الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإِن الذعر مقدم على الاستغاثة، والاستغاثة مُقَدّمَة على الوجدان
فَهَذَا مَا عِنْدِي فِي دفع هَذَا الْمَذْهَب
الْمَذْهَب الثَّالِث
أَن الشَّرْط الثَّانِي جَوَابه مَذْكُور، وَالشّرط الأول جَوَابه الشَّرْط الثَّانِي وَجَوَابه
فَإِذا قيل إِن لبست إِن ر كبت فَأَنت طَالِق، فَإِنَّمَا تطلق (إِن ركبت أَولا ثمَّ لبست)
وَهَذَا القَوْل رَاعى من قَالَ بِهِ تَرْتِيب اللَّفْظ وَإِعْطَاء الْجَواب لما جاوره، وَإِنَّمَا يَسْتَقِيم لَهُ هَذَا الْعَمَل على تَقْدِير الْفَاء فِي الشَّرْط الثَّانِي ليَصِح كَونه جَوَابا للْأولِ
(وعَلى هَذَا) فَلَا يلرم مُضِيّ فعل الشَّرْط الأول وَلَا الثَّانِي لِأَن كلا مِنْهُمَا قد أَخذ جَوَابه
وَهَذَا القَوْل بَاطِل بِأُمُور
أَحدهَا أَن الْفَاء لَا تحذف إِلَّا فِي الشّعْر
الثَّانِي أَن الْقَاعِدَة فِي اجْتِمَاع ذَوي جَوَاب أَن يكون الْجَواب للسابق مِنْهُمَا
وَالثَّالِث أَنه لَا يَتَأَتَّى لَهُ فِي (قَوْله)
(إِن تستغيثوا بِنَا إِن تذعروا
…
الْبَيْت
…
)
لِأَن الذعر (مقدم) على الاستغاثة
فَهَذَا مَا بلغنَا من الْأَقْوَال فِي هَذِه الْمَسْأَلَة، وَمَا حَضَرنَا فِيهَا من المباحث
(وتحرر لنا أَنه إِذا قيل) إِن تذعروا إِن تستغيثوا بِنَا تَجدوا، أَو إِن تتوضأ إِن صليت أثبت كَانَ كلَاما بَاطِلا لما قَررنَا من أَن الصَّحِيح أَن الْجَواب للشّرط الأول، وَأَن جَوَاب الثَّانِي مَحْذُوف، مَدْلُول عَلَيْهِ بِالشّرطِ الأول وَجَوَابه
فَيجب (أَلا يكون) الشَّرْط الأول وَجَوَابه مسببين عَن الشَّرْط الثَّانِي، وَالْأَمر فِيمَا ذكرنَا بِالْعَكْسِ، وَالصَّوَاب أَن يُقَال إِن صليت إِن تَوَضَّأت أثبت بِتَقْدِير إِن تَوَضَّأت فَإِن صليت أثبت،
وَكُنَّا قدمنَا أَنه يعْتَرض (أَكثر) من (الشَّرْطَيْنِ) ، وتمثيل ذَلِك إِن أَعطيتك إِن وعدتك إِن سَأَلتنِي فَعَبْدي حر، فَإِن وَقع السُّؤَال أَولا، ثمَّ الْوَعْد، ثمَّ (الْعَطاء) وَقعت الْحُرِّيَّة، وَإِن وَقع على غير هَذَا التَّرْتِيب فَلَا حريَّة على القَوْل الأول، وَهُوَ الصَّحِيح، وَيَأْتِي فِيهِ ذَلِك الْخلاف فِي التَّوْجِيه
فالجمهور يَقُولُونَ فَعَبْدي حر جَوَاب إِن أَعطيتك، وَإِن أَعطيتك فَعَبْدي حر دَال على جَوَاب إِن وعدتك، وَهَذَا كُله دَال على جَوَاب إِن سَأَلتنِي، وَكَأَنَّهُ قيل إِن سَأَلتنِي، فَإِن وعدتك فَإِن أَعطيتك فَعَبْدي حر
وَعند (ابْن مَالك) إِن أَعطيتك واعدا لَك سَائِلًا إيَّايَ فَعَبْدي حر، (واعدا) حَال من فَاعل (أَعطيتك) و (سَائِلًا) حَال من مَفْعُوله، وَقَوله
(فَعَبْدي حر) جَوَاب (عَن الشَّرْط) الأول
(فَهَذَا) مُقْتَضى قَوْله فِي (الشَّرْطَيْنِ، وَهُوَ ضَعِيف، وَالله (سُبْحَانَهُ) وَتَعَالَى أعلم
انْتهى تمت بِحَمْد الله وعونه (وَالْحَمْد لله على كل حَال)