المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌قضايا في حديث: (إن الله حرم عليكم) - دروس الشيخ عائض القرني - جـ ١٢٠

[عائض القرني]

فهرس الكتاب

- ‌الخطوط الحمراء

- ‌قضايا في حديث: (إن الله حرم عليكم)

- ‌نبذة حول الحرمة والكراهة في الشرع

- ‌تعريف العقوق والأدلة على تحريمه

- ‌من أشعار العرب في حب الأمهات

- ‌شرح قوله صلى الله عليه وسلم: {ووأد البنات}

- ‌شرح قوله صلى الله عليه وسلم: (منعاً وهات)

- ‌ذم البخل

- ‌البخل ينافي السيادة

- ‌من قصص البخلاء

- ‌ذم السؤال لغير حاجة

- ‌شرح قوله صلى الله عليه وسلم: (قيل وقال)

- ‌النهي عن الإتيان بالغرائب

- ‌السؤال المحمود والمذموم

- ‌حكم إضاعة المال

- ‌من ورع الصحابة في الإنفاق

- ‌من إضاعة المال صرفه في المعاصي وكثرة البناء

- ‌خير الأمور الوسط

- ‌الأسئلة

- ‌حكم الاختلاف في المناهج وأساليب الدعوة

- ‌الفجوة بين العلماء وطلاب العلم

- ‌نصيحة لشباب تائبين

- ‌آخر كتاب لعائض القرني

- ‌ظاهرة الإقليمية عند طلاب العلم

- ‌علاج قلة الاطلاع

- ‌سلبية عدم التأثير في حياة بعض المشايخ

- ‌ظاهرة الجدل البيزنطي

- ‌الفظاظة في الدعوة

- ‌ظاهرة عقوق الوالدين

- ‌ضرورة تحضير الدروس

- ‌ظاهرة الانتكاس

- ‌ظاهرة التعالم

- ‌ظاهرة التفرق بين الشباب بسبب الإقليمية والشعوبية

- ‌نصيحة لحضور مجالس الذكر

الفصل: ‌قضايا في حديث: (إن الله حرم عليكم)

‌قضايا في حديث: (إن الله حرم عليكم)

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

أيها الأحباب البررة! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

عنوان هذا الدرس (الخطوط الحمراء).

وقبل أن أبدأ أحمد الله عز وجل أن شرفني بالجلوس أمامكم، وعلى أن شرفكم بحضور مجالس الرحمة والتوبة والإنابة والقرب من الله، هذه الليلة مساء السبت (21) من شهر ذي القعدة لعام (1412هـ).

هذه الخطوط الحمراء وضعها رسولنا عليه الصلاة والسلام، وليس للعبد أن يتجاوزها، فإنه هو المعصوم عليه الصلاة والسلام الذي يحلل ويحرم بإذن الله، قال تعالى:{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً} [الأحزاب:36].

إذا علم هذا فالخطوط الحمراء في كلامه عليه الصلاة والسلام فيما ثبت في الصحيحين من حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {إن الله حرم عليكم: عقوق الأمهات، ووأد البنات، ومنعاً وهات، وكره لكم: قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال} .

من يستطيع من البشر أن ينسج مثل هذه الكلمات؟ من يعبر بمثل هذا التعبير؟ من الذي يستطيع بعقله وبتفكيره وبقلمه وبمواهبه أن ينظم كلاماً في سطرين يكون قاعدة كبرى للأمة، فيحلل ويحرم، ثم يكون في أجمل أسلوب وفي أجل عبارة.

إنه رسولنا عليه الصلاة والسلام.

وفي هذا الحديث قضايا:

أولاً: من هو راوي الحديث؟

هذا الحديث رواه البخاري ومسلم ولكن راويه من الصحابة المغيرة بن شعبة، وهو ثقفي من الطائف أسلم مع الرسول صلى الله عليه وسلم، وأحب الرسول عليه الصلاة والسلام، وعلمه صلى الله عليه وسلم من أحاديثه وسننه الشيء الكثير، تميز من بين الصحابة بالذكاء الرهيب إلى درجة الدهاء والعبقرية، فهو مع معاوية بن أبي سفيان وزياد بن أبيه وعمرو بن العاص فهم دهاة العرب الأربعة.

هذا هو المغيرة بن شعبة.

تولى العراق في عهد عمر رضي الله عنه وأرضاه، وله الحديث الطيب العطر عن الرسول عليه الصلاة والسلام.

ويكفيه أنه روى هذا الحديث: {إن الله حرم عليكم: عقوق الأمهات، ووأد البنات، ومنعاً وهات، وكره لكم: قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال} وقائل هذا اللفظ كان أمياً عليه الصلاة والسلام، ولكن الله علمه؛ قال تعالى:{وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ} [العنكبوت:48] وقال سبحانه وتعالى: {وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً} [النساء:113].

القضية الثانية: قوله صلى الله عليه وسلم: {إن الله حرم عليكم} والمحرم حقيقة والمحلل هو الله، ولا يحق للإنسان أن يحرم أو يحلل من عند نفسه، قال تعالى:{وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ} [النحل:116] فليس للإنسان أن يبتدع من عنده تحريم محلل أو تحليل محرم على الأمة، فإن الله سوف يحاسبه ويعاقبه.

ولذلك أحذر نفسي وإخواني ممن يتكلم أو يوجه أو يربي الناس أن يقحم نفسه في تحريم حلال أو تحليل حرام؛ فإن هذا ليس لأحد إلا لله سبحانه وتعالى، ثم لرسوله عليه الصلاة والسلام.

ص: 2