المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌جواز الشبع في الأكل - دروس الشيخ عائض القرني - جـ ٧٨

[عائض القرني]

فهرس الكتاب

- ‌عيش النبي وأصحابه وتخليهم عن الدنيا

- ‌نص حديث أبي هريرة في زهد النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه

- ‌وقفات مع حديث أبي هريرة في زهد النبي وأصحابه

- ‌سند الحديث وتفنن البخاري في التبويب

- ‌قدوم أبي هريرة المدينة وإسلامه

- ‌حال أبي هريرة بعد النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌قصة لأبي هريرة

- ‌فوائد الحديث

- ‌جواز الحلف بدون استحلاف

- ‌الإخبار عن حال الضر ليس لأجل التشكي

- ‌جواز التعريض بالسؤال

- ‌دقة فهمه صلى الله عليه وسلم

- ‌الاستدلال بالعلامات

- ‌استحباب الشرب جالساً

- ‌خادم القوم يتولى المناولة

- ‌معجزة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌جواز الشبع في الأكل

- ‌كتمان الحاجة أولى من إظهارها

- ‌كرم النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ضيق الحال عند الصحابة

- ‌فضل أبي هريرة

- ‌فضل أهل الصفة

- ‌ضرورة استئذان المدعو

- ‌جلوس الضيف في مكانه اللائق به

- ‌ملازمة أبي بكر وعمر للنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌مناداة الخادم بالكنية

- ‌قبول النبي صلى الله عليه وسلم للهدية ورده الصدقة

- ‌جواز السكنى في المسجد للحاجة

- ‌جواز التخلي عن الأهل والولد إذا كانوا مشغلة

- ‌التقلل من الدنيا

- ‌أيهما أفضل: الغني الشاكر أم الفقير الصابر

- ‌انبساط الدنيا لا يكون على حساب الآخرة

- ‌أفضل الطعام

الفصل: ‌جواز الشبع في الأكل

‌جواز الشبع في الأكل

المسألة التاسعة: جواز الشبع ولو بلغ أقصى غاية.

قاله ابن حجر وأيده ابن القيم على هذا؛ لأن بعض الناس من المغالين في التصوف يقول: إنه لا يجوز الشبع، وإن الإنسان حرام أن يشبع، ويلقون محاضرات في الشبع، هذا غير صحيح فـ أبو هريرة شبع حتى حلف بالله العظيم أنه لا يجد له مسلكاً.

دخل أبو دلامة على هارون الرشيد الخليفة العباسي، فقال هارون الرشيد: يا أبا دلامة! سمعت أنك تطلب الحديث في هذه الأيام -وأبو دلامة رجل مزاح فكاهي، يرافق الخلفاء في الجهاد والغزو والسمر- قال هارون الرشيد: سمعت أنك تطلب الحديث في هذه الأيام.

قال: نعم.

تعلمت الأحاديث فنسيتها كلها إلا ثلاثة أحاديث.

قال: وما هي؟ قال: قوله صلى الله عليه وسلم: {إذا حضر العِشاء والعَشاء فابدءوا بالعَشاء قبل العِشاء} وقوله عليه الصلاة والسلام: {اشرب يا أبا هريرة! قال: والله لا أجد له مسلكاً} وقول الصحابي: {كان صلى الله عليه وسلم يحب الحلوى والعسل} فضحك هارون الرشيد حتى ترح برجله.

فهذه الأحاديث تحفظ والحمد لله، ولذلك سوف ننسى كل هذه القصة ونحفظ قوله: فشبعت حتى ما وجدت له مسلكاً.

قال ابن القيم: شبع أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم مرة من المرات.

لماذا؟ لأنهم ما يجدون الطعام دائماً كما نجده نحن، وإلا فنحن والحمد لله الوجبات تلو الوجبات بالساعة والدقيقة ما تختلف، والصحابة قد تمر بهم وجبة اللحم في الشهر أو الشهرين أو الثلاثة، وبعضهم أكثر من ذلك، فإذا حصلت هذه المكرمة أكثر منها؛ لأنه لا يدري ماذا سيحدث له فيما بعد، فهذا وارد.

لكن يقول ابن حجر: ورد عند الترمذي بسند حسن: {إن أكثر الناس في الدنيا شبعاً أكثرهم جوعاً يوم القيامة} وهذا يقصد به أهل الشهوات الذين لا يستخدمونها في طاعة الله عز وجل، ولا يستعينون بها على مرضاته تبارك وتعالى، وإلا فالله يقول:{يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً} [المؤمنون:51] وأمر الله المؤمنين بما أمر به المرسلين، فلو أن الإنسان إذا أكل طيباً وعمل صالحاً؛ لكان صالحاً عند الله، كلامه وأكله طيبٌ وفعله، لكن أن يأكل طيباً ويفعل القبيح، يأكل نعم الله ثم يعصيه ويتمرد عليه، هذا ليس بلائق.

وهل من المروءة أن يضيفك رجل في بيته فكلما أكلت طعامه قمت تضاربه في البيت؟ ولله المثل الأعلى.

فمن يأكل طيباً ويعمل صالحاً فهو مأجور ومشكور، ولو احتسب أكله عند الله لآجره الله في الدنيا والآخرة.

ص: 17