الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1-
إن أعظم معجزات رسولنا عليه الصلاة والسلام هي القرآن العظيم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، والعلم بأنه معجز لا يتوقف على علم السحر أصلاً.
2-
أن من المعلوم بالضرورة أن الصحابة والتابعين وأئمة المسلمين وعامتهم كانوا يعلمون المعجز ويفرقون بينه وبين غيره ولم يكونوا يعلمون السحر ولا تعلموه ولا علموه1وبذلك يتبين بطلان قوله. والله أعلم.
كما تعقبه الألوسي في تفسيره.2
وبذلك يتضح أن القول الأول هو الصحيح للأدلة الدالة من الكتاب والسنة.
وأما القول الثاني: فيمكن إرجاعه إلى القول الأول، كما تعقبه ابن حجر بأنه يشترط سلامة الاعتقاد في الأول وأن لا يكون بنوع فيه كفر في الثاني.
وأما القول الثالث: فلا صحة له كما رد عليه ابن كثير والألوسي.
1 تفسير ابن كثير ج1 ص144- 145 0 بتصرف.
2 روح المعاني ج1 ص339 – 340.
ثانياً: حكم العمل بالسحر:
محرم بالكتاب والسنة بلاخلاف بين أهل العلم ولكن ما هي درجة هذا التحريم؟
إن كان فيه اعتقاد أوقول أوفعل يقتضي الكفر مثل: اعتقاد أن الكواكب السبعة أو غيرها مدبرة مع الله.
أو أن الساحر قادر على خلق الأجسام أو اعتقد أن فعله مباح أو تضمن تقرباً إلى الشياطين بشيء من الأوراد الكفرية، أو الذبح لها ونحو ذلك فهو كفر.
أما إذا لم يكن فيه شيء من ذلك وهو ما يسمى بالسحر المجازي مثل: السحر بالأدوية والتدخين، وسقيا شيء يضر، أو بالحركات الخفية ونحو ذلك فليس
بكفر وإنما هو فسق1.
يقول النووي: "علم السحر حرام وهو من الكبائر بالإجماع، وقد عده النبي صلى الله عليه وسلم من السبع الموبقات، ومنه ما يكون كفراً ومنه ما لا يكون كفراً، بل معصية كبيرة، فإن كان فيه قول أو فعل يقتضي الكفر فهو كافر، وإلا فلا"2
ويقول ابن قدامة: "والساحر الذي يركب المكنسة وتسيربه في الهواء ونحوه يكفر ويقتل، فأما السحر بالأدوية والتدخين وسقيا شيء يضر فلا يكفر"3
الأدلة: وهي كثيرة منها ما يلي:
1-
"ما سبق ذكره آنفا في أدلة الجمهور الدالة على تحريم تعلم السحر تعليمه، ذلك أن كل دليل يدل على تحريم تعلم السحر فدلالته على تحريم العمل به أولى.
2-
"ومن الأدلة أيضا قوله تعالى {وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى} 4
وجهة الدلالة: أن الله سبحانه وتعالى نفى الفلاح عن الساحر نفياً عاماً حيث توجه وسلك وذلك دليل كفره، لأن الفلاح لا ينفى بالكلية نفياً عاماً إلا عمن لا خير فيه وهو الكافر، ذلك أنه قد عرف باستقراء القرآن أن الغالب فيه أن لفظه "لا يفلح" يراد بها الكافر. كقوله تعالى {قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُوا
1 انظر: تفسير ابن كثير ج1 ص 147، وتفسير الرازي ج3ص 214-215 وشرح النووي على صحيح مسلم ج14ص176، والمقنع لابن قدامة ج3ص 523 – 524 والتنقيح المشبع ص 383.
2 شرح النووي لصحيح مسلم ج14 ص176.
3 المقنع ج3ص523-524.
4 آية 69 طه.
يَكْفُرُونَ} 1وقوله تعالى {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ} 2إلى غير ذلك من الآيات3.
3-
قوله تعالى {وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} 4
وجه الدلالة: أن الآية تدل على نفي الإيمان عن السحرة، إذ إن لو حرف امتناع، فيثبت نقيضه وهو الكفر5
قال ابن عباس: "كل شيء في القرآن لو فإنه لا يكون أبداً"6
وقال الشوكاني: "ولو أنهم آمنوا واتقوا ما وقعوا فيه من السحر والكفر"7
وقال ابن كثير:"وقد استدل بقوله {وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا} من ذهب إلى تكفير الساحر كما هو رواية الإمام أحمد وطائفة من السلف"8
4-
قوله صلى الله عليه وسلم: "من أتى عرافاً أوساحراً أو كاهناً فسأله فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد" 9في الحديث - كما نرى - تحذير من إتيان العرافين أو السحرة أو الكهنة وتصديقهم - مشيراً إلى أن تصديقهم كفر
1 آية 69- 70 يونس.
2 آية 17 يونس.
3 انظر أضواء البيان ج4 ص442-443.
4آية 103 سورة البقرة.
5 انظر تفسير القرطبي ج2ص47-49 وأحكام القرآن ج1ص63-64.
6 الدر المنثور ج1ص103.
7 فتح القدير ج1ص121.
8 تفسير ابن كثير ج1ص144.
9 ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد. وقال: رواه البزار ورجاله ورجال الصحيح خلا هبيرة بن مريم، وهو ثقة. انظر: مجمع الزوائد ج5 ص121.
بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم وإذا كان هذا حال الآتي فكيف حال المأتي.
والكفر هنا ظاهره الكفر الحقيقي وهو الكفر الأكبر، وقيل الكفر المجازي وهو الكفر الأصغر، وقيل من اعتقد أن العراف أو الساحر أو الكاهن يعرفان الغيب ويطلعان على الأسرار الإلهية كان كافراً كفراً أكبر كمن اعتقد تأثير الكواكب، وإلا فلا.1
5-
قوله صلى الله عليه وسلم: "ليس منا من تطير أو تطير له أو تكهن أو تكهن له أو سحر أو سحر له.... الحديث" 2
في الحديث إشارة إلى براءة المصطفى صلى الله عليه وسلم ممن يفعل شيئا من هذه الأفاعيل التي منها السحر ولا يتبرأ صلى الله عليه وسلم من فاعل فعل مباح.
6-
قوله صلى الله عليه وسلم: "اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا يا رسول الله ما هن؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل مال اليتيم، وأكل الربا، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات" 3في هذا الحديث - قد عد المصطفى صلى الله عليه وسلم
1 نيل الأوطار ج7 ص368.
2 ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد. قال: رواه البزار ورجاله رجال الصحيح خلا إسحاق بن الربيع. وهو ثقة انظر: مجمع الزوائد ج5 ص120 وكشف الأستار ج3 ص400 المتن والحاشية.
3 رواه البخاري الوصايا باب قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً} ومسلم في الايمان باب بيان الكبائر وأكبرها وأبو داؤد، والنسائي، انظر: جامع الأصول حديث 8229.