الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرابع عشر: عدم الإطالة في الخطبة:
-
فالخطيب الناجح لا يطيل في خطبته مراعاة لأحوال وظروف المستمعين، فيكون من بينهم المرضى وأصحاب الحاجات والمهمات، وأحيانًا طبيعة الجو تلعب دورًا أساسيًا في تحديد وقت الخطبة، فيجب على الخطيب مراعاة ذلك بصورة معتدلة، وقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن من مئنة فقه الرجل إطالة الصلاة وقصر الخطبة
ولا بد أن يعلم الخطيب أن فن الإيجاز والإطناب يختلف من حال إلى حال، بحسب حال السامعين في إقبالهم ومللهم، ونوع الموضوع، وظروف الإلقاء.
ويحسن من الخطيب أن يعوّد سامعيه على زمن معتدل ثابت يلتزمه، فإنهم إذا عرفوه بانضباطه ودقة التزامه أحبوه ولازموا حضوره.
ومن الخير للخطيب وجمهوره أن ينفضوا وهم متعلقون به من غير ملل أو سآمة.
إن الخطيب الذي لا يصيغ خطابه ليتناسب مع روح العصر السائدة والمتميزة بالسرعة لن يكون موضع ترحيب، وفي بعض الأحيان، يثير كراهية الآخرين؛ لذلك كن مختصرًا.
عن أَبُي وَائِلٍ قال: خَطَبَنَا عَمَّارٌ فَأَوْجَزَ وَأَبْلَغَ فَلَمَّا نَزَلَ قُلْنَا يَا أَبَا الْيَقْظَانِ لَقَدْ أَبْلَغْتَ وَأَوْجَزْتَ فَلَوْ كُنْتَ تَنَفَّسْتَ؟ فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّ طُولَ صَلاةِ الرَّجُلِ وَقِصَرَ خُطْبَتِهِ مَئِنَّةٌ مِنْ فِقْهِهِ، فَأَطِيلُوا الصَّلاةَ وَاقْصُرُوا الْخُطْبَةَ، وَإِنَّ مِن الْبَيَانِ سِحْرًا» .
وكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بن مسعود يُذَكِّرُ النَّاسَ فِي كُلِّ خَمِيسٍ فَقَالَ لَهُ رَجُل: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ لَوَدِدْتُ أَنَّكَ ذَكَّرْتَنَا كُلَّ يَوْمٍ، قَال: أَمَا إِنَّهُ يَمْنَعُنِي مِنْ ذَلِكَ أَنِّي أَكْرَهُ أَنْ أُمِلَّكُمْ، وَإِنِّي أَتَخَوَّلُكُمْ بِالْمَوْعِظَةِ كَمَا كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَتَخَوَّلُنَا بِهَا مَخَافَةَ السَّآمَةِ عَلَيْنَا
وذكر عن أحد شعوب أفريقيا البدائية أنه عندما يلقي الخطيب خطابًا طويلًا جدًّا خلال اجتماع القرية، فإن الجمهور يسكته بالصراخ: كفى! كفى!
ويقال إن قبيلة أخرى كانت تسمح للخطيب بالتحدث طالما يستطيع وهو مرتكز على ساقٍ واحدة، وعندما تلمس مقدمة ساقه الأخرى الأرض، يتوجب عليه التوقف عن الكلام.