المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تركيب الإنسان من روح وجسد، وما يحتاجه الجسد من ضروريات - دروس للشيخ سعيد بن مسفر - جـ ١١٨

[سعيد بن مسفر]

فهرس الكتاب

- ‌قوة الروح، وقوة الجسد

- ‌أهمية القوة الإيمانية وفضلها على القوة المادية

- ‌تركيب الإنسان من روح وجسد، وما يحتاجه الجسد من ضروريات

- ‌الهواء من ضرورات حياة الجسد

- ‌الماء من ضرورات حياة الجسد

- ‌الغذاء من ضرورات حياة الجسد

- ‌أهمية الإيمان وسر تكريم الإنسان

- ‌النظريات الإلحادية التي أضلت البشرية في العصر الحديث

- ‌داروين ونظريته في مراحل تطور الإنسان

- ‌فرويد ونظريته في الجنس

- ‌دور كهايم ونظريته: حتمية القطيع الجمعي

- ‌ماركس ونظريته المادية

- ‌السعادة الحقيقية الكريمة هي في الإيمان بالله

- ‌حقيقة الدنيا عند أهل السعادة

- ‌آثار قوة الروح في حصول السعادة

- ‌الضعف الروحي وعواقبه الوخيمة في الآخرة

- ‌غذاء الروح بالطاعات، ومرضه بالسيئات

- ‌الأسئلة

- ‌قوة الإيمان تكون بكثرة العمل الصالح

- ‌نصيحة في أهمية الخشوع في الصلاة

- ‌نصيحة للشباب في خضم الأحداث والفتن

- ‌أسباب الثبات على دين الله

- ‌الطريق الأمثل إلى التوبة النصوح

- ‌نصيحة لمن يدرس النظريات الفاسدة

- ‌كلمة توجيهية للنساء

الفصل: ‌تركيب الإنسان من روح وجسد، وما يحتاجه الجسد من ضروريات

‌تركيب الإنسان من روح وجسد، وما يحتاجه الجسد من ضروريات

حتى نجيب على هذا الأمر لا بد أن نسأل: ما هو الإنسان؟ وما تركيبه؟ وما أصل خلقته؟ الإنسان مخلوق من عنصرين ومركب من مادتين: قبضة من التراب، ونفخة من روح الله، وأما بقية الحيوانات فإنها مشكلة من عنصر واحد: قبضة من طين الأرض، أما الإنسان ففيه عنصر طيني وعنصر روحاني، يقول الله تعالى فيه:{إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ * فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ} [ص:71 - 72] هل جاء السجود لآدم بعد التسوية من الطين؟ لا.

بل بعد نفخ الروح؛ لأنه أكرم عنصريه.

{فَإِذَا سَوَّيْتُهُ} يعني: من الطين: {وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ} [ص:72] فجاء الأمر بالسجود بعد نفخ الروح دليلاً على أن أكرم عنصريك هي الروحانية التي فيك؛ لأنك تشارك بها الملائكة، وتشارك بالعنصر الطيني الحيوانات، فإذا تجردت من الروحانيات عشت حياة الحيوانات بل أضل؛ لأن الحيوان يعرف مصلحته، وهذا ما نص الله عليه في القرآن الكريم، يقول عز وجل:{وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} [الأعراف:179] سبحان الله!! بغير الدين ما أنت؟ حمار؟ لا.

ألعن من الحمار! ليت الواحد حماراً نركب على ظهره، لكن ماذا نعمل فيه إذا لم يكن عنده دين؟ لأن الحمار يعرف مصلحته، والثور يعرف مصلحته، لكن الذي ليس عنده دين لا يعرف مصلحته، له عقل لا يعقل به، وله عين لا ينظر بها، وله أذن لا يسمع بها، عطلها الله حيث يقول:{وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعاً وَأَبْصَاراً وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلا أَبْصَارُهُمْ وَلا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} [الأحقاف:26]{وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [النحل:78] فالإنسان إذا لم يكن معه إيمان ودين يسقط وينزل درجة أقل من درجة الحيوانية، يقول الله عز وجل:{أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً} [الفرقان:44] قدم للحيوان شيئاً ضاراً يرفضه، ادفع الحيوان إلى حفرة فيها نار يصرخ، مع أنه يضرب به المثل في البلادة، فقد ضرب الله به مثلاً في القرآن الكريم، وشبه به اليهود الذين عندهم علم ما عملوا به، رفضوه واعتمدوا على نسبهم وقالوا: هم شعب الله المختار، قال الله تعالى:{مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً} [الجمعة:5] وهم في حقيقتهم يقولون: هم شعب الله المختار، والناس هم الحمير، والله سماهم الحمير حقيقة! الحمار وهو أبلد الحيوانات إذا حفرت أمامه حفرة ثم أخذته بعنانه وسحبته إليها يرفض، وتحاول تجره فيثبت يديه، يقول: أين عقلك أنت؟! لكن أكثر الناس أضل من الحمار، يرى النار بعينه ويقتحمها، أجل هو أضل! فالإنسان مكرم لأكرم عنصريه وهو عنصر الروح، عنصر الإيمان، وكما أن للجسد ضرورات فإن للروح أيضاً ضرورات، لا يستطيع الجسد ولا تستطيع الروح أن تعيش إلا بضروراتها.

ص: 3