المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مساواة حكم غير الله به - دروس للشيخ سفر الحوالي - جـ ٢

[سفر الحوالي]

فهرس الكتاب

- ‌شرح رسالة تحكيم القوانين

- ‌التحاكم إلى القوانين الوضعية

- ‌تحاكم إلى الطاغوت

- ‌الأدلة على ذلك

- ‌مراتب الدين بالنسبة لتحكيم رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الغفلة عن عواقب التحاكم إلى غير الشرع

- ‌موقف القانونيين من الأحكام الشرعية

- ‌القانونيون وتناقضاتهم

- ‌اتباعهم لإرادة الشيطان

- ‌وأن احكم بينهم بما أنزل الله

- ‌مظاهر الحكم بغير ما أنزل الله

- ‌تجويز الحكم بغير ما أنزل الله

- ‌سن القوانين

- ‌مساواة حكم غير الله به

- ‌فهم خاطئ

- ‌تفضيل حكم غير الله على حكم الله

- ‌جحد أحقيَّة حكم الله

- ‌المرجع القانوني

- ‌توحيد العبادة وتوحيد الحاكمية

- ‌حكم سن القوانين

- ‌الادلة على كفر المشرِّع والمتحاكم

- ‌علاقة الظاهر بالباطن ودلالته عليه

- ‌التحاكم إلى الأعراف القبلية

- ‌مثال للأعراف القبلية التي تحكم من دون الله

- ‌التحاكم إلى السلوم والأعراف القبلية

- ‌النظام العشائري في العالم الإسلامي

- ‌النظام الإقطاعي في أوروبا

- ‌الحالة الثانية من الحكم بغير ما أنزل الله

- ‌تفسير ابن عباس لآية الحكم

- ‌مثال توضيحي

- ‌القسم الأول: الملتزم بحكم الله

- ‌القسم الثاني: الجاهل والمتأول

- ‌فتوى الشيخ ابن باز عن الحاكمية

- ‌حكم المجتهد المخطئ

الفصل: ‌مساواة حكم غير الله به

‌مساواة حكم غير الله به

يقول: ' النوع الثالث: ألا يعتقد كونه أحسن من حكم الله ورسوله، لكن اعتقد أنه مثله'.

وهذا مثلما قال التتار: رجلان عظيمان، محمد وجنكيز خان، ومثلما يقول بعض الناس اليوم: ينبغي للناس أن يتبعوا الأحكام التي جاءت بها الشريعة الإسلامية والقوانين الوضعية وكأنها سواء، فنسأل الله السلامة والعافية.

فيقول: 'فهذا - أي: من اعتقد أن حكم غير الله مساوياً لحكمه - كالنوعين اللذين قبله، في كونه كافراً الكفر الناقل عن الملة'.

أي: كمن فضَّل القوانين الوضعية على المنزل، أو كمن جحد أحقية الحكم المنزل.

يقول الشيخ: 'كافر الكفر الناقل عن الملة لما يقتضيه ذلك من تسوية المخلوق بالخالق'.

كما يقول أهل النار: {تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ * إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء:97 - 98] فهم في ضلال مبين؛ لأنهم سوّوهم برب العالمين في التعظيم والمحبة والإجلال واتباع أمرهم وتقدير كلامهم، وهذا هو العدل الذي قال الله تبارك وتعالى فيه:{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ} [الأنعام:1] والعدل: هو التسوية في المحبة والإجلال، كما قال تعالى:{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ} [البقرة:165].

ولا يشترط أن يسووا بينهم في الخلق والرزق، والإحياء والإماتة والتدبير، بل كان الجاهليون يعتقدون أن الخلق والرزق والإحياء وتدبير الأمر، وإنزال المطر، ونحو ذلك كله هو من فعل الله وحده لا شريك له قال تعالى:{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ} [الزخرف:9]، والآية الأخرى:{لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [الزخرف:87].

فلم تكن القضية عندهم في الخلق والرزق، وإنما كانت في الإجلال والتعظيم والتوقير، فمن قال: إن كلام الله وحكم الله تعالى مثل حكم ذلك القانون الوضعي الخبيث أو نظيره، فإنه يكون كافراً كفراً أكبر ناقلاً له عن الملة، لأنه سوّى بين الخالق والمخلوق.

يقول: 'لما يقتضيه ذلك من تسوية المخلوق بالخالق، والمناقضة والمعاندة لقوله عز وجل: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) [الشورى:11] ونحوها من الآيات الكريمة الدالة على تفرد الرب بالكمال، وتنزيهه عن مماثلة المخلوقين في الذات والصفات والأفعال، والحكم بين الناس فيما يتنازعون فيه '.

وهذا يُذكرنا بكلام الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله عندما قال: ما صفات من يستحق أن يحكم بين الناس؟ {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ * فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْض} [الشورى:10 - 11] مثلاً.

فمن هذه صفته فهو الذي يتحاكم إليه، فإذا جاء أحد فقال: حكم الله وحكم غير الله سواء، فمعنى ذلك أنه خلع تلك الصفات التي تفرد الله سبحانه وتعالى بها على ذلك المخلوق، الذي لا يمكن أن تكون فيه هذه الصفات، وبهذا تجد التشابه الكبير بين كلام الإمام الشنقيطي والشيخ محمد بن إبراهيم؛ وذلك لأن أهل السنة ينهلون من منهل واحد، ويغترفون من معين واحد، فمهما اختلفت عصورهم أو ألفاظهم أو اجتهاداتهم فإن هنالك تشابه واتفاق فيما يذهبون إليه من الأحكام ومن الآراء.

ص: 14