المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌لا يعلمون تأويله - دروس للشيخ سفر الحوالي - جـ ١٥

[سفر الحوالي]

فهرس الكتاب

- ‌الإيمان بالغيب

- ‌أهمية الإيمان بالغيب

- ‌تفاوت الناس في الإيمان بالغيب

- ‌الإيمان بالغيب أول صفات المؤمن

- ‌حقيقة الإيمان بالغيب

- ‌حال الأمم مع الإيمان بالغيب

- ‌الإيمان بإقرار الذهن فقط

- ‌الكفر بالغيب وأسبابه

- ‌عدم الإحاطة بعلمه

- ‌لا يعلمون تأويله

- ‌من مظاهر الإيمان بالغيب

- ‌متى تنقطع التوبة

- ‌متى يتحول الغيب إلى شهادة

- ‌إنكار الغيب وعلاقته بالنهضة العلمية

- ‌بداية ظهور النظرية المادية وسببها

- ‌فشل النظرية المادية واختلاف علمائها

- ‌أثر الإيمان بالغيب على المؤمن والكافر

- ‌اطمئنان المؤمن وسعادته

- ‌ضنك الكافر وشقاؤه

- ‌الأسئلة

- ‌إسلام من لم يتلفظ بالشهادة

- ‌القدر وتعدد الأسباب

- ‌نزول عيسى وانقطاع التوبة

- ‌الكتب التي تحدثت عن مسائل الغيب

- ‌معرفة الطب لنوع الجنين

- ‌المدرسة العقلانية

- ‌المحتضر من أهل عالم الشهادة

- ‌ضعف اليقين من أسباب انحطاط المسلمين

- ‌إنكار الغيب بين الوسوسة ورد الأحاديث

- ‌الإيمان بلاعمل يدل على ضعف الإيمان بالغيب

الفصل: ‌لا يعلمون تأويله

‌لا يعلمون تأويله

والسبب الآخر: {وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ} [يونس:39].

فإن الناس يصدقون بالمشاهد المحسوس، ويكذبون بالغيب المكتوم، والتأويل -كما تعلمون- له معان؛ ففي هذه الآية جاء بمعنى: الوقوع: أي: وقوع حقيقة الشيء المخبر عنه سابقاً، كما قال يوسف عليه السلام:{هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيايَ مِنْ قَبْلُ} [يوسف:100] أي هذه حقيقة الرؤيا التي قد وقعت، كانت رؤيا في عالم الغيب أخبر بها؛ فلما أن تحقق ذلك ورفع أبويه على العرش وخروا له سجداً، كان ذلك هو وقوع الرؤيا وهو تأويلها {هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيايَ} [يوسف:100]، فهؤلاء الجاحدون يريدون أن يروا الملائكة، وأن يروا الله، وأن يروا الجنة والنار؛ فإذا رأوا ذلك آمنوا؛ وهذا مما يطلبه الجاحدون والظالمون، ولكن! هل يلبى لهم ذلك؟ لا، فهم يريدون أن يؤمنوا بشيءٍ يمكن لعقولهم أن تصل إليه، وهذا هو الذي لايمكن؛ وهم يريدون أيضاً أن يؤمنوا بشيء يمكن لعقولهم أن تستدل عليه، وأن تعرفه؛ والله سبحانه وتعالى إنما أرسل الرسل لعالم الغيب، وهو عالم لا يمكن أن تحيط العقول البشرية به علماً؛ وإنما غاية الأمر أن تستدل عليه وأن تؤمن به وتثبته في الجملة.

فكل إنسان في فطرته الإيمان باليوم الآخر، ولو أنه فكر لوجد أن الإيمان باليوم الآخر ضرورة عقلية لا بد منها، لكن هل يمكن أن يؤمن عن طريق العقل المجرد بالميزان، أو بالصراط، أو بالحوض، أو بدرجات أهل الجنة والنار أو بالصحف أو بأمثال ذلك مما لا يمكن أن يُعلم إلا عن طريق الوحي، وخبر السماء عن الله تبارك وتعالى؟ إن عالم الغيب الذي يريد الناس أن يحيطوا به علماً لا يمكن أن يكون بهذه المثابة؛ بل لا يمكن أن يكونوا مؤمنين أو عبيداً لله سبحانه وتعالى إلا إذا آمنوا بما أمر به الله، وصدقوا بما أنزله الله تبارك وتعالى؛ وإن لم يكن مما تدركه عقولهم أو تحيط به.

فليس من حقك إذاً أيها الإنسان المخلوق الضعيف العاجز ألا تؤمن إلا بما أدركه علمك وأحاط به فكرك، إن هذا الكلام عندما نعرضه لنبين أسباب تكذيب الكفار؛ فإنما نبين هذه الحقيقة؛ لأن في المنتسبين إلى الإسلام من الفرق الضالة، وأصحاب الانحراف في القديم والحديث، من وقع في هذه القضية، وفي هذا الخلل أو الخطأ أو الشبهة ولو جزئياً.

ص: 10