المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تنازل عن بعض حقوقك - دروس الشيخ محمد الدويش - جـ ٣١

[محمد الدويش]

فهرس الكتاب

- ‌من حق إخوتنا علينا

- ‌بيان ما يلزم الشباب المستقيمين تجاه إخوانهم المقصرين

- ‌ثمار الدعوة إلى الله تعالى

- ‌للداعي مثل أجور المهتدين على يديه

- ‌هداية رجل خير من حمر النعم

- ‌دعوة المهتدي لمن تسبب في هدايته

- ‌الجزاء من جنس العمل

- ‌الدعوة إلى الله دليل شكر نعمة الهداية

- ‌للداعية مثل أجر الداعية المهتدي على يديه

- ‌إنقاذ الضلال من الهلاك

- ‌جوانب مضيئة من سيرة الشباب المنحرفين

- ‌عدم رضاهم عن حالهم

- ‌رغبتهم في تغيير حالهم

- ‌تفكيرهم في الالتزام

- ‌شعورهم بأن الالتزام طريق السعادة

- ‌استجابتهم للنصيحة

- ‌سماعهم الشريط الإسلامي

- ‌موقفهم الإيجابي تجاه الشباب الملتزمين

- ‌أمور مطلوبة قبل الدعوة

- ‌حسن الخلق أثقل ما في الميزان

- ‌حمل الكل وإكساب المعدوم هدي رسول الله

- ‌أهمية استغلال مواقف السير بالسيارة

- ‌أثر الطالب في فصله الدراسي

- ‌لا تنتظر ثمرة إحسانك

- ‌تنازل عن بعض حقوقك

- ‌أمور يلزم التنبه لها

- ‌الحذر من قياس الأمور بمقياس واحد

- ‌الحذر من اليأس من المدعوين

- ‌مهد الطريق لغيرك

- ‌بين حسن الخلق ومجالسة المنحرفين

- ‌الأسئلة

- ‌اقتراح بإضافة درس

- ‌توجيه لاحتواء من لا يحمل جنسية بلاد الداعية

- ‌تذكير للشباب الملتزمين بنعمة الهداية

- ‌حال من اهتدى ثم عاد إلى الانحراف

- ‌طريق الوصول إلى قلوب المنحرفين لدعوتهم

- ‌توجيه للشباب المتكبرين عن مجال المنحرفين

- ‌دور التبرعات لشراء وسائل الهداية

- ‌الموقف من أذية المنحرفين

- ‌تفاوت درجات أجر الدعاة

- ‌بيان نتائج واقعية من اللقاء بالشباب المنحرفين وتوجيه لدعوتهم

- ‌تعليق على خبر منشور

الفصل: ‌تنازل عن بعض حقوقك

‌تنازل عن بعض حقوقك

الجانب السادس: تنازل عن بعض حقك: تحكي لنا عائشة رضي الله عنها صورة من هديه صلى الله عليه وسلم فتقول: (ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم منتصراً في مظلمة ظلمها قط ما لم ينتهك من محارم الله شيء، فإذا انتهك من محارم الله شيء كان من أشدهم على ذلك غضبا، وما خير صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن مأثماً) الحديث رواه الإمام أحمد والشيخان وأبو داود والترمذي في الشمائل.

فهو صلى الله عليه وسلم لم ينتصر في مظلمة لنفسه ظلمها قط، إنما ينتصر عندما تنتهك محارم الله عز وجل.

وتقول أيضاً في وصف آخر له صلى الله عليه وسلم: (لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحشاً، ولا متفحشاً، ولا صخاباً في الأسواق، ولا يجزي بالسيئة، ولكن يعفو ويصفح)، وهذا الحديث رواه الإمام أحمد والترمذي في سننه، ورواه الترمذي -أيضاً- في الشمائل المحمدية والطيالسي.

وكلنا يحفظ تلك الصورة المثلى من خلقه صلى الله عليه وسلم التي يحكيها أنس رضي الله عنه، يقول: (كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم وعليه برد نجراني غليظ الحاشية، فجاءه أعرابي، فجبذه بردائه؛ حتى أثر الرداء في صحفة عنقه، فقال: أعطني من مال الله الذي عندك.

فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم إليه وابتسم، ثم أعطاه حتى رضي).

أقول -يا إخوان-: قد يساء إليك، وما أكثر ما يسيء إليك هؤلاء، ولا شك أن الذي أساء الأدب مع الله عز وجل، وأن الذي يتجرأ على محارم الله، لابد أن يسيء الأدب مع خلق الله عز وجل.

أقول: لابد أن يأتيك من ذلك إساءات، ولابد أن يأتيك تجاوزات من هؤلاء، قد يسخر منك، وقد يظلمك، وقد يأخذ بعض حقك.

المهم أنه قد تحصل لك إساءة، فتنازل -يا أخي- عن بعض حقك، ويجب أن تتميز بأنك الرجل الذي تتنازل عن حقك، تحلم، وتعفو، وتكظم الغيظ، وتصفح، تلك الأخلاق التي تعلمتها وأنت تقرأ كتاب الله سبحانه وتعالى، {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران:133 - 134].

بل إن عفوك وصفحك وتنازلك عن حقك الغالب أنه يعيد إليك الحق، فلو سخر منك وقابلت ذلك بالإحسان؛ فإنه لابد أن يعرف أن هذه يد لابد أن يجزيك بها، ولو أساء إليك بأي إساءة أخرى وقابلت هذه الإساءة بالصفح والإحسان والعفو؛ لحفظ هذا الجميل لك، وستلقاه بعد ذلك عاجلاً، وأنت لا تبحث عن الجزاء العاجل، إنما تسلك ذلك استجابة لأمر الله سبحانه وتعالى، واقتداءً بهدي نبيك صلى الله عليه وسلم الذي كان كثيراً ما يعفو صلى الله عليه وسلم، بل تحكي عنه زوجه أقرب الناس إليه أنه لم يكن صلى الله عليه وسلم ينتصر لمظلمة ظلمها قط عليه أفضل الصلاة والسلام، وما يكسب الناس مثل الحلم، وما يكسب الناس مثل الصفح والعفو والتنازل عن الحقوق.

ص: 25