الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فنقول: السحر: هو كل ما فيه مخادعة أوتأثير في عالم العناصر نتيجة الاستعانة بغير الله من شيطان أو نحوه، يشبه الخارق للعادة وليس فيه تحد يمكن اكتسابه بالتعلم.
ثانياً: أنواع السحر:
السحرأنواع كثيرة منها: ماله حقيقة، ومنها ما ليس له حقيقة، ومنها ما هو سحر في اللغة "هو السحر المجازي"، ولذا اختلفت تقسيمات العلماء للسحر فبعضهم جمع الجميع كالرازي وبعضهم اقتصر على ما هو سحر في عرف الشرع1وبعضهم اقتصر على ماله حقيقة فقط. وإليك شيئاً من هذه الأنواع بشيء من الإيجاز.
القسم الأول:- ما هو سحر في الشرع - ومنه ماله حقيقة، ومنه ما ليس له حقيقة - ومن أنواعه ما يلي:
النوع الأول: سحر أصحاب الأوهام والنفوس القوية. ذلك أن الوهم والنفس لهما تأثير على الإنسان، وبناءً على ذلك يقوم الساحر بأقوال وأفعال مخصوصة تقوي النفس حتى تؤثر في الآخرين بقدرة الله تعالى.
وقد ذكر الرازي وجوها كثيرة تؤكد أن للوهم والنفس تأثيراً، منها:
الأول: أن الإنسان يمكنه أن يمشي على الجذع الموضوع على وجه الأرض ولا يمكنه المشي عليه إذا كان ممدوداً على نهر أو نحوه ذلك أن توهم السقوط متى قوي أوجبه.
الثاني: قد أجمع الأطباء على نهي المرعوف عن النظر إلى الأشياء الحمر خشية أن يؤثر هذا على نفسه فيستمر رعافه وعلى نهي المصروع عن النظر إلى الأشياء القوية اللمعان أو الدوران لأن هذا يؤثر في نفسه فيتمادى به صرعه.
1 المراد في عرف الشرع: بحيث يحكم على صاحبه شرعاً بأنه ساحر.
كل ذلك دليل على أن التصورات النفسية التي تعرض للنفس تؤثر في صاحبها.
الثالث: التجربة والعيان شاهدان بأن هذه التصورات مبادئ قريبة لحدوث الكيفيات في الأبدان فإن الغضبان تشتد سخونة مزاجه حتى إنه يفيده سخونة قوية. وذلك دليل على أن النفوس لها تأثير في بدن صاحبها وإذا جاز كون التصورات مبادئ لحدوث الحوادث في البدن فأي استبعاد من كونها مبادئ لحدوث الحوادث خارج البدن.
الرابع: ومما يؤكد أن النفس قد تؤثر بالآخرين الإصابة بالعين1
وقد اتفق النقل والعقل على ذلك. قال صلى الله عليه وسلم: "العين حق ولو كان شيء سابق القدر لسبقته العين" 2
ثم قال3: "النفس التي تفعل هذه الأفاعيل قد تكون قوية جداً تستغني في هذه الأفاعيل عن الاستعانة بالآلات
…
وقد تكون ضعيفة فتحتاج إلى الاستعانة بهذه الآلات.
وتحقيقه أن النفس إذا كانت متعلية على البدن شديدة الانجذاب إلى عالم السماوات صارت كأنها روح من الأرواح السماوية فكانت قوية على التأثير في مواد هذا العالم، وإذا كانت ضعيفة شديدة التعلق بهذه اللذات البدنية فحينئذ لا يكون لها تأثير البتة إلا في هذا البدن
…
ثم أرشد إلى أنه لا بد لمزاولة هذه الأعمال من انقطاع المألوفات والمشتهيات وتقليل الغذاء والانقطاع عن مخالطة الخلق، وكلما كانت هذه الأمور أكثر كان ذلك التأثير أقوى"4.
1 التفسير الكبير للرازي ج 3، ص 208-209 (بتصرف) .
2 رواه مسلم والترمذي جامع الأصول حديث 5737.
3 الرازي.
4 التفسير الكبير للرازي ج 3، ص 209.
والحق أن هذا الساحر لم يؤثر على الآخرين بنفسه فقط بل هناك معين، وهذا المعين إنما هو شيطان، ذلك أن الساحر عندما خرج عن حد الاعتدال المشروع في تلبية رغبات الروح والجسد وأشقى نفسه في معصية الله، تعلت روحه على بدنه وقويت حتى أصبح من السهل على الأرواح التعامل معها، ومن ثم تولتها الأرواح الشيطانية لكونها خبيثة ورغبتها في هذا السلوك، وذلك بتحقيق أمور لا تستطيعها في حال اعتدالها، لتستمر في هذا الطريق الباطل مع عدم شعورها بعون تلك الأرواح. ولذا يمكن أن يطلق على ما تحققه من أمور أحوال شيطانية1 أعاذنا الله منها.
النوع الثاني: السحر الذي يستعان فيه بالكواكب ومنه:
1-
سحر الكلدانيين وأهل بابل وغيرهم، وهؤلاء كانوا قوما صابئين يعبدون الكواكب السبعة ويعتقدون أنها المدبرة للعالم وأن حوادث العالم كلها من أفعالها، ومنها يصدر كل مظهر خير وشر، وقد بعث الله إليهم إبراهيم عليه السلام مبطلاً لمقالتهم ونظراً لاعتقادهم أنها مدبرة من دون الله فهم يزعمون أن لها ادراكات روحانية فإذا قوبلت ببخور خاص ولباس خاص على الذي يباشر البخور مع إقدامه على أفعال خاصة، وألفاظ يخاطب بها الكواكب كانت روحانية الفلك مطيعة له متى ما أراد شيئاً فعلته له على حد زعمهم. والحق أن الروحانيات التي قضت حوائجهم إنما هي الشياطين أعاذنا الله منها ليستمروا في باطلهم فيضلوا ويضلوا2
1 تفسير ابن كثير ج1، ص145، والسحر بين الحقيقة والخيال. ص 21.
2 تفسير الرازي ج3 ص 206 وأضواء البيان ج 4 ص453 وتيسير العزيز الحميد ص 387 وأحكام القرآن ج1ص52.
2-
ومنه نوع يسمى بالطلاسم: وهو عبارة عن نقش أسماء خاصة لها تعلق بالأفلاك والكواكب - على زعم أهلها - في جسم من المعادن أو غيرها تحدث به خاصية ربطت في مجاري العادات، ولا بد مع ذلك من نفس صالحة لهذه الأعمال فإن بعض النفوس لا تجري الخاصية المذكورة على يده1
وهذا النوع من السحر يحصل في الغالب إما من محتال ذكي مع مغفل فنتيجة تصديقه يحصل الشعور النفسي بتأثيره. وأما من صاحب علاقة بالشياطين، وإنما يستعمل هذا الطلسم لإخفاء ضلاله وكفره وكلاهما محرم. فالأول كذب وغش، والثاني شرك ظاهر من فاعله2. وعليه فليس للكواكب فيه أي أثر.
3-
ومنه: النظر في حركات الأفلاك ودورانها وطلوعها وغروبها واقترابها وافتراقها معتقدين أن لكل نجم منها تأثير حال انفراده كما أن له تأثيراً حال اجتماعه بغيره، على الحوادث الأرضية من غلاء الأسعار ورخصها ووقوع الحوادث وهبوب الرياح ونحو ذلك وقد ينسبون إليه ذلك مطلقاً3
4-
ومنه النظر في منازل القمر الثمانية والعشرين معتقدين التأثير، في اقتران القمر بكل منها ومفارقته وان في تلك المقارنة أو المفارقة سعوداً أو نحساً أوتأليفا أو تفريقاً وغير ذلك4.
5-
ومنه ما يفعله من يستخدم الأرقام لحروف أبجد هوز.... المسمى بعلم الحرف. وهو أن يكتب حروف أبجد هوز
…
الخ. ويجعل لكل حرف منها قدراً من العدد معلوماً ويجري على ذلك أسماء الآدميين والأزمنة والأمكنة وغيرها
1 أضواء البيان ج4 ص453 الفصل ج5 ص4.
2 انظر السحر بين الحقيقة والخيال ص 27.
3 انظر معارج القبول ج2 ص560، والفتاوى ج35ص192.
4 معارج القبول ج2ص560.
ويجمع جمعاً معروفاً عنده ويطرح طرحاً خاصاً ويثبت إثباتاً خاصاً، وينسبه إلى الأبراج الاثني عشر المعروفة عند أهل الحساب، ثم يحكم على تلك القواعد بالسعود والنحوس وغيرها مما يوحيه إليه الشيطان وكثير منهم يفرق بين المرء وزوجته بذلك بدعوى أنهم إن جمعهم بيت لا يعيش أحدهم، وقد يتحكم بذلك في الغيب فيدعي أن هذا يولد له وهذا لا. وهذا يكون غنياً وهذا يكون فقيرا ونحو ذلك. كأنه هو الكاتب ذلك للجنين في بطن أمه لا والله لا يدريه الملك الذي يكتب حتى يسأل ربه فكيف بهذا الكاذب المفترى ولا شك في تحريم هذا العمل وكذب مدعيه وأن أحكامه رجم بالغيب1.
النوع الثالث: الاستعانة بالأرواح الأرضية، وهم الجن. وهم على قسمين مؤمنين - وكفار، وهم الشياطين. أما المؤمنون فمن المعلوم أنهم لا يعملون فعل محرم أو يعينون عليه. إذا فالاستعانة إنما هي بالشياطين.
واتصال النفوس الناطقة بها سهل، لما بينهما من المشابهة والقرب. وهذا الاتصال يحصل بشي من الرقى والدخن والتجريد2.
قال الرازي: "إن أصحاب الصنعة وأرباب التجربة شاهدوا أن الاتصال بهذه الأرواح الأرضية يحصل بأعمال سهلة قليلة من الرقى والدخن والتجريد، وهذا النوع هو المسمى بالعزائم وعمل تسخير الجن"3.
وعندما يتحقق الاتصال تحصل الاستعانة ثم الإعانة لكن ذلك لا يكون دون الشرك بالله تعالى.
1 معارج القبول ج2 ص559 - 560، 562 وتيسير العزيز الحميد ص 363-364.
2 انظر تفسير الرازي ج3 ص210، وتفسير ابن كثير ج1 ص145.
3 تفسير الرازي ج3 ص211.
وأصحاب هذا النوع قد يخفون استعانتهم بالشياطين بما يزعمونه من أن لكل نوع من الملائكة أسماء أمروا بتعظيمها ومتى أقسم عليهم بها أطاعواوفعلوا ما طلب منهم ولا يخفى بطلان هذا الزعم، وأن ما يحصل من تعظيم وقسم إنما هو متوجه إلى الشياطين1.
النوع الرابع: العقد والنفث فيه قال تعالى: {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ} 2
والنفاثات في العقد: هن السواحر اللاتي يعقدن الخيوط وينفثن3 في كل عقدة حتى ينعقد ما يردن من السحر وذلك إذا كان المسحور غير مباشر، أما إذا كان مباشراً فينفثن عليه مباشرة. وذلك كله بعد أن تكيف نفس الساحر بالخبث والشر الذي يريده بالمسحور ويستعين عليه بالأرواح الخبيثة فيقع فيه السحر بإذن الله الكوني القدري. ويطلق البعض على هذا النوع الرقى لشبهها بها في الصورة ومن هذا النوع سحر لبيد بن ألاعصم اليهودي للرسول صلى الله عليه وسلم والشرك في هذا النوع ظاهر ذلك أنه استعانة بالأرواح الخبيثة وهم الشياطين4.
النوع الخامس: الهيمياء بكسر الهاء على وزن كبرياء، وهو ما تركب من خواص سماوية تضاف لأحوال الأفلاك يحصل لمن عمل له شيء من ذلك أمور معلومة عند السحرة، وقد يبقى له إدراك وقد يسلبه بالكلية فتصير أحواله كحالات النائم من غير فرق حتى يتخيل مرور السنين الكثيرة في الزمن اليسير وحدوث
1 أضواء البيان ج4 ص453.
2 آية 4 سورة الفلق.
3 النفث: هو النفخ مع الريق وهو دون التفل.
4 انظر بدائع الفوائد ج2 ص221 ومعارج القبول ج2 ص563، وأضواء البيان ج4 ص452.
الأولاد وإنقضاء الأعمار وغير ذلك في ساعة ونحوها من الزمن اليسير، ومن لم يعلم له ذلك لا يجد شيئا مما ذكر وكل ما يتصوره المسحور في هذه الحالة من الأوهام التي لا حقيقة لها1.
النوع السادس: السيمياء: بكسر السين وهو عبارة عما تركب من خواص أرضية كدهن خاص أو كلمات خاصة توجب إدارك الحواس الخمسة أو بعضها بما له وجود حقيقي، أو بما هو تخييل صرف2.
وهذا النوع تخييلي. يأتي بأحد أمرين إما بتأثير عقاقير بخواصها. وهذا ليس سحراً في الشرع. وإما بكلمات خاصة، وهذا لا يحصل بمجرد الكلام وإنما هو بمعين من الشياطين يكون منه التخييل على الحواس بعد ذلك الكلام الذي يستدعي به الساحر ذلك المعين وهذا الكلام تذلل للشياطين يعاوضون عنه الساحر بما يريد من الخداع. ولا شك في حرمته لكونه شركاً3.
القسم الثاني: ماسحر في اللغة.وهو"السحر المجازي" ومداره على قوة البيان وخفة اليد، والحيل والاكتشافات التي سبق بها الساحر عصره وإنما أدخل هذا القسم في فن السحر للطافة مأخذه، ذلك أن السحر في اللغة عبارة عما خفي ولطف سببه4. وهو أنواع منها:
الأول: الأخذ بالأبصار والشعبذة، وهذا النوع مبني على مقدمات. أحدها: أن أغلاط البصر كثيرة ومن أمثلة ذلك أن راكب السفينة إذا نظر إلى الشط رأى السفينة واقفة والشط متحركاً ومثلها السيارة ونحوها. وذلك دليل على أن الساكن يرى متحركاً والمتحرك يرى ساكناً.
1 أضواء البيان ج4 ص452، وحاشية ابن عابدين ج1 ص45.
2 أضواء البيان ج4 ص452، وحاشية ابن عابدين ج1 ص45.
3 انظر السحر بين الحقيقة والخيال ص33.
4 انظر تفسير ابن كثير ج1 ص147.
ثانيها: أن القوة الباصرة إنما تقف على المحسوسات وقوفاً تاماً إذا أدركت المحسوسات في زمان له مقدار ما، أما إذا أدركت المحسوس في زمان قصير جداً ثم أدركت بعده محسوساً آخر وهكذا فانه يختلط البعض بالبعض.
وثالثها: أن النفس إذاكانت مشغولة بشيء فربما حضر عند الحس شيء آخر ولا يشعر الحس به ألبتة. مثاله: أن الإنسان عند دخوله على السلطان قديلقاه إنسان آخر ويتكلم معه فلا يعرفه ولا يفهم كلامه، إذ إن قلبه مشغول بشيء آخر. ثم بعد أن فصّل الرازي في تلك المقدمات قال: إذا عرفت هذه المقدمات سهل عند ذلك تصور كيفية هذا النوع من السحر، وذلك أن المشعبذ الحاذق يظهر عمل شيء يشغل أذهان الناظرين به ويأخذ عيونهم إليه حتى إذا استغرقهم الشغل بذلك الشيء والتحديق نحوه عمل شيئا آخر بسرعة شديدة فيبقى ذلك العمل خفياً لتفاوت الشيئين.
أحدهما: اشتغالهم بالأمر الأول والثاني: سرعة الإتيان بهذا العمل الثاني وحينئذ يظهر لهم شيء آخر غيرما انتظروه فيتعجبون منه جداً ولو أنه سكت ولم يتكلم بما يصرف الخواطر إلى ضد ما يريد أن يعمله، ولم تتحرك النفوس والأوهام إلى غير ما يريد إخراجه لفطن الناظرون لكل ما يفعله1.
وهذا النوع - كما نرى - تخييل لا حقيقة له وهو محرم، لما يتضمنه من الكذب والخداع وقد قال البعض2 بأن سحر سحرة فرعون من هذا النوع والأظهر والله أعلم أنه ليس من هذا النوع ذلك أن سحرة فرعون لم يكن منهم حركات سوى
1 تفسير الرازي ج3 ص211.
2 تفسير ابن كثير ج1 ص146.
إلقاء الحبال والعصي ثم تراءى للناس أنها متحركة فكان سحرهم بفعل آخر أثر على الأعين، وهو من نوع الاستخدامات1.
الثاني: الاستعانة بخواص الأدوية والأطعمة والملابس ونحوها. وهو ضرب من الاحتيال يقوم به بعض من يدعي السحر.
فمن ذلك أن يدعي القدرة على فعل أمور خارقة، فيستخدم خواص بعض المواد التي خلقها الله مما عرف خاصيته ولم يعلمه بقية الناس.
ومن أمثلة ذلك دخول بعض هؤلاء النار بعد أن يدهنوا جلودهم بمواد لها خاصية مقاومة النار، أو يلبس ثياب لا تحرقها النار، فيظن الرائي الجاهل أنه فعل أمراً خارقاً، ولو علم بما فعل لزال العجب، كذلك من هذا النوع أن يجعل في طعام من يريد إيذاءه بعض الأدوية أو الأطعمة المبلدة المزيلة للعقل أو الدخن المسكرة، فإذا تناولها الضحية تبلد عقله وقلت فطنته فيتصرف تصرفاً غيرسليم فيقول الناس إنه مسحور، وقد يستعين بهذه الأدوية ونحوها في مسك الحيات، ثم يزعم أمام جهلة الناس أنها أحوال له2.
الثالث: السعي بالنميمة وإغراء بعض الناس ببعض من وجوه لطيفة خفية وهذا شائع بين الناس3 وخصوصاً ضعاف الإيمان منهم.
قال أبو الخطاب في عيون المسائل: "ومن السحر السعي بالنميمة والإفساد بين الناس"4
1 انظر: السحر بين الحقيقة والخيال ص 35.
2 انظر تفسير الرازي ج3 ص. 212 وتفسير ابن كثير ج1ص146 وعالم السحر والشعوذة ص 144.
3 انظر تفسير الرازي ج 3 ص 213.
4 فتح المجيد ص 232.
وإنما أطلق على النميمة للإفساد سحراً، لأنها تحول ما بين الصديقين من محبة إلى عداوة بوسيلة خفية كاذبة.
وقال ابن كثير: "النميمة على قسمين تارة تكون على وجه التحريش بين الناس وتفريق قلوب المؤمنين فهذا حرام متفق عليه، فأما إذا كانت على وجه الإصلاح بين الناس
…
أو على وجه التخذيل والتفريق بين جموع الكفرة فهذا أمر مطلوب كما فعل نعيم بن مسعود"1.
الرابع: تعليق القلب:
وهو أن يدعي الساحر أنه قد عرف اسم الله الأعظم وأن الجن يطيعونه وينقادون له في أكثر الأمور فإذا اتفق أن كان السامع لذلك ضعيف العقل قليل التمييز اعتقد أنه حق وتعلق قلبه بذلك، وحصل في نفسه نوع من الرعب والمخافة، وإذا حصل الخوف ضعفت القوى الحساسة فحينئذ يتمكن الساحر من أن يفعل ما يشاء2.
قال الرازي: "وإن من جرب الأمور وعرف أحوال أهل العلم علم أن لتعلق القلب أثراً عظيماً في تنفيذ الأعمال وإخفاء الأسرار"3.
1 تفسير ابن كثير ج1 ص147.
2 تفسير الرازي ج3 ص213.
3 تفسير الرازي ج3ص213.