المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ نقد التلمود - الأسفار المقدسة عند اليهود وأثرها في انحرافهم عرض ونقد

[محمود قدح]

الفصل: ‌ نقد التلمود

عليها، لكن أولئك الذين يأخذون على عاتقهم دراسة الجمارة يؤدون فضيلة سامية جداً) 1.

وورد فيه أيضاً: (من احتقر أقوال الحاخات استحق الموت أكثر ممن احتقر أقوال التوراة، ولا خلاص لمن ترك تعاليم التلمود واشتغل بالتوراة فقط، لأن أقوال علماء التلمود أفضل مما جاء في شريعة موسى)2.

لذلك وصف الله عز وجل اليهود بقوله: {اتّخَذُوَاْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مّن دُونِ اللهِ وَالمَسِيحَ ابنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَاّ لِيَعْبُدُوا إِلهَاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلَاّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} 3.

وبقوله تعالى: {يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ إِنّ كَثِيراً مّنَ الأحْبَارِ وَالرّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدّونَ عَن سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزونَ الذَّهَبَ وَالفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها في سَبِيلِ الله فَبَشِّرْهُم بِعَذابٍ أَلِيمٍ} 4.

1 انظر: فضح التلمود ص41.

2 للمزيد من تلك النصوص الدالة على قداسة التلمود عند اليهود راجع: الكنز المرصود في قواعد التلمود ص50-53 د. روهلينج، فضح التلمود ص41-42 برانايتس.

3 سورة التوبة، آية 31.

4 سورة التوبة، آية 34.

ص: 357

المطلب الخامس:‌

‌ نقد التلمود

.

أما عن نقد التلمود وبيان بطلانه وتزويره وإظهار زيف ادعائهم نسبته إلى موسى عليه الصلاة والسلام، فإننا سوف نوجز الحديث عنه، لأننا قد بينا فيما

ص: 357

سبق أن التوراة نفسها - الحالية - لا تربطها بموسى عليه الصلاة والسلام إلا علاقة ضعيفة جداً1.

وتكفينا في بيان حقيقة التلمود شهادة المؤرخ اليهودي شاهين مكاريوس في تعريف التلمود، حيث قال:

"والتلمود مجموعة تفاسير وشروح وأخبار وإضافات وأحكام وضعها حكماؤهم وربانييهم والمجتهدون منهم، وهو كبير الحجم يزيد عن عشرين مجلداً وضعت في عصور مختلفة وأحوال متباينة، وهو يتألف من المشنة والجمرة، وذلك أنه لما كثرت التقاليد وتشعبت أطرافها، وازداد عدد الكتاب والمجتهدين الناظرين في هذه الشريعة وكثرت الأحكام الصادرة من المجامع في الشؤون المختلفة، قام سمعان بن جاملئيل وتلامذته على تنسيق تلك التقاليد والنظر فيها، فجمعوا ما تيسر لهم جمعه منها، وعكفوا على غربلته وتبويبه، وظلّ العمل سائراً كذلك إلى أن أتمه يهوذا اهاناسي (أعني الرئيس) وتلامذته نحو سنة 316 ب. م، فجاء ستة أقسام تحتوي على 63 مبحثاً، فيها 524 فصلاً"2.

كما يعترف شاهين مكاريوس اليهودي بوقوع التحريف حتى في التلمود المختلق، فقال: "وأما التلمود البابلي، فكان الفراغ الأول منه نحو أواخر القرن الخامس، ولم يمض زمن طويل حتى اعتور التلمود تحريف وأُدخل فيه تقاليد لم تكن هناك، وأضيف إليه تفاسير وشروح وفتاوى جديدة، وسبب ذلك أن التلمود لم يكن قد قيّد بعد في الكتب والدفاتر، فكان تحريفه سهلاً، ثم إن انتشار اليهود في أنحاء الأرض وكثرة المدارس والجمعيات اليهودية التي نشأت معهم أينما حلّوا، جعلت فرقاً في أحوالهم بحسب تباين تلك الأحوال، فكانت الأحكام الصادرة من هذه الجمعيات في المكان الواحد تباين في بعض

1 انظر: الفكر الديني اليهودي ص66.

2 انظر: تاريخ الإسرائيليين ص113.

ص: 358

الأحايين أحكام جمعيات أخرى في مكان آخر، ولما كثر التحريف والزيادة قام أحد علمائهم المشهورين وعني بتأليف التلمود ثانية بمعونة تلامذته ومريديه وكتبته، وقضى ستين سنة في التحبير والتحرير والتنقيب والتهذيب، وجاء بعده غيره فسعى سعيه واقتفى خطواته، فتمّ بذلك هذا العمل وجاء كتاباً كبيراً كما تقدم الكلام، وهو بمثابة انسكلوبيذيا كبيرة"1.

ويؤكد لنا ذلك المهتدي السموآل بن يحيى المغربي (المتوفى سنة 570هـ) - وكان من أحبار اليهود فأسلم - في كتابه (إفحام اليهود) في بيانه لحقيقة التلمود بقوله:

((وكانت اليهود في قديم الزمان تُسمي فقهاءها بالحكماء، وهم الذين يدعون (الحاخاميم) ، وكانت لهم في الشام والمدائن مدارس، وكان لهم ألوف من الفقهاء، وذلك في زمان دولة النبط البابليين، والفرس، ودولة اليونان، ودولة الروم، حتى اجتمع الكتابان اللذان اجتمع فقهاؤهم على تأليفهما، وهما (المِشْنا، والتلمود) .

فأما المِشْنا، فهو الكتاب الأصغر، وحجمه نحو ثمانمائة ورقة.

وأما التلمود، فهو الكتاب الأكبر، ومبلغه نحو نصف حمل بَغْلٍ لكثرته، ولم يكن الفقهاء الذين ألّفوه، في عصر واحد، وإنما ألّفوه في جيل بعد جيل.

فلما نظر المتأخرون منهم إلى هذا التأليف، وأنه كلما مرّ عليه جيل زادوا فيه، وأن في هذه الزيادات المتأخرة ما يناقض أوائل هذا التأليف، علموا أنهم إذا لم يقطعوا ذلك ويمنعوا من الزيادة فيه، أدى إلى الخلل الظاهر والمتناقض الفاحش، فقطعوا الزيادة فيه، ومنعوا من ذلك، وحظروا على الفقهاء الزيادة فيه، وإضافة شيء آخر إليه، وحرّموا من يضيف إليه شيئاً آخر، فوقف على ذلك المقدار"2.

1 انظر: تاريخ الإسرائيليين ص113-114.

2 انظر: إفحام اليهود ص161-162.

ص: 359

ثم قال أيضاً: "ثم إن اليهود فرقتان:

إحداها: عرفت أن أولئك السلف الذين ألّفوا (المشنا) و (التلمود) وهم فقهاء اليهود، قوم كذّابون على الله تعالى وعلى موسى النبي عليه السلام ، أصحاب حماقات ورقاعات هائلة!!

من ذلك، أن أكثر مسائل فقههم ومذهبهم يختلفون فيها، ويزعمون أن الفقهاء كانوا إذا اختلفوا في كل واحدة من هذه المسائل، يوحي الله إليه بصوت يسمعه جمهورهم، يقول:(الحق في هذه المسألة مع الفقيه فلان) ، وهم يسمون هذا الصوت (بث قول) " 1.

أما عن تلمود أورشليم، فيقول محرر دائرة المعارف اليهودية العامة:

"النص الحالي لتلمود فلسطين في حالة فاسدة جداً، والنساخ الذين نقلوه لم يترددوا في تصحيحه كلما وجدوا أن المعنى بعيد عن إدراكهم، وقد تكرّر وقوع ذلك كثيراً بسبب أسلوب التلمود البليغ، وبسبب لغة النص غير المألوفة. ومشكلة النص هذه أدت إلى زيادة هذه الأخطاء، التي يقع فيها النساخ، مثل وقوع التباس بين حروف متشابهة، وحذف حروف، وترك سطور، وإساءة فهم الرموز"2.

وتلمود فلسطين مكتوب بالعبرية أو الآرامية الغربية، ويشمل على ما يقرب من 750.000 كلمة، 15 بالمائة منها هاجّادا Haggadah، أي القصص والحكايات اليهودية، وهذه القصص الخرافية هي أساس الإسرائيليات3.

1 انظر: إفحام اليهود ص171.

2 انظر: التلمود تاريخه وتعاليمه ص25.

3 انظر: المرجع السابق.

ص: 360

ومما يدلنا أيضاً على زيف التلمود وتزويره، اختلاف اليهود فيما بينهم على قداسته، بل إنكار طوائف كثيرة منهم قديماً وحديثاً لكتاب التلمود، ومن تلك الطوائف والفرق اليهودية.

- فرقة القرائين1، حيث يقول شاهين مكاريوس عنهم:"وفي القرن الثامن بعد الميلاد قام أحد العلماء في بغداد وتبعه فرقة رفضت التلمود، واكتفت بما في التوراة بغير تفسير، وهذه الفرقة تسمى اليهود القرائين"2.

- ومنها فرقة السامريين، ويقول عنهم شاهين مكاريوس:

"والسامرة يتمسكون بالتوراة ويرفضون التقليد (يعني التلمود) ، وقد بقي منهم إلى عصرنا الحاضر نحو ثلاثمائة، وهم في نابلس"3.

- ومنها فرقة الصدوقيين، وعنهم يقول شاهين:"هم أشراف اليهود ورجال الكهنوت منهم، واتخذوا لقبهم من اسم زعيمهم صدوق الكاهن الذي عاش في القرن الثالث الميلادي، وقد كان الفريسيون4 غير راضين عنه لاعتقادهم أن أفكاره مضادة للتوراة، وكان له زميل اسمه (بينوس) قام بفرق أخرى، وعلّم بالاكتفاء بما في التوراة وعدم الالتفات إلى التلمود"5.

1 القراؤون (العنانية) : نسبة إلى عِنان بن داود، ويخالفون سائر اليهود في أحكام السبت والأعياد، وكانوا يقيمون في مصر والشام وتركيا وغيرها، ويتركزون حالياً حول الرملة.

- انظر: تاريخ الإسرائيليين ص119، الفكر الديني اليهودي ص247.

2 انظر: تاريخ الإسرائيليين ص114.

3 انظر: تاريخ الإسرائيليين ص122.

4 الفريسيون: الذين امتازوا عن العامة، وهم طائفة علماء الشريعة من الربانيين قديماً والمتشددين منهم والمتمسكين بالتلمود.

- انظر: تاريخ الإسرائيليين ص117، الفكر الديني اليهودي ص210-212.

5 انظر: تاريخ الإسرائيليين ص119،120، الفكر الديني اليهودي ص214-216.

ص: 361

- ومنها فرقة الأصبهانيين (العيسويين) 1، وفرقة البنيامينيين2، وغيرهم3.

وأما عن متن التلمود ومحتوياته، فتكفينا الإشارة أيضاً إلى بعض مبادئ التلمود وتعاليمه الباطلة التي يتبين منها أن التلمود ليس وحياً من عند الله عز وجل؛ لأن الله تبارك وتعالى يأمر بالعدل والإحسان، ولا يأمر بالفحشاء والمنكر والبغي.

- بعض مبادئ التلمود وتعاليمه الفاسدة:

1-

الاستهزاء بالله عز وجل ووصفه بالنقائص وصفات العيب والتجسيم والعنصرية.

2-

شتم المسيح عليه الصلاة والسلام وسبّه وأمّه مريم عليها السلام بأقبح السباب وأقذع الشتائم وأشنع الأوصاف.

3-

استعلاء الشعب اليهودي وتفوقه وبأنهم أبناء الله وأحباؤه، وأن الدنيا خلقت لهم.

4-

أن من عدا اليهود من البشر حيوانات خلقهم الله في صورة البشر لأجل خدمة اليهود ويسمونهم بـ (الجوييم) أو (الأمميين) .

1 الأصبهانية (العيسوية) : أتباع إسحاق بن عوبديا، المعروف بأبي عيسى الأصفهاني، وكان في زمن المنصور العباسي (750-754م) ، وكان ينكر التلمود، وأدخل تعليمات كثيرة على الأحكام اليهودية.

- انظر: الملل والنحل 1/215، الفكر اليهودي الديني ص115،244.

2 البنيامينية: أتباع بنيامين بن موسى النهاوندي الفارسي (830-860م) ، وهي فرقة متشعبة من طائفة القرائين (العنانيين) ويخالفونهم في بعض المسائل والأحكام، وينكرون التلمود.

- انظر: الملل والنحل 1/217، إفحام اليهود ص171.

3 انظر: الملل والنحل 1/215، الفكر الديني اليهود ص115،244.

ص: 362

الحقد والكراهية لجميع الأميين.

5-

إباحة الربا الفاحش مع غير اليهود بل استحبابه والحث عليه.

6-

جواز التعامل بالغش والخداع مع الأمميين (غير اليهود) والحث على إلحاق الأذى بهم والسرقة منهم وغير ذلك من القبائح والمفاسد التي يجوز فعلها مع الأمميين ولا يجوز فعلها مع اليهود.

7-

لا ينبغي لليهودي أن يرد الأشياء التي يفقدها الأجانب (غير اليهود) ، ولا يجوز للطبيب اليهودي أن يعالج الأجانب إلا بقصد الحصول على المال أو للتمرن على المهنة.

8-

من يتجرأ على الاعتداء على اليهودي فإن مصيره القتل، وأي يهودي يشهد ضد يهودي آخر أمام أجنبي ولصالحه فإنه يلعن ويسب فيه علانية أمام اليهود.

9-

ينتظرون مسيحاً مخلصاً في آخر الزمان من نسل داود يقيم مملكة اليهود ويعز دينهم ويذل ويبيد أعداءهم.

10-

لا قيمة للعهود والمواثيق والأيمان عند اليهودي مع الأجنبي (الأممي) ، ولليهودي أن يتحرر منها متى شاء.

11-

لا قيمة لأعراض غير اليهود، فلليهود الحق في اغتصاب النساء غير اليهوديات، وليس للمرأة اليهودية أن تبدي أية شكوى إذا زنا زوجها بأجنبية (غير يهودية) ، كما أن اللواط بالزوجة جائز لليهودي.

12-

أن السلطة في الأرض لليهود، وعليهم أن يبذلوا جهدهم في سبيل ذلك بشتى الوسائل والطرق المشروعة وغير المشروعة.

13-

طرق استخدام السحر وتعاليمه1.

1 للتوسع في دراسة التلمود وتعاليمه وفضائحه، راجع ما يأتي:

- الكنز المرصود في قواعد التلمود -الدكتور روهلينج، فضح التلمود -للقسيس أي. بي. برانايتس، التلمود -د. جوزيف باركلي، التلمود تاريخه وتعاليمه -ظفر الإسلام خان، كنوز التلمود - ترجمة محمد خليفة التونسي؛ الفكر الديني اليهودي -د. حسن ظاظا.

وسوف يأتي تفصيل هذه المبادئ والتعاليم الباطلة في التلمود وذكر الشواهد عليها في الفصل الثاني - إن شاء الله تعالى -.

ص: 363

تلك بعض تعليمات التلمود الخطيرة على الإسلام والناس جميعاً، لذلك قال د. باركلي:"بعض أقوال التلمود مغال، وبعضها كريه، وبعضها الآخر كفر، ولكنها تشكل في صورتها المخلوطة أثراً غير عادي للجهد الإنساني وللعقل الإنساني وللحماقة الإنسانية"1.

1 نقلاً من التلمود تاريخه ص91 ظفر الإسلام.

ص: 364