المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌محاسبة النفس والحديث الآخر هو ما تقدم معنا من رواية البخاري - دروس للشيخ سفر الحوالي - جـ ٤٨

[سفر الحوالي]

فهرس الكتاب

- ‌مظالم العباد

- ‌دواوين الأعمال وتعلق المغفرة بها

- ‌التحذير من مظالم العباد

- ‌الشفاعة في حدود الله

- ‌خطورة عدم قضاء الدين

- ‌المخاصمة بالباطل

- ‌خطر الغيبة

- ‌نصوص تزجر عن ظلم العباد

- ‌تحريم الهجر فوق ثلاثة أيام

- ‌إن بعض الظن إثم

- ‌النهي عن البغضاء والشحناء

- ‌النهي عن إيذاء المسلمين

- ‌أمثلة على أذى المنافقين للمؤمنين

- ‌أربى الربا

- ‌الظلم المتفشي

- ‌محاسبة النفس

- ‌أداء الحقوق

- ‌دعوة المظلوم

- ‌من عادى لي ولياً

- ‌الذنب الذي يغفره الله

- ‌فضل الذب عن عرض المسلم

- ‌الأسئلة

- ‌حديث: (اعدل! إنها قسمة ما أريد بها وجه الله)

- ‌من ضوابط الهجر

- ‌ضرب الأمثال ليس تشبيهاً

- ‌كفارة الغيبة

- ‌ضوابط الشتم

- ‌نشر فتاوى ورسائل كبار العلماء

- ‌أخلاق المصلح

- ‌الحكم الشرعي متعلق بفهم الواقع

- ‌إعانة المجاهدين في أرتيريا

- ‌قضاء الدين المجهول

- ‌زيارة ديار العذاب

- ‌ضرورة إنكار المنكر

- ‌إيجابيات وسلبيات التسجيلات والتعامل معها

- ‌هجر مرتكب الكبيرة

- ‌الفرق بين الولي والواصل عند الصوفية

- ‌توريث الزوجة التي لم يدخل بها

- ‌الفرق بين التحسس والتجسس

- ‌ظلم العباد وكيفية التوبة منه

- ‌الفرق بين توضيح الخطأ وتتبع الأخطاء

- ‌الإنكار والنصح عن طريق وسائل الإعلام

- ‌محاربة وسائل الفساد

- ‌ترك ما يؤدي إلى مفسدة

- ‌اتهام النبي بسماع الغناء

الفصل: ‌ ‌محاسبة النفس والحديث الآخر هو ما تقدم معنا من رواية البخاري

‌محاسبة النفس

والحديث الآخر هو ما تقدم معنا من رواية البخاري عن أبي هريرة {من كان له مظلمة من أخيه من عرضه، أو شيء، فليتحلل منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم إلا كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه} .

إذاً فتش نفسك يا عبد الله وفتشي نفسك يا أمة الله، وكل منا يفتش نفسه وينظر هل لأحدٍ من إخوانه المسلم مظلمة عنده من عرض أو مال أو من أي حقٍ من الحقوق، ولا تؤجلها إلى الغد فقد تموت الليلة، فإن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، فصلاتك وصيامك، وحجك، واعتكافك، يذهب لهذا المظلوم ويذهب هذا الجهد كله بهفوات من اللسان، وإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه، وهذا أسوأ من الذي قبله، وذلك أن يكون الرجل ممن يقع في حقوق العباد، فإذا كان هذا المظلوم لديه سيئات كالخمر أو الزنا وغير ذلك، فإنها تصبح في ميزان ذلك الظالم ويتحملها عنه؛ مع أنه لم يعملها، وذلك لأنه تكلم في عرض أخيه المسلم الذي يكون قد وقع في تلك السيئات.

ويقول صلى الله عليه وسلم في ذلك أيضاً لما قال لأصحابه: {أتدرون من المفلس} ، وهذا الحديث فيه أسلوب ونوع من أنواع التعليم النبوي، وهو من أرقى وأفضل أساليب التربية والتعليم، في الوعظ والتعليم وذلك أن يسأل العالم المتعلمين:{أتدرون من المفلس} ؛ فأذهان الناس -دائماً- تتجه إلى اصطلاحات معينة، فينبه العالم فيما يقصده الشرع.

وأن الحقائق ليست كما هو ظاهر في الحياة الدنيا، فينبههم إلى حقائق الشرع والآخرة التي بما غفلوا عنها، ولذلك قال الصحابة {المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع} وهم يعلمون بفطنتهم أن الرسول صلى الله عليه وسلم ما أراد مجرد سؤال عن الذي يعلمه الناس جميعاً.

فيقول النبي صلى الله عليه وسلم {إن المفلس من أمتي يوم القيامة من يأتي بصلاة وصيام وزكاة} .

وهذه أفضل أنواع العبادة، وهي أركان الإسلام الثلاثة بعد التوحيد، وأعظم شي يتقرب به العبد إلى الله بعد التوحيد هذه الثلاثة الأركان:{ويأتي وقد شتم هذا} وقد انتشر الشتم بين المسلمين انتشار النار في الهشيم.

وانظر إلى أصحاب الدكاكين والمدرسين -ولا سيما في المدارس- فبعض المدراء والمدرسين يشتم كل طالب ومدرس وكل فَرَّاش في الساعة الواحدة حتى إن بعضهم أصبح يشتم الجمادات، بل وربما بعضهم يشتم ويلعن نفسه ووالديه، فهذه قلوب ما هذبها الإيمان ولا روضتها التقوى.

{وقذف هذا} والقذف قد يكون أعم من معناه الشرعي مما يتعلق بالعرض، فيراد به القذف العام: وهو رمي الإنسان بما ليس فيه، أو يراد به القذف الخاص: وهو قذف العرض، وكلا المعنيين كثير بين الناس.

{وأكل مال هذا} وبعضهم لا يمنعه أن يأكل أموال المسلمين، وإن كانوا أيتاماً، وإن كانت من بيت المال إلا العجز والخوف أن يتفطن له الناس، ولا يخاف الله تعالى ولا يبالي بما أعد الله من الوعيد لمن فعل ذلك.

{وسفك دم هذا} وقد يصل به الحد إلى ذلك، {وضرب هذا} فكل أنواع الأذية تدخل في هذا الحديث، فيكون الجزاء بعد ذلك في يوم الخزي والندامة، {فيُعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه، أخذ من خطاياهم فطرحت عليه} والمطالبون لا يزالون يقولون: يا ربي حقي فيأخذ من سيئاتهم بقدر تلك المظلمة.

{إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً} [النساء:40].

فبعد أَنْ كانت له حسنات مثل جبال تهامة كما في رواية أحمد صار مفلساً.

ص: 16