المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الذين يؤذون رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ملعونون في الدنيا والآخرة: - حملة الأوغاد على خير العباد

[شحاتة صقر]

الفصل: ‌الذين يؤذون رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ملعونون في الدنيا والآخرة:

‌الذين يؤذون رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ملعونون في الدنيا والآخرة:

قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56) إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا (57) وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (58)} (الأحزاب: 56 - 58).

صلاة الله على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذِكْرُه بالثناء في الملأ الأعلى؛ وصلاة ملائكته دعاؤهم له عند الله سبحانه وتعالى، وهذا فيه تنبيه على كمال رسول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم ورفعة درجته، وعلو منزلته عند اللهِ سبحانه وتعالى وعند خلقه، ورفع ذِكْرِه.

{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} اقتداءً باللهِ سبحانه وتعالى وملائكته، وجزاءً له على بعض حقوقه عليكم، وتكميلًا لإيمانكم، وتعظيمًا له صلى الله عليه وآله وسلم، ومحبة وإكرامًا، وزيادةً في حسناتكم، وتكفيرًا من سيئاتكم. وأين

ص: 24

تذهب صلاة البشر وتسليمهم بعد صلاة الله العلي سبحانه وتعالى، وصلاة الملائكة في الملأ الأعلى؛ واقتران صلاة المؤمنين بصلاة الله عز وجل واقتران تسليمهم بتسليمه فيه تشريف لهم.

وهذا الأمر بالصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وآله وسلم مشروع في جميع الأوقات، وأوجبه كثير من العلماء في الصلاة. وأفضل هيئات الصلاة عليه صلى الله عليه وآله وسلم ما علم به أصحابه:«اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ؛ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ؛ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ» (رواه البخاري). أو «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ فِي الْعَالَمِينَ؛ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ» . (رواه الترمذي، وصححه الألباني).

ص: 25

ولما أمر الله سبحانه وتعالى بتعظيم رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، والصلاة والسلام عليه، نهى عن أذيته، وتوعد عليها فقال:{إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} ، وهذا يشمل كل أذِيَّة، قولية أو فعلية، مِن سَبٍّ وشَتْمٍ، أو تَنَقّصٍ له، أو لدينه، أو ما يعود إليه بالأذى.

{لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ} أي: أبعدهم وطردهم، ومِن لَعْنِهِم في الدنيا أنه يحتِّم قتل من شتم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وآذاه.

{وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا} جزاءً له على أذاه، أن يؤذَى بالعذاب الأليم، فأذِيَّةُ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، ليست كأذِيَّةِ غيره، لأنه صلى الله عليه وآله وسلم لا يؤمن العبد بالله حتى يؤمن برسوله صلى الله عليه وآله وسلم، وله من التعظيم، الذي هو من لوازم الإيمان، ما يقتضي ذلك، أن لا يكون مثل غيره، وإن كانت أذية المؤمنين عظيمة، وإثمها عظيمًا، ولهذا قال فيها:{وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا} أي: بغير

ص: 26