الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمُقَصِّرِينَ، إِنَّمَا هم مقدرون الْحلق وَالتَّقْصِير، (فَهَذِهِ) الْحَال لَا يمْتَنع اقترانها بِحرف الِاسْتِقْبَال، لِأَنَّهَا مُسْتَقْبلَة، بِخِلَاف (الْحَال الأولى)
وعَلى هَذِه (صحت) مَسْأَلَة أبي عَليّ، (وَصَحَّ) تَخْرِيج المُصَنّف مَسْأَلَة الشَّرْط، أَعنِي صِحَّتهَا من هَذَا الْوَجْه لَا صِحَّتهَا مُطلقًا، فَإِنَّهَا مُعْتَرضَة بِغَيْر ذَلِك
نعم، ويتضح بِهَذَا بطلَان تَعْمِيم ابْن مَالك امْتنَاع اقتران الْحَال بِحرف الِاسْتِقْبَال، وَقد اتَّضَح الْأَمر فِي تَحْقِيق هذَيْن الْوَجْهَيْنِ، وَالْحَمْد لله (رب الْعَالمين)
(الْمَذْهَب) الثَّانِي
(فِيمَا) يَقع (بِهِ) مَضْمُون الْجَواب (بعد الشَّرْطَيْنِ) حكى لي بعض عُلَمَائِنَا عَن إِمَام الْحَرَمَيْنِ رحمه الله (تَعَالَى) أَن الْقَائِل إِذا قَالَ إِن ركبت إِن لبست فَأَنت طَالِق، كَانَ الطَّلَاق مُعَلّقا على حُصُول الرّكُوب واللبس، سَوَاء أوقعا على ترتيبهما فِي الْكَلَام أم متعاكسين أم مُجْتَمعين
ثمَّ رَأَيْت هَذَا القَوْل محكيا عَن غير الإِمَام رحمه الله
وَالَّذِي يظْهر لي فَسَاد هَذَا القَوْل، لإن قَائِله لَا يَخْلُو أمره من أَن يَجْعَل
الْجَواب الْمَذْكُور (لمجموع) الشَّرْطَيْنِ، أَو للْأولِ فَقَط، أَو (الثَّانِي) فَقَط، لَا جَائِز أَن يَجعله جَوَابا لَهما مَعًا لِأَنَّهُ إِمَّا أَن يقدر بَين الشَّرْطَيْنِ حرفا رابطا أَو لَا، فَإِن لم يقدر ذَلِك لم يَصح أَن يوردا على جَوَاب وَاحِد، لِأَن ذَلِك نَظِير أَن (تَقول) زيد عَمْرو عنْدك، (وَتقول) عنْدك خبر عَنْهُمَا فَيُقَال لَك (هَل) إِذْ شركت بَين الاسمين فِي الْخَبَر الْوَاحِد أتيت بِمَا يرْبط بَينهمَا، وَإِن قدرته فَلَا يَخْلُو ذَلِك الَّذِي تقدره من أَن يكون فَاء أَو (واوا) إِذْ لَا يَصح (غَيرهَا) فَإِن قدرته فَاء (كَمَا الْفَاء مقدرَة) فِي قَوْله
(من يفعل الْحَسَنَات الله يشكرها
…
) // الْبَسِيط //
أَي فَالله يشكرها
فَالشَّرْط الثَّانِي وَجَوَابه جَوَاب الأول، فعلى هَذَا لَا يَقع الطَّلَاق إِلَّا بِوُقُوع مَضْمُون الشَّرْطَيْنِ، وَكَون الثَّانِي بعد الأول، كَمَا أَنَّك لَو صرحت بِالْفَاءِ كَانَ الحكم كَذَلِك
وَهَذَا خلاف قَوْله ثمَّ حذف الْفَاء لَا يَقع إِلَّا فِي النَّادِر من الْكَلَام، أَو فِي الضَّرُورَة، فَلَا يحمل عَلَيْهِ الْكَلَام (الفصيح)
وَإِن قدرت الْوَاو كَمَا هِيَ مقدرَة فِي (قَوْله) سُبْحَانَهُ (وَتَعَالَى){وُجُوه يَوْمئِذٍ خاشعة} ، فَلَا شكّ أَن الطَّلَاق يَقع بِكُل من الْأَمريْنِ على هَذَا التَّقْدِير، وَلَكِن هَذَا التَّقْدِير لَا يتَعَيَّن لجَوَاز أَن الْمُتَكَلّم إِنَّمَا قدر الْفَاء (إِمَّا بالمجموع) ، (من) التَّرْتِيب الْمَذْكُور، أَو يكون الْكَلَام لَا تَقْدِير فِيهِ، فَلم قلت يتَعَيَّن تَقْدِير الْوَاو
(وَلَا) جَائِز أَن (تَجْعَلهُ) جَوَابا للْأولِ فَقَط، وَجَوَاب الثَّانِي
(مَحْذُوف) لدلَالَة الشَّرْط الأول وَجَوَابه عَلَيْهِ لِأَنَّهُ على هَذَا التَّقْدِير يلْزمه أَن يَقُول بقول الْجُمْهُور، وَهُوَ لَا يَقُول بِهِ، وَلَا جَائِز أَن يَجعله جَوَابا للثَّانِي لِأَنَّك إِمَّا أَن تجْعَل جَوَاب الشَّرْط الأول هُوَ الشَّرْط الثَّانِي وَجَوَابه، أَو محذوفا، يدل عَلَيْهِ الْجَواب الْمَذْكُور للثَّانِي
لَا سَبِيل إِلَى الأول لِأَنَّهُ على هَذَا التَّقْدِير تجب الْفَاء فِي الشَّرْط الثَّانِي لِأَنَّهُ (لم) يَصح للشّرط أَن يَلِي الشَّرْط، لَو قلت إِن إِن لم يَصح، وكل جَوَاب لَا يَصح (أَن) يكون شرطا، فَإِنَّهُ يتَعَيَّن اقترانه بِالْفَاءِ، وَلَا فَاء هُنَا، فاستحال هَذَا الْوَجْه
فَإِن قلت لَعَلَّه يَجعله مثل قَوْله
(من يعْمل الْحَسَنَات الله يشكرها
…
)
فَهَذَا وَجه ضَعِيف كَمَا قدمنَا، فَلم حمل الْكَلَام عَلَيْهِ بل لم أوجب أَن يكون الْكَلَام مَحْمُولا (مَحْمُولا)
وَلَا سَبِيل إِلَى الثَّانِي، لِأَنَّهُ خلاف المالوف فِي الْعَرَبيَّة، فَإِن منهاج كَلَامهم أَن يحذف من الثَّانِي لدلَالَة الأول، لَا الْعَكْس
فَأَما قَوْله (المنسرح)
(نَحن بِمَا عندنَا وَأَنت بِمَا
…
عنْدك رَاض (وَالْأَمر) مُخْتَلف)
(فخلاف) الجادة حَتَّى (تحيل لَهُ) ابْن كيسَان، فَجعل (نَحن) للمتكلم الْمُعظم نَفسه ليَكُون (رَاض) خَبرا عَنهُ
فَأَنت ترى عدم أنسهم بِهَذَا النَّوْع حَتَّى تكلّف لَهُ هَذَا الإِمَام هَذَا الْوَجْه، (حكى عَنهُ ذَلِك) أَبُو جَعْفَر النّحاس فِي شرح الأبيات وَلِأَنَّهُ أَيْضا خلاف المألوف من عَادَتهم فِي توارد ذَوي جوابين من جعل الْجَواب للثَّانِي
ثمَّ الَّذِي يبطل هَذَا الْمَذْهَب من أَصله أَنا تأملنا مَا ورد من كَلَام الْعَرَب من اعْتِرَاض الشَّرْط على (الشَّرْط) ، فوجدناهم (لَا) يستعملونه إِلَّا وَالْحكم مُعَلّق على مَجْمُوع الْأَمريْنِ بِشَرْط تقدم الْمُؤخر وَتَأَخر الْمُقدم فَوَجَبَ أَن يحمل الْكَلَام على مَا ثَبت فِي كَلَامهم (كَقَوْلِه)
(إِن تستغيثوا بِنَا
…
الْبَيْت
…
)