الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قدوم أبي هريرة المدينة وإسلامه
قدم من دوس من أرض زهران من جبال السراة، وليس عنده شيء من مال ولا متاع، وإنما يريد الله والدار الآخرة، فأبدله الله ذكراً جميلاً في الدنيا، وأبدله جنة -نسأل الله أن يجمعنا به في مستقر رحمته- وجعله حافظ الدنيا للحديث النبوي إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وكان قدومه يوم قدم ومعه مولىً له، فضاع عليه المولى في ظلام الليل، فلما قدم أتى والرسول صلى الله عليه وسلم جالس مع أصحابه، فلما رآهم قال:
أيا ليلة من طولها وعنائها على أنها من دارة الكفر نجتِ
يقول: ما أطول هذه الليلة وما أشد عناءها! لكنها بحمد الله نجتني من دار الكفر.
فأسلم وشهد أن لا إله إلا الله وآمن برسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولما رأى الرسول صلى الله عليه وسلم ورأى هذا الوحي والنور يخرج من ثنايا الرسول صلى الله عليه وسلم؛ طمع أن يحفظ شيئاً من هذا الوحي العظيم، وأخذه الحرص الشديد على أن يتلقن من فم الطاهر المطهر شيئاً من هذه التركة والميراث.
قال: {قلت: يا رسول الله! إني أسمع منك حديثاً كثيراً فلا أعيه.
قال: يا أبا هريرة! ابسط رداءك.
قال: فخلعت ردائي وبسطته، فحثا لي عليه الصلاة والسلام حثوات بيده هكذا ودعا لي وقال: ضم رداءك عليك فضممته، فوالله ما نسيت بعد هذا حرفاً واحداً} فهو يحفظ خمسة آلاف وسبعمائة وستة وعشرين حديثاً، ما بين طوال وقصار لا يفلت منها حرفاًُ واحداً كالفاتحة، ولذلك كان ليله ثلاثة أجزاء: الجزء الأول يتهجد، والجزء الثاني يدارس الحديث، والجزء الثالث ينام.
ولما وصل إلى الرسول صلى الله عليه وسلم أتت أمه ولحقته من أرض دوس، فدخلت فسلم عليها وحاول أن يدعوها إلى الإسلام فأسمعته كلاماً غليظاً فيه وفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذهب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم يبكي ويقول: {يا رسول الله! ادع الله لأمي فإنها أسمعتني فيك وفيَّ كلاماً غليظاً.
فرفع عليه الصلاة والسلام يديه ودعا لأمه بالهداية، قال: فعدت إليها في البيت وإذا هي قد أغلقت بابها عليها، وسمعت خشخشة الماء، فقلت: يا أماه مالك؟ قالت: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله، وهو لم يأتها ولم تر الرسول صلى الله عليه وسلم فعاد يبكي من الفرح.
طفح السرور علي حتى إنني من عظم ما قد سرني أبكاني
فقلت: يا رسول الله! والله لقد أسلمت، فادع الله لي ولأمي، قال: اللهم حبب أبا هريرة وأمه إلى صالح عبادك وحبب صالح عبادك إلى أبي هريرة وأمه، قال أبو هريرة: فوالله ما رآني أحد أو رأى أمي إلا أحبنا في الله ونحن نحب كل صالح في الله}.