المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أخطاء في مسألة الولاء والبراء - دروس للشيخ سفر الحوالي - جـ ٦٠

[سفر الحوالي]

فهرس الكتاب

- ‌الشباب المسلم بين العقل والعاطفة

- ‌بين التفكير العقلي والميول الوجدانية

- ‌كيفية التوفيق بين التصرفات المحكمة وما تمليه العاطفة

- ‌أمثلة من حال الأنبياء

- ‌أمثلة من حال الصحابة

- ‌مفاسد العاطفة الغير منضبطة

- ‌مفسدة الاستعجال

- ‌مفسدة الخروج عن المألوف

- ‌أخطاء في مسألة الولاء والبراء

- ‌العاطفة في قول الحق والجهاد في سبيل الله

- ‌الأسئلة

- ‌الحكمة في تكسير إبراهيم للأصنام والفرق بين الهمة والعاطفة

- ‌ميزان العاطفة المجردة والعاطفة الإيمانية

- ‌الخلل في العاطفة

- ‌كيفية تنظيم الأوقات للاستفادة منها

- ‌أضرار العاطفة في فهم الأحكام الشرعية

- ‌أهمية دور الملتزم في إظهار الصورة الحسنة عن هذا الدين

- ‌كيفية كبح جماح الشهوة

- ‌المغالاة في الحب وأضرارها

- ‌أخطاء الشباب في انتقاد العلماء

- ‌تغليب المصالح على المفاسد

- ‌الخروج عن المألوف

- ‌مجاهدة النفس في الطاعات

- ‌أمثلة على ارتكاب المفسدة لجلب المصلحة

- ‌المنهج العلمي للطالب المبتدئ

الفصل: ‌أخطاء في مسألة الولاء والبراء

‌أخطاء في مسألة الولاء والبراء

ومثل ذلك أيضاً عاطفة الحب، ونحن، نحتاج أن نحب في الله، وأن نوالي في الله وأن نعادي في الله، ولولا ذلك لما كنا مؤمنين حقاً، فهذه فضلها عظيم، ودرجتها عالية، كما نص على ذلك بعض العلماء، فقالوا: 'أعظم قضية بعد التوحيد ونبذ الشرك في كتاب الله سبحانه وتعالى هي قضية الموالاة والمعاداة' الموالاة في الله والمعاداة فيه، لكن كيف يكون التطبيق؟ وكيف يطبقها الشباب؟ هنا تدخل العاطفة وتطغى حتى ينسى الإنسان الأصل الذي منه انطلق، بعض الشباب يحب شيخاً -مثلاً- أو عالماً أو داعيةً -معاصراً أو قديماً- ويوالي في ذلك حتى يصبح أشد من المتعصبين المذهبيين، واسمحوا لي أن أقول هذا، أي: لو سمعت أحدهم يقول: أنا شافعي، أو أنا حنفي، فإن بعض الشباب يكاد ينفجر فيه، ما هذا التعصب؟ نحن نتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن هذا الشاب نفسه يحب شيخاً قديماً أو حديثاً، ويذهب به الإعجاب به كل مذهب، حتى أنه لو نسب إلى الشيخ قول وهو ما قاله، قال هذا الكلام صحيح، ما دام الشيخ قاله، وهو في الحقيقة لم يقله، إنما نسب إليه، فإذا قيل له: الشيخ يقول غير ذلك، قال: فهو كما قال، ويرجع إلى قوله الثاني.

إذاً وماذا تنقم أنت على المقلدين؟ وماذا تأخذ عليهم؟ وإذا بك تخرج وتشتط، وتقع فيما تحذرهم منه وتزجرهم عنه، ولو أننا جعلنا هذه العاطفة منضبطة لأحببنا كل العلماء، وكل الدعاة، وكل المصلحين الداعين إلى الله تبارك وتعالى، وأخذنا من هذا، ومن هذا، وسددنا وقاربنا، واستفدنا من الجميع، ولم نبالغ، ولم نغلُ في أي أحد منهم.

كذلك فيما يتعلق في معاملتنا -نحن الإخوة- مع بعض، بعض الإخوة يحب البعض الآخر حباً شديداً جداً، يخرج أحياناً عن كونه حباً في الله -الأصل أنه في الله إن شاء الله- يخرج حتى يصبح محبة في ذات الشخص، فيريد أن يراه وأن يجلس معه وأن يعيش معه هكذا، وربما غلب ذلك، وغطَّى على بعض الحقوق التي هي على هذا الأخ المحب لأهله وزملائه الآخرين، وربما أدَّى هذا إلى بغضاء وعداوة وشحناء بين الإخوة الشباب المجتمعين في مدرسةٍ، أو في دعوةٍ، أو في عملٍ من أعمال العلم والخير، بسبب هذا الغلو، والذي يحصل من أحد الإخوة، وقد يقابله الآخر بغلوٍ معاكس، والعاطفة -عموماً- هي ثورة وانفجار، وقد تؤدي إلى الخير، ولكن قد تقذف أحياناً بما قد يؤدي إلى العقوبة المذمومة.

فكذلك نقول: إن عاطفة الحب يجب أن تضبط ضبطاً محكماً قوياً، ونحن -أيها الإخوة في الله- لسنا كمشجعي الكرة، واسمحوا لي إذا قلت هذه العبارة، فلا نريد أن نتحول إلى ما يشبه عمل المشجعين، كل طائفة تشجع شخصاً، كما أنهم يشجعون فريقاً ويتعصبون له.

نحن يجب أن تكون لدينا الضوابط الهادئة المتزنة التي نعقل بها الأمور، ونناقش ويستدرك بعضنا على بعض، ثم نأخذ القضية أخذاً سليماً صحيحاً بعيداً عن هذا التعصب، ولذلك نجد أننا بعد حين إذا هدأت هذه العاطفة -ولا بد أن تهدأ، لأن العاطفة تهدأ مع الزمن- تتعجب من نفسك كيف كنت أولاً؟! فتجد نفسك فعلاً كنت لا شيء، ولم يكن ذلك الموقف مبنياً على دليل ولا تصورٍ معقول سليم.

ص: 9