الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لا يظهر على غيبه أحداً
بعد أن كان هذا الأمر من أقل ما يمكن، وإذا به ينتشر وإذا بشره يستطير -ولا حول ولا قوة إلا بالله- فما هو موقفنا جميعاً من هؤلاء؟ وما حقيقة ما يقوله أولئك أو ما يدعونه؟ وهل يعلم الغيب أحد غير الله تبارك وتعالى؟.
سبحان الله العظيم! يذهب الناس إليهم ويسألونهم عن ضالة فقدت أو عن أمر يريدونه أو عن عمل أو عقد يريدون أن يبرموه، وهل الزواج سيكون موفقاً أم غير موفق؟ فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم! هل هؤلاء يعلمون الغيب؟! ألم يقل الله تبارك وتعالى:{وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ} [الأنعام:59] وتقديم الظرف أو المعمول دائماً يشعر بالاختصاص، كما في قوله تعالى:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ} [الفاتحة:5] أي وحدك نعبد ولا نعبد غيرك، {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ} [الأنعام:59] أي ليست عند أحد سواه، ولا يعلمها إلا هو، فلا يعلم الغيب أي (الغيب المطلق) إلا الله تبارك وتعالى، كما قال تعالى:{قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} [النمل:65] فكيف يليق هذا بمن يعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه لا يعلم الغيب، بل قال:{وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ} [الأنعام:50] وقال: {وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ} [الأعراف:188] سبحان الله! ولو كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم الغيب أكان يبعث سبعين من خيار الصحابة من القراء، إلى بئر معونة فيقتلون جميعاً ولا يرجع منهم أحد؟!! هذا لا يمكن أن يفعله النبي صلى الله عليه وسلم، ولو كان يعلم الغيب أكان يوم أحد يخرج ويقع له ولأصحابه ما وقع؟! أم كان سيبقى في المدينة كما أشار عليه من أشار -أمور كثيرة واضحة- وفي حادثة الإفك لما افتري على أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، كان ينتظر أعظم الانتظار وهو موقف ما أشده على النفس وما أشقه على قلوب أهل الغيرة والإيمان -وهو صلى الله عليه وسلم أغير هذه الأمة ولا أغير منه إلا الله تبارك وتعالى لكنه انتظر حتى نزلت براءتها من عند الله تبارك وتعالى؛ فلو كان يعلم الغيب -أيضاً- لأخبرهم وانتهى الأمر وهكذا أمور كثيرة جداً في سيرته صلى الله عليه وسلم.
إذاً فهو لا يعلم الغيب، فيا سبحان الله! إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يعلم الغيب، ولا يعلمه أبو بكر ولا عمر ولا من دونهم؛ فكيف يعلمه هؤلاء الذين يدَّعون ذلك الآن من الدجالين المشعوذين الذين يذهب إليهم ولا حول ولا قوة إلا بالله؟!!