المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

للفظ، فَقدمت جملَة الشَّرْط الثَّانِي لِأَنَّهَا كالجزء الْوَاحِد، كَمَا قدم - اعتراض الشرط على الشرط

[ابن هشام النحوي]

الفصل: للفظ، فَقدمت جملَة الشَّرْط الثَّانِي لِأَنَّهَا كالجزء الْوَاحِد، كَمَا قدم

للفظ، فَقدمت جملَة الشَّرْط الثَّانِي لِأَنَّهَا كالجزء الْوَاحِد، كَمَا قدم الْمَفْعُول فِي فَأَما الْيَتِيم فَلَا تقهر فَصَارَ أما إِن كَانَ من المقربين (فَروح) ، فحذفت الْفَاء الَّتِي هِيَ جَوَاب (إِن) لِئَلَّا تلتقي فاءان، (فتخلص أَن) جَوَاب (أما) لَيْسَ محذوفا، بل مقدما (بعضه) على الْفَاء فَلَا اعْتِرَاض

‌الرَّابِعَة

أَن يعْطف على فعل الشَّرْط شَرط آخر، كَقَوْلِه (تَعَالَى){وَإِن تؤمنوا وتتقوا يُؤْتكُم أجوركم وَلَا يسألكم أَمْوَالكُم إِن يسألكموها فيحفكم تبخلوا}

وَيفهم من كَلَام ابْن مَالك أَن هَذَا من اعْتِرَاض الشَّرْط على الشَّرْط، وَلَيْسَ (كَذَلِك)

(الْخَامِسَة)

أَن يكون جَوَاب الشَّرْطَيْنِ محذوفا، فَلَيْسَ من الِاعْتِرَاض نَحْو {وَلَا ينفعكم نصحي}

ص: 34

) الْآيَة، وَكَذَلِكَ {وَامْرَأَة مُؤمنَة إِن وهبت نَفسهَا للنَّبِي} ) الْآيَة، خلافًا لجَماعَة من النَّحْوِيين، مِنْهُم ابْن مَالك

ص: 35

وَحجَّتنَا على ذَلِك أَنا نقُول (يقدر) جَوَاب الأول تاليا (لَهُ) مدلولا عَلَيْهِ (بِالشّرطِ الأول وَجَوَابه المقدمين عَلَيْهِ) ، فَيكون التَّقْدِير فِي (الأولى)(إِن أردْت أَن أنصح لكم فَلَا ينفعكم نصحي)(وَكَذَا) التَّقْدِير فِي الثَّانِيَة

وَمثل ذَلِك أَيْضا بَيت (الحماسة)

(لَكِن قومِي وَإِن كَانُوا ذَوي عدد

لَيْسُوا من الشَّرّ فِي شَيْء وَإِن هانا // الْبَسِيط //

(فَتدبر)) فَإِنَّهُ حسن

(وَإِذ) قد عرفت أَنا لَا نُرِيد شَيْئا من هَذِه الْأَنْوَاع بقولنَا اعْتِرَاض

ص: 36

الشَّرْط على الشَّرْط، فَاعْلَم أَن مرادنا نَحْو إِن ركبت إِن لبست فَأَنت طَالِق

وَقد اخْتلف أَولا فِي صِحَة هَذَا التَّرْكِيب، فَمَنعه بَعضهم على مَا حَكَاهُ ابْن الدهان، وَأَجَازَهُ الْجُمْهُور، وَاسْتدلَّ بعض المجيزين بِالْآيَاتِ السَّابِقَة، وَقد بَينا أَنَّهَا لَيست مِمَّا نَحن فِيهِ لَا فِي ورد وَلَا صدر

وَإِنَّمَا الدَّلِيل فِي قَوْله سُبْحَانَهُ (وَتَعَالَى){وَلَوْلَا رجال مُؤمنُونَ} إِلَى قَوْله (تَعَالَى){لعذبنا}

ص: 37

فالشرطان وهما (لَوْلَا) و (لَو) قد اعترضا، وَلَيْسَ مَعَهُمَا إِلَّا جَوَاب وَاحِد مُتَأَخّر عَنْهُمَا، وَهُوَ (لعذبنا)

وَفِي آيَة أُخْرَى على مَذْهَب أبي الْحسن رحمه الله ، وَهِي قَوْله سُبْحَانَهُ (وَتَعَالَى){إِذا حضر أحدكُم الْمَوْت إِن ترك خيرا الْوَصِيَّة}

ص: 38

فَإِنَّهُ زعم أَن قَوْله جلّ ثَنَاؤُهُ (الْوَصِيَّة للْوَالِدين) على تَقْدِير الْفَاء، أَي فَالْوَصِيَّة، فعلى مذْهبه يكون مِمَّا نَحن فِيهِ، وَأما إِذا رفعت (الْوَصِيَّة) ب (كتب) ، فَهِيَ كالآيات السابقات فِي حذف الجوابين

وَهَذَانِ الموطنان خطرا لي قَدِيما، وَلم أرهما لغيري

ص: 39

وَمِمَّا يدل أَيْضا قَول الشَّاعِر (بَيت)

(إِن تستغيثوا بِنَا إِن تذعروا تَجدوا

منا معاقل عز (زانها) كرم) // الْبَسِيط //

وَقد اسْتعْمل ذَلِك الإِمَام أَبُو بكر بن (دُرَيْد) فِي مقصورته حَيْثُ

ص: 40

(يَقُول)

(فَإِن عثرت بعْدهَا إِن وألت

نَفسِي من هاتا فقولا لالعا // رجز // (وَإِذ) قد عرفت صُورَة الْمَسْأَلَة وَمَا فِيهَا من الْخلاف، وَأَن الصَّحِيح جَوَازهَا، فَاعْلَم أَن المجيزين لَهَا اخْتلفُوا فِي تَحْقِيق مَا يَقع بِهِ مَضْمُون الْجَواب الْوَاقِع بعد الشَّرْطَيْنِ على ثَلَاثَة مَذَاهِب فِيهَا بلغنَا

أَحدهَا أَنه إِنَّمَا يَقع بِمَجْمُوع أَمريْن أَحدهمَا حُصُول كل من الشَّرْطَيْنِ

وَالْآخر كَون الشَّرْط الثَّانِي وَاقعا قبل وُقُوع الأول (فَإِن) قيل إِن ركبت إِن لبست فَأَنت طَالِق فَإِن ركبت فَقَط أَو (لبست) لم تطلق فِيهِنَّ، وَإِن لبست ثمَّ ركبت طلقت)

هَذَا قَول جُمْهُور النَّحْوِيين وَالْفُقَهَاء

وَقد اخْتلف النحويون فِي تَأْوِيله على (فريقين) أَحدهمَا قَول الْجُمْهُور إِن الْجَواب الْمَذْكُور للْأولِ، وَجَوَاب الثَّانِي مَحْذُوف لدلَالَة الأول وَجَوَابه عَلَيْهِ

ص: 41

وَالدَّلِيل على أَن الشَّرْط الأول وَجَوَابه يدلان على (الشَّرْط) يَا قوم إِن كُنْتُم آمنتم بِاللَّه فَعَلَيهِ توكلوا إِن كُنْتُم مُسلمين، فَهَذَا بِتَقْدِير إِن كُنْتُم مُسلمين (إِن) كُنْتُم آمنتم بِاللَّه فَعَلَيهِ توكلوا، فَحذف الْجَواب لدلَالَة مَا تقدم عَلَيْهِ

وَهَذَا القَوْل من (الْحق) بمَكَان لِأَن الْقَاعِدَة أَنه إِذا توارد فِي غير مَسْأَلَتنَا على جَوَاب وَاحِد شَيْئَانِ، كل مِنْهُمَا يَقْتَضِي جَوَابا كَانَ الْجَواب الْمَذْكُور للْأولِ كَقَوْلِك وَالله إِن تأتني لأكرمنك (بالتأكيد جَوَابا للْأولِ) ، وَإِن تأتني وَالله

ص: 42

أكرمك بِالْجَزْمِ جَوَابا للشّرط

فَكَذَا الْقيَاس يَقْتَضِي فِي مَسْأَلَة توارد شَرط على شَرط أَن يكون الْجَواب للسابق مِنْهُمَا، وَيكون جَوَاب الثَّانِي محذوفا لدلَالَة الأول وَجَوَابه عَلَيْهِ، فَمن ثمَّ لزم فِي وُقُوع الْمُعَلق على ذَلِك أَن يكون الثَّانِي وَاقعا قبل الأول ضَرُورَة أَن الأول قَائِم مقَام الْجَواب، حَتَّى إِن الْكُوفِيّين وَأَبا زيد (والمبرد) يَزْعمُونَ فِي نَحْو أَنْت ظَالِم إِن فعلت، أَن السَّابِق على الأداة هُوَ الْجَواب لَا دَلِيل، وَالْجَوَاب لابد من تَأَخره عَن الشَّرْط، لأته (أَثَره) ومسببه (فَلذَلِك) الدَّلِيل على الْجَواب، لِأَنَّهُ قَائِم مقَامه ومغن فِي اللَّفْظ عَنهُ

وَقد (تحرر) فِي هَذَا أَن فِي كل من الجملتين (مجَازًا) ، فمجازا الأولى الْفَصْل بَينهَا وَبَين جوابها بِالشّرطِ الثَّانِي ومجاز الثَّانِيَة بِحَذْف جوابها

وعَلى هَذَا فَيجوز كَون الشَّرْط الأول مَاضِيا ومضارعا وَأما الثَّانِي فَلَا يجوز فِي فصيح الْكَلَام أَن يكون إِلَّا مَاضِيا لِأَن الْقَاعِدَة فِي الْجَواب أَنه لَا يحذف الأول إِلَّا وَالشّرط مَاض فَأَما قَوْله

ص: 43

(إِن تستغيثوا بِنَا إِن تذعروا تَجدوا

)

فضرورة كَقَوْلِه (بَيت)(رجز)

يَا أَقرع بن حَابِس يَا أَقرع إِنَّك إِن يصرع أَخُوك تصرع

القَوْل الثَّانِي قَول ابْن مَالك رحمه الله (تَعَالَى) إِن الْجَواب المذكورللأول كَمَا (يَقُول) الْجُمْهُور، لَكِن الشَّرْط الثَّانِي لَا جَوَاب لَهُ لَا مَذْكُور وَلَا مُقَدّر، لِأَنَّهُ مُقَيّد للْأولِ، (تَقْدِيره) بِحَال وَاقعَة موقعه، فَإِذا قلت إِن ركبت إِن لبست فَأَنت طَالِق، (فَالْمَعْنى إِن ركبت لابسة فَأَنت طَالِق)

وَكَذَلِكَ التَّقْدِير فِي الْبَيْت إِن تستغيثوا بِنَا مذعورين تَجدوا، فَهُوَ (مُوَافق) فِي اشْتِرَاط (تَأَخّر)(الْمُتَقَدّم) وَتَقْدِيم (الْمُتَأَخر) ، لَكِن تَخْرِيجه مُخَالف لتخريجهم

وَعِنْدِي أَن مَا ادعوهُ أولى من جِهَات

أَحدهَا أَن دَعوَاهُم جَارِيَة على الْقيَاس فَإِن الشَّرْط يكون جَوَابه ظَاهرا

ص: 44