الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والتى تنتظم أكثر من أربعة قرون إلا أن لها خصائص لا نجد بدّا من الحديث عنها فيما يلى:
خصائص الكتاب
1 -
أن التأريخ فيه ليس لطبقة خاصة من الفقهاء أو الأدباء أو النحويين ومن إليهم. وإنما هو للأعيان من سائر الطبقات، وابن القاضى يقول فى مقدمته:
…
2 - العناية بالناحية الأدبية للمترجم له أظهر من سواها.
ويبدو هذا فى حرص المؤلف على إيراد نموذج أو نماذج من شعر من يترجم له. ونراه فى كثير من التراجم يقتصر على أن يقول بعد اسم المترجم: «له نظم رائق» ويذكر طرفا منه. وقد يعقب-بعد ذلك-بسنة الوفاة، وقد لا يعقب.
وانظر صنيعه فى ترجمة أحمد بن عماد الدين المعروف بابن هبة الله ص 19 - 21 وأحمد بن سليمان بن مروان ص 23 - 25.
فإذا ما أفاض فى ذكر أخبار المترجم له لم ينس فى كثير من الأحيان أن يذكر إلى جانب ذلك طرفا من شعر المترجم له.
وحسبنا دليلا على هذا ما صنع فى ترجمة العلامة ابن حجر العسقلانى
(773 - 852 هـ) فقد أورد فى ترجمته ص 64 - 72 من هذا الجزء خمسة وتسعين بيتا من شعره. بينما لم يزد فى التعريف به أن ذكر بعض مؤلفاته، وأخذه النحو عن ابن هشام، والحديث عن أبى العباس الغمارى، ووفاته.
ولعل هذه العناية ترجع إلى أن ابن القاضى كان إلى جانب ما عرف عنه-أديبا وشاعرا-على ما سنذكر فى ترجمته، فولع بإبراز هذه الناحية فى عامة كتبه.
…
3 - ليس فى الكتاب استقصاء لتراجم أعلام تلك الحقبة التى أشرنا إليها: فابن القاضى ألف كتابا قبل هذا سماه «المنتقى المقصور، على مآثر الخليفة أبى العباس المنصور» استطرد فيه إلى ذكر بعض الفضلاء الذين رأى أن الحاجة تدعو إلى ذكرهم. بيد أن «المنتقى» ضاق عن استيفائهم وحصرهم، فألف «الدرة» لتكون كالملحق «للمنتقى» لا يستقصى فيها، بل يذكر من وعته ذاكرته-فحسب-من الأعيان الذين ضاق عنهم كتابه الأول، وقد نص على هذا فى مقدمته ص 4 - 5.
…
4 - الكتاب وإن كان خاصا بتراجم الأعلام إلا أن المؤلف قد يستطرد فيه عقب إحدى التراجم إلى ذكر وقائع تاريخية هامة لا علاقة لها بالترجمة إلا أنها وقعت فى سنة وفاة المترجم له؛ يذكرها لأهميتها القصوى، ومغزاها البعيد.
كما فعل بعد أن ترجم لأحمد الجذامى الإسكندرى ص 138 فقد ترجم له فيما لا يزيد عن سطرين، وذكر وفاته سنة 709 ثم قال:
وفى هذه السنة فى يوم الثلاثاء ثالث شهر ربيع الأول منها. . . فى أول دولة أبى الجيوش حاضر «البرجلوني» «المرية» وقائد أبى الجيوش عليها القائد «أبو مدين: شعيب بن شعهب» وعلى البحر: القائد أبو الحسين: على الرفداحى» والبرجلوني المذكور طاغية «أرغون» خذله الله وصل. فى ثلاثمائة قطعة بين صغار وكبار، حربية وسفرية. إلخ.
وأخذ فيما يربو على عشر صفحات يتحدث عن هذا الغزو الغادر وما حدث بإزائه من قصد وصمود، ودفاع مجيد، ومقاومة باسلة، وكيف تواكب المدد للغزاة حتى تمكنوا من إحكام الحصار، ومع ذلك لم تهن عزائم المسلمين، ولم تضعف قواهم. . فكلما أفاض الأعداء فى المقاتلة. اشتد المسلمون فى المدافعة.
وظل ابن القاضى يتابع الحرب يوما بيوم ويسجل أهم الأحداث فى أهم الأيام إلى اليوم الثانى والعشرين من رجب من السنة المذكورة حيث كان آخر قتال، ثم إلى الثانى والعشرين من شعبان حيث تم إرغام الغزاة على الانسحاب (وردّ الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا) ثم تحدث ابن القاضى عما حشد أهل بادية «المرية» حتى لا يؤخذوا مرة أخرى على غرة، وعما يمكن أن يؤخذ من هذا كله من عظة وعبرة.
…
5 - لم يلتزم المؤلف نسقا واحدا فى التعريف بالمترجم، فقد يقتصر فى التعريف على ذكر اسم المترجم له، وسنة وفاته كما صنع فى ترجمة «أحمد الغريانى» ص 13، و «أحمد اللحيانى» ص 14. من هذا الجزء.
وقد يتوسط فيعرّف بالمترجم له تعريفا يشمل منشأه وأصله، وخلقه، وفضله، وعلمه وفنه، ومصنفاته وكتبه، ومن أخذ عنهم، ومن أخذوا
عنه وطرفا من شعره، وسنة مولده ووفاته كما فعل فى ترجمة «أحمد بن محمد بن عثمان الأزدى» ص 14 - 16 من هذا الجزء.
وقد يسهب فى الترجمة، فيفصل القول فى التعريف بالمترجم له من جوانب شتى، ولا يرى باسا فى أن يستطرد إلى شرح بعض المسائل العلمية التى تتعلق بالصنعة الأدبية فى النماذج الشعرية التى أوردها. كما صنع فى ترجمة «أبى العباس المنصور» . التى استغرقت أكثر من أربع عشرة صحيفة من هذا الجزء.
ولسنا نعيب عليه أن يتوسط فى بعض التراجم، ويسهب فى بعضها الآخر، ولكنا نأخذ عليه أن يستطرد إلى ذكر أمر لا حاجة بالكتاب أو بقارئه إليه، وأن يوجز إيجازه ذلك المفرط فى الاقتصار عند التعريف له على ذكر الاسم والوفاة.
ولو جاز لنا أن نتقبل هذا الإيجاز فى بعض الأعلام المغمورين الذين يكفى ذلك فى التعريف بهم، فما أحسبنا نعتذر عنه، أو نتقبل صنيعه ذلك فى أعلام مشهورين «كأحمد بن إدريس القرافى» (ص 8)، و «ابن عطاء الله السكندرى» (ص 12) و «أحمد بن عبد الرحيم العراقى» المحدث (ص 21)، و «أحمد النحوى» الملقب بالسمين (ص 46) والأمير «برقوق» (ص 217) والسلطان تيمور لنك (ص 230 - 231).
ولهذا كنت أعرّف فى التعليقات بمن لم يعرف به «ابن القاضى» أو أذكر من أخبار المترجم له ما قصر هو فيه، كلما تأتى ذلك لى وأشير إلى مصادر الترجمة لمن أراد أن يستوثق أو يستبحر فى المعرفة بالمترجم له.
…
6 - قد نتكرر الترجمة للشخص الواحد-فى هذا الكتاب-كما
صنع المؤلف فى الترجمة رقم 26 (ص 26 - 27) لأحمد بن جزى الكلبى. فقد أعادها أخصر من الأولى رقم 80 (ص 59) ولم يزد فى الموضع الثانى إلا النص على تحديد ميلاده.
…
7 - قد تكون الترجمة من نقل ابن القاضى أو اختصاره عن غيره فى المترجم، غير أنه قد ينص عمن ينقل عنه، أو يختصر كما فعل حين نص فى ترجمة «أحمد بن يوسف بن عمر الحلبى» ص 50 - 51 على نقل قول السيوطى عنه فى «بغية الوعاة» .
وقد لا ينص؛ كما فعل عند ما نقل قول الخزرجى فى ترجمة «أحمد ابن عثمان الزبيدى» ص 48.
وكما فعل عند ما اختصر عن ابن حجر فى الدرر ما ترجم به لأحمد بن ثور ص 49.
وكما نقل عن ابن الأعدل فى تاريخ اليمن قوله فى «أحمد بن إبراهيم العسلقى» ص 55 دون أن ينسبه إليه.
ولهذا فنحن لا نستطيع أن نجزم بأن ما يترجم به ليس منقولا عن الغير حين يذكر الترجمة غير منسوبة لأحد.
لكنى أنسب الأقوال إلى قائليها، وأرد الترجمة إلى أصولها ما استطعت إلى ذلك سبيلا، كما سيتبين فى التعليقات.
…
8 - لم يلتزم المؤلف ترتيب المترجمين ترتيبا دقيقا لا بالسنوات
ولا بالأسماء. وإنما أورد الأعلام تحت عنوان الحرف الواحد كيفما اتفق، فلم يصنع صنيع ابن حجر فى الدرر الكامنة، ولا صنيع السخاوى فى «الضوء اللامع» و «التحفة اللطيفة» فى تاريخ المدينة الشريفة» حيث رتبا الأعلام بحسب الحروف والآباء والأجداد ترتيبا دقيقا يسهل على الباحثين مهمة الحصول على طلبتهم من الأعلام فى موضعها بين سابقها ولا حقها.
ولم يفعل كما فعل الذهبى فى «العبر» وابن العماد فى «الشذرات» حيث رتبا التراجم فى كتابيهما يحسب سنوات الوفاة؛ تيسيرا أيضا لمهمة الباحثين.
وقد اعترف هو بذلك ثم اعتذر عن نفسه حيث قال فى آخر مقدمته: «ولم أرتبه على ترتيب السنين بل كيفما اتفق ذلك فى الحرف؛ لأنى جمعته من مقيداتى، وعسر على جمع ذلك على السنين والله الموفق» .
…
ذلك. والكتاب من قبل ومن بعد-زاد تاريخى حافل-إذ، استثنينا ما أخذناه عليه آنفا-ثم هو ثروة أدبية، نحيا بها فى ظلال تلك الحقبة التاريخية الآهلة، فنعرف عن أدبائها ونتاج قرائحهم ما يتكفل هذا الكتاب بإعطاء صورة حية عنه بهذه النماذج العديدة التى أوردها ابن القاضى فى ثنايا صفحاته.
…
وإذا كان اختيار المرء قطعة من عقله، فإن اختيار ابن القاضى فى هذا الكتاب سواء فيما يتعلق بالأعلام وأخبارهم، أو الأدباء وأشعارهم. يبين-ولا ريب-عن فكره وشخصيته، وعلمه وثقافته، فى الفترة التى