُقُوع تَحْرِيف قَلِيل من النَّاسِخ غير بِعَبْد وَالله تَعَالَى أعلم فانصدعت الْإِبِل أَي تَفَرَّقت
قَوْله
[4979]
لَا تقطع الْأَيْدِي فِي السّفر وَجَاء فِي رِوَايَات الحَدِيث فِي الْغَزْو وَهَذَا الحَدِيث أَخذ بِهِ الْأَوْزَاعِيّ وَلم يقل بِهِ أَكثر الْفُقَهَاء فَقَالَ قَائِل الحَدِيث ضَعِيف وَقَالَ قَائِل المُرَاد بقوله فِي غَزْو أَي فِي غنيمَة لِأَنَّهُ شريك بسهمه فِيهِ وَقيل هَذَا إِذا خيف لُحُوق الْمَقْطُوع يَده بدار الْحَرْب وَالله أعلم
قَوْله
[4980]
وَلَو بنش بِفَتْح نون وَتَشْديد شين
عشرُون درهما وَقيل يُطلق على النّصْف من كل شَيْء فَالْمُرَاد وَلَو بِنصْف الْقيمَة أَو بِنصْف دِرْهَم وَالله تَعَالَى أعلم وَالْمرَاد البيع مَعَ بَيَان الْحَال وَأمره بِالْبيعِ مَعَ أَنه يَنْبَغِي للْمُسلمِ أَن يحب لِأَخِيهِ مَا يحب لنَفسِهِ لِأَن الْإِنْسَان قد لَا يقدر على إصْلَاح حَاله وَيكون غَيره قَادِرًا عَلَيْهِ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله شعرته أَي الْعَانَة استحيي أَي ترك حَيا قَوْله وعلق يَده أَي ليَكُون عِبْرَة ونكالا قَالَ بن الْعَرَبِيّ فِي شرح التِّرْمِذِيّ وَلَو ثَبت هَذَا الحكم لَكَانَ حسنا صَحِيحا لكنه لم يثبت وَيَرْوِيه الْحجَّاج بن أَرْطَاة قلت والْحَدِيث قد حسنه التِّرْمِذِيّ وَسكت عَلَيْهِ أَبُو دَاوُد وان تكلم فِيهِ النَّسَائِيّ وَالله تَعَالَى
أعلم قَوْله لَا يغرم من التغريم أَي إِن وجد عِنْده عين الْمَسْرُوق يُؤْخَذ مِنْهُ وَإِلَّا يتْرك بعد إِجْرَاء الْحَد عَلَيْهِ وَلَا يضمن وَبِه أَخذ الإِمَام أَبُو حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى وَالْجُمْهُور يَتَكَلَّمُونَ فِي الحَدِيث بِأَنَّهُ مُرْسل كَمَا ذكره المُصَنّف وَذَلِكَ لِأَن الْمسور بن إِبْرَاهِيم لم يسمع عَن عبد الرَّحْمَن وَرِوَايَته عَنهُ مُرْسلَة والمرسل لَيْسَ بِحجَّة عِنْد بعض فَكيف يُؤْخَذ بِهِ فِي مُقَابلَة الْعِصْمَة الثَّابِتَة لمَال الْمُسلم قطعا لَكِن الْإِرْسَال عِنْد أبي حنيفَة لَيْسَ بحرج فَإِن الْمُرْسل عِنْده حجَّة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله أَي الْأَعْمَال أفضل إِلَخ قد جَاءَ فِي أفضل الْأَعْمَال أَحَادِيث مُخْتَلفَة ذكر الْعلمَاء فِي التَّوْفِيق
بَينهَا وُجُوهًا وَأحسن مَا قَالُوا أَنه خَاطب كل شخص بِالنّظرِ إِلَى مقَامه وَمَا يَقْتَضِيهِ حَاله كَمَا هُوَ حَال الْحَكِيم نعم لَا اشكال فِي هَذَا الحَدِيث فَإِن الظَّاهِر أَن الْإِيمَان أفضل الْأَعْمَال على الْإِطْلَاق وَفِيه إِطْلَاق اسْم الْعَمَل على الْإِيمَان وَأَنه لَا يخْتَص بِأَفْعَال الْجَوَارِح وعَلى هَذَا فعطف الْعَمَل على الْإِيمَان فِي مَوَاضِع من الْقُرْآن مثل ان الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات من عطف الْأَعَمّ على الْأَخَص الا أَن يخص الْعَمَل فِي الْآيَة بِعَمَل الْجَوَارِح بِقَرِينَة الْمُقَابلَة فَيكون من عطف المتباينين وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله لَا يشك فِيهِ أَي فِي مُتَعَلّقه وَهُوَ الْمُؤمن بِهِ وَالْمرَاد بِنَفْي الشَّك نفي احْتِمَال مُتَعَلقَة النقيض بِوَجْه من الْوُجُوه كَمَا هُوَ الْمَعْنى اللّغَوِيّ لَا نفي الِاحْتِمَال الْمسَاوِي كَمَا هُوَ الْمُتَعَارف فِي الِاصْطِلَاح فَرجع حَاصِل الْجَواب إِلَى أَنه التَّصْدِيق اليقيني دون الظني فَإِن التَّصْدِيق يكون على وَجه الْيَقِين وَالظَّن فَلَا يرد أَن الشَّك لَا يجْتَمع مَعَ التَّصْدِيق أصلا فَلَا فَائِدَة فِي هَذَا الْوَصْف وَحمل الشَّك فِيهِ على إِظْهَار الشَّك فِيهِ بِلَفْظ الِاسْتِثْنَاء بِأَن يَقُول أَنا مُؤمن ان شَاءَ الله بعيد وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله ثَلَاث أَي ثَلَاث خِصَال أَي خِصَال ثَلَاث وَهُوَ مُبْتَدأ للتخصيص وَالْجُمْلَة الشّرطِيَّة خبر أوصفه وَقَوله أَن يكون الله الخ خبر وَمعنى من كن أَي وجدن فَكَانَ تَامَّة أَو من كن مجتمعة فِيهِ وَهِي نَاقِصَة
[4987]
وجد بِهن بِسَبَب وجودهن فِيهِ أَو اجتماعهن فِيهِ حلاوة الْإِيمَان أَي انْشِرَاح الصَّدْر بِهِ وَلَذَّة الْقلب لَهُ تشبه لَذَّة الشَّيْء إِلَى حُصُول
فِي الْفَم وطعمه عطفه عَلَيْهَا كعطف التَّفْسِير وَقيل الْحَلَاوَة الْحسن وَبِالْجُمْلَةِ فللايمان لَذَّة فِي الْقلب تشبه الْحَلَاوَة الحسية بل رُبمَا يغلب عَلَيْهَا حَتَّى يدْفع بهَا أَشد المرارات وَهَذَا مِمَّا يعلم بِهِ من شرح الله صَدره لِلْإِسْلَامِ اللَّهُمَّ ارزقناها مَعَ الدَّوَام عَلَيْهَا أحب إِلَيْهِ قيل هُوَ الْحبّ الِاخْتِيَارِيّ لَا الطبعي ومرجعه إِلَى أَن يخْتَار طاعتهما على هوى النَّفس وَغَيرهَا وَأَن يحب أَي غير الله فِي الله أَي لأَجله لَا لأجل هَوَاهُ وَأَن يبغض كل مَا يبغض فِي الله أَي لأَجله وهما جَمِيعًا خصْلَة وَاحِدَة للُزُوم بَينهمَا عَادَة وَحَاصِل
هَذَا هُوَ أَن يكون الله تَعَالَى عِنْده هُوَ المحبوب بِالْكُلِّيَّةِ وَأَن يكون النَّفس مفقودا فِي جنب الله فَلَا يَرَاهَا أصلا الا لله من حَيْثُ كَونهَا عبدا لَهُ تَعَالَى وَعند ذَلِك يصير النَّفس وَغَيره سَوَاء الْوُجُود هَذَا الْقدر فِي الْكل فَينْظر إِلَى الْكل بِحَدّ سَوَاء وَلَا يرجح النَّفس على الْغَيْر أصلا بل رجح الْقَرِيب إِلَى الله بِقدر قربه على نَفسه وَحِينَئِذٍ يظْهر فِيهِ آثَار قَوْله عليه الصلاة والسلام لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يحب لنَفسِهِ نعم هَذَا لَا يُنَافِي تَقْدِيم نَفسه على غَيره فِي الْإِنْفَاق وَغَيره لأجل أَمر الله تَعَالَى بذلك وَأَن توقد الخ ظَاهره أَنه مُبْتَدأ خَبره أحب إِلَيْهِ لَكِن عد الْجُمْلَة من الْخِصَال غير مُسْتَقِيم فَالْوَجْه أَن يقدر أَن يكون وَيجْعَل أَن يُوقد الخ اسْما لَهُ وَأحب بِالنّصب خَبرا أَي وَأَن يكون ايقاد نَار عَظِيمَة فوقوعه فِيهَا أحب إِلَيْهِ من الشّرك أَي أَن يصير الشّرك عِنْده لقُوَّة اعْتِقَاده بجزائه الَّذِي هُوَ النَّار المؤبدة بِمَنْزِلَة جَزَائِهِ فِي الْكَرَاهَة والنفرة عَنهُ فَكَمَا أَنه لَو خير بَين نَار الْآخِرَة ونار الدُّنْيَا لاختار نَار الدُّنْيَا كَذَلِك لَو خير بَين الشّرك ونار الدُّنْيَا لاختار نَار الدُّنْيَا ومرجع هَذَا أَن يصير الْغَيْب عِنْده من قُوَّة الِاعْتِقَاد كالعيان كَمَا روى عَن عَليّ لَو كشف الغطاء مَا ازددت يَقِينا وَلَا يخفى أَن من تكون عقيدته من الْقُوَّة بِهَذَا الْوَجْه ومحبة الله تَعَالَى بذلك الْوَجْه فَهُوَ حقيق بِأَن يجدمن لَذَّة الْإِيمَان مَا يجد وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله من أحب الْمَرْء تَفْصِيل للموصوفين بِتِلْكَ الصِّفَات الثَّلَاث ليتبين بِهِ الصِّفَات الثَّلَاث وَالْمرَاد من الْمَرْء من يُحِبهُ من النَّاس يَشْمَل نَفسه وَغَيره
[4988]
أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الْكُفْرِ بَعْدَ أَنْ أَنْقَذَهُ الله مِنْهُ قيد على حسب وقته إِذْ النَّاس كَانُوا فِي وقته أَسْلمُوا بعد سبق الْكفْر وَهُوَ كِنَايَة عَن معنى بعد أَن رزقه الله الْإِسْلَام وهداه إِلَيْهِ وَالرُّجُوع على الأول على حَقِيقَته وعَلى الثَّانِي كِنَايَة عَن الدُّخُول فِي الْكفْر قَوْله
[4990]
وَوضع كفيه على فَخذيهِ أَي فَخذي نَفسه جَالِسا على هَيْئَة المتعلم كَذَا ذكره النَّوَوِيّ وَاخْتَارَهُ التوربشتي بِأَنَّهُ أقرب إِلَى التوقير وأشبه بسمت ذَوي الْأَدَب أَو فَخذي النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم ذكره الْبَغَوِيّ وَغَيره وَيُؤَيِّدهُ الْمُوَافقَة لقَوْله فأسند رُكْبَتَيْهِ إِلَى رُكْبَتَيْهِ وَرجحه بن حجر بِأَن فِي رِوَايَة بن خُزَيْمَة ثمَّ وضع يَدَيْهِ على ركبتي النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم قَالَ وَالظَّاهِر أَنه أَرَادَ بذلك الْمُبَالغَة فِي تعمية أمره ليقوى الظَّن أَنه من جُفَاة الْأَعْرَاب قلت وَهَذَا الَّذِي نَقله من رِوَايَة بن خُزَيْمَة هُوَ رِوَايَة المُصَنّف فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة وَأبي ذَر والواقعة متحدة وَالله تَعَالَى أعلم
يَا مُحَمَّد كَرَاهَة النداء باسمه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فِي حق النَّاس لَا فِي حق الْمَلَائِكَة فَلَا اشكال فِي نِدَاء جِبْرِيل بذلك على أَن التعمية كَانَت مَطْلُوبَة أَن تشهد الخ حَاصله أَن الْإِسْلَام هُوَ الْأَركان الْخَمْسَة الظَّاهِرِيَّة يسْأَله وَالسُّؤَال يَقْتَضِي الْجَهْل بالمسئول عَنهُ ويصدقه والتصديق هُوَ الْخَبَر بِأَن هَذَا مُطَابق للْوَاقِع وَهَذَا فرع معرفَة الْوَاقِع وَالْعلم بِهِ ليعرف مُطَابقَة هَذَا لَهُ
[4990]
أَن تؤمن بِاللَّه أَي تصدق فَالْمُرَاد بِهِ الْمَعْنى اللّغَوِيّ والايمان الْمَسْئُول عَنهُ الشَّرْعِيّ فَلَا دور وَفِي هَذَا التَّفْسِير إِشَارَة إِلَى أَن الْفرق
بَين الْإِيمَان الشَّرْعِيّ واللغوي بِخُصُوص الْمُتَعَلّق فِي الشَّرْعِيّ وَحَاصِل الْجَواب أَن الْإِيمَان هُوَ الِاعْتِقَاد الباطني عَن الْإِحْسَان أَي الْإِحْسَان فِي الْعِبَادَة أَو الْإِحْسَان الَّذِي حث الله تَعَالَى عباده على تَحْصِيله فِي كِتَابه بقوله وَالله يحب الْمُحْسِنِينَ كَأَنَّك ترَاهُ صفة مصدر مَحْذُوف أَي عبَادَة كَأَنَّك فِيهَا ترَاهُ أوحال أَي وَالْحَال كَأَنَّك ترَاهُ وَلَيْسَ الْمَقْصُود على تَقْدِير الحالية أَن ينْتَظر بِالْعبَادَة تِلْكَ الْحَال فَلَا يُعِيد قبل تِلْكَ الْحَال بل الْمَقْصُود تَحْصِيل تِلْكَ الْحَال فِي الْعِبَادَة وَالْحَاصِل أَن الْإِحْسَان هُوَ مُرَاعَاة الْخُشُوع والخضوع وَمَا فِي مَعْنَاهُمَا فِي الْعِبَادَة على وَجه راعاه لَو كَانَ رائيا وَلَا شكّ أَنه لَو كَانَ رائيا حَال الْعِبَادَة لما ترك مَا قدر عَلَيْهِ من الْخُشُوع وَغَيره وَلَا منشأ لتِلْك المراعاة حَال كَونه رائيا إِلَّا كَونه تَعَالَى رقيبا عَالما مطلعا على حَاله وَهَذَا مَوْجُود وان لم يكن العَبْد يرَاهُ تَعَالَى وَلذَلِك قَالَ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فِي تَعْلِيله فَإِن لم تكن ترَاهُ فَإِنَّهُ يراك أَي وَهُوَ يَكْفِي فِي مُرَاعَاة الْخُشُوع بذلك الْوَجْه فَإِن على هَذَا وصلية لَا شَرْطِيَّة
وَالْكَلَام بِمَنْزِلَة فَإنَّك وان لم تكن ترَاهُ فَإِنَّهُ يراك فليفهم مَا المسؤل عَنْهَا الخ أَي هما متساويان فِي عدم الْعلم أَن تَلد الْأمة ربتها أَي أَن تحكم الْبِنْت على الْأُم من كَثْرَة العقوق حكم السيدة على أمهَا وَلما كَانَ العقوق فِي النِّسَاء أَكثر خصت الْبِنْت وَالْأمة بِالذكر وَقد ذكرُوا وُجُوهًا أخر فِي مَعْنَاهُ قَوْله وَأَن ترى الحفاة العراة كل مِنْهُمَا بِضَم الأول العالة جمع عائل بِمَعْنى الْفَقِير رعاء الشَّاء كل مِنْهُمَا بِالْمدِّ وَالْأول بِكَسْر الرَّاء وَالْمرَاد الاعراب وَأَصْحَاب الْبَوَادِي يتطاولون بِكَثْرَة الْأَمْوَال
فَلَبثت ثَلَاثًا أَي ثَلَاث لَيَال وَقد جَاءَ هَذَا فِي رِوَايَات كَثِيرَة وَهُوَ بَيَان لقَوْله فَلَبثت مَلِيًّا أَي زَمَانا طَويلا وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[4991]
وانا لجُلُوس جمع جَالس كالقعود أَو هُوَ من إِطْلَاق الْمصدر مَوضِع الْجمع حَتَّى سلم من طرف السماط السماط بِكَسْر السِّين الصَّفّ من النَّاس وَفِي بعض النّسخ حَتَّى سلم فِي طرف الْبسَاط وَهَذَا يدل على أَنهم فرشوا لَهُ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم بساطا قَالَ أدنو صِيغَة الْمُتَكَلّم من الدنو بِمَعْنى الْقرب وهمزة الِاسْتِفْهَام مقدرَة قَالَ ادنه بِسُكُون الْهَاء للسكتة أَن تعبد الله أَي يوحده بِلِسَانِهِ على وَجه يعْتد بِهِ فَشَمَلَ الشَّهَادَتَيْنِ فَوَافَقَ هَذِه الرِّوَايَة رِوَايَة عمر وَكَذَا حَدِيث بني الْإِسْلَام على خمس وَجُمْلَة
[4991]
وَلَا تشرك بِهِ شَيْئا للتَّأْكِيد قَالَ إِذا فعلت على صِيغَة الْمُتَكَلّم أنكرناه استبعدنا كَلَامه وَقُلْنَا أَنه سَائل ومصدق وَبَين الوصفين تنَاقض قَالَ الْإِيمَان بِاللَّه أَي التَّصْدِيق بوحدانيته فَالْمُرَاد بِهِ الْمَعْنى اللّغَوِيّ كَمَا تقدم وتؤمن بِالْقدرِ الظَّاهِر أَنه من عطف الْفِعْل على الِاسْم الصَّرِيح وَالنّصب فِي مثله أحسن فَنَكس أَي طأطأ رَأسه أَي خفضه الرعاء البهم بِضَمَّتَيْنِ نعت للرعاء أَي السود وَقيل جمع بهيم بِمَعْنى الْمَجْهُول الَّذِي لَا يعرف وَمِنْه أبهم الْأَمر إِذا لم تعرف حَقِيقَته وَقيل أَي الْفُقَرَاء الَّذين لَا شَيْء لَهُم وعَلى هَذَا فهم رعاء لابل الْغَيْر لَا لابلهم إِذْ الْمَفْرُوض أَنه لَا شَيْء لَهُم وَقد يُقَال من يملك قدر الْقُوت على وَجه الضّيق لَا يُسمى غَنِيا وَلَا يُوصف بِأَن عِنْده شَيْئا فَلَا اشكال وَقد جَاءَ فِي بعض رِوَايَات الحَدِيث رعاء الْإِبِل والبهم بِفَتْح بَاء وَسُكُون هَاء هِيَ الصغار من أَوْلَاد الضَّأْن
والمعز خمس لَا يعلمهَا دَلِيل على قَوْله مَا الْمَسْئُول عَنْهَا بِأَعْلَم من السَّائِل ثمَّ قَالَ أَي للنَّاس الْحَالين عِنْده بعد أَن خرج الرجل من الْمجْلس نَزَلَ فِي صُورَةِ دِحْيَةَ الْكَلْبِيِّ قَالَ الْحَافِظُ بن حجر هَذَا وَهْمٌ لِأَنَّ دِحْيَةَ مَعْرُوفٌ عِنْدَهُمْ وَقَدْ قَالَ عمر مَا يعرفهُ منا أحد قلت كَونه فِي صُورَة دحْيَة لَا يَقْتَضِي أَن لَا يمتاز عَنهُ بِشَيْء أصلا سِيمَا الامتياز بالأمور الْخَارِجَة فَيجوز أَنه ظهر لَهُم بِبَعْض الْقَرَائِن الْخَارِجَة بل الدَّاخِلَة الْخفية أَنه غير دحْيَة فَلَا وَجه لتوهيم الروَاة بِمَا ذكر فَلْيتَأَمَّل
قَوْله
[4992]
أَو مُسلم بِسُكُون الْوَاو وَكَأَنَّهُ أرشده صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم
إِلَى أَنه لَا يجْزم بِالْإِيمَان لِأَن مَحَله الْقلب فَلَا يظْهر وَإِنَّمَا الَّذِي يجْزم بِهِ هُوَ الْإِسْلَام لظُهُوره فَقَالَ أَو مُسلم أَي قل أَو مُسلم على الترديد أَو الْمَعْنى أَو قل مُسلم بطرِيق الْجَزْم بِالْإِسْلَامِ وَالسُّكُوت عَن الْإِيمَان بِنَاء على أَن كلمة أَو اما للترديد أَو بِمَعْنى بل وَالرِّوَايَة الْآتِيَة تؤيد الْوَجْه الثَّانِي وعَلى الْوَجْه الثَّانِي يرد أَنه لَا وَجه لاعادة سعد القَوْل بِالْجَزْمِ بِالْإِيمَان لِأَنَّهُ يتَضَمَّن الاعراض عَن ارشاده صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فَكَأَنَّهُ لغَلَبَة ظن سعد فِيهِ بِالْخَيرِ أَو لشغل قلبه بِالْأَمر الَّذِي كَانَ فِيهِ مَا تنبه للارشاد وَالله تَعَالَى أعلم مَخَافَة أَن يكبوا أَي أُولَئِكَ الَّذين أعطيهم فِي النَّار أَي مَخَافَة أَن يرتدوا لضعف ايمانهم ان لم أعطهم أَو يتكلموا بِمَا لَا يَلِيق فسقطوا فِي النَّار قَوْله أَنه لَا يدْخل الْجنَّة أَي من بَين الْمُسلمين أَو من بَين النَّاس الا مُؤمن وَفِيه أَن الْإِسْلَام بِلَا ايمان لَا ينفع فِي دُخُول دَار السَّلَام وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله
الْمُسلم المُرَاد بِهِ الْكَامِل فِي الْإِسْلَام وَالْمرَاد بقوله
[4996]
من سلم الْمُسلمُونَ من لَا يُؤْذِي أحدا بِوَجْه من الْوُجُوه لَا بِالْيَدِ وَلَا بِاللِّسَانِ واجراء الْحُدُود وَالتَّعْزِير وَمَا يسْتَحقّهُ الْمَرْء إصْلَاح أَو طلب للحق لَا ايذاء شرعا وَالْمَقْصُود أَن الْكَمَال فِي الْإِسْلَام لَا يتَحَقَّق بِدُونِ هَذَا وَلَا يكون الْمَرْء بِدُونِ هَذَا الْوَصْف مُؤمنا كَامِلا لَا أَنه إِذا تحقق هَذَا الْوَصْف تحقق هَذَا الْكَمَال فِي الْإِسْلَام وان كَانَ مَعَ ترك الصَّلَاة وَنَحْوهَا لجَوَاز عُمُوم الْمَحْمُول من الْمَوْضُوع وَمثله قَوْله وَالْمُؤمن وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله من صلى صَلَاتنَا أَي من أظهر شَعَائِر الْإِسْلَام وَقد تقدم الحَدِيث قَوْله
[4998]
فَحسن إِسْلَامه بِضَم سين مُخَفّفَة أَي صَار حسنا بمواطأة الظَّاهِر الْبَاطِن وَيُمكن تَشْدِيد السِّين ليُوَافق رِوَايَة أحسن أحدكُم إِسْلَامه أَي جعله حسنا بالمواطأة الْمَذْكُورَة كَانَ أزلفها أَي أسلفها وقدمها يُقَال زلف وزلف مشددا ومخففا بِمَعْنى وَاحِد وَهَذَا الحَدِيث يدل على أَن حَسَنَات الْكَافِر مَوْقُوفَة ان أسلم تقبل والا ترد لَا مَرْدُودَة وعَلى هَذَا فنحو قَوْله تَعَالَى وَالَّذين كفرُوا أَعْمَالهم كسراب مَحْمُول على من مَاتَ على الْكفْر وَالظَّاهِر أَنه لَا دَلِيل على خِلَافه وَفضل الله أوسع من هَذَا وَأكْثر فَلَا استبعاد فِيهِ وَحَدِيث الْإِيمَان يجب مَا قبله من الْخَطَايَا فِي السَّيِّئَات لَا فِي الْحَسَنَات الْقصاص بِالرَّفْع اسْم كَانَ أَي الْمُمَاثلَة الشَّرْعِيَّة وَضعهَا الله تَعَالَى فضلا مِنْهُ ولطفا لَا الْعَقْلِيَّة وَجُمْلَة الْحَسَنَة الخ بَيَان لذَلِك الْقصاص وَنعم الْقصاص هَذَا الْقصاص مَا أكْرمه سبحانه وتعالى قَوْله
[4999]
أَي الْإِسْلَام قيل تَقْدِيره أَي ذَوي الْإِسْلَام كَمَا يدل عَلَيْهِ الْجَواب وَيُوَافِقهُ رِوَايَة مُسلم أَي الْمُسلمين أفضل وَبِه ظهر دُخُول أَي على المتعدد وَيُمكن أَن يُقَال المُرَاد أَي افراد الْإِسْلَام أفضل وَمعنى من سلم الخ أَي إِسْلَام من سلم وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[5000]
أَي الْإِسْلَام خير أَي أَي خصاله وأعماله خير أَي كثير النَّفْع للْغَيْر وَسبب لارضائه تطعم هُوَ فِي تَقْدِير الْمصدر أَي اطعام الطَّعَام وَمثله تسمع بالمعيدي خير وتقرأ مضارع قَرَأَ أَي تَقُولُ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ السِّجِسْتَانِيُّ تَقُولُ اقْرَأْ عليه السلام وَلَا تَقول أقرئه السَّلَام فَإِن كَانَ مَكْتُوبًا أقرئه السَّلَام أَي اجْعَلْهُ يَقْرَؤُهُ
قَوْله
[5001]
قَالَ لَهُ أَلا تغزو قَالَ سَمِعت الخ كَأَنَّهُ فهم أَن السَّائِل يرى الْجِهَاد من أَرْكَان الْإِسْلَام فَأجَاب بِمَا ذكر والا فَلَا يَصح التَّمَسُّك بِهَذَا الحَدِيث فِي ترك
مَا لم يذكر فِي هَذَا الحَدِيث وَهَذَا ظَاهر بني الْإِسْلَام يُرِيد أَنه لَا بُد من اجْتِمَاع هَذِه الْأُمُور الْخَمْسَة ليَكُون الْإِسْلَام سالما عَن خطر الزَّوَال وَكلما زَالَ وَاحِد من هَذِه الْأُمُور يخَاف زَوَال الْإِسْلَام بِتَمَامِهِ وللتنبيه على هَذَا الْمَعْنى أَتَى بِلَفْظ الْبناء وَفِيه تَشْبِيه الْإِسْلَام بِبَيْت مخمسة زواياه وَتلك الزوايا أجزاؤه فبوجودها أجمع يكون الْبَيْت سالما وَعند زَوَال وَاحِد يخَاف على تَمام الْبَيْت وان كَانَ قد يبْقى معيوبا أَيَّامًا وَالله تَعَالَى أعلم شَهَادَة بِالْجَرِّ على الْبَدَلِيَّة من خمس أَو الرّفْع على أَنه خبر مَحْذُوف أَي هِيَ شَهَادَة الخ وَالْمرَاد الشَّهَادَة
بِالتَّوْحِيدِ على وَجه يعْتد بِهِ وَهُوَ أَن تكون مقرونة بِالشَّهَادَةِ وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[5002]
فَمن وفى مِنْكُم قَالَ السُّيُوطِيّ بِالتَّخْفِيفِ التَّشْدِيد أَيْ ثَبَتَ عَلَى الْعَهْدِ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ تَعْظِيم لِلْأجرِ بإضافته إِلَى عَظِيم
والْحَدِيث قد سبق وَكَذَا الَّذِي بعده قَوْله بضع بِكَسْر الْبَاء وَحكى فتحهَا هُوَ فِي الْعدَد مَا بَين الثَّلَاث إِلَى التسع وَهُوَ الصَّحِيح وَالْمرَاد بضع وَسَبْعُونَ خصْلَة أَو شُعْبَة أَو نَحْو ذَلِك وَفِي الرِّوَايَة الأولى نَص على الشعبة وَهُوَ بِضَم الشين القطعةمن الشَّيْء وَالْمرَاد الْخصْلَة وَهُوَ كِنَايَة عَن الْكَثْرَة فَإِن أَسمَاء الْعدَد كثيرا
مَا تَجِيء كَذَلِك فَلَا يرد أَن الْعدَد قد جَاءَ فِي بَيَان الشّعب مُخْتَلفا وَالْمرَاد بِلَا اله الا الله مَجْمُوع الشَّهَادَتَيْنِ عَن صدق قلب أَو الشَّهَادَة بِالتَّوْحِيدِ فَقَط لَكِن عَن صدق قلبه على أَن الشَّهَادَة بالرسالة شُعْبَة أُخْرَى وَمعنى أوضعها أدناها وأقلها مِقْدَارًا واماطة الشَّيْء عَن الشَّيْء إِزَالَته عَنهُ واذهابه وَالْحيَاء بالمدلغة تغير وانكسار يعتري الْمَرْء مِنْ خَوْفِ مَا يُعَابُ بِهِ وَفِي الشَّرْعِ خُلُقٌ يَبْعَثُ عَلَى اجْتِنَابِ الْقَبِيحِ وَيَمْنَعُ مِنَ التَّقْصِير فِي حق ذِي الْحق وَالْمرَاد هَا هُنَا اسْتِعْمَال هَذَا الْخلق على قَاعِدَة الشَّرْع وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله ملئ على بِنَاء الْمَفْعُول إِلَى مشاشه بِضَم مِيم وَتَخْفِيف هِيَ رُؤُوس الْعِظَام كالمرفقين والكتفين والركبتين
قَوْله
[5008]
فَإِن لم يسْتَطع تَغْيِيره وازالته بِيَدِهِ فبلسانه أَي فلينكر بِلِسَانِهِ فبقلبه أَي فليكرهه بِقَلْبِه وَلَيْسَ المُرَاد فليغيره بِلِسَانِهِ وَقَلبه إِذْ اللِّسَان وَالْقلب لَا يصلحان للتغيير عَادَة سِيمَا بِالنّظرِ إِلَى غير المستطيع وَذَلِكَ أَي الِاكْتِفَاء بِالْكَرَاهَةِ بِالْقَلْبِ أَضْعَف الْإِيمَان أَضْعَف أَعمال الْإِيمَان الْمُتَعَلّقَة بانكار الْمُنكر فِي ذَاته لَا بِالنّظرِ إِلَى غير المستطيع فَإِنَّهُ بِالنّظرِ إِلَيْهِ هُوَ تَمام الوسع والطاقة وَلَيْسَ عَلَيْهِ غَيره وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله
[5009]
فقد بَرِيء أَي من الْمُشَاركَة مَعَ أَهله فِي الْإِثْم
قَوْله
[5010]
يكون لَهُ صفة الْحق على أَن تَعْرِيفه للْجِنْس بأشد مجادلة بِنصب مجادلة على التَّمْيِيز وَفِيه مُبَالغَة حَيْثُ جعل المجادلة ذَات مجادلة وَلَا يجوز زجر مجادلة بِإِضَافَة اسْم التَّفْضِيل إِلَيْهَا لِأَنَّهُ يلْزم الْجمع بَين الْإِضَافَة وَمن وَاسم التَّفْضِيل لَا يسْتَعْمل بهما وَأَيْضًا التنكير يَأْبَى احْتِمَال الْإِضَافَة من الْمُؤمنِينَ أَي مجادلة الْمُؤمنِينَ الَّذين أدخلُوا على بِنَاء الْمَفْعُول رَبنَا بِتَقْدِير حرف النداء أَي يَا رَبنَا أخواننا أَي هم إِخْوَاننَا أَو هُوَ مُبْتَدأ خَبره جملَة
كَانُوا الخ بصورهم فَإِن صُورَة الْوَجْه لَا تَتَغَيَّر بالنَّار لِأَن النَّار لَا تَأْكُل أَعْضَاء السُّجُود فَانْظُر أَنه كَيفَ يكون هَذَا ان لم يكن فِي الْقُلُوب محبته فِي الدُّنْيَا فَلَعَلَّ من لَا يتحابون لَا يشفعون هَذِه الشَّفَاعَة وَالله تَعَالَى يدْخل الْمحبَّة فِي قُلُوبهم فِي تِلْكَ الْحَالة ثمَّ الحَدِيث يدل على أَن الْإِيمَان يزِيد وَينْقص وَهُوَ قَوْله يعرضون على على بِنَاء الْمَفْعُول الثدي بِضَم مُثَلّثَة وَتَشْديد يَاء جمع ثدي بِفَتْح فَسُكُون
قَوْله
[5012]
ذَلِك الْيَوْم أَي يَوْم نُزُولهَا قَالَ الْيَوْم أكملت وَفِيه نِسْبَة الْإِكْمَال إِلَى الدّين وَأخذ مِنْهُ المُصَنّف القَوْل بِزِيَادَة الْإِيمَان وَفِيه خَفَاء لَا يخفى فِي عَرَفَة فِي يَوْم جُمُعَة أَي فقد جمع الله تَعَالَى لنا فِي يَوْم نُزُولهَا عيدين مِنْهُ تَعَالَى من غير تكلّف منافله الْحَمد على تَمام نعْمَته
قَوْله
[5013]
أكون أحب إِلَيْهِ أفعل مَبْنِيّ للْمَفْعُول وَقد سبق مَا قيل أَن المُرَاد بِهِ الْمحبَّة الاختيارية لَا الطبيعية وَكَذَا ذكرُوا أَن المُرَاد بقوله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم لَا يُؤمن لَا يكمل ايمانه وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله
[5016]
مَا يحب لنَفسِهِ أَي من خير الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَالْمرَاد الْجِنْس لَا خُصُوص النَّوْع والفرد إِذْ قد يكون جبرا لَا يقبل الِاشْتِرَاك كالوسيلة أَو لَا يَلِيق لغير من لَهُ وَنَحْو ذَلِك وَالله تَعَالَى أعلم ثمَّ المُرَاد بِهَذِهِ الْغَايَة وأمثالها أَنه لَا يكمل الْإِيمَان بِدُونِهَا لَا أَنَّهَا وَحدهَا كَافِيَة فِي كَمَال الْإِيمَان وَلَا يتَوَقَّف الْكَمَال بعد حُصُولهَا على شَيْء آخر حَتَّى يلْزم التَّعَارُض بَين هَذِه الغايات الْوَارِدَة فِي مثل هَذِه الْأَحَادِيث فَلْيتَأَمَّل قَوْله
[5018]
لَا يحبك أَي حبا لائقا لَا على وَجه الافراط فَإِن الْخُرُوج عَن الْحَد غير مَطْلُوب وَلَيْسَ من عَلَامَات الْإِيمَان بل قد يُؤَدِّي إِلَى الْكفْر فَإِن قوما قد خَرجُوا عَن الْإِيمَان بالافراط فِي حب عِيسَى
قَوْله
[5019]
حب الْأَنْصَار لنصرتهم وَكَذَا بغضهم لذَلِك وَأما الْحبّ والبغض لما يجْرِي بَين النَّاس من الْأُمُور الدُّنْيَوِيَّة فخارجان عَن هَذَا الحكم وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[5020]
من كن فِيهِ أَي مجتمعة ثمَّ المرجو أَن هَذِه الْأَرْبَع مجتمعة على وَجه الاعتياد والدوام لَا تُوجد فِي مُسلم إِذْ الْمُسلم لَا يَخْلُو عَن عيب فَلَا حَاجَة للْحَدِيث إِلَى تَأْوِيل فَإِن الحَدِيث من الاخبار بِالْغَيْبِ وَإِذا عَاهَدَ العهود هِيَ المواثيق الْمُؤَكّدَة بِالْإِيمَان وَوضع الأيادي فجر أَي شتم وَسَب وَذكر مَالا يَلِيق قَوْله ثَلَاث أَي مَجْمُوع ثَلَاث وَلَعَلَّ هَذِه الثَّلَاث مجتمعة مثل تِلْكَ الْأَرْبَع وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله
[5022]
أَن لَا يحبني أَي لصحبتي وَقَرَابَتِي وَمَا أَعْطَانِي رَبِّي من الْفَضَائِل والكرامات وَكَذَا البغض وَلَيْسَ الْحبّ والبغض للأمور الدُّنْيَوِيَّة مِنْهُ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله إِيمَانًا أَي لأجل الْإِيمَان بِاللَّه تَعَالَى وَرَسُوله أَو لأجل الْإِيمَان بِفضل رَمَضَان واحتسابا أَي لأجل طلب الْأجر مِنْهُ تَعَالَى لَا لأجل رِيَاء وَسُمْعَة قَوْله
[5028]
ثَائِر الرَّأْس أَي منتشر شعر الرَّأْس يسمع على بِنَاء الْمَفْعُول أَو بالنُّون على بِنَاء الْفَاعِل دوى صَوته بِفَتْح دَال وَكسر وَاو وَتَشْديد يَاء وَحكى ضم الدَّال هُوَ مَا يظْهر من الصَّوْت عِنْد شدته وَبعده فِي الْهَوَاء شَبِيها بِصَوْت النَّحْل والْحَدِيث قد سبق مشروحا فِي أول كتاب الصَّلَاة قَوْله
[5029]
انتدب الله أَي تكفل والْحَدِيث قد سبق مشروحا فِي كتاب الْجِهَاد وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله انا هَذَا الْحَيّ الظَّاهِر أَنه بِالرَّفْع خبران أَي نَحن المعروفون
[5031]
الْإِيمَان بِاللَّه بدل من أَربع لكَونه عبارَة عَمَّا فسر بِهِ من الْأُمُور الْأَرْبَعَة وَلذَلِك رَجَعَ إِلَيْهِ ضمير الْمُؤَنَّث فِي قَوْله ثمَّ فَسرهَا لَهُم التَّفْسِير يدل على أَن المُرَاد بِالْإِيمَان الْإِسْلَام قَوْله
[5033]
يعظ أَخَاهُ فِي الْحيَاء أَي يُعَاتب عَلَيْهِ فِي شَأْنه ويحثه على تَركه من الْإِيمَان أَي من شُعْبَة كَمَا تقدم وَلَيْسَ فِيهِ تَسْمِيَة الْحيَاء باسم الْإِيمَان كَمَا ذكره السُّيُوطِيّ نقلا عَن غَيره
قَوْله
[5034]
ان هَذَا الدّين يسر قَالَ السُّيُوطِيّ سَمَّاهُ يُسْرًا مُبَالَغَةً بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْأَدْيَانِ قَبْلَهُ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى رَفَعَ عَنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ الْإِصْرَ الَّذِي كَانَ عَلَى مَنْ قَبْلَهُمْ وَمِنْ أَوْضَحِ الْأَمْثِلَةِ لَهُ أَنَّ تَوْبَتَهُمْ كَانَتْ بِقَتْلِ أَنْفُسِهِمْ وَتَوْبَةُ هَذِهِ الْأُمَّةِ بِالْإِقْلَاعِ
والعزم والندم وَلنْ يشاد الدّين أحد هُوَ بِضَم الْيَاء وَتَشْديد الدَّال للْمُبَالَغَة من الشدَّة وَأَصله لَا يُقَابل الدّين أحد بالشدة وَلَا يجرى بَين الدّين وَبَينه مُعَاملَة بِأَن يشدد كل مِنْهُمَا على صَاحبه الا غَلبه الدّين وَالْمرَاد أَنه لَا يفرط أحد فِيهِ وَلَا يخرج عَن حد الِاعْتِدَال وَقَالَ بن التِّينِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَمٌ مِنْ أَعْلَامِ النُّبُوَّة فقد علم أَن كل متنطع أَي مُنْفَرد فِي الدّين يَنْقَطِع وَلَيْسَ المُرَاد مِنْهُ الْمَنْع من طَلَبَ الْأَكْمَلِ فِي الْعِبَادَةِ فَإِنَّهُ مِنَ الْأُمُورِ المحمودة بل الْمَنْع مِنْ الْإِفْرَاطِ الْمُؤَدِّي إِلَى الْمَلَالِ وَالْمُبَالَغَةِ فِي التَّطَوُّعِ الْمُفْضِي إِلَى تَرْكِ الْأَفْضَلِ أَوْ إِخْرَاجِ الْفَرْض عَن وقته كمن بَات يُصَلِّي طول اللَّيْل كُله ويغالب النّوم إِلَى أَن غلبت عَيْنَاهُ فِي آخِرِ اللَّيْلِ فَنَامَ عَنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ فَسَدِّدُوا أَيِ الْزَمُوا السَّدَادَ وَهُوَ الصَّوَابُ مِنْ غَيْرِ إِفْرَاطٍ وَلَا تَفْرِيطٍ وَقَارِبُوا أَيْ إِنْ لَمْ تَسْتَطِيعُوا الْأَخْذَ بِالْأَكْمَلِ فَاعْمَلُوا بِمَا يُقَرِّبُ مِنْهُ وَأَبْشِرُوا أَيْ بِالثَّوَابِ عَلَى الْعَمَلِ الدَّائِمِ وَإِنْ قَلَّ أَوِ الْمُرَادُ تَبْشِيرُ مَنْ عَجَزَ عَنِ الْعَمَلِ بِالْأَكْمَلِ بِأَنَّ الْعَجْزَ إِذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ صُنْعِهِ لَا يَسْتَلْزِمُ نَقْصَ الْأَمر وَأبْهم المبشر بِهِ تَعْظِيمًا وتفخيما وَاسْتَعِينُوا بالغدوة بِالْفَتْح سيرأول النَّهَار وَالرَّوْحَةُ بِالْفَتْحِ السَّيْرُ بَعْدَ الزَّوَالِ وَالدُّلْجَةُ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِهِ وَإِسْكَانِ اللَّامِ سَيْرُ آخِرِ اللَّيْلِ أَي
اسْتَعِينُوا عَلَى مُدَاوَمَةِ الْعِبَادَةِ بِإِيقَاعِهَا فِي الْأَوْقَاتِ المنشطة وَفِيه تَشْبِيه للسَّفر إِلَى الله تَعَالَى بِالسَّفرِ الْحسي وَمَعْلُوم أَن الْمُسَافِر إِذا اسْتمرّ على السّير انْقَطع وَعجز وَإِذا أَخذ الْأَوْقَات المنشطة نَالَ الْمَقْصد بالمداومة وغالب هَذَا الَّذِي ذكرته فِي شرح هَذَا الحَدِيث نقلته عَن حَاشِيَة السُّيُوطِيّ رَحمَه الله تَعَالَى قَوْله مَه اسكتي عَن مدحها فَإِن الْمَدْح لَيْسَ بالافراط وَإِنَّمَا هُوَ بالاستقامة مَا تطيقون أَي تطيقون المداومة عَلَيْهِ والا فَلَا شكّ أَن من يفعل شَيْئا فَلَا يفعل الا مَا يطيقه لَا يمل بِفَتْح مِيم وَتَشْديد لَام أَي لَا يعرض عَن العَبْد وَلَا يقطع عَنهُ الإقبال عَلَيْهِ بِالرَّحْمَةِ وَالْإِحْسَان حَتَّى تملوا تعرضوا عَن عِبَادَته بعد الدُّخُول فِيهَا لملالة النَّفس أحب الدّين أَي الطَّاعَة وَالْعِبَادَة
قَوْله خير مَال الْمُسلم بِالنّصب على الخبرية غنم بِالرَّفْع على أَنه اسْم يكون يتبع بتَشْديد التَّاء من الافتعال أَو تخفيفها من تبع بِكَسْر الْبَاء مُجَردا شعف الْجبَال بِفتْحَتَيْنِ الأولى مُعْجمَة وَالثَّانيَِة مُهْملَة رُؤُوس الْجبَال ومواضع الْقطر أَي الْمَوَاضِع الَّتِي يسْتَقرّ فِيهَا الْمَطَر كالأودية وَفِيه أَنه يجوز الْعُزْلَة بل هِيَ أفضل أَيَّام الْفِتَن قَوْله العائرة أَي المترددة بَين قطيعين من الْغنم وَهِي الَّتِي تطلب الْفَحْل فتتردد بَين قطيعين وَلَا تَسْتَقِر مَعَ إِحْدَاهمَا وَالْمُنَافِق مَعَ الْمُؤمنِينَ بِظَاهِرِهِ وَمَعَ الْمُشْركين بباطنه تبعا لهواه وغرضه الْفَاسِد فَصَارَ بِمَنْزِلَة تِلْكَ الشَّاة وَفِيه سلب الرجولية عَن الْمُنَافِقين والغنمة وَاحِدَة وَالْغنم جمع فَفِي الحَدِيث تَثْنِيَة للْجمع بتأويله بِالْجَمَاعَة نقل السُّيُوطِيّ عَن الزَّمَخْشَرِيّ أَنه قَالَ فِي الْمفصل قديثنى الْجَمْعُ عَلَى تَأْوِيلِ الْجَمَاعَتَيْنِ وَالْفِرْقَتَيْنِ وَمِنْهُ هَذَا الحَدِيث
قَوْله
[5038]
مثل الأترجة بِضَم همزَة وَرَاء وَتَشْديد جِيم وَهِي من أفضل الثِّمَار لكبر جرمها وَحسن منظرها وَطيب طعمها ولين ملمسها ولونها يسر الناظرين وَفِيه تَشْبِيه الْإِيمَان بالطعم الطّيب لكَونه خيرا باطنيا لَا يظْهر لكل أحد وَالْقُرْآن بِالرِّيحِ الطّيب ينْتَفع بِسَمَاعِهِ كل أحد وَيظْهر سَمحا لكل سامع وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله قَالَ القَاضِي يَعْنِي بن الكسار كَمَا فِي بعض النّسخ وَفِي الْأَطْرَاف بعد نقل كَلَام القَاضِي قَالَ أَبُو الْقَاسِم وَهَذَا حَفْص بن عمر أَبُو عمر المهرقاني الرَّازِيّ مَعْرُوف وَقد ذكره أهل كتب الْأَسْمَاء وَعَلِيهِ عَلامَة النَّسَائِيّ قَالَ فِي التَّقْرِيب من الْعَاشِرَة قَوْله الربالي بِفَتْح الرَّاء وَالْبَاء وَبعد الْألف لَام نِسْبَة إِلَى جده ربال بن إِبْرَاهِيم